Skip to main content

Full text of "كتاب اللطف الخفي في شرح رباعيات الجعفي - الشيخ عبد العزيز الجعفي الشاذلي mortada max 2 : Free Download, Borrow, and Streaming : Internet Archive"

See other formats




بصم الله الرحمن الرحيم وططى الله وصلم على سيدنا محمد وءالة وصعية 
٠‏ 5 
شرح ما خفي في زنار من لطائف المعاني والافكار ورقائق الحكم والاسرار 


امسمى: اللطف الخفى في شرح رباعيات الجعفى 


الحامئون المايحون الراكعون الماجكون الآمرون بالمعروق والناهون عن 
المفكر والحافضون لحدوء الله وبشر المومنين 


أبو العيع عبك العزيز الجعهي الشاكلي المغرك عها الله عند 


اسار فاماي 


ربرربن الله الرحمين الرحريم 





الكتاب: الاستبشار بشرح ما خحفي في زنار من لطائف المعاني والأفكار ورقائق الحكم والأسرار 
الكاتب: أبو الفتح عبد العزيز الدعفي 

الإيداع القانوني: 2358 1/0 2013 

ردمك: 978-9954-32-511-7 

تصميم الغلاف: أسماء لقبيي 

الإخراج: الحسن ميح 

.مساعدة: رشيد حميمي 

الطبع: مطبعة طوب بريس 22 زنقة كلكوتا حي المحيط الرباط المغرب الماتف: 212537733121 


الطبعة ألا ولى 


3ميلادي / 4 هجري 


إهداء 


وقضى ربد ألا تعبكوا إلا إياك» وبالوالئين إحساناء إما يبلغن عناحة الحكبر أحدهما أو حلاهما فلا تقل 
لهما أن ولا تنهرهماء وقل لهما قولا كريماء واخفض لهما جناح الال من الرحعمة؛ وقل رب 
ارحمهما كما ربياي صيرا 


إلى ادا عبد النبى وامي اخديحة 

والدي رحمهما الله 

رب ارحمهما كما ربياني صغيرا 

إلى والديكم ووالدمي جميع اناس 

إلى جميع الاناء والأمهات 

بها يجلى فيهم من عطف ورحماتء وبما تقانوا في تربية البنين والبئات 
لا بريدون بذلك جزاء ولا شكورا 


رد فع هذه الصفحات 


عرفانا للجميل 


بن بدي مجواك 
ولما التفتت إلي» وألفيتئ متبرما ببن جنسيء متبرئا حى من نفسي» أشرقت سبحات وجهك نورا على ظلال 
روعي» وسرت محبتك في قلبي وأوصالي» حى سال لما دمعي» وحفق القلب خفقان الطير الذبيح» فرحة لم 
تكن في وسعيء با همن من ألطاف التام بما فرقي على جمعي. فما عادت أكوان أراضيها تقلئء ولا سماواتا 
تظلئ» ولا غغارات شموسها تمميئ» ولا ليال أقمارها تمل لي 
وإذا بالزمان تولى وانحسرء وإذا بالمككان ولى واندثر» وإذا الموت ييى في ارتقابي» وإذا الفوت يقبل في إيابي» وإذا 
الآ حاضر في غيابي» وإذا البهجة أفراح في بكائي وانتحابي 
لا تسأليئ من أكون؛ فما عدت سوى سكرة من سكرات المنون» احتضرتء فراودتئ في أكفان نسجت 
بخيوط الحنين 
لا تعجبي مينء إِنِنٍ بدعة أغربت ف عوالم تاهت عن كل غريب» أضحت خيالات ف اعتقادي ووجودي, لا 
تخطئ ولا تصيبء في غيب وشهودي» شدي إليها ما وجحدت من شمائل الحبيب 
لا تلوميئن على ما اقترفت في انفصامي» من هالات التبست على ذوي الأفهام, واتتكست ف فطامي» وما 
رست سوى على همي واهتمامي» بعد أن كرست حيرات في انهدامي وارتطامي 
أنا لما انكدرت سماء هوييء هجرقا ولذت بأسماء حقيق» تضيء كوامئء وتسطع في رويي جمالا وماء» في 
عز قبحي وبلييَ 
أنا في هيام هائم في دروب أحبابي» في اهتمام ساهم لست أدري ما بي» في التآم قائم على الحجاب, في انقسام 
دائم على أنخابي 
قد عدت يما ولاني من عناية مولاي في زمرة الأحباب» وتبوأت .ما وليئ سيدي مقاعد كل أواه أواب» أن فتح 
لي الباب على مصراعيه» وكشف عن الحجاب» فلما دلفت إليه» تحلى فاندكت جبال أمنياتي» وتللاشت 
كالسراب 
أنا بك يا الله» فرد في مواثيقي وعهوديء مى استشعرت ذاني» أثقلتي أغلالي وحبستئ قيودي 
أخذتئ من نفسيء فما عدت أتوق لما هويتك طواهاء وطهرتئي من رحسي» فسموت عن لهوها وصباهاء 
وحررتنٍ من حبسي ومحوت توهمي ولبسي» فوجدت منك ما ضيعته في اثقالمها وغباها 
أنا بك يا وارث لست أحشى زوالا 
أنا بك يا ثابت لست أبغي انحلالا 
أنا بك يا ناصر لست أحاف نزاعا ولا أهاب اقتتالا 


أنا بك يا رحمن ف أمن من يأسيء لا أدعو ثبورا ولا أشكو وبالا 

أنا بك يا غين في غعئ عن غيرك» ترزقن ما يواتي حاحيء لا إكثارا ولا إقلالا 

وأنت عي في كبرياء محيط بأكوان لا يحصيها عاد» ولا يصفها واصفء تاهت حسنا وجمالا 

وأنت عن في حلالك ليس كمثلك شيءء؛ معروف بالهيبة قبل أن أكون, وبعد أن لا أكونء تعاليت في ملكك 
وأنت عي في عزة وكا أشرقت بنور وجحهك الظلمات» وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة» شديد قوة ومحالا 
تكرمين بالقرب مى شكوت بعدي وانتابتي وحشة بين أهلي في أوطاني» وتؤنسئ في حضرة لست أهلا لماء 
ولكن سبق لي منك الحسئ» فحضرت فيها وغبت عن وجوديء لست أبغي ها رفعة وافتخارا 

تبشرني إذا ما ضمت وأفزعين ذني» وأسقمن خطيء وعادني الأحباب والأصحاب وما فرجوا عي هما ولا 
كرباء حى هجمت بشارات على روعي ببرد الرضاء فطفت ألهج بحمدكء لا أفتر ليلا ولا كارا 

ترفعئ من حضيض إنسيي» وتغسلئ من درن أمنيي» وترفع لي أستارك عن عوالم قدسية» وتنعت لي أسرار 
الحقيقة» وتنعتئ بنعوت أحبة مومين حيارى 

تبسط وتطويئ» تقصيئ وتدنيئ» تكتمئ وتبديئ» تسعدني وتشقيئ» تذكرني وتنسيئ» وتقبضئي وبحريئ 
فابسط ما انطوى من إحجامىء واطو ما بحرأ من إقدامى» واقص عي توابعى» وأدن من رحماتك روائعى 
اكتمئ عندك بعد افتضاحيء وأبدئي بعد حمولي وانسراحي» وأسعد ما هنت وما حزنت في أرزائي وأتراحي» 
وأشقئ بالجوى إن ما سلوت في مسرات وانشراحي 

عرفتك تحب إلحاحي, فما فتكت طارقا أبوابك» حى آذنتها بانفتاح 

عرفتك تحب مي الخفاء فخفيت عن كل خافء فمازادني إلا ظهوراء فلما سألتك الخفاء أظهرتئ» فخفيت 
عرفت بأنك المولى» فالتزمت بآداب العبيد» ورأيتئ أحقر الناس وأهوههم.؛ فعززتئ بعد أن تذللت» ورفعتئ بعد 
أن تدانيت» ونصرتئ بعد أن تخاذلت» فحسبي أن عبد مولاه الله وحسبك أنك إله غين بنفسه عما سواه 
عرفتك تحب تحنثى ونحواي» فلازلت أناحيك قائما وقاعدا وراقداء» حي خاطرتئء ولما خاطرتئ بكمت أن 
كدرت بحواي صفو بثي وحزن إليك 

عرفت أنك تحب خلقكء فلم أعد أشير إليهم إلا خير» ونذرت نفسي لخدمتهم حى ألقاك» ودعوت لهم 
بالمغفرة والرحمة والطمأنينة والسلام» وتمنيت من كل قلبي أن يكونوا خيرا من متزلة في الدنيا والآحرة 


2 


عرفت أنك تحب رسولك يلم فصليت عليه أعدادا وأعداداء آناء الليل وأطراف النهار» فلم يكفئ عد ولا 
حساب» فوكلت الأمر إليك وقلت: سبحانك لا أحصي صلاة على سيدنا محمد كما صليت أنت وملائكتك 
عليه» اللهم صل على النبي كما تشاء ما تشاء» صلاة ترضيك وترضى بما عنا يوم البعث والجزاء 

من مثلك واحدء لا ند له ولا شبيه في الأسماء والصفات والأفعال؟ 

من مثلك رحمن رحيم حليم صبورء يغفر الذنب ويقبل التوب» يحط الأوزار ويضع الأثقال؟ 

من مثلك سنا بمائه ذاع في جميل خلقه وفي حسن صنعته» وأخفى وجهه الكريم عن كل من شهد بعلو شانه 
وعظيم حكمته ف خلقه, وتحلى للمتوسمين الذين نزهوا قلويهم عن محبة سواه» بعد أن اصطفاهم وكتبهم في 
ديوان أحبابه» وأفضى لهم .ما لا يحتمل ولا يقال 

من إلاك في السماء إله وي الأرض إلهء لا إله سواه وسع كرسيه السموات والأرض»ء ولا يئوده حفظهما وهو 
العلي العظيم» "ويصبح الرعه بعمكه والملايكة من خيفتة؛ ويرسل الصراعق فيصب بها من يشاء وهم 
يجاءلون في الله وهو شايه لط 
بشوارق اللفتات في ليال معتمات» بأعين باكيات ذابلات» لفت لما أشرقت ما تشتت من أمنيات الوصالء في 
أحلى اللحظات»ء فارتاع الباكون» وشهقوا أبما شهقات» وامحوا في غمرة الرضاء لما أعارهم ريمم من الزمان 
أسعده» وعمر عليهم من المكان أوحشه» فطال زمانهم وعمروا في الحوار» وترامى مكانهم فانبسطوا في الجوار. 
وبأفنان العناية لما تدلت على المتلهفين» جناها دان» فنونا فنوناء يبثون إليها شكوى وأنينا» ويتمسحون وقد 
بللت شؤوهم ما تدلى منهاء فسال اعترافا وإذعانا على قلوهم حى روين 

وبأسرار الأمداد تترى» تعاقبت على حأش أهل الصفا والوداد» بغير ميعاد» تنعش الروح وتثلج الفؤادء 
كنا فاجلا رز ع اللرق ام العياة 

وكؤوس شريا يحبي النفوس بعد مواتهاء يتعاطوفما ندامى ف التعريس» بعد أن أشرفوا على عرش بلقيس 
وإيوانهاء وحسبوه هو بعد التدليس» ولا أزال غشاءهم رأوه كما هو» عرش كالعريش» فسألوا الله أن يهديهم 
إليه» فإذا ليلهم ار بعد الغلس والتغليس» وإذا عرش ال رحمن قائم لا تمويه ولا تلبيس 

القاصدون الله لا يبغون سواهء طلبوه ثم قصدوه؛ فهداهم وقريكم 

السائلون الله» دعوه وتضرعوا إليه» فاستجاب لهم وقبلهم 

الراحون عفو الله أل هوه ووحدوه؛ فعفا عنهم وطهرهم 

هو قصديء هو بحيبي ورجائي» وأنا القاصد» والسائل الراحي 


' الرعد14 





2 تك 
سلوة الانفاس 


ولما تحلى من أحب تكرما 
وما هو في وصلي بمتصل ولا 
وما قدر مثلى أن يحيط بقدره 


أشاهده في صفو سري فأحتلى 


وأشهدن ذاك الجمال المعظما 


أراه بعيئ جهرة لا توما 


عنفصل عين وحاشاه منهما 


فأين الثرى من رفعة البدر إِنما 


جالة تغال؟ “أن يما ” 





توطلة 
الحمد لله الأول» أحمده بلا عد ولا انتهاء» الواحد الأحدء لا يضاهيه أحد في الأرض ولا في السماء 
الحمد لله الآخرء بلا حد ولا غاية» الواحد الفرد» في البدء والنهاية 
الحمد لله الظاهر» وغيره في غيابات العبودية غابر» لما أحاط بشؤون البرية» وأحرى من أمورها كل ما هو 
صادرء وأمسك عنها بقدرته الخفية» ما جرت به الأقدار وانتهت إليه المصائر 
الحمد لله الباطن» ظهر فيما برأ وذرأ من حوادث ومناظرء وحفي في مكنونات القلوب وكوامن الأفكار 
والضمائر» .ما بدا من ألطاف في أصول الأطياف» واستقر من أسس في أصناف العناصر 
أحمده على أنه الله» لا إله غيره» لما استوى على عرشه بما تقتضيه الإحاطة ويستلزمه التدبير» وأذن بحريات 
كون الأسباب والستائر» بأن تساير وتسير» وفق ما خط قبل أن يبرأه بكثير» مذعنات طوعا وكرهاء ليس فيها 
معاند ومكاثر» الحكيم المبدع الصانع» فاسأل به أولي الألباب والبصائر 
أإله مع الله؟ وهو الذي حبا الإنسان يما أودع فيه من نسائم السلوان» روحا منه بلا تحريء ولا انتقاص ولا 
نقصان, تمده في كون الشقاء والأحزان» ببشائر الرحمن» وتذكره إذا نسي» في كل وقت وأوان» بأن ربه 
معروف بالعفو واللحود والإحسان. 
االفمتع ابل ف قرم بعرو 3 
فإذا مسه القنوط اصطبر 
وإذا مسه الحزن استبشر 
وإذا مسه :طائف من الشيطان تذكر 
وإذا مسه سوء صبر 
وإذا مسه خير شكر. 
[الدمةة القد بل احدرهم يعمو * 
أإله مع الله؟ وهو الذي لا يغفل ولا ينام» ويعلم ما يكتسب الأنام وتسرح الأنعام» وما تدور به الدراري 
والأحرام» م اكتسب وسرحت ودارت,ء يعشيئة الحكيم العلام» وفق ما قضى من مقاصد وأحكام. 
العامة اله ليلا ما ميتم ري * 


+ النمل 62 
* النمل 63 
” النمل64 





أإله مع الله؟ وهو الذي جعل بين الإنسان والكون نسبة» كأنهما سيان» في الصفة والحسبة» متهافتان متعانقان 
متنازعان» حصمان في خلة وصحبة» تتوالى بينهما الأمداد» في الرواح والغدوان» مختلفات مشتبهات» بلا شك 
ولا ريبة» باهتات غامقات الألوان» كل له شربة» ناطقات .ما استشكل على ذوي الفهم والعرفان» بما أشهد 
أولي الحضور والحذبة. 

لجع الوه عالق اللة كينا رو ١‏ 


أمن يبدأ الخلق تم يعيئده ومن يرزقكم من السماء والاآرضء أإله مع اللهء قل هاتوا برهانكم إن كنتم 
37 


وأشهد أن محمدا رسول الله 

الهم حل ع_سيكنا عمد وع إل سيكنا عمد كما حليت عل_سيكنا إبراهيم وع_آل سيكنا إبراهيم؛ وبارك عل سيكنا عمد 
معز آل سيكنا عمذء كما باركت عل_سيكنا إبراهيم؛ وعز آل سيكنا |براهيم ي العالمين» إن حميك جيك 

صلى عليك الله يا رسول الله حيث أقامك؛ صلاة توازي مقامكء وتعلي قدرك وتحفظ ذمامكء ما تطلع لبهائه 
امحبون» وما استشرف جنابه العاشقون» وما قلق لحضرته المولون» يا علم الهدى» وفضلا على من اهتدى» حيّ 
تستوي حيث أردت وأراد» وتتبوأ من المنازل ما وعدك رب العباد» وعد الله» لا يخلق الله ال" 

أيها الموصول بشرف الأصول» واصل غير مفصولء الساري في أعراق شجرة زكية» من صلب إلى صلب» 
يرعاك رب البرية» إلى أن بعثت يها بيضاء نقية» ليلها كنهارهاء لا يزيغ عنها إلا هالك 

وعلى آلك وأزواحك وصحابتك» ما أشرقت همس في ضحاهاء على الأرض ورباهاء وما هبت النسائم على 
وجوه ذوي التمائم» وما رفرفت الأطيار وسرحت البهائم» صلاة تخولنا دار المقام آمنين في النعيم المقيم» يوم ل 
ينفع مال ولا بفون إلا من أتى الله بقلب سليم.” 

اللهم صل وسلم على المسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى» اللهم صل وسلم على راكب البراق 
يطوي السبع الطباق» إلى سدرة المنتهى» اللهم صل وسلم على من تقدم إلى ربه قاب قوسين أو أدن 

على ذاك الذي دلف إلى مولاه ما دلف غيره» فيما تقدم 

على من قدمه جبريل للحضرة ما قدم سواه» وتأخر وتقدم 

على من ناجى رب القدرة بما أرضاه» سمع وتكلم 


* النمل65 
” النمل 66 
* الزمر19 
” الشعراء 89-88 





على من أوقفه ذو مرة على مولاه» صلى الله عليه وسلم 

صل وسلم على هذا الرسول محمد» كما أحببت أن تصلي وتسلم, .ما لم تصل على أحدء بأنه أحب الخلق 
إليك وأعزهم لديك» صلاة وسلاما تظهر يمما أمته على سائر الأمم 

صل وسلم على هذا الرسول أحمدء كما شئت أن تصلي وتسلم عليه» بأنه أكمل بن آدم من قبل آدم؛ صلاة 
وسلاما ترفع يمما باعه» وتكثر أتباعه» وتخصه بالشفاعة» يوم تشرئب إليه الهمم 

صل وسلم على هذا الرسول الخاتم» كما أتممت ببعثته الرسالة» وأكملت الدين فأوفيت كماله» وكما سأل 
لأمته الحسئئ فلم ترد سؤاله» صلاة وسلاما تتمان علينا من آلائك وأفضالك سوابغ النعم» وتختم لنا يمما بالخير 
أيامنا عند لقائك 

كما دعا الناس إليك وأخرجهم من الظلمات إلى النور» وكما أوقف المحبين عليك» وكشف عنهم أستار 
الديجورء وسأل الشفاعة لأمته يوم النشور 

واشهد بأننا له شاكرون؛ على ما هدانا إلى سبيلك» واشهد بأننا لفضله ذاكرون» على ما أدى في سبيل نشر 
دينك» واشهد بأننا على هديه سائرون, فتبتنا على هديه بروحك وتأييدك 

لله الله» نبي الرحمة رسول اللهء غدا ألقاهء بإذن الله 

الله الله نبي الحكمة» رسول الله من ألقاه» قل لي بالله؟ 

الله الم 2 الأمة» رسول الله» ترى ألقاه؟ إي والله 

الله الله رسول الختمة» رسول الله, لما ألقاه عند الله 

رسول الله من لي سواه يوم الحشر والنشورء يشفع في ذنوبي؟ 

رسول الله غدا ألقاه» بالبشر والسرورء أليس حبيي؟ 

هنيئا يا أمة وسطا تاهت على سائر الأمم» خير أمة أرجت للناس» في الشمائل والقيم» ما عليها من باس» 
رسولا ابتدأ وتم الأنموذج الساري ف أرواح السالكين طرق السداد؛ الداري سبل الفلاح» عرف السائرين 
مواقع الرشاد» فسروا محفافا للقاء المولل» ولهجت ألسنتهم بالشكرء اعترافا بنعيم لا يبلى 

اللهم صل وسلم على محمد رافع اللواء» بمحق جيوش الظلام» اللهم صل وسلم على محمد رفيع المقام» اللهم 
صل وسلم على محمد أفضل صلاة وأزكى سلام 

وعلى آله وصحبه» ما سبح مسبح وسابح سبح؛ وما اغترب غريب وغارب غرب» وما استتاب مستتاب» 
وتائب تاب, وما اعتبر معتبر وعابر عبر» وما ادكر مدكر وذاكر ذكر 

وعلى آله وصحبه؛ ما خط القلم في اللوح ما كان ومما يكون» وما هدلت الورق على الدوح غشيها الحنين 
وأثارت الشجون, وما نظرت عين وبصر فؤاد ما هو ظاهر وما هو مكنون 


7 


صلاة تجعلنا يما في الذاكرين» وتخولنا أعلى درجات التابعين» وتكتبنا في زمرة الناحين 

الصلاة على محمد يا رفاق» صلوا عليه وسلموا تسليما 

الصلاة على الأمين يوم التلاق» صلوا عليه وسلموا تسليما 

الصلاة على الأحمديء, الراوي الساق» صلوا عليه وسلموا تسليما 

ذاك بأنه رغب عن ملة الشركء إلى ملة لا إله إلا الله 

ذاك بأنه لجأ إلى الغار يتحنث للواحد القهار 

ذاك بأنه نشر الإسلام وتوكل على الحي الذي لا ينام 

وبأنه المختارء يوم لا اختيار إلا ما اختار الله 

وبأنه المصطفىء يوم لا اصطفاء إلا ما اصطفى الله 

وبأنه الشفيع» يوم لا تنفع شفاعة إلا من أذن له الله 

صلى عليك الله يا حبيب الرحمن» صلاة وسلم في كل شانء صلاة لا تشبه أختهاء وسلاما سيان» في كل آن 
وأوان» مختلفات في الفضل والإحسان» مفضيات بالرضا والرضوان» كاسيات خلل الجمال والجلال» لا 
حساب ولا حسبان» تصقى بماء وإحهء ونفضل بعضها على بعض في الأحلء إن في لط لآيآت لقوم 
1 صلاة وسلاما يجريان سلسبيلاء نرا فهراء يرويان أماني المحبين الأمين بالجزاء على الحداية والبيان» 
فراتا فراتاء على أتموذج الإنسان في جميع الأكوان, الأعقل في الولدان» الأثبت في العنفوان» والأحكم في 
الأرذلين» الكهولة والشيخوخة هما الأرذلان» يشهدان بحكمه وحكمته بين الأقران 

الدياحي انحلت لما سطعت أنوار الأحمدي العدنان» على الكونين ظهرانيها والبطنان» فازدان با البادي يمشي 
على محجة بيضاء نقية» واطمأن لما الساري في الفيائي والوديان 

وعلى النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين» كما صليت على النبي وآله وأزواجحه وأصحابه 

وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين» كما صليت على النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين» 
وعلى الملائكة أجمعين» حبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل» وحملة العرش حافين» وعلى رضوان القائم على 
حنتك, وعلى مالك كذلكء؛ كما صليت على التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين» وعلى الصحابة من 
جن نصيبين» وعلى صالحيهم إلى يوم الدين 

وسلم اللهم عليهم مثل ذلك» واجعل صلاتي وسلامي رحمة للمومنين» وهداية للكافرين والمشركين والضالين 


'! الرعد4 





وآمن بما صليت وسلمت روعنا وروع هذه الأمة» واكفها ما جرت فيه من ضئك وغمة» وتجحاوز اللهم عن 
المسيئين» وارفع درحات المحسنين» واحعل كتاههم في عليين» وانصر الموحدين على أعداء الدين» حى ينقلبوا 
حائبين» إنك ولي النصر والتمكين 

أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى عفو مولاه الغيئ: أبو الفتح عبد العزيز الجعفي المغربي موطناء الأشعري عقيدة» 
المالكي مذهبا والشاذلي مسلكاء غفر الله ذنوبه وستر عيوبه وفرج كروبه: هذا كتاب في شرح رباعية في 
قواعد السلوك إلى مالك الملوك» بلهجة العامية المغربية» وضعناها يوم وضعناها للأميين الذين لا يفقهون لغة 
الضادء حى يسهل عليهم فهمها ولو بالسماع 

لكنهاء بتوفيق من الله تعالى» لقيت قبولا في أوساط الأميين والقارئين على حد سواء 

وقد ضمناها آداب الطريق» راجعين في كل ما قلنا إلى الكتاب والسنة» وما قرأناه واستفدناه ما صنفه أعلام 
الشرع والسلوك 

فجاءت ملخصة مختصرة» سهلة ميسرة» جامعة غير مقتصرة» على غرار ما عليه قصيدة ابن البنا السرقسطي في 
السلوك» وتائية البوزيدي وغيرهماء رحمهم الله تعالى» إلا أكما بلسان دارحي» وقد جمعت ما أغفله غيرها من 
أصول الطريق ومبادئهاء ومن تعريفات ,مقاماتما ومسالكها وأحواها 

فارتأينا أن نشرحها بعون الله تعالى» ونستدل لما من الآثار الصحيحة والأحبار والرقائق» حي يزيد قارئها 
وسامعها بذاك لحا فهماء ويحوز به فقها 

وقد كتبناها في بضعة أيام» عجبنا كيف جاءت كما جاءت في هذا الوقت الوجيز 

كتبتها وأنا في حالة من الذوق والوحدء الهمتئ ما عجز عنه العقل من المعاني» وهذا لا يع أنئي كنت غير 
حاضر وأنا أكتبهاء وإنما كنت في حكم المتلقي في أغلب ما كتبت» أخخط ما يملي علي إلهامي 

ولما أتممتهاء لم أعرها اهتماماء ول ألق لما بالاء حي انتشرت بين الناس» فرأوا فيها ما لم أره» وأحسوا ما لم 
أحسء وشهدوا بأنها تقريهم إلى المولى عز وجل 

وأسميتها: زنار 

وقد تسألئ مستغربا أو مستنكرا: كيف احترت لرباعيتك هذا العنوان الغريب؟ 

فأقول: وأنا مثلك أتساءل عن ذلكء وإنما وضعته في حالة ذوق وإشراقء فلم أفكر في وضعهء ليخرج من 
مخرجهاء ويعبر عنها أحسن تعبير 

أما الزنار» فهو ما يلبسه الذمي يشده على وسطه 

وإن شكت: هو حزام الراهب 

فرعا في ذلك إشارة إلى التحنث لله تعالى 


ورمما في ذلك كناية عن التشمير لعبادته سبحانه 

أو رما كما رأى» أحي وصديقي الأستاذ الحسن سميح: أنه ما دامت الرباعية تدعو إلى الوسطية في الدين» 
والزنار يوضع ف الوسطء فذلك وجه التشابه بينهماء» ولذلك ميت به 

وكيفما كان الحال» تبقى هذه تأويلات لا ندري أيها صحيح 

وقد يأحذ علينا العاتب تسمية الرباعية باسم الزنار» وهو يخص رهبان النصارى 

فنقول: لا ضير في ذلك 

فقد وصف الصحابة الكرام» رضي لله عنهم, بأنهم رهبان بالليل فرسان بالنهار 

وقال الحاكم في مستدركه: أويس راهب هذه الأمة 

وسمى رسول الله يكم الزبير بن العوام حواريه 

ودعي ابن عباس بحبر الأمة 

وقد عملنا جاهدين» على ألا نسوق في هذا الكتاب إلا ما صح من أحاديث رسول الله بيثم » مثبتين رواتماء 
وحرصنا دائبين على أن نشير في الهوامش إلى مراحع الاستشهادات الي أتينا بماء مع تحقيق بعض ما يلزم 
تحقيقه» بالإضافة إلى ما أثبتناه من أصله من تراحم بعض الأعلام 

ملاحظة: وقد نستشهد من أحد المراجع» ونسوق منه بعض الفقرات» وف فهاية كل فقرة نكتب كلمة: انتهى» 
دون ذكر المرحع» وفي فاية الفقرة الأحيرة نكتب: انتهى من مرجع كذا وكذاء قاصدين بذلكء؛ أن ما سبق من 


فقرات مأحوذة ابتداء من المرجع نفسه 


10 


موضوع الكتاب 
هذا الكتاب لا ينتصر للباطنية والصوفية» ولا للظاهرية والسلفية» بل ينتصر للإسلام 
فهو موجه لكل من يقول لا إله إلا الله» كيفما كان مذهبه» وكيفما كان مشربه.. موجه للأمة 
وموضوعه: حفظ ميزان الاعتدال» الذي أقام الحق سبحانه وتعالى عليه شريعة الإسلام 
'والسماء رفعها ووجضع الميزان ألا تضغوا في الميزإن وأقيموا الوزن بالقسف ولا تخسروا الميزإن". !! 
هذا الميزان الذي مال به المتطرفون إلى التشدد والغلو والمغالاة» ومال به المتساهلون إلى الدعة والخمول 
واللامبالاة 
نحن في كتابنا هذاء نحاول ما استطعناء أن نرد الأمور إلى نصابماء بالحجة والدليل والبرهان 
نحاول أن نوحد كلمة المسلمين وبجمع شتاقهم نبشرهم حيث أنذرهم غيرناء وننهاهم عن الشقاق والتكفير 
والتقثيل فيما ينهم 
كنات الامجمار شرق السنتلييق كانة تعرس :له« القلري: القنومةه وتقوت لد اللفودى المزومة ون 
معرفة مولاها الحنان المنان 
نحاول في هذا الكتاب» ألا نكون بحرد ناقلين لما كتبه غيرنا من سلف من العلماء والأخيار 
فهذه كتبهم, رحمهم الله تعالى» لا زالت قائمة بين ظهرانيناء تزخر يما خزاناتنا ومكتباتناء فلا داعي لتحصيل 
الحاصل» وما كتبوه يغ عن نقله 
كما حاولنا ألا يأي هذا الكتاب عبارة عن كلام الكاتب وحده؛ وآرائه ومواقفه الخاصة 
فبذلك تكون هذه الآراء والمواقف» بمجحرد وجهات نظر واحتيارات شخصية» لا دليل عليها ولا برهان» فلا 
تؤحذ بعين الاعتبار. إننا نورد الأقوال والاستشهادات من مراجعهاء ونقابل فيما بينها ونحققهاء ونختار ما هو 
صحيح على حسب احتهادناء ونؤيده ما تيسر من آيات وأحاديث 
نساحل الفقهاء وامحدثين» كفقهاء ومحدثين» ونحاحج الزهاد والصوفية» كزهاد وصوفية» ونحادل المفكرين 
والمنظرين» كمفكرين ومنظرين 
ولا نقتصر ف كتابنا على استعمال أسلوب واحدء فمرة نتحدث بأسلوب الفقهاء وامحدثين» ومرة بأسلوب 
الصوفية ومواجيدهم؛ ومرة بأسلوب الأدباء وبلاغتهم؛ ومرة نكون شعراءء ومرة ننطق بكلام المجاذيب» 
وأخرى نردد مع المغنين أهازيجهم ومواويلهم 


'' الرحمن7-5 
11 





كما يتسم الكتاب فيما يسرده بالواقعية» فهو يعبر عن زمانه» ممختلف أساليب المخاطبات» ويحكي أحداثا 
ووقائع حاضرة؛ ويذكر أناسا من هذا الزمان 

ولا يسير على فمج كثير من الكتبء الي تعارف أصحاها على أن كل من تحدث عن الأولياء» يحب ألا يذكر 
منهم؛ إلا ما ذكر في الرسالة القشيرية وقوت القلوب» وكأن الولاية انقطعت من على وجه الأرض» بعد ذلك 
الزمان» بل لا زلنا نظن الخير في أمة رسول الله يَيْكُّمْ حى تقوم الساعة 

عن المغيرة بن شعبة عن البي تَيلثّمْ قال: "لا تزال طائفة من أميّ ظاهرين» حي يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون". 
رواه الشيخان 

ونشهد أن لكل زمان أولياؤه» ولزماننا أولياؤه» وقد لقينا منهم عددا غير يسير» وتداولنا معهم أمور الطريق» 
وأفادونا بعلوم التحقيق» فكيف لا نذكرهم في هذا الكتاب» ولولاهم لما كان هذا الكتاب؟ 

فإذا كانت المعاصرة حجابء فلا تكون حجابا لأولي البصائر والألباب 

وإذا كانت مغنية الحي لا تطرب» فقد يطرب لغنائها أصحاب الذوق وعذوبة المشرب 

الاستبشار» كتاب يصحح كنثيرا من المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الناس في الدين» فقهاء وصوفية» على حد 
سواء 

هذا التصحيح, يكون بالرحوع إلى الكتاب العزيز» واقتفاء هدي رسول الله ميلم وسنته 

دستور يرحع إليه من احتلطت عليه أحكام الدين» وتاه بين المفتين» والتبست عليه شريعة المسلمين» بين 
الأدعياء والمدعين» في ركام من الأقاويل والاحتلافات بين المتقدمين والمتأحرين 

فصل المقال فيما يقال» في النوازل والأقضية والأحوال 

معين صاف للواردين» الذين شربوا بأحاج الموارد فما زادهم إلا عطشا 

وستجد أن ما نخرج به ثما نختاره» بين هذه الاختلافات» يستجيب للفطرة الإنسانية» ويطمئن إليه القلب 
الصادق 

ولعل استفتاء القلب يمكن عده أصل أصول التشريع» وروح طرق الاحتهاد 

كما قال رسول الله يلم لوابصة الأسدي: "جفت تسألئ عن البر والإثم؟" فقال: نعم» فجمع أنامله» فجععل 
ينكت كن في صدري ويقول: "يا وابصة» استفت قلبك واستفت نفسك (إثلاث مرات).» البر ما اطمأنت إليه 
النفسء والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدرء وإن أفتاك الناس وأفتوك". رواه أحمد ف مسنده 

مرادنا بحول الله تعالى» هو أن تنتشر أفكار هذا الكتابء بين أفراد الجماعات ومريدي الزواياء كي تنير لهم 


تصوراقهم لأمور الدين وقضاياه 


12 


تصورات أحطأت في غالبها وجه الصواب» لأن أصحاياء استقوها من غير مصدرهاء وانتصروا لصحتها ما 
قال فلان وفلان» في حين أن كل واحد يؤخذ من كلامه ويردء إلا رسول الله َيل 

أما أبو الفتح الجعفي» فما هو بشيخ ولا فقيه» ولا له جماعة وزاوية» ولا هو تابع جماعة وزاوية» إنما هو عبد 
من عباد الله أكرمه الله تعالى بنصيب من العلم» فأراد أن ينفع به الناس قدر الإمكان والاستطاعة 

ونعتبر نسبتنا إلى الشاذلية» نسبة إلى نج الشاذلي رحمه الله تعالى» الذي يوافق سنة رسول الله ميلم ولا يخرج 
عنها في شي فطريقته طريقة التزام وتنقيح» وتقريب وتصحيح 

ولا يدل هذاء على أننا من أتباع زاوية من الزوايا الشاذلية» سواء في المغرب أو خارحه 

لا ندعو أحدا إلى ترك ما هو فيه واتباعناء فلسنا من المتبوعين في شيء. بل كلنا تبع لسيد الملة وإمام الأمة 
سيدنا محمد رسول الله ميك ولسنا يجماعة» بل نحن من جماعة المسلمين 

أفكارنا بالنسبة لما ترسخ ف العقول والأفهام» من تصورات ومفاهيم» والتباسات وإشكالات» ,ثابة منطق 
العلوم» فهو ميزان العلوم؛ وأفكارنا قواعد يعتمد عليها في فهم مقاصد الشرع ومرامي الأحكام 

هي كالماء يحري في عروق الشجرء في جذوعها وأغصافاء يغذيها فتنبت الورق وتزهر بالنور 

ويتميز هذا المؤلف بأن من نظم الرباعية هو الذي يشرحها بنفسه» وقد وضعنا هذا الشرح بطريقة الخلفء ممن 
شرحوا المتون والأراحيزء ولو أننا لسنا هنالك» وإنما تشبهنا بالعلماء الأبرار» والمصنفين الأحيار» فيما تعارفوا 
عليه من الأوضاع في كتبهم ومصنفاتهم» محبة وتيمناء عسى الله تعالى أن يتقبله منا قبولا حسناء و يحشرنا 
وإياكم في زمرقم 

فم قرأت: قال الشيخء أو: قلت» أو: قلناء فالمراد به أبو الفتح الجعفي» وهو الشارح والمشروح له في آن 
واحد 

ولسنا ندعي العصمة فيما حررناه» بل قد نخطئ ونصيب» فمن شد علينا حطأ فليراسلنا بتصويبه» حى نتداركه 
في طبعة أخرى» إن شاء الله تعالى 

ولا ندعي الكمال» وإنما ابتدأنا راحين أن يأيّ غيرنا ويتمم ما ابتدأناء مأحورا 

"وما أريه أن أخالفكم إلى ما أنهاحم عنة؛ إن أريه إلا الاطاح ما استصت. وما توفيقي إلا باللك» عليه 


: 12 
تود حلت وإليه أنيب" . 


كتبه أبو الفتح الجعفي» عفا الله عنه. في 013/09/25 


12 هود88 
13 





نشأة التصوف: 

يرحع كثير من الباحثين» نشأة التصوف إلى ما قبل القرن الثاني المهمجري 

يقول الشيخ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى: اعلموا رحمكم الله تعالى» أن المسلمين بعد رسول الله 
َل لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم» سوى صحبة رسول الله يَيُّمُ إذ لا فضيلة فوقهاء فقيل 
لهم: الصحابة. ولما أدركهم أهل العصر الثاني» مي من صحب الصحابة: التابعين» ورأوا ذلك أشرف سمة. 
ثم قيل لمن بعدهم: أتباع التابعين. ثم اختلف الناس وتباينت المراتب» فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية 
بأمر الدين: الزهاد والعباد. ثم ظهرت البدع وحصل التداعي بين الفرق» فكل فريق ادعوا أن فيهم زهداء 
فانفرد حواص أهل السنة المراعون أنفاسهم مع الله تعالى» الحافظون قلويُم عن طوارق الغفلة باسم التصوف» 
واشتهر هذا الاسم لمؤلاء الأكابر» قبل المائتين من الحجرة. انتهى ”ا 

ويرى السراج الطوسي رحمه الله تعالى» أن اسم الصوفي ظهر قبل ذلك بكثير» إذ يقول: وأما قول القائل: إنه 
ابن اث" حك" السداديوة» تحال لأنتى وله اللسين لعزي رهد الب كان نورت نذا الاي 1 
وكان الحسن قد أدرك جماعة من أصحاب رسول الله يكم ورضي عنهم, وقد روي عنه أنه قال: رأيت صوفيا 
في الطوافء فأعطيته شيئاء فلم يأحذه؛ وقال: معي أربعة دوانيق» يكفيئ ما معي 

وروي عن سفيان الثوري رحمه الله”” أنه قال: لولا أبو هاشم الصوفي» ما عرفت دقيق الرياء. وقد ذكر 
الكتاب الذي جمع فيه أخبار مكة عن محمد بن إسحاق بن يسار» وعن غيره» يذكر فيه حديثا: أنه قبل 
الإسلام قد حلت مكة في وقت من الأوقات» حى كان لا يطوف بالبيت أحدء وكان يجيء من بلد بعيد رحل 
صوفي» فيطوف بالبيت وينصرف. فإن صح ذلك» فإنه يدل على أنه قبل الإسلام كان يعرف هذا الاسم» 
وكان ينسب إليه أهل الفضل والصلاحء والله أعلم. انتهى6! 


3 الرسالة القشيرية 
4 ولد الحسن البصري سنة 13هجرية» وتوفي سنة: 121هجرية 
75 ولد سفيان الثوري سنة: 97هجرية» وتوفي سنة: 161هجرية 
“! اللمع في تاريخ التصوف الإسلامي 
14 





تعريف التصوف: 

التصوف في مفهومه المتعارف عليه عند أهله: منهج متكامل يتبعه السالكون, لتهذيب النفس وتصفية القلب» 
من أحل الوصول إلى معرفة الله تعالى ونيل رضاه 

قال الإمام أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى: التصوف تدريب النفس على العبودية» وردها لأحكام الربوبية. 
انتهى 17 

وقال الإمام أحمد ابن عجيبة: التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك» وتصفية 
البواطن من الرذائل» وتحليتها بأنواع الفضائل؛ وأوله علم؛ ووسطه عمل» وآخره موهبة. اننهى"' 

كما يعرف الشيخ أحمد زروق الفاسي التصوف بأنه: علم قصد لإصلاح القلوب» وإفرادها لله عما سواه. 
انه 17 

إن التصوف هذا المفهوم هو من صميم الإسلام» بل هو من تعاليمه ومبادئه» وذلك ما تدل عليه أحاديث 
رسول لله م وسيرته 

عن أنس بن مالك أن رسول الله مَك خرج يوماء فاستقبله شاب من الأنصار يقال له: حارثة بن النعمانء 
فقال له: " كيف أصبحت يا حارثة؟" قال: أصبحت مؤمنا حقاء قال: فقال رسول الله يَيلتُمْ : "انظر ما تقول» 
فإن لكل حق حقيقة» فما حقيقة إيمانك؟" قال: فقال: عزفت نفسي عن الدنياء فأسهرت ليلي وأظمأت 
نهاري» وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاء وكأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيهاء وكأني أنظر إلى 
أهل النار كيف يتعاوون فيهاء فقال: فقال له النبي َم : "أبصرت فالزم (مرتين)» عبد نور الله اليهان في 
قلبه". رواه البيهقي في شعب الإيمان 

عن أبي هريرة عن البي يَيثُّمْ قال: "طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه, مغبرة قدماه» إن 
كان في الحراسة كان في الحراسة» وإن كان في الساقة كان في الساقة» إن استأذن لم يؤذن له» وإن شفع لم 
يشفع". رواه البخاري 

عن أبي أمامة عن النبي بَيكثُمْ قال: "إن أغبط أوليائي عنديء لمؤمن خفيف ال حاذ» ذو حظ من الصلاة» أحسن 
عبادة ربه وأطاعه في السرء وكان غامضا في الناسء لا يشار إليه بالأصابع» وكان رزقه كفافاء فصبر على 
ذلك" ثم نفض بيده فقال: "عجلت منيته» قلت بواكيه» قل تراثه". رواه الترمذني 


عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر خرج إلى المسجد يوماء فوجد معاذ بن جبل عند قبر رسول الله يكم يبكيء 


”' نور التحقيق في صحة أعمال الطريق 
5 معراج التشوف لحقائق التصوف 
”' قواعد التصوف 
15 





فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: يبكيئ حديث سمعته من رسول الله مَكُّمُ يقول: "اليسير من الرياء شرك» ومن 
عادى أولياء الله فقد بارز الله با محاربة؛ إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأحفياء» الذين إن غابوا لم يفتقدواء وإن 
حضروا لم يعرفواء قلويمم مصابيح الهدى, يخرجون من كل غبراء مظلمة". رواه الحاكم في المستدرك 

وانظر إلى أويس بن عامر القرئي سيد التابعين» كما أسماه رسول الله يَيْللّم » ألا يعتبر صوفيا ممفهوم الصوفي 
حسب ما يعتقده القوم؟ 

قال الحاكم في مستدركه: ذكر مناقب أويس بن عامر القرني رضي الله تعالى عنه 

أويس راهب هذه الأمة» ولم يصحب رسول الله مَيكَّم إنما ذكره رسول الله عَيلتُّم ودل على فضلهء فذكرته 
في جملة من استشهد بصفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه 

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يوم صفين» نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي: أفيكم 
أويس القرن؟ قالوا: نعم» فضرب دابته حي دخل معهم؛ ثم قال: سمعت رسول الله يَيلثُّمْ يقول: "خير التابعين 
أويس القرني". رواه الحاكم في المستدرك 

وقد ثبت مما روي وصح. أن أويسا كان منقطعا إلى الله عازفا عن الدنيا وأهلها 

وبعد أويس القرئي نذكر الصحابي الحليل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه 

فقد تميز بخصوصية زهده عن باقي الأصحاب رضي الله عنهم أجمعين» ويعتبر أول زاهد ثائر على تبدل أحوال 
امجتمع الإسلامي من شظف العيش إلى ترفه 

وهل فاق صوفي الصحاي الجحليل أبا ذر الغفاري في زهده وانقطاعه عن الدنيا واعتزال أهلها؟ 

روى الترمذي في جامعه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله يَيْلتُمْ : "ما أظلت الخضراء ولا أقلت 
الغبراءء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذرء شبه عيسى بن مريم عليه السلام"» فقال عمر بن النطاب 
كالحاسد: يا رسول الله» أفنعرف ذلك له؟ قال: "نعم فاعرفوه له". رواه الترمذي 

وقد أنكر أبو ذر على المترفين بعد وفاة رسول الله يَكتُّمْ ما هم فيه من رغد العيش» ورأى في ذلك روجا عن 
سنة رسول الله يَيلتّم» حى لم يطقه أحد, ورفعوا أمره إلى عثمان بن عفان» فطلب منه التنحي» فاحتار الربذة 
وهي بين مكة والمدينة» وبقي يما حى لحق بربه 

زوق الحاكم النيسابوري في مستد ركه عن عبد الله بن مسعود قال: فقال رسول الله علتّه: "رحم الله أبا ذر) 
يهشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده". فضرب الدهر من ضربته» وسير أبو ذر إلى الربذة» فلما حضره 
الموت» أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني» ثم احملاني فضعان على قارعة الطريق» فأول ركب 
بعرون بكمء فقولوا: هذا أبو ذر. فلما مات فعلوا به كذلكء؛ فاطلع ركبء فما علموا به حي كادت ركائبهم 


تطأ سريره» فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة» فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر؛ فاستهل ابن 


16 


مسعود رضي الله تعالى عنه يبكي» فقال: صدق رسول الله َلثم : "يرحم الله أبا ذر» يمشي وحده وبموت 
وحده ويبعث وحده". فتزل فوليه بنفسه حي أحنه. فلما قدموا المدينة» ذكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه. 
انتهى 

أليس ما تحمله هذه الأحاديث الشريفة من تفان في العبادة» وعزوف عن الدنياء دليلا على أن الصوفيين لم 
يزيدوا شيئا على الإسلام؛ سوى ما لم يزده رسول الله ميلم ؟ 

ونتساءل ونقول: ما فائدة استقلال المتصوفة بمذا الاسمء إن كانوا لا يدعون سوى إلى ما دعا إليه رسول الله 
م ؟ 

أليس في هذه التسمية» شهادة على أنهم يسيرون على فج غير نج المسلمين؟ 

دعونا من التسميات والتحزب أيها المسلمون» فالرب واحد والدين واحد» وأسوتنا واحدة في رسول الله 
فالإسلام إذا شئتم: علم الحديث؛, وعلم الفقه» وعلم السلوك 

فإذا كان المحدث رواية ودراية يعتمد على علوم الحديث لتصحيحه؛ قصد الذب عن سنة رسول الله يَيلتّم وإذا 
كان الفقيه يعتمد الأصول لاستخراج الأحكام» والاحتهاد في النوازل 

فإن الصوفي يقر بعلم الفقه والحديث» ويرجع في دينه إلى ما جاء به المحدث والفقيه» وينذر نفسه لخدمة ما 
أغفلاه» فيختص بعلم السلوك ووضع مبادئه بالكلام في المعاملات والرقائق» معتمدا على القرآن والسنة» لكي 
يدل الناس على الطرق الموصلة إلى الله» وبذلك يتميز عنهماء بنهج سنة رسول الله تعالى في عبادته وأمور دينه» 
والتخلق بفضائل الأخلاق 

يقول السراج الطوسي رحمه الله تعالى: وليس التفقه في أحكام هذه الأحوال ومعاني المقامات الي تقدم ذكرها 
بأقل فائدة من التفقه في أحكام الطلاق والعتاق والظهار والقصاص والقسامة والحدود؛ لأن تلك أحكام رما لا 
تقع في العمر حادثة تحتاج إلى علم ذلكء فإذا وقعت تلك الحادثة فمن سأل عنها قلد في ذلك» وأحذ بقول 
بعض الفقهاء» فقد سقط عنه فرض ذلك إلى أن تقع به حادثة أخرى؛ وهذه الأحوال والمقامات والمجاهدات 
الي يتفقه فيها الصوفية ويتكلمون في حقائقهاء فالمؤمنون مفتقرون إلى ذلك» ومعرفة ذلك واحبة عليهم؛ وليس 
لذلك وقت مخصوص دون وقتء وذلك مثل الصدق والإخلاص والذكر ومجحانبة الغفلة وغير ذلك» ليس له 
وقت معلوم» بل يجب على العبد ف كل لحظة وخخطرة أن يعلم إيش قصده وإرادته وخاطره؛ فإن كان حقا من 
الحقوق فواجب عليه أن يلزمه» وإن كان حظا من الحظوظ فواجب عليه مجانبته؛ قال الله تعالى لنبيه وصفيه 


َال 1 . ّ 20 
محمد يكم : "ولا تمع من افلنا قلبه عن عكرنا وإتبع هواه وكان أمره فرتها". ” فمن ترك حالا من 


الكيت28 
17 





هذه الأحوال» ما تركها إلا من غلبة الغفلة على قلبه. واعلم أن مستنبطات الصوفية في معاني هذه العلوم 
ومعرفة دقائقها وحقائقهاء ينبغي أن تكون أكثر من مستنبطات الفقهاء في معاني أحكام الظاهر. انتهى/” 

فلا تقولوا: هذا ظاهري وهذا باطيئ» فالإسلام ظاهر وباطن» ولا تفريق بينهماء بل الله تعالى ظاهر وباطن» 
والقرآن ظاهر وباطن 

"وأن هدك أمتكم أمخة واحذة. وأنا ربكم فاتقون» فتقخصوا أمرهم بينهم زبراء كل حزب بما لنيهم 
فركون؛ فكرهم في عُمرتهم حتى حين". 77 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج البي َيكُم» يسألون عن عبادة البي 
يلم ؛ فلما أخبرواء كأنهم تقالوهاء فقالوا: أين نحن من النبي مَيكمُ ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخرء 
قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداء وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطرء وقال آحر: أنا أعتزل النساء 
فلا أتروج أبدا. فجاء رسول الله يَيكُّمْ فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم 
له» لكي أصوم وأفطر» وأصلي وأرقد» وأتزوج النساء» فمن رغب عن سني فليس مي". رواه البحاري 

يقول السراج الطوسي: إن علم الشريعة علم واحد» وهو اسم واحد يجمع معنيي الرواية والدراية» فإذا جمعتهاء 
فهو علم الشريعة الداعية للأعمال الظاهرة والباطنة» ولا يجوز أن يجرد القول في العلم: أنه ظاهر أو باطن؛ لأن 
العلم مى كان في القلب فهو باطن فيه» إلى أن يجري ويظهر على اللسان» فإذا جرى على اللسان فهو ظاهرء 
غير أنا نقول أن العلم ظاهر وباطن» وهو علم الشريعة الذي يدل ويدعو إلى الأعمال الظاهرة والباطنة. انتهى 23 
وقد بدأ التصوف فطريا بسيطاء كأي علم من العلوم» ومع مرور الزمن تحددت مبادئه وخضعت للدراسة 
والتفصيل؛ وألفت فيه الكتب 

ومن أوائل من كتب في الموضوع: 

أبو عبد الله» الحارث بن أسد بن عبد الله امحاسبي البصري» توفي سنة: 243هجرية. ومن كتبه: بدء من أناب 
إلى الله وآداب النفوس» ورسالة المسترشدين» والتوهم 

أبو سعيد أحمد بن عيسى البغدادي الخراز» توق سنة: 277هجرية. ومن كتبه: الطريق إلى الله» ورسائل الخراز 
أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين الترمذيء الملقب بالحكيم الترمذي» توفي سنة: 320هجرية. ومن كتبه: 
حتم الأولياء» وتذكرة الأولياء» والرياضة وأدب النفس 

أبو نصرء عبد الله بن علي السراج الطوسيء المتوق سنة: 378هجرية» وله كتاب: اللمع في التصوف 


* اللمع في تاريخ التصوف 
2 المؤمنون 55-53 
2 اللمع في تاريخ التصوف 
18 





أبو بكر الكلاباذيء المتوفي سنة: 380هجرية» وله كتاب: التعرف على مذهب أهل التصوف 

أبو طالب المكيء المتوق سنة: 386هجرية» وله كتاب: قوت القلوب في معاملة ابوب 

أبو قاسم القشيريء المتوق سنة: 465هجرية؛ وله كتاب: الرسالة القشيرية» وهي من أهم الكتب في التصوف 
أبو حامد الغزالي» المتوق سنة 505هجرية» ومن كتبه: إحياء علوم الدين؛ الأربعين في أصول الدين» منهاج 
العابدين إلى جنة رب العالمين» بداية الحداية» وغيرها كثير. ويعد كتاب إحياء علوم الدين» من أشهرء إن لم 
يكن أشهر كتب التصوف وأجمعها 

وأصبح التصوف أحوالا ومقامات ومواجيد» بل اتخذ لنفسه طقوسا تختلف حسب تعدد مذاهبه وتنوع 
مشاربه» ومنها خلع الخرقة ولبس المرقعة والجذب والخلوة» وما إلى ذلك مما أنكره كثير من العلماء» وقبله 
آخرون 

وقد ازدهر التصوف في العصر العباسي على الخصوصء لأن هذا العصر شهد توسع الإمبراطورية الإسلامية؛ 
وتطبع أهله على الترف» وساد فيه المحون» فالتجأ كثير من المسلمين إلى الأخذ بالزهد في الدنيا» خوفا على 
أنفسهم ودينهم من الضلال والفسوق 

يقول ابن حلدون رحمه الله تعالى: هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة» وأصلهء أن طريقة هؤلاء القوم 
لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم» طريقة الحق والحداية» وأصلها العكوف 
على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى» والإعراض عن زحرف الدنيا وزينتهاء والزهد فيما يقبل عليه الجمهور 
من لذة ومال وجاه.ء والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة. وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف» فلما فشا 
الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده» وجنح الناس إلى مخالطة الدنياء اتص المقبلون على العبادة باسم 
الصوفية. انتهى 21 

إهها ظاهرة مغالية في التفرغ إلى الباري عز وجل بالكلية» مضادة لظاهرة الإعراض عن الله تعالمى بالكلية 

ويمكن أن نعتبرها حدثا حتمياء انبثئق من تغير ظروف المسلمين واختلاف أمرهم بين ثابت ومتحولء فإن من 
حكمة الله تعالى في خلقه. أن جعل من كل شيء زوجين» خيرا وشراء موجبا وسالباء فقد خلق الليل والنهار 
والظلمة والنور» والماء والنار» والملك والشيطان» والرحل والمرأة 

كما لق الحداية والضلال» والتشدد والتسيبء فاقتضت حكمته سبحانه» ألا يعلو شيء على شيء»؛ فما طغى 
أمر إلا حعل له ما يقابله من نقيضه» كي يحافظ على الميزان الذي من أحله خلق السماوات والأرضين 
'"والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تاضغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسدض ولا تخصروا الميزان". 5 
مقدمة ابن حلدون 


7 ال حمن7-5 
19 





فظهر في هذا العصرء أي العباسي» أساطين التصوف وأهرامه» وألفوا من الكتب ما اشتهر ذكره مما سقناه آنفا 
وبمكن أن نعتبر التصوف, مر عبر مرحلتين: 

المرحلة الفطرية: حيث اتسمت مفاهيمه بالوضوح والتلقائية» فتحدد في الانزواء عن الدنيا وبجاهدة النفس 
والعكوف على ذكر الله تعالى 

ومن أعلام هذه المرحلة: أم الخير» رابعة بنت إسماعيل العدوية» توفيت سنة: 180هجرية» وأبو نصر» بشر بن 
الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزيء المعروف ببشر ال حافي» توفي سنة: 
7هجرية» وأبو الفيض» ذو النون بن إبراهيم الأخميمي» المعروف بذي النون المصري» توفي سنة: 245هجرية» 
وأبو يزيد» طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي» توي سنة: 261هجرية» وأبو محمد سهل بن عبد الله بن 
يونس التستري» توفي سنة: 283هجرية» وأبو القاسمء الحنيد بن محمد الخراز القواريري» توفي سنة: 297هجرية. 
المرحلة العلمية: وهي تطور للمرحلة الأولى» نتيجة التطور الذي حصل في علم العقائد والأصول والفقه 
والتفسيرء وهي مرحلة التحليل والاجتهاد 

ومن هنا بدأ اتلاف المناهج والآراء» ولا نعد هذا الاختلاف إلا ظاهرة صحية ولدها الاجتهاد» كما لا يخلو 
بعلم بن العلوم 

إن هذا التناول العلمي لموضوع التصوفء أثمر فصله عن باقي العلوم» ووهبه استقلاليته عن غيره 

فتعددت الطرق» كل طريق تسمى باسم منشئها 

وتسمية الطرق بأسماء أصحاباء أمر طبيعي متعارف عليه لدى الفقهاء أنفسهمء فكما أن هناك الحيلانية 
والرفاعية والشاذلية والتجانية» فهناك المالكية والشافعية» والحنبلية والحنفية 

ولا تع هذه النسبة» أنهم من ابتدعوا مبادئ هذه الطرائق» ولكن تعب عند الصوفية» منهجية كل واحد منهم» 
وكيفية تعامله مع نصوص التشريع فيما ينهج 

وتعين عند الفقهاء؛ ما اعتمده العالم من أصول في استخراج الأحكام الشرعية» ومجموع فتاواه الي استنبطها 
اعتمادا على هذه الأصول من أدلتها التفصيلية 

وقد تعرض كثير من المتصوفة إلى عدة انتقادات من طرف العلماء خاصة:؛ فيما قالوه أو كتبوه ثما يخالف 
ظاهره عقيدة التوحيد» ومنهم: أبو عبد الله حسين بن منصور الحلاج توفي سنة: 309هجرية» وابن الفارض أبو 
حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي» توقي سنة: 632هجرية» ونحي الدين محمد بن علي بن 
محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي» توفي سنة: 632هجرية 

كيف وقد وقعوا في الاتحاد والحلول» ونطقوا بما لم يعهده أحد في السلف الصالح؟ 


20 





نطقواء وكأهم أنبياء يوحى إليهم من دون الناس» وتحدثوا عن غيبيات الم يخبر يما القرآن الكريم ولا السنة 
النبوية المطهرة 

فتحدثوا عن السماوات والأرضين» ووصفوا العرش والكرسي وسدرة المنتهى» بل ادعوا أنهم بلغوا ذلك 
وكلموا الله تعالى كفاحا وكلمهم 

ومنهم من ادعى أنه لقي رسول الله َيكثُمْ حيا يرزق» والتقى بعبد الله الخضر عليه السلام 

فلا عتاب على من عارضهم وانتقد أقوالهم لكي يصون ظاهر الشرع؛ وح لوكانوا صادقين في بعض ما 
يقولون» فقد كان الأولى لهم أن يخفوه ولا يخبروا به أحداء ما داموا يريدون وجه الله وحده 

فإن ما ادعواء يفتح الباب على مصراعيه أمام كل من هب ودبء ليقول ما شاء في الدين» خاصة في أمور 
تخص العقيدة السمحة.» وإذا سألته عن دليله من الكتاب والسنة» قال: عرفت ذلك عن طريق الكشف» 
وأطلعئ علام الغيوب على ما لم يطلع عليه أحدا من العالمين 

وقد قرأنا في كتبهمء: وما أكثرهاء وحكمنا عليها بالإطناب» وتعمد الإبمام» ووجدناها لا تنفع الإسلام 
والمسلمين ف شيء 

رغم أن الئاس لحسن نيتهم» تناقلوها وتوارثوها جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا 

إن كل ما يكتب أو يفعل» ما لم يقله أو يفعله سيد الأمة» من شأنه أن يخرب الدين ويبابل عقيدة المسلمين» 
ولذلك وجب رده عليهم في الحال 

وقد ذهب عقلاء العلماء» إلى الحكم على ظاهر كلام من نطق .ما لا يليق بالربوبية من اتحاد وحلول» بالكفر 
وترك سرائره إلى الله تعالى» هو يما أعلم 

قال المقري: فقد روينا عن شيخ الإسلام صلاح الدين العلائي عن جماعة من المشايخ» كلهم عن خادم الشيخ 
عز الدين بن عبد السلام؛ أنه قال: كنا في مجلس الدرس بين يدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام» فجاء في 
باب الردة ذكر لفظة الزنديق» فقال بعضهم: هل هي عربية أو عجمية؟ فقال بعض الفضلاء: إنما هي فارسية 
معربة» أصلها زن دين أي على دين المرأة» وهو الذي يضمر الكفر ويظهر الإعان. فقال بعضهم: مثل من؟ 
فقال آخر إلى جانب الشيخ: مثل ابن عربي بدمشق. فلم ينطق الشيخ» ولح يرد عليه. قال الخادم: وكنت 
صائما ذلك اليوم» فاتفق أن الشيخ دعاني للإفطار معه» فحضرت ووجدت منه إقبالا ولطفاء فقلت له: يا 
سيدي» هل تعرف القطب الغوث الفرد في زماننا؟ فقال: مالك ولهذا كل؟ فعرفت أنه يعرفه» فتركت الأكل» 


وقلت له: لوجه الله تعالى» عرفينٍ به من هوء فتبسم رمه الله تعالى وقال لي: الشيخ محيي الدين بن عربي» 


21 


فأطرقت ساكتا متحيراء فقال: مالك؟ فقلت: يا سيدي» قد حرتء قال: له؟ قلت: أليس اليوم قال ذلك 
الرحل إلى حانبك ما قال في ابن عربي» وأنت ساكت؟ فقال: اسكتء ذلك مجلس الفقهاء. انتهى26 

ولا ننسى أنه ضمن أعلام المرحلة العلمية» متصوفة معتدلون» لم يخرحوا في سلوكهم ومنهجهم عن سنة رسول 
الله يلم 

ففي مطلع القرن السابع المجري» جاء الإمام أبو الحسن» المعروف بالشاذلي رحمه الله تعالى» ليرد الأمر إلى 
أصله وينقي هذه المناهج من الأخلاط ويصوب عوجهاء مجحددا بذلك ذين الإإسلام 

فقد اتسم منهجه بسلامة الاعتقاد» وتحري السنة المشرفة في الأقوال والأفعال فجمع بين التفقه في الدين» إذ 
العارف لا يكون سلوكه بغير تفقه في الدين» لكي يفرق بين الحلال والحرام» ويأحذ بالتجرد باعتدال دون 
تفريط ولا إفراط 

وتفرعت عنه عدة طرقء فكان منهجه مدرسة خحرحت من المشايخ والأولياء» ما ضن الزمان به في كثير من 
الأوطان والأحيان 

كما أن بعض العلماء» قد غالوا في انتقادهم للصوفية» وبدعوا من أقوالحم وأعمالحم ما له أصل في الدين» 
وكفروا من لم يرتكب جريرة الكفر 

وعلى رأس هؤلاء المتشددين في ذلك: شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراي رحمه الله تعالى 

حاجنا إلى التكامل من أجل حَحَفينَ التوازن 

إذا نظرنا إلى الفريقين بعين الصواب وبنية الوصول إلى الحق» دون تعصب وعنجهية» سنجد أن الظاهرية 
والباطنية» هما شقان لثمرة واحدة 

ويستلزم معبئ الشق قيام النقصء فإن الظاهرية تمسكوا بظاهر النصوص» وحرصوا على ظاهر العبادات» غير 
أنهم غفلوا عن مقاصد الشرع من الأحكام؛ ولم يؤولوها»ء حسب روح الشرع» وحسب انسجامها مع تغير 
الإنسان وظروفه» وتنوع حياته الاحتماعية من زمان إلى زمان 

بل إفهم قد بدعواء وربما كفرواء كل من فهم من هذه النصوص ما لم يفهموه» وتعامل مع أحكام الشرع 
بطريقة غير الي تعاملوا بها 

على الناس كثيرا من أبواب الخير» بحكم أنها بدعة في الدين 


نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 


22 





وزرعوا الشقاق بين الناس» وشاع التراع والتقتيل» فأضحى الولد يكفر أباه لأنه لا يصليء ولا يأكل وإياه في 
إناء واحد 

وأضحت المرأة ترفض الزواج من الرحل لأنه غير ملتح. 

بل فصلوا الناس عن أثمتهم المقتدى يممء وُوهم عن اتباع مذاهبهم.؛ وقالوا لهم: لا تأحذوا سوى عن رسول 
الله ميلم » فهو الأحق بالاقتداء والإتباع» وحرموا عليهم تقليد العالم المحتهدء وهم القاصرون عن استخراج 
الأحكام» لقلة علمهم؛ فأصبحوا لهم متبعين» وعن أثمة المسلمين خحارحين» واتخذوهم أئمة لهم فأوقعوهم في 
أفدح مما نموهم عنه, بأن ساروا على مذهبهم» وطرحوا من هم خير منهم علما وتقى 

ويا ليت هؤلاء الداعين كانوا علماء بحتهدين» وياليتهم أنشأوا مذهبا فقهيا متكاملا حت يتبعهم الناس» بل 
تتبعناهم وقرأنا ما يكتبونء فلم نحد لهم من العلم نصيباء ولا من الاجتهاد خلاقا 

وم أفتوا الناس لم يأتوهم بدليل فتواهم؛ وإنما قالوا: هذا حرام» وهذا حرام» فيصدق العامة قولهم» وكأفهم 
أنبياء ينزل عليهم الوحي من السماءء وكأن الدين دينهم ورثوه عن آبائهم وأجدادهم, ولا حق لغيرهم فيه 
"ولا تقولوا لما تصن السنتحم الحئءب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الحذب؛ إن العين يفترون 
على الله الحدب لا 00 

واستغلوا جهل أتباعهم» فأخفوا عنهم من الحديث ما لا يناسبهم» وأولوا ما يؤيدهم؛ وإن غلبهم حديث في 
الإخفاء ضعفوه بغير حق» وإن وجدوا ف الضعيف والموضوع ما يوافقهم صححوه 

ناسين أو متناسين» أن من كذب على رسول الله يَيكُّمْ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله ّم يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من 
العباد» ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» حي إذا لم يبق عالماء اتخذ الناس رؤوسا جهالاء فسئلواء فأفتوا بغير 
علم؛ فضلوا وأضلوا". رواه البخاري 

ولست أقهم جمع الظاهرية كله بمذه الأفعال الدنيئة» بل منهم المحلصون الصادقونء وقليل ما هم 

فشاع الكبرياء بين علمائهاء وفشا فيهم الغرورء وأصبحوا لا يحدثون الناس عن الله تعالمى إلا قليلاء بل أصبح 
ديدفهم في أحاديثهم لمز الناس» ورميهم بالبدعة والكفرء فضلوا وأضلواء هداهم الله للصواب» وأخرحهم من 
الظلمات إلى النور بإذنه 


7 النحل116 
23 





أما الباطنية» فقد أحطأ معظمهم في في مريديهم عن التفقه في الدين» ودعوقم إلى الاقتصار على الضروري 
منه» بدعوى أن التفقه في الدين من شأنه أن يبعدهم عن الله تعالى» غير معتبرين قول رسول الله يَيُّْمْ : "من يرد 
اله ود عورا و ل 

فارتكبوا في العبادات زيادات خلت منها سنة رسول الله يَيلتُّمَ » وحرموا النفس ما أحل الله لما من الطيبات 

بل إن كثيرا من مشايخهم ادعوا العصمة» وادعوا بأنهم أعظم الناس درجة عند الله تعالى» دون جميع أولياء الله 
الصالحين: فهذا يدعي أنه حاتم الأولياء ولا ولي بعده» وهذا يدعي أنه صاحب الوقت» وذاك يدعي أنه واضع 
قدميه على رقاب جميع الأولياءء وهذا .. وهذا 

ونصبوا أنفسهم لريديهم؛ بمدحوهم بقصائد يقدسوهم فيها تقديساء ودعوهم إلى الاستمداد منهم في 
أذكارهم؛ ويمذا يكونون قد دلوهم على أنفسهم وصرفوهم عن الله تعالى 

فليحذر هؤلاء من أن يبوئوا بإثمهم وإثم أولئك يوم القيامة» فلا ينصبوا أنفسهم أوثانا تعبد من دون الله من 
حيث قصدوا الدعوة إلى توحيده والكفر بسواه 

يقول الله تعالى: "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والفبولة ثم يقول للخاس حونوا عباءا ل من 
عون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تكرصونء» ولا يأمركم أن تتخهوا 
الملايكة والنبيين أرباباء أيامركم بالكفر بعد إء أنتم 0ن 

فهذا حال الأنبياء والمرسلين» فكيف يكون حال المذنبين أمثاللي وأمثالهم؟ 

عن ابن عباس: مع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت البي يَيكثُمْ يقول: "لا تطروني» كما أطرت 
النصارى ابن مريم» فإنما أنا عبده» فقولوا: عبد الله ورسوله". رواه البخاري 

عن أبي مجحلز قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه» فقال: اجلساء سمعت رسول الله 
يلم يقول: "من سره أن يتمثل له الرحال قياما فليتبوأ مقعده من النار". رواه الترمذي 

وشح كلام الذوق والإشارات» وقلت حالس المواعظ والرقائق في الزواياء فلا تحد المريدين يتحدثون سوى عن 
شيخهم وكراماته» وأفضليته على سائر المشايخ» وسوى عن فرقتهم, بأنها الفرقة الناحية وغيرها في النار 

وحى أن من تكلم أو كتب منهم» أطنب حيث لا يحق له الإطناب» وأوجز حيث لا يستحب الإيجاز 

فتلاعبوا باللفظ وموهوا العبارة» ولغزوا المعى» فصار كلامهم لا يفهم» بل ذكروا من المغيبات» على حسب 
قولهمء ما لا يعلمه إلا علام الغيوب 


عن حميد بن عبد ال رحمن: أنه سمع معاوية قال: قال رسول الله َم : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» والله المعطي وأنا 
القاسم؛ ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم حى يأنٍ أمر الله وهم ظاهرون". رواه البخاري 
57 آل عمران 79-78 

24 





ويا ليت شعريء أليس الدين في غيى عن كل هذا الركام والتركيب؟ 

أليس ت ركنا رسول الله ميك » على محجة بيضاء واضحة لا لبس فيها ولا غبش؟ 

ألم يقل عليه الصلاة والسلام: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك» ومن 
يعش منكم فسيرى اختلافا كثيراء فعليكم ما عرفتم من سن وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي» 
وعليكم بالطاعة وق كان عدا تحبشيا عسو ا علزيا بال 30 

عن أبِي هريرة أن أعرابيا جاء إلى رسول الله يكم فقال: يا رسول الله دل على عمل إذا عملته دخلت الجحنة. 
قال: "تعبد الله لا تشرك به شيئاء وتقيم الصلاة المكتوبة» وتؤدي الزكاة المفروضة» وتصوم رمضان". قال: 
والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا أبداء ولا أنقص منه. فلما ولى» قال النبي يلم : "من سره أن ينظر 
إلى رجحل من أهل الحنة» فلينظر إلى هذا". رواه مسلم 

هكذا تكون طاعة الله عز وجل» هكذا الطريق إلى الحنة» معبد واضح مستقيم» غير متشعب» فما بالكم 
صورتوه للناس متاهة موحشة؟ 

دعوا الخلق للخالق؛ ولا تقفوا بينهم وبين الله» لا تصدوهم عن ريم لا تقفوا حجابا على بابه» وتحدثوهم 
عنه ما لا يليق به» اربؤوا على أنفسكم حى لا تكونوا من الغين يستحبون الحياة الكنيا على الاخرة 
ويصنون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولي< في طظال بعيد '* 

إلا أن أتباعهم, تحد فيهم متا من الأخلاق والتواضع» وتحدهم لا يذكرون أحدا بسوء» بل يلتمسون للناس 
المعاذير» ويدعون لهم بالرحمة والحداية 

لقد غالى الظاهرية في التمسك بظاهر الدين» وغللى الباطنية في التمسك بباطنه 

وَإِنما الدين ظاهر وباطن» فلو تكامل الطائفتان» لحققوا ميزان الوسطء وانتهوا إلى الحق والعدل 

ولما عاد ظاهريون وباطنيون» وإنما صار الجميع مسلمين حنفاء 

وبين هؤلاء وأولئك؛ يحار المسلم» أي طريق ينهج» وأي فريق يتبع» وكأن لكل دينه» وكما قيل: إذا كثر 
الشعراء» ضاعت القصيدة 


“* عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه مع العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله يكم موعظة» ذرفت منها العيون 
ووجلت منها القلوب» فقلنا يا رسول الله» إن هذا لموعظة مودعء فإذا تعهد إلينا؟ قال: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها 
لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك؛ ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيراء فعليكم بما عرفتم من سني وسنة الخلفاء المهديين الراشدين 
من بعديء وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشياء عضوا عليها بالنواجذ". رواه الحاكم في المستدرك 


31 
إبراهيم 4 


25 





ماذا عن المغرب الأقصى؟ 

ومن حواص المغرب وفضائله» أخذ أهله بعقيدة أهل السنة والجماعة» هذه العقيدة السليمة الي تستجيب ها 
الفطرة ويقبلها العقل ويطمئن لما القلب» وذلك لأنها تنزه الله تعالى عن غيره» ولا تفصله عن أوصافه» كما أنها 
لاتكفر مرتكب الكبيرة وتحرمه من التوبة» بعد أن أعلم الشرع السمح بأن الله تعالى لايغفر لمن أشرك به 
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء 

ومن حواصه وفضائله: إجماع أمرائه وعلمائه على اتباع المذهب المالكي» وتوحد شعبه عليه بخلاف كثير من 
البلاد ال تعددت فيها المذاهب وتضاربت المشارب؛ ولا يخفى على أحد ما بميز المذهب المالكي من مرونة في 
استنباط الأحكامء بالاعتماد على أصول التشريع؛ .ما في ذلك الاستحسان والاستصحاب والمصالح المرسلة 
وسد الذرائع» وغيرها مما ليس ف غيره 

دون أن ننسى فضل مالك على أقرانه» وإمامته في العلم والمعرفة 

ومن خواص المغرب وفضائله» ثبوت حديث الرسول يكم بأن أهله لا يزالون ظاهرين على الحق حي تقوم 
الساعة» وهذا نص الحديث: روى الإمام مسلم بن الحجاج عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله يكم : 
"لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق ح تقوم الساعة". 

وقد روى هذا الحديث بلفظ المغرب من الكبار عدد ليس بالمين» كما سنرى إن شاء الله تعالى 

والذي استرعى انتباهي» وأصابئ بالعجب هو أن بعض العلماء» حاولوا جاهدين تأويل لفظ المغرب الوارد في 
هذه الأحاديث بغير معناه» فنسبوه لبعض البقاع في الشرق» ول يذكر ضمنها المغرب الذي لا يدل اللفظ على 
إطلاقه سوى عليه» وكأهم استعظموا على المغرب هذا الفضل ولم يرضوه له؛ أو ظنوا أن أهله دون ذلك» مع 
أن الحديث تعددت رواياته» وصح سنده؛ فمن ذلك: 

قال شيخ الإسلام: وأول الغرب ما يسامت البيرة ونحوهاء فإن الببي يَيكتُمْ تكلم بهذا الكلام وهو بالمدينة 
النبوية» فما يغرب عنها فهو غرب» كالشام ومصرء وما شرق عنها فهو شرق» كالحزيرة والعراق» وكان 
السلف يسمون أهل الشام أهل المغرب. انتهه 32 

ونرد على ذلك من ثلاثة أوجه: 

الأول: دلالة اللفظ بإطلاقه على المغرب دون سواه حسب ما تقتضيه لغة الضاد 

الثاني: أغلب الروايات وأصحهاء ورد فيها لفظ المغرب وليس لفظ الغرب 


7 بجموع فتاوى ابن تيمية 
26 





عن نافع بن عتبة قال: كنا مع رسول الله مَك في غزوة؛ قال: فأتى البي بكم قوم من قبل المغرب» عليهم 
ثياب الصوف»ء فوافقوه عند أكمة؛ فإفهم لقيام ورسول الله بيثم قاعد قال: فقالت لي نفسي: التهم فقم بينهم 
وبينه» لا يغتالونه؛ قال: ثم قلت: لعله بحي معهم, فأتيتهم فقمت بينهم وبينه» قال: فحفظت منه أربع كلمات» 
أعدهن في يدي؛ قال: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله 
ثم تغزون الدحالء فيفتحه الله". 

قال: فقال نافع: يا حابر» لا نرى الدحال يخرج حى تفتح الروم. رواه مسلم 

عن جابر بن سمرة قال: سألت نافع بن عتبة بن أبي وقاص» قلت: حدثيئ هل سمعت رسول الله يكم يذكر 
الدحال؟ قال: فقال: أتيت رسول الله عَيكُّم» وعنده ناس من أهل المغرب» أتوه ليسلمواء عليه وعليهم 
الصوفء فلما دنوت منهء سمعته يقول: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عليكم, ثم تغزون فارس فيفتحها الله 
عليكم, ثم تغزون الروم فيفتحها الله عليكم, ثم تغزون الدجال فيفتحه الله عليكم". رواه ابن حبان في صحيحه 
وقد أخرحه أيضاء أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم, وأبو نعيم في الحلية» و أبو عمرو الداني في 
الفتن» وأبو العرب في طبقات علماء إفريقية» وبقي بن مخلد في مسنده؛ وعبد بن حميد من طريق شعبة وهشيم 
وعمر بن حبيب وعبد الوهاب بن الصلت عن داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي عن سعد بن أبي 
وقاص قال: قال رسول الله عَيلكُمْ : "لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة". 

ورواية أبي نعيم : "لا يزال أهل المغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حي تقوم الساعة". 

وأحرجه كذلككء أبو العرب ف طبقات علماء إفريقية قال: حدثنا عبد الله بن أبي زكرياء الحفري ويحيى بن 
عون الخزاعي» قال: وحدثنا أبو زكرياء الحفري عن عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: سمعت 
رسول الله بَيكتُّه يقول: "لا يزال عصابة من أمتي بالمغرب يقاتلون على الحق» لا يضرهم من خالفهم". 
الثالث: لم يثبت على البي َيلكُم» انه نعت مصر أو الشام في جميع أحاديثه با مغرب 

الرابع: تسمية المغرب منذ غابر الزمان يهذا الإسم» قبل زمان ذكر الببي يكم له» إلى يومنا الحالي 

يقول ياقوت الحموي: وحميت إفريقية بإفريقيس بن أبرهة بن الرائش» وقال أبو المنذر هشام بن محمد: هو 
إفريقيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطانء وهو الذي احتطهاء وذكروا أنه لما غزا المغرب 
انتهى إلى موضع واسع رحيب كثير الماء» فأمر أن تبئ هناك مدينة» فبنيت وسماها إفريقية» اشتق اسمها من 
اسمهء ثم نقل إليها الناس» ثم نسبت تلك الولاية بأسرها إلى هذه المدينة» ثم انصرف إلى اليمن» فقال بعض 
أصحابه: 


2 


سرنا إلى المغربه» في ححفل بكل 20 قرم أريحي 2 همام 
نسري مع افريقيس» ذاك الذي ساد بعز الملك أولاد سام 
نخوض»2 بالفرسان» في مأقط يكثر فيه ضرب أيد وهام 
فأضحت2 البربر في مقعص نحوسهم بالمشرقٍ الحسام 
في موقف») ييقى لنا ذكره ماغردتء في الأيك. ورق ان 

وقال أبو الريحان البيروقي: إن أهل مصرء يسمون ما عن أبمافهم إذا استقبلوا الجنوب» بلاد المغرب» ولذلك 
سميت بلاد إفريقية وما وراءها بلاد المغرب» يعين أنها فرقت بين مصر والمغرب» فسميت إفريقية» لا أنها مسماة 
باسم عامرهاء وحد إفريقية: من طرابلس الغرب من حهة برقة والإسكندرية إلى بحاية» وقيل: إلى مليانة» 
فتكون مسافة طولها نحو شهرين ونصفء وقال أبو عبيد البكري الأندلسي: حد إفريقية طوها من برقة شرقا 
إلى طنجة الخضراء غرباء وعرضها من البحر إلى الرمال الي في أول بلاد السودان» وهي جبال ورمال عظيمة 
من الشرق إلى الغرب» وفيه يصاد الفنك الحيد. انتهى4* 

يقول العلامة أحمد بن محمد البرنسي الفاسي» المعروف بزروق» في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواي: يكفي 
في راححية مذهب مالكء» كونه إمام دار الهجرة في خير القرون» ومتبوع أهل المغرب الذين لا يزالون 
ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة» كما صح في الحديث؛ وإن احتلفت رواياته» وعصم الله مذهبه من أن 
يكون فيه ذو هوى موسوما بالإمامة» وجعله مقدما عند الكافة» حتى أن كل ذي مذهب إنما يختاره مذهبه 
بعد مذهبه» وجعل رؤساء مذهبه حجة بعده في الحديث كالفقه, قد حرج لهم البخاري» وما ملا كتابه إلا 
مم فهم الحجة الثقات والأئمة الأثبات» الذين برزوا ولم ينبت ذلك لغيرهم؛ وإن كان صا حا أميناء ومن طالع 
مناقب الأئمة الأربعة» عرف علو مراتبهم ووجوب تقديمهم على غيرهم, ولزوم الاقتداء يمم» وترحح عنده 
أحدهم على ما يتعرف من مراتبهم. انتهى 

لقد أشرقت همس العلم والمعرفة على مغربنا الحبيب» ابتداء من لحوء المولى إدريس إليه» فارا من موقعة فخ قرب 
مكة المكرمة 

وتمسك المغاربة بالإسلام عن طواعية؛ واتسموا محبة رسول الله يَتُّه؛ وآل بيته الطاهرين وصحابته الغر 
الميامين» محبة لا تضاهى 


ووجدوا أنفسهم في التجرد لله تعالى دون مغالاة 


33 


معجم البلدان 
1 المرحع نفسه 
28 





وأنبتت أرض المغرب أولياء لا نظير لهم؛ لا زال ذكرهم يملأ الآفاق ح اليوم» ولا زالت أخبارهم ظاهرة في 
الكتب والنوادي 

وكثرت الزواياء إذ كان للزاوية أدوار: 

فهي رباط للجهاد» وملجا للفقير وا محتاج» وموطن لمن أراد أن يتوب من ذنوبه ويتعرف إلى ربه 

فانتشر التوحيدء الذي لا لبس فيه» إذ اعتنق المغاربة العقيدة الأشعرية الي يقبلها العقل وترتضيها الفطرة» 
وأجمعوا على اعتناقهاء وشاعت أخلاق الفضيلة» من جود وكرم وعفة وورع 

ولا زال أثر هذه الزوايا وما ربت من مؤمنين قائما في قلوب المغاربة وبيوتاتقم 

وقد لعبت الزوايا المغربية عدة أدوار» وقامت بعدة مهام» دينية واجحتماعية» وقد عرض الأستاذ أحمد التوفيق 
عط وه الكفو ني لكر ينا 

نشر الإسلام» في البلاد وما دوا من دول إفريقيا الجنوبية 

إنشاء المواسم» وتنظيمها 

تنظيم الجهاد لرد الغزو الأحنبي 

الحرص على حفظ القرآن الكريم» وتعلم علوم الشريعة 

بناء المدارس العلمية» وإنشاء حزانات الكتب 

إيواء أبناء السبيل وإطعام الفقراء 

رد جور الحكام والعمال على المظلومين 

حث الناس على الحفاظ على البيعة وما تستلزمه من طاعة 

قلت: ويعتبر المغرب ملتقى للحضارات» ورابطا بين قارتين» وبجمع بحرين» تهيز أهله بالتنوع» فلا تكاد تبحث 
عن جنس أو لون بشري في الأرضء إلا وحدت له مثيلا في المغرب»كما يحقق هذا البلد السعيد» تنوعا 
طبيعياء تتجلى فيه مختلف مظاهر الطبيعة» من بحار وجبال» وخحصب وجدب» وصحار وجنات» وجليد 

أما مناحه فيتميز بالاعتدال 

فلا عجب أن يأيّْ دينه معتدلاء وتكون ولايته سنية تسير على النهج القويم 

لقد أشرقت همس هذا البلد العظيم على الشرق بأنوار الولاية» ألا ترى أن كثيرا من أولياء الشرق» مغاربة أو 
من أصل مغربي أو تتلمذوا على مغاربة؟ 


7 معالم من تاريخ التصوف با مغرب 
29 





وحسبناء مثالاء إمامنا الشاذلي رحمه الله تعالى» دفين صحراء عيذاب بأرض الكنانة» واشتهار مدرسته وأتباعه 
في مصر وفي العالم بأسره 

خاصية التصوف المغربي 

تميز التصوف المغربي منذ إرهاصاته الأولى الي نذكر من أقطاها: أبا احسن علي بن إسماعيل بن محمد بن عبد 
السلام بن حرزهم المتوق سنة: 559هجرية. وأبا شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجحيء الملقب بالسارية» المتوق 
سنة: 561هجرية. وأبا يعزى بلنور الزميري المتوق سنة: 572هجرية. وأبا مدين شعيب بن حسين الأنصاري» 
المتوى سنة: 594هجرية 

تميز التصوف المغربي ف بداياته هذه؛ ببساطته ووضوحه. وبعده عن الخوض فيما لا يفهم 

ويبرر الأستاذ أحمد التوفيق» كون التصوف المغربي تصوف أخلاق وليس تصوف حقائق وإشراق» كما كان 
سائدا في الشرق العربي» بسببين: ثقافي وجغرائي: 

يقول: أما السبب الثقافي» فهو غلبة العجمة على المغاربة في أوائل تاريخهم وأواسطه؛ في مستوى لا تمكن 
مقارنته بعجمة الفرس» من حيث تقليد الكتابة ومستوى اللغة الحامل للمعاني» فارتبط هنالك التعبير عن 
الحقائق بالعربية» وهي قليلة الانتشار بين الشيوخ والمريدين المتلقين على حد سواء. انتهى6ة 

ويقول: أما السبب الحغرافي» لتركيز المغاربة على السلوك دون الحقائق» فيتمثل في حالة الاستثناء الب عاش فيها 
المغرب لعدة قرون» وهو يواجه المد العسكري المسيحي في الأندلس. وقد تولت كبر هذه المواجهة ثلاث 
أمبراطوريات عظمىء اتخذت من التعبئة برناحا ساعد عليه الصوفية والفقهاء على السواءء برناجا استدعته حالة 
الثغر» الذي لا يناسبه التشغيب على العقيدة» لكنه بحاحة إلى عواطف جياشة:» لا يمكن أن تتغذى إلا من فيض 
مواردها الروحية. انتهى/* 

قلت: ولكننا نبرر نحلو تصوفنا من كلام الأذواق والإشراق في بدايته» ما يلي: 

طبيعة المغاربة في النظر إلى الأمور دون تعقيد» فلا ننسى أن المغاربة في الأصل أمازيغ» والظاهر من حياة 
الأمازيغ وأشعارهم, غياب الاستغراق في الخيال» كما عليه الحال في الأشعار العربية 

غلبة الفقه والعلوم الدينية» فيما يدرس ويقرأ آنذاك» على الأدب والشعر» وعلم الكلام والفلسفة 

ودليل ذلكء» غلبة المصطلحات الفقهية على أشعارهم 

ناهيك عن أمية بعض الأولياء الأوائل» وعلى رأسهم أبو يعزى نفسه 


“* المرحع نفسه 
7 المرحع نفسه 


30 





وقد ذكى روح التصوف ف المغرب وحببه إلى النفوسء ما ألفه الأمازيغ من عيش التقشف في لباسهم وحياتقهم؛ 
ورضاهم ما بسط من اللباس والمسكنء وتحملهم المشاق» لطبيعة مواضع سكنهم الحبلية على العموم 

فيسر لهم ذلك تحمل وحشة الخلوات» هما كانت تتضمن من صيام وكثرة الذكر والعبادة» والاكتفاء بالزيت 
والشعير في المأكل 


31 


32 


نسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وءاله وصحبه 
ابايت لسم الله مولايا الرحمن الرهيم فى ابكايا 
الحلا والملام فى التاك علق ضينا 2 العلناك 
3 والقضاع- "قرزا ,معاجييم 9312 اناد 


يقول: بدأت ببسم الله مولائي» الرحمن الرحيم في ابتدائي» والصلاة والسلام في الثاني» على نبينا العدناني» ثم 
على الآل والأصحاب الأبرار» المهاجرين منهم والأنصار 

والمعيى: فصل في فضل الاسسّفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم 

استفتح الشيخ رباعيته ببسم الله تعالى) جريا على ما دأب عليه أولوا النهى في خطبهم ومخاطباتهم؛» وفي كتبهم 
ومكاتباقهم؛ كيف وما من سورة في القرآن الكريم, إلا واستفتحت ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فإن قيل: فما 
خطب سورة التوبة لم تستفتح يما؟ قلت: قال الحافظ إسماعيل ابن كثير رحمه الله تعالى: هذه السورة الكريعة من 
أواخر ما نزل على رسول الله مه كما قال البحاري: حدثنا أبو الوليد» حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: 
سمعت البراء يقول: آخر آية نزلت: "يستفتونةء قل الله يفتيكم في الكقلو وار سورة نزلت: براءة» 
وإغا لم ييسمل في أولاء لأن"الشِيّحائة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف الإمام» بل اقتدوا في ذلك بأمير 
المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاهء كما قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشارء حدثنا ييى بن 
سعيد ومحمد بن أبي جعفر وابن عدي وسهيل بن يوسف قالوا: حدثنا عوف بن أبي جميلة» أخبرني يزيد 
الفارسيء أخبرني ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني» وإلى 
براءة وهي من المثين» وقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم» ووضعتموها في السبعة 
الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله بَيلنُمْ ‏ كان مما يأ عليه الزمان وهو يتزل عليه 
السور ذوات العددء فكان إذا نزل عليه الشيء» دعا بعض من كان يكتبء فيقول: "ضعوا هذه الآية في 
السورة الي يذكر فيها كذا وكذا", وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة» وكانت براءة من آخخر ما نزل من 
القرآن» وكانت قصتها شبيهة بقصتهاء وحشيت أنها منها؛ وقبض رسول الله عَيُّمْ ول يبين لنا أنما منهاء فمن 
أحل ذلك قرنت بينهماء ول أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم؛ ووضعتها في السبع الطول. 


38 النساء175 
33 





وكذا رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي» وابن حبان في صحيحه. والحاكم في مستد ركه من طرق أخرى عن عوف الأعرابي 
به وقال الحاكم: صحيح الإسناد» ولم يخرجاه. الع 
وإذا كان عدد سور القرآن الكريم مائة وأربعة عشرة سورة» فإن البسملة جاءت بالعدد نفسه في القرآن» وقد 


وردت المتممة العدد في سورة النملء في قوله تعالى: "إنه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا 

ان 

قلت: وفيها استفتاح ني الله سليمان عليه السلام ببسم الله الرحمن الرحيم في كتابه إلى بلقيس. 

وقد تظاهرت الآثار وتواترت الأخبار ببيان فضلها وإعلاء شأفا: يقول أحمد بن عجيبة رحمه الله تعالى في 

شرح المباحث الأصلية: فإن الصحابة أجمعت على افتتاح المصحف ببسم الله الرحمن الرحيم» على اختلاف 

بينهم في كوها آية أو غير آية؛ فذهب بعض الصحابة إلى أنها آية» وبه أحذ الشافعي رضي الله عنه ومن تبعه» 
حى أفى ببطلان صلاة من تركهاء وذهب آخرون إلى أها غير آية, وبه أحذ مالك ومن تبعه» واحتج الصحابة 

من شدة تحفظهم وتحريهم لا يدخحلون في المصحف إلا ما هو منه» واحتج مالك» بقول كثير من الصحابة من 

صلى مع النبي يَكُم؛ قال: فكان يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين. ولم يقل بسم الله الرحمن الرحيمء 

وللاؤفة مكدر ف كني الفقنة: 

وكان الإمام المازري يقرؤها سراء خروجا من الخلاف» وفي الحديث: "كل أمر ذي بال لا يبتدئ يسم الله 

الرحمن الرحيم فهو أقطع"» وفي رواية: "فهو أبتر"؛ وفي رواية: "فهو أجذم". ” انتهى** 

كما استفتح بها رسول الله ميم في عهوده ومواثيقه وكتبه إلى الملوك» ومن ذلك: ما رواه البخاري ضمن 

حديث طويل؛ من نص كتابه عَم إلى هرقل عظيم الروم» وهو كالتالي: 

"بسم الله الرحمن الرحيم» من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم» سلام على من اتبع الهدى» أسلم 


تسلم» أسلم يؤتك الله أحرك مرتين» فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين» "يا أهل الكتاب تعالوا إلى 


حلمة سواء بيننا نا وبيفكم ألا نعبه إلا الله ولا نشرحة به ضييا ولا يتخء بعضنا بعضا أربابا من حون الله 
43 


فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون". 
وقد حرص الشيخ على إيراد صيغة البسملة بأتمها في صدر رباعيته» حى لا يفوته شيء من فضلهاء فأرفق بسم 


الله باسميه: الرحمن الرحيم» بعد أن أقر بعبوديته لمولاه عز وجل فأجاد. 


”* تفسير القرآن العظيم لابن كثير 
النمل30 
رواه عبد القادر الرهاوي في الأربعين 
42 الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية 
3 آل عمران 63 
34 





معنى اميه تعالى: الرحمن الرحيم 
قد روى الإمام الطبري عن العرزمي أنه قال: "الرحمن الرهيم". قال: الرحن» بجميع الخلق؛ الرحيم» قال: 
بالمؤمنين. 
وروى الطبري عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله يَيلتُّه : "إن عيسى ابن مريم قال: الرحمن» رحمن 
الآخرة والدنياء والرعيم» رحيم الآخرة. 
ثم قال رحمه الله تعالى» أي الطبري: فهذان الخبران قد أنبآ عن فرق ما بين تسمية الله حل ثناؤه باسمه الذي هو 
رحمن» وتسميته باسمه الذي هو رحيم» واحتلاف مع الكلمتين» وإن اختلفا في معيئ ذلك الفرق» فدل 
أحدهما على أن ذلك في الدنياء ودل الآخر على أنه في الآخرة. 
فإن قال: فأي هذين التأويلين أولى عندك بالصحة؟ 
قيل: لجميعهما عندنا في الصحة مخرجء فلا وجه لقول قائل: أيهما أولى بالصحة؟ وذلك أن المعيئ الذي في 
تسمية الله بالرحمن» دون الذي في تسميته بالرحيم: هو أنه بالتسمية بالرحمن» موصوف بعموم الرحمة جميع 
خلقه, وأنه بالتسمية بالرحيم» موصوف بخصوص الرحمة بعض خلقه» إما في كل الأحوال» وإما في بعض 
الأحوال؛ فلا شك إذا كان ذلك كذلكء؛ أن ذلك الخصوص الذي في وصفه بالرحيم؛ لا يستحيل عن معناه 
في الدنيا كان ذلك أو في الآخرة» أو فيهما جميعا. 
وإن قال لنا قائل: ولم قدم اسم الله الذي هو الله على اسمه الذي هو الرحمن» واسمه الذي هو الرهمن؛ على 
اسمه الذي هو الرحيم؟ 
قيل: لأن من شأن العربء إذا أرادوا الخبر عن مخبر عنه؛ أن يقدموا اسمه, ثم يتبعوه صفاته ونعوته» وهذا هو 
الواحب في الحكم: أن يكون الاسم مقدما قبل نعته وصفته» ليعلم السامع الخبر» عمن الخبر؛ فإذا كان ذلك 
كذلكء, وكان لله جل ذكره أسماء قد حرم على خلقه أن يتسموا يماء خص با نفسه دونهمء وذلك مثل الله 
والرحمن والخالق؛ وأسماء أباح لهم أن يسمي بعضهم بعضا كاء وذلك: كالرهيم والمميع والببصير 
والحريم» وما أشبه ذلك من الأسماء؛ كان الواحب أن تقدم أسماؤه الي هي له خاصة دون جميع خلقه, ليعرف 
السامع ذلك من توحه إليه الحمد والتمجيد, ثم يتبع ذلك بأسمائه الي قد تسمى ا غيره» بعد علم المخاطب أو 
السامع من توجه إليه ما يتلو ذلك من المعاني؛ فبدأ الله جل ذكره باسمه الذي هو "الله" لأن الألوهية ليست 
لغيره جل ثناؤه» من وجه من الوجوه, لا من جهة التسمي به» ولا من جهة المععين» وذلكء أنا قد بينا أن معيى 
"الله" تعالى ذكره: المعبود» ولا معبود غيره جل جلاله» وأن التسمي به. قد حرمه الله جل ثناؤه» وإن قصد 
المتسمي به ما يقصد المتسمي بسعيد وهو شقي» وبحسن وهو قبيح. 


35 


ألالاترف 1ن اله يكل علالة» قال عق غي راردا فق كتايد "انه تمع اروواء" فامتكير ذلك امن القن يده وقال 
تعالى في خصوصية نفسه بالله وبالرحمن: "قل اءعوا الله أو ادعوا الرحمن؛ أيا ما تدعوا فلك الاصماء 
الحمتى". 7 ثم ثنى ياسمه الذي هو الرحمنء» إذ كان قد منع أيضا خلقه التسمي به» وإن كان من حلقه من 
قد يستحق تسميته ببعض معانيه. وذلك أنه قد يجوز وصف كثير ممن هو دون الله من خلقه» ببعض صفات 
الرحمة. وغير جائز أن يستحق بعض الألوهية أحد دونه. فلذلك جاء الرحمن ثانيا لاسمه الذي هو الله. 

وأما اسمه الذي هو الرحيم» فقد ذكرنا أنه مما هو جائز وصف غيره به» والرحمة من صفاته جل ذكره؛ فكان» 
إذ كان الأمر على ما وصفناء واقعا مواقع نعوت الأسماء اللواق هن توابعهاء بعد تقدم الأسماء عليها؛ فهذا وجه 
تقديم اسم الله الذي هو الله. على اسمه الذي هو الرحمنء واسمه الذي هو الرحمنء؛ على اسمه الذي هو 
الرحيم. 

وقد كان الحسن البصري يقول في الرحمن مثل ما قلناء أنه من أسماء الله الى منع التسمي يما العباد. 

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا حماد بن مسعدة عن عوف عن الحسن قال: الرحمن؛ اسم ممنوع. 

مع أن في إجماع الأمة من منع التسمي به جميع الناس» ما يغ عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك» 
بقول الحسن وغيره. انتهى 6 

قلت: والإسمان من أسماء الله الحسئ» مشتقان من الرحمة. 

وقد رأيت فيهما غير ما رأى غيري» والله تعالى أعلم» قال الباري عز وجل: "قل اءعوا الله أو اءعوا 
الرحمنء» أيا ما تذعوا فلك الاسماء ال 0 

ولم يذكر الله تعالى اسم الرحمن بعد اسم الحلالة عبثاء فإذا كان اسم الحلالة هو الاسم الوحيد الذي ورد في 
كتاب الله تعالى بلغة العرب» إذ باقي الأسماء كلها صفات» وماسميت أسماء إلا مجازاء فإن اسم الرحمن أقرب 
إلى اسم الذات عن غيره من وجوه: 

الأول: نزه الله تعالى اسم الرحمن من أن يتسمى به أو يدعيه غيره» وكذلك اسم الذات 

الشاني: لم تتصرف العربية في الإمين معا بالتثنية والجمع ولا بالتأنيث. 

الثالث: رافق اسم الرحمن اسم الذات في كثير من الآيات» مثاله: 

فول عاك !هو زب :انع :لذ إنه ]لذ فى غالم :القينة والحمافةة هو الوطم ترم 780 


النمل 62 
45 الإسراء109 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن 
الإسراء109 
36 





49 


الرابع: قوله تعالى: "قل اءوعوا الله أو ادعوا الرحمنء أيا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى'. 
وفيه اختيار الله تعالى» اسم الرحمنء» بعد أداة التخيير للموازنة» لأنه أقرب اسم إلى اسم الذات 
الخامس: كما ناب اسم الرحمن عن اسم الله تعالى في مواضع لا تختص سوى بهء ومن ذلك: 
قولهة ها 4" واليكة إئة رلسةة كاله الك هن الر هس ال 

قول الباري عز وجل على لسان مرم البتول: "قالت إني أعوء بالرحمن من إن كنت تقيا". 
قوله تعالى: 'يا أبت ا تعب الضشيضانء إن الضشين كان للرحمن م 

قوله تعالى: "وإءا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سهجذا وبحيا". _ 

زول هنال "زعانوا انظ لطم رو 5 
قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" 
قوله تعالى: "وإن ربكم الرحمن فاتبعون وأنصعوا أمري 
قزل تفال :"املع يومجة الضف 3 

قوله تعالى: "العي خلق السماوات والارض وما بينهما في ست أيام تم استوى على العرشء الرحمن» 
فاسأل به خبيراء وإءا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمنء أنسج؛ لما تامرنا كن 
لذلك أقول في الرحمن الرهيم: الله تعالى رحمن في ذاته» رحيم بعباده. 

فإن ذكرت: الرحمن» يتصور في ذهنك من الألوهية أكثر مما يتصور من معي الرحمة» وتشعر بأن اسم: 
الرحمن» يومئ إليك بأنه تعالى رحمن ف ذاته» رحمن وحده. قائم بالرحمة لا تزول عنه؛ ولا يحيد عنهاء ولا 


51 


55 


50 1 


يفهم معن ذاته بغيرها. 


22 
7 الإسراء 109 
*” البقرة 162 
3 مريم 17 
7 مر 44 


53 


مريم 58 
** مريم89 

7 طه4 

لا طه89 

7” الفرقان26 

5 الفرقان 60-59 

37 





وفي هذا الجمع بين الصفتين» بشارة للمومنين» تدعوهم إلى أن يرجوا عفوه وغفرانه للزلات» وتجحاوزه عن 
العثرات» وتفويته لكثير من الموبقات» إذا عرفوا أن الرحمة» لا يحتاج رهم إلى أن يتحلى بما كي يرحمهم؛ وإنما 
هي قائمة به» معبرة عن ذاته» يجمع تعبيرها بين صمدية الذات» وقيوميته تعالى بنفسه, لا يحتاج إلى غيره» وبين 
وصفه بالرحمانية» الي هي من صفات ذاته» وهو سبحانه» موجود يماء وهي موجودة به. معه ومعهاء لا تفريق 
بينه وبينهاء وإن كان هذا الوصف يشمل جميع الصفاتء إلا أن صفة الرحمانية» صفة ذاتية عمودية متجردة» 
لازمة غير متعدية» قائمة به حى بعد فناء الخلق» لا تزول بزوالههم» إذ كانت قبل وجودهمء فهي به» قديمة قدمه 
باقية بقاءه» ورجاء المومنين في الرحمة لا ينقطع» ولا يتبعه يأس, لأن الحي القيوم» حي لا يموتء وله الحمد 
والمنة 
أما صفة الرحيم» فهي صفة أفقية» متعدية» تعبر عن رحمته تعالى بالخلق» وهي تسمية لفعل الرهمن» حين 
يرحم خلقه؛ ف حين أن صفة الرحمانية» تسمية للرحمن المعروف بالرحمة» رغم كون الصفتين خرجتا من مخرج 
واحدء وهو معن يتعلق بالرحموت؛ رحمة ورحمانية من الله الرجمن الواحد الأحدء ومن الله الرحيم العفو 
الغفور. 
فهو رحمن لا تستدعي رحمانيته السؤال: يمن؟ وهو تعالى رحيم: من تاب وأناب» ولأ إلى ربه بعد أن ضاق 
قال الشيخ في الجعفية الكبرى: 

ببسم الله أفتتح المقالا 2 برحمن رحيم كم أقالا 

به منه إليه ثم فيه 20 عليه قد توكلت اتكال 


فصل في فضل الصلاة على البي َك 

قال تعالى: "إن الله وملايحته يطون على النبيء يا أيها الغين آمنوا صوا عليه وسلموا 7 
قلت: ولا يخفى ما في الصلاة على رسول الله يَيُّمْ من فضل يأي ذكره في محله. فكيف لا نصلي عليه يلم 
وقد أمر الله عز وجل بالصلاة عليه» بل صلى عليه وملائكته. فما صلاة الموالي وقد صلى المولى؟ لعمري لا 
تزيد المصلى عليه شرفاء وقد صلى عليه خخالق الإنسان ومدبر الأكوان» وإنما الحصول الشرف بما لدى المصلين؛ 
ونزول الرحمة عليهم؛ فالحمد لله رب العالمين» والصلاة والسلام على سيد المرسلين» وآله وأزواجه الطاهرين» 
وصحابته الغر امحجلين» الأنصار منهم والمهاجرين» ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 


539 الأحزاب 33 
38 





نسب البي ميلم 


كر سرد الدسب الركي من محمد سيل إلى آدم عليه السلام 

قال أبو محمد عبد الملك بن هشام النحويء رحمه الله تعالى: هذا كتاب سيرة رسول الله يَيْلُّمْ : محمد بن عبد 
اله بن عبد المطلب (واسم عبد المطلب شيبة) بن هاشم (واسم هاشم عمرو) بن عبد مناف (واسم عبد مناف 
المغيرة) بن قصي (واسم قصي زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر 
ابن كنانة بن خزيعة بن مدركة (واسم مدركة عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد 
ويقال: (أدد) بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشحجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خخليل 
الر<من» بن تارح (وهو آزر) بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ بن عبير بن شال بن إرفحشد بن سام بن 
نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ (وهو إدريس البي بَيكُمْ فيما يزعمون, والله أعلم» وكان أول ب آدم 
أعطي النبوة وخط بالقلم) بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم مَك . انتهى”" 

قلت: قد صح ف الأثر انتسابه يكم إلى عدنان لم يتجاوزه» حى أنه روي عن ابن عباس أنه لما بلغ عدنان 
قال: "كذب النسابون"» مرتين أو ثلاثا. 

وقد كره مالك وجماعة من العلماء أن يرفع الرحل نسبه إلى آدم» وقد اختلف في الأسماء المذكورة بعد عدنان 
احتلافا كثيرا. 


صفة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام 

يقول العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي» رحمه الله تعالى: فاعلم نور الله قلبي وقلبك» وضاعف في هذا 
الببي الكريم حبي وحبكء أنك إذا نظرت إلى حصال الكمال الي هي غير مكتسبة» وفي حبلة الخلقة» وجدته 
عل حائزا لجميعهاء محيطا بشتات محاسنها دون خلاف بين نقلة الأحبار لذلك» بل قد بلغ بعضها مبلغ 
القطع. 

أما الصورة وجمالها وتناسب أعضائه في حسنهاء فقد حاءت الآثار الصحيحة والمشهورة الكثيرة بذلك» من 
حديث علي وأنس بن مالكء وأبي هريرة والبراء بن عازبء وعائشة أم المؤمنين وابن أبي هالة» وأبي ححيفة» 


وجابر بن سمرة وأم معبد وابن عباس ومعرض بن معيقيب وأبي الطفيل» والعداء بن خالد وخريم بن فاتك 


90 سيرة ابن هشام 


39 





تون عزاء وق وص لاه طهر من أنه لم كان ارهز لون * أدعج 0 ار امد 
الأشفار» رز أقن "2 أفلجه ”6 مدور الوحه واسع الحبين» كث اللحية تملأ صدره سواء ا 

والصدرء واسع الصدر عطي التكنين ضنخم العظاس اغبل الغضدين”” والدزاعين كه ل 
والقدمين» سائل الأطرافت 7 انور الل دقيق ال ربعة القد» ليس بالطويل البائن ولا بالقصير 


لمتردد» ومع ذلكء فلم يكن عاشيه أحد ينسب إلى الطول إلا طاوله عَيْلتُّم؛ رحل الشعر»” إذا افتر ضاحكا"” 


قوله: (أزهر اللون)» قيل: نيره» وقيل: حسنه. ومنه: "زهرة الحياة الكنيا", وهو زينتها. وهذاء كما جاء في الحديث الآخر: 
"ليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم"» والأمهق: الناصع البياض» والآدم: الأسمر 

قوله: (أدعج), الدعج: شدة سواد الحدقة 

© قوله: (أبحل)» بفتح الحمزة وسكون النون وفتح الحيم؛ أي ذو بحل» بفتحتين» وهو سعة شق العين 

# قوله: (أشكل)» بفتح الحمزة وسكون المعجمة» من الشكلة» بضم المعجمة وسكون الكاف» وهي حمرة في بياض العين» 
كالشهلة في سوادها 

قوله: (أهدب الأشفار)» في الصحاح, الأهدب: الرحل الكبير أشفار العين» وهي حروف الأجفان الي ينبت عليها الشعر 
وهو ال هدب 
قوله: (أبلج)» بال همزة المفتوحة والموحدة الساكنة واللام المفتوحة والحيم» أي مشرق. وفي الصحاح؛ عن أب عبيدة في حديث 
أم سعيد: أبلج الوجهء أي مشرقه» ولم ترد بلج الحاجبء لأنها وصفته بالقرن 


7" قوله: (أزج)؛ أي مقوس الحاحب مع طول وامتداد 


© قوله: (أقى)» أي محدودب الأنف 

قوله: (أفلج)» من الفلج بفتحتين» وهو تباعد ما بين الثنايا 

قوله: (سواء البطن)» السواءء بفتح المهملة والمد: المستوي 

قوله: (عبل العضدين)» العبل» بفتح المهملة» وسكون الموحدة: الضحم 

قوله: (والأسافل)» أي الفخذين والساقين 

7 قوله: (رحب الكفين)» بفتح الراءه وسكون المهملة» أي واسعها 

قوله: (سائل الأطراف)» أي طويل الأصابع 

77 قوله: (أنور المتجرد)» باللحيم والراء المشددة المفتوحتين» أي ما تحرد عند الثياب من البدن 

قوله: (المسربة)» بفتح الميم وسكون المهملة وضم الراء وفتح الموحدة» حيط الشعر الذي بين الصدر والسرة 
قوله: (رحل الشعر)» بفتح الراء وكسر الحيم وفتحهاء في الصحاح: شعر رجلء إذا م يك كن شديد الجعودة ولا سبطا 
قوله: (إذا افتر ضاحكا). أي إذا بدا أسنانه» حالة أنه ضاحك 





69 
10 
71 


712 


76 
77 


78 


40 





افتر عن مثل سنا البرق» وعن مثل حب الغمام»”” وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من ثناياه؛ أحسن الناس عنقاء 
ولاك لوا و عرو لل 5 

ا ا ا ا 

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله يلم »كأن الشمس تحري في وجهه. وإذا 
شحك لا د 

وقال جابر بن سمرة» وقال له رحل: كان وجهه يَيَلكُّمْ مثل السيف؟ فقال: لا» بل مثل الشمس والقمر» وكان 
مستديرا. 

وقالت أم معبد في بعض ما وصفته به: أجمل الناس من بعيد وأحلاهم وأحسنهم من قريب. 

وفي حديث ابن أبي هالة: يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر. 

وقال علي رضي الله عنه في آخر وصفه له: من رآه بديهة هابه» ومن خالطه معرفة أحبه» يقول ناعته: ل أر قبله 
ولا بعده مثله يِل . 

والأحاديث في بسط صفته مشهورة كثيرة» فلا نطول بسردهاء وقد اختصرنا في وصفه نكت ما جاء فيهاء 
وجملة ثما فيه كفاية في القصد إلى المطلوب. انتهى 57 


فضل الإحسان إلى آله ميلم 
وآنا آل مد عل ققد قال" اله نمالل اق تنتيم: "ف 39 أجالكم غلية لجرا إلذ المرة ف القري 55 


” قوله: (حب الغمام)» هو البرد 

”” قوله: (ليس .مطهم)» هو بضم الميم وبالطاء المهملة والحاء المشددة المفتوحتين: المنتفخ الوجهء وقيل: الفاحش السمن 

'؟ قوله: (ولا .ممكلئم)» هو بالمثلثة المفتوحة: القصير الحنكء الداني الحبهة» المستدير الوجهء أراد أنه كان أسيل الوحه» ولم يكن 
مستديره؛ قاله ابن الأثير 

2 قوله: (متماسك البدن)» أي يمسك بعضه بعضا 

قوله: (ضرب اللحم)» بفتح الضاد المعجمة وسكون الراءء» قال الخليل: الضرب من الرجال: القليل اللحم 
© قوله: (من ذي لة)» اللمة» بكسر اللام: هي شعر الرأس دون الحمة» وسميت به لأنها تلم بالمنكبين 

”* قوله: (في حلة حمراء)» الحلة: ثوبان غير لفيفين» إزار ورداء 

قوله: (فٍ الجدر)» بضم الحيم والدال: جمع جدارء وهو الحائط. انتهى شرح الألفاظ من حاشية الشفا المسماة: مزيل الخفاء عن ألفاظ 
الشفاء للعلامة أحمد بن محمد بن محمد الشمي المتوق سنة: 872هجرية 

”؟ الشفاء بتعريف حقوق سيدنا المصطفى 

58 الشورى21 


56 


41 





ولعل الصلاة على آله ومعاملة الأشراف بالحسئء؛ من باب الشكر لرسول الله عَيَثّمُ عما بلغنا من نور عم 
النفوس» وأزاح الظلمة وكشف الغمة عن أمته؛ اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة» وابعثه 
المقام المحمود الذي وعدته؛ إنك لا تخلف الميعاد. 

قال تعالى: "إنما يريد الله ليدهب عنكم الرجس أهل البيت ويشضهرحم تشضهيرا". 
عن أم سلمة تذكر أن البي َلثم كان ف بيتهاء فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة» فدخلت عليه فقال لها: "ادعي 
زوجحك وابنيك". قالت: فجاء علي والحسين والحسن فدخلوا عليه» فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو 
على منامة على دكان تحته كساء له حيبري» قالت: وأنا أصلي في الحجرة» فأنزل الله عز وحل هذه الآية: 
"إنما يري الله ليدهب عنكم الرجس أهل البيت ويشهرحم تشههيرا". قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم 
بهء ثم أحرج يده فألوى بما إلى السماءء ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بي وخاصي» فأذهب عنهم الرجس 
وطهرهم تطهيراء اللهم هؤلاء أهل بيت وخاصي» فأذهب عنهم الرحس وطهرهم تطهيرا". قالت: فأدخلت 
رأسي البيت» فم فقلت: وأنا معكم يا رسول الله قال: "إنك إلى جيرانك إلى خير". رواه أحمد في مسنده 

عن يزيد بن حيان قال زيد بن أرقم: قام رسول الله يَيكثُّمْ يوما فينا خطيبا مماء يدعى: حماء بين مكة والمدينة» 


89 , 


فحمد الله وأ عليه» ووعظ وذكر. ثم قال: "أما بعد ألا أيها الناس» فإنما أنا بشر يوشلك أن يأقٍ رسول ربي 
فأحيب» وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه المدى والنور» فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به". 
فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: "وأهل بِيِيَء أذك ركم الله في أهل بييَء أذك ركم الله في أهل ببِيء 
أذك ركم الله في أهل بيي". فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه مسن 
أهل بيته» ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: وهم؟ قال: هم آل عليء وآل عقيل» وآل حعفرء وآل 
عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. رواه مسلم 
وكان الشافعي ينشد: 

يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله 

كفاكم من عظيم الفضل أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة 
عن أبي إسحاق عن حنش الكناني قال: سمعت أبا ذر يقول» وهو آخذ بباب الكعبة: أيها الناس من عرفي فأنا 
من عرفتم» ومن أنكرني فأنا أبو ذر» معت رسول الله عَم يقول: "مثل أهل بي مثل سفينة نوح» من ركبها 
بحا ومن تخلف عنها غرق". رواه الحاكم 


5 الأحزاب 33 
40 





يقول الأستاذ عبد المحسن بن حمد العباد البدر: تبين مما تقدم؛ أن عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي 
يم وسط بين الإفراط والتفريط» والغلو والحفاء» وأنهم يحبونهم جميعاء ويتولونهم» ولا يجفون أحدا 
منهم؛ ولا يغلون في أحد» كما أنهم يحبون الصحابة جميعا ويتولونهم؛ فيجمعون بين محبة الصحابة والقرابة. 
وهذا بخلاف غبرهم من أهل الأهواءء الذين يغلون في بعض أهل البيت» ويجفون في الكثير منهم» وفي 
الصحابة رضي الله عنهم. 

ومن أمئلة غلوهم في الأئمة الإث عشر من أهل البيت» وهم: علي والحسن والحسين رضي الله عنهم» وتسعة 
من أولاد الحسين» ما اشتمل عليه كتاب: الأصول من الكافي» للكليي؛ من أبواب منها: 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» خلفاء الله عز وجل ف أرضهء وأبوابه الي منها يؤتى. 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» هم العلامات الي ذكرها عز وحل في كتابه: 

وفي هذا الباب ثلاثة أحاديث من أحاديثهم» تشتمل على تفسير قوله تعالى: "وعلامات» وبالنهجم هم 
يهتحكون". اه بأن النجم: رسول الله صلى الله عليه وآلهء وأن العلامات الأئمة. 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» نور الله عز وجل. 

ويشتمل على أحاديث من أحاديثهم؛ منها حديث ينتهي إلى أبي عبد الله (وهو جعفر الصادق)» في تفسير قول 
الله عز وحل: "الله نور السموات والارض". قال؛ كما زعموا: "مثل نورك كمشكاك": فاطمة عليها السلام 
'فيها محباح": الحسن؛ "المحباح في زجاجة": الحسين؛ "الزجاجة حأنها حوحب حري": فاطمة كوكب 
دري بين نساء أهل الدنياء "توق من شجرة مبارحة": إبراهيم عليه السلام» "زيتونة لا شرقية ولا غربية": 
لا يهودية ولا نصرانية» 'يحاء زيتها يضيء": يكاد العلم ينفجر بماء "ولو لم تمصصسة نار نور على فور": إمام 
نوا ندل ]نف "بوني أله تلورك من يقلو" بدي اله الاكمة عن يشام .: 

باب: أن الآيات الى ذكرها الله عز وجل في كتابه» هم الأئمة. 

وف هذا الباب» تفسير قول الله عز وحل: "وما تغني الآيات والنكر عن قوم لا 000 بأن الآيات: 
الأئمة 

وفيه تفسير قوله تعالى: "كغبوا بآياتفا كلها",” بأن الآيات: الأوصياء كلهم 

ومعين ذلك: أن العقاب الذي حل بآل فرعون» سببه تكذيبهم بالأوصياءء الذين هم الأئمة 


” النحل16 
'” النور35 
2 يونس 101 
” القمر42 

043 





باب: أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم؛ هم الأئمة عليهم السلام. 

باب: أن القرآن يهدي للإمام. 

وفي هذا الباب تفسير قول الله عز وجل: "إن هذا القرآن يهني للتي هي أقوم"”” بأنه يهدي إلى الإمام 

ونه سير قول الن فو او "و العم قفيك" سانكم "باق "لماعي بزلل الأكدة علبي سكم مس 
عقد الله عز وحل أيمانكم 

باب: أن النعمة الي ذكرها الله عز وجل في كتابه: الأئمة عليهم السلام. 

وفيه تفسير قول الله عز وجل: "ألم تر إلى العين بكلوا نعمة الله كفرا"” بالزعم بأن عليا رضي الله عنه 
قال: نحن النعمة الي أنعم الله كما على عباده» وبنا يفوز من فاز يوم القيامة 

وفيه تفسير قول الله عز وجل في سورة الرحمن: "فبأي آلاء ربكما تحدبان"” قال: أبالنبي أم بالوصي 
تكذبان؟ 

باب: عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله» والأئمة عليهم السلام. 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» عندهم جميع الكتب الي نزلت من عند الله عز وحلء وأنهم يعرفونما على 
اختلاف ألسنتها. 

باب: أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام؛ وأنهم يعلمون علمه كله. 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» يعلمون جميع العلوم الى حرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام 
باب: أن الأئمة عليهم السلام» يعلمون مي بوتونء وأنهم لا بعوتون إلا باختيار منهم. 

باب: أن الأئمة عليهم السلام» يعلمون علم ما كان وما يكونء وأنه لا يخفى عليهم الشيء» صلوات الله 
عليهم: 

باب: أن الله عز وجلء» لم يعلم نبيه علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين عليه السلام» وأنه كان شريكه في 
العلم. 

باب: أنه ليس شيء من الحق في يد الناس» إلا ما حرج من عند الأئمة عليهم السلام» وأن كل شيء لم يخرج 
من عيدهم كيل باط 


الإسراء9 
7” النساء33 
“” إبراهيم30 
4 الرحمن14 
44 





وهذه الأبواب تشتمل على أحاديث من أحاديثهم» وهي منقولة من طبعة الكتاب» نشر مكتبة الصدوق 
بطهران» سنة (1381هجرية). 

ويعتبر الكتاب من أجل كتبهم؛ إن لم يكن أجلهاء وفي مقدمة الكتاب» ثناء عظيم على الكتاب وعلى مؤلفه» 
وكانت وفاته سنة: 329هجرية. وهذا الذي نقلته منه» نماذج من غلو المتقدمين في الأئمة» أما غلو المتأحرين 
فيهم» فيتضح من قول أحد كبرائهم المعاصرين» الخميئ في كتابه: "الحكومة الإسلامية". صفحة52 من 
منشورات المكتبة الإسلامية الكبرى طهران: وثبوت الولاية والحاكمية للإمام (ع)» لا تعني تحرده عن متزلته 
الي هي له عند الله» ولا تجعله مثل من عداه من الحكام؛ فإن للإمام مقاما محموداء ودرجة سامية» وخلافة 
تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون؛ وإن من ضروريات مذهبنا: أن لأثمتنا مقاما لا 
يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسلء وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث,» فإن الرسول الأعظم (ص) 
والأئمة (ع)» كانوا قبل هذا العالم أنواراء فجعلهم الله بعرشه محدقين» وجعل لحم من المنزلة والزلفى ما لا 
يعلمه إلا الله وقد قال جبرائيل كما ورد في روايات المعراج: لو دنوت أنملة لاحترقت. وقد ورد عنهم (ع): 
إن لنا مع الله حالات» لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل. انتهى*” 

ولا يملك المرء» وهو يرى أو يسمع مثل هذا الكلام؛ إلا أن يقول: "ربنا لا تزخ قلوبئا بعد !ء هنيتنا وهب 
لنا من لائطة رحمة: إنة أنت و77 

وكل من له أدن بصيرة» يجزم أن ما تقدم نقله عنهم وما يشبههء كذب وافتراء على الأثمة» وأنهم برآء من 
الغلاة فيهم وغلوهم. ا 100 


الكلام على صحابه يللم 


وأما صحابته َيَككُّم ؛ فيكفيهم رفعة وجلالا قول الله تعالى: "محمه رصول اللهء والعين معه أشداء على الكفار 
.« 101 


فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة 
*” آل عمران8 
"' فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة 
9 الفتح29 
45 





قلت: وأجمع الجمهور على أن الصحابة رضوان الله عنهم عدولء لا يماري في عدالتهم سوى من لا حظ له في 
دين الإسلام» إلا أنهم غير معصومين من الخطأء إذ العصمة لا تكون إلا للرسل والأنبياء عليهم الصلاة 
والسلام. 

فلتحترز أيها الأخ الصادق من الوقوع فيهم بما لا يرضي الله عز وحلء وهو القائل سبحانه: 'والسابقون 
الأولون من المهاجرين والأنصار والعين اتبعودهم بإحسان رض الله عنهم ورضوا عنة. وأعد لهم جنات 
تجري تحتها الأنهار خالنين فيها أبداء علطة الغو ال 7 
عن عبد الله رضي الله عنه» عن البي يَيْكُمْ قال: "خير الناس قريء ثم الذين يلوفم, ثم الذين يلوه ثم يجيء 
أقوام تسبق شهادة أحدهم بمينه» وبمينه شهادته". قال إبراهيم: وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد. رواه 
البحاري 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي مُه : "لا تسبوا أصحابي» فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد 
ذهباء ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". رواه البخاري 

ولا يخفى عليك دسائس المتحينين الفرص» ومتتبعي ترهات القصاصين» وغلاة الشيعة» من لا يراعون فيهم إلا 


ولا ذمة. 


نر اتتعكيم 

يقول القاضي أبو بكر بن العربي: وقد تحكم الئاس ف التحكيم؛ فقالوا فيه ما لا يرضاه الله» وإذا لحظتموه بعين 
المروءة دون الديانة» رأيتم أكما سخافة حمل على سطرها في الكتب في الأكثر» عدم الدين» وفي الأقل» جهل 
والذي يصح من ذلك ما روى الأئمة» كخليفة بن خياط والدارقطين: أنه لما حرج الطائفة العراقية مائة ألف» 
والشامية في سبعين أو تسعين ألفاء ونزلوا على الفرات بصفينء اقتتلوا في أول يوم وهو الثلاثاء» على الماء» 
فغلب أهل العراق عليه. 

ثم التقوا يوم الأربعاء» لسبع حلون من صفرء سنة سبع وثلاثين» ويوم الخميس» ويوم الجمعة وليلة السبت» 
ورفعت المصاحف من أهل الشام؛ ودعوا إلى الصلح, وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجحل» حق 
يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق» فكان من جهة علي أبو موسى» ومن جهة معاوية عمرو بن 
العاص» وكان أبو موسى رجلا تقيا ثقفا فقيها عالماء حسبما بيناه في (سراج المريدين)» أرسله البي ييل إلى 
اليمن مع معاذ» وقدمه عمر وأثئ عليه بالفهم؛ وزعمت الطائفة التاريخية الركيكية أنه كان أبله ضعيف الرأي 


102 التوبة1 
46 





مخدوعا في القول» وأن العاص كان ذا دهاء وأرب» حي ضربت الأمثال بدهائه» تأكيدا لما أرادت من الفساد. 
اتبع في ذلك بعض الجهال بعضاء وصنفوا فيه حكايات» وغيره من الصحابة كان أحذق منه وأدهى» وإنما بنوا 
ذلك على أن عمرا لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم؛ صار له الذكر في الدهاء والمكر. 

وقالو: أهماء لما احتمعا بأذرح من دومة الحندل» وتفاوضاء اتفقا على أن يخلعا الرحلين. فقال عمرو لأبي 
موسى: اسبق بالقول» فتقدم فقال: إن نظرت فخلعت عليا عن الأمر» وينظر المسلمون لأنفسهم؛ كما خلعت 
سيفي هذا من عنقي» أو من عاتقي» وأخرجه من عنقه فوضعه في الأرض؛ وقام عمرو؛ فوضع سيفه في الأرض 
وقال: إن نظرت فأثبت معاوية في الأمر» كما أثبت سيفي هذا في عاتقي» وتقلده؛ فأنكر أبو موسىء فقال 
عمرو: كذلك اتفقناء وتفرق الجمع على ذلك من الاختلاف. 


الرد على فربة الحكيم 

قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: هذا كله كذب صراحء ماجرى منه حرف قطء وإنما هو شيء أخبر عنه 
المبتدعة» ووضعته التاريخية للملوكء فتوارثه أهل المحانة والجهارة بمعاصي الله والبدع» وإنما الذي روى الأئمة 
الثقات الأثبات» أنهمما لما اجتمعا للنظر في الأمر» في عصبة كرعة من الناس» منهم ابن عمر ونحوه» عزل عمرو 
معاوية. 

ذكر الدارقطن بسنده إلى حضين بن المنذر: لما عزل عمرو معاوية» جاء (أي حضين بن المنذر)» فضرب 
فسطاطا قريبا من فسطاط معاوية» فبلغ نبأه معاوية» فأرسل إليه فقال: إنه بلغي عن هذا (أي عن عمرو) كذا 
وكذاء فاذهب فانظر ما هذا الذي بلغئ عنه, فأتيت فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وليت أنت وأبو موسى» 
كيف صنعتما فيه؟ قال: قد قال الناس في ذلك ما قالواء والله ما كان الأمر على ما قالواء ولكن قلت لأبي 
موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله عَيَلّمَ وهو عنهم راضء قلت: فأين 
تحعلين أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة» وإن يستغن عنكما فطالما استغيئ أمر الله عنكماء 
قال: فكانت هي الي فتل معاوية منها نفسه. فأتيته فأحبرته (أي فأتى حضين معاوية فأحبره) أن الذي بلغه عنه 
كما بلغهء فأرسل إلى أبي الأعور الذكوان فبعثه في حيله» فخرج يركض فرسه ويقول: أين عدو اللهء أين هذا 


الفاسق؟ 


41 


قال أبو يوسف: أظنه قال: "إنما يريد حوباء نفسه"» فخرج (عمرو) إلى فرس تحت فسطاطه؛ فجال في ظهره 
عرياناء فحرج يركضه نحو فسطاط معاوية وهو يقول: "إن الضجور قد تحتلب العلبة» يا معاوية» إن الضحجور 
5 للب : لاله واوا "سنا وكاس وجيف لاني تاق الم 1 

قال الدارقطئ» وذكر سندا عدلا: ربعي عن أبي موسى أن عمرو بن العاص قال: "والله لئن كان أبو بكر 
وعمر تركا هذا المال وهو يحل لهما منه شيء لما غبنا ونقص رأيناء وأيم الله ما كانوا مغبونين ولا ناقصي الرأي» 
ولئن كانا امرأين يحرم عليهما هذا المال الذي أصبناه بعدهما لقد هلكنا". 

فهذا كان بدأ الحديث ومنتهاه» فأعرضوا عن الغاوين وازجروا العاوين» وعرجوا على سبيل الناكثين» إلى سنن 
المهتدين» وأمسكوا الألسنة عن السابقين إلى الدين» وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الحالكين بخصومة 
أصحاب رسول الله عَيلُّم» فقد هلك من كان أصحاب البي يَيْلُّْمْ حصمه؛ ودعوا ما مضى» فقد قضى الله فيه 
ما قضى» وخحذوا لأنفسكم الحد فيما يلزمكم اعتقادا وعملاء ولا تسترسلوا بألسنتكم فيما يعنيكم مع كل 
ناعق اتخذ الدين هملاء فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاء ورحم الله الربيع بن خيثم» فإنه لما قيل له: قتل 
الحسين» قال: أقتلوه؟ قالوا: نعم» فقال: "اللهم فاضر السماوات والارض عالم الغيب والشهاءةء أنت 
تحكم بين عباحة فيما كانوا فيه يختلفون" 4" 

ولم يزد على هذا أبداء فهذا العقل والدين» والكف عن أحوال المسلمين» والتسليم لرب العالمين. انتهى !1 


يا الفاحط ما آمنا هيه أيهم الفحيك ؤ قراس 
كلامي رموز لمواليه ‏ بيما جوز تابيد 


يقول: أيها القاصد ما نحن فيه» افهم القصيد وقوافيه» كلامي رموز لأهله؛ فيما يجوز لي أن أقوله وأوافيكم به 
والمعيئ: أيها القاصد ما نحن فيه وعليه من رعاية وروعة» فأما الرعاية فرعاية الراعى عز وحلء وأجمل بها رعاية؛ 
وأما الروعة» فروعة الجلوس بين يدي الله والتملى في طلعته؛ ومناجاته في غفلة عن العيون والرقاب» فما أنماها 


من روعة. 


'' ابن سيده: وناقة ضجور: ترغو عند الحلب. وف المثل: قد تحلب الضجور العلبة؛ أي قد تصيب اللين من السيء الخلق. قال 
أبو عبيد: من أمثالهم في البخيل يستخرج منه المال على بخله: إن الضجور قد تحلب. أي إن هذاء وإن كان منوعاء فقد ينال منه 
الشيء بعد الشيء» كما أن الناقة الضجور قد ينال من لبنها. انتهى من لسان العرب 
104 الزمر46 
7"! العواصم من القواصم 

48 





أيها القاصد ما نحن فيه تريد فك القيود عن معصميك» وكشف الحجاب عن عينيك» وتبتغي الثأر لنفسك 
الي بين جنبيك» لا عليك. 

أيها الأسير في سراحه. أيها الحسير في انشراحه. أيها الحزين في أفراحه» أيها الأعشى في صباحههء أيها الذليل 
في عزه وكبريائه» أيها الباهت في كائه» تراك جثتنا تريد الله تعالى أم تريد ما عند الله؟ إن كنت تريد المولى» 
فنحن أهله وأنت أهل لمعرفته» وإن كنت تريد ماعنده فقد ضللت السبيل وحاب مسعاكء فاقصد أهل المكافأة 
والإشرافء ودع أهل المكاشفة والإنصاف» وحذ ما شئت من الحزاء» ولا تسأل عن وجهه يوم اللقاءء فما 
عبدته لوجحهه» ولكن اسأل عن الخيرات والهبات» حي إذا وفاك أحرك فاقبع في النعيم المقيم» ولا تفرح 
بالزيادة» فإفها من نصيب السادة» الذين لا يطلبون جزاء على العبادة» إذ ذاك من البلادة؛ فإن كان عملك من 
عندك؛ فاطلب الجزاء» وإن كان بتوفيق منه» فما جزاؤك سوى أن يوفقك مولاك للشكر والرضا. 

يقول الشيخ: افهم القصيد وقوافيه» فإن كلامي رموز يفهمها أهلهاء إذ بالإشارة يفهم اللبيب. 

قلت: والفهم أشد من العلم» قال تعالى: "ففهمناها سليمان» وكلا آتينا حكما ا 

ويقول الشيخ, أنه سيخبر ما يجوز له الإخبار به 

عن أبي هريرة قال: حفظت من رسول الله يكم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته» وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا 
البلعوم. رواه البخاري 

عن عبد الله بن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم, إلا كان لبعضهم فتنة. رواه مسلم في 
سحنطة 

يقول الشيخ أبو ا محاسن رحمه الله تعالى: إن العبد إذا صدق وأخلص لربه؛ فين عن نفسه وبقي بربه» وذهبت 
بشريته واضمحلت أنانيته» فتتجلى له أوصاف معروفة كرؤية العين» ويكون بسره مع الله بلا أين» فينازل 
حضرة قدسه وموارد أنسه فيكون الله سبحانه جليسه وحديثه أنيسه. فإن تكلم فبالله» وإن صمت فمع الله. 
فشبحه يتدلى» وروحه في الملا الأعلى. 

(ففي هذه الحالة: بحري عليه علوم سنية وحقائق مية لم تكن له ببال» ولم تنسج له على منوال. فيختلج في 
سرهء وينطق عن وجده؛ فيلهج بما اللسان وتسطرها البنان» من غير قصد واختيار أو رجوع لرسم واعتبار» 
فمن صدرت منه حقائق على الوجه المذكور والوصف المسطور؛ فلا يتعدها من لم يفهمهاء أو يبحث في 
لفظها من لم يعلمهاء لأها بالعناية محفوظة وبالرعاية ملحوظة. فصاحبها مأخحوذ عن العالم الأدن» مترق إلى 
العالم الأسيئ» مقتبسا من قوله تعالى: "فكان قاب قوصين اد منسما بروحه: "فأوجى إلى عبكك ما 


6 الأنبياء 78 


107 النجم9 
49 





1 م 108 5 : : 5 
أوحى. ‏ فلا ينطق عن الموى» فيمنح حينئذ وحي إلهام لا وحي إنشاء وإعلام. فمن وصفها بأها صدرت 


عن فهم أو أسندت 0 علم؛ فقد استنقص صاحبهاء وجهل قدره". اه 107 


وناف الكين 2 الكامي شلا رسوم وارفام 


يقول: الشريعة ليست قصدي ومرامي» فهي مجمع الأحكام الشرعية الي تحكم قبضتها علي» وهي توثق الدين 
بأغلانها حي يسيل دمه» وما أكثر رسومها وخطوطها ورقومها في الصحائف والكتب والأسفار 
والمعى: ليست الشريعة مبتغاي ومرامي» ولا يريد الشيخ بقوله هذاء نبذ الشريعة أو الإقلال من شأفاء وإنما 
يقصد البقاء مع الشريعة والسكون إليها. 
قال في المباحث: 
هل ظاهر الشرع مم الحقيقة إلا كأصل الفرع في الحديقة؟ 
والشرع ‏ جار وصحيح العقل- كحذوك2 النعل معا 2 بالنعل 
فلا . “حل ١‏ لفل «التقول.. ]إل كين ااض بمحهول 
حق - إذا ‏ أخرحه 2 الغواص 0 لم يكن للدر إذن 2 خلاص 
وإِعا خلاصه ف الكشف عن الغطاء ‏ حيث لاا يستخفي 
فالصدف الظاهر 2 ثم الدر 2 معقوله 2 والجهل ذاك 2 البحر 
وإنما المعقول في شكل الحروفب02- كما يكون الدر في جوف الصدوف 
هل ظاهر الشرع وعلم الباظن- ١‏ ]3 كتحسع. افيه ١‏ روح 10 
الدين عقيدة وشريعة ومعاملات» والعقيدة تصورات عقائدية غيبية على رأسها التوحيد» والشريعة أحكام فقهية 
وأصول يستعان بما على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية» والمعاملات عقود وأخلاق. 
ويمكن أن نقول: العقيدة منها علم التوحيد: ويختص بالأسماء والصفات» ومنها علم الوحدة: ويختص بشهود 
الواحد الأحد. 


108 النجم10 
0 مرآة الحاسن من أخبار الشيخ أبي الحاسن 
9 المباحث الأصلية 
530 





والشريعة: منها علم الأحكام, ويخص الحكم الشرعي بأقسامه الخمس» من واحب ومحظور ومستحب ومكروه 
وجائز. ومنها علم الأفهام؛ ويخص سبل الترقي إلى حضرة الحكيم العلام. 

أما المعاملات» فتخص تعامل العبد مع العبد» وتعامل العبد مع المولى. 

لذلك نقول: توحيدنا وحدة» وشريعتنا حقيقة» ومعاملاتنا تأدب مع الباري عز وجل. 

يقول صاحب الصلاة المشيشية رحمه الله تعالى» في صلاته: "وزج بي في بحار الأحدية» وانشلئ من أوحال 
التوحيد» وأغرقي في بحر عين الوحدة» حى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحسء إلا بم" 111 

وقد وصف الشيخ الشريعة بأنها بجمع الأحكام في قوله: "بجمع الاحكام احكامي" 

أي الشريعة الى ما هي سوى مجمع للأحكام» هي إحكامي» حكمتئ وقيدتئ في أفقها الضيق» فلم أستطع 


حراكاء وقد وثقت الدين حجن أدمتهى بكثرة رسومها وأرقامها. 


!!! وهذا نص صلاة سيدي عبد السلام بن بشيش رحمه الله تعالى: اللهم صل على من منه انشقت الأسرار وانفلقت الأنوار» 


وفيه ارتقت الحقائق» وتنزلت علوم آدم فأعجز الخلائق» وله تضاءلت الفهوم فلم يدركه منا سابق ولا لاحق» فرياض الملكوت 
بزهر جماله مونقة» وحياض الحبروت بفيض أنواره متدفقة» ولا شيء إلا وهو به منوطء إذ لولا الواسطة لذهب (كما قيل) 
الموسوطء صلاة تليق بك منك إليه كما هو أهله. اللهم إنه سرك الجامع الدال عليك» وحجابك الأعظم القائم لك بين يديك» 
اللهم ألحقي بنسبه» وحققئ بحسبه» وعرفيئ إياه معرفة أسلم يما من موارد الجهل» وأكرع يما من موارد الفضلء؛ واحملئي على 
سبيله إلى حضرتك حملا محفوفا بنصرتكء واقذف بي على الباطل فأدمغه» وزج بي في بحار الأحدية» وانشلئ من أوحال التوحيدء 
وأغرقيٍ في عين بحر الوحدة» ح لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا يما. واجعل الحجاب الأعظم حياة روحي» وروحه سر 
حقيقي» وحقيقته جامع عوالمي بتحقيق الحق الأولء يا أول يا آحر يا ظاهر يا باطن؛» اسمع ندائي ما معت به نداء عبدك زكرياء 
وانصرني بك لكء وأيدني بك لكء واجمع بين وبينك» وحل بي وبين غيرك الله الله الله 

"إن الغي فرض عليط القرآن لراحطة إلى معاء". القصص85 

"ربئا آتغا من لانة رحمخ وهيى, لنا من أمرنا رشدا". الكهف10 


"إن الله وملايكته يون على النبيء يا أيها العين آمنوا صطوا عليه وسلموا تمليما". الأحزاب56 


531 





أ عايض فى الهاهر 1[ الغاءي فى الصضالصر 
شرع العفيه فى المماخضر شرع الله فى اغوالصر 


يقول: أيها الخائض في ظاهر الدين» أيها الغادي في طريق المخاطرء ألا تعلم أن شرع الفقيه في طلبته بالأمر 
والنهي والتعزير» أما شرع الله تعالى» فقد جبلت عليه الخواطر» فلا يحتاج إلى شيء من ذلك؟ 

والمعئ: قلت: الإإنسان روح وجسدء والكون سماوات وأرضون» والزمان ليل ومار» والوجود حياة وموت» 
والمرض عضوي ونفسيء والمرء بين يقظة ونوم» وبين علم وفهم, والكلام عبارة وإشارة» ومببئ ومعينء والحال 
منظر ومخبر» والأمر لا هوت وناسوتء» فكيف لا يكون الدين ظاهرا وباطنا؟ 

وإذا كانت الشريعة ظاهرة والمشرعون أهلهاء فإن الحقيقة باطنة والمحققون أهلها. 

وإذا اكتفيت أيها الطالب في أداء صلاتك ,ما قاله الفقهاء» فأحسنت التكبير وجهرت به ووضعت اليمئى على 
اليسرى في قنوتك» ووفيت ركوعك وسجودك» وقرأت هما قرأ به رسول الله يكم من قرآن» ودعوت ما دعا 
به فهل أديت صلاتك يما يرضى الله عز وجل؟ أم أنك أتقنت هيأة الجسد ونسيت التوجه إلى الواحد الأحد؟ 
أأردت بصلاتك وجه لله ؟ أم أردت وجه الناس؟ استحضرت في صلاتك هيبة المعبود» أم بقيت مع الركوع 
والسجود؟ نسيت الدنيا .ما فيهاء وأنت في حضرة الرب» أم أسكنت ليلى في القلب وادعيت حب الرب؟ 
فأما البدن» فدعه للفقهاء فهم أدرى بتقويمه» وأما النفسء فول السالكين أمرهاء فهم أدرى ما يصلحهاء حي 
لا ترى مع ال مولى الموالي» فتكون قد أصبت السية قُِ صلاتك» وحجمعت بين ظاهرها وباطنهاء فكان أجحرك 


أحرين. 


52 


الوي4ك2 يعجوم هسايم والشوك عامي فى البغايم 


يقول: أطلق لروحك سراحها يا ابن آدم» وإياك أن تروح بالندامة» فإن الورد يفوح بالنسائم العليلة» أما 
الشوك» فمى داسته البهائم أدماها. 


والمعى: فصل في ذم التشدد في الدين 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن رسول الله عَككُمُ قال: "إن هذا الدين متين» فأوغل فيه 
برفق» ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربكء فإن المنبث لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى» فاعمل عمل امرئ تظن أن 
لن يموت أبداء واحذر حذرا تخشى أن تموت غدا". أخرجه الإمام البيهقي في شعب الإبمان 

عن ابن عباس قال: قال رسول الله لم غداة العقبة» وهو على ناقته: "القط لي حصى"؛ فلقطت له سبع 
حصيات» هن حصى الخذف. فجعل ينفضهن في كفه ويقول: "أمثال هؤلاء فارموا", ثم قال: "يا أيها الناس» 
إياكم والغلو في الدين» فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". أخرحه ابن ماحة ف سننه 

عن عون بن أبي جححيفة عن أبيه قال: آحى البي يلم بين سلمان وأبي الدرداءء فزار سلمان أبا الدرداء» فرأى 
أم الدرداء متبذلة» فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أحوك أبو الدرداء» ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء» 
فصنع له طعاماء فقال: كلء» قال: فإني صائمء قال: ما أنا بآكل حت تأكلء» قال: فأكلء فلما كان الليل» 
ذهب أبو الدرداء يقوم» قال: ثم» فنام» ثم ذهب يقوم» فقال: ثم. فلما كان من آخر الليل» قال سلمان: قم 
الآن؛ فصلياء فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاء ولنفسك عليك حقاء ولأهلك عليك حقاء فأعط كل ذي 


حق حقه. فأتى النبي يَيكثّمْ فذكر ذلك له فقال النبي عَيكُمُ : "صدق سلمان". أخرجه الإمام البخاري في صحيحه 


جناوك بالشرع و«التزيل حرووك بالكفر والتفتيل 
نكر انار بلا تويل تجخع العيوب 1 الويل 


يقول: جندوك بالشرع والتزيل» وسلحوك بالكفر والتقتيل» تكفر الناس بغير هوادة» وتفضح عيوهم أيها 


الإمعة 


53 


والمعئ: أيها الضال من حيث يظن أنه على حقء لقد أحذت الدين من أدعيائه الذين شددوه وغالوا فيف 
فجندوك بما أوهموك أنه شرع الله تعالى» وبما أولوه لك من كتاب الله تعالىم» على خلاف ما أراد الله تعالى به 
وسلحوك بالتكفير والتقتيل في عباد الله تعالىم» فكفرت الناس وهم مؤمنون» بدون سلطان ولا حجة» وفضحت 
عيويمم ونسيت عيبكء إذ الكمال لله تعالى» أليس كذلك أيها الإمعة؟ 


حكم النتوى وشروط المنتي 
قلت: وقد تصدى في زماننا هذا للخطابة والوعظ من ليس أهلا لذلك؛ وادعى الفقه المتفيقهون» وأوهموا الناس 
بأهم فقهاء» فصدقوا أنهم كذلكء؛ فليت شعري من هو الفقيه؟ 
وتمادى الجهل بالعامة» حي موا كل من يحدث في بيت الله تعالى محدثاء ولو علمت العامة من هو المحدث في 
الاصطلاح؛ لنبذوا محدثيهم ول يبقوا منهم إلا القليل. 
وصار كل من هب ودب يفي في الدين بما يعلم وما لا يعلم» بل أكثر من ذلك؛ ادعى قوم الاجتهاد في الدين؛ 
وهم لا يدرون شروط ابحتهد. 
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: اعلموا وفقنا الله تعالى وإياكم» أن حكم المتعبد بأوامر الله تعالى ونواهيه» 
المتشرع بشريعة نبيه عليه السلام» طلب معرفة ذلك وما يتعبد به» وما يأتيه ويذره» ويجب عليه ويحرم ويباح له 
ويرغب فيه» من كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه السلام؛ فهما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من 
قبلهماء ولا يعبد الله تعالى إلا بعلمهما؛ ثم إجماع المسلمين مرتب عليهما ومسند إليهماء فلا يصح أن يوجد 
وينعقد إلا عنهماء إما من نص عرفوه ثم تركوا نقله» أومن اجتهاد مب عليهما على القول بصحة الإجماع من 
طريق الاجتهاد. 
وهذا كله لا يتم إلا بعد تحقيق العلم بذلك الطريق والآلات الموصلة إليه» من نقل ونظر وطلب قبله» وجمع 
وحفظ وعلم؛ وما صح من السنن واشتهر» ومعرفة كيف يتفهم, وما به يتفهم من علم ظواهر الألفاظ, وهو 
علم العربية واللغة وعلم معانيها» وعلم موارد الشرع ومقاصده؛ ونص الكلام وظاهره وفحواه وسائر نواحيه» 
وهو المعبر عنه بعلم أصول الفقه» وأكثره يتعلق بعلم العربية ومقاصد الكلام والخطاب, ثم يأخذ قياس ما لم 
ينص عليه على ما نصء بالتنبيه على علته أو شبيها له» وهذا كله يحتاج إلى مهلة» والتعبد لازم لحينه. 
ثم الواصل إلى هذا الطريق» وهو طريق الاجتهاد والحكم به في الشرع قليل؛» وأقل من القليل بعد الصدر الأول 
والسلف الصالح والقرون المحمودة الثلاثة. 


54 


وإذا كان هذاء فلا بد لمن لم يبلغ هذه المنزلة من المكلفين أن يتلقى ما تعبد به وكلف به من وظائف شريعته 
من ينقله له ويعرفه به» ويثبته عليه في نقله وعلمه وحكمه؛ وهذا هو التقليد ودرجة عوام الناس» بل أكبرهم. 
م 112 

قال ابن أي أويس: سمعت مالكا يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأحذونه» لقد أدركت سبعين ممن 
يقول: قال رسول الله يَيْكُّمْ عند هذه الأساطين» وأشار إلى المسجدء فما أحذت عنهم شيئاء وإن أحدهم لو 
أؤتمن على بيت مال لكان أميناء إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن. انتهى 13 

وقال اليثم بن حبيل: شهدت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة» فقال في اثنين وثلاثين: لا أدري. انتهى14! 

وقال مالك: سمعت ابن هرمز يقول: يجب أن يورث العالم جلساءه قول: "لا أدري"؛ حب يكون ذلك أصلا في 
أيديهم يفزعون إليهء فإذا سئل أحدهم عما لا يروي قال: لا أدري. انتهى*' 

قال ابن أبي أويس: ما كان يتهيأ لأحد بالمدينة أن يقول: قال رسول الله يَيلنُمْ إلا حبسه مالكء فإذا سكل فيه 


1 


قال: يصحح ما قال ثم يخرج. 1 


جواز التقليد لمن قصر عن الاجتهاد 
قال أبو الفتح المعفي: وقالوا غاوين: لا نأحذ سوى من كتاب الله وسنة رسوله يَيكُم» وهي كلمة حق أريد 
ما باطل» فاستخرجوا الأحكام على قلة علمهم بأصولما ومظافها وطرق استنباطهاء ولم يحفلوا لأقوال العلماء» 
رغم أنهم يعيشون بين أظهرهمء ونبذوا المذهبية الفقهية» فتعددت المذاهبء؛ واحتلفت المشارب» لكل مذهبه؛ 


وما منهم إلا وله مشربه» فضلوا وأضلواء وأحشى ما أحشى عليهم سوء الا 1 


7 ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 
113 المرجع 5 
114 المرجع ان 
115 ا مرجع 1 
116 المرحع 00 
7!! يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطى: ماذا يحدت لو انساب الناس جميعا في بيداء اللامذهبية؟ 

وبعد كل ما أوضحناه وسردناه من الأدلة القاطعة نتسائل: ماذا لو أعرضنا عن كل هذه الأدلة؟ ودعونا الناس (اجتهادا منا) إلى 
الانطلاق من قيد المذاهب واتباعهاء والانسياح في رحب الاجتهاد؟ 

وأقول لك في الجواب: ماذا يحدث لو دعونا الناس كلهم إلى الانطلاق في مشاريعهم العمرانية» عن اتباع المهندسين والاستعانة 
بحم والاعتماد عليهم» وفي قضاياهم وعلاجاتهم الصحية عن اتباع الأطباء والاعتماد عليهم والأحذ بأقوالهم» وقي صناعاهم 
وأسباب معايشهم, عن اتباع أرباب الاختصاص في تلك الصناعات» ونبذ الاستفادة من معلوماقم ومهاراتهم؛ ماذا يحدث لو 


35 





وأنشؤوا طوائف شقت عصا الطاعة» كل طائفة تكفر أحتهاء كل طائفة تدعي أنها الفرقة الناحية المقصودة في 
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وإذا كان هذاء فالواجب تقليد العالم الموثوق به في ذلك» فإذا كثر العلماء 
فالأعلم» وهذا حظ المقلد من الاجتهاد لدينه» ولا يترك المقلد الأعلم ويعدل إلى غيره» وإن كان مشتغلا بالعلم 
فيسأل حينئذ عما لا يعلم حي يعلمه» كما قال تعالى: "فاسألوا أهل الءكر إن كنتم لا 117 
117 

ثم احتلفت الآراء والهمم في تعيين المقلد منهم؛ بحسب ما اعتقدوه فيه أنه هو الأعلم والأولى بالإتباع» إما من 
اعتقاد اعتقدوه أو انتشار ذكر وثناء سمعوه» أو من اتباع له اعتمدوه» أو من تقليد لآبائهم أو أهل بلادهم 
نشأوا عليه وألفوه» فكان المقلدون المقتدى .مذاهبهم؛ أصحاب الأتباع في سائر الأقطار والبقاع قبل كثرة: 
مالك بن أنس بالمدينة وأبو حنيفة والثوري بالكوفة» والحسن البصري بالبصرة على ما تقدم منه» والأوزاعي 
بالشام» والشافعي ممصرء وأحمد بن حنبل بعده ببغداد» وكان لأبي ثور هناك أيضا أتباع. ثم نشأ ببغداد أبو 
جعفر الطبري وداود الأصبهان» فألفا الكتب واختارا في المذاهب على آراء أهل الحديث» واطرح داود منها 
القياس» وكان لكل واحد منهما أتباع» وسرت جميع هذه المذاهب في الآفاق» فغلب مذهب مالك على 


الحجاز والبصرة ومصر وما والاهاء من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى» إن بلاد من أسلم من 


دعونا الناس كلهم إلى الخروج عن اتباع هؤلاء المختصين» والاستعاضة عن ذلك بالاحتهاد في كل ذلكء واعتماد القناعة الذاتية 
الي تأت بعد البحث والاحتهاد, ثم صدقنا الناس في هذه الدعوة وفعلوا ذلك؟ 
إن الذي سيحدث وراء ذلك بلا شك؛ هو الفوضى المهلكة للعمران والحرث والنسل: يعمد الناس إلى تخريب بيوقم عن طريق 
التعمير» ويسرعون إلى إزهاق أرواحهم باسم التطبب» ويجرون على أنفسهم الفقر والضياع» من وراء العمل والتصنيع» ذلك 
لأنهم وضعوا الاجتهاد في غير مكانه» وطبقوه بدون شرطه. وتجاهلوا سنة الله في الكون» من ارتباط فئات الناس بعضهم ببعض» 
في محال التعاون والتناصر والتعلم والاسترشاد. انتهى من اللامذهبية أخطر بدعة قدد الشريعة الإسلامية 
118 النحل43 
9 فجاء التابعون» فنظروا في اختلافهم (أي في احتلاف الصحابة رضي الله عنهم) وبنوا على أصوهم؛ ثم جاء من بعدهم العلماء 
من أتباع التابعين» والوقائع قد كثرت والنوازل قد حدثتء والفتاوى في ذلك قد تشعبت» فجمعوا أقاويل الجميع» وحفظوا 
فقههم؛ وبحثوا عن اختلافهم واتفاقهم؛ وحذروا انتشار الأمر» وخخروج الخلاف عن الضبط» فاجتهدوا في جمع السئن وضبط 
الأصولء» وسكئلوا فأحابواء وبنوا القواعد ومهدوا الأصول وفرعوا عليها النوازل» ووضعوا في ذلك للناس التصانيف وبوبوهاء 
وعمل كل واحد منهم بحسب ما فتح عليه ووفق له. فانتهى إليهم علم الأصول والفروع والاختلاف والاتفاق» وقاسوا على ما 
بلغهم ما يدل عليه ويشبه» رضي الله عنهم جميعهم ووفاهم أجر اجتهادهم. فالمتعين على المقلد العامي وطالب العلم المبتدئ» أن 
يرحع في التقايد لهؤلاء» لنصوص نوازله؛ والرجوع فيما أشكل من ذلك إليهم» ولاستغراق علم الشريعة ودورها عليهم 
وإحكامهم النظر في مذاهب من تقدمهمء وكفايتهم ذلك لمن جاء بعدهم. انتهى من ترتيب المدارك 

56 





السودان إلى وقتنا هذاء وظهر ببغداد ظهورا كثيراء وضعف يما بعد أربعمائة سنة» وضعف بالبصرة بعد 
خمسمائة سنة» وغلب من بلاد خراسان على قزوين وأيهر» وظهر بنيسابور» وكان يما وبغيرها أئمة ومدرسون» 
سنذكر منهم بعد ف طبقاهم من ألهم الله تعالى إليه» وكان ببلاد فارس» وانتشر باليمن وكثير من بلاد الشام» 
وغلب مذهب أبِي حنيفة على الكوفة. انتهى 120 

وصار الناس اليوم ف أقطار الدنيا إلى خمسة مذاهب: مالكية وشافعية وحنفية وحنبلية وداودية» وهم المعروفون 
بالظاهرية 

فحق على طالب العلم ومريد تعرف الصواب والحق» أن يعرف أولاهم بالتقليد» ليعمل على مذهبه ويسلك في 
التفقه سبيله» وها نحن نبين أن مالكا رحمه الله تعالىم» هو ذلكء» لجمعه أدوات الإمامة وتحصيله درجة الاجتهاد, 
وكونه أعلم القوم بأهل زمانه» وإطباق أهل وقته على شهادتهم له بذلك وتقديمه» وهو القدوة والناس إذ ذاك 
ناس والزمان زمان. ثم للأثر الوارد في عال المدينة الى هي داره وانطلاق هذا الوصفء ولإضافة على ألسنة 
الجماهير» وموافقة أحواله الحال الي أخبر في الحديث عنه؛ وتأويل السلف الصالح أنه المراد به» وتفصيل الكلام 
في ذلك وبسطه في فصلين: 

أولهما: ما اعتمد النقل والأثر» وفي ذلك ترجيحان 

والثاني: مسلكه الاعتبار والنظر» وفيه ثلاث ترجيحاتء فانتهينا ف ترجيح مذهبه وعظيم قدره في العلم» وعلو 
منصبه إلى حمس حجج؛ كلها أتينا فيها بمبلغ الوسع جما يقطع العذر» ويكاد ينتهي بعضها إلى مدارك القطع. 


0 121 
انتهى 


7 ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 
121 


ا مرجع نفسه 
537 





ترجيح مذهب مالك على غيره من المذاهب 


في ترجيحه من طريق النقل 

اعلموا وفقكم الله تعالى» أن ترحيح مذهب مالك على غيرهء وأنافة متزلته في العلم وسمو قدره» من طريق النقل 
والأثر» لا ينكره إلا معاند أو قاصرء لم يبلغه ذلك» مع اشتهاره في كتب المخالف والمساعد, وها نحن نقرر 
الكلام في ذلك في حجتين: 

أولاهما: بالتقدم» وهو الأثر المشهور الصحيح المروي في ذلك من رسول الله عليه السلام» من حديث 
الثقات؛ منهم سفيان بن عيينة عن أبي جريج عن أب الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله يِيَكم 
قال: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم". وفي رواية: "يلتمسون العلم» فلا يجحدون عالما 
أعلم"؛ وفي رواية: "من عال المدينة"؛ وفي بعضها: "أباط الإبل" مكان: "أكباد الإبل"» وقد رواه غير سفيان» 
عن ابن جريج بمثل حديث سفيان» منهم امحاربي» موقوفا على أبي هريرة ومحمد بن عبد الله الأنصاري في سند 
وهو ثقة مأمون. 

وهذا الطريق أشهر طرقه» ورجال هذا الطريق رجال مشاهير ثقات» حرج عن جميعهم البخاري ومسلم وأهل 
الصحيح» ورواه أيضا المقبري عن أبي هريرة بلفظ آخرء حدث به القاضي أبو البختري وهب بن منتبه عن عبد 
الأعلى بن عبد الله عن المقبري عن أبي هريرة عن البي يَلتُّمْ قال: "لا تنقضي الساعة حى يضرب الناس أكباد 
الإبل من كل ناحية» إلى عال المدينة يطلبون علمه"؛ إلا أن أبا البختري ضعيف عندهم» وقد رواه النسائي 
أيضا وخرجه في مصنفه. عن علي بن محمد بن كثير عن سفيان عن أب الزناد عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: 
قال رسول الله يَيكنُّمْ: "تضربون أكباد الإبل وتطلبون العلم» فلا تحدون عالما أعلم من عالم المدينة"؛ قال 
النسائي: هذا حطأء والصواب أبو الزبير عن أبي صالح. 

ورواه أيضا أبو موسى الأشعري عن الي عليه السلام بلفظ آخرء حدث به معن بن عيسى عن أي المنذر 
التميمي زهير قال: قال رسول الله يَُْم: "يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم؛ فلا يحدون عالما 
أعلم من عام المدينة". 

وذكر ابن حبيب حديثا يسنده عن أبي صالح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله يَيكتُّمْ : "لا تنقطع الدنيا 
حب يكون عالما بالمدينة» تضرب إليه أكباد الإبل» ليس على ظهر الدنيا أعلم منه". 

قال سفيان بن عيينة من غير طريق واحد: نرى أن المراد يمذا الحديث مالك بن أنس» وفي رواية: هو مالك بن 
أنس. ومثله عن ابن جحريج وعبد الرزاق. وروي عن سفيان أنه قال: كنت أقول: هو ابن المسيب» حت قلت: 
كان في زمن ابن المسيب سليمان وسالم وغيرهماء ثم أصبحت اليوم أقول أنه مالك. وذلك أنه عاش حت لم يبق 


568 


له نظير بالمدينة. وهذا هو الصحيح عن سفيان» رواه عنه الثقات والأئمة: ابن مهدي وييى بن معين وعلى بن 
سفيان بقوله: كانوا يرونه: التابعين. 

قال القاضى أبو عبد الله التستري: هو إخبار عن غيره من نظرائه» أو ممن هو فوقه» وأن مترلته كانت في 
نفوسهم» هذه المنزلة» لما شاهدوه من حاله الى تشبه ما أخبر به قِ الحديثء قال: وقد جاءت هذه الأحاديث 
بلفظين, أحدهما: "لا يجدون علما أعلم من عالم المدينة" والآخر: "من عالم بالمدينة", ولكل واحد منهما معبئن 
فأما قوله: "من عالم بالمدينة"؛ فإشارة إلى رجحل بعينه يكون با لا بغيرهاء ولا نعلم أحدا انتهى إليه علم أهل 
المدينة» وأقام بما ولم يخرج عنهاء ولا استوطن سواها في زمن مالك مجمعا عليه إلا مالكا؛ ولا أفى بالمدينة 
وحدث نيفا وستين سنة أحد من علمائهاء يأحذ عنه أهل المشرق والمغرب ويضربون إليه أكباد الإبل» غيره. 
وأما رواية عال المدينة» أو أهل المدينة» فقد ذكر محمد بن إسحاق المخزومي, أبو المغيرة» أن تأويل ذلك: ما 
دام المسلمون يطلبون العلم فلا يحدون أعلم من عالم المدينة» كان با أو بغيرها. 

فيكون على هذاء سعيد بن المسيبء لأنه النهاية في وقته» ثم بعده غيره ممن هو مثله من شيوخ مالك؛ ثم بعدهم 
مالك» ثم بعده من قام بعلمه وصار أعلم أفوعا نه كذهبه» ثم هكذاء ما دام للعلم طالب ولمذهب أهل المدينة 
إمام. 

ويجوز على هذا أن يقال: هو ابن شهاب في وقته» والعمري في وقته» ومالك في وقته؛ ثم إذا أجمعت اللفظتان» 
اختص مالك بقوله: "من عالم بالمدينة", ودخل في جملة علماء المدينة باللفظ الآخحر. وقال بعض المالكية: إذا 
اعتبرت كثرة من روى عن مالك من العلماء» ممن تقدمه وعاصره أو تأخر عنه» على اختلاف طبقاهم 
وأقطارهم» وكثرة الرحلة إليه والاعتماد في وقته عليه» دل بغير مرية أنه المراد بالحديث» إذ لم بحد لغيره من 
علماء المدينة ممن تقدمه أو جاء بعده» من الرواة والآخذين إلا بعض من وحدناه. وقد جمع الرواة عنه غير 
واحد» وبلغ بمم بعضهم في تسمية من علم بالرواية عنه» سوى من لم يعلم» ألف راو» واحتمع من مجموعهم 
زائدا على الألف وثلاثمائة, ويدل كثرة قصدهم له كونه أعلم أهل وقته» وهو الخال والصفة الى أنذر بها عليه 
السلام» لم يسترب السلف أنه هو المراد بالحديث» وعد هذا الخبر من معجزاته وآياته عليه السلام» ثما أخبر به 
من الكائنات» فوقعت كما أخبر به عليه الصلاة والسلام. 

وقال القاضى أبو محمد عبد الوهاب: أما أنه لا ينازعنا في هذا الحديث أحد من أرباب المذاهبء إذ ليس منهم 


من له إمام من أهل المدينة» فيقول: المراد به إمامى. 


59 


ونحن ندعي أنه صاحبنا بشهادة السلفء وبأنه إذا أطلق بين أهل العلم عالم المدينة وإمام دار الحجرة» فالمراد به 
مالك عندهم» دون غيره من علمائها. 

كما إذا قيل: قال الكوفي» فالمراد به أبو حنيفة دون سائر فقهاء الكوفة. 

قال القاضي أبو الفضل رضي الله تعالى عنه: فوجه احتجاجنا بمذا الحديث» من أنه مالك» من ثلاثة أوجهء 
أحدها: تقليد السلف بأن المراد بالحديث هوء حسبما نقلنا عنهم؛ وما كانوا ليقولوا ذلك إلا عن تحقيق» ولا 
ليذيعوه يموى» وهم المبرؤون من ذلكء مع تنافس الأقران وما جبلت عليه القلوب من قلة الإنصاف للأمثال؛ 
فكيف فضل هذا؟ 

الوجه الثاني: أنك إذا اعتبرت ما أوردناه من شهادة السلف الصالح, بأنه أعلم من على ظهر الأرضء» وأعلم 
من بقي وأعلم الناس وإمام الناس» وعالم المدينة وإمام دار المهجرة» وأمير المؤمنين في الحديث» وأعلم علماء 
المدينة» وتعويلهم عليه واقتداؤهم به وإجماعهم على تقديعه» وطالعت ذلك فيما نورده من أخباره» ظهر وبان 
أنه المراد بالحديث» إذ لم تحصل هذه الأوصاف لغيره» ولا أطبقوا على هذه الشهادة لسواه. 

الوجه الثالث: هو ما نبه عليه بعض الشيوخ من أن طلبة العلم لم يضربوا أكباد الإبل من شرق الأرض 
وغيرهاء ولا رحلوا إليه من الآفاق رحلتهم إلى مالكء؛ لما اعتقدوا فيه من تقديمه على سائر علماء وقته» ولو 
اعتقدوا ذلك في غيره لما ولوا إليه» فالناس أكيس من أن يحمدوا رجلا من غير أن يجدوا آثار إحسان. 
الترجيح الثاني في هذا الفصل من طريق النقل: والمعتمد فيه» بحرد تقليد السلف وأئمة المسلمين وعلمائهم في 
المسألة» وبالاعتراف لمالك رحمه الله تعالى» بأنه أعلم وقته وإمامه» وأعلم الناس وأعلم علماء المدينة» وأشباه 
هذاء من شهادقم له بذلك واعترافهم به وتقليدهم إياه واقتدائهم به» على رسوخ كثير منهم في العلم 
وترجيحهم مذهبه على مذهب غيره» ما سنورد في بابي ثنائهم عليه واقتدائهم به» بعد هذا عند ذكرنا شمائله 
ومناقبه» وهما بابان متسعان. 

وسنورد هنا لمعا من ذلك تومي إلى ما وراءها إن شاء الله تعالى. 

من ذلكء قال ابن هرمز شيخخه فيه» أنه عالم الناس. وقال سفيان بن عيينة لما بلغه وفاته: ما ترك على الأرض 
مثله» وقال: مالك إمام» ومالك عالم أهل الحجازء ومالك حجة في زمانه» ومالك سراج الأمة» وما نحن 
ومالك؟ إنما كنا نتبع آثار مالك. وقال الشافعي: مالك أستاذي وعنه أحذنا العلم» وما أحد أمن علي من 
مالك» وجعلت مالكا حجة بين وبين الله تعالى» وإذا ذكر العلماء» فمالك النجم الثاقب» ولم يبلغ أحد مبلغ 
مالك في العلم» لحفظه وإتقانه وصيانته؛ وقال: العلم يدور على ثلاثة: مالك والليث وسفيان بن عيينة؛ وحكي 
عن الأوزاعي أنه كان إذا ذكره قال: قال عالم العلماء وعالم أهل المدينة ومفي الحرمين؛ وقال بقية بن الوليد: 


ما بقي على وحه الأرض أعلم بسنة ماضية ولا باقية» منك يا مالك. وقال أبو يوسف: ما رأيت أعلم من 


60 


ثلاثة» فذكر مالكا وأبا حنيفة وابن أبي ليلى. وقال ابن مهدي» وسئل عن مالك وأبي حنيفة: مالك أعلم من 
أستاذي أبي حنيفة. وقدمه ابن حنبل على الأوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم؛ في العلم» وقال: هو إمام 
في الحديث والفقه. وسئل عمن يريد أن يكتب الحديث وينظر في الفقه» حديث من يكتب؟ وفي رأي من 
ينظر؟ فقال: حديث مالك ورأي مالك. وقال يحيى بن سعيد القطان: مالك إمام يقتدى به. وقال ابن معين: 
مالك من حجج الله ما خلقه. إمام من أئمة المسلمين مجمع على فضله. وقال أيوب بن سويد: مالك إمام دار 
الحجرة. وقال أبو جعفر المنصورء أنه أعلم أهل الأرض. 

وقال سعيد بن الحداد: كان مالك من الراسخين في الإسلام» أرسخ في العلم من الحبال الراسيات. وقال حميد 
ابن الأسود: كان إمام الناس عندنا بعد عمرء زيد بن ثابت» وبعده عبد الله بن عمر. قال علي بن المدي: 
وأحذ من زيد ممن كان يتبع رأيه» واحد وعشرون رجلا. 

ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاث: ابن شهاب وبكير بن عبد الله وأبي الزناد» وصار علم هؤلاء كلهم إلى مالك 
ابن أنس. وقال أسد بن الفرات: إن أردت الله والدار الآخرة» فعليك يمالك بن أنس» قال حماد بن زيد: 
دخلت المدينة ومناديا ينادي: لا يفي الناس في مسجد رسول الله يلم ويحدثء إلا مالك بن أنس. 

وقد استوعبنا هذه الشهادات والاعتراف بعد هذاء وقد اعترف له بالعلم والإمامة يى بن سعيد شيخهء 
والأوزاعي والليث؛ وابن المبارك وجماعة من هذا النمط ومن بعدهم» كالبخاري ومحمد بن عبد الحكم وأبو 
زرعة الرازي ومن لا ينعد كثرة. 

وكذلك ذكرنا في الباب الآخرء اقتداء السلف وأهل العصر من العلماء» وسائر الناس به؛ ونحن نذكر هنا شيئا 
من ذلكء؛ قال سعيد بن منصور: رأيت مالكا يطوف وخلفه سفيان الثوري» كلما فعل مالك شيئا فعله يقتدي 
به» قال ابن أبي أويس: كان الناس كلهم يصدون عن رأي مالك؛ وكان للأمير عنده رجل يسأله» وكذلك 
القاضي والمحتسب» وسأل رجحل ابن عيينة عن الضحية بالليل» فقال له سفيان: لا بأس بذلكء؛ فقال له ابن 
وفيا نان تناك فالالا سح ارا ويا "في" انام امستوينه ا 77 اذى فيان اليكل وقاليه إنكينذا 
أخبرني عن مالك أنه لا يضحى بليل» وقال حميد: أهل المدينة بعد زيد بن ثابت كما تقلدوا قول مالكء» وقال 


عتيق بن يعقوب: ما اجحتمع أحد بالمدينة إلا أجمع ا 


122 البقرة 201 
تا زريبيع 'المدازك وتقويك المسالك اعرف أعلام مذهب مالك 
61 





قال أبو الفتح الجعفي: فصل في من ذم التقليد 

يقول محمد بن أبي مدين بن الشيخ أحمد بن سليمان الشنجيطي ما نصه: قال العلماء: التقليد لغة: جعل القلادة 
في العنق» ومنه تقليد الولاة الأعمال والبدن ما تعرف به. 

وشرعا: أحذ مذهب من ليس قوله إحدى الحجج الأربع الشرعية» بدون واحدة منها؛ فالرحوع إلى الكتاب أو 
السنة أو إجماع الأمة أو القياس الحلي» ليس تقليدا بل هو اتباع» وإن شعت قلت: هو قبول مذهب الغير من 
دون مطالبة بحجة. انتهى وله حدود أخر» لكن لا يسلم أكثرها من إشكال واعتراضات. انتهى 

قال الحافظ السيوطي في كتابه "الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض"» ما 
نصه: اعلم أنه ما زال السلف والخلف يأمرون بالاحتهاد ويحضون عليه» وينهون عن التقليد ويذمونه 
ويكرهونه» وقد صنف جماعة لا يحصون في ذمه» فممن صنئف في ذلك: المزني صاحب الإمام الشافعي» ألف 
كتاب "فساد التقليد"؛ نقل عنه ابن عبد البر في كتاب "العلم"» والزركشي في "البحر"؛ ولم أقف عليه» وألف 
ابن حزم ثلاثة كتب في إبطاله» وقفت عليهاء وألف ابن عبد البر كتاب "العلم" في ذلك» وقفت عليه» وألف 
أبو شامة في ذلك كتابه المسمى: "حطبة الكتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول"؛ وقفت عليه» وألف ابن دقيق 
العيد كتابه: "التسديد في ذم التقليد", لم أقف عليه» وألف ابن القيم كتابا في ذم التقليد» وقفت على كراستين 
منه» وألف صاحب "القاموس"» كتاب "الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد". لم أقف عليه. انتهى كلام السيوطي بلفظه. 
قلت: وممن صنف في ذلك بعد السيوطي: الشوكاني» ألف كتابه: "القول المفيد في أدلة الاحتهاد والتقليد", 
وقد وقفت عليه وألف السنوسي كتابه: "إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن"» وقد وقفت عليه 
وألف الصنعاني صاحب "سبل السلام"» كتابه: "إرشاد النقاد إلى تيسير الاحتهاد" وقد وقفت عليه. انتهى 121 
وقال الإمام الغزالي في الجزء الثاني من كتابه المستصفى ما نصه: التقليد هو قبول قول بلا حجة؛ وليس ذلك 
طريقا إلى العلم» لا في الأصول ولا في الفروع. انتهى كلامه بلفظه. انتهى 75 


*! الصوارم والأسنة في الذب عن السنة 
125 


ا مرجع نفسه 
62 





ما قاله ابن القّيم في ذمه للتقليد عامة 
قال أبو الفتح: قال ابن القيم في إعلام الموقعين: قال المقلد: نحن معاشر المقلدين» ممتثلون قول الله تعاللى: 
'الأجانوا: اهل انكو ززع بكوم :زد سريري 777 زات اللاشوكا تساي لتيل أله سيدا لتم ب اله عه 
وهذا نص قولناء وقد أرشد البي يَيكمْ من لا يعلم إلى سؤال من يعلم» فقال في حديث صاحب الشجة: "ألا 
سألوا إذا ل يعلمواء إنما شفاء العي السؤال"» وقال أبو العسيف الذي زن بامرأة مستأحره: وإني سألت أهل 
العلم» فأحبرون أنما على اب جلد مائة وتغريب عام؛ وأن على امرأة هذا الرحم. 
فلم ينكر عليه تقليد من أعلم منه» وهذا عالم الأرض عمرء قد قلد أبا بكر» فروى شعبة عن عاصم الأحول 
عن الشعبي» أن أبا بكر قال في الكلالة: أقضي فيهاء فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمئ ومن 
الشيطان؛ والله بريء» هو ما دون الولد والوالد» فقال عمر بن الخطاب: إن لأستحي من الله أن أخالف أبا 
بكرء وصح عنه أنه قال له: رأينا لرأيك تبع. وصح عن ابن مسعود أنه كان يأخذ بقول عمر. انتهى/2! 
وأيضاء فنقول لكل من قلد واحدا من الناس دون غيره» ما الذي خص صاحبك أن يكون أولى بالتقليد من 
غيره؟ فإن قال: لأنه أعلم أهل عصره؛ ورا فضله على من قبله» مع حزمه الباطل أنه ل يجئ بعده أعلم منهء 
قيل له: وما يدريك» ولست من أهل العلم بشهادتك على نفسك أنه أعلم الأمة في وقته؟ فإن هذاء إِنما يعرفه 
من عرف المذاهب وأدلتها وراجحها من مرجوحهاء فما الأعمى ونقد الدراهم؟ وهذا أيضا باب آخر من 
القول على الله بلا علم. 
ويقال له ثانيا: فأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعائشة 
وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم؛ أعلم من صاحبك بلا شكء فهلا قلدقم وتركته؟ بل سعيد بن المسيب 
والشعبي وعطاء وطاوس وأمثالهم أعلم وأفضل بلا شكء فلم تركت تقليد الأعلم الأفضل الأجمع لأدوات الخير 
والعلم والدين» ورغبت عن أقواله ومذاهبه إلى من هو دونه؟ فإن قال: لأن صاحبي ومن قلدته أعلم به 
فتقليدي له أوجب علي مخالفة قوله لقول من قلدته» لأن وفور علمه ودينه يمنعه من مخالفة من هو فوقه وأعلم 
منه» إلا لدليل صار إليه» هو أولى من قول كل واحد من هؤلاء. قيل له: ومن أين علمت أن الدليل الذي صار 
إليه صاحبك الذي زعمت أنت أنه صاحبكء أولى من الدليل الذي صار إليه من هو أعلم منه وخير منه» أو 
هو نظيره؟ وقولان معا متناقضان لا يكونان صواباء بل أحدهما هو الصواب» ومعلوم أن ظفر الأعلم الأفضل 


126 النحل 43 
127 إعلام الموقعين عن رب العالمين 
63 





بالصواب أقرب من ظفر من هو دونه» فإن قلت علمت ذلك بالدليل» فههناء إذا انتقلت عن منصب التقليد 
إلى منصب الاستدلال وأبطلت التقليد. انتب 128 


القول الفصل: فى جواز التقليد وأحكامه 
نبدأ بحول الله تعاللى بتقسيم المقلدين إلى قسمين: 
القسم الأول: مقلد على دراية بعلوم الشرع وطرق استنباط الأحكام من أصوها المتعارف عليها عند ذوي 
الشأن» وهو من حيث أحذه بالتقليد صنفان: 
الأول: من قلد إمامه في جميع فتاويه» ول يسأله عن أصول استنباطهاء بل ترك تقليد الأولى منه» ولو كانت 
حجة الأولى أبلغ من حجة إمامه. 
وهذا لا يعتبر مقلدا حى لإمامه الذي يدعي تقليده» إذ ثبت عن الأئمة أصحاب المذاهب» الدعوة إلى ترك 
فتاويهم» ما ظهر بطلانما بحديث صحيح أو فعل صحابي أو قياس سليم. 
قال قي الصوارم: وقال محب الدين محمد بن محمد بن محمدء المعروف بابن الشحنة؛ الحلبي الحنفي» المتوق سنة 
تسعين وثمانماثة» في كتابه: 'نحاية النهاية" ما نصه: إذا صح الحديث وكان على خلاف المذهب. عمل 
بالحديث» ويكون ذلك مذهبه؛ ولا يخرج عن كونه حنفياء فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال: إذا صح الحديث 
فهو مذهبي. انتهى كلام ابن الشحنة بلفظه. 177 
وقال: وروى إبراهيم بن يوسف أنه قال: لا يحل لأحد أن يفي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه» وروي هذا عن 
زفر بن هذيل وأبي يوسف وعافية بن يزيد وآخرين. ومعئ: علمه من أين» قالوا: علم حجته ودليله. انتهى”*' 
وعن القعنبي قال: دحلت على مالك فوحدته باكياء فقلت له: يا أبا عبد الله, ما الذي يبكيك؟ فقال لي: يا ابن 
قعنبء إنا لله على ما فرط مين» ليت جحلدت بكل كلمة تكلمت بما في هذا الأمر بسوط» ولح يكن فرط مين ما 
فرط من هذا الرأي وهذه المسائل. فقلنا له: ارحع عن ذلكء فقال: كيف لي بذلك وقد سارت به الركبان» 
وأنا على ما ترون؟ فلم نخرج من عنده حى أغمضناه. وقال مشيرا إلى الحجرة الشريفة: كل كلام منه مقبول 
ومردود؛ إلا كلام صاحب هذا القبر. انتهى !3 


0 ا مرجع نفسه 
1 المرجع نفسه 
150 المرجع نفسه 
131 


ا مرجع نفسه 
64 





وقد جمع ابن دقيق العيد المسائل ال خالف كل واحد من الأئمة الأربعة فيها الحديث الصحيح» انفرادا أو 
اجحتماعا في محلد ضخمء؛ وذكر في أوله أن نسبة هذه المسائل إليهم حرام؛ وأنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم 
وروي عن مالك رحمه الله» أنه كان يقول: "إن نفضن إلا ضنا وما نحن بمستيقنين 
وف "توالي التاسيس ,ععالي ابن إدريس", للحافظ ابن حجر ما نصه: وعن البويطي: معت الشافعي يقول: لقد 
ألفت هذه الكتب ول آل فيهاء ولا بد أن يوجد فيها الخطأء لأن الله تعالى يقول: "ولو كان من عند غير الله 


« 133 134 
8 انتهى 


لوهووا فيه اختلدفا وو" 77" فنا عدف ق كب هذه ماجخالك الكتاب والسنة» فقد رجعت عنه. انتب 136 


وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي» حدثنا حرملة قال: قال الشافعي: كل ما قلت فكان عن رسول الله عَم 
حاوف فول ها رطع لبقن سد يبلن لا مقر ار ا 

وفي "الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاحتهاد في كل عصر فرض" للسيوطي» ما نصه: قال ابن 
حزم: ويكفي ف إبطال التقليد» أن القائلين به مقرون على أنفسهم بالباطل» لأن كل طائفة من الحنفية 
والمالكية والشافعية مقرة بأن التقليد لا يحل؛ وأئمتهم الثلاثة قد نموا عن تقليدهم» ثم مع ذلك خالفوهم 
وقلدوهمء وهذا عجب ما مثله عجبء حيث أقروا ببطلان التقليد ثم دانوا الله به. انتهى المراد منه بلفظه. قال 
جامعه عفا الله تعالى عنه: وأما إمام أهل السنة أحمد بن حنبل» رضي الله تعالى عنه» فأمره في اتباع السنة 
مشهورء حت أنه لم ينسب لنفسه كلاما قطء إلا في بعض مسائل في الصلاة» وكان يقول: أو لأحد كلام مع 
كتاب الله وسنة رسوله؟ وكان يقول: من قلة فقه المرء تقليده دينه الرحال» وكان شديد الكراهة لتصنيف 
الرأي» ويحب تحريد الحديث, ويكره أن يكتب كلامه, ويشتد عليه جداء ويقول: لا يكاد أحد ينظر ف كتب 
الرأي إلا وفي قلبه دغل. قال ابن القيم: ولأحل هذاء لم يؤلف الإمام أحمد كتابا في الفقه» وإنما دون أصحابه 


مذهبه من أقواله وأفعاله وأحوبته. ايم 138 


132 


المرجع نفسه 

133 الجائية 31 

4 إعلام الموقعين عن رب العالمين 

135 النساء81 

6 إعلام الموقعين عن رب العالمين 

137 ا مرجع ينه 

138 المرجع ل 
65 





قال أبو الفتح: قلت: فالذي قلد إمامه حي فيما تبين أنه خلاف لما جاء به الله تعالى ونبيه يَيتُم» هو حارج عن 

إمامه» لاعتبار ما أوردناه من دلالات. 

وهذا هو المقلد الأعمى رغم بصره؛ إذ عماه التعنت» وبصره العلم الذي هو على نصيب منه؛ يكفيه ما هو فيه 

من اتباع دون سلطان. 

وليس هذا موضوع كلامناء إذ لا يختلف اثنان من أهل الملة في ضلالته. 

الثاني: من قلد إمامه فيما استشكل وأعياه طلاب الحق فيه» فلم يصل إلى ما يطمئن له ومنه ما احتلف فيه 

الأئمة الأعلام أنفسهمء فاكتفى بما ذهب إليه إمامه. 

كما قلد إمامه في الرحوع إلى الحق من تبين الخطأ في المذهب المتبع. 

فإن قيل: فما دام الأئمة الأعلام قد احتلفوا في النازلة» فما باله لم يختر لنفسه رأيا على حسب علمه؟ 

قلت: لا تخفى أسباب اخحتلاف الأئمة» إذ ليس هذا موضع ذكرهاء وإلا فطالع كتاب "رفع الملام عن الأئمة 

الأعلام"؛ لشيخ الاسلام ابن تيمية» مع العلم أنه من دعاة ترك التقليد» رحمه الله تعالى. 

والجواب: إذا كان هؤلاء الأئمة قد بلغوا درحة الاحتهاد, ومع ذلك اختلفواء فليس كل مقلد هناك» حي 

يجتهد كما احتهدواء حصوصا في ما وقع فيه الاحتلاف. 

وإن الأخذ بالمذهب الواحد فيما اختلف فيه» وعز فيه الوصول إلى الصوابء لتوحيد للأمة وجمع لشملها. 

وإذا كان المقلد الشافعي» لا يصلي الجهرية خلف المقلد المالكي» لأنه لا يجهر بالبسملة قبل فاتحة الكتاب» 

والمالكي لا يصلي خلف الشافعي لأنه يجهر بماء مع العلم أن اختيار الصواب أمر لا يدرك» كما هو معروف» 

فإن الإجماع على اتباع مذهب واحدء من شأنه أن يجحعل هذا يصلي وراء ذاك» لوحدة مذهب كل منهما. 

الصنف الثاني: مقلد ليس بقارئ» ولا يعلم من الدين ما يعرف به الحق من الباطل» قلد إماما من أصحاب 

المذاهب: فلا جناح عليه في رأيناء ومن قال غير ذلك» فقد أحطأ وحه الحق» من حيث يدري أو لا يدري 
إن كنت ما تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم؛ ”13 

وقد أحاب ابن القيم على نفسه في هذاء فقال: ثم يقال للمانعين من التقليد: أنتم منعتموه حشية وقوع المقلد 

في الخطأء بأن يكون من قلده مخطنا في فتواه» ثم أوجبتم عليه النظر والاستدلال في طلب الحق» ولا ريب أن 

صوابه في تقليده للعالم أقرب من صوابه في احتهاده هو لنفسه, وهذا كمن أراد شراء سلعة لا خبرة له يهاء فإنه 

إذا قلد عالما بتلك السلعة» خبيرا با أمينا ناصحاء كان صوابه وحصول غرضه أقرب من احتهاده لنفسه» وهذا 


متفق عليه بين العقلاء. لين 


9 صفى الدين الحلى الأندلسى 
إعلام الموقعين عن رب العالمين 
66 





فليت شعري لو حرمت العامة من التقليد» وقلت: خذوا أحكامكم بأنفسكم. لكأنما تمعلهم بجتهدين عالمين 
لوم اللغة والقرآن والحديك» واضلين قاعلم الأضول والققة وما إلى ذلك وعدا يناغال 141 

قال ابن القيم: وأيضاء فإنا نعلم بالضرورة أنه لم يكن في عصر الصحابة رجحل واحد اتخذ رحلا منهم يقلده في 
جميع أقواله» فلم يسقط منها شيئاء وأسقط أقوال غيره فلم يأعذ منها شيعا. ابي 142 

كيف يقلد صحابي صحابيا في جميع أموره ورسول الله يكم بين أظهرهم؟ وحن بعد موته عَيك؛ فلا زالت 
أقواله وأحاديثه شائعة بين الناس» فمن ذا الذي يتقدم عليه» ويف بغير فتواه؟ 

ثم قال ابن القيم: ونعلم بالضرورة» أن هذاء لم يكن في عصر التابعين ولا تابعي التابعين» فليكذبنا المقلدون 
برحل واحد سلك سبيلهم الوخيمة في القرون الفضيلة على لسان رسول الله عَم . انتهى 143 

قلت: ماذا تقصد بالتابعين وتابعي التابعين» فإن كان قصدك العلماء منهم فذاك» وإن قصدت من عاصرهم من 
العامة» فقد أحطأت» فإنا نعلم بالضرورة أن العامة في عصر التابعين وتابعيهم قد ائتموا بأئمتهم» فكانوا لهم 
سرجا تضيء في ظلمات جهلهم وأميتهم 

ثم قال: وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم» على لسان رسول الله يكم فالمقلدون للمتبوعهم في 
جميع ما قالوه يبيحون به الفروج والدماء والأموال» ويحرموفماء ولا يدرون أذاك صواب أم خطأء على خطر 
عظيم؛ ولهم بين يدي الله موقف شديدء يعلم فيه من قال على الله ما لا يعلم أنه لم يكن على شيء. انتهى/*! 
قلت: رمى ابن القيم التقليد بالبدعة» ولم يفرق بين مقلد ومقلد» وذكر القرن الرابع»ء حيث ظهرت المستجدات 
والنوازل الي لم يكن للمسلمين عهد بماء ولا عرفها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين» فممن يأخذ قضاء 
الشرع فيها العامة؛ إذا لم يتبعوا علماءهم؟ 


'4! يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: فإذا ما كلفت كل مسلم بالاجتهاد والنظر في الأدلة» وأقصيته عن هذه الكتب 

الي كان بوسعه أن يحفظ منها أحكام الحلال والحرام مقلدا أحد الأثمة» فمععئ ذلكء» أنك قد قلت له بكل صراحة ووضوح: 

ليس حكم الله فيما يعترضك من مشكلاتء إلا ما تهديك إليه قناعتك الذاتية. 

وانتظر بعد ذلك, أن تحد الشريعة الإسلامية كلها اما لا مسمى تحته» وعنوانا لا موضوع له. وبناء كمقبرة جححا: جدار أثبت 

فيه باب موصد بالأغلال» ومن ورائه أرض سائبة ترتع فيها السباع والذئاب. 

أما إن انطلقت به بعد إقصائك إياه عن تلك الكتب وأثمتهاء إلى كتب أخرى ألفها واجتهد فيها أناس آخحرونء فألزمته بحم 

وحملته على تقليدهم؛ فأنت لم تفعل بذلك شيئا أكثر من أنك أوحبت عليه أن يتحول من تقليد الشافعي وأبي حنيفة ومالك 

وأحمد, إلى تقليد فلان أو فلان من المعاصرين. انتهى من اللامذهبية أخطر بدعة قدد الشريعة الإسلامية 

142 إعلام الموقعين عن رب العالمين 

المرجع نفسه 

المربحع نفسه 
67 





ويزيد ابن القيم: هذا لا ينفعك شيئا البتة فيما اعتلف فيه» فإن من قلدته ومن قلده غيرك قد اختلفا» وصار من 
قلده غيرك إلى موافقة أبي بكر وعمرء أو علي وابن عباس» أو عائشة وغيرهم دون من قلدته» فهلا نصحت 
نفسك وهديت لرشدك وقلت: هذان عللمان كبيران» ومع أحدهما من ذكر الصحابة فهو أولى بتقليدي إياه؟ 
اعم 145 

فنقول: فما قوله فيما ظهر من حوادث ووقائع لم تحدثء. ولم تقع على عهد أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس 
أو عائشة وغيرهم, ولا عرفوها رضي الله عنهم أجمعين؟ 

لا أدري ما أصاب ابن القيم» وهو العالح النحرير والمحقق القدير» حى زجر المقلد دون تفريق مرة أحرى بين 
مقلد ومقلد» بقوله: فكيف تحلل وتحرم وتوجحب وتريق الدماء» وتبيح الدماء وتبيح الفروج» وتنقل الأموال 
وتضرب الأبشار» بقول من أنت مقر بحواز كونه مخطيا؟ انتهى””' مع العلم أن كثيرا من المقلدين كما سبق 
ذكره» لا يقلدون إلا فيما وقع فيه الخلاف, وعز الوصول فيه إلى الصواب؛ وليس المقلد» هو من يقوم بكل 
هذه الكبائر الى سردها عالمنا الجليل» ولكن لكل عالم زلة» ولكل حواد كبوة» فما على العالم إن زل» وما 
على الجواد ما كبا 

كما استدل ابن القيم للذين يدعون إلى التقليد» بقول الباري عز وحل: "فاسألوا أهل الكتكر إن كنتم لا 
0000-6 

ولعله نسي أو تناسى أن يستدل بغير هذه الآية الكربمة» مما هو أبلغ وأنسب في الاستدلال في هذا المقام» وهو 
قوله تعالى: 'ولو رجواه إلى الرسول وإلى أو الأمر منهم لعلمة العين يستنبئصنه منهم, ولول فضل الله 
عليكم ريشيف كبعت الحياضان ا 11 
وقد اقتضى بيان هذه القضية» أن نورد من كلام ابن القيم نفسه؛ مثالا ما احتلف فيه» حي يطلع القارئ 
ويعرف دواعي استحالة القطع فيه؛ مما يجعل الحكم عليه في عداد ما لا يطلبء فلا يسعه سوى تقليد أحد 
الأئمة امجتهدين» من أحل توحيد الكلمة ودفع الشقاق 

فلنأت .مثال على اختلاف الفقهاء في جزئيات فقهية» يصعب المخرج منها على العالم النحرير برأي قويم» وما 
دمنا نساجل إمامنا ابن القيم رحمه الله تعالى» في حكم التقليد والمقلدين» فقد ارتأينا أن نورد ما ذهب إليه رحمه 
الله تعالى ف قضية: بم يبدأ المصلي في نزوله للسجود, يديه أو ركبتيه؟ من "زاد المعاد" له 

47! المرحع نفسه 
6 المرجع نفسه 
3 جه 
48 النساء82 


68 





وقد سبق أن أعددت ردا على ما ذهب إليه» لكن, وأنا أتوسع في ال ملوضوع» عثرت على ما ذهب إليه الشيخ 
محمد بن عبد الرحمن المبا ركفوري رحمه الله تعالى» في كتابه: "تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي"؛ وذلك من 
تعزيز ما رأيناه قي المسألة» من أن الأولى تقديم اليدين» على حلاف رأي ابن القيم» بل ألفيته يرد عليه هو الآخر 
ويفند أدلته وحججه؛ وقد اقتضب رحمه الله تعالى وما فرط من شيء» فأعجبن منه ذلك» فاحترت أن أسرد 
كلامه من أصلهء وما أضفت سوى زيادات طفيفة على هامشه» قصد الإيضاح» فجزاه الله عنا وعن أمة 
المسلمين كل خير 


ما ّدم في السجود المتضمن لا رآه ابن القيم والرد عليه 
قال ابن القيم في كتاب زاد المعاد ما نصه: وكان ي2َركتُّم يضع ركبتيه قبل يديه؛ ثم يديه بعدهماء ثم حبهته وأنفه. 
هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر: رأيت رسول الله عَم 
إذاستحد وضع ركبفيه قبل يديه وإذا نمض .رفع يذيه قبل ركبعية» ولم يرو في فعله ما يحالف ذلك 147 
وأما حديث أبي هريرة يرفعه: "إذا سجد أحدكمء فلا يبرك كما يبرك البعير» وليضع يديه قبل ركبتيه", 
فالحديث» والله أعلم: قد وقع فيه وهم من بعض الرواة,'”” فإن أوله يالف آخره. فإنه إذا وضع يديه قبل 
ركبتيه» فقد برك كما يبرك البعير» فإن البعير إنما يضع يديه أولاء ولما علم أصحاب هذا القول ذلكء قالوا: 
ركبتا البعير في يديه» لا في رحليه» فهو إذا برك» وضع ركبتيه أولاء فهذا هو المنهي عنهء وهو فاسد لوحوه: 
أحدها: أن البعير إذا برك» فإنه يضع يديه أولاء وتبقى رحلاه قائمتين» فإذا نمض»ء فإنه ينهض برجليه أولاء 
وتبقى يداه على الأرضء» وهذا هو الذي فى عنه بيك وفعل خلافه. وكان أول ما يقع منه على الأرض 
الأقرب منها فالأقرب» وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى. 
وكان يضع ر كبتيه أولاء م يديه م حبهته. وإذا رفع» رفع رأسه أولاء م يديه م ركبتيه. وهذا عكس فعل 
البعبر» وهو يكم نمى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات» فنهى عن بروك كبروك البعير» والتفات كالتفات 
التعلب» وافتراش كافتراش السبع» وإقعاء كإقعاء الكلب» ونقر كنقر الغراب» ورفع الأيدي وقت السلام 
كأذناب الخيل الشمسء فهدي المصلي مخالف لمدي الحيوانات. 


بل روي ما يخالفه: ومنه ما رواه الحاكم في مستدركه. قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهان» ثنا عبد الله 
ابن محمد بن زكريا الأصبهاني» ثنا محرز بن سلمة» ثنا الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمرء أنه كان يضع يديه 
قبل ركبتيه وقال: كان الببي يَيْكثُمْ يفعل هذا. حديث صحيح على شرط مسلم 
7 قوله: فالحديث والله أعلم» قد وقع فيه وهم من بعض الرواة. انتهى لا تقبل هذه الصيغة في عرف المحققين» إذ لا يقوم ظن 
وقوع الوهم في الحديث على دليل» وإلا رددنا كل ما لا يوافق آراءنا من أحاديث رسول الله مَيَلتُم» اعتمادا على الظن. 

69 





الغي: أن قولهم: ركبتا البعير في يديهء كلام لا يعقل» ولا يعرفه أهل اللغة» 7 وإنما الركبة في الرحلين» وإن 
أطلق على اللتين في يديه اسم الركبة» فعلى سبيل التغليب. 

الغالث: أنه لو كان كما قالوه. لقال: فليبرك كما يبرك البعير» وإن أول ما بمس الأرض من البعير يداه. وسر 
المسألة» أن من تأمل بروك البعين*”” وعلم أن الني يلتم نمى عن بروك كبروك البعير» علم أن حديث وائل بن 
حجر هو الصوابء والله أعلم. 

وكان يقع لي» أن حديث أبي هريرة» كما ذكرناء مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله؛ ولعله: "وليضع 
ركبتيه قبل يديه"» كما انقلب على بعضهم حديث ابن عمر: "إن بلالا يؤذن بليل» فكلوا واشربوا حتى يؤذن 
ابن أم مكتوم"؛ فقال: "ابن أم مكتوم يؤذن بليل» فكلوا واشربوا حي يؤذن بلال". وكما انقلب على بعضهم 
حديث: "لا يزال يلقى في النار» فتقول: هل من مزيد". إلى أن قال: "وأما الحنة» فينشئ الله لها حلقا يسكنهم 
إياها", فقال: "وأما النار» فينشئع الله لما حلا يسكنهم إياها", حى رأيت أبا بكر بن أن شيبة قد رواه 
كذلكء فقال ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن حده عن أبي هريرة عن النبي 
لم قال: "إذا سجد أحدكم., فليبدأ بركبتيه قبل يديه» ولا يبرك كبروك الفحل". ورواه الأثرم في سننه أيضا 
عن أبي بكر كذلك. وقد روي عن أبي هريرة عن البي يَيكتُّ ما يصدق ذلك» ويوافق حديث وائل بن حجر. 
قال ابن أبي داود: حدثنا يوسف بن عديء» حدثنا ابن فضيل» هو محمد» عن عبد الله بن سعيد عن جده عن 
أبي هريرة أن النبي يَيَلتُّمء كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه. 

وقد روى ابن خزعة في "صحيحه"؛ من حديث مصعب بن سعد عن أبيه قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين» 
فأمرنا بالركبتين قبل اليدين» وعلى هذاء فإن كان حديث أبي هريرة محفوظاء فإنه منسوخ» وهذه طريقة 
صاحب "المغني" وغيره» ولكن للحديث علتان: 

إحداهما: أنه من رواية يجى بن سلمة بن كهيل» وليس ممن يحتج به. قال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: 
منكر الحديث جداء لا يحتج به. وقال ابن معين: ليس بشيء. 


!”! وم عرف أهل اللغة أن للبعير يدين؟ إنما هي أرحل وقوائم بركب 
152 المراد منه: كيفية بروك البعير» الي لا علاقة لها بتقددم اليدين أو الركبتين» إذ ليس للبعير يدان» بل هي كيفية الحثي والإناحة؛ 
وما أشبه الواقع على ركبتيه في صلاته بوقوع الجمل. مع العلم أن وضع اليدين قبل الركبتين في الصلاة» فيه من الخنوع والخضوع 
لله تعالى» أكثر من وضع الركبتين قبل اليدين. ثم إن الذي يخر ساجداء قد تسبق ركبتاه يديه» ولو أنه قصد وضع اليدين قبل 
الركبتين» فتدبره تر ما رأيناء والله أعلم 

00 





الثانية: أن المحفوظ من رواية مصعب بن سعد عن أبيه هذاء إنما هو قصة التطبيق» وقول سعد: كنا نصنع هذاء 
فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب. 

وأما قول صاحب "لمغئ" عن أبي سعيد قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين» فأمرنا أن نضع الركبتين قبل 
اليدين» فهذاء والله أعلم» وهم في الإسمء وإِنما هو عن سعد. وهو أيضا وهم في المتن كما تقدم, وإنما هو في 
قصة التطبيق» والله أعلم. 

وأما حديث أبي هريرة المتقدم» فقد علله البخاري والترمذي والدارقطيئ. قال البخاري: محمد بن عبد الله بن 
حسنء لا يتابع عليه. وقال: لا أدري أسمع من أب الزناد» أم لا. 

وقال الترمذي: غريب لا نعرفه من حديث أب الزناد إلا من هذا الوجه. 

وقال الدارقطي: تفرد به عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي عن أب الزناد. وقد 
ذكر النسائي عن قتيبة: حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي عن أب الزناد عن 
الأعرج عن أبي هريرة أن البي يَيلتُمُ قال: "يعمد أحدكم في صلاته, فيبرك كما يبرك الجمل", ول يزد. قال 
أبو بكر بن أبي داود: وهذه سنة تفرد يما أهل المدينة» ولهحم فيها إسنادان: هذا أحدهماء والآخر عن عبيد الله 
عن نافع عن ابن عمر عن البي َيل . 

قلت: أراد الحديث الذي رواه أصبغ بن الفرج عن الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمرء أنه كان 
يضع يديه قبل ركبتيه ويقول: كان البي يَيكتُّمُ يفعل ذلك. رواه الحاكم في المستدرك من طريق محرز بن سلمة 
عن الدراوردي وقال: على شرط مسلم. وقد رواه الحاكم من حديث حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن 
أنس قال: رأنكا مول اللنا علق عط الكو حم مالك اعمان بوي “قال داك هلل سرطهها وار 
أعلم له علة. 

قلت: قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا الحديث منكر. انتهى. وإنما أنكره, 
والله أعلم» لأنه من رواية العلاء بن إسماعيل العطار عن حفص بن غياثء والعلاء هذا مجهول لا ذكر له في 
الكتب الستة. فهذه الأحاديث المرفوعة من الحانيين كما ترى. 

وأما الآثار المحفوظة عن الصحابة: فا محفوظ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه» أنه كان يضع ركبتيه قبل 
يديه» ذكره عنه عبد الرزاق وابن المنذر» وغيرجماء وهو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه» ذكره الطحاوي 


عن فهد عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن أصحاب عبد الله» علقمة والأسود قالا: 


3 قول أنس بن مالك رضى الله عنه: رأيت رسول الله يَيْلنُّمْ انحط بالتكبير» حن سبقت ركبتاه يديه. دليل على أن الذي عهده 
في رسول الله ميك تقدم يديه قبل ركبتيه» فقوله: حى سبقت ركبتاه يديه. يوحي بحلاء بأنه ييل لم يكن يفعل ذلك كل 
مرة» وإنما هديه عكسه. وإلا لما عبر أنس بلفظة: حي 

711 





حفظنا عن عمر في صلاته» أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخخر البعير*”! ووضع ركبتيه قبل يديه. ثم 
ساق من طريق الحجاج بن أرطأة قال: قال إبراهيم النخعي: حفظ عن عبد الله بن مسعود» أن ركبتيه كانتا 
تقعان على الأرض قبل يديه» وذكر عن أبي مرزوق عن وهب عن شعبة عن مغيرة قال: سألت إبراهيم عن 
الرحل يبدأ بيديه قبل ركبتيه إذا سجد؟ قال: أو يصنع ذلك إلا أحمق أو مجنون؟ 

قال ابن المنذر: وقد احتلف أهل العلم في هذا الباب» فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه» عمر بن الخطاب 
رضي الله عنه» وبه قال النخعي ومسلم بن يسار والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه 
وأهل الكوفة. 

وقالت طائفة: يضع يديه قبل ركبتيه» أد ركنا الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم. قال ابن أبي داود: وهو قول 
أصحاب الحديث. 

قلت: وقد روي حديث أبي هريرة بلفظ آحرء ذكره البيهقي» وهو: "إذا سجد أحدكم. فلا يبرك كما يبرك 
البعير» وليضع يديه على ركبتيه". قال البيهقي: فإن كان محفوظاء كان دليلا على أنه يضع يديه قبل ركبتيه 
عند الإهواء إلى السجود. 

وحديث وائل بن حجر أولى لوجوه. 

أحدها: أنه أثبت من حديث أب هريرة: قاله الخطابي وغيره. 

الثاني: أن حديث أبي هريرة مضطرب المتن كما تقدم» فمنهم من يقول فيه: "وليضع يديه قبل ركبتيه» ومنهم 
دن يقول بالعكس) ومنهم من يقول: "ولبطع يديه على ركنيدا؛”77 وسهنع نمق يدف هذة ابقلة رأساء 
الثالث: ما تقدم من تعليل البخاري والدارقطين وغيرهما. 

الرابع: أنه على تقدير ثبوته» قد ادعى فيه جماعة من أهل العلم النسخ» قال ابن المنذر: وقد زعم بعض أصحابنا 
أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ» وقد تقدم ذلك. 

الخامس: أنه الموافق لنهي النبي يَيكثُمْ عن بروك كبروك الجمل في الصلاة» بخلاف حديث أبي هريرة. 


*” فانظر رعاك اللهء إلى ابن القيم كيف ساق ما روي عن عمرء يؤيد به ما ذهب إليه» في حين أن ما روي عن عمر يخالف ما 
ذهب إليه» فهذه الرواية تصف عمر رضي الله عنه بأنه خر على ركبتيه في الصلاة كما يخر البعير» فتبين مراده عَيْكُم» من قوله: 
"إذا سجد أحدكم. فلا يبرك كما يبرك البعير "» وفيه النهي عن تقديم الركبتين قبل اليدين عند السجود في الصلاة» فتدبر رحمك 
الله فيما قلناه 
5 لا نحد روايات للحديث تشهد على انقلابه حي نحكم عليه بذلك» فكان الأحرى بابن القيم أن يستشهد بماء إن كانت 
موجودة فعلا كما يدعي 

712 





السادس: أنه الموافق للمنقول عن الصحابة» كعمر بن الخطاب وابنه» وعبد الله بن مسعود؛ ولح ينقل عن أحد 
منهم ما يوافق حديث أبي هريرة» إلا عن عمر رضي الله عنه» على احتلاف عنه. 

السابع: أن له شواهد من حديث ابن عمر وأنس كما تقدم» وليس لحديث أبي هريرة شاهدء فلو تقاوماء لقدم 
حديث وائل بن حجر من أجل شواهده» فكيف» وحديث وائل أقوى كما تقدم؟ 

الثامن: أن أكثر الناس عليه» والقول الآخرء إنما يحفظ عن الأوزاعي ومالك؛ وأما قول ابن أبي داود: إنه قول 
أهل الحديثء فإنما أراد به بعضهمء وإلا فأحمد والشافعي وإسحاق على خلافه. 

التاسع: أنه حديث فيه قصة محكية» سيقت حكاية فعله مَيَكتُّم؛ فهو أولى أن يكون محفوظاء لأن الحديث إذا 
كان فيه قصة محكية» دل على أنه حفظ. 

العاشر: أن الأفعال المحكية فيه كلها ثابتة صحيحة من رواية غيره» فهي أفعال معروفة صحيحة» وهذا واحد 


منهاء فله حكمهاء ومعارضه ليس مقاوما له فيتعين تر جيحه» والله أعلم. نت 


رد صاحب خحَنة الأحوذي ما ذهب إليه ابن القيم 
قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن المبا ركفوري: 
(باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود)» وف بعض النسخ: باب ما جاء في وضع الركبتين قبل 
اليدين» وهذا هو يطابقه حديث الباب. 
حدثنا سلمة بن شبيب وأحمد بن إبراهيم الدورقي والحسن بن علي الحلواني وعبد الله بن منير وغير واحدء 
قالوا: حدثنا يزيد بن هارون» أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: "رأيت 
رسول الله يلثم إذا سجدء يضع ركبتيه قبل يديه» وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه". 
(قال) زاد الحسن بن علي في حديثه: قال يزيد بن هارون: ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا 
ري ا 
قال (أبو عيسى): هذا حديث حسن غريبء لا نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك. والعمل عليه عند أكثر 
أهل العلم: يرون أن يضع الرحل ركبتيه قبل يديه. وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. وروى همام عن عاصم 


هذا مرسلاء ول يذكر فيه وائل بن حجر. 


156 زاد المعاد في هدي خير العباد 
157 تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذدي 
73 





قال المباركفوري: قوله: (إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه)» استدل به من قال بوضع الركبتين قبل اليدين» لكن 
الحذيث ضعي كما استعزفه. 

قوله: (هذا حديث غريب حسن, لا نعرف أحدا رواه غير شريك)؛ في كون هذا الحديث حسنا نظرء فإنه قد 
تفرد به شريك» وهو ابن عبد الله النحعي الكوثي» صدوق يخطئ كثيراء تغير حفظه منذ ولي القضاء 
ا وال الدارقطن في سننه» بعد رواية هذا الحديث: تفرد به يزيد عن شريكء» ولم يحدث به عن 
عاصم بن كليب غير شريك» وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به. انتهى 

وقال المنذري في تلخيص السنئن: قال أبو بكر البيهقي: هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضيء» وإنما تابعه 
#مام مرسلا. هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين» هذا آخر كلامه. وشريك هذا: هو ابن عبد 
الله النخعي القاضي» وفيه مقال» وقد أخرج له مسلم متابعة. انتهى كلام المنذري. وقال الحافظ الحازمي في 
كتاب الاعتبار» بعد رواية هذا الحديث من طريق شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل» ما لفظه: 
ورواه همام بن ييى عن محمد بن جححادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن البي يَيكّه . قال همام: وثنا 
شقيق» يعن أبا الليث» عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي يَيتُّمْ مرسلاء وهو المحفوظ. انتهى كلام الحازمي 


8 قلت: هو شريك بن عبد الله أبو عبد الله النخعي الكوفي القاضي. 

عن ييى بن معين قال: شريك بن عبد الله هو صدوق ثقة» إلا أنه إذا خولف» فغيره أحب إلينا منه. قال أبو عبيد الله: وسمعت 
من أحمد شبيها بذلك. انتهى من تاريخ بغداد 

حدثنا أبو بكر المروذي قال: قلت» يعن لأحمد بن حنبل: يحيى القطان» أيش كان يقول في شريك؟ قال: كان لا يرضاهء وما 
ذكر عنه إلا شيئا على المذاكرة» حديثين. انتهى من تاريخ بغداد 

حدثنا علي بن عبد الله المديئ قال: قال يحيى بن سعيد: قدم شريك مكة, فقيل لي: لو أتيته؟ فقلت: لو كان بين يديء ما سألته 
عن شيء؛ وضعف حديثه حدا. قال بيى: أتيته بالكوفة» فإذا هو لا يدري. انتهى من تاريخ بغداد 

حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآحري قال: سمعت أبا داود يقول: شريك ثقة بخطئ على الأعمشء زهير وإسرائيل فوقه. انتهى من 
تاريخ بغداد 

حدثنا محمد بن ييى قال: ممعت أبا الوليد يقول: كان شريك يحدث بشيء يسبق إلى نفسه» لا يرحع إلى كتاب. انتهى من تاريخ 
بغداد 

حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قال أبو عبيد الله وزير المهدى لشريك القاضي: أردت أن أسمع منك 
أحاديث» فقال: قد اختلطت علي أحاديثي» وما أدري كيف هي؛ فألح عليه أبو عبيد الله فقال: حدثنا بما تحفظ ودع ما لا 
تحفظ» فقال: أحاف أن تخرج أحاديثي ويضرب با وحهي. انتهى من تاريخ بغداد 

وقال أبو إسحاق الموزجاني: كان شريك سيئ الحفظ. انتهى من تذكرة الحفاظ 

قال في التقريب: صدوق يخطئ كثيراء تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. انتهى 


14 





قلت: طريق همام بن يحيى عن محمد بن ححادة منقطع» فإن عبد الحبار لم يسمع عن أبيه» وطريق همام عن 
شقيق أيضا ضعيف» فإن شقيقا أبا الليث مجهول. قال في التقريب: شقيق أبو الليث عن عاصم بن كليب 
مجهول. انتهى» وقال في الميزان: شقيق عن عاصم بن كليب» وعنه همام» لا يعرف. انتهى 

قوله: (والعمل عليه عند أكثر أهل العلم» يرون أن يضع الرحل ركبتيه قبل يديه ألخ)» قال الحازمي في كتاب 
الاعتبار: قال ابن المنذر: وقد احتلف أهل العلم في هذا الباب» فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه» عمر بن 
الخطاب؛ وبه قال النخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه» 
وأهل الكوفة. وقالت طائفة: يضع يديه إلى الأرض إذا سجدء قبل ركبتيه» كذلك قال مالك. وقال الأوزاعي: 
أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم. انتهى وقال البخاري في صحيحه: قال نافع: كان ابن عمر يضع 
يديه قبل ركبتيه. انتهى وقال الشوكاني في النيل: وذهبت العترة والأوزاعي ومالك وابن حزم, إلى استحباب 
وضع اليدين قبل الركبتين» وهي رواية عن أحمد» وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال: أدركت الناس يضعون 
أيديهم قبل ركبهم. قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث. انتهى 

قوله: (وروى همام عن عاصم هذا مرسلاء ولم يذكر فيه وائل بن حجر): قال الحافظ ف التلخيص» بعد نقل 
قول الترمذي هذا ما لفظه: وقد تعقب قول الترمذي أن هماما إنما رواه عن شقيق عن عاصم عن أبيه مرسلا. 
انتهى 

قلت: الأمر كما قال الحافظ» كما عرفت فيما تقدم في كلام الحازمي 

باب آخر منه: حدئنا قتيبة: حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج 
عن أبي هريرة» أن البي يَيلكُّمْ قال: "يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل". 

قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث غريبء لا نعرفه من حديث أب الزناد إلا من هذا الوجه. 

وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن البي مَيَكم . 

وعبد الله بن سعيد المقبري ضعفه ييى بن سعيد القطان وغيره. 

قوله: "يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل": بتقدير همزة الاستفهام الإنكاري» أي: أيعمد أحدكم فيضع 
ركبتيه قبل يديه في الصلاة» كما يضع البعير ركبتيه قبل يديه؛ أي: لا يفعل هكذاء بل يضع يديه قبل ركبتيه. 
وف رواية أحمد وأبي داود والنسائي: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» وليضع يديه قبل ركبتيه". 
انتهى 

قال القاري في شرح المشكاة» في شرح هذا الحديث: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك". نمي» وقيل: نفي» "كما 
يبرك البعير"» أي: لا يضع ركبتيه قبل يديه» كما يبرك البعير» شبه ذلك ببروك البعير» مع أنه يضع يديه قبل 
رجليه» لأن ركبة الإنسان في الرحل» وركبة الدواب في اليد إذا وضع ركبتيه أولا فقد شابه الإبل في البروك؛ 


15 


"وليضع"» بسكون اللام وتكسرء "يديه قبل ركبتيه"» قال التوربش: كيف نمى عن بروك البعير» ثم أمر بوضع 
اليدين قبل الركبتين» والبعير يضع اليدين قبل الرحلين؟ والجواب: أن الركبة من الإنسان في الرحلين» ومن 
وهو قول مالكء وهو قول أصحاب الحديث. وقال الأوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهمء 
وهي رواية عن أحمد» كما عرفت هذا كله في الباب المتقدم. قال الحافظ في الفتح: قال مالك: هذه الصفة 
أحسن في حشوع الصلاة» وبه قال: وعن مالك وأحمد رواية بالتخيير. انتهى 

قوله: (حديث أبي هريرة حديث غريبء لا نعرفه من حديث أب الزناد إلا من هذا الوحه)» حديث أبي هريرة 
هذاء أخخر جه أحمد وأبو داود والنسائي» وسكت عنه أبو داود. قال الحازمي في كتاب الاعتبار» بعد روايته: 
وهو على شرط أبي داود والترمذي والنسائي» أخخر جوه ف كتبهم. انتهى وقال القاري ف المرقاة: قال ابن 
حجر: سنده جيدك. انتهى قلت: حديث أبي هريرة هذاء صحيح أو حسن لذاته رجاله كلهم ثقات. فأما قتيبة» 
الفنياي نوالة للرريى ”75 وفال اللائط ميلقب بالنقت الرعية لمن السابعة وأا ابو الرقاة خرن الأجرية 
عن أبي هريرة» فقال البخاري: أصح الأسانيد: أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قاله الخزرحي. 

فإن قلت: قال الحافظ في التقريب» في ترجمة عبد الله بن نافع الصائغ: ثقة صحيح الكتاب, في حفظه لين. انتهى 
فإذا كان في حفظه لين» فكيف يكون حديثه صحيحا؟ 

قلت: قد عرفت أنه قد وثقه إمام الجرح والتعديل ييى بن معين» ووثقه أيضا النسائي» ثم هو ليس متفردا 
أبي داودء ثنا محمود بن خالد» ثنا مروان بن محمدء حدئنا عبد العزيز بن محمد» ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن 
عن أبىي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول اللله يكم : "إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل 
رجليه» ولا يبرك بروك البعير". حدثنا أبو سهل بن زياد» ثنا إسماعيل بن إسحاق» ثنا أبو ثابت محمد بن عبد 
الله» ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله بإسناده عن البي بيك : "إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل 
حجرء فإن للأول شاهدا من حديث ابن عمر» صححه ابن حزيعة» وذكره البخاري معلقا موقوفا. انتهى كلام 


159 ِ 1 1 م 59 1 5 5 
وأربعين» وكان قد لقي نافعا وغيره» وحدث عنهم» روى عنه الدراوردى وغيره؛ معت أبي يقول ذلك. انتهى من الجرح والتعديل 
للإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التيمي الحنظلي 


04 





الحافظ. وقال الحافظ ابن سيد الناس: أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرحح. وقال: ينبغي أن يكون حديث 
أبي هريرة داحلا في الحسن على رسم الترمذي» لسلامة رواته عن الجرح. انتهى وقال ابن التركماني في الجوهر 
النقي: والحديث المذكور أولاء يعبئى: "وليضع يديه ثم ركبتيه"» دلالة قولية» وقد تأيد بحديث ابن عمر» فيمكن 
ترجيحه على حديث وائلء لأن دلالته فعلية على ما هو الأرحح عند الأصوليين. انتهى ورحح القاضي أبو بكر 
ابن العربي في عارضة الأحوذي» حديث أبي هريرة على حديث وائل من وجه آخرء فقال: الهيئة الي رأى 
مالك» (وهي الحيئة الى هي مروية في حديث أبي هريرة) منقولة في صلاة أهل المدينة» فترحجحت بذلك على 
غيره. انتهى 

قوله: (وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن البي يَيَلتّه)؛ رواه ابن 
أي شيية»ق «مضتفه "9" والطحاوق تق »شرح الآنان بلفاه "إذا شتواة احداكم افلينذا بر كعد قبل يليه ولا 
ييرك كبروك الفحل". و(عبد الله بن سعيد المقبري» ضعفه ييى بن سعيد القطان وغيره)»!©' قال ابن معين: 
لبس بشيء» وقال مرة: ليس بثقة» وقال الفلاس: منكر الحديث متروك» وقال ييى بن سعيد: استبان كذبه في 
بحلس. وقال الدارقطيئ: متروك ذاهب. وقال أحمد مرة: ليس بذاك؛ ومرة قال: متروك. وقال فيه البخاري: 
تركوهء كذا في الميزان. 

اعلم أن الحنفية والشافعية وغيرهمء الذين ذهبوا إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين» أجابوا عن حديث 
أبي هريرة المذكور في الباب بوجوه عديدة» كلها مخدوشة. 

الأول: أن حديث أبي هريرة هذا منسوخء .ما رواه ابن خزيمة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: 
كنا نضع اليدين قبل الركبتين» فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين؛ وفيه أن دعوى النسخ بحديث سعد بن أبي 
وقاص باطلة» فإن هذا الحديث ضعيف: قال الحازمي في كتاب الاعتبار: أما حديث سعدء ففي إسناده مقال» 
ولو كان محفوظا لدل على النسخ, غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه» حديث نسخ التطبيق. انتهى قلت: وفي 
إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن ييى بن سلمة بن كهيل» وهو يرويه عن أبيه» وقد تفرد به عنه» وهما ضعيفان لا 


حدثنا أبو بكر قال: نا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أب هريرة يرفعه, أنه قال: إذا سجد أحدكم, فليبتدئ 

بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل. مصنف ابن أبي شيبة 

'9! عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري» مديئ يك أبا عباد. 

ثنا عثمان بن سعيد: قلت ليحى: فعبد الله بن سعيد المقبري؟ قال: ليس بشيء. انتهى من الكامل في ضعفاء الرحال للإمام الحافط أبي أحمد 

عبد الله بن عدي الجرجاني 

ثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم» معت يحيى بن معين يقول: عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ليس بشيء»؛ لا يكتب حديثه. 

انتهى من الكامل في ضعفاء الرحال للإمام الحافط أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني 

ثنا أبو طالب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد الله بن سعيد المقبري» أبو عباد» منكر الحديث. انتهى من الكامل في ضعفاء الرجال 
7 





يصلحان للاحتجاج. قال في الخلاصة» في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل: اتهمه أبو فر" وقال في التقريب» في 
ترجمة إسماعيل والد إبراهيم: متروك 163 

الثاني: أن في حديث أبي هريرة قلبا من الراوي» وكان أصله: "وليضع ركبتيه قبل يديه" ويدل عليه أول 
حديثء وهو قوله: "فلا يبرك كما يبرك البعير"؛ فإن المعروف من بروك البعير» هو تقدم اليدين على الرحلين. 
قاله ابن القيم في زاد المعاد» وقال: ولما علم أصحاب هذا القول ذلكء قالوا: ركبتا البعير في يديه لا في رحليه. 
فهو إذا برك وضع ركبتيه» أو فهذا هو المنهي عنه. قال: وهو فاسدء وحاصلها: أن البعير إذا برك يضع يديه 
ورحلاه قائمتان. وهذا هو المنهي عنه؛ وأن القول بأن ركب البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة» وأنه لو كان 
الأمر كما قالواء لقال البي بَيككُمْ : فليبرك كما يبرك البعير» لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه. انتهى 

وفيه أن قوله: في حديث أبي هريرة قلب من الراوي» فيه نظر» إذ لو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية 
راو مع صحته. وأما قوله: كون ركب البعير في يديه» لا يعرفه أهل اللغة» ففيه أنه قد وقع في حديث هجرة 
البي مَيككُمْ قول سراقة: ساحت يدا فرسي في الأرض حى بلغنا الركبتين» رواه البخاري في صحيحهه فهذا 
دليل واضح على أن ركبي البعير تكونان في يديه. وأما قوله: لو كان الأمر كما قالواء لقال النبي يَيكتُّمْ : فليبرك 
كما يبرك البعير. ففيه أنه لما ثبت أن ركب البعير تكونان في يديه» ومعلوم أن ركب الإنسان تكونان في 
رحليه» وقد قال َلثم في آخر هذا الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه", فكيف يقول في أوله: فليبرك كما 
يبرك البعير؟ أي فليضع ركبتيه قبل يديه. 

والثالث: أن حديث أبي هريرة ضعيفء فإن الدارقطئ قال: تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن 
حسن. انتهى والدراوردي؛ وإن وثقه ييى بن معين وعلي بن المديئي وغيرهماء لكن قال أحمد بن حنبل: إذا 
حدث من حفظه يهم؛ وقال أبو زرعة: سيء الحفظ» فتفرد الدراوردي عن محمد بن عبد الله مورث للضعف. 
وقال البخاري: محمد بن عبد الله بن الحسن, لا يتابع عليه» وقال: لا أدري أسمع من أب الزناد أم لا. اتتهى 
وفيه: أن حديث أبي هريرة صحيح صالح للاحتجاج» كما عرفت. وأما قول الدارقطيئ: تفرد به الدراوردي 
عن محمد بن عبد الله بن الحسن. فليس بصحيح, بل قد تابعه عبد الله بن نافع عند أبي داود والنسائي. قال 
المنذري: وفي ما قال الدارقطيئ نظرء فقد روى نحوه عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله» وأخرجه أبو داود 
والنسائي من حديثه؛ ثم تفرد الدراوردي ليس مورثا للضعفء لأنه قد احتج به مسلم وأصحاب السئن» ووثقه 
إمام هذا الشأن بحيى بن معين» وعلي بن المديئ وغيرهما. وأما قول البخاري: محمد بن عبد الله بن الحسن, لا 


إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرميء أبو إسحاق الكوفي» ضعيف من الحادية عشرة» مات سنة ثمان 
وخمسين. انتهى من التقريب 
© إسماعيل بن ييى بن سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي» متروك» من العاشرة. انتهى من التقريب 

7 





يتابع عليه» فليس .مضرء فإنه ثقة» ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر» وصححه ابن خزية. قال ابن التركماني 
في الجوهر النقي: محمد بن عبد الله وثقه النسائي. وقول البخاري: لا يتابع على حديثه؛ ليس بصريح في 
الجرح» فلا يعارض توثيق النسائي. انتهى» وكذا لا يضر قوله: لا أدري أسمع من أب الزناد أم لا؟ فإن محمد بن 
عبد الله ليس ,مدلس» وسماعه من أب الزناد ممكن,» فإنه قتل سنة: 145 (إخمس وأربعين ومائة)» وهو ابن خمس 
أربعين» وأبو الزناد مات سنة: 130 (ثلاثين ومائة)» فيحمل عنعنته على السماع عند جمهور المحدثين. 
والرابع: أن حديث أبي هريرة مضطربء فإنه رواه ابن أبي شيبة في مصنفه. والطحاوي في شرح الآثار» عن 
عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن البي يَيككُمْ أنه قال: "إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه» 
ولا يبرك كبروك الفحل"؛ فهذه الرواية تخالف الرواية الي رواها الترمذي وغيره» بحيث لا يمكن الجمع بينهماء 
والاضطراب مورث للضعف. 

وفيه» أن رواية ابن أبي شيبة والطحاوي هذه ضعيفة جداء فإن مدارها على عبد الله بن سعيد» وقد عرفت 
حاله في هذا الباب» فلا اضطراب في حديث أبي هريرة» فإن من شرط الاضطراب استواء وجوه الاختلاف» 
ولا تعل الرواية الصحيحة بالرواية الضعيفة الواهية» كما تقرر في مقره. 

والخامس: أن حديث وائل بن حجر أقوى وأثبت من حديث أبي هريرة: قال ابن تيمية في المنتقى: قال 
الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا. انتهى فحديث وائل» هو الأولى بالعمل: وفيه» أن في كون 
حديث وائل أثبت من حديث أب هريرة نظراء فإن حديث وائل ضعيف كما عرفت» ولو سلم أنه حسن» 
كما قال الترمذي» فلا يكون هو حسنا لذاته» بل لغيره» لتعدد طرقه الضعاف. وأما حديث أبي هريرة» فهو 
صحيح أو حسن لذاته ومع هذاء فله شاهد من حديث اق ون اسعة رفوي "ارزقن عرفيف فول 
الحافظ ابن حجر وابن سيد الناس وابن التركماني» والقاضي أبي بكر ابن العربي» في ترحيح حديث أي هريرة 
على حديث وائل بن حجرء فالقول الراحح» أن حديث أبي هريرة أثبت وأقوى من حديث وائل. 

فإن قيل: إن كان لحديث أبي هريرة شاهد, فلحديث وائل شاهدان: 

أحدهما: ما رواه الدارقطئ والحاكم والبيهقي» عن عاصم الأحول عن أنس قال: رأيت رسول الله مَيَلتّ انحط 
بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه قال الحاكم: هو على شرطهما ولا أعلم له علة 

وثانيهما: ما أخرجه ابن خزة في صحيحه؛ عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كنا نضع اليدين 
قبل الركبتين» فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين. 


! أخبرنا محمد بن عمرو بن تمام المصري» حدثنا أصبغ بن الفرج» حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن 
نافع عن ابن عمرء أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه» وقال: كان رسول الله يَيكُّم يفعل ذلك. رواه ابن خزعة في صحيحه 
04 





يقال: هذان الحديثان لا يصلحان أن يكونا شاهدين لحديث وائلء أما حديث أنسء فلأنه قد تفرد به العلاء 
ابن إسماعيل الا ل مجهول. قاله البيهقي» وقال الدارقط: تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بن 
غياث» وهو مجهول. انتهى» وحفص بن غياث» ساء حفظه في الآنمر 166 صرح به الحافظ ف مقدمة الفتح. 
وقال الذهبي في الميزان: قال أبو زرعة: ساء حفظه بعدما استقضى» فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح. انتهى 
وأما حديث سعد بن أبي وقاصء فقد عرفت فيما سبق» أنه قد تفرد به إبراهيم بن إسماعيل» وإبراهيم هذاء 
اهمه أبو زرعة» وأبوه إسماعيل متروك. وأن المحفوظ عن مصعب عن أبيه» نسخ التطبيق. 

فالحاصل: أن حديث أبي هريرة صحيح أو حسن لذاته» وهو أقوى وأثبت وأرحح من حديث وائل هذا 
عندي. والله تعالى أعلم. انتهى”16 

قال أبو الفتح: وقد نقلنا سجال طودين عظيمين من علمائنا الأبرار» حت نزيد الأمر بيانا فيما اختلف فيه من 
فقهيات»ء ما يحار في فهمه العالم» فما بالك بالعامي. وذلك يؤيد ما وصلنا إليه من وحوب التقليد فيما اختلف 
فيه على من لا علم له وفي هذا كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد؛ والسلام 

وخلاصة ما عندنا: 

إن التقليد واحب على الأمي الذي لا علم له» واحب على العالم الذي لم يبلغ درحة الاجتهاد فيما اختلف 
فيه» ولم يخرج فيه بشيء» وهو مندوب للذي بلغ درجة الاجتهاد» لدرء الخنلاف وبحب التراع» والسلام 
ونختم .ما قاله الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه القيم: اللامذهبية أحطر بدعة تهدد الشريعة 
الإسلامية» قال رحمه الله تعالى: عندنا اليوم فقه متكامل يتعلق يجميع أحوال الناس» أفرادا وجماعات» استخرجه 
ودونه الأثمة المجتهدون وأصحاهم العلماء» فهو اليوم متجسد ماثل أمامناء يقول لسان حاله لنا: ليس بينكم 
وبين أن تطبقوا هذا الفقه في قضاياكم المدنيه والجنائية وغيرهاء إلا أن تصوغوه بطريقتكم المفضلة. 


العلاء بن إسماعيل العطار: أخرج له الحاكم في "المستدرك", وسكت عنه الذهبي في "تلخيصه"» وقال ابن القيم: مجهول. 
وسئل أبو حاتم عن الحديث الذي رواه» فقال: منكرء وهو من رواية العباس الدوري عن العلاء المذكور عن حفص بن غياث عن 
عاصم الأحول عن أنس: رأيت رسول الله عَيلثُمْ انحط بالتكبير» حين سبقت ركبتاه يديه. وقد أحرجه الدارقطئ وقال: تفرد به 
العلاء. قلت: وخالفه عمر بن حفص بن غياث» وهو من أثبت الناس في أبيه» فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة؛ 
وغيره عن عمر موقوفا عليه وهذا هو المحفوظ والله أعلم. انتهى من لسان الميزان 
حفص بن غياث» بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة» ابن طلق بن معاوية النخعي» أبو عمر الكوفٍ القاضيء ثقة فقيه» تغير حفظه 
قليلا في الآخر» من الثامنة» مات سنة أربع» أو حخمس» وتسعين» وقد قارب الثمانين. انتهى من التقريب 
؟! تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي 

50 





فإذا عرضنا هذه الثروة الفقهية لرياح عاتية من الاحتهاد العام لكل المسلمين» كان مصير هذا الفقه مصير 
المشيم الذي تذروه الرياح الحائجة. وننظرء فإذا بنا من بنياننا الفقهي العتيد» أمام أطلال ونثار من الأحجار 
والأنقاض المبعثرة هنا وهناك؛ وإها لنتيجة لا ماري فيها إلا مكابر من طراز غريب. 

وأمام المسلم اليوم سبل سائغة لفهم أحكام صلاته وصيامه وزكاته» وسائر ما تتعرض له حياته الخاصة من 
القضايا الدينية» عن طريق دراسة كتاب صغير في مذهب من لمذاهب الأربعة» يحوي خلاصة الأحكام 
الشرعية» ولا عليه أن لا يفهم أو يقف على أدلتهاء ما دام غير مجتهد كما كان عليه حال كثير ممن يستفتون 
كبار الصحابة والتابعين. انتهى 


حلاتها 
حلاتها 


كدة اس فى اوفاتها كوم النواول و 
ما تفع انوتان: ' أمكافةا مواهن انان 3 


يقول: أداء الصلوات الخمس ف أوقاتهاء وصوم النوافل وصلاتماء لا ينفع أقواما أدوهاء من حر نار جهنم 
واصطلائها 

والمعى: أداء الصلوات المكتوبة في أوقاتماء وصوم النوافل من اثنين وخميس وأيام بيضء وصلاة رواتب اليوم 
والليلة وغيرهاء كل ذلك مهما قام به أقوام وأحصوه.ء ولم يدعوا منه شيئاء لم يرد عنهم حر نار جهنم إذا 
صلوها 

وقد عبن الشيخ قوما يتظاهرون بالعبادات ويراؤون بماء وهم لا يراعون في الله إلا ولا ذمة 

يفول نارهول رمم > اشعة: عامل اناضكة مص دار اهامية تق عن و 10 
قال ابن كثير: وقوله تعالى: "وجوه يوميء خاضعة", أي ذليلة. قاله قتادة» وقال ابن عباس: تخشع ولا ينفعها 
عملها. وقوله تعالى: "عاملة ناصبت", أي قد عملت عملا كثيرا ونصبت فيه» وصليت يوم القيامة نارا 
حامية. قال الحافظ أبو بكر البرقاي: حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى» حدثنا محمد بن إسحاق السراج» حدثنا 
هارون بن عبد الله حدثنا سيار» حدثنا جعفرء قال: سمعت أبا عمران الجوني يقول: مر عمر بن الخطاب 


نس الله تعالى عنه» بدير راهب؛ قال: فناداه: يا راهب» فأشرف؛ قال: فب ينظر إليه ويبك » فق 
رصي يواكلم أي ار مر وليه وبحي 


© الغاشية5-2 
51 





له: يا أمير المؤمنين» ما يبكيك من هذا؟ قال: ذكرت قول الله عز وحل في كتابه: "عاملة ناص تصى نارا 
حامية"؛ فذاك الذي أبكان. انتب 167 

عن أبي هريرة» أن رسول الله يلثم قال: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فيناء من لا درهم له ولا مقاع؛ 
فقال: "إن المفلس من أميء يأ يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة, ويأق قد شتم هذا وقذف هذاء وأكل مال 
هذاء وسفك دم هذاء وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته» فإن فنيت حسنته» قبل أن 


يقضى ما عليه» أحذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". 5 


أخرج من الشريعة عبكي نالا على ما عنلي 
وله أبفى إيها تعلي الجاريا بالباكور الضكي 


يقول: احرج من الشريعة يا عبدي» أدلك على ما عندي» وإلا فابق فيهاء وتابع عملكء أجازيك بالتين المهندي 
والمعئ: لا تبق مع ظاهر الشريعة أيها العبد وانفذ إلى باطنهاء حذها بقلبك وليس بعقلكء فإنك إن فعلت 
ذلك» عرفتئ حق المعرفة» لأنني أعرف بالقلب» ومى عرفت دللتك على ما تصلح به دنياك ودينك من حكم 
ولطائف 

أما إذا احترت البقاء مع ظاهر الشريعة» آمنت بالعقل وأحبطت روحانيتك» وتعاملت معي معاملة التجار» 
فعبدتئ ليس شكرا على ما أنعمت به عليك» وليس حبا وشوقا لوجحهيء فلن أضيعك؛ بل سأجازيك بالباكور 
اللفلي و التاكوى للقي ل للحا بلقا وهو" العى اندض "7" يطل تق اقوش عل لاقي تافزل 
ويستعمله المغاربة للتحقير» فيقولون: "سأعطيك الباكور الهندي!", أي: لن أعطيك شيئا 

وقد استعمله الشيخ للتحقير من الحزاء الذي ما عبد صاحبه الله تعالى إلا طمعا في المكافأة 


169 تقس ابن كثير 
”7 ويسمى التين الشوكيء أو الصبار الكمثريء أو الصبار البري. ونسميه نحن المغاربة بالعامية: المندي أو الهندية 
52 





ولى حهيق من ناه وشرار مثل العبية 2 والكعراره 
لما تروم ‏ لكاو نخخاصطا تحت اشع 


يقول: وإذا حفت من ناري وشرريء كما يخاف العبيد والعيال» عندما ترحع لداري» أضعك تحت أشجاري 
والمعى: أما إذا عبدتن أيها العبد خحوفا من نار ذات شررء كما يخاف العبيد من سياط مواليهم» وكما يخاف 
الصبيان من معزريهم, فعندما أبعثك في الدار الآخرة» فلن أحيبك؛ ولكنئ سأضعك تحت أشجاري الوارفة 
الظلال. وقد عبر الشيخ بفعل: "نحطك"'» .معن أضعكء وهو لا يستعمل في الغالب إلا لوضع شيء لا قيمة له 
حى ينتقص من قدر الذين يعبدون الله خوفا من ناره؛ لا تقربا إلى وجهه الكريم 


الشريعه مكتوبه فى وريفه ‏ خيفة من 38 لو خيفه 
الشريعه سياج الحفيفه الحفيفه هى الرفايق رفيفد 


يقول: الشريعة مكتوبة في ورقة صغيرة وهي ضيقة من ليس له ضيقة» !"| والشريعة سياج الحقيقة» والحقيقة 
رقيقة في الرقائق 

والمعى: ثم يعود الشيخ إلى الإقلال من قيمة الشريعة أمام الحقيقة» فيقول: إن أحكام الشريعة مكتوبة في 
الأوراق» يضيق بها من لا ضيقة له» لكن الشريعة تحمي الحقيقة» حي لا يصلها إلا أهلهاء فكم من الواقفين مع 
الشريعة حكموا على أناس بالكفرء وهم أعلى متزلة منهم عند الله تعالى» فأذنبوا مما فعلواء وحرموا اتباع 
الأولياء والدحول في سلكهم؛ فكانت الشريعة مانعا من التلقي عن الأولياء» واتباعهم» وبذلك أصبحت سياجا 
تمنع الكثيرين عن طريق الأبرار» وتحبس عن قلويهم كثيرا من الأنوار؛ أما الحقيقة» فهي حكيمة مرنة» تتقبلها 
القلوب وتتلقاها بالقبول» فطرة الله الى فطر الناس عليهاء وهي إن قابلتها بالرقائق واللطائف» كانت أشد رقة 
منها ولطفا 


1 يقول الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ضيق جمع ضيقة ؛ قال الشاعر: كشف الضيقة عنا وفسح 


53 





أواء أواكه 1 الموساوي ‏ غاك ما هو ملكاوي 
كواك عند الغكاوي والهكاوي خخراو 


يقول: ما أبعدك أيها الموسوي, داؤك لا يداويه أحد, دواؤك عند الحداوي» والحداوي حضراوي 

والمعين: أواه أواه» ومعناها بالعربية: ما أبعدك أيها الموسوي؛ نسبة إلى سيدنا موسى عليه السلام» كما سيأ 
إن شاء الله تعالى» وما أشد داءك أيها الموساوي» داؤك أعبى الأطباء مداواته» ودواؤك عند الحداويء والهداوي 
عند المغاربة هو المحذوب» ثم إن هذا الحهداوي حضراوي» أي على مذهب الحقيقة» والنضراوي نسبة إلى سيدنا 
عبد الله الخضر عليه السلام» أي خضري 


بيان العبرة فيما ساقه الباري عز وجل من قصة عبد الله الخضر مع موسى عليهما السلام 


قال الله تعالى: "وإء قال موسى لفتاك 3 أبرح حتى أبلخ مجمع البحرين أو امطي حقباء فلما بلغا مجمع 
بينهما نسيا حوتهما فاتخه مبيلك في البحر سرباء فلما جاوزا قال لفتاك آتنا غدآءنا لقد لقينا من مفرنا 
هذا نصباء قال أرايت إء آوينآ إلى الصغرة فإني نسيت الحوتء ومآ أنسانية إلا الشين أن أءحرل.» 
واتخه سبيلة في البحر» عجبا قال علط ما كنا نبغ» فارتدا على آتاررهما قصحا فوجذا عبدا من عباءنآ 
آتيناه رحمخة من عنينا وعلمناكه من لينا علما" 172 
وقد وردت القصة في الحديث المرفوع» نسوقه من الصحيح إن شاء الله تعالى: 

عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى 
صاحب بين إسرائيل» فقال ابن عباس: كذب عدو الله. حدثئ أبي بن كعب أنه سمع رسول الله يلثم يقول: 
"إن موسى قام خطيبا في بن إسرائيل» فسكئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا؛ فعتب الله عليه إذ ل يرد العلم إليهء 
فأوحى الله إليه: إن لي عبدا عمجمع البحرين هو أعلم منك» قال موسى: يارب» فكيف لي به؟ قال: تأحذ 
معك حوتا فتجعله في مكتل» فحيثما فقدت الحوت فهو ثم. فأخذ حوتا فجعله في مكتلء؛ ثم انطلق» وانطلق 
معه بفتاه يوشع بن نون» حي إذا أتيا الصخرة» وضعا رؤوسهما فناماء واضطرب الحوت في المكتل» فخرج منه 
فسقط في البحر» فاتخذ سبيله في البحر سرباء وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق» فلما 
استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت» فانطلقا بقية يومهما وليلتهماء حي إذا كان من الغد» قال موسى 
لفتاه: "ءاتذا غداءنا لقه لقينا من صفرنا هدا نصبا",؛ قال: ولم يجد موسى النصب حى جاوزا المكان الذي 


أمر الله به» فقال له فتاه: "أرآيت إء أوينا إلى الصخرة فإي نسيت الحوتء؛ وما أنسانية إل الشين أن 


الكهف64 


54 





أخكرل؛ واتخد سبيلة في البحرء عجبا", قال: فكان للحوت سرباء ولموسى ولفتاه عجباء فقال موسى: "ءلة 
ما كنا نبخ؛ فارتذا على آثارهما قصصا"ء قال: رجعا يقصان آثارهما ح انتهيا إلى الصخرة؛» فإذا رجحل 
مسجى ثوباء فسلم عليه موسىء فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى» قال: موسى ب 
إسرائيل# قالتعو بعك للم غلا علص رعذلا قال "قن لذن سمعفيع سي حب" 77 يا عرس إن 
على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت» وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه» فقال موسى 


ل 0 ا 5 0 1/4 
ستجاني إن شاء الله صابراء و2 العصصس لط أمرا )2 فقال له الخضر: "فإن اتبعتني فلا تسألني عن ضيء 


حتى أحرث ل< منه عكرا" واد مجان عن سداس ابكرم فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم» 


فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول» فلما ركبا في السفينة» لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة 
بالقدوم» فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول» عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلهاء "لق جيت شييا 
إمراء قال: ألم أقل إن لن تستصع مي صبراء قال: لا تواخئني بما نسيت ولا ترهقني من أمري 

160 تاد 
عصرا".”” قال: وقال رسول الله يَلكُم : "وكانت الأولى من موسى نسيانا". قال: "وجاء عصفور فوقع على 
حرف السفينة» فنقر في البحر نقرة» فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله» إلا مثل ما نقص هذا 
العصفور من هذا البحرء ثم خرجا من السفينة» فبينا هما بمشيان على الساحلء إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع 
الغعلمان» فأحذ الخضر رأسه بيده» فاقتلعه بيده فقتله» فقال له موسى: "أقتلت نفصا راكية بغير نفس؟ لقا 
جيه خييا: مكو فال ألم اقل تن إنفت رن منتودية: مف تخي 177 لوهذ ادي الأول قال" 
لاع و ا ا شل حو لي لو اال ان 
أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريه أن ينقض" يل مائل» فقام الخضر فأقامه بيده 
فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولح يضيفوناء لو شئت لا تخذت عليه أجراء قال: "هذا فراق بيني 

بنئمة" 179 ل >" 0 َال 1 

إلى قوله: كوا رج لكي فقال رسول الله يلثم : "وددنا أن موسى 


83 الكهف66 
4 الكهف68 
5 الكهف69 
6 الكه ف 72-70 
7 الكهف 74-73 
5 الكهف76-75 
5 الكهن64 
الكهن64 





5 





قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك يأحذ كل سفينة صالحة غصبا. وكان يقرأً: وأما 
الغلام فكان كافراء وكان أبواه مؤمنئين. رواه البحاري 
قال أبو الفتح الجعفي: تواحه بحران: بحر الشريعة وبحر الحقيقة» احتمعا في بجمع البحرين» فتلاطما وتدافعاء 
وغلب بحر الحقيقة؛ وأصبح موسى عليه السلام» نبي الله وكليمه. ذو القوة والبأس» وقد أوتٍ علم كل شيء: 
٠. 1 0 5‏ 181 
قال الله تعالى: ‏ وكتبنا لك في الالواحع من كل ضشيء موعضة وتفصلا لكل نيء . 
أصبح عليه السلام» مريدا للخضر العبد الصالح» الذي ما زاد الله على أن قال: "فوجذا عبدا من عباءنا آتيناك 
رحمة من عنانا وعلمناك من لهنا علما". مريدا انه آداب المريد المتعلم» فأقلع الخضر عليه السلام عن 
صحبته» إذ لم يصبر على ما رأى» وأكثر السؤال» وأمعن في الاعتراض» رغم أنه تعهد بتركه. 
ولا يخفى أن الخضر عليه السلام» علم أن موسى عليه السلام» لن يصبر على صحبته» فأعلمه من قبل» وعلل 
فليعتبر أولوا الألباب مما ساق الباري عز وجل من قصة هذا وذاك» فلا شك أنه تعالى» شاء أن يظهر عبدا من 
عباده» إذ ليس من الضروري أن يكون وحده. وإنما هو من أظهره الله تعالى 
هذا العبد الصالح؛ لم يقم دليل من قرآن ولا حديث على أنه نبي» ولكن علمه فاق علم نبي من أولي العزم. هذا 
العبد الصالح بمثل نمج الحقيقة ف القرآن الكريم؛ وهو دليل على وجود أولياء الله الصالحين» ودعوة إلى التسليم 
لهم وترك الاعتراض» بل وحجة على تعارض الشريعة مع الحقيقة. 

عباد الله قد سكنوا شغافي حفيت يبحم وأبديت اعترافي 

نوم الحق في ليل الحيارى مى ضل السراة لدى الفياتقي. 182 
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يَيلنُّمْ : "إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب» وما تقرب إلي 
عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه» وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حى أحبهء فإذا أحببته كنت 
سمعه الذي يسمع به» وبصره الذي يبصر به» ويده الي يبطش كاء ورحله الي يهشي جاء وإن سألي لأعطينه» 
ولعن استعاذني لأعيذنه, وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن» يكره الموت وأنا أكره 
مساءته". رواه البخاري 
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله يَيكُّمْ : "وكم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له» لو أقسم على الله 
لأبره» منهم البراء بن مالك". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 
وقد اختلف الناس في مجمع البحرين أين هو 
81! الأعراف145 


152 من نظم المؤلف 
56 





قال ابن كثير: "حتى أبلغ مجمع البحرين"؛ أي هذا المكان الذي فيه بجمع البحرين. قال الفرزدق: 

فما برحوا حى قادت نساؤهم ببطحاء ذي قارعبات اللطائم 
قال قتادة وغير واحد: هما بحر فارس مما يلي المشرق» وبحر الروم مما يلي المغرب» وقال محمد بن كعب 
القرظي: مجمع البحرين عند طنجة» يعينئ: في أقصى بلاد المغرب» فالله أعلم. انتهى 83 
قال أبو الفتح: أرىء والله أعلم بغيبه» أن الأرجح أن ما وقع بينهما كان في أرض غير الأرض» وذلك لقراين 
منها: 
الأولى: لما بعث الله تعالى موسى عليه السلام إلى عبده الخضرء دله عليه بغير ما اعتاد عليه الناس في هذه 
الأرض من دلالة؛ فقد أرسله إلى مجمع البحرين» ورهن لقاءه به بضياع الحوت؛ وفي ذلك ما لم يعهده الناس 
في هذه الأرض 
الثانية: قوله تعالى في الحوت: 'واتضء سبيلك في البحر . 
فقد حيبي الحوت؛ وذهب في البحر. وهذا الأمر يخرج عن قوانين البشرء وقد كان إيذانا عموعد ظهور الخضر 
عليه السلام» وهو موعد دخوله مع موسى عالما ليس كعالم البشر» ويمكن أن يعتبر معجزة من معجزات سيدنا 
موسى عليه السلام. 
ولو أن الله تعالى لم يذكره له ضمن معجزاته في كتابه العزيز 
الثالفة: منذ اللقاء الأول بين موسى والخضر عليهما السلام» لم يذكر فى موسى يوشع بن نون» الذي سافر 
معه ورافقه» ولم يكن موسى عليه السلام ليتخلى عنه. وهو رفيقه في السفر» وخادمه, إلا إذا أمره الخضر عليه 
السلام بالتحلي عنه. وهذا ما لم يذكره الله تعالى في سورة الكهفء اللهم إلا إذا ولج موسى والخضر عليهما 
السلام أرضا لا طاقة ليوشع بن نون بولوجها 
قال ابن كثير: فإن قيل: فما بال ف موسى ذكر في أول القصة ثم لم يذكر بعد ذلك؟ فالجواب أن المقصود 
بالسياق» إِنما هو قصة موسى مع الخضر وذكر ما كان بينهماء وف موسى معه تبع» وقد صرح ف الأحاديث 
المتقدمة في الصحاح وغيرهاء أنه يوشع بن نون» وهو الذي كان يلي بي إسرائيل بعد موسى عليه السلام» هذا 
يدل على ضعف ما أورده ابن جرير في تفسيره» حيث قال: حدثنا ابن حميد» حدثنا سلمة»حدثئ ابن إسحاق 
عن الحسن بن عمارة عن أبيه عن عكرمة قال: قيل لابن عباس: لم نسمع لف موسى بذكر من حديث» وقد 
كان معه؟ قال ابن عباس فيما يذكر من حديث الفيى» قال: شرب الفى من الماء فخلدء فأحذه العالم فطابق به 


1583 تفسيز ابن كثير 
57 





سفينة» ثم أرسله في البحرء فإِهها لتموج به إلى يوم القيامة؛ وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب. إسناده 

ضعيف»؛ والحسن متروك» وأبوه غير معروف. انتهى 4 

الرابعة: ذكر الله تعالى في السورة نفسهاء وهي سورة الكهفء ذكر ما وقع لذي القرنين مع ياحوج 

وماحوجء وكيف أقام عليهم السد» ولا يخفى أن خروحهم علامة من علامات الساعة الكبرى؛ وغالب الظن 

أن أمرهم كان في أرض أخرىء وإلا فلو كانوا بشرا أمثالناء ما بقوا إلى آخر الزمان تحت الردم» فتأمل. والله 

أعلم 

عن زينب بنت ححش أن البي يَيكتُّمُ دخل عليها فزعا يقول: "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر ما اقترب» 

فتح اليوم من ردم يأحوج ومأجوج مثل هذا"؛ وحلق بإصبعه وبالي تليهاء فقالت زينب: فقلت: يا رسول الله 

أنملك وفينا الصالحون؟ قال: "نعمء إذا كثر الخبث". رواه البخاري 

لطيفة: قيل: إذا كان عبد الله الخضر عليه السلام» قد حرق السفينة ما قد يؤدي إلى إغراق أهلهاء فكذلك 

أغرق الله تعالى قوم فرعون 

وإذا قتل الغلام» فموسى قتيله القبطي 

وإذا كان قد أقام الجدار بغير أحرء فإن موسى عليه السلام» سقى لابن شعيب عليه السلام بغير أجر. انتهى 

الخامسة: قوله تعالى في ذي القرنين» في السورة نفسها: "إنا محذا لك في الارض وآتيناه من كل ضيء سببا 

فأتبع 155 

الظاهر أن هذا السبب الذي اتبعه ذو القرنين» ليس هو السبب الذي فسره أهل اللغة بأنه كل شيء يتوصل به 

إلى غيره» فحسبء بل إنه سبب أوصله إلى أرض حفية غير أرضناء فما بلغ فيها وما لقي من قوم لا تنطبق 

عليه ولا عليهم صفات أرضنا وحال معمريها من البشر 

وقوله تعالى على لسان فرعون: "وقال فرعون يا هامان ابن ل صحا لعل أبلخ الاسباب أسباب السماوات 

تأضلع إدى اله موس راف لأف كي 156 

ينسب فيه فرعون الأسباب إلى السماء» وقد قال ابن منظور: أسباب السماء: مراقيهاء قال زهير: 
ومن هاب أسباب المنية يلقها ولو رام أسباب السماء بسلم 

والواحد سبب؛ وقيل: أسباب السماء نواحيها؛ قال الأعشى: 


154 


المرجع نفسه 

7 الكهف84-83 

156 غافر37 

58 





لفن كنت في جب ثمانين قامة ورقيت أسباب السماء بسلم 
ليستدرجنك الأمر حين تهره وتعلم أني لست عنك بمحرم 
والمحرم: الذي لا يستبيح الدماء» وتهره: تكرهه. انتهى كلام ابن منظور 
وقال سبحانه في هذا المعئ: "أم لهم ملحة السماوات والارض وما بينهماء فليرتقوا في ال 
وقال: "من كان يفن أن لن ينصره الله في الكنيا والآخرة فليمئك بسبب إلى السماء ثم ليقاضع فليناض 
هل يذهبن حينه ما بغيخز" 188 
كما أن قوله تعالى في ذي القرنين: "حدلط؛ وقد أحدصا بما لنيه كوه نكلية حبر» استعملها الباري 
عز وحل في التتزيل مرتين لا أكثر» والمرتان في سورة واحدة فقط» وهي سورة الكهف 
الأولى حاءت على لسان عبد الله الخضر عليه السلام؛ في قوله تعالى: "وكيق تحبر على ما لم تحض به 
خبرا"» الكهيف67 
والثانية في حق ذي القرنين كما أسلفنا 
فقد سمى الله تعالى ما لدى ذي القرنين خبراء وسمى الخضر ما لديه ثما لم يحط به موسى عليه السلام خبراء 
وكلاهما أي ذو القرنين والخضر عليه السلام؛ تصرفا في عوالم ليست من الأرض في شيء 
فعدة الأرضين كما هو وارد في الكتاب والحديث سبع» وقد اختلف العارفون في التعريف بكل أرض على 
حدة؛ ولعل هذه الأرض الي شهدت بحريات هذه الوقائع» هي أرض الوحود الأول» ومن أوصافهاء أن ما 
يتجلى فيها من مناظر وعخلوقات في تبدل دائم وتغير» ولا يستقر على حال من الأحوال؛ كما أنها لا تخضع 
لعامل الزمان» بل تتداحل فيها الأزمنة الثلاث: الحاضر والماضي والمستقبل» تعمرها أنفس جميع الأحياء بغير 
أحسادء وهي أصل الأرض الى نحن فيهاء وما يطرأ عليها أو فيها ينعكس على أرضنا 
ولا شك أن أغلب الناس يروفا في منامهم؛ أو يرون أنفسهم فيهاء ولكنهم لا يستطيعون تمييزها عن غيرهاء 
وقد يرى أحدهم أنه تعرض فيها لأذى» فينعكس ذلك عليه وهو مستيقظ» وينقلب ذلك الأذى عليه .مثله أو 


ما يشابكه من مرض أو رزيئة أو ظلم» والعياذ بالله» وإن رأى يرا كان خيراء قلت في تائيى: 


ص9 


الحج15 
9 اركيف88 


168 


59 





فأنت بأرض 9 في وحودك أول وأنت بأرض في اصطناع وكلفة 
ولا تنس أرض الحن فيها معاشهم وللأوليا أرض إذا ما ترقت 
وأرض بدت بيضاء كانت المحشر وبرزخ أموات بأرض2 قريبة 
وأرض خليل الله هبها لصبية رعاهم خليل الله فيها برأفة 
أراض طواها فهي واحدة ولا يحيط بحا إلا حكيم بقبضة 
ونقول ما قلناه» فيما ورد في حديث الجساسة» حيث التقى تميم الداري رضي الله عنه ومن معهء بالدابة 


1 م 150 
والدجال» ورأوهما قبل أوان خحروجهما. 


روى الإمام مسلم في صحيحه عن عامر بن شراحيل الشعبي» عن فاطمة بنت قيس قالت: فلما قضى رسول الله ميلم 
صلاته» جلس على المنبر وهو يضحكء فقال: "ليلزم كل إنسان مصلاه"؛ ثم قال: "أتدرون لما جمعتكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم» 
قال: "إن» واللهء ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة» ولكن جمعتكم, لأن تميما الداري» كان رجلا نصرانياء فجاء فبايع وأسلم» وحدثي 
حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدحال» حدثئٍ أنه ركب في سفينة بحرية» مع ثلاثين رحلا من لخم وجذام» فلعب 
هم الموج شهرا ف البحرء ثم أرفتوا إلى جزيرة في البحر حي مغرب الشمسء فجلسوا في أقرب السفينة» فدحلوا الحزيرة» فلقيتهم 
دابة أهلب كثير الشعرء لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعرء فقالوا: ويلك, ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة» قالوا: وما 
الجمساسة؟ قالت: أيها القوم؛ انطلقوا إلى هذا الرحل في الدير» فإنه إلى خبركم بالأشواق» قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا ممنها أن 
تكون شيطانة» قال: فانطلقنا سراعاء حى دخلنا الدير» فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خحلقاء وأشده وثاقاء بجموعة يده إلى 
عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه» بالحديد؛ قلنا: ويلكء ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبريء فأخبرون ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس 
من العرب» ركبنا في سفينة بحرية» فصادفنا البحر حين اغتلم» فلعب بنا الموج شهراء ثم أرفأنا إلى حزيرتك هذهء فجلسنا في 
أقريكاء فدحلنا الجزيرة» فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر» لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر» فقلنا: ويلك؛ ما أنت؟ فقالت: 
أنا الجساسة» قلنا وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير» فإنه إلى حبركم بالأشواق» فأقبلنا إليك سراعاء وفزعنا 
منهاء ولم نأمن أن تكون شيطانة» فقال: أخبرون عن نخل بيسانء قلنا: عن أي شأفا تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلهاء هل 
يثمر؟ قلنا له: نعم قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر» قال: أحبرون عن بحيرة الطبرية» قلنا: عن أي شأفا تستخبر؟ قال: هل فيها 
ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء» قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهبء قال: أحبرون عن عين زغرء قالوا: عن أي شأفها تستخبر؟ قال: 
هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم» هي كثيرة الماء» وأهلها يزرعون من مائهاء قال: أخبروني عن نبي 
الأميين ما فعل؟ قالوا: قد حرج من مكة ونزل يثربء قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم» قال: كيف صنع يمم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر 
على من يليه من العرب وأطاعوه؛ قال لمم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم قال: أما إن ذلك حير لهم أن يطيعوه؛ وإن مخبركم عين؛ 
إن أنا المسيح» وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج» فأحرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها ف أربعين ليلة» غير مكة 
وطيبة» فهما محرمتان علي» كلتاهماء كلما أردت أن أدخل واحدة, أو واحدا منهماء استقبلي ملك بيده السيف صلتاء يصدنيٍ 
عنهاء وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسوفها" قالت: قال رسول الله يَيَلُّمْ » وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة» هذه طيبة» 
هذه طيبة"2 يع المدينة» ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟" فقال الناس: نعم "فإنه أعجبي حديث تميم» أنه وافق الذي كنت 
90 





أويس بن عامر القرني خير التابعين 
وإذا كانت قصة الخضر مع موسى عليهما السلا حجة أهل الحقيقة على الحقيقة من القرآن الكريم؛ بل ومن 
السنة النبوية أيضاء فلأهل الحقيقة حجة غيرها من السنة النبوية» فيما ذكر عن أويس بن عامر القري» خير 
التابعين» كما سماه رسول الله عَم 
فإذا قال القائل: ما ذكر من أمر موسى مع الخضر في سورة الكهف على عهد موسى عليهما السلام» لم يكن 
في زمان الرسول َيل » وليس من شرعه؛ فكيف نستدل به في شرعنا؟ 
وابقوات: تسقدل: يه ها لم يتس كينا أشازتث إليه قواعن الأضول !”وما كام خدات :يه رسول الله عل 
وأقره» فقد صار لنا شرعا 
كما أن ما ساقه رسول الله ّم من ذكر لأويس بن عامر القرئي» وما كان من شأن عمر رضي الله عنه معه 
وغير عمر هو أمر أخبر به بكم ودل عليه» وبذلك يصبح من صميم شريعة الإسلام 
قال الحاكم في مستدركه: ذكر مناقب أويس بن عامر القرني رضي الله تعالى عنه 
أويس راهب هذه الأمة» ولم يصحب رسول الله يَيككّم, إنما ذكره رسول الله عَم ودل على فضله؛ فذكرته 
في جملة من استشهد بصفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه 
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: معت العباس بن محمد الدوري يقول: معت ييى بن معين يقول: 
قتل أويس القرئ بين يدي أمير المؤمنين علي بن أي طالب يوم صفين 
عن عبد الرحمن بن أب ليلى قال: لما كان يوم صفين» نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي: أفيكم 
أويس القر؟ قالوا: نعم» فضرب دابته حي دخل معهم؛ ثم قال: سمعت رسول الله يَيلثُّمْ يقول: "خير التابعين 
أويس القرني". رواه الحاكم في المستدرك 
عن أسير بن حابر قال: كان عمر بن الخطابء إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن» سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ 
حى أتى على أويس؛ فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم» قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم» قال: فكان 
بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعمء قال: لك والدة؟ قال: نعم» قال: معت رسول الله عَم 
يقول: "يأتّ عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد» ثم من قرن» كان به برص فبرأ منه إلا 
موضع درهمء له والدة هو يما بر» لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل". فاستغفر لي» 


أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة, ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن» لا بل من قبل المشرقء ما هومن قبل المشرق» ما هو من قبل 
المشرق» ما هو"وأومأ بيده إلى المشرق» قالت: فحفظت هذا من رسول الله يَيلتُّمْ . اتتهى الحديث 
'”' تقول القاعد الأصولية الي أجمع عليه الفقهاء: شرع الذين من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ على عهد نبينا يللم 

91 





فاستغفر له. فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة» قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس 
أحب إلي. قال: فلما كان من العام المقبل» حج رجحل من أشرافهم» فوافق عمر» فسأله عن أويس» قال: تركته 
ث البيث قليل المتاع؛ قال: سمحت رسول الله ْم يقول: "يأ عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن» 
من مراد ثم من قرن» كان به برص فبرأ منه» إلا موضع درهم. له والدة هو يما برء لو أقسم على الله لأبره؛ فإن 
استطعت أن يستغفر لك فافعل". فأتى أويسا فقال: استغفر لي» قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح» فاستغفر 
لي» قال: استغفر لي» قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح» فاستغفر لي» قال: لقيت عمر؟ قال: نعم» فاستغفر 
له؛ ففطن له الناس» فانطلق على وجهه. قال أسير: وكسوته بردة» فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس 
هذه البردة؟ رواه مسلم 

عن هرم بن حيان العبدي قال: قدمت الكوفة فلم يكن لي بما هم إلا أويس القرنئ أطلبه وأسأل عنهء حى 
سقطت عليه جالسا وحده على شاطئ الفرات نصف النهار» يتوضأ ويغسل ثوبه» فعرفته بالنعت» فإذا رجحل 
لحم آدم شديد الأدمة» أشعر محلوق الرأس» يع ليس له جمة» كث اللحية» عليه إزار من صوف ورداء من 
صوفء بغير حذاءء كبير الوجه» مهيب المنظر جدا. فسلمت عليه» فرد علي ونظر إلي فقال: حياك الله من 
رجل» فمددت يدي إليه لأصافحه, فأبى أن يصافحين وقال: وأنت فحياك الله فقلت: رحمك الله يا أويس 
وغفر لك» كيف أنت رحمك الله؟ ثم حنقتئ الغيرة من حبي إياه ورقي له» لما رأيت من حاله ما رأيت» حق 
بكيت وبكىء ثم قال: وأنت فرحمك الله يا هرم بن حيان» كيف أنت يا أحي» من دلك علي؟ قلت: الله» قال: 
أله إلا الله 'مجهان ربكا إن كان بوعل .ريا تمفعريةة 177 حين تعان» وأبة نا كنت راينه قط ولا راق 
ثم قلت: من أين عرفتي وعرفت اسمي واسم أبي؟ فوالله ما كنت رأيتك قط قبل هذا اليوم؛ قال: "نبأني العليم 
الخبير" 177 عرفت زوحي روخك حيث كلمت نفسي نفسك» إن الأرواح ا أنفس كأنفس الأحياءء إن 
المؤمنين يعرف بعضهم بعضا ويتحدثون بروح الله» وإن لم يلتقواء وإن لم يتكلموا ويتعارفواء وإن نأت بهم 
الديار وتفرقت بم المنازل. قال: قلت: حدثئ عن رسول الله يلم بحديث أحفظه عنكء قال: إن لم أدرك 
رسول الله يَيلُّم» ولم تكن لي معه صحبة؛ ولقد رأيت رجالا قد رأوه» وقد بلغ من حديثه كما بلغكم؛ 
ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسيء أن أكون محدثا أو قاضيا ومفتياء في النفس شغل يا هرم بن 
حيان؛ قال: فقلت: يا أي إقرأ علي آيات من كتاب الله أسمعهن منكء فإني أحبك في الله حبا شديداء وادع 
بدعوات» وأوص بوصية أحفظها عنك؛ قال: فأخذ بيدي على شاطئ الفرات وقال: أعوذ بالله السميع العليم 
من الشيطان الرحيم» بسم الله الرحمن الرحيم, قال: فشهق شهقة» ثم بكى مكانه ثم قال: قال ربي تعالى ذكره» 


2 الإسراء107 
153 التحريم 03 
502 





وأحق القول قوله» وأصدق الحديث حديثه» وأحسن الكلام كلامه: "وما خلقفا المماوات والاررض وما 
بينهما لاعبين» ما خلقناهما إلا بالحق" حى بلغ إلى: "من رحم اللء إنه هو العزيز الرجيم".* ' ثم شهق 
شهقة» ثم سكتء فنظرت إليه وأنا أحسبه قد غشي عليه» ثم قال: يا هرم بن حيان» مات أبوك» وأوشك أن 
تموت» ومات أبو حيانء فإما إلى الجنة وإما إلى النار» ومات آدم» وماتت حواء. يا ابن حيان» ومات نوح 
وإبراهيم خليل الرحمن؛ يا ابن حيان» ومات موسى بحي الرحمن» يا ابن حيان» ومات داود خليفة الر حمن؛ يا 
ابن حيان» ومات محمد رسول الرحمن؛ ومات أبو بكر خحليفة المسلمين» يا ابن حيان» ومات أي وصفيي 
وصديقي عمر بن الخطاب. ثم قال: واعمراه! رحم الله عمرء وعمر يومئذ حي» وذلك في آخر خلافته, قال: 
فقلت له: رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حيء قال: بلى» إن تفهم فقد علمت ما قلتء أنا وأنت في 
الموتى» وكان قد كانء ثم صلى على البي َيكم ودعا بدعوات خفاف, ثم قال: هذه وصييّ إليك يا هرم بن 
حيان: كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين» والصلاة والسلام على البي يَيككْم؛ ولقد نعيت على نفسي 
ونعيتك» فعليك بذكر الموت فلا يفارقن عليك طرفة» وأنذر قومك إذا رجعت إليهم» وانصح أهل ملتك 
جميعا؛ واكدح لنفسكء وإياك إياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم؛ فتدحل النار يوم القيامة. 
قال: ثم قال: اللهم إن هذا يزعم أنه يحب فيك» وزارئي من أحلكء اللهم عرفئ وجهه في الجنة» وأدحله علي 
زائرا في دارك دار السلام» واحفظه ما دام في الدنيا» حيث ما كان» وضم عليه ضيعته» ورضه من الدنيا 
باليسير» وما أعطيته من الدنيا فيسره له» واحعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين؛ واجزه خير الجزاء» 
استودعتك الله يا هرم بن حيان» والسلام عليك ورحمة الله. ثم قال لي: لا أراك بعد اليوم رمك الله فإي أكره 
الشهرة» والوحدة أحب إلي» لأني شديد الغم كثير الهم» ما دمت مع هؤلاء الناس حيا في الدنياء ولا تسأل 
عن» ولا تطلبئ. واعلم أنك م على بال» ول أرك ول ترني» فاذكرني وادع لي» فإني سأذكرك وأدعو لك» 
إن شاء الله تعالى» انطلق ها هناء حى آخذ ها هنا. قال: فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى علي» ففارقته 
يبكي وأبكي. قال: فجعلت أنظر في قفاه حى دحل في بعض السككء فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما 
وجدت أحدا يخبرن عنه بشيء» فرحمه الله وغفر له. وما أتت علي جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين. 
أو كما قال. رواه الحاكم في المستدرك 


قال تعالى: "وما خلقنا المموات والارض وما بينهما لاعبين»: ما خلقناهما إلا بالحق» ولحن أحثرهم لا 
يعلمون» إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغنِ مولى عن مولى شييا ولا هم ينصون إلا من رجم الله إنه 
هو العزيز الرحيم". الدخاذن40-36 

53 





هجرتم من أحبكم عهودا ‏ فلم يقبل حبيبكم القعودا 

أنا سار بليل كي أراكم وإن كان اللقاء بكم بعيدا 

سأفي ما تبقى من حياتي ‏ ظعينا في طلابكم شريدا 

فإن حال الردى دون التلاقي فحسبي موتي فيكم ا 
قال أبو الفتح: وقد بسطت الكلام على أويس القرئ من أصله؛ وأنا أعلم أن من الناس من لا معرفة له به ولا 
اطلاع على ما ذكر النبي يلتم من فضله؛ بل إن كثيرا من العلماء لا يقفون على أحاديثه» ويجانبون الحديث 
عنه؛ وفي ذلك كتم للحق لا يرضاه الله عز وجل. عفا الله عنهم وهداهم إلى الحق بإذنه» إنه ولي التوفيق 


أفوكة: الك . معن إننانةا” النقن: الكفة امن" ازنانا 


يقول: خمسة أحكام أوثانك؛ الحرام والحلال ديدنك؛» أشركت بالله في إيمانك» وأبدعت البدعة في زمانك 
والمعيى: أصبحت لا تتكلم سوى بالأحكام الخمسة» على رأسها الحرام والحلال حّ نصبت نفسك حكما 
على الناس» نسيت الله وبقيت مع هذه الأحكام» وكأمما أوثان تعبدهاء وبذلك أشركت مع الله رغم إيمانك 
به» ورميت أفعال الناس بالبدعة» وخلطت في ذلك بين كثير من المحدثات الى احتهد فيها الفقهاء وكان فيها 
خير للناس في دينهم ودنياهم» وبين ما أحدث من ضلالات» وبذلك تكون قد أحدثت وابتدعت بدعة 
حديدة» وهي الحكم على الحق بالبدعة 

وف القول المفيد للشوكان ما نصه: وذكر ابن وهب أنه مع مالكا يقول: لم يكن من أمر الناس» ولا أدركت 
أحدا أقتدي به يقول في شيء: هذا حرام وهذا حلالء ما كانوا يجترؤون على ذلكء إنما يقولون: نكره هذاء 
ونرى هذا حسناء وينبغي هذاء ولا نرى هذاء أما سمعت قول الله عز وجل: "قل أرايتم ما أنزل الله لكم من 
زوف ملقم من عراما ريفةة فل: الها امن الك ان عدئ اد جحكرونا 77 لشاذلنيا أعل الله ورسولة 


س ا 0 157 


155 من نظم المولف 
156 يونس 59 
”'! الصوارم والأسنة في الذب عن السنة 


594 





تعرس البدعة لغة واصطلاحا 

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في تعريف البدع وبيان معناها وما اشتق منه لفظا: وأصل مادة بدع: 
للاختراع على غبر مثال سابق» ومنه قول الله تعالى: "ببيع السموات والارض". 7 أي مخترعهما من غير 
مثال سابق متقدم» وقوله تعالى: "قل ما كنت بودعا من ولاك" انا كنت ول سحاد بالرسالة من 
الله إلى العباد» بل تقدمئ كثير من الرسل» ويقال: ابتدع فلان بدعة» يعين: ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق. 
وهذا أمر بديع؛ يقال في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن, فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله ولا ما 
ومن هذا المعن» 'حميت البدعة بدعة» فاستخراحها للسلوك عليها هو الابتداع» وهيئتها هي البدعة» وقد يسمى 
العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة» فمن هذا المعئ سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة» وهو 
إطلاق أخص منه في اللغة» حسبما يذكر بحول الله. انتب 200 


البدعة حفيقية وإضافية 

يقول: ولا بد قبل النظر في ذلك من تفسير البدعة الحقيقية والإضافية» فنقول وبالله التوفيق : إن البدعة الحقيقية 
هي الي لم يدل عليها دليل شرعيء لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع؛ ولا استدلال معتبر عند أهل العلمء لا 
في الجملة ولا في التفصيل» ولذلك ميت بدعة» كما تقدم ذكره, لأنها شيء مخترع على غير مثال سابق» وإن 
كان المبتدع يأ أن ينسب إليه الخروج عن الشرع؛ إذ هو مدع أنه داخل هما استنبط تحت مقتضى الأدلة» 
لكن تلك الدعوى غير صحيحة؛ لا في نفس الأمر ولا بحسب الظاهر؛ أما بحسب نفس الأمر فبالعرضء وأما 
بحسب الظاهرء فإن أدلته شبه ليست بأدلة» إن تثبت أنه استدل» وإلا فالأمر واضح 

وأما البدعة الإضافية فهي الي لما شائبتان: إحداهما لما من الأدلة متعلق» فلا تكون من تلك الجهة بدعة» 
والأخرى ليس لما متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية» فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد 
الطرفين» وضعنا له هذه التسمية» وهي البدعة الإضافية» أي أها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة» لأنها مستندة 


إلى دليل» وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة؛ لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل» أو غير مستندة إلى شيء 


8 البقرة116 
9 الأحقاف08 
7 الاعتتصام 
95 





والفرق بينهما من جهة المععئ؛ أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم» ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو 

التفاصيل لم يقم عليهاء مع أنها محتاحة إليه» لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة» كما 

سنذكره إن شاء الله. انعم 201 

ويقول رحمه الله تعالى في المصالح المرسلة: هذا الباب يضطر إلى الكلام فيه عند النظر فيما هو بدعة وما ليس 

ببدعة» فإن كثيرا من الناس عدوا أكثر المصالح المرسلة بدعاء ونسبوها إلى الصحابة والتابعين» وجعلوها حجة 

فيما ذهبوا إليه من اختراع العبادات؛ وقوم جعلوا البدع تنقسم بأقسام أحكام الشريعة» فقالوا: إن منها ما هو 

واجب ومندوب» وعدوا من الواجحب كتب المصحف وغيره» ومن المندوب الاجتماع في قيام رمضان على 

قارئ واحد. 

موقع المصالح المرسلة والاستّحسان من البدعة 

قال الشاطبي: وأيضا فإن المصالح المرسلة» يرحع معناها إلى اعتبار المناسب الذي لا يشهد له أصل معين» فليس 

له على هذا شاهد شرعي على الخنصوصء ولا كونه قياسا» بحيث إذا عرض على العقول تلقته بالقبول. 

وهذا بعينه موجود في البدع المستحسنة» فإفها راحعة إلى أمور في الدين مصلحية؛ في زعم واضعيهاء في الشرع 

على الخصوص 

وإذا ثبت هذاء فإن كان اعتبار المصالح المرسلة حقاء فاعتبار البدع المستحسنة حقء لأنهم يجريان من واد 

واحدء وإن ل يكن اعتبار البدع حقاء لم يصح اعتبار المصالح المرسلة. انتهى 5/2 

قال أبو الفتح: وقد سرد الشاطبي عشرة أمثلة» توضح الوجه العلمي في المصالح المرسلة» نذكر منها أربعة قصد 

الاختصار: 

المثال الأول: أن أصحاب رسول الله لم اتفقوا على جمع المصحفء وليس ثم نص على جمعه وكتبه أيضاء 

بل كيد قال يعضهدة كيت تعمل شيعا يفطا رض ول اي 204 

7١‏ المرحع نفسه 

2 المرجع نفسه 

7 هكذا رواه البخاري في صحيحه: عن ابن السباق» أن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه» وكان ممن يكتب الوحيء قال: 

أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة» وعنده عمرء فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس» 

وإن أحشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن» فيذهب كثير من القرآنء إلا أن تجمعوه؛ وإنٍ لأرى أن ججمع القرآن. قال أبو 

بكر: قلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله ّم ؟ فقال عمر: هو والله خير» فلم يزل عمر يراجعين فيه حبق شرح الله 

لذلك صدريء ورأيت الذي رأى عمرء قال زيد بن ثابت: وعمر عنده جالس لا يتكلم» فقال أبو بكر: إناك رجحل شاب عاقل 

ولا نتهمك؛ كنت تكتب الوحي لرسول الله َي فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفئ نقل جبل من الحبال ما كان أثقل علي 
596 





قال الشاطبي: ولم يرد نص عن الي يَيلكُمْ .مما صنعوا من ذلك» ولكنهم رأوه مصلحة تناسب تصرفات 
الشرع قطعاء فإن ذلك راجع إلى حفظ الشريعة» والأمر بحفظها معلوم» وإلى منع الذريعة للاختلاف في أصلها 
الذي هو القرآن» وقد علم النهي عن الاحتلاف في ذلك ها لا مزيد عليه» وإذا استقام هذا الأصلء فاحمل عليه 
كتب العلم من السنن وغيرهاء إذا خيف عليها الاندراس» زيادة على ما جاء في الأحاديث من الأمر بكتب 
العلم. اه 205 

المغال الثاني: اتفاق أصحاب رسول الله يلثم على حد شارب الخمر ثمانين» وإنما مستندهم فيه الرجوع إلى 
المصالح والتمسسك بالاستدلال المرسل» قال العلماء: لم يكن فيه في زمان رسول الله يَيْلكُمْ حد مقدرء وإنما حرى 
الزحر فيه بحرى التعزيز» ولما انتهى الأمر إلى أبى بكر رضي الله عنه» قرره على طريق النظر بأربعين؛ ثم انتهى 
الأمر إلى عثمان رضي الله عنه» فتتابع الناس» فجمع الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم, فقال علي رضي الله 
عنه: من سكر هذى؛ ومن هذى افترى» فأرى عليه حد المفتري 

المثال الثالث: إن العلماء احتلفوا في الضرب بالتهم 

وذهب مالك إلى جواز السجن في التهم؛ وإن كان السجن نوعا من العذاب» ونص أصحابه على جواز 
الضرب» وهو عند الشيوخ من قبيل تضمين الصناع» فإنه لو الم يكن الضرب والسجن بالتهم» لتعذر 
استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصابء إذ قد يتعذر إقامة البينة» فكانت المصلحة في التعذيب وسيلة 
إلى التحصيل بالتعيين والإقرار 

المثال الرابع: أنه يجوز قتل الجماعة بالواحد 

والمستند فيه المصلحة المرسلة» إذ لا نص على عين المسألة» ولكنه منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه» 
وهو مذهب مالك والشافعي؛ ووحه المصلحة: أن القتيل معصوم وقد قتل عمداء فإهداره داع إلى خرم أصل 
القصاصء واتخاذ الاستعانة والاشتراك ذريعة إلى السعي بالقتل» إذا علم أنه لا قصاص فيه؛ وليس أصله قتل 
المنفرد» فإنه قاتل تحقيقاء والمشترك ليس بقاتل تحقيقاء فإن قيل: هذا أمر بديع في الشرع» وهو قتل غير القاتل. 


مما أمرنىي به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله يَيكُمِ؟ فقال أبو بكر: هو والله خير» فلم أزل أراجعه 

حي شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمرء فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب» 

وصدور الرحال» حى وحدت من سورة التوبة آيتين مع خزية الأنصاريء لم أحدهما مع أحد غيره: "لقد جاءكم رصول من 

أنفسكم عزيز عليه ما عنتم» حرييص عليكم إلى آخرهما". التوبة 129 

وكانت الصحف الى جمع فيها القرآن عند أبي بكر حي توفاه الله ثم عند عمر حى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر.. 

4 الاعتصام 

57 المرحع نفسه 
97 





قلنا: ليس كذلكء بل لم يقتل إلا القاتل» وهم الجماعة من حيث الاجتماع عند مالك والشافعي» فهو مضاف 
إليهم تحقيقاء إضافته إلى الشخص الواحدء وإنما التعيين في تتزل الأشخاص متزلة الشخص الواحد؛ وقد دعت 
إليه المصلحة» فلم يكن مبتدعاء مع ما فيه من حفظ مقاصد الشرع في حقن الدماء. وعليه يحري عند مالك 
قطع الأيدي باليد الواحدة» وقطع الأيدي في النصاب الواجب. انتب 206 

قلت: ثم سرد رحمه الله تعالىم» عشرة أمثلة تبين الوجه العلمي في الاستحسانء نقتصر منها على خمسة: 
أحدها: أن يعدل بالمسألة عن نظائرها بدليل الكتاب» كقوله تعالى: "خئة من أموالهم صدقة تشضهرهم 
وتزحيهم بها"7” فظاهر اللفظ العموم في جميع ما يتمول به» وهو مخصوص في الشرع بالأموال الزكوية 
خاصة» فلو قال قائل: مالي صدقة» فظاهر لفظه يعم كل مال» ولكنا نحمله على مال الزكاة» لكونه ثبت الحمل 
عليه في الكتاب 

قال العلماء: وكأن هذا يرحع إلى تخصيص العموم بعادة فهم خطاب القرآن 

وهذا المثال أورده الكرحي تمثيلا لما قاله في الاستحسان 

والثاني: أن يقول الحنفي: سور سباع الطير بنحسء قياسا على سباع البهائم 

وهذا ظاهر الأثر» ولكنه ظاهر استحساناء لأن السبع ليس بنجس العين» ولكن لضرورة تحريم لحمه» فثبتت 
نحاسته مجاورة رطوبات لعابه» وإذا كان كذلكء فارقه الطير» لأنه يشرب عنقاره» وهو طاهر بنفسه» فوحب 
الحكم بطهارة سؤره؛ لأن هذا أثر قوي وإن حفيء» فترحح على الأول» وإن كان أمره جلياء والأحذ بأقوى 
والغالث: أن أبا حنيفة قال: إذا شهد أربعة على رجحل بالزناء ولكن عين كل واحد غير الجهة الي عينها 
الآخرء فالقياس أن لا يحد» ولكن استحسن حده ووجه ذلككء أنه لا يحد إلا من شهد عليه أربعة» فإذا عين 
كل واحد داراء فلم يأت على كل مرتبة بأربعة» لامتناع احتماعهم على رتبة واحدة» فإذا عين كل واحد 
زاوية» فالظاهر تعدد الفعل» ويمكن التزاحف 

والرابع: أن مالك بن أنس» من مذهبه أن يترك الدليل للعرفء فإنه رد الأبمان إلى العرف» مع أن اللغة تقتضي 
ف ألفاظها غير ما يقتضيه العرف؛ كقوله: والله لا دحلت مع فلان بيتا؛ فهو يحنث بدخول كل موضع يسمى 
بينا في اللغة» والمسجد يسمى بيتاء فيحنث على ذلكء إلا إن عرف الناس أن لا يطلقوا هذا اللفظ عليه» فخرج 
بالعرف على مقتضى اللفظ» فلا يحنث 


206 


المرجع نفسه 
207 التوبة 104 
598 





والخامس: ما تقدم أولاء من أن الأمة استحسنت دخول الحمام من غير تقدير أجرة» ولا تقدير مدة اللبث ولا 
تقدير الماء المستعمل» والأصل في هذا المنع» إلا أنهم أحازواء لا كما قال المحتجون على البدع» بل لأمر آخر هو 
من هذا القبيل الذي ليس بخارج عن الأدلة» فأما تقدير العوضء فالعرف هو الذي قدرهء فلا حاحة إلى 
التقدير» وأما مدة اللبث وقدر الماء المستعمل» فإن لم يكن ذلك مقدرا بالعرف أيضاء فإنه يسقط للضرورة إليه. 
20 

جواز البدعة المسحسنة في الدن 
قلت: إذا كان الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى» قد قسم البدعة إلى حقيقية وإضافية» فقد قسمها غيره إلى غير 
ذلك: 
فالبدعة عند الشافعي رحمه الله تعالى: محمودة ومذمومة 
وعند ابن الأثير: بدعة هدى وبدعة ضلالة 
وعند غيرهما: عادية وتعبدية» حسنة وسيئة» فعلية وتركية» اعتقادية وقولية وفعلية» كلية وحزئية» وبسيطة 
ومركبة 
ومن الناس من اعتقد أن لا بدعة حسنة في الدين» وأن كل محدثة بدعة» وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في 
20 
وقد احتج القائلون بحواز البدعة المستحسنة في الدين بأمرين: 
أحدهما: حديث عبد الرحمن بن عبد القاري» وقول عمر رضي الله عنه: "نعم البدعة هذه" 
وهذا نص الحديث بتمامه: عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله 
عنه» ليلة في رمضان إلى المسجدء فإذا الناس أوزاع متفرقون» يصلي الرحل لنفسه» ويصلي الرحل فيصلي 
بصلاته الرهط». فقال عمر: إن أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل؛ ثم عزم فجمعهم على أبي 
ابن كعبء» ثم حرحت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم؛ قال عمر: نعم البدعة هذه؛ وال ينامون 


عنها أفضل من الي يقومون؛ يريد آخر الليل» وكان الناس يقومون أوله. رواه البحاري في صحيحه 


8 الاعتصام 
نشير إلى ما رواه النسائي قال: عن جابر قال: كان رسول الله يَيْكثّمْ يقول في حطبته يحمد الله ويئئ عليه بما هو له أهل ثم 
يقول: "من يهد الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الحدي هدي محمد يَيلم , 
وشر الأمور محدثاتاء وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار الحديث". رواه النسائي 

99 





وقالوا بأن البي بيثم صلى بالناس صلاة التراويح ثلاث ليال ثم أمسك» حى كان ما فعله عمر رضي الله عنه 
من جمع الناس على قارئ واحدء» وقوله: نعم البدعة هذه 

ثم ما زاده الصحابة رضوان الله عنهم مما لم يفعله رسول الله يلم 

وقد كفانا الإمام الشاطبي مؤنة جمع أمثلته وعدهاء كما سبق في كلامه 

ثانيهما: قوله تعالى: "ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناك الانجيل» وجعلنا في قلوب 
الغين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما حتبناها عليهم إلا ابتغاء رطضران الله فما رعوها حق 
رعايتهاء فآتينا العين آمنوا منهم أجرهم؛ وكثير منهم ا 
ورأوا أن الحواريين ابتدعوا بدعة الرهبانية» وقبلها منهم الباري عز وحلء وجازى الذين رعوها منهم حق 
رعايتها حير الجزاء 

وأنكر الرادون للبدع جملة وتفصيلاء على هؤلاء أن يستندوا إلى ما استندوا إليه» لإثبات رأيهم في حواز البدعة 
المستحسنة 

وقالوا بأن ما فعله عمر رضي الله عنه» من جمع الناس على قارئ واحد في صلاة التراويح ليس ببدعة, لأن النبي 
نّم فعله في حياته ثلاث ليال ثم أمسك عنه» فبذلك يكون له أصل في سنة البي عَلَمٌ 

بل ذهبوا إلى أكثر من ذلكء فاستدلوا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم» قال رحمه 
الله تعالى: وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين يهذاء لو أردنا أن نثبت حكما 
بقول عمر الذي لم يخالف فيه» لقالوا: "قول الصاحب ليس بحجة"» فكيف يكون حجة لهم في خلاف قول 
ردول له عقر لاه 

وادعوا أن تسمية عمر رضي الله عنه لما فعله بالبدعة» أراد بذلك تسمية لغوية لا تسمية شرعية 

قال أبو الفتح الجعفي: لو لم يثبت عن الصحابة سوى ماثبت عن عمر رضي الله عنه» حين جمع الناس على 
قارئ واحد» وسعى ما فعله بدعة» لكان كافيا في حواز البدعة المستحسنة 

مع العلم أن كل البدع المستحسنة لما أصل في الدين» وإلا لكانت منكرة» فكيف يقول هؤلاء أنها ليست بدعة 
لأن لحا أصلا في الدين؟ فهي وإن كانت كذلكء فإن البي ع2َثُمْ امتنع عنها في الليلة الرابعة» امتناعا يشق 
الخروج عنه ومع ذلك فعله عمر رضي الله عنه» لما رأى فيه من استحسان 

عن عروة أن عائشة رضي الله عنهاء أخبرته أن رسول الله ّم حرج ليلة من جوف الليل» فصلى في المسجدء 
وصلى رجال بصلاته» فأصبح الناس فتحدثواء فاحتمع أكثر منهم فصلوا معه» فأصبح الناس فتحدثواء فكثر 


0 الحديد26 
3 اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم 
100 





أهل المسجد من الليلة الثالثة» فرج رسول الله ميلم فصلىء فصلوا بصلاته» فلما كانت الليلة الرابعة» عجز 
المسجد عن أهله» حى خرج لصلاة الصبح» فلما قضى الفجر أقبل على الناس؛ فتشهد, ثم قال: "أما بعدء فإنه 
لم يخف علي مكانكم, ولك خحشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها". فتوفي رسول الله يلتم والأمر على 
ذلك. رواه البخاري في صحيحه 

فماذا نقول في جمع القرآن وكتابة الحديث وجمعه؟ وفي حد الشارب وما إلى ذلك ما تقتضيه المصالح المرسلة؟ 
إن المنكرين للبدعة المستحسنة يحبطون العقل» ويقفلون باب الاجتهاد في الدين 

وف هذا القدر كفاية على أن ما فعله عمر رضي الله عنه» وقال: "نعم البدعة هذه", هو من قبيل البدع 


ل 
كما حاول المنكرونء أن يؤولوا ما استدل به من سورة الحديد على غير وجهه؛ وقالوا ليس في هذه الآية دليل 
على استحسان البدع 


قال الله تعالى: "تم قفينا على آتارهم برصلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناك الانجيل» وجعلنا في قلوب 
العين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضان الله؛ فما رعوها حق 
رعايتهاء فآتينا العغين آمنوا منهم أجرهم» وكتير منهم 2 
قال الحافظ ابن كثير: "وجعلنا في قلوب العين اتبعوة"؛ وهم الحواريون» "رأفة". أي رقة» وهي المنشية» 
"ورحمة" بالخلق. وقوله: "ورهبانية ابتدعوها"؛ أي ابتدعها أمة النصارى» "ما كتبناها عليهم"؛ أي ما 
شرعناها لهم» وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم. 

وقوله تعالى: "إلا ابتغاء رضوان الله"* فيه قولان: (أحدهما) أنهم قصدوا بذلك رضوان الله قاله سعيد بن 
حبير وقتادة؛ (والآخر) ما كتبنا عليهم ذلك إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله. وقوله تعالى: "فما رعوها حق 
رعايتها"؛ أي فما قاموا بما التزموا حق القيام» وهذا ذم لحم من وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله مالم 
يأمر به الله؛ والثاي: في عدم قيامهم بما التزموا ثما زعموا أنه قربة يقريهم إلى الله عز وجل. انتهى 213 
قال أبو الفتح: قلت: قوله تعالى: "إل ابتغاء رضوان الله"؛ المراد به: ابتدعوها ابتغاء رضوان الله 
أما من ادعى أن المراد به: ما كتبناها عليهم, إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله» فهو مردود عليه من وجوه: 
الوجه الأول: قوله تعالى: 'وجعلنا في قلوب الكين اتبعوه رأفة ورحمية ورهبانيغ", كل ذلك أشار الباري 
عز وجل إلى أنه هو الذي جعله في قلويهم, ولم تكن الرأفة والرحمة والرهبانية من عند أنفسهم؛ والذي جعله 
الله تعالى لا يعقل عده من قبيل البدعة المذمومة 


2 الجديد26 


03 يمتنيو ابن كثير 
101 





الوجه الثافي: قوله تعالى: "ما كتبناها عليهم"؛ ليس المقصود منه بالضرورة: حرمناها عليهم» فقد تكون من 
قبيل المباح والمندوبء إذ الأصل في الأشياء الإباحة 
الوجه الثالث: قوله تعالى: "فما رعوها حف رعايتها"؛ اعتراف من الباري عز وجل بأن ما ابتدعوه ثما جعل 
في قلويهم» يستوجب الرعاية» ولو لم يكن حقا لما استوجب الرعاية 
الوجه الرابع: قوله تعالى: "ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله". يفهم من سياق الآية الكرعة, أن الله 
كتب عليهم ما ابتدعوه من رأفة ورحمة ورهبانية» ما داموا قد ابتغوا به رضوان الله 
الوجه الخامس: قوله تعالى: "فآتينا العين آمنوا مفهم أجرهم وكتير منهم فاسقون", رغم ابتداعهم ما جعل 
الله في قلويهمءلم يخرحهم الله تعالى عن زمرة الذين آمنواء بل آتاهم أجرهم» ولو كان ما ابتدعوه مستنكرا لما 
حسبهم الله تعالى من المؤمنين» أما الذين لم يرعوا ما ابتدعوه» وهم الأكثرون» فهم الفاسقون 
ويؤيد ما ذهبنا إليه ما يلي: 
قال ابن أبي حاتم: قوله تعالى: "قلوب العين اتبعوو" 
من طرق عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله يَيكُّمْ: "يا عبد الله", قلت: لبيك يا رسول الله» ثلاث 
مرات» قال: "هل تدري أي عرا الإيمان أوثق؟" قلت: الله ورسوله أعلم قال: "أوثق عرا الإيمان» الولاية في 
الله بالحب فيه والبغض فيه" قال: "هل تدري أي الناس أفضل؟" قلت: الله ورسوله أعلم» قال: "أفضل 
الناس» أفضلهم عملا إذا تفقهوا في الدين. يا عبد الله هل تدري أي الئاس أعلم؟" قلت: الله ورسوله أعلم» 
قال: "فإن أعلم الناس» أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس» وإن كان مقصرا بالعمل» وإن كان يزحف على 
إسته» واختلف من كان قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة» نجا منها ثلاث» وهلك سائرهاء فرقة وزت الملوك 
وقاتلتهم على دين الله وعيسى بن مريم حتى قتلواء وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك» ولا بالمقام 
معهمء فساحوا في الجبال وترهبوا فيهاء وهم الذين قال الله: "ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا 
ابتغاء رؤرإن اللكء فما رعوها حق رعايتهاء فآتينا الكين آمنوا مفهم أجرهم". الذين آمنوا بي 
وصدقونيء"وكثير منهم فاسقون"؛ الذين كفروا بي وححدوني". انتهى 5/4 

قلت: ولعل هذا النص» أصل في أن ما ابتدعه المرء في دينه ما له أصل في الدين» كالزيادة في النوافل ثما زاد 
عن السنة ووافق الشرعء مما لم يكتبه الله عليه» غير مردود عليه» بل يستحق عليه الجزاء ما رعاه حق رعايته. 


والله أعلم 


4 تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول يَيكثّمْ والصحابة والتابعين 
102 





كما لا تدحل هذه الزيادة في البدعة الحقيقية» وإنما ميت بدعة لعناها اللغوي فحسب؛ ومن رد البدعة 
الحسنة» فقد عطل الاجتهاد ف الدين وطرقه» من استحسان ومصالح مرسلة؛ وسد ذرائع وغيرها 

أليس ما سرد الشاطبي من أمثلة في الاستحسان والمصالح المرسلة» يعتبر ثما زاده علماء الأمة وابتدعوه مما له 
أصل في الدين؟ 

أما البدعة المنكرة» فلا أصل لما في الدين» والأولى تسميتها بالكفرء لأنما تزيد في الدين ما ليس منه أو تنقص. 
والله تعالى أعلم 


العبك الي جرا على سبالمو كينو من سوك جلاءو 


يقول: من أمرك أن تحكم على عباده» حي كفرت أقواما ماتوا من زمان بعيدء ألا تعرف أن العبد إذا تجرأ على 
أسياده فويل له من سوط جلاده؟ 

والمعئ: إذا ل تأمر الشريعة السمحة أحدا من المسلمين بالحكم على الناس بالكفر .ما لا يعلم» فلماذا حكمت 
أيها المتنطع على كثير من المسلمين» حي الأموات منهم بالكفرء قال تعالى: "تلحة أمة قد خلت؛ لها ما 
كنيف ررحم جا كبيض :زر ساون هما كاتر ا وسار 30 

"قال فما بال القرون الأولىء قال علمها عن رب في كتاب. لا يضل ربب ولا يذ 26 
ألا تخشى أن يعاقبك الباري عز وحل على ما حكمت بغير حق وبغير علم» ويعذبك هما حنيت؟ 

ما دعاك إلى النيل من عباد الله تعالى ما لم ينزل به سلطانا؟ تراك شققت على قلويهم؛ أم اطلعت على الغيب» 
أم أذن لك ربك يّهذا؟ ما جوابك يوم ياي حسابك؟ 

عن جندبء» أن رسول الله يلتم حدث: "أن رجلا قال: والله» لا يغفر الله لفلان» وإن الله تعالى قال: من ذا 
الذي يتألى علي أن أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك". أو كما قال. رواه البخاري 


215 البقرة133 
6 طه51-50 
103 





بعث الباري عز وجل من ييحدد للأمة دينها على رأ سكل مائة سنة 

تعهد الباري عز وجل عباده بالتذكير مي نسوا ما بلغواء فبعث الرسل والأنبياء تترى» يردون الناس إلى دينهم 
بعد الفترة» حى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والأنبياء» إلى أن كمل الدين على يد حاتم الأنبياء 
والمرسلين سيدنا محمد عَم 

وما تتالى الرسل والأنبياء على هذه الأمة» سوى لعرفته تعالى بطبيعة خلقه» هؤلاء الخلق الذين لا يثبتون على 
حال؛ فسرعان ما تغلب عليهم أهواؤهم, وتثاقل يهم أنفسهم؛ فيرضون بالغفلة والضلال 

فهاهم قوم موسىء بعد ما شهدوا من معجزات باهرة» يبدلون دينهم» ولا زال موسى حيا يرزق» يناحي ربه 
في الطور على مقربة منهم؛ ولا زال أخوه هارون بين ظهرانيهم؛ لم يراعوا نصحه؛ بل أطاعوا السامري وعبدوا 
العجل 

عن أبي واقد الليثي أن رسول الله مَكتُّمْ لا حرج إلى خيبر» مر بشجرة للمشركين يقال لها: ذات أنواط» يعلقون 
عليها أسلحتهم؛ فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» فقال النبي يَلكتُمْ : "سبحان 
الله هذا كما قال قوم موسى: "اجعل لنا إلها كما لهم الجةاء” ” والذي تنس بيد لت ركبن سنة من كان 
قبلكم". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

فماذا بعد حتم الرسالة وانقطاع الوحي؟ من يذكر الئاس إذا نسوا؟ من يهديهم إذا ضلوا؟ أليس ذلك من 
مليزيج قال تحال "نهذ كينها إلى ادم امن قل عقت ورد ع له 21 
هل سينساهم الذي لا يغفل ولا ينام؟ هل سيقول سبحانه: قد نفدت سلسلة الرسل والأنبياء» فليس لمم علينا 
من حجة» وقد أبلغوا قرآنا بينته السنة» تكفلنا بحفظه. ولا يزال بينهم» محجة بيضاء ليلها كنهارهاء لا يزيغ 
عنها إلا هالك» "فدرهم حتى بلاقوا يومهم العي فيه يصعقون" 217 
لم يبعث الله تعالى رسلا وأنبياء بعد حاتم المرسلين وإمام المتقين يَيَكُم» ولكنه بعث من يجدد للأمة دينها ويحفظ 
شرعها 

عن أبي هريرة رضي الله تعاللى عنه» ولا أعلمه إلا عن رسول الله بيثم قال: "إن الله يبعث إلى هذه الأمة على 


رأس كل مائة سنة من يجدد لما دينها". رواه الحاكم في المستدرك 


27 الأعراف 138 
8 طه112 
27 الطور 43 
104 





قد يكون هذا المبعوث فرداء وقد يكون أفراداء من يحمل الحم للدين» ويشفق على أمة المسلمين» يلتمس لما 
المعاذير» ويردها إلى دينها بالحكمة والموعظة الحسنة» ليس بالتكفير والحكم على المجتمعات القائمة بالجاهلية.. 
ليس بقتل المسلمين وتقتيلهم يتجدد هذا الدين! 

أولئك الثابتون» لا تميل يهم رياح الفتن, الأوتاد» الذين يشدون سرادقا عموده لا إله إلا الله» حي لا يتهاوى ما 
بناه رسول الله ميم ومن معه بالصبر والحلم» بالحكمة والترويء بالرحمة وامحبة والصدق والإخلاص 

عن ثوبان قال: قال رسول الله َلثم : "إنما أحاف على أمي الأئمة المضلين"؛ قال: وقال رسول الله عَلكُم : "لا 
تزال طائفة من أمي على الحق ظاهرين» لا يضرهم من يخذههم» حي يأ أمر الله". رواه الترمذي وقال: وهذا 


حديث حسن صحيح 


حكم سيد قطب على الجتمعات الحالية بالجاهلية 

يقول شهيد الإسلام سيد قطب رحمه الله تعالى» في تعريفه للجاهلية: 

إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم» وإذا أردنا التحديد الموضوعيء قلنا: إنه هو كل مجتمع لا 
يخلص عبوديته لله وحده. متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي» وفي الشعائر التعبدية» وفي الشرائع 
القانونية. 

ويمذا التعريف الموضوعي» تدخحل في إطار "المجتمع الجاهلي" جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا. 
انتهى 220 

قال أبو الفتح: إن الحكم على المجتمعات الإسلامية الحالية كلها بأنها مجتمعات حاهلية» أمر لا نقبله ولا 
نستسيغه من وجهين: 

الأول: ما يقوم لدينا من فوارق بين ما عليه هذه امجتمعات وما كانت عليه الجاهلية الأولى» هذه الأخيرة الي 
كانت تشرك مع الله غيره» وتحارب كل من أقر بالتوحيد» بل وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى إطفاء نور الله 
تعالى 

أما بجتمعاتنا الحالية» فهي مجتمعات يقر أفرادها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ميلم » ويقيمون 
الدين ما استطاعوا؛ وإذا كان الحكم بجاهليتها يقتضي أن أفرادها كلهم كفار» فكيف نحكم على رحل بالكفر 
وهو يوحد الله تعالىي؟ وكيف لنا أن نحكم بالجاهلية على مجتمعات يرتفع فيها صوت الأذان عاليا حمس مرات 
في اليوم» ويصوم أهلها شهر رمضان ويحجون بيت الله الحرام؟ 


220 معالم ف الطريق 
د10 





الثاني: لا بحد للحكم على مجتمعاتنا بالجاهلية دليلا من أصول الشرع المعتمدة» وإنما هو نعت تلفظ به أفراد» 
نتيجة قياس خاطئ» لا تتمثل فيه شروط القياس» كما أسلفناء وهو فتوى جانحة» لا تراعي ما يعتبر في قانون 
الإفتاء وتخالف شروطهء بل ريما ينم عن قلة اضطلاع بحديث رسول الله ميلم الذي يعتبر الأصل الثاني في 
اريم 

وقد يقول القائل: كيف لنا أن ننعت المجتمعات الحالية أو الزمان الحالي ما نعته به رسول الله مَيْلنُّمْ » وقد التحق 
ْنَم بالرفيق الأعلى قبل أن يتبدل الزمان وتحول أموره؟ 

والذي يتساءل هكذاء لا يدري أنه عليه الصلاة والسلام» تنبأ مجريات هذا الزمان ونعته بالفتن» ولم ينعته 
بالجاهلية ألبتة 

لا أدري كيف تسرع بعض المفكرين المسلمين في الحكم على أوضاعنا بالجاهلية؟ ولا تكاد تخلوا مصنفات 
الحديث من كتب الفتن الي تخبر بهذا الزمان» بل تشرع كيفية التعامل مع أهله: أمراء وشعوباء فكيف يجوز لنا 
أن بجتهد بعد ما أمر به يَيلكُم؟ ألسنا بذلك نخالف السنة ونعتمد على آرائنا وأهوائنا في موضوع لا محال فيه 
للاجتهاد؟ 

وقد آن الأوان أن نستدل على صحة ما قلناه من الكتاب والسنة 


106 


إخباره يك بالف التي تكون ف حر الزمان 
يقول الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه: 
باب: ما جاء في قول الله تعالى: "واتقوا فته لد تصيبن العين فظلموا منكم خاصة" !2 وما كان النبي 
يلكَمْ يحذر من الفتن. 
عن ابن أبي مليكة قال: قالت أسماء عن النبي بَيكثُمْ قال: "أنا على حوضي أنتظر من يرد علي» فيؤخذ بناس من 
دوني» فأقول: أمي» فيقول: لا تدري» مشوا على القهقرى". قال ابن أبي مليكة: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع 
على أعقابنا أو نفتن. رواه البحاري 
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أشرف البي يَيلثُّم على أطم من آطام المدينة» فقال: "هل ترون ما 
أرى؟" قالوا: لاء قال: "فإني لأرى الفتن تقع حلال بيوتكم كوقع القطر". رواه البخاري 
باب: ظهور الفتن 
عن أبي هريرة عن البي يَيثُّمْ قال: "يتقارب الزمان» وينقص العلم» ويلقى الشحء وتظهر الفتن» ويكثر اهحرج" 
قالوا: يا رسول الله» أيما هو؟ قال: "القتل القتل". رواه البخاري 
عن شقيق قال: كنت مع عبد الله وأبي موسى فقالا: قال النبي يلم : "إن بين يدي الساعة لأياما يتزل فيها 
الجهل» ويرفع فيها العلم» ويكثر فيها الحرج". والحرج القتل. رواه البخاري 
عن أبي سعيد الخندري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله مَيلُّم : "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم 
يتبع يما شعف الحبال ومواقع القطرء يفر بدينه من الفتن". رواه البخاري 
وف جامع الترمذي: عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالكء فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال: 
اصبرواء فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه» حى تلقوا ربكم معته من نبيكم مَيُّم . رواه البخاري 
عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله كم : "خير أميّ القرن الذي بعثت فيهم؛ ثم الذين يلوم" قال: 
ولا أعلم» ذكر الثالث أم لاء "ثم ينشأ أقوام يشهدون ولا يستشهدونء ويخونون ولا يؤتمنون» ويفشو فيهم 
السمن". رواه الترمذي وقال: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح 
عن أبي هريرة أن رسول الله ّم قال: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم» يصبح الرجحل مؤمنا وبمعسي 
كافراء ويمسي مؤمنا ويصبح كافراء يبيع دينه بعرض من الدنيا". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 


221 الأنفال25 
107 





كيف الأمر إذا لم تكى جماعة؟ 
يقول شهيد الإسلام سيد قطب رحمه الله تعالى: ومن أجل أن الجاهلية لا تتمثل في نظرية بحردة» ولكن تتمثل 
في تجمع حركي على هذا النحوء فإن محاولة إلغاء هذه الجاهلية» ورد الناس إلى الله مرة أخرىء لا يجوز ولا 
يحدي شيئا أن تتمثل في نظرية بحردة» فإها حينئذء لا تكون مكافئة للجاهلية القائمة فعلاء والمتمثلة في تجمع 
حركي عضويء فضلا على أن تكون متفوقة عليها كما هو المطلوب في حالة إلغاء وجود قائم بالفعل» لإقامة 
وجود آخر يخالفه مخالفة أساسية في طبيعته وفي منهجه وفي كلياته وجزثياته؛ بل لابد لحذه ا محاولة الجديدة أن 
تتمثل ف تجمع عضوي حركيء أقوى في قواعده النظرية والتنظيمية» وفي روابطه وعلاقاته ووشائجه من ذلك 
المجتمع الجاهلي القائم فعلا. اننهى 222 
وبذلك يشرع سيد قطب محاربة المسلمين بالسيف» ويف بجهادهمء فيكون مخالفا لما أمر به يتم وينأى 
بذلك عن سنته إذ ما تدل عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة» يحرم جهاد المسلمين ومقاتلتهم 
يقول الإمام البخاري في كتاب الفتن من صحيحه: باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة: 
عن حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله يكم عن الخير» وكنت أسأله عن الشر مخافة أن 
يدركين» فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشرء فجاءنا الله هذا الخير» فهل بعد هذا الخير من شر؟ 
قال: "نعم" قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دحن", قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون 
بغير هدبي» تعرف منهم وتنكر". قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم» دعاة على أبواب حهنم» من 
أجاههم إليها قذفوه فيها", قلت: يا رسول الله» صفهم لناء قال: "هم من جلدتناء ويتكلمون بألسنتنا"» قلت: 
فما تأمرن إن أدركين ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"؛, قلت: فإن لم يكن لمم جماعة ولا إمام؟ 
قال: "فاعتزل تلك الفرق كلهاء ولو أن تعض بأصل شجرة» حى يدركك الموت وأنت على ذلك". رواه 
البخحاري 
عن عثمان الشحام قال: انطلقت أنا وفرقد السبخي إلى مسلم بن أبي بكرة» وهو في أرضه؛ فدعلنا عليه فقلنا: 
هل سمعت أباك يحدث في الفعن حديثا؟ قال: نعمء سمعت أبا بكرة يحدث قال: قال رسول الله يَيلنُمْ : "إنا 
ستكون فتن, ألا ثم تكون فتنة» القاعد فيها حير من الماشي فيهاء والماشي فيها حير من الساعي إليهاء ألاء فإذا 
نزلت أو وقعت» فمن كان له إبل فليلحق بإبله» ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه» ومن كانت له أرض 
فليلحق بأرضه", قال: فقال رجل: يا رسول لله» أرأيت من مم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يعمد إلى 
سيفه فيدق على حده بحجر, ثم لينج إن استطاع النجاءء اللهم هل بلغت» اللهم هل بلغت» اللهم هل بلغت"؛ 


22 معالم ف الطريق 
105 





قال: فقال رجحل: يا رسول الله» أرأيت إن أكرهت حي ينطلق بي إلى أحد الصفين, أو إحدى الفثتين» فضربئى 
رجحل بسيفه» أو يجيء سهم فيقتلي؟ قال: "يبوء بإثمه وإثمك» ويكون من أصحاب النار". رواه مسلم 

عن بسر بن سعيد» أن سعد بن أبِي وقاص قال عند فتئة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله بيثم قال: "إنها 
ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم» والقائم حير من الماشي» والماشي خير من الساعي", قال: فرأيت إن 
دخل علي بيي وبسط يده إلي ليقتلي؟ قال: "كن كابن آدم". رواه الترمذي 

عن طارق بن شهاب قال: أول من قدم الخطبة قبل الصلاة مروان» فقام رجل فقال لمروان: خالفت السئة» 
فقال: يا فلان ترك ما هنالك» فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه» معت رسول الله يلثم يقول: "من 
رأى منكرا فلينكره بيده ومن لم يستطع فبلسانه» ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإمان". رواه الترمذدي 
وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن أبي ذر قال: قال رسول الله يكم : "كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون يهذا الفيء؟" قلت: إذن والذي 
بعك بالحق أضع سيفي على عاتقي» ثم أضرب به ح ألقاك أو ألحقك؟ قال: "أولا أدلك على خير من ذلك؟ 
تصبر حى تلقاني". رواه أبو داود في سننه 

وقبل أن نسرد ما بينه رسول الله َلثم من مواقف تتخذ من الأمراء والحكام في زمان الفعن وغيره» لا بد من 
سوق أحاديث تذكر هؤلاء ما لهم وما عليهم تحاه شعويهم ورعاياهم 


ما يحب على الراعي تجاه الرعية 
يقول الإمام البخاري في صحيحه: باب: من استرعي رعية فلم ينصح 

عن الحسن,» أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه؛ فقال له معقل: إن محدئك 
حديثا معته من رسول الله عَكتُّم » سمعت البي 2َيثُّمٌ يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية» فلم يحطها بنصحهء 
إلا لم يحد رائحة الحنة". رواه البخاري 

عن الحسن قال: أتينا معقل بن يسار نعوده» فدخل علينا عبيد الله» فقال له معقل: أحدثك حديثا سمعته من 
رسول الله ميمه فقال: "ما من وال يلي رعية من المسلمين» فيموت وهو غاش لهم, إلا حرم الله عليه الجنة". 


رواه البحاري 


109 


عن عبد الله بن عمر: قال النبي يَكثُمْ : "كلكم راع وكلكم مسؤولء فالإمام راع وهو مسؤولء والرجل راع 
على أهله وهو مسؤولء والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة» والعبد راع على مال سيده وهو 
مسؤولء ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول". رواه البخاري 

عن أبي سعيد الخدري عن البي يَيْلكُم قال: "ما بعث الله من ني» ولا استخلف من خليفة» إلا كانت له 
بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه» فالمعصوم من عصم الله تعالى". 
رواه البحاري 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فالواحب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله؛ فإن 
التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله. من أفضل القربات. وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس» لابتغاء الرياسة 
أو المال بها. وقد روى كعب بن مالك عن النبي يكم أنه قال: "ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم 
بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه". قال الترمذي: حديث حسن صحيح. فأخبر أن حرص المرء 
على المال والرياسة يفسد دينه» مثل أو أكثر من إفساد الذئبين الجائعين لزريية الغنم. 5 


الأمر السمع والطاعة في المنشط والمكره 
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قال ابن بطال: في الحديث (يقصد حديث: "من فارق الجماعة شبراء 
فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه".) حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جارء وقد أجمع الفقهاء على 
وحوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء 
وتسكين الدهماء. وحجتهم هذا الخبر وغيره ثما يساعده» ول يستثنوا من ذلكء إلا إذا وقع من السلطان الكفر 
الصريح, فلا تجوز طاعته في ذلك» بل تجب مجحاهدته لمن قدر عليها. انتهى 224 
عن عبد الله قال: قال لنا رسول الله عَيككُمْ : "إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكروفا". قالوا: فما تأمرنا يا 
رسول الله؟ قال: "أدوا إليهم حقهمء وسلوا الله حقكم". رواه البخاري 
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله يكم : "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي» 
كأن رأسه زبيبة". رواه البخاري 
عن ابن عباس يرويه قال: قال البي يكم : "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبرء فإنه ليس أحد يفارق 


الجماعة شبرا فيموت» إلا مات ميتة جاهلية". رواه البخاري 


7 السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية 
224 فتح الباري 


110 





عن عبد الله رضي الله عنه» عن النبي يَكتُّمْ قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره. ما لم يؤمر 
.كعصية» فإذا أمر بمعصية فلا مع ولا طاعة". رواه البخاري 

باب: من شاق شق ق الله عليه 

عن طريف أب تميمة قال: شهدت صفوان وجندبا وأصحابه وهو يوصيهم, فقالوا: هل معت من رسول الله 
علد شيئا؟ قال: سمعته يقول: "من مع ممع اللله به يوم القيامة"» قال: "ومن شاق شق الله عليه يوم القيامة 
الحديث". رواه البخاري 

عن ابن عباس عن النبي بَيَكثُّمْ قال: "من كره من أميره شيئا فليصبرء فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة 
جاهلية". رواه البخاري 

عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريضء قلنا: أصلحك الله حدث بحديث 
ينفعك الله به سمعته من النبي 2َيلم» قال: دعانا النبي يَكثُمُ فبايعناه» فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع 
والطاعة» في منشطنا ومكرهناء وعسرنا ويسرنا وأثرة عليناء وأن لا ننازع الأمر أهله, "إلا أن تروا كفرا 
بواحاء» عند كم من الله فيه برهان". رواه البخاري 

ماطام بو وار بو محر 00 سمعت رسول الله يَيْلكُّم ورحل سأله فقال: أرأيت إن كان علينا 
أمراء بمنعونا حقنا ويسألونا حقهم؟ فقال رسول الله يَيْلُمْ : "اسمعوا وأطيعواء فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما 
حماتم". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن أم سلمة عن البي يَيلُّمْ قال: "إنه سيكون عليكم أئمة تعرفون وتنكرون» فمن أنكر فقد برئ» ومن كره 
فقد سلم» ولكن من رضي وتابع"» فقيل: يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: "لاء ما صلوا". رواه الترمذي وقال: 


111 


بروتوكولات حكماء صهيون 

ولا يخفى على أحد مخططات الصهيونية» ال أصبح حفيفها يصدع آذان الواعين بحيلها وخداعهاء في كل ما 
نشاهده ونشهده من اضمحلال قيم أمتنا» وتشتت وحدقها وتناقض كلمتها 

إن وقائع الفوضى في الأمة» إذا رجحعت إلى أسبابماء وجدت أن هذه الأسباب» بدأت بذورا صغيرة» وسقيت 
بالشعارات الزائفة والكلمات الرنانة» ال تصنعها الصهيونية وتبثها في الشعوب» بعد أن سيطرت على وسائل 
الإعلام كافة» لتغري شبابنا بالحرية والمساواة والديموقراطية» وما إلى ذلك 

ألسنا في غى عن كل هذه الشعارات» وتلك الإيديولوحيات المسمومة» بتعاليم ديننا الي تقر العدل والسلام» 
ما لا يقره غيرها؟ 

إن مبدأ الديعوقراطية» يمفهومه الحديث» ليس هو مبدأ الشورى ف الإسلام» كما يتوهمه البعض» فإن 
الديموقراطية كما نفهمهاء تتيح درجا للصهيونية وغيرهاء كي تصعد وتتسور أنظمتنا ومرافقنا الحيوية» وتعيث 
بكل ذلك كما تشاء 

أليست الصهيونية» بعد أن استولت على رأس المال العالمي» بسيطرقا على الذهبء أليست قادرة على تمويل 
أي حزب عميلء؛ تحت أي اسمء لكي يفوز في الانتخابات» ويلج البرلمانات وبجالس الشعب بأغلبية ساحقة؟ ثم 
يترشح للرئاسة» ولا يمنعه شيء من الفوزء حاصة وأن شعوبناء ينقصها الوعي السياسي» وتعاني في الغالب» 
من قلة اليد وشظف العيش» ومن السهل إقناعها مما نريد» إذا وعدناها بأن ما نريد» سيحقق لا الكرامة ويكفل 
لقمة العيش 

أما مبدأ الشورى في الإسلام» فلا محال فيه للتسور والتسلل؛ لأن الأمر كله يكون بيد الحاكم» حاكم تتميز 
دولته بأحادية الحكم والتسيير 

ولا يملك المحلس الاستشاريء إلا أن يزيده توضيحا لنتائج القرارات والإحراءات والمواقف الي يعتزم اتخاذهاء 
أو يبحذره من عواقب ما يضر به أو بشعبه من قرارات غير صائبة» وللحاكم بعدها أن يفعل ما شاء. 

وقد فطن الصهاينة» منذ القديم إلى ذلك؛ فعملواء جاهدين على تقويض أسس الملكيات والإمبراطوريات 
أحادية الحكم» حىّ يفسحوا ابحال لثعابينهم وهوامهم المترصدة» كي تزحف وتتسلل إلى عمق كيان الدول 
الإسلامية وغير الإسلامية 

ومن هنا تتجلى الحكمة من نمي رسول الله كه عن مقاتلة الحكام والأمراء» ومن أمره بَيكُم بإطاعتهم 


والتوحد تحت لوائهم» مهما كانوا مستبدين» ما داموا يقرون بعقيدة التوحيد. 


112 


ولعل من غير اللائق» أن لا نعرف من يجهل» وألا نذكر من يعلم» ببعض مخططات بن صهيون» هذه 
المحططاتء الي شاء الباري عز وحلء أن تفتضح ويطلع عليها العالم أجمع؛ ذلك» حى يلمس القارئ الكريم 
صدق رسول الله مم في أمره بعدم المخروج عن الجماعة» وشق عصا الطاعة 

لقد ترحم كتاب: "بروتوكولات حكماء صهيون". إلى أغلب اللغات؛ هذا الكتاب» الذي خحرج من بين أيدي 
منظري الصهيونية» أول ما حرج سنة: 1901ميلادية» ووقع ف يد نيلوس» وطبع منه نسخا قليلة» لأول مرة 
بالروسية سنة: 1902ميلادية» وبذلك فضح نيات الصهاينة الإحرامية 

وهكذا يتبين لكء أن الصهيونية» تعمل بجحد وبنظام دقيق» وفق بنود مدروسة منذ القديم؛ وتخطط لقرون» 
وليس لسنوات معدودة 

هذه البنود» لا يغلب عليها الارتحال لا في وضعها ولا في تنفيذهاء بل الظاهرء أنما وضعت على أساس قرون 
من التجربة والسجال في محاربة الأمم وخلخلة كياناتاء وبلبلة استقرارهاء عبر تسميم أفكار شبابها 

وقد آن الأوان» لكي نورد لك أيها القارئ» مقتطفات من هذه البروتوكولات الهدامة» تقرؤها بتمعن وإمعان» 
وتقابلهاء بأوضاع الأمة ومشكلاقاء كي تعي ما نقصد إليه: 

من البروتوكول الأول: إن الحرية السياسية ليست حقيقة» بل فكرة؛ ويجب أن يعرف الإنسان كيف يسخر 
هذه الفكرة عندما تكون ضرورية؛ فيتخذها طعما لجذب العامة إلى صفهء إذا كان قد قرر أن ينتزع السلطة 
منافس له. وتكون المشكلة يسيرة» إذا كان هذا المنافس موبوءا بأفكار الحرية» 7766002 الى تسمى: 
التحررية 1.156618311552 ومن أجل هذه الفكرة يتخلى عن بعض سلطته. 

وكذا سيصير انتصار فكرتنا واضحاء فإن أزمة الحكومة المتروكة» خحضوعا لقانون الحياة» ستقبض عليها يد 
جديدة. وما على الحكومة الجديدة إلا أن تحل محل القديمة الي أضعفتها التحررية» لأن قوة الجمهور العمياء» لا 
تستطيع البقاء يوما واحدا بلا قائد. انهى 225 

أما عن شعار: حكم الشعب نفسه بنفسه» فيقولون في البروتوكول الأول كذلك: إن الغاية تبرر الوسيلة؛ 
وعليناء ونحن نضع خططناء ألا نلتفت إلى ما هو خير وأخلاقي» بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد. 
إن بين أيدينا خطة؛ عليها خط استراتيجي ن1ع50:868 موضح؛ وما كنا لننحرف عن هذا الخط إلا كنا ماضين 
ف تحطيم عمل قرون. 

إن من يريد إنفاذ حطة عمل تناسبه» يحب أن يستحضر في ذهنه حقارة الجمهور وتقلبه» وحاحته إلى 


الاستقرار» وعجزه عن أن يفهم ويقدر ظروف عيشته وسعادته. وعليه أن يفهم أن قوة الجمهور عمياء خالية 


22 بروتوكولات حكماء صهيونث 
113 





من العقل المميز» وأنه يعير سمعه ذات اليمين وذات الشمال. إذا قاد الأعمى أعمى مثله. فيسقطان معا في 
الحاوية؛ وأفراد الجمهور الذين امتازوا من بين الحيئات» ولو كانوا عباقرء لا يستطيعون أن يقودوا هيئاتقم 
كزعماءء دون أن يحطموا الأمة. 
ما من أحد يستطيع أن يقرأ الكلمات المركبة من الحروف السياسية» إلا نشأ تنشئة للملك الأوتقراطي 
عنأوهوةننث إن الشعب المتروك لنفسهء أي للممتازين من الحيئات» لتحطمه الخلافات الحزبية» الي تنشأ من 
التهالك على القوة والأبحاد» وتخلق المزاهز والفتن والاضطراب. 
أفي وسع الجمهور أن بميز بمدوء ودون ما تحاسد» كي يدبر أمور الدولة الي يجب أن لا تقحم معها الأهواء 
الشخصية؟ وهل يستطيع أن يكون وقاية ضد عدو أحببي؟ هذا محال. إن خطة بحرأة أحزاء كثيرة» بعدد ما في 
أفراد الجمهور من عقول2» خطة ضائعة القيمة» فهي لذلك غير معقولة» ولا قابلة للتنفيذ» إن الأتقراطي 
ذه وحده.؛ هو الذي يستطيع أن يرسم خططا واسعة» وأن يعهد بجزء معين لكل عضو في بنية الجهاز 
الحكومي. ومن هنا نستنبط أن ما يحقق سعادة البلاد» هو أن تكون حكومتها في قبضة شخص واحد مسؤول. 
وبغير الاستبداد المطلق لا يمكن أن تقوم حضارة» لأن الحضارة لا يمكن أن تروج وتزدهر إلا تحت رعاية 
الحاكم» كائنا من كانء لا بين أيدي الجماهير. 
إن الجمهور بربري» وتصرفاته في كل مناسبة على هذا النحوء فما إن يضمن الرعاع الحرية» حي يمسخوها 
سريعا فوضى» والفوضى في ذاتها قمة البربرية. انتهى6”” 
وفيما يخص إقناع الجماهير بأن تتولى مقاليد نفسهاء قصد إزاحة الحكم الأحادي, الذي يسد على الصهيونية 
منافذ التسلل إليه» يقولون في البروتوكول نفسه: إن الناس حينما كانوا ينظرون إلى ملوكهم نظرهم إلى إرادة 
الله كانوا يخضعون في هدوء لاستبداد ملوكهم. ولكن منذ اليوم الذي أوحينا فيه إلى العامة بفكرة حقوقهم 
الذاتية» أخذوا ينظرون إلى الملوك نظرهم إلى أبناء الفناء العاديين. ولقد سقطت المسحة المقدسة عن رؤوس 
الملوك في نظر الرعاع. وحينما انتزعنا منهم عقيدتهم هذه انتقلت القوة إلى الشوارع فصارت كالملك المشاع 
فاختطفناها. ثم إن من بين مواهبنا الإدارية الي نعدها لناء موهبة حكم الجماهير والأفراد بالنظريات المؤلفة 
بدهاء» وبالعبارات الطنانة» وبسنن الحياة وكل أنواع الخديعة الأخرى. انه 221 
وأما ما تؤمن به الصهيونية؛ وتعتبره صحيحاء وقدف, بل وتحلم أن تبي عليه قواعد إمبراطوريتها المأمولة» 
فيقولون في البروتوكول الثالث والعشرين: إن الأمم» لا يبخضعون خضوعا أعمىء إلا للسلطة الحبارة المستقلة 


226 المرجع 5 
227 


ا مرجع نفسه 
114 





عنهم استقلالا مطلقاء القادرة على أن تريهم؛ أن سيفا في يدها يعمل كسلاح دفاع ضد الثورات الاحتماعية. 
لماذا يريدون بعد ذلك أن يكون لمليكهم روح ملاك؟ إنهمء يجب أن يروا فيه القوة والمقدرة متجسدتين. 

يجب أن يظهر الملك الذي سيحل محل الحكومات القائمة» الى ظلت تعيش على جمهورء قد تمكنا نحن أنفسنا 
من إفساد أخلاقه خلال نيران الفوضى. وإن هذا الملك» يجب أن يبدأ بإطفاء هذه النيران» الي تندلع اندلاعا 
مطردا من كل الجهات. 

ولكي يصل الملك إلى هذه النتيجة» يجب أن يدمر كل الهيئات الي قد تكون أصل هذه النيران» ولو اقتضاه 
ذلك؛ إلى أن يسفك دمه هو ذاته؛ ويجحب عليه أن يكون حيشا منظما تنظيما حسناء يحارب بحرص وحزم 
عدوى أي فوضى قد تسمم جسم الحكومة. 

إن ملكناء سيكون مختارا من عند الله ومعينا من أعلى» كي يدمر كل الأفكار الي تغرى يما الغريزة لا العقل» 
والمبادئ البهيمية لا الإنسانية. إن هذه المبادئ تنتشر الآن انتشارا ناححا في احتلاساقم وطغيافم» تحت لواء 
الحق والحرية. 

إن هذه الأفكار قد دمرت كل النظم الاحتماعية» مؤدية بذلكء؛ إلى حكم ملك إسرائيل 155861 04 عصك1 
ولكن عملهاء سيكون قد انتهى حين يبدأ حكم ملكنا؛ وحينئذ» يجب علينا أن نكنسها بعيداء حى لا يبقى أي 
قذر في طريق ملكنا. 

وحينئذ» سنكون قادرين على أن نصرخ في الأمم: "صلوا لله واركعوا أمام ذلك (الملك)» الذي يحمل آية 
التقدير الأزلي للعالمء والذي يقود الله ذاته نحمه. فلن يكون أحد آخر إلا هو نفسه 11125616 قادرا على 
تخليص الإنسانية من كل خخطيئة. انتهى 228 


ولاتكم أعمالكم 

لا تكن أحي» بعد كل هذاء ألعوبة في يد هذه التخطيطات الغاشمة والمؤامرات الوضيعة» آن لكء» أحي» أن 
تراحع نفسكء وتصحح أفكارك» وترجع إلى التمسك .ما أقره رسولك الكريم يَيلُّمْ ؛ من قواعد وتعليمات 
تخص علاقة الراعي بالرعية» حي تحصن نفسك وأمتك من هؤلاء المغرضين 
يقول ابن قيم الجوزية» رحمه الله تعالى: وتأمل حكمته تعالى في تسليط العدو على العباد» إذا حار قويهم على 
ضعيفهم؛ ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظلمه» كيف يسلط عليهم من يفعل يهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم 
سواء؛ وهذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنياء إلى أن تطوى الأرض ويعيدها كما بدأها؛ وتأمل حكمته تعالى 
8 المرحع نفسه 

115 





في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاقهم من جنس أعماهم» بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم 
وملوكهم, فإن استقاموا استقامت ملوكهمء وإن عدلوا عدلت عليهم؛ وإن حاروا حارت ملوكهم وولاتهم» 
وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلكء وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بماء منعت ملوكهم وولاتهم 
ما لحم عندهم من الحق» وبخلوا بما عليهم» وإن أخحذوا تمن يستضعفونه مالا يستحقونه في معاملتهم» أخحذت 
منهم الملوك مالا يستحقونه» وضربت عليهم المككوس والوظائف؛ وكلما يستخرحونه من الضعيف يستخرحه 
الملوك منهم بالقوة» فعمالهم ظهرت في صور أعمالهم» وليس في الحكمة الإلهية» أن يولي على الأشرار الفجار 
إلا من يكون من جنسهم. ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرهاء كانت ولاتهم كذلكء فلما شابوا 
شابت لحم الولاة؛ فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز» فضلا 
عن مثل أبي بكر وعمرء بل ولاتنا على قدرناء وولاة من قبلنا على قدرهم» وكل من الأمرين موجب الحكمة 
ومقتضاهاء ومن له فطنة» إذا سافر بفكره في هذا الباب» رأى الحكمة الإلهية سائرة في القضاء والقدر» ظاهرة 


وباطنة فيه» كما في الخلق والأمر سواء. انتهى 227 


7 مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة 
116 





كلمة الشيخ محمد مولي شعراوي إلى الرئيس المصربي السابق 
ا 230 
وبين يدي تموذج للعلماء المسلمين الواعين هما تلزمه مبادئ الدين» وهو الشيخ محمد متولي شعراوي» رحمه 


الله تعالى» فعلى إثر محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق: محمد حسين مبارك» في أديس أباباء سافر إليه الشيخ 


230 


الشيخ محمد متولي الشعراوي 
مولده ونشأته 
ولد محمد متولي الشعراوي في: 5 أبريل عام 1911ميلادي» بقرية "دقادوس"» مركز "ميت غمر", ,محافظة "الدقهلية" .مصرء 
وهو من أسرة يمتد نسبها إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين. وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. انتهى 
دراسته 
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937ميلادية» وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية؛ فثورة سنة 1919ميلادي 
اندلعت من الأزهر الشريف»؛ ومن الأزهر خرجت المنشورات الي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنحليز امحتلين. ولم يكن معهد 
الزقازيق بعيدا عن قلعة الأزهر في القاهرة» فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته» ويلقي بالخطب» مما عرضه 
للاعتقال أكثر من مرة» وكان وقتها رئيسا لاتحاد الطلبة سنة 1934ميلادي 
تخرج عام 1940ميلادية» وحصل على العالمية مع إجازة التدريس» عام 1943ميلادي. بعد تخرجه؛ عين الشعراوي في المعهد 
الديئ بطنطاء ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديئن بالزقازيق» ثم المعهد الديئ بالإسكندرية؛ وبعد فترة خبرة طويلة» انتقل الشيخ 
الشعراوي إلى العمل في السعودية؛ عام 1950ميلادي» أستاذا للشريعة في جامعة أم القرى. انتهى 
مكانته 
وثي نوفمبر 1976ميلادي اختار السيد ممدوح سالمء رئيس الوزراء آنذاك» أعضاء وزارته» وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة 
الأوقاف وشؤون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة ح أكتوبر عام 1978ميلادي. 
وف سنة 1987ميلادية» احتير عضوا ممجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين). انتهى 
من مؤلفاته 

ه الإسلام والفكر المعاصر 

ه الإسلام والمرأة» عقيدة ومنهج 

الشورى والتشريع في الإسلام 

ه القضاء والقدر 

ه هذا هو الإسلام 

المنتخب في تفسير القرآن الكريم 
وفاته 
وف صباح الأربعاء 22 صفر 1419هجرية:؛ الموافق: 6/17 / 1998ميلادية» توثي الشيخ رحمه الله» وفقدت الأمة الإسلامية .كوته 
علما بارزا من أعلام الدعوة الإسلامية. انتهى من ويكيبيديا الموسوعة الحرة بتصرف 
117 





مع زمرة من العلماء الأحلاء؛ ليهنئه على سلامته» وهناك وجه الشيخ إلى الرئيس كلمة ف الملا» لا زالت هذه 
الكلمة» محتفظا يما في الذاكرة الإعلامية بالصوت والصورة» وقد كان ذلك قبيل موت الشيخ شعراوي بقليل» 
ولعله آحر ظهور له في الملا؛ وكان» رحمه الله تعالى» وهو يخاطب الرئيس» يظهر عليه الوهن» إذ كان يعاني من 
مرضه الذي مات منه 

قال رحمه الله تعالى: وإ يا سيادة الرئيس» أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله فلن أحتم حيات بنفاق» 
ولن أبرز عنتريي باحتراء» ولكين أقول كلمة موجزة للأمة كلهاء حكومة وحزباء ومعارضة ورجالا وشعباء 
آسف أن يقول: سلبي؛ أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يوتيه من يشاءء فلا تآمر لأحذه. ولا كيد 
للوصول إليه؛ فإن الحق سبحانه وتعالى» حينما حكى حوار إبرهيم للنمرود» ماذا قال له؟ "ألم تر إلى الءكي 


17 ني ا 0 7 .0 1 1 2 0 231 
حاج إبرهيم قي إيه؟ في ربك »2 هو كافر» قال: أن اتاك الله الملط . 


فالملك» حين ينزله الله قال: "توتي الملحة من تشاء":27 فلا تآمر على الله لملك: ولا كيد على الله لحكم؛ 
لأنه لن يحكم أحد في ملك الله إلا .عراد الله 

فإن كان عادلاء فقد نفع بعدله» وإن كان جائرا ظالماء بشع الظلم وقبحه في نفوس كل الناس» فيكرهون كل 
ظالمء ولو لم يكن حاكما 

ولذلك» أقول للقوم جميعا: إنناء والحمد لله قد تأكد لنا صدق الله في كلامه؛ مما حاء من الأحداث» فكيف 


١ 233‏ لع ناه 3 234 
وكيف كنا نفسر: "إنهم يكيئون كيذا ونكيد كيذا؟ 


كنا نفسر قول الله: "ويمكرون ويمكر اللد؟ 
الله يريد أن يثبت قيوميته على خخلقه 

فأنا أنصح كل من يدور برأسه أن يكون حاكماء أنصحه بألا تطلبهاء بل يحب أن تطلب له فإن رسول الله 
قال: "من طلب إلى شيء أعين عليه» ومن طلب شيئا وكل إليه". 

يا سيادة الرئيس» آخر ما أحب أن أقوله لك ولعل هذا يكون آخحر لقائي أنا بك: إذا كنت قدرناء فليوفقك 
الله وإذا كنا قدرك» فليعنك الله على أن تتحمل. انتهى 

ولا ندنسى أن نذكر بأن هناك دعاة مصلحين عرفهم العصر الحديث, دعوا إلى الله تعالى دون تشددء وألفوا من 
الكتب ما يخدمون به دينه تعالى» جزاهم الله عنا وعن أمة رسول الله يَيَلّمْ كل خيرء ومنهم أبو الأعلى 
المودودي المتوق سنة 1979ميلادية» وهو مؤسس الجماعة الإسلامية بلاهور» وقد ألف ما يقرب من ستين 


21 البقرة 257 
2 آل عمران26 
3 الأنفال 30 
4 الطارق 16-15 
115 





كتاباء منها: نحن والحضارة الإسلامية» والحضارة الإسلامية أسسها ومبادؤهاء والإسلام في مواجهة التحديات 
المعاصرة 

ومنهم كذلك: أبو الحسن الندوى المتوق سنة 1999]ميلادية» وهو مؤسس حركة رسالة الإنسانية» والمجمع 
الإسلامي العلمي» وقد ألف أزيد من مائة كتاب» منها: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ والصراع بين 
الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية 

ومنهم حجة الله في أرضه على النصارى» وظاهرة هذا الزمان في ما تخصص فيه من ذود عن كتاب الله تعالى» 
وتفنيد لما كتبه رهبان النصارى من أباطيل» الشيخ أحمد حسين ديدات المتوق سنة 1986ميلادية» رحمه الله 
تعالى» وقد حلف تسجيلات صوتية لمناظرات مع أباطرة المبشرين في العالم» ومن كتبه: الإسلام والديانات 
الأخرىء والمسيح في الإسلام» وماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد يَيكْم ؟ وغيرها كثير 

ولا ننسى رحلا لم يقدر كثير من الدعاة المتطرفين قدره» أن لم يتزي بأزيائهم؛ ولم يرسل لحيته» وهو الأستاذ 
الشهيد مصطفى العقاد» الذي قتل مع ابنته سنة 2005ميلادية» في انفجار حصل في أحد الفنادق بعمان» وهو 
الذي أخرج شريط الرسالة وأنتجه. هذا الشريط الذي بلغ من النفوس ما لم يبلغه أي كتاب» وكان سببا في 
إسلام كثير من النصارى في العالم أجمع» تغمده الله برحمته وجزاه عنا وعن أمة رسول الله مَك خير الجزاء 
ونحن نسود صفحات هذا الكتاب» تلقينا نبأ مقتل الشيخ سعيد رمضان البوطي في 21 من شهر مارس 
23ميلادية» وقد رزئ المسلمون في هذا الداعية الحكيم» الذي طالعتنا كتبه منذ يفاعتناء ككتاب: كبرى 
اليقينيات الكونية وفقه السيرة وغيرهاء واتسم بالاعتدال في أقواله وفتاويه» ولعل الله تعالى تلقاه وهو راض عنهء 
وجازاه عما بذل لتكون كلمة الله هي العليا 

ومن هؤلاء الأساطين» الداعين إلى الله على بصيرة بحكمة وروية ويقين» رجحل ينتمي لهذا البلد الأمين» التزم 
بسنة خير المرسلين مَيُّمْ في الحيئة والسلوك بين العالمين» وألزم يما أهله وذويه المقربين» وهو الشيخ محمد 
الحمداوي رحمه لعي 730 لقص فحن ان دق التناعة الهو له لا كاد يترك بلدا إلا شد إليه الرحال» 


5 الشيخ محمد الحمداوي مرشد جماعة التبليغ والدعوة إلى الله بالمغرب 

ا ا 

أسس هذه الجماعة بعد لقائه في المغرب بالشيخ يوسف الكندهلوي صاحب حياة الصحابة» وهي فرع لجماعة هذا الأخير بالهند» 

وتعتبر أقدم حركة إسلامية بالمغرب» إذ كان تأسيسها حوالي سنة 964]ميلادية» شهدت الجماعة انتشارا كبيرا في المغرب 

وخارحه في عهده. وتميز مذهبها بالابتعاد عن السياسيات والخلافيات الفقهية» ورغم ذلكء فقد عانت الجماعة من عدة 

مضايقات من السلطة» خاصة في سنة 1979ميلادية» بعد تجمعها العالمي» .ممعرض البيضاء» وثي سنة 2»1983 حيث أخليت من 
119 





ولا قطرا إلا نزله يدعو للواحد المتعال حي أنه كان لا يجد وقتا لأهله وأبنائه وأحبابه» فلا يفرحون بوصوله 
حي يغادر بعد إيابه» خارجا في سبيل الله تعالى» يدل الناس عليه» ولا يفتأ عن الدعوة والإرشاد إليه 

صبوح الوحه مهيب المنظرء هادئ التقاسيم» ثاقب النظر» سمعنا منه ما اطمأن به القلب واستنار» وصلينا خلفه 
ونحن صغارء فأشجتنا قراءته ملياء فقد أو صوتا حازما شجياء سالت لقراءته أعين الأحبة» وكان يقرأ كثيرا 
قوله تعالى من سورة التوبة: "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسج؛ الحرام حمن آمن بالله واليوم الآخر 
ركاه في سبيل ائلة: كا يمتوون عن اللذه وائلة لا يهني القوم. الضالمين" 39 فإذا قرا عيت ألا يسكت 
وإذا جهر تمنيت ألا يخفت» وإذا ركع أو سجد تمنيت ألا يرفع أو يقنت 

قرانا في بيته» فأحسن قراناء وعاشرنا أبناءه زماناء حاصة حامل سره ووارث سمته» ابنه الأبر الأستاذ رشيد» 
فقد أوتٍ نصيبا من العلم إلا أنه من الذين لا يستحبون الظهورء وقد وهبه الباري عز وجلء هو الآخرء صوتا 
مليحاء كنا نسمع ترتيله مرة بعض أخحرىء فترتاح له نفوسنا وتطمئن أفئدتناء ولا تكاد تفرق إذا سمعته بينه 
وبين الشيخ المقرئ محمد صديق المنشاوي 

وخالطنا أفراد الجماعة» فلم نحد فيهم تشددا ولا مغالاة» بل كانوا يحقرون أنفسهم ويعظمون الناس» وقد 
اتتدق: بفتضل عذلا اللشاغة حلى كيز :نكد كانت أغلب» مواعظين من كنان. عفياة. الصيكابة "7 ورياض 
الصالحينء 77 ولم تسلم هي الأخرى من مضايقات السلطة وإجحافها 

ولم يكن الشيخ محمد الحمداوي يتلق منحة من أي جهة من الجهات» فقد كان يسكن في حي شعبي» وكان 
رزقه كفافاء ومات رحمه الله تعالى ولم يترك من متاع الدنيا شيئا 

وكنا نحضر معه بعد المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء .مسجد النور بالرباط» ونسمع منه ومن أفراد جماعته» 
فكان المسجد يمتلاً نوراء وتتزل على الحاضرين السكينة وتغشاهم الرحمة 

لقد كان للشيخ رحمه الله تعالى» فضل عليناء بأن شربنا أولى جرعات الإبمان على يديه» وخشعنا خحشوع أهل 
الإحسان حواليه 


فليتغمده الله تعالى بر حمته) وليجازه عنا خير الجزاء 


مراكز تجمعها الي كانت عبارة عن مساحد تسمى بمساجد النور» لكي تضم لوزارة الأوقاف. ولم يفل ذلك من عزمهاء بل 
تابعت فهجها وحرصت على تفانيها في الدعوة إلى الله الواحد الأحد 
توفي الشيخ الحمداوي رحمه الله تعالى بالرباط سنة 1987ميلادية» وشهد حنازته جمع غفير من بيه 
6 التوبة19 
7 حياة الصحابة من تأليف الشيخ محمد يوسف بن محمد إلياس بن محمد إسماعيل الكاندهلوي (1384-1335هجرية) 
#” رياض الصا حين من كلام سيد المرسلين لأبي زكرياء ييى بن شرف النووي توفي سنة: 676هجرية 
100 





وجوب النصح للراعي 

ولا يظن القارئ» بعد ما سقناه من جملة أحاديث رسول الله عَلُم » وما ضاق عنه المجال ثما لم نسقه من مختلف 
لا يظن القارئ أن الإسلام يدعو إلى الذلة والمسكنة» والسكوت عن الحق» بل الواحب على الرعية النصح 
للراعي بشي أنواع النصح» حى يرجع عن غيه؛ ما غوى: قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى: 

باب بيان كون النهي عن المنكر من الإبمان» وأن الإيمان يزيد وينقصء وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر 
واجبان 

عن عبد الله بن مسعود, أن رسول الله مَكتُّمْ قال: "ما من ني بعنه الله في أمة قبلي» إلا كان له من أمته 
حواريون وأصحابء يأحذون بسنته ويقتدون بأمره؛ ثم ها تخلف من بعدهم حلوف»ء يقولون ما لا يفعلونء» 
ويفعلون ما لا يؤمرون» فمن حاهدهم بيده فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". اتتهى من 
ميجيح مثلم 

عن جابر رضى الله تعالى عنه عن البي بَيَظُّمُ قال: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب» ورجل قام إلى إمام 
جائر فأمره واه فقتله". رواه الحاكم في المستدرك 

وف رواية أحمد عن أبي سعيد الخندري رضي الله عنه عن رسول الله بيثم قال: "ألا إن لكل غادر لواء يوم 
القيامة بقدر غدرته» ألا وأكبر الغدر غدر أمير عامة» ألا لا يمنعن رحلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه» 
ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". 

عن معاذ بن حبل عن النبي يَكثُمْ قال: "خذوا العطاء ما دام عطاءء فإذا صار رشوة على الدين فلا تأعذوهء 
ولستم بتاركيه بمنعكم الفقر والحاجة. ألا إن رحى بن مرح قد دارت» وقد قتل بنو مرح ألا إن رحى 
الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دارء ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب» ألا إنه 
سيكون أمراء يقضون لكم, فإن أطعتموهم أضلوكم؛ وإن عصيتموهم قتلوكم؛ قال: يا رسول الله فكيف 
نصنع؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى بن مريم» نشروا بالمناشير وحملوا على الخنشبء موت ف طاعة خير من 
حياة في معصية الله عز وجل". رواه الطبراني في الصغير 

فإما أن يواجه الحاكم بالنصيحة» سواء من الفرد أو الجماعة» وإما مما هو من قبيلهاء من احتجاج وتظاهر 
سلمي ومرابطة وغيرهاء ما يحري بحراهاء ولا يخفى على أحد. أن كثيرا من الأمم والشعوب» احتجحت على 
حكام تقاعسوا عن حقوق رعاياهم» وجاوزوا ميزان العدل في الحكم؛ فرحعوا وأقاموا الحق» وقعدوا عنده 
ولكن الإسلام؛ لا يدعو إلى مقاتلة الحاكم ما لم يبح بكفرء وفي أحاديث ما أقام الصلاة 


121 


لأن مقاتلة الحكام» من شأفا إثارة الفتنة في الشعوبء ما يفسح المحال للمتربصين بماء من أعداء الإسلام؛ للنيل 
منها وتقويض صرح عزقاء وكسر شموخحها 

بل إن الساكت عن الحق» يحاسبه الله تعالى بسكوته» ما قدر على ما هو أفضل من السكوت: 

عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله يكم قال: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيدهء فإن لم يستطع 
فبلسانه» ومن لم يستطع فبقلبه» وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم 


حريم قتال المسلم للمسلم 
عن ابن عمر أنه سمع البي يَيُّمْ يقول: "لا ترجعوا بعدي كفاراء يضرب بعضكم رقاب بعض". رواه البخاري 
جاء في صحيح مسلم: عن الأحنف بن قيس قال: خرحت وأنا أريد هذا الرحل؛ فلقيئ أبو بكرة» فقال: أين 
تريد يا أحنف؟ قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله يلم , يع علياء قال: فقال لي: يا أحنف» ارجع» 
فإني سمعت رسول الله يَيلثُمْ يقول: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهماء فالقاتل والمقتول في النار"» قال: فقلت» أو 
قيل: يا رسول الله هذا القاتل» فما بال المقتول؟ قال: "إنه قد أراد قتل صاحبه". رواه مسلم 
عن أبي بكرة قال: قال رسول الله يَيكثُّم : "إذا التقى المسلمان بسيفيهماء فالقاتل والمقتول في النار". رواه مسلم 
عن أبي بكرة» عن الي يَيلثُمْ قال: "إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح» فهما على جرف جهنم, فإذا 
قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا". رواه مسلم 
عن عبد الله بن مسغود قال: قال رسول الله عَلّم: "لا يحل دم امرئع مسلم»: يشهد أن لا إله إلا الله وأني 
رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاي» والنفس بالنفس» والتارك لدينه المفارق للجماعة". رواه الترمذي 


وقال: حديث حسن صحيح 


122 


خروج سيد قطب عن الكتاب والسنة بحكمه على الجتمعات الحالية بالجاهلية 
يقول سيد قطب: والأصول المقررة للاجتهاد والاستنباط» مقررة ومعروفة وليست غامضة ولا مائعة. فليس 
لأحد أن يقول لشرع لم يشرعه الله: هذا شرع الله إلا أن تكون الحاكمية لله معلنة» وأن يكون مصدر 
السلطات هو الله سبحانه» لا "الشعب"» ولا "الحزب"؛ ولا أي من البشر» وأن يرحجع إلى كتاب الله وسنة 
رسوله لمعرفة ما يريده الله» ولا يكون هذا لكل من يريد أن يدعي سلطانا باسم الله. كذلك الذي عرفته أوربا 
ذات يوم باسم "الثيوقراطية", أو"الحكم المقدس". فليس شيء من هذا في الإسلام» وما يملك أحد أن ينطق 
باسم الله إلا رسوله مَيَكتُّه» وإنما هناك نصوص معينة هي الى تحدد ما شرع الله. انتهى ”23 
ولعل سيد قطب ف كلامه هذاء يقر بإرجاع الحاكمية والتشريع لله تعالى ولرسوله ميلم » إلا أنه رحمه الله 
تعالى» حرج عن هذا الإقرار بعد ما أفى به من حكم على البلاد الإسلامية بالجاهلية» وجواز قتال أهلها؛ وقد 
كان فيما أوردنا من أحاديث كفاية على أن هذه الفتوى لا أصل لما في أصول الشرع» بل الثابت خلافهاء 
فتمعن في الأمر تجده كما قلناء والله الموفق للصواب 
ثم يقول رحمه الله تعالى: إن الذي يكتب هذا الكلام إنسان عاش يقرأ أربعين سنة كاملة؛ كان عمله الأول فيها 
هو القراءة والاطلاع في معظم حقول المعرفة الإنسانية.. ما هو من تخصصه وما هو من هواياته.. ثم عاد إلى 
مصادر عقيدته وتصوره. فإذا هو يجد كل ما قرأه ضئيلا ضئيلا إلى جانب ذلك الرصيد الضخمء وما كان 
بمكن أن يكون إلا كذلك؛ وما هو بنادم على ما قضى فيه أربعين سنة من عمره. فإنما عرف الجاهلية على 
حقيقتهاء وعلى انحرافهاء وعلى ضآلتها وعلى قزامتها... وعلى جعجعتها وانتفاشهاء وعلى غرورها وأدائها 
كذلك؛ وعلم علم اليقين» أنه لا يمكن أن يجمع المسلم بين هذين المصدرين في التلقي. 
ومع ذلك؛ فليس الذي سبق في هذه الفقرة رأيا لي أبديه.. إن الأمر أكبر من أن يف فيه بالرأي.. إنه أثقل في 
ميزان الله من أن يعتمد المسلم فيه على رأيه» إنما هو قول الله سبحانه» وقول نبيه عَم نحكمه في هذا الشأنء 
ونرجع فيه إلى الله والرسول» كما يرجع الذين آمنوا إلى الله والرسول فيما يختلفون فيه. انتهى"*” 
قلت: لا ننازع في مكانة سيد قطب في قلوب المسلمين» ولا ننكر عبقريته» وما أسداه للإسلام والمسلمين بما 
بلغ وجاهد وألفء بل نحسبه مفكرا إسلاميا فذاء وداعية عظيماء نادرا ما يجود الزمان ,عثله؛ فجزاه الله عن أمة 
الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء» وكتبه في الشهداء الأبرار» وأسكنه مترلة علية مع النبيئين والصديقين 
والشهداء والصالحين. 


239 معام ف الطريق 
240 


ا مرجع نفسه 
123 





إلا أن سيد قطبء وهو يضع قواعد منهج الدعوة إلى الله تعالى في كتبه» قد اجتهدء فأصاب وأخطأ كأي 
مجتهد غيره 

فرعا شح زاده رحمه الله تعالى» في علم الفقه والحديث والأصولء ولم يتسن له الوقت للاغتراف من مظان 
العلوم الغزيرة الى يشترط في المفي أن يضطلع بها 

ثم إن سيد قطبء قد خحرج مثل كثير غيره عن منهج الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى» مؤسس جماعة 
الإخوان المسلمين» الي ينتسب إليها سيد قطب نفسه. ذلك المنهج الذي لا يدعو إلى ما دعا إليه 

والذي يجهله كثير من الدعاة» منهم من ينتمي لهذه الجماعة نفسهاء أن طريق حسن البنا رحمه الله تعالى» لم 
تكن تأمر بقتال المسلمين» بل قاتلت الصهاينة كما هو معروف 

إن الرحل كان على هدى من الله تعالى» عالما ذاكرا حكيما مخلصاء وبجاهدا لا يخشى في الله لومة لائم» وقد 
اقتضت المناسبة أن نبقى» ولو قليلاء مع هذه الشخصية الفريدة الذي أعتبره محدد قرنه بغير منازع 


124 


حسن البنا المرشد العام للاخوان المسلمين والصوفي الزاهد 

علاقته رحمه الله تعالى بالاخوان الحصافية 

يقول رحمه الله تعالى في كتابه: مذكرات الدعوة والداعية: وفي المسجد الصغيرء رأيت "الاخوان الحصافية" 
يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة» وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله 
بين المغرب والعشاءء فاحتذبئ حلقة الذكر بأصواتا المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة» وسماحة 
هؤلاء الذاكرين من شيوخ فضلاء وشباب صالحين» وتواضعهم لؤلاء الصبية الصغار الذين اقتحموا عليهم 
مجلسهم ليشار كوهم ذكر الله تبارك وتعالى» فواظبت عليها هي الأخرى؛ وتوطدت الصلات بين وبين شباب 
هؤلاء الإخوان الحصافية. انتبى !24 

قال: أحذ اسم الشيخ الحصافي يتردد على الأذن» فيكون له أحل وقع في أعماق القلب» وأحذ الشوق والحنين 
إلى رؤية الشيخ والجلوس إليه» والأخذ عنه يتجدد حينا بعد حين» وأخذت أواظب على الوظيفة الروحية 
صباحا ومساءء وزادني بها إعجاباء أن الوالد قد وضع عليها تعليقا لطيفاء حاء فيه بأدلة صيغها جميعا تقريبا من 
الأحاديث الصحيحة؛ وسمى هذه الرسالة: "تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الرزوقية"» ولم تكن هذه الوظيفة 
أكثر من آيات من الكتاب الكريم؛ وأحاديث من أدعية الصباح والمساء ال وردت في كتب السنة تقريبا» ليس 
فيها شيء من الألفاظ الأعجمية أو التراكيب الفلسفية» أو العبارات الي هي إلى الشطحات أقرب منها إلى 


الدعوات. انتهى 212 


اوه رحمه الله تعلمى مشخ الطريقة الحصافية 
يقول رحمه الله تعالى: وظللت معلق القلب بالشيخ رحمه الله حي التحقت ,مدرسة المعلمين الأولية بدمنهورء 
وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن ثم حينذاك» وثم بعد ذلك» فكنت مواظبا على 
الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة» وسألت عن مقدم الإخوان» فعرفت أنه الرحل الصالح التقي الشيخ 
بسيون» العبد التاحرء فرحوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل» ووعدن بأنه سيقدمين للسيد عبد الوهاب 
عند حضوره؛ ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية» وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم. 
وحضر السيد عبد الوهاب نفع الله به إلى دمنهورء وأخطرئ الإخوان بذلك» فكنت شديد الفرح يهذا النبأء 
وذهبت إلى الوالد الشيخ بسيوي» ورجوته أن يقدمئ للشيخ ففعل» وكان ذلك عقب صلاة العصر من يوم: 4 


41 مذكرات الدعوة والداعية 


242 


ا مرجع نفسه 
125 





رمضانء سنة:1341 الهجرية؛ وإذا لم تخِنٍ الذاكرة» فقد كان يوافق يوم الأحدء حيث تلقيت الحصافية الشاذلية 
عنهء وأدبئ بأدوارها ووظائفها. انتهى 23 

قال رحمه الله تعالى: واستمرت صاتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب» حين أنشئت جمعيات 
الإخوان المسلمين وانتشرت» وكان له فيها رأي ولنا فيها رأي؛ وانحاز كل إلى رأيه» ولا زلنا نحفظ للسيد 
جزاه الله عنا خيراء أجل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقي» نصح فأخلص النصيحة» وأرشد 
فأحسن الإرشاد. انتهى 244 

نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية» ودمنهور» مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي» شيخ الطريقة 
الأول» وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ» فكان طبيعيا أن أندمج في هذا الوسط», وأن أستغرق في 
هذا الاتجاه. انتب 245 

قال: فقد كانت الصداقة بين وبين الأخ أحمد أفندي السكري» قد توثقت أواصرهاء إلى درحة أن أحدنا ما 
كان يصبر أن يغيب عن الآخر هذه الفترة أسبوعا كاملا دون لقاء» يضاف إلى ذلكء أن ليلة الجمعة في منزل 
الشيخ "شلبي الرحال" بعد الحضرة» يتدارس فيها كتب التصوف من "الإحياء",» وسماع أحوال الأولياء. 
والياقوت والجمواهر وغيرهاء ونذكر الله إلى الصباح» كانت من أقدس مناهج حياتنا» وكنت قد تقدمت في 
صناعة الساعات وفي صناعة التجليد أيضاء أقضي فترة النهار في الدكان صانعاء وفترة الليل مع الإخوان 
الحصافية ذاكراء ولذه المآرب جميعاء لم أكن أستطيع أن أتخلف عن الحضور يوم الخميسء إلا لضرورة قاهرة» 
وكنت أنزل من قطار الدلتا إلى الدكان مباشرة» فأزاول عملي في الساعات إلى قبيل المغرب» حيث أذهب إلى 
المنزل لأفطر إذ كان من عاداتنا صوم الخميس والإثنين» ثم إلى المسجد الصغير بعد ذلك للدرس والحضرة؛ ثم 
إلى متزل الشيخ "شلبي الرحال"؛ أو مترل أحمد أفندي السكري للمدارسة والذكر» ثم إلى المسجد لصلاة 
الفجر» وبعد ذلك» استراحة يعقبها الذهاب إلى الدكان وصلاة الجمعة والغذاء» والدكان إلى المغرب» 
فالمسجد, فالمتزل» وف الصباح إلى المدرسة؛ وهكذا دواليك في ترتيب» لا أذكر أنه تخلف أسبوعا إلا لضرورة 


2 246 
طارئة. انتهى” 


00 المرجع نفسه 
28 المرجع نفسه 
2 المرجع نفسه 
246 


ا مرجع نفسه 
126 





قلت وحسبنا شاهدا على صوفية الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى» كتابه المأثورات» الذي رتب فيه أوراد 
الصباح والمساء فيما أمعاه بالوظيفة» والتزم به أفراد جماعة الإاخحوان المسلمون» وردا يوميا يتعاهدونه بالتلاوة 
ويحافظون عليه 


تصويب الفهم الخاطئ لبعض مصطلحات الدين ومفاهيمه 

قال أبو الفتح الجعفي غفر الله تعالى له: وإذا كانت أفكار سيد قطب وغيره ممن شرعوا تكفير المسلمين» 
وأوحبوا قتالمهم» إذا كان ذلك يشكل سببا رئيسيا في تأحيج أوار الفتنة والتكفير والتقتيل إلى يومنا هذاء فإن 
هناك أسبابا أخر» تتعلق بالفهم الخاطئ لبعض مصطلحات الدين ومفاهيمه» ما يأوله كثير من الأدعياء حسب 
هواهم دون علم» حت يستدلوا لمناهجهم الخاطئة من الدين» ويقنعوا كثيرا من شبابنا .ما ذهبوا إليه من تيه 
وضلال 

ومن هذه المصطلحات: 

الأول: عدم التمييز بين معيئ لفظ الكفر العقائدي ومعناه العملي 

وقد فطن المفسرون العارفون بالوجوه والنظائر في كتاب الله تعالى» وكذا علماء الحديثء إلى الألفاظ المشتركة 
في اللغة» والألفاظ المتواطئة» وميزوا بعضها عن بعضء لأن سوء فهم هذه الألفاظ» يترتب عنه أحكام ومواقف 
حاطئة» قد تؤدي إلى إيذاء النفسء بل إلى إيذاء الناس ونعتهم .ما ليسوا عليه» من تكفير واستحقاق التقتيل؛ بل 
إن ذلك يؤدي إلى زرع بذور الشقاق والفتنة بين المسلمين جميعا 

فبينوا رحمهم الله تعالى» أن لفظ الكفرء جاء في القرآن الكريم والسنة المشرفة معان شى 

والكفر منه اعتقادي يخرج عن الملة» ومنه عملي لا يخرج عن الملة 

ومنهم من قسمه إلى: كفر ناقل عن الملة وكفر دون كفرء وكفر النعمة وكفر الجحود 

ولعل تكفير الناس» رغم توحيدهم؛ ورغم صلواقهم وصيامهم, ابتدأ بقوة مع الخوارج؛ الذين كفروا مرتكب 
الكبيرة وخلدوه في النار» وحالفوا بذلك النصوص القرآنية مخالفة فاضحة 


12 


إعاننا يزيد بالطاعات ونقصه يكون بالزلات 

وأهله فيه على تفاضل هل أنت كالأملاك أو كالرسل 

والفاسق الملي ذو العصيان لم ينف عنه مطلق الإيمان 

لكن بقدر الفسق ولمعاصي إيمانه ما زال- في انتقاص 

ولا نقول إنه في النار مخلد ‏ بل أمره للباري 

تحت مشيئة الإله النافذه إن شا عفا عنه وإن شا آخذه 

بقدر ذنبه وإلى الحنان إن مات على الإيمان 

والعرض تيسير الحساب في النبا ومن يناقش الحساب علذبا 

ولا نكفر بالمعاصي مؤمنا إلا مع استحلاله الما جيئ 

وتقبل التوبة قبل الغرغره كما أن في الشرعة المطهره 

أما مق تغلق عن طالبها فبطلوع الشمس من مغرها. انتهى”4” 
يقول الله تعالى: "قل يا عباحي العين أسرفوا على أنفسهم لا تقنصا من رحمة الله؛ إن الله يغفر العنوب 
جميعاء إنه هر الغفور الرعيم" 548 
وقال أيضا: "إن الله لا يغفر أن يشرط بن افووزها لخو ارك لوو ا 1ه 
وقد فى القرآن الكريم والسنة النبوية عن تكفير المسلمين بغير حق: 
قال تعالى: 'يا أيها الءين آمنوا إءا ضربتم في سبيل الله فتبينواء ولا تقولوا لمن القى إليكم السلم لست 
مومنا تبتغون عرض الحياة الكنيا فعنه الله مغانم كثيرة. حول حنتم من قبل فمن الله عليكمء 
فتبينواء إن الله كان بما تعملون خبيرا" !551 
"والغين يوعون المومفين والمومنات بغيرما اكتسبوا فقه لحتملوا بهتانا وإثما مبينا” 51 
عن عبد الله قال: قال رسول الله عَم : "سباب المسلم فسوقء وقتاله كفر". رواه البخاري 
عن أبي ذر رضي الله عنه: أنه سمع البي َيككُم يقول: "لا يرمي رجحل رحلا بالفسوق» ولا يرميه بالكفرء إلا 
ارتدت عليه؛ إن لم يكن صاحبه كذلك". رواه البحاري في صحيحه 


3 معارج القبول بشرح سلم الوصول 
8 الرمر50 
7 النساء5 11 
0 النساء 93 
231 الأحزاب58 
128 





عن أبِي قلابة أن ثابت بن الضحاك» وكان من أصحاب الشجرة» حدثه أن رسول الله بيثم قال: "من حلف 
على ملة غير الإسلام فهو كما قال» وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك» ومن قتل نفسه بشيء ف الدنيا 
عذب به يوم القيامة» ومن لعن مؤمنا فهو كقتله» ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله". رواه البخاري ف صحيحه 
بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر 

حديث عبد الله بن عمرء أن رسول الله يَيثُّمْ قال: "أيما رجحل قال لأخيه يا كافر فد باء بها أحدهما". 
أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب الأدب» باب من كفر أحاه بغير تأويل. انتهى من اللؤلؤ والمرحان فيما اتفق 
عليه الشيخان للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي 

وفي صحيح مسلم: باب بيان حال يمان من رغب عن أبيه وهو يعلم 

عن أبي ذر؛ أنه سمع رسول الله مَيكمْ يقول: "ليس من رجل ادعي لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر؛ ومن ادعى ما 
ليس له فليس هناء وليتبوأ مقعده من النار؛ ومن دعا رحلا بالكفرء أو قال: عدو الله» وليس كذلكء إلا حار 
عليه". رواه مسلم 


موقف اهل السنة من غاو الخوارج 
يقول الشيخ محمد حامد الناصري: إن القول بتخليد أهل الكبائر في النار» لم يوافق أهل السنة قائليه من 
الخوارج والمعتزلة» لأن هذا القول من بدعهم المشهورة» وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان» وسائر أئمة 
المسلمين» على أنه لا يخلد في النار أحد ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمانء واتفقوا أيضاء على أن نبينا محمدا 
َم ؛ يشفع فيمن يأذن الله له بالشفاعة فيه من أهل الكبائر من أمته(052) 
فالخوارج» هم أول من كفر المسلمين بالذنوب» ويكفرون من خالفهم قُِ بدعتهم» ويستحلون دمه وماله» 
وهذه حال أكثر أهل البدع؛ يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها. 
وأهل السنة يتبعون الكتاب والسنة» ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق ويرحمون الخلق:(53©) 
وجاء في شرح الطحاوية: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. ولا نقول: لا يضر مع الإبمان 
ذنب لمن عمله؛ ولا نشهد عليهم (أهل القبلة) بكفر ولا بشرك ولا بنفاق» ما لم يظهر منهم شيء من ذلك» 
ولذو ستيه إن بر 654 255 
(252) الإبمان لابن تيمية. كستزان 
(253) الفتاوى لابن تيمية. كستزان 
(254) شرح الطحاوية. كستران 
5 بدع الاعتقاد وأطارها على المجتمعات الإسلامية 

129 





الغاني: حمل مفهوم الجماعة على تجمعات ها هنا وهناك في البلاد الإسلامية» في حين أن الجماعة تع بلاد 
المسلمين الي لما إمام: 

عن أبي ذر قال: قال رسول الله يكم : "من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه". رواه أبو 
داود في السئن 

وقد اصطلح أهل العلم على إطلاق لفظ الجماعة يممفهومه العام» على الخليفة أو السلطان ومن معه من أهل 
الحل والعقد» وهو الأغلب عندهم. وأما الجماعة ممفهومها الخاص» فقد أطلقوه على جمهور الصحابة» وعلى 
أهل العلم وأئمة الهدى والرشاد» وأطلقوا مفهوم الجماعة على كل متمسك بالحق حريص على اقتفاء هدي 
رسول الله ميلم 

الثالث: عدم إدراك شمولية معيى لفظ الأمة في القرآن الكريم» ولا في حديث سيد المرسلين يَيكم . 


وقد ورد لفظ الأمة ف القرآن الكريم .معان مختلفة 

٠ 1‏ صابن 5 3 : 1 1 ١ ١‏ 256 
والمراد بأمة رسول الله عَيلِثُّمْ كافة العالمين» لقوله تعالى: "وما أرسلناءة إلا حافة للناس بشيرا ونعيرا". 
وق حديث الشفاعة» يطوف الناس على الأنبياء يوم القيامة ليشفعوا لهم عند ركم وينتهون إلى رسول الله 
ينه فيقبل الله تعاللى شفاعته فيهم 257 


226 سبا28 


7عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله يَيلُّهِ : "يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك» (وقال ابن عبيد: فيلهمون 
لذلك)» فيقولون: لو استشفعنا على ربناء حي يريحنا من مكاننا هذا؟ قال: فيأتون آدم يَيْلتُمَ فيقولون: أنت آدم أبو الخلق» 
خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه؛ وأمر الملائكة فسجدوا لك؛ اشفع لنا عند ربك؛ حي يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست 
هناكم» فيذكر خطيئته ال أصاب» فيستحي ربه منها؛ ولكن ائتوا نوحاء أول رسول بعثه الله. قال: فيأتون نوحا يَيْتّمء فيقول: 
لست هناكم فيذكر خخطيئته الى أصابء» فيستحي ربه منها؛ ولكن ائتوا إبراهيم يلتم الذي اتخذه الله حليلا؛ فيأتون إبراهيم 
يله فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته ال أصابء فيستحي ربه منهاء ولكن ائتوا موسى تَِيلَه الذي كلمه الله وأعطاه 
التوراة؛ قال: فيأتون موسى عليه السلام؛ فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته الى أصاب؛ فيستحي ربه منهاء ولكن ائتوا 
عيسى؛ روح الله وكلمته؛ فيأتون عيسى روح الله وكلمته» فيقول: لست هناكم؛ ولكن ائتوا محمدا ييل عبدا قد غفر له ما 
تقدم من ذنبه وما تأحر". قال: قال رسول الله يَيْلُّمْ : "فيأتون» فأستأذن على ربي فيؤذن لي» فإذا أنا رأيته وقعت ساجداء فيدعى 
ما شاء الله. فيقال: يا محمدء ارفع رأسكء قل تسمعء سل تعطه؛ اشفع تشفع. فأرفع رأسي» فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي» ثم 
أشفع؛ فيحد لي حداء فأحرجهم من النار» وأدخلهم الحنة؛ ثم أعود فأقع ساجداء فيدعين ما شاء الله أن يدعينء ثم يقال: ارفع 
رأسك يا محمد» قل تسمع» سل تعطه اشفع تشفع؛ فأرفع رأسي» فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه» ثم أشفع» فيحد لي حدا فأخرجحهم 
1130 





258 ٠ 


والأفضل. 

5 1 1 5 1 259 
او 0000 1 ا ا ”» 260 
ولتكن منكم أمة يذكون إلى الخير ويامرون بالمعروق وينهون عن المفكر . 

وقد تنبأ عليه الصلاة والسلام بافتراق أمته إلى ملل: 

عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال: ألا إن رسول الله تَيكنُّم قام فينا فقال: "ألا إن من قبلكم من أهل 
الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة» وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار» 
وواحدة في الجنة» وهي الجماعة". زاد ابن ييى وعمرو في حديثهما: "وإنه سيخرج من أمي أقوام تجارى بم 
تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه"» وقال عمرو: "الكلب بصاحبه. لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا 
دحله". رواه أبو داود في السئمط 
وقد حهدت الجماعات الإسلامية في أن تجعل كل جماعة نفسها الناحية» وباقي الجماعات في النار» وهو جهل 
فاحش» وفهم شنيع لمعيئ الحديث؛» تمخض عنه صراع وعداء بين المسلمين» إذ فهموا من لفظ الأمة» أنه يعن 
المسلمين دون غيرهم» فحكموا على إخوائهم بالكفر وسوء المصير؛ في حين, أن افتراق الأمة إلى ملل» يقتضي 
جعل المسلمين كافة ملة واحداء وباقي الملل هي تلك الي لا توحد الله تعالى وتشرك به جهارا 

قال تعا! ٠‏ "فت 1 : 1 262 

قال تعالى: فتقخصوا أمرهم بينهم زبراء كل حزب بما لنيهم فرحون . 


263 ٠ 1 2 5 1 4 


26 


من النار» وأدحلهم الجنة. (قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال:) "فأقول: يا ربء ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن» 
أي وجب عليه الخلود". (قال ابن عبيد في روايته: قال قنادة: أي وجب عليه الخلود). اتتهى من صحيح البخاري 
258 البقرة142 
9 آل عمران110 
آل عمران104 
21 عن أبي هريرة أن رسول الله يَيلُِّمُ قال: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعينء أو اثنتين وسبعين فرقة؛ والنصارى مثل ذلك» 
وتفترق أمي على ثلاث وسبعين فرقة". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح 
262 المومنون 54 
93 الحادلة 21 
131 





إن شئت: فكل جماعات الموحدين؛ تعتبر جماعة واحدة» وهي الفرقة الناحية» وهي جماعة المسلمين كافة؛ في 
عين: أن الجماعات الي ابتغت غير الإسلام ديناء واتخذت منهجا لا يدين بوحدانية الواحد الأحدء هي الفرق 
الكافرة الي في النار 

وأخوف ما أخاف على أمة المسلمين» أن يكون ما هم فيه من تفرق في الدين» وتحزيهم شيعا يذيق بعضهم بأس 
بعض» ويقاتل بعضهم بعضاء أخوف ما أخاف, أن يكون ذلك عقابا من الباري عز وجل وسخخطاء والعياذ 


بالله 
ألم يقل سبحانه: "قل هو القاءر على أن يبعث عليكم عدابا من فوقكم أومن تحت أرجلكم أو يلبسكم 


٠. ّ 6 5‏ 525 5 1 2 01 264 
شيعا ويعيق بعضكم بأس بعدض» اناظر كين نصفن الآيات لعلهم يفقهون . 


مع العلم» أن رسول الله َيلُّم » سأل ربه سبحانه أن لا يسلط على أمته مثل ما سلط على باقي الأمم 
عن ثوبان قال: قال رسول الله عَم : "إن الله زوى لي الأرض» فرأيت مشارقها ومغارهاء وإن أميَ سيبلغ 
ملكها ما زوى لي منهاء وأعطيت الكترين: الأحمر والأبيض؛ وإنٍ سألت ربي لأمي أن لا يهلكها بسنة عامةء 
وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم, فيستبيح بيضتهم؛ وإن ربي قال: يا محمد! إن إذا قضيت قضاء 
فإنه لا يرد» وإنٍ أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة» وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهمء» 
يستبيح بيضتهم؛ ولو اجحتمع عليهم من بأقطارها", أو قال: "من بين أقطارهاء حي يكون بعضهم يهلك بعضاء 
ويسبي بعضهم بعضا". رواه مسلم 

زاد أبو داود عن ثوبان عن رسول الله مُه : "وإنما أخاف على أميّ الأئمة المضلين» وإذا وضع السيف في 
أمي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة» ولا تقوم الساعة حى تلحق قبائل من أمي بالمشركين» وحى تعبد قبائل من 
أمى الأوثان؛ وإنه سيكون في أمى كذابون ثلاثون» كلهم يزعم أنه نبي» وأنا خاتم النبيين لا نبي بتعديء ولا 
تزال طائفة من أمي على الحق". قال ابن عيسى : "ظاهرين" 5 اتفقا "لايضرهم من حالفهم حئ يأ أمر الله 
تعالى' . رواه أبو داود 

عن سعد بن أبي وقاص قال: أقبلنا مع رسول الله كم حي مررنا على مسجد بن معاوية» فدخل فصلى 
ركعتين وصلينا معه» وناحى ربه عز وجل طويلا؛ قال: "سألت ري عز وجل ثلاثا: سألته أن لا يهلك أميّ 


رواه أحمد 


264 الأنعام 66 
132 





فتدبروا يا أمة رسول الله هذا نبيكم الكريم قد ضمن لكم ألا يفنيكم غي ركم؛ مهما احتمعوا لكم؛ ومهما كان 
عتادهم وعدم وإنما النوف عليكم من أنفسكم, فقوا أنفسكم من أنفسكم, وكفوا أنفسكم عن أنفسكم 
"ويا تفازعوا فتفضلوا وتتاهب ريحكم؛ واصبرواء إن الله مع الصابرين" 565 

أيها المسلمون» كلكم على هدى من الله تعالى» كلكم ملة واحدة» فتآخوا يرحمكم الله وتوادواء فلا داعي 
لأن تفرقوا أنفسكم وقد جمعكم الله في ملة واحدة» يا ملة الإسلام.. يا حزب الله 

وقد نال هذا البلد الأمين» وأعي مغربنا الحبيب» ما نال غيره من عمليات الإرهاب الشنيعة» هذا الإرهاب 
الذي كان أساسه التطرف الدين القائم على الفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف. ففي ليلة السادس 
عشر من شهر مايو سنة ألفين وثلاثة ميلادية» شهدت الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب» تفجيرات 
انتحارية» طالت بعض المرافق الاحتماعية» منها فندق ومقهى ومطعم, بالإضافة إلى مقر الرابطة اليهودية؛ وقد 
جند الإرهابيون من الأحياء المهمشة؛ واستغل من جندهم جهلهم ومعاناقهم من شظف العيش 

ومن هنا ننبه بعض المفتين في الناس بالتكفير والقتل» وندعوهم إلى أن يتقوا الله رهم فيما يفتونء فإن هؤلاء 
المتشددين» ما هم إلا صنعاء رؤوس جهال أفتوا بغير علم فضلوا وأضلواء وسيحملون أوزارهم يوم القيامة 
أدت هذه العمليات الانتحارية إلى موت ضحايا من رجال الأمن والمواطنين الأبرياء. وقد هالنا هذا الأمر 
ورثينا لهؤلاء المتشددين؛ الذين جئئ عليهم من أفتاهم بأن تقتيل المسلمين يعتبر جهادا في سبيل الله تعالى» ورئينا 
في الوقت ذاته للضحايا الأبرياء» من الناس والإرهابيين» على حد سواءء وحادت قريحتنا بشعر نروح به عن 
لوعتناء ونعبر عن مكنوناتناء وهو كالتالي: 


7 الأنفال 47 


133 





رعب في البيضاء 
ليلة سوداء عتا فيها القدر! 
على طفلة هيفاء 
تطاير على خدها الشرر! 
اسمها البيضاء 
تحب الحمام وأغصان الزيتون 
مسودة الخنصلاات 
ترقد في سكون 


لما فجروا في روعها ما فجروا 
أولئك الغرباء! 

عن بغضهم عبروا 
ضحايا الغباء! 

كيف فجروا؟! 

نظروا وما أبصروا 
غير الحراب 

غير الخراب 

غير الشهاب 

غير الشرر؟! 

يا قومي ما الخبر؟ 
أي جرم جحنته صبيه؟! 
أكى من القمر 

حو نلعي البليه 

هزة صماء قويه 
أفزعت كل البشر! 


134 


دعوني ومن قتلوا الأبرياء 
يتموا أطفالا وأطفالا 
أبكوا ثكالى النساء 
أقول: لا لا 


لستم شهداء! 


هذه أشلاء قومى قُِ نقثكات 
هنا وهناك 
آنفا فتان 


أجهشت قُ البكاء 


تبكي الصبية أباها الحنون 
حرقوه في اللهب 
تسأل في جنون 

يا ترى ما السبب! 


يقطع أكبادي القتل في أولادي 
يخنقئو عويل الأيتام 


ألا أيها العادي ما دهاك؟! 
أي ذنب جنته بلادي 
حىّ تلقى أذاك؟ 

أي جرم 

حناه أولادي 


كى يقتلوا هناك؟! 


135 


ألأنما آوتك وأنت جنين؟! 


مئذ سنين! 
ألأنهم ييحثون كالرحال 
عن جرعة ماء؟! 

تحت هذي السماء 
عن كسرة 

عن كسوة 

للعيال 

من كسب حلال؟! 


كفكفي يا بيضاء من الدموع..! 
بكاؤك حبيبي 
أذكى ليبا 

في الضلوع! 
حارو كام 
تحت التراب 
أسعدني وأشقاني 
أضحكي وأبكاني 
لما اكتويت 

لما اشتكيت 

لما أوقدوا في مهدك 
10 


ديوان: لأويس هذه المزامير للمؤلف 
136 





غمض عيبيطة يا النااض 0 الناض عمى فى البحاير 
أتيع خبير السرايو, امال كر صابن 


يقول: أغمض عينيك أيها الناظر» فالنظر بالنسبة للبصر هو بحرد عمىء اتبع شيخا خبيرا بالسرائر وما يصلحهاء 

وم اتبعته لا تكثر من فضول السؤال» ولا تسأل عن عواقب الأمور ومصائرها 

والمعيئ: قال الله عز وجل: "وتراهم يناضرون إليحة وهم لا يبصرون". 587 

وقال كذلك: 'فلولا إء! بلغت الحلقوم وأنتم حينيء تفضرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا 
٠‏ 268 

قال في الحكم: النور له الكشفء و البصيرة لها الحكمء و القلب له الإقبال والإدبار. انتهى ”26 

قال أبو الفتح الجعفي: النظر غير البصرء والبصر غير البصيرة 

فقد صور الباري عز وجل العين وزودها بخاصية النظر» لتنظر ما يظهر لها من مشاهد وحوادث؛ والنظر لا 

بخلو من عاقل من الثقلين» بل ححى من السباع والطيور والهوام والبهائم والأنعام 

ثم خص الله تعالى المومنين الذين أزال عنهم غشاوة الشقاوة بالبصرء فهم يبصرون الأمور على حقائقهاء لا 

يغشاها لبس ولا تمويه 

ثم يات أهل البصائرء وهم أصحاب الفراسة والكشف على هدى من الله تعالى 

يبصرون ما لا يبصره غيرهم» سواء من مغيبات الملكوت» أو من صواب الرأي وحسن التدبير» ومن رقائق 

الحكمة ولطائفها 

وقد يفهمون من القرآن ما لا يفهم بالنظر إلى معيئ لفظه ووضع إعرابه» ما لا يفهمه غيرهم؛ ويدركون 

مقاصد الشرع من أحكامه. ما لا يدركه جهابذة العلماء والفقهاء المجتهدون 

كما أن العمى ألوان: فلا يراد بالعمى: عجز الناظر عن رؤية ما يرى» وإِنما العمى عمى القلوب, قال تعالى: 

'فإنها لا تعمى الابصارولكن تعمى القلوب التي في الصور" 271 

فيا من يعتمد على النظرء سواء في رؤية المشاهد, أو في استنباط الرأي» اعلم رحمك الله تعالى» أن هذا الأمر لا 

يدرك إلا بالبصيرة» ولا يكون ذلك إلا بتوفيق من الله تعالى 


7 الأعراف 198 
8 الواقعة 88-86 
269 الحكم العطائية 
20 الح ج44 
137 





إن مفاهيم الأمورء أيها الحي الفاني» تشابمت بأضدادها: فهذا الماء نعمة جعل منه الله تعالى كل شيء حيء 
ولكنه نقمة» قد تكون طوفانا أو سيولا تحر العاقل والبكماء 

وهذه النار» تنفع الناس بحرارقهاء ولكنها تحرق الأحضر واليابس 

أما المال» فقد يحسن صاحبه بإنفاقه في وجوه الخير» فيدحل الجنة» وقد يكون سبب غروره وبطره وفسوقه» 
فيدخل النار 

ألا ترى إلى حضارة الناس» رغم بلوغها ما لم تبلغه من قبل» ألا ترى ما جرت عليهم من متاهات وآفات؟ 
واعلم أي, أن ليس في الدنيا ما لا يمل منه المرء» غير ذكر الله تعالى» والعلم والتعلم 

عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله عَيَلّمٌ يقول: "ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيهاء إلا ذكر الله وما والاه 


وعالم أو متعلم" . رواه الترمذدي وقال: هذا حديث حسن غريب 


علما نأك فى خحامي أنساك وأحمك كلامي 


يقول: إذا تبعتئ» وأردت فهم حكمي وأحكامي, فانس ما تعلمته وحصلته من قبل» واعتبر نفسك جاهلاء 
فإن علمك الذي تعلمته زاد في خصامي معك» بسبب شدة اعتراضك وكثرة جدالك ومرائك» فانس هذا 
العلم» واحفظ ما أقول من كلام 
والمعئ: يقول العارف بالله تعالى» الشيخ ابن البنا السرقسطي: 

فالعلم ما يلفى إليه حد بل ظاهر يخفى» وحاف يبدو 

والعلم لو كانت له هاية يوقف عند حدها أو غاية 

من كان أذكى مرسل وأسمى 2 قيل له: قل رب زدني علما 

فعكش بما لديك ما حييت وجنب التعنيف والتعنيت 

والكل قد يعجبه الكلام فالزم هدي نفسك والسلام. - 
وقال أبو مدين التلمساني» في أبيات أتبعها محيي الدين بن عريي الحاتئمي بتخميس مناسب: 


اسلك طريقهموا إن كنت تابعهم واترك دعاويك واحذر أن تراجعهم 


71 المباحث الأصلية 
138 





فيما يريدونه واقصد منافعهم 2 واستغنم الوقت واحضر دائما معهم 
رقا ان ارد سمي را 
وأتبعه الحاتمي بقوله: 
كن راضيا يمموا تسم يحم وتصل- إن أثبتوك أقم أو إن محوك فزل 
وإن أحاعوك حع وإن أطعموك فكل ولازم الصمت إلا إن سئلت فقل: 
لا علم عنديه وكن با مهل مستتر ”5 
قال أبو الفتح: وقد أردفته بتخميس آخر يناسب ما نحن فيه: 
لا تستخف وافهم بالجهل قولحمو واهجر علوما واطلب فهم ما علمو 
فالعلم قد يقصي فاحهل بقريحمو 2 والفهم يدني فافهم مثلما فهمو 
لا تعترض أبدا في مجلس الأمرا 
وقد تبع علماء أجلاء» مشايخ أميين وسلموا لهم؛ ولم يعترضوا على شيء ما قالوه أو فعلوه» بل لم يروا 
لأنفسهم على مشايخهم فضلا أن علموا من الظاهر أحكامه» ودرسوا أموره وأقضيته» بل كانوا يعرفون أن 
العلم معرفة الباري عز وجلء وكانوا يدركون أن مشايخهم قد سلكوا قبلهم» ومن شأفهم أن يدلوهم على الله 
تعالى. ومنهم أبو مدين التلمسان”” العالم التحرير» مع شيخه أني يعزى» الذي لا يقرأ ولا يكتب: 


2 عنوان التوفيق في آداب الطريق 
57 ومنهم أبو مدين شعيب بن حسين الأنصاري 

أصله من حصن قطنيانة من عمل إشبيلية» ثم نزل ببجاية» وأقام يما إلى أن أمر بإاشخاصه إلى حضرة مراكش» فمات وهو متوجه 
إليها موضع يسرء عام أربعة وتسعين وخمسمائة» وقيل: عام ثمانية وثمانين» ودفن بالعباد حارج تلمسان. وذكره الشيخ أبو الصبر 
أيوب بن عبد الله الفهري فقال: كان زاهدا فاضلا عارفا بالله تعالى» قد حاض من الأحوال بحاراء ونال من المعارف أسراراء 
وخخصوصا مقام التوكل؛ لا يشق فيه غباره» ولا تجهل آثاره؛ وكان مبسوطا بالعلم مقبوضا بالمراقبة» كثير الالتفات بقلبه إلى الله 
تعالىم» حي ختم الله له بذلك. ولقد أحبري من أثق به ممن شهد وفاته أنه قال: رأيته عند آخر الزمن يقول: الله الحق 

حدثٍ محمد بن إبراهيم بن محمد الأنصاري قال: معت أبا مدين يحدث ببدء أمره ويقول: كنت بالأندلس يتيماء فجعلئ إخوتي 
راعيا لهم لمواشيهم, فإذا رأيت من يصلي أو من يقرأء أعجبئ ودنوت منه؛» وأحد في نفسي غما لأنئ لا أحفظ شيئا من القرآن» 
ولا أعرف كيف أصلي؛ فقويت عزيمي على الفرار لأتعلم القراءة والصلاة» ففررت فلحقئٍ أخي وبيده حربة» فقال لي: والله لئن 
لم ترجع لأقتلنك» فرجحعت وأقمت قليلاء ثم قويت عزيمي على الفرار ليلاء فأسريت ليلة وأحذت في طريق آخر» فأدركن أي 
بعد طلوع الفجرء فسل سيفه علي وقال لي: والله لأقتلنك وأستريح منكء فعلاني بسيفه ليضربئء فتلقيته بعود كان بيدي» 
فانكسر سيفه وتطاير قطعاء فلما رأى ذلك قال لي: يا أحي» اذهب حيث شئت. فذهبت إلى البحر وعبرت إلى طنجة» ثم ذهبت 
إلى سبتة» فكنت أجيرا للصيادين؛ ثم ذهبت إلى مراكشء» فدخلتها وأدخل الأندلس معهم في جملة الأحناد» فكانوا يأكلون 

139 





حدثنٍ محمد بن إبراهيم بن محمد الأنصاري» قال: سمعت أبا مدين يحدث ببدء أمره ويقول: ... ثم سمعت 
الناس يتحدثون بكرامات أبي يعزى» فذهبت إليه في جماعة» توجهت لزيارته؛ فلما وصلنا جبل إيروجان 
ودخلنا على أبي يعزى» أقبل على القوم دون» فلما أحضر الطعام؛ منعن من الأكل» فقعدت في ركن الدار» 
فكلما أحضر الطعام وقمت إليه» انتهرني؛ فأقمت على تلك الحالة ثلاثة أيام» وقد أجهدن الجوع ونالبي الذل؛ 
فلما انقضت ثلاثة أيام» قام أبو يعزى من مكانه» فأتيت إلى ذلك المكان ومرغت وجهي فيه» فلما رفعت 
رأسي نظرت»ء فلم أر شيئاء وصرت أعمى» فبقيت أبكي طول ليلي 

قليل لثلي ‏ زفرة ‏ ونحيب وليس له إلا الحبيب طبيب 

وأمثل ما يلقى المحب خخضوعه إذا كان من يدعوه ليس يجيب. 271 
فلما أصبحت استدعان وقال لي: اقرب يا أندلسي» فدنوت منه» فمسح بيده عل عيئ» فأبصرت» ثم مسح 
بيده على صدري وقال للحاضرين: هذا يكون له شأن عظيمء أو قال كلاما هذا معناه؛ فأذن لي في 


الإنصراف. انتهى 275 


عطائي ولا يعطونين منه إلا اليسير» فقيل لي: إن رأيت أن تتفرغ لدينك» فعليك ههدينة فاس» فتوجهت إليها ولزمت جامعها 
وتعلمت الوضوء والصلاة» وكنت أجلس إلى حلق الفقهاء والمذكرين؛ فلا أثبت على شيء من كلامهم., إلى أن جلست إلى شيخ 
ثبت كلامه في قلبي» فسألت من هوء فقيل لي: أبو الحسن بن حرزهم» فأخبرته أن لا أحفظ إلا ما سمعته منه خاصة» فقال لي: 
الناس يتحدثون بكرامات أبي يعزى» فذهبت إليه في جماعة توجهت لزيارته. انتهى 

حدثن محمد بن حالص قال: حدثئ أبو الربيع المديوني قال: وصل رجحل من أهل المكاشفة إلى تلامذة أبي مدين» فأنكر عليهم 
بعض أمورهم, فأعلموا أبا مدين» فقال لهم: سيسلب ما وهبء» فسلب المكاشفة بتغيير قلب الشيخ» فكان كأحد العامة 


قف بالديار فهذه آثارهم تبكي الأحبة حسرة وتشوقا 
كم قد وقفت بربعها مستخبرا عن أهلها أو سائلا أو مشفقا 
5 : 273 
فأحابي داعي المهموى لي مسرعا فارقت من تموى فعز الملتقى. 


حدثنٍ محمد بن إبراهيم بن محمد الأنصاري قال: حدثين عبد الله بن ماكسن الصنهاحي قال: جاء رجحل إلى الشيخ أبي مدين 
ليعترض عليه؛ فأراد القارئ أن يقرأ عليه الكتاب» فسكته أبو مدين وقال له: اسكتء ثم التفت إلى الرحل» وقال: لم جئت؟ 
فقال له الرحل: جئت لأقتبس من أنوارك. فقال له: ما الذي في كمك؟ فقال له: مصحفء فقال له أبو مدين: أخرحه؛ فأخرجه 
من كمه فقال له: اقرأ أول سطرء ففتحه وقرأ أول سطر منه, فإذا فيه: "العين كدبوا ضعيبا كأن لم يغنوا فيهاء العين 
حدبوا شعيبا حانوا هم الخاسرين". الأعراف91» فقال له أبو مدين: أما يكفيك هذا. انتهى من التشوف إلى رجال التصوف 
4 من الطويل 
5 التشوف إلى رجال التصوف 

10 





ومن الذين اعتزوا بعلمهم وحقروا ما عليه العارفون» حب تبين لمم الحق: العارف بالله ابن عطاء الله 
السكندري» رحمه الله تعالى» قال: كنت لأمره (أي لأمر الشيخ أبى العباس) من المنكرين» وعليه من المعترضين» 
لا لشيء سمعته منه» ولا لشيء صح نقله عنه» ولكن» حجرت المخاصمة بيئ وبين أصحابه؛ فقلت فيهم قولا 
عظيماء ثم قلت فى نفسى: دعي أذهب أنظر هذا الرحل» فصاحب الحق له أمارات لا يخفى شأنه» فأتيت إلى 
بجلسه. فوحدته يتكلم في الأنفاس» ومسألة درجات السالكين إلى الله ومدى معرفتهم به وقريهم منهء فقال: 
الأول: إسلام» وهو درجة الانقياد والطاعة» والقيام مراسيم الشريعة. وثانيها: الإبمان» وهو مقام معرفة حقيقة 
الشرع معرفة لوازم العبودية. وثالثهما: الإحسان» وهو مقام شهود الحق تعالى فى القلب 
وإن شت قلت: الأول عبادة» والثاني عبودية» والثالث عبودة 
وإن شئت قلت: الأول شريعة» والثائى: حقيقة» والثالث: تحقق 
فما زال يقول: وإن شئت قلت» وإن شئت قلتء إلى أن بمر عقلي وسلب لِي؛ فعلمت أن الرحل يغترف من 
فيض بحر هي ومدد رباي» فأذهب الله ما كان عندي. 
ثم أتيت تلك الليلة إلى المزل» فلم أجد في شيئا يقبل الاجتماع بالأهل على عادي» ووجدت معن غريبا لا 
أدري ما هوء فانفردت فى مكان أنظر إلى السماء وكواكبهاء وما خلق الله فيها من عجائب قدرته» فلمس 
قلبي أشياء لم أعرفها من قبل؛ فحملنٍ ذلك على العودة إليه مرة أخرى, فأتيت إليه» فاستؤذن لي عليه» فلما 
دحلت إليه قام قائماء وتلقاني ببشاشة وإقبال» حى دهشت حجلاء واستصغرت نفسي أن أكون أهلا لذلك. 
فكان أول ماقلت له: أيا سيديء أنا والله أحبك. فقال: أحبك لله كما أحببتئ» ثم شكوت له ما أجحده من 
هموم وأحزان, فقال: أحوال العبد أربعة لا خامس لها: النعمة والبلية والطاعة والمعصية» فإن كنت ف النعمة» 
فمقتضى الحق منك الشكر؛ وإن كنت ف البلية» فمقتضى الحق منك الصبر» وإن كنت ف المعصية» فمقتضى 
الحق منك وجود الاستغفار» وإن كنت في الطاعة» فمقتضى الحق منك شهود مننه عليك فيها. 
فقمت من عنده» وكأنما كانت الحموم ثوبا نزعته» ثم سألئ بعد ذلك همدة: كيف حالك؟ فقلت: أفتش عن 
الهم فلا أحدهء فقال: 

ليلي بوجهك مشرق وظلامه في الناس ساري 

والناس في سدف الظلا م ونحن في ضوء النهار 


الزم» فوالله لئن لزمت لتكونن مفتيا في المذهبين في علوم الظاهر» وحقائق الباطن. انتهى 276 


216 ماقف المنن 
141 





وهذا عبد الوهاب الفشحراق"” العا الكبير» يذعن لشيخه الأمي على و 7 الذي يأمره بأن يبيع كل 
كتبه ويتصدق بثمنهاء وأن يترك طلب العلم بالمرة لمدة سنة كاملة» ثم يحضر إليه. فيفعل ذلك» ويأخذ عنه 
الورد» ويأخذ عليه العهد 


: ِ ع ِ 279 
وهذا سيدي أحمد بن عجيبة رغم إمامته وعلمه يتبع شيخه الآمي أحمد البوزيدي 


7 أبو المواهب شرف الدين» سيدنا ومولانا عبد الوهاب بن سيدنا أحمد بن سيدنا شهاب الدين» علي الشعراني الأنصاري 
الشافعي» المحمدي ذاتا وصفاتاء الشاذلي طريقة وحقيقة» المجاهد الغازي» قطب الطريقة الشعرانية الشاذلية» وعين أعيان أهل 
الدوائر العلية. انتهى 
ولم يزل معظما في صدور الصدورء مبجلا في عيون الأعيان» حى نقله الله تعالى إلى دار كرامته» عام تسع مئة وثلاثة وسبعين» 
ودفن بزاويته بين الصورين» وحضر جنازته جمع حافل من العلماء والفقهاء والأمراء والفقراء» وكان يوما مشهودا في مصرء 
وصلي عليه بالأزهر الشريف. انتهى من طبقات الشاذلية الكبرى المسمى جامع الكرامات العلية في طبقات السادة الشاذلية 
3 ومنهم شيخي وأستاذي: سيدي علي الخواص البرلسي رضي الله تعالى عنه و رحمه 
كان رضي الله عنه أميا لا يكتب ولا يقرأء وكان رضي الله عنه يتكلم على معان القرآن العظيم والسنة المشرفة كلاما نفيسا تحير 
فيه العلماء» وكان محل كشفه اللوح المحفوظ عن انحو والإثبات» فكان إذا قال قولاء لا بد أن يقع على الصفة الي قال» وكنت 
أرسل له الناس يشاورونه عن أحوالمم؛ فما كان قط يحوجهم إلى كلام؛ بل كان يخبر الشخص بواقعته ال أتى لأحلها قبل أن 
وكانت مدة صحبي له عشر سنين» فكأها كانت ساعة؛ وله كلام نفيس رقمنا غالبه في كتابنا المسمى بالجواهر والدرر» كل 
جواب منه يعجز عنه فحول العلماء» حي تعجب من كتب عليه من العلماء» كسيدي الشيخ شهاب الدين الفتوحي الحنبلي 
رضي الله عنه وسيدي الشيخ شهاب الدين بن الشلبي الحنفي رضي الله عنه» وسيدي الشيخ ناصر الدين اللقاني المالكي رضي الله 
عنه» والشيخ شهاب الدين الرملي الشافعي رضي الله عنه» وغيرهم» وقال الشيخ شهاب الدين الفتوحي رضي الله عنه: لي سبعون 
سنة أنخدم العلم» فما أظن قط أنه حطر على بالي» لا السؤال ولا الجواب من هذا الكتاب. يعين الجواهر والدرر. انتهى من الطبقات 
للشعراني 
7 سيدي محمد بن أحمد البوزيدي» الشريف الحسين السلماني الغماري 
ولد بقبيلة بن سلمان الغمارية» ويما نشأ وشبء ولما قرأ القرآن الكريم وأتقنه وجودهء انقطع لعبادة الله تعالى والسياحة سنين 
طوالاء واستقر مدة بشاطئ بحر سيدي قاسم بن مولانا إدريس» بضواحي طنجة يعبد الله تعالى» ولا تزال خلوته وأثر بنائها بتلك 
الناحية حت يومنا هذاء وبما جاءه بعض الصالحين وبقي معه مدة, ثم قال له يوما: إن حاحتك بفاس عند مولاي العربي 
الدرقاوي؛ فشد الرحلة إليه» فاتصل به وأخحذ عنه الطريقة وسلم نفسه إليه ولازم حدمته» وبقي تحت تربيته نحو ستة عشر عاماء 
ما بين فاس وب زروالء قائما بمجاهدة نفسه ورياضتها والدؤوب على الاستقامة الكاملة والسلوك التام» إلى أن فتح الله عليه 
الفتح الأكبر؛ ثم أذن له شيخه في الإرشاد والتربية والرحوع إلى قبيلة بن سلمان» فلى أمره وانصرف فترل بقرية بوسلامة؛ 
قتصدى للدعوة إلى الله تعالى وتلقين الأوراد للواردين والأحذ بيدهمء فانتفع به وتاب على يده نلق كبير. انتهى 

102 





ناظمها أمي في صناعة العربية والميزان» لم يعرف مبتدأ ولا خبراء ولا فاعلا ولا مفعولاء قال: ماحلست قط 
مجلس علمء فما عندي إلا علم لدني. 281 


توفي و دفن ببئ سلمان» وكان ذلك في حياة شيخه مولاي العربي» وتأسف عليه لكنه استخلف بدله شيخا آخر كبيرا عالما 
متضلعاء ذلك هو سيدي محمد الحراق الآني. انتهى من المطرب 
7 سيدي أحمد بن عجيبة: هو العلامة الإمام الصوثي العارف المفسر» صاحب الصيت والشهرة في المشارق والمغرب» ذو التآليف 
الكثيرة والمآثر العديدة» سيدي أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الشريف الحسيئ. انتهى 
فقد ولد بقرية أعجيبش من قبيلة حوز تطوان» وذلك سنة 1160هجرية» أو 1161هجرية؛ ويما نشأ وحفظ القرآن الكريم, 
وعندما جوده وأتقنه وحفظ عدة متون علمية» التحق لطلب العلم بالقصر الكبير» بعد أن كان قرأ بعض المبادئ أيام قراءته 
للقرآن العظيم؛ وبقي بالقصر مدة من سنتين» ثم رحل لتطوان» فتابع دراسته على كبار علمائهاء كالعلامة أحمد الرشى والشيخ 
عبد الكريم بن قريش والفقيه محمد بن علي الورزازي والعلامة محمد بن الحسن الجنوي العمراني وغيرهم. واحتهد وكشف عن 
ساق اللحد وانقطع للدراسة انقطاعا كلياء حى حصل ما لم يحصله غيره من العلوم والفنون» من نحو وصرف وبيان ومنطق وكلام 
وفقه وتفسير وحديث وتصوف وأصول وتنجيم وغيرها؛ ثم رحل لفاس؛ عاصمة المغرب في العلوم الإسلامية في ذلك الإبان» 
فتابع دراسته العليا بماء وتبرك برجالها وصلحائهاء فحضر على الشيخ التاودي بن سودة» والشيخ محمد بئيس» والشيخ الطيب بن 
كيران وغيرهم. انتهى 
فأمره شيخه برياضة نفسه ومجاهدتها من جديد, وتخريب الظاهر وإسقاط المتزلة بين الأقران والمعارف؛ وإذلال النفس وقذيبها 
وقتلهاء والقضاء على ما بقي من بقايا أوصافهاء ليتسيئ له التأهل لمعرفة الله عز وجل والدخول لحضرته 
فأمره أولا بلبس المرقعة والزهد في الدنياء وإخراج كل ما فضل عن قوت يوم أو يومين لأهله. والتصدق به على مستحقيه؛ 
فخرج عن ماله وباع كل ما كان بملكه. حب خزانة كتبه» فلقد باعها وأنفقها على شيخه, وأمره بخدمة الفقراء وإطعامهم من 
عنده مع غسل ثيايهم؛ ثم أمره بكنس السوق وحمل الأزبال على أكتافه ورميها خارج المدينة» وأمره بلبس جراب في عنقه» وريعا 
علق في عنقه سبع حرابات» وكان أيام الحفلات والمواسم العامة والاحتماعات» يأخذ قربة ماء ويدور يما على الناس فيسقيهم 
ويطلب منهم أحرة ذلكء» تظاهرا منه لهم بالرغبة في الدنياء ثم يدفع ما يجمعه لصاحب القربة أو غيره» وأمره بالسؤال» فكان 
يجلس بأبواب المساجد مع الفقراء والعميان والنسوان» وبمد يده للناس مع الإلحاح» ومعارفه وتلامذته يغطون وجوههم وينفرون 
حياء منه» وأمره بركوب الحمار والتجول عليه في السوق والشوارع؛ فكان يقصد ويتعمد المرور على خصوم الفقراء وأهل 
الانتقاد ومن يعظمه من أقاربه وتلامذته, ليستخرج منهم ما يقتل به نفسه. ولما طال هذا الأمر عليه» استأذن شيخه في العزلة 
والصمتء فأمره بلزوم السوق يوما بيوم» فكان يظل به طول فهاره» مرة قاعدا وتارة نائما. انتهى 
ولسيدنا ابن عجيبة مؤلفات وآثار كثيرة لا تخلو من فوائد رائقة وتحقيقات فائقة: 
فله شرح على الحمزية والبردة» وشرح الوظيفة الزروقية والحزب الكبير للشاذلي» وشرح أسماء الله الحسيئ» وشرح المنفرجة» 
وشرح تائية الجعيدي» وتأليف في الأذكار النبوية» وتأليف في القراءات وطبقات الأعيان» وشرح حصن الحصين» وشرح الحكم 
العطائية» وشرح المباحث الأصلية» وشرح الصلاة المشيشية» وشرح تائية شيخه ورائيته» وشرح الفاتحة والبحر المديد في التفسير 
143 





فل: فال فين “يلذن.... كبية "اسان 


يقول: لا تحتج بأقوال الناس» وتقول: قال فلان» فالكل يخطئ, إلا النبي العدنان» ولكن قل: قال الرحمن؛ أما 
فلان» فهو بشر مثلك 

والمعى: لا تجعل جاه الناس وغناهم؛ وقوتهم وبأسهم وعلمهم ومعرفتهم, دليلا على صدقهم وإصابتهم وجه 
الحق» فإن الحق لا يعرف بالرحال؛ بل أطلب الدليل من كل من أف وحكم أو ادعى» ومن كل من زعم 
واقهم, فإن البشر» مامنهم إلا من يخطئ ويصيب» ويفلح ويخيب 

قال علي كرم الله وجهه: إن الحق لا يعرف بالرجال» فاعرف الحق تعرف أهله. 
وقال أبو حامد الغزالي» رحمه الله تعالى» في المنقذ من الضلال: فإني إذا علمت أن العشرة أكثر من الثلاثة» فلو 
قال لي قائل: لاء بل الثلاثة أكثر من العشرة؛ بدليل أن أقلب هذه العصا ثعباناء وقلبها. وشاهدت ذلك منه» لم 
أشك بسببه في معرفيء ولم يحصل لي منه إلا التعجب من كيفية قدرته عليه» فأما الشك فيما علمت» فلا. 


2830 
انتهى 


2862 


بالإشارة مع عبارات أهل الظاهر» وشرح نونية الششتري وحقائق التصوف» وشرح الأجرمية بالإشارة» وله قصائد وتوشيحات» 
ضمنها فهرسته. انتهى 
توفي رضي الله تعالى عنه بقرية بوسلامة من قبيلة بن سلمان الغمارية بقرب دار شيخه البوزيدي؛ وذلك يوم الأربعاء سابع شوال 
سنة 1224هجرية» ف حياة شيخه البوزيدي وشيخ شيخه مولاي العربي» وهذه القرية دفن» ثم نقل بأمر من شيخه لقبيلة أنحرة 
لقرية الزميج بعد مدة. انتهى من المطرب 
281 اليد الأزلية 
7 وقال أشهب بن رميلة» يوم صفين: إلى أين يا ب تميم قد ذهب الناس؟ أتفرون وتعذرون؟ 
قال: ونمض الحرث بن حوط الليثي إلى علي بن أبي طالبء كرم الله تعالى وجهه. وهو على المنبر فقال: أتظن أنا نظن أن طلحة 
والزبير كانا على ضلال؟ قال: يا حار إنه ملبوس عليكء؛ إن الحق لا يعرف بالرحال» فاعرف الحق تعرف أهله. انتهى من البيان 
والتبيين 
93 المنقذ من الضلال 

144 





ما تفول: أن هو أنا 5 الشرع هول 
توي باصاب البعوكء ؤ هي فى للسان حلوكه 


يقول: لا تظهر بنفسك في شيء» وتفتخر وتقول: أنا هو الذي فعل وفعل؛ فإن لفظة: أنا في الشريعة هوة» أي 
حفرة» يهوي فيها الرحال الأقوياء من أصحاب الفتوة» ولو أن لما حلاوة في اللسان إذا نبست يا 

والمعى: يقول الله تعالى: "والله أخرجكم من بتهون أمهاتكم لا تعلمون شيياء وجعل لكم السمع والابصار 
والكفة الشكم ار 

فاعرف رعاك الله» أنك لا تملك شيئا مما تتصرف فيه من مالء وإِنما استخلفك فيه المولى» فناظر ماذا تفعلء 
واعلم أنك لا تكسب شيئا غير ما قسمه لك» ولا تنقص شيئا من مالك أو من مال غيرك أراد سبحانه تمامه. 

وقد ورد في بعض الأخبار اللطيفة» ما دار بين سليمان عليه السلام والنملة» ارتأيت أن أسوقه لما فيه من عبر 
فيما نتكلم فيه 

لما تبسم نبي الله سليمان عليه السلام» ضاحكا من قول النملة» وأعجبه أديها وحرصها على سلامة ب جنسهاء 
وحكمتها في قوها: 'يا أيها النمل احغلوا مساحنكم لا يعضنكم سليمان وجنوك وهم لد يشعرون" 25 

إذ نعتته وجنوده بالرحمة» لقولها: "وهم لا يشعرون'. ثما يدل بإشارته» على أن سليمان رغم ملكه؛ لا يكون 
له ولحنوده أن يدوسوا النمل ويحطموه. إذا شعروا به» بل يجتنبونه, إذا كان ذلك. قلت: لما أعجبه ذلك منهاء 
أراد أن يكافئها على حسن أدماء فقال: اطلبي ما شئت أمكنك منه قالت: إنك لا تقدر لي على شيى. قال: 
كيف»ء وأنا النبي الملك» سخر الله لي الجن والشياطين والريح؟ قالت: إذا كان ولا بدء فهل تستطيع أن تمكنئي 
من لقمة لم يكتبها لي مولاي؟ قال: لاء قالت: ألم أقل لك إنك لا تستطيع لي شيئا ولا تنفعيئ في شيء؟ قال: 
اطلبي غيرهاء قالت: فهل تستطيع أن تزيد في عمري يوما واحدا لم يكتبه الله لي؟ قال: لاء قالت: فاذهب 
راشدا في حال سبيلك» وأهدته هدية حبة حمص» فضحك عليه السلام من صغر هديتهاء فقالت: ما أحسنت 
بضحكك على صغر هديتء ألم تعلم أن صغر الحدية وكبرها إنما يكون بالنظر إلى قدرها عند مهديهاء وليس 
عند من أهديت إليه؟ فودعها عليه السلام» وقد أعجب بحسن منطقهاء وهاله بلاغة حكمتها 


224 النحل 78 
285 النمل18 
د14 





وقد كان سليمان عليه السلام مراقبا لله تعالى فيما أعطاه من ملك وحكمة:؛ فكان لا يفتأ يرجع الفضل إلى الله 
تعالى» إذ قال بعد أن تبسم ضاحكا من قول النملة: "رب أوزعني أن أشحر نعمت التي أنعمت علي وعلى 


0 : 286 
والكي وأن أعمل صالحا ترضاه وأحغلني برحمتة في عباء< الصالحين". 


شكون أنت حتى تكون غير غرل تاأيهه فى الكون؟ 
هو اللي يغفول: كن للشي | حتى-20- يكون 


يقول: من أنت حى تحسب نفسك شيئا؟ ما أنت إلا ذرة تائهة في هذا الكون» هو الذي يقول: كنء للشيء 
كي يكون 
والمعئ: يقول الباري عز وحل: "إنما قولنا لشيء إذءا أرءوناكه أن نقول له حن» 0 
من تحسب نفسكء أيها الفاني؟ ما أنت إلا ذرة تائهة في هذا الكون الشاسع الفسيح, فإن المدبر الله» هو الذي 
يتصرف في كونه بكل ما يريد ثما قدر وقضىء بقوله للشيء: كنء فيكون 
دحل أبو العتاهية على الرشيد حين بئ قصره» وزحرف بجلسه واحتمع إليه خواصه» فقال له: صف لنا ما نحن 
فيه من الدنيا فقال: 
عش ما بدا لك آمنا في ظل شاهقة القصور 
فقال الرشيد: أحسنت»ء ثم ماذا؟ فقال: 
يسعى إليك يما اشتهي ت لدى الرواح وفي البكور 

فقال: حسنء ثم ماذا؟ فقال: 

فإذا النفوس 2 تقعقعت في ضيق حشرحجة الصدور 

فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا ف غرور 
فبكى الرشيد بكاء شديدا حي رحمء فقال له الفضل بن بحبى: بعث إليك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته» فقال له 


الرشيد: دعه فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا عمى. اه 288 


256 النمل19 
267 النحل40 
8 المحاضرات في الأدب واللغة 


146 





أنا وانت يا الفارو 2 غرايب يك هاغ الكارع 

الكار عا الباري شرعو عليها سار 
يقول: ما أنا ولا أنت أيها المعجب بقراءته وعلمه» سوى غريبين في دار الدنياء وإنما الدار لصاحبها سبحانه» 
تمشي وفق إرادته» ويسري عليها شرعه 
والمعى: عن أنس قال: كانت ناقة لرسول الله بَيَكتُّمْ تسمى العضباءء وكانت لا تسبق» فجاء أعرابي على قعود 
له فسبقهاء فاشتد ذلك على المسلمين» وقالوا: سبقت العضباءء فقال رسول الله لدم : "إن حقا على الله» أن 


لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه". رواه البخاري في صحيحه 


واش ما زكت عرياى من كساك هرفة الدكهان؟ 


الرحمن علم الإنسان مالا والو فى العسبان 


يقول: ألم تزدد عرياناء من كساك حرقة الأكفان؟ إنه الرحمن الذي علم الإنسان» حاسب نفسك تعلم أنه ما 

لك من شيء 

والمعئى: يقول الله تعالى: "قال إنما أوتيته على علم عنحكيء أولم يعلم أن الله قء اهل من قبله من القرون 
و أ : 289 

من هو أشه منه قولة وأحكثرجمعاء ولا يصسأل عن عنوبهم المجرمون . 

لا حول لك ولا قوة؟ من كساك الخرقة الي تستر عورتك؟ كساكها الرحمن الذي علم الإنسان ما لم يعلم» 

راجع حساباتك» تحد أنك لا تملك شيئاء وأن ليس لك من الأمر شيء» وإنما الأمر كله لله 

وقد رمى الشيخ بقوله: من كساك خخرقة الأكفان إلى تذكير القارئ بالموت؛ لأن من عرف الناس لف الوليد 

عند ازدياده في خرقة بيضاءء تشبه حرقة الكفن الذي سيلف به عند موته» قبل أن يدفن تحت التراب 


78 | 9 
1417 





ما رك تعارض الساكب ‏ حاءفهم 3 تكون عاتب 
كلامهم بخمير الغايبب و9 وأحك بيغم كاءعب 


يقول: مازلت تعارض البحاذيب» صادقهم؛ لا تكن عليهم عاتباء فهم يتكلمون بالمعان الخفية» ولا أحد منهم 
كاذب في كلامه 

والمعى: لازلت أيها االمختال تعارض المحاذيب» ولا تعذرهم في حاهم, لم لا تصادقهم وتسلم لهم؟ لم لا تمسك 
عنهم عتابك ولومك؟ إن كلامهم ملغوز» لا يكفيك لفهمه إدراك عبارته» بل لفظه حاضر ومعناه غائب. 
فالأول حاضر حضور الجسدء والثاني غائب غياب الروح؛ إياك أن تنعتهم بالكذب والخروج عن الشريعة» 
بحرد أنك لا تفهم أحواهم؛ أو لا تعي أقوالمهم» بل هم الصادقون الذين لا يد لهم فيما يقولون أو يفعلون, إذ لا 
ياتون شيئا من ذلكء إلا بإرادة الله تعالى وقدرته. 


تعرف الجذب وذكر أحوال بعض الجاذب 

يقول صاحب الإبريز: ا لمحذوب هو الذي يتأثر ظاهره بما يرى» ويسره ما يشاهده» فيجعل يحاكيه بظاهره» 
ويتبعه بحركاته وسكناته» والشخص إذا رحمه الله تعالى» وفتح بصيرته» لا يزال يشاهد من عجائب الل الأعلى 
ما لا يكيف ولا يطاق» فإن كان بحذوباء فإنه يتبع بظاهره ما يراه ببصيرته» وما يراه ببصيرته لا ينحصرء فلذا 
لا ينضبط له حال. فإذا رأيت من البحاذيب من يتمايل طرباء فإنه غائب في مشاهدة الحور العين» فإن ذلك هو 
هيئة ح ركاته» فظاهره مشتغل بمحاكاة ما يشاهد من أمره. انتهى 200 

ويقول في إيقاظ الحمم: ومعين الجذب هو اختطاف الروح من شهود الكون إلى شهود المكون. انتهى!” 
وفي الإبريز: كان بعض الشيوخ المحاذيب يظهر مخالفة ليفر عنه الناس» حي أنه أراق على ثوبه ذات يوم خمراء 
فجعل الناس يشمون منه رائحة الخمر ويفرون منه» ولم يبق معه إلا وارث سرهء فقال: فعلت هذا عمدا ليفر 
عينٍ هؤلاء النمل» يشير إلى كثرة الناس الذين كانوا يتبعونه» فإنه لا حاحة لي فيهم» والحاحة إِنما هي بك 


وحدك. والله الموفق. اه 202 


2 


"” الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ 
إيقاظ امم في شرح الحكم 
7 الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ 
148 





وفي الإبريز كذلك: ثم حكى حكاية سيدي عبد الرحمن المجذوب رضي الله عنه في الثور الذي قبضه أصحابه» 
فأمرهم سيدي عبد الرحمن بذبحه وأكله وامتنع سيدي يوسف الفاسي وارثه من أكله. حى جاء ربه فأخبرهم 
أنه صدقة لسيدي عبد الرحمن وأصحابه 

قلت: وهي حكاية مشهورة» وكذلك سيدي أبو يعزى السابق لو أمكنه أن يعطي بلغة من لحمه لسيدي 
منصور لفعلء أعاذنا الله من سوء الإنتقاد على الكمل من العباد» فهذا ما أردنا أن نذكره في هذا الباب» نفع 
اللله به آمين. ه203 

قال أبو الفتح الجعفي: سيان الكلام على الجذب والسلوك في محله إن شاء الله تعالى» وإنما وجب هناء تنبيه 
الإخوة من الوقوع باللسان أو بالجنان في هؤلاء المحاذيب» فقد ثبت من كلامهمء وتبين من سمتهم أنهم 
عارفون بمولاهم الحق» دارون ممفاوز الطريق ومهامههاء دالون على أساليب العبور إلى العزيز الشكور 


سيدي عبد الرحمن اللجذوب 
ولا نفوت هذا المقام» دون أن نذكر مثالا لمؤلاء الصفوة ونعرف بهء فأقول: ومنهم الولي الصالح الشيخ عبد 
الرحمن المحذوب» رحمه الله تعالى: 
يقول في السلوة: الولي الكامل» العارف الواصلء عالي المقامات» وصاحب الكرامات» ذو الخصائص والماثر 
العديدة» والمناقب الفاحرة الحميدة» والإشارة السنية والحمة العلية؛ قطب زمانه في الأحوال» وممد فحول 
الرحال» شيخ عصره وأعجوبة دهره؛ أحد الأوتاد الأربعة: أبو العزم» سيدي عبد الرحمن بن عباد بن يعقوب 
ابن سلامة الصنهاجي الأصلء» ثم الفرجي الدكالي؛ الشهير با محذوب؛ واعتمد عليه وانتسب في الطريق إليه. 
قال في ابتهاج القلوب: ويقال: إنه إنما لقيه الشيخ المحجذوب مرة واحدة فقط» عند مسجد القرويين من فاس. 
انه 204 
وف السلوة: وكان الشيخ المجذوب هذاء عظيم الحال» باهر الخوارق» كثير الكرامات» بحيث عزت عن الحصرء 
وملأت الوجود؛ غزير المكاشفات» وكانت له الإغاثة في البر والبحر» ويمشي بالخنطوة» ح كان يقف في كل 
سنة بعرفات» وكان يجري في كلامه الإخبار عن اللوح المحفوظ ورؤية ما به 
وكان يرث المشايخ في وقته» وأول من ورث: شيخه سيدي علي الصنهاجي» وآخر من ورث: سيدي عمر 
اللواح السريفي. وكان صاحب ملامة» كما كان شيخه سيدي علي الصنهاجي وشيخ شيخه سيدي إبراهيم 


203 


254 سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس .من أقبر من العلماء والصلحاء .عدينة فاس 
149 





آفحام» فكانت بحري على ظاهره أمور توحش الخلق» فيتنافرون عنه» وينكرون عنه بسببهاء وهي في حقيقتها 
صواب» وصادرة من عين الجمع 

وكان يوصي بعدم الاقتداء به فيما يخرج به عما يعرفونه من ظاهر الشريعة» ما يجبره عليه وارد الحقيقة» وكان 
مردودا عليه الشريعة» مترهما برسمهاء مقيما لوظائفهاء» سؤولا عنهاء متبعا للسنة» عاملا بما. ومناقبه كثيرة» 
وفضائله وأحواله وأخباره لا تنحصر» ح إهُا أفردت بالتأليف 

توفي» رحمه الله وسط ليلة الجمعة» وكانت ليلة عيد الأضحىء بمجسر من بحاسر بلاد عوفء فساروا به إلى 
مكناسة الزيتون» ودفنوه يما حارج باب عيسى منهاء يجوار قبر سيدي عمران بن موسى» ضحوة يوم الأحد 
الثاني عشر من ذي الحجة الحرام» عام ستة وسبعين وتسعمائة» وبئ عليه تلميذه ووارثه الشيخ أبو المحاسن 
سيدي الفاسي قبة. اه 205 


قلت ومن كلامه رمه الله تعالى: 


شافوني ‏ اكحل مغلف يحسبوا ‏ ما في ذخيرة 
وانا ‏ كالكتاب المؤلف فيه منافع كثيرة 
كسبت فى الدهر معزة وحبت>02)- كلام 2 رباعي 
مدى من اعطاه رلي ويقول: اعطاني ذراعي 
لا تخمم لاا تدبر لا ترفد الهم ديه 
الفلك ما هوا مسمر ولا الدنيا مقيمه 


سيدي على بن احمد الدوار الصنهاجى (شيخ سيدي عبد الرحمن المحذوب) 

ومنهم: شيخه ابحذوب العارف سيدي علي بن أحمد الدوار الصنهاحي» توق سنة: 947هجرية 
له كرامات عديدة: قال في السلوة: ومنها أنه كان يوما حالسا بباب مسجد القرويين والناس يصلونء وهو 
يأكل الخيار» فاحتاز به رحل داحلا للمسجد يصليء فقال في نفسه: الناس يصلون» وسيدي علي يأكل الخيار 
لا يصلي معهم؟ ثم دحل» فكان يصلي وخاطره يتحدث بشراء حمار» احتاج إليه من سوق الخميس» وكان 
ذلك اليوم يوم الخميس» والصلاة صلاة الصبح» فلما خرج ناداه سيدي علي: يا فلان» أكل الخيار خير من 
صلاة الحمار. انتب 296 
5 المرجع نفسه 
6 المربحع نفسه 

0آ[]1 





وقال: وله أيضا أبيات تنسب إليه» وهي: 

الموت أفئىن من مضى ولموت يفي من بقي 

والموت يجمعم في الثرىك-20 بين المنعم ١‏ والشقي 

يا من أسا فيما ‏ مضى كن محسنا فيما 7 
وكان صاحب وقته له اليد العليا على أهل الغيب» حسبما تقتضيه حكايته المعلومة مع سيدي عبد الرحمن 
ابحذوبء فإنه لما لقيه صاحب الترحجمة بباب القرويين النافذة إلى الشماعين» أقبل عليه» وأمسك به وحركه؛ ثم 
دفعه؛ فإذا به بالبرج الجديد بوادي فاسء فمكنه من الخطوة وطي الأرض؛ فرأى الشيخ المحذوب في تلك الحال 
أن الشيخ سيدي علياء صاحب الترجمة» رفعه من سرته على أصبعه؛ وأهل الله بجتمعون» وهو يقول لحم: من 
أحبين؛ فليعط هذا. اه 208 
قال أبو الفتح: سافرت مع صديق ليء إلى "أولاد تايمة", في قضاء أمر وزيارة بعض المشايخ نتبادل معهم العلم» 
فلم بيسر الله قضاء حاجتناء فجلسنا قبل الرجوع نشرب شيئا في أحد المحلات» فوقف علينا أحد المحاذيب» 
يظهر من منظره وسمته أن له حالا مع الله تعالى» فأعطيناه ما قسم له الله فدعا لنا بخير» ثم قال لصاحبي: أرأيت 
ذلك الحمص الذي في خزانة دارك» ارمه» فلن ينفعك في شيء. 
وذكرني بخير» فقلت له: قد جئنا في أمرء وتعذر علينا قضاؤهء فادع الله تعالى أن يقضيه 
فقال: ما حئتم من أحله رحعتم به قالها ثم انصرفء فلم أفهم قصده. ثم قال صاحبي وقد أحذته الدهشة: 
صدق الرحلء سبق لي أن زرت ضريح مولاي إبراهيم المغاري» فلما خرحت من القبة» وحدت حفنة حمص 
ملقاة على الثرى» فجمعتهاء ثم وضعتها في حزان بالدار من أحل التبرك» فقلت له: ارمها عنك واعمل بما 
قال. 
فلما رجعنا رماها عند ثم بت ليلة» فرأيت فيما يرى النائم ولي الله العارف سيدي الحاج الحبيب 277 دفين 
"تنالت" بأيت باهاء رحمه الله تعالى» وأنا مجتمع به في زاويته» فقضى ما ذهبت من أجله. وبذاك فهمت ما 


77 المرجع نفسه 
5 المرحع نفسه 
” هو الحاج محمد الحبيب بن الحاج إبراهيم بن الحاج عبد الله بن الاج محمد بن أحمد البوشواري الميلكي» وينتهي نسبه إلى 


تاغربوت من الأسرة البوشوارية الوزانية الأصل. 


9 


1531 





ولد بدوار أيت الطالب إبراهيم» بقبيلة أيت ميلك الهشتوكية» نحو 1285هجرية:؛ ووالده إبراهيم» هو الذي انتقل إلى هذه القرية» 
بعد أن انتقل حده عبد الله من قرية تاغرابوت بقبيلة أيت فلاس الودرية إلى مدشر قرب بي وكرة بهكشتوكة. 

تركه والده صغيراء فنشأ يتيما في كفالة والدته» وذاق مرارة اليتم وشدة الفقر» وضنك العيشء ما يذوقه عادة أمثاله من الأيتام» 
ولكن الله تعالى كلأه بعينه الي لا تنام وكلأه في كنفه الذي لا يضام. 

سلكت به والدته مسلك أسرته البوشوارية العالمة الفاضلة» فوجهته إلى الدراسة» ليرث نصيبه من بحد هذه الأسرة العلمي والديئ» 
فأصبح من ألمع شخصيات هذه الأسرة» وأكثرها إشراقا وإشعاعاء وتحتضن مرحلة دراسته مرحلة حفظ القرآن» ومرحلة تلقي 
العلوم اللغوية والشرعية والصوفية 

أصبح في عصره شيخ الجماعة الأكبر بدون منازع في الديار السوسية» وأصبحت مدرسة تنالت الي طالت إقامته يماء أشبه ما 
تكون بالأزهر الشريف؛ يقصدها بحباء الطلبة من كل حدب وصوب لاستكمال دراستهم, والأخذ عنه. 

واجه الاستعمار الفرنسي»؛ عندما اكفهر الو السياسي بالمغرب في أوائل القرن العشرين الميلادي» ولما وقعت وثيقة الحماية» شعر 
الحاج الحبيب كما شعر غالب علماء سوسء بأن الواحب الديئ والوطينٍ يفرض عليه أن يكون في طليعة المجاهدين؛ دفاعا عن 
الوطن والمواطنين» وحماية لدار الإسلام والمسلمين» فانضم إلى الشيخ أحمد الهيبة» عندما تزعم الحركة الجهادية في تزنيت سنة 
2ميلادية؛ وكان صاحب سره ومن أخلص مستشاريه؛ ورافقه إلى مراكش» وكان يتردد عليه وعلى خلفه في كردوس. إلى 
أن دهم الاحتلال الفرنسي جبال جزولة كلها سنة 1352هجرية» فتعرض لمضايقات ومناوشات عديدة من الفرنسيين» لدرحة 
أنهم أمطروا مدرسة تنالت بوابل من القنابل بواسطة الطائرة» وهذا ما جعله رحمه الله ياتحق .منطقة أيت باعمران مستخفياء ولم 
يرحع إلى مدرسة تنالت إلا بعد أن واتنه الظروف. 

نشأ المترحم نشأة صوفية» لأن والده كان صوفيا كبيرا على الطريقة الدرقاوية» ولأن أهم شيوخه وأكثرهم تأثيرا في نفسه. كانوا 
متشبعين بالأفكار الصوفية» وعندما اتصل بأسرة الشيخ ماء العينين وارتمى في أحضافهاء ولازم علماءها وصلحاءهاء ازداد ارتباطا 
بالتصوف وحبا له» وإعجابا بالمتصوفة» وكثيرا ما يقول إذا ذكر له آل ماء العينين: من هناك شربنا الماء البارد الزلال» العذب 
الصافي الذي شربناه. وبسبب حبه الراسخ للمتصوفة الأحياء والأموات» كان لا يمنع أحدا من طلبته» إذا استشاره» من زيارة 
ثلاثة أضرحة: ضريح الولي الصالح سيدي أحمد بن موسى الحزولي التزروالج» وضريح الولية الصالحة فاضمة بنت محمد الهلالية» 
المعروفة بتعلالت» وضريح الشيخ ماء العينين بتزنيت. 

أقبل على نفسه يجاهدها ويزكيها ويطهرها من الرذائل ويحليها بالفضائل» كما هو حال أكابر الزهاد الورعين» الذين طلقوا الدنيا 
ومفاتنهاء وأقبلوا على الله بالعبادة والاستقامة, فقد كان كثير العبادة» كثير الأذكارء وكان أيام قوته البدنية» يختم القرآن الكريم 
في ركعتين ليلة القدر. وسيرا على فج الشيخ ماء العينين» كان المترحم ينظر إلى الطرق الصوفية نظرة تقدير وإحلال واحترام» 
وكان يكره التعصب الطائفي» ويرى أن الطرق الصوفية كلها سبل موصلة إلى الله وإذا كانت الطريقة الدرقاوية» هي الطريقة 
الي نشأ عليها تبعا لوالده؛ فإنه تعامل مع الطرق الأربع الي كتب الا الذيوع والانتشار في سوس وسائر المغرب» أكثر من 
غيرهاء تعاملا إيجابياء ملؤه امحبة والتقدير والاعتناق» فقد كان رحمه الله يقرأ أذكار هذه الطرق الأربع» وهي الدرقاوية والناصرية 
والقادرية والتجانية» وكان يلقن أورادها كلها للمريدين. 

وقد أقبلت عليه الدنيا فأعرض عنهاء وكان يجود هما ناله منها على المحتاحين» وأقبل على نفسه يهذباء وابتعد عن الأضواء وعاش 
في خمول مقصود وانعزال محمود» وكان مضرب مثل في ذلك. 


1532 





ومن المحاذيب الذين لا قيتهم؛ الشيخ سيدي قاسمء كان من عادته الي ألزم يما نفسه, أن يخص لكل حي من 
أحياء الرباط يوماء يطوف فيه به» ويذكر أهله ويعظهم جهارا. ومن كلامه: أيها المختبؤون خلف الحيطان» 
وقد لعب بكم الشيطان 

وهذا الرحلء لا يسأل شيئاء ومن أعطاه دعا له بخير؛ إلا أنه لا يقبل العطية من عامة الناس» فقد رأيناه رد على 
البعض وقال: فلوسك غير طيبة» وقال لآحر: حذ فلوسكء فأنت أحوج يما م؛ وكان الأمر كذلك 


وقد حربنا دعواته فوجدناها مستجابة 


اشتهر بنصح الناس وإرشادهم وتوجيههم إلى الخير» وأمرهم بالمعروف وفيهم عن المنكرء وعرف بذلك لدى الخاص والعام» 
فكانت مدرسة تنالت في عهده. محط أنظار الراغبين في اغتنام زيارته واستمطار دعواته المباركة» واستشارته في شؤوفم الخاصة 
والعامة» وكان الناس يحبونه ويرتاحون إليه» ويطمئنون إلى كل ما يشير به عليهم؛ ويجدون بركة ذلك. 
كما كان مقصودا من القبائل السوسية لأهداف مختلفة» منها ما يتصل بإصلاح ذات البين» وفض التراعات الي تنشأ بين الأفراد 
والجماعات» ومنها ما يتصل بالاستشفاء» والتماس الأدوية النافعة» ومنها ما يتصل بطلب الأئمة والخطباء والفقهاء. لعمارة 
المساحد والمدارس» وكان ذلك بسبب ما عرف به لدى الداني والقاصي» من حب الناس وإرادة الخير لهم» والسعي في نفعهم 
وإسعادهم وتحقيق مصالحهم» وجمع كلمتهم؛ وإحكام صلتهم بركم. 
كان كثير الشوق إلى البقاع المقدسة» ولذلك حج ثلاث مرات 
وكان أديبا شاعراء وقد جمع شعره ونشره الفقيه الفاضل الحاج عبد الله الفاسي في كتاب: الرتائم الجميلة في ذكريات الحبيب 
الجليلة 
ومن شعره رحمه الله تعالى: 

إليك رسول الله أشكو مطالبي رجوناك أن تقضي وكل المآرب 

فأعظمها ‏ عندي زيارتك الى تنجي ذويها من هوان المعاطب 

وسكيىق جوار في كمال تأدب بطيبتك الغرا ‏ أعر 2 المناصب 

وأرزاق في عفاف وعفة وورغد معاش من أجل المواهب 

وتدريس علم الشرع مع نشره إلى ذوي الإخلاص أنقى المكاسب 
انتقل إلى حوار ربه تعالى يوم الإثنين 26 محرم الحرام 1397هجرية» موافق 1977ميلادية» ودفن بجوار مدرسة تنالت. واتخذ 
تلاميذه وأحباؤه يوم وفاته موسما سنويا يجتمعون فيه بتنالت» لزيارة ضريحه ومدرسته والترحم عليه» والعمل من أجل استمرار 


رسالته التعليمية والتربوية. انتهى عن مدونة الأستاذ الدكتور اليزيد الراضى 


1533 





وما وقع لي معهء أن كنت في هم وغمء بسبب مهمة أصابتئ» لم أستطع ردها بالأسباب» فلما لقيته» سألته 
أن يدعو الله لي حي تنفكء فقال: إذا لقيتئ في المرة القادمة» وتقابل وجحهك مع وجهيء ول يكن ما أنت فيه 
قد رفعه الله تعالى عنك» فاثفل على وجهيء فقلت: حاشا لله» فقال: أيقن بالفرج 

فلما رأيته في المرة القادمة» لم يتقابل وحهي مع وجههء إذ كان ينظر إلى الجهة المقابلة» ويرفع صوته بالوعظ 
والإرشاد كعادته؛ وإِنما كنت أنظر إلى قفاه» فوقفت حى يستدير نحوي» لأرى صحة كلامه؛ فلم يلتفت, وإئما 
كان بمشي ويرحع عرضاء دون أن يلتفت» مع أنئ كنت بعيدا عنه» ول يرن واقفا أنتظر التفاته 

فوقفت ما شاء الله ثم انصرفت» وهو على حاله 

ولما لقيته في المرة الي بعدهاء وقابل وجهي وجهه, باشرني قائلا: هل فرج الله تعالى عنك؟ فقلت: نعم يا 
سيديء وكان الأمر الذي شكوته له قد قضاه الله» وأذهب عي الحم والحزن 

ولا زال هذا البحذوب بين ظهرانيناء يغدو ويروح» ولا يراه إلا من أراد الله له أن ينتفع برؤيته ودعواته 

أبقاه الله تعالى» وأمثاله رحمة للمومنين» ونفعنا وإياكم ببركة عباد الله الصالحين. 


قك ووعر ون الف فنا لد 7 برهن 
أخرج من مراجي ركايحي عر بالصية بايص 


يقول: عندما تحكم أصول الدين وفرائض الشريعة» اعبد الله تعالى بلا طمع في غرض من الأغراض» واخرج 
من برك راكدة» إلى بحر فائض بالحبة 

والمعى: إياك أيها الطالب أن تظن أن سبيل الحقيقة» يقطع بالدعة والخمولء» أو تطمع في الانتساب إلى أهلها 
بالادعاء والفضول؟ بل لا بد لك قبل ذلك أن تاي بالأصولء فقد قالوا: من ضيع الأصول حرم الوصول. لا 
تفرط فيما افترضه الله تعالى عليك: 

عن أبِي هريرة قال: قال رسول الله يَيلنُّمْ : "إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب» وما تقرب إلي 
عبدي بشيء أحب إلي ثما افترضت عليه» وما يزال عبدي يتقرب إل بالنوافل حي أحبه؛ فإذا أحببته: كنت 
سمعه الذي يسمع به» وبصره الذي يبصر بهء ويده الي يبطش بماء ورجله الي يمشي بماء وإن سألئٍ لأعطينه» 
ولئن استعاذن لأعيذنه» وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن» يكره الموت وأنا أكره 


1 


مساءته . رواه البخاري في صحيحه 


1534 


فإذا وفقت لذلكء فلا تفرح به» ولا ترجو عنه عوضاء بل اعبد الله تعالى لله فأنت به ومنه وإليه» حى تخلص 
في عبادتك» ثم نزه نفسك عن الركون إلى أعراض الدنيا والاشتغال بأكدارهاء واحرج من برك راكدة أسنة 
إلى بحر لبي عباب» فائض بمحبة الله تعالى الكريم الوهاب 

قال ابن عطاء الله: من عبده لشيء يرجوه منه» أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه» فما قام بحق أوصافه. مى 
أعطاك أشهدك بره» ومى منعك أشهدك قهره, فهو في كل ذلك متعرف إليك؛ ومقبل بوحود لطفه عليك؛ إثما 
يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه. انتهى "3 

وقال كذلك: كيف تطلب العوض عن عمل هو متصدق به عليك؟ أم كيف تطلب الجزاء عن صدق هو 
مهديه إليك؟ انتهى الل 


نفك على شيع واحل بلا شيغ ما تكون مواحل 
الشيع فتكيل شاعل فى لخلام مالو أجل 


يقول: نقب على شيخ واصل إلى الله تعالى» فبدون شيخ لا يكون الوصول إلى الله فالشيخ قنديل ساطع في 
ظلام مدلهم لا أصل له 

والمعيى: إذا وحدت ربك واعترفت بعبوديتك» وصدقت في الرغبة إلى أن يتعرف إليك فتعرفه» وتتقرب إليه 
فيقربك؛ فاحهد رعاك الله في البحث عن شيخ يدلك على مولاك» ولا تعول على بحنك» بل عليك .عجمع 
البحرين» واحترس أن يضيع حوتك» فحيث ضاع. فلا يضيع إلا بتوفيق من الله تعالى» فثم مرادك؛ فلا تتهاون 
في أن تدعو الله مبتهلاء وتسأله مبتتئلا أن يدلك على الدال عليه» فعسى أن تكون من المفلحين. 


300 1 
الحكم العطائية 


301 


135 





الكلام على الشيخ 


قال 'ابرج ينا النز قط فق الباضق: 


وإنما القوم 
فافتقروا فيه إلى دليل 
قد سلك الطريق ثم عاد 
وجاب منها الوهد والآكاما 
وحال فيها رائحا وغاديا 
وعلم المخوف وامأمونا 
قد قطع البيداء والمفاوز 
ول نور سارل امامل 
فعندما قام بمذا الخطب 


مسافرون 


وأحدقوا من حوله هشوك 
فرتب القوم على مراتب 


وحيث كلت نحب الأبدان 


لحضرة الحق وظاعنون 
ذي بصر بالسير والمقيل 
ليخبر القوم يما استفاد 
وراض منها الرمل والرغاما 
وسار كل فدفد وواديا 
والعيونا 
وكل شرب كان فيه ناهل 
قالوا جميعا: أنت شيخ الركب 
وكلهم إِليه يوزعون 
قال أحدهما: يا حادي الأظعان 


وعرف الأفار 


فمن هنا يلقب القوال حاد لأجل حدوه الرجال 

والعشل. الذكور ببالقلونية:. ‏ «#الطية و نولة الل 7 
قلت: وقد نقبنا عن الشيخ العارف ذي الأحوال والمعارف» حي يعرفنا بالطريق» ويخفف عنا أ>مالناء ويرشدنا 
إلى أسلم سبيل إلى الله تعالى» فما عثرنا له على أثر 
وكم شددنا الرحال إلى بعض الزواياء» فوحدنا فيها مشايخ يتبرك منهم الناس» ولما بينا هم قصدنا من اجحيء» م 
بحد لهم لساناء وإنما كانوا يعيدون على أسماع الناس» ما قرؤوا وسمعواء فاكتفينا بالتبرك منهم, فرعا يكون الخير 
قُ أسلافهم» وهم من ذرياهم» فمعاذ الله أن نعدم الخير فيهم» وكنا نتأدب معهم ونسألهم خير دعائهم» 
ونتركهم على ما هم فيه 
لقد ندر كلام الذوق والإشارات» في الزوايا والرباطات» وصارت المشيخة وراثة» كل طائفة تسير على مج 
شيخها الأول» فتراهم يحافظون على الأوراد ويلترمون بالاحتماع للوظائف» ولكنهم لا يتعدونه إلى تحصيل 
علم الشريعة؛ أما علم السلوك فقد انقطع وقل أصحابه 


2 المباحث الأصلية 
1536 





ولكن الله تعالى» علم صدق قصدنا في طلاب الشيخ» فسخر لنا من يعلمناء وعرفنا سبحانه يما يصلحناء فهو 
العليم بقلوب عباده, الرقيب عليهم 
وحاشا أن يسى الله عن ذكرهه أو أن يعرض عمن قصده» بل إذا عز الشيخ» فاسأل الله تعالى أن يسخر لك 
من يعرفك بالله تعالى» وافعل ما فعل إبراهيم الخليل عليه السلام: 
قال تعالى: "فلما رأى القمر بازغا قال هها رييء فلما افل قال لين لم يهاني ري لأكونن من القوم 
الضارين 508 

فإن لم تحد شيخا فناد مهيمنا وقل: يا إلحي» من سواك لحاحي؟ 

إلهي لئن لم ققدي قد أضل في طلاب محال في زمان القطيعة 

تقطعت الأسباب فاهد ضلالي ومن لي سوى الله حنسيي وطنيك؟ 


وكن صادقا فيما دعوت ولا تمن يسخر لك الله دليلا بسرعة 


الشيع كيب تكشهو سوق إلى صا بلصووا 
الشيوخ فى زمانا ماخرهوا ‏ لكن خهاوا ؤ ما تعروا 
الشييع عابو العمايم كشهوا على رون اتكايم 
لبس لاس" العايم عاكوا كيب المايم 


يقول: كيف لك أن تعرف الشيخ؟ اللهم إلا إذا نمحك هو بطرف عينه» فعرفكء فالمشايخ في زماننا لم ينقرضوا 
بعدء لكنهم خفوا عن الناس» فلم يعد يعرفهم أحد 

لقد ترك المشايخ العمائم» وكشفوا عن رؤوسهم., الي هي رؤوس الحكمة» ولبسوا لباس النعم» فعادوا مثل 
الحمام يماء ورونقا 


7 الأنعام 78 
1537 





ليس من السهل معرفة العارف 

والمع: ليس من السهل معرفة الشيوخ, لأن الناس لا ينظرون إلا بمعارفهم؛ وما يعرفون» به يوقنون؛ ولذلك لا 
يستقيم لهم أن يكون الشيخ مثل سائر الناس؛ تلك سنة الله في عباده» كما كانوا لا يتتصورون أن يكون الأنبياء 
والرسل عليهم الصلاة والسلام» بشرا مثلهم» ياكلون الطعام ويمشون في الأسواق 
قال ابن عطاء الله: وسمعته (أي شيخه أبا العباس المرسي) رضي الله عنه يقول: معرفة الولي أصعب من معرفة 
الله» فإن الله معروف بكماله وجماله» ومن حن تعرف مخلوقا مثلك؟ يأكل كما تأكل» ويشرب كما تشرب. 
304 
وقال رحمه الله تعالى: وقد أنشدنا الشيخ علم الدين الصوثي لنفسه رحمه الله تعالى: 

استتار الرحال في كل أرض تحت سوء الظنون قدر جليل 

ما يضر الحلال في حندس اللي ل اسوداد السحاب وهو جميل 
وأشد حجاب يحجبه عن معرفة أولياء الله شهود المماثلة» وهو حجاب قد حجب الله به الأولين» وقال 
سبحانه وتعالى حاكيا عنهم: "ما هدا إل تك يكم واس جنل كلو افق شري اا 
وقال سبحانه حاكيا عنهم: "أبشرا مفا ولهذا ان وقال: "وقالوا مال هذا الرسول ياكل العام 


5 
ويمشي في الاصواق . 


وإذا أراد الله أن يعرفك بولي من أوليائه» طوى عنك شهود بشريته» وأشهدك وجود خصوصيته. انتهى*/ة 
قلت: وقد زاد خفاء المشايخ في هذا الزمان» أشد ما كان في الأزمان الماضية» فقد كان الصوفية عامة» يعرفون 
بتقشفهم وخحشونة ملبسهم, وانعزالهم عن الناس» وكانت العمائم من عرف العلماء والمشايخ وغيرهم 

فلا شك أن هيأة العالم أو الشيخ؛ كانت تخبر عنهء وحن إذا لم يتزي الشيح بذلكء؛ لبس الأسمال والمراقع» 
فتبين حاله. 

أما في هذا الزمان» فقد احتلط الحابل بالنابل» ورمي الكثير من أصحاب العمائم .ما لا يأتيه العامة» فلم تعد 


تفرق بين الصادق والفاسق» وأصبح أولو الأحوال يخشون انفضاح أحوالهم» كما لم يكن عليه الحال من قبل» 


4 لطائف المئن 
5 المومنون33 
الفمر25 
77 الفرقان 07 
8 لطائف المنن 
1538 





فقد كانواء م ظهر أمرهم في قبيلة أو قرية» ظعنوا إلى غيرهاء فانطمست بذاك أخبارهم؛ أما اليوم» فإن الدنيا 
أصبحت كما يقال: قرية صغيرة» فلا مفر من الانكشاف والاشتهارء إلا بالاختفاء والاستتار 

وقد علمت أحي الكريم, أفهم يوثرون الخفاء» ولذلك تمثلوا بغير أوصافهم: وتقمصوا ما ليس من أحوالهم, 
وأمسكوا ألسنتهم» فسكتوا في المجامع» ولم يعترضوا على كل قوال كذاب مخادع, فعز بذاك طلابمم» بعد أن 
هجروا أحبايهم» وغابوا وطال غياهم؛ فلم يفلح من تتبعهم في العثور عليهم» حي أنه من شد ما بحث» حكم 
بانعدام وحودهمء ولو صدق في نيته» وعرف أنهم ليسوا كما يظنء لبصر بهم في الظلمات مبلجين» وفي 
الدهماء مبجلين؛ لا تزيدهم الفتن إلا ثباتاء ولا تنقص امحن من صبرهم ولو فتاتاء وبذاك يكون الله تعالى قد 
أكرمهء بأن دله على الياقوت الأحمرء» ومكنه من المسك الأذفر.ء كما صبر على طلابه ما لا يصبر عليه 
الراسخون واصطبر 

قال ابن عطاء الله: ودخل على الشيخ أبي الحسن فقير وعليه لباس من شعرء فلما فرغ الشيخ من كلامه دنا من 
الشيخ وأمسك ,ملبسه وقال: يا سيديء ما عبد الله مثل هذا اللباس الذي عليك 

فأمسك الشيخ ملبسه فوحد فيه حشونة فقال: ولا عبد الله بمثل هذا اللباس الذي عليك؛ ولباسي يقول: أنا 
غٍ عنكم فلا تعطونى» ولباسك يقول أنا فقير إليكم فاعطوني. 

وهكذا طريق الشيخ أبي العباس ''” وشيخه أبي الحسن رضي الله عنهماء وطريقة أصحاهماء الإعراض عن لبس 
زي ينادي على سر اللابس بالإفشاء» ويفصح عن طريقه بالإبداء» ومن لبس الزي فقد ادعى. انتهى" 

يقول السهروردي: حكي أن جماعة من أصحاب المرقعات دخلوا على بشر بن الحارث فقال لهم: يا قوم, اتقوا 
الله ولا تظهروا هذا الزي فإنكم تعرفون به» وتكرمون له. فسكتوا كلهم؛ فقال له غلام منهم: الحمد لله الذي 
جعلنا ثمن يعرف به ويكرم له» والله ليظهرن هذا الزي حين يكون الدين كله لله فقال له بشر: أحسنت يا 
غلام» مثلك من يلبس المرقعة» فكان أحدهم يبقى زمانه لا يطوى له ثوب ولا يملك غير ثوبه الذي عليه. 
31 

قال أبو الفتح: لا يقاس الشيخ بالعمامة» كما لا يعرف الغيث بغمامة» ولكن يعرف بقلبه وليس بقالبه» فانفذ 
رعاك الله إلى البواطن» تظفر بالكنوز والخبايا والدفائن» ويغنيك الله من فضله الكريم 


”3 الشيخ أبو العباس المرسي: أحمد بن عمر الأنصاري العارف الشهير» قطب زمانه ورأس أصحاب الشيخ أبي الحسن الشاذلي» 
ذكر الشيخ تاج الدين ابن عطاء الله عنه, أنه قال يوما: والله لو حجب عي رسول الله يلتم طرفة عين ما عددت نفسي مع 
المسلمين. مات بالإسكندرية سنة ست وعمانين وستمائة. انتهى من حسن الحاضرة 

310 لطائف المنن 

21 عوارف المعارف 


1539 





وها قد بينت لك في رباعيي من بعض علامات المشايخ كي تعرفهم؛ وشرحت لك ما به تدركهم» فقأحسن 
القصدء يا زيد» والزم اللجد تحظ بالعهد 

اعلم» أي الكريم أن الأولياء بريهم عارفون» ومن عرف الله رزقه نور الحكمة وحسن التدبير» فما منهم بليد 
ولا أبله» حى لا يعرف كيف يتوارى عن بن جنسه؛ بل هم بالخفاء دانوا» فألهموا أساليب الاختفاء» وحفروا 
قبورهم وهم أحياء» من أجل الاختباء والثواء 

أولئك الظاهرون بالأسباب» الأحفياء برب الأرباب» الحاضرون بالأحساد الغائبون في شهود رب العباد 

من رآهم ظنهم حجراء ومن سمعهم ظنهم بشراء وما هم بحجر أن جمدوا وهم هائمون في الملكوت» وما هم 
ببشر أن حلدواء وقد حلدوا للحي الذي لا يموت 

ولكن لكل حادث علامة» ولكل ولي كرامة» كيف وقد أخبر المزن عن المطر والركب عن السفر؟ أما الحسن 
فيكفيك مخبرا عنه الحور 

فها مخبراتهم» أكرمك منها بالساطعات» وأنبئك باللامعات» وأعرفك بالباقيات» لا تخفى مهما أخحفوهاء بل شاء 
الباري عز وجلء أن يجعلها دليلا على أحبائه لمن شاء من عباده» فافهم ما ألوح به من إشارات» واحفظ ما 
أصرح به من عبارات» إن كنت ذا فهم أيها اللبيب: 

اجتمعت الطيور على الغدير» وهو الساري في سكونء وتركت الحدير» ولو أن ماءه كثير» لا تشرب فيه» وإنما 
تحط وتطير 

ما أحذق هدهد سليمانء إلا أنه يسافر وحدهء لاترافقه الطيور 

سل حمام الحمى» عند الحمى فيم اجتمع» ما باله لما أذن للصلاة راح؛ حت إذا سلموا رجحع 

ما لك والكعبة؟ لو كنت مكانك حاورت» تقبل وتدبر» ولا تقيم في المشعر» أشعرت هما أشعر؟ أم بحت بما 
أنكر» وأنكرت ما بحت به ولم أصبر؟ 

تريد ميئ» أيها الطالب أن أدلك على الدر من الحجر؟ أتراك لا تفرق بين الدر والحجر؟ فالأول براق» والثاني 
منطفئ في الأحداق 

أتريد من أيها الطالب» أن أنعت لك الشمس من القمر؟ الأولى تعرفها بالشروقء والثاني لا يعرف الإشراق» 
بيد أنه يروق» سراحه رقيق 

أتريد أن أدلك على شجرة الخلد وملك لا يفئء لن أدلك أيها الطالب» على ما أنت فيه راغب» لتكون من 
الخالدين» كي لا أكون أحد الشياطين 

إذا هبت ريح طيبة وجحدقاء فكيف لا تحد الطيبين؟ عرفتها وما أبصرقاء فكيف لا تعرف سوى ما تبصر؟ 


160 


عجبا كيف يخفى عنك الحرير من الشعر؟ فلا تميز بين ملمس هذا وذاك, أم كيف لا تميز بين الذهب 
والخشب؟ وأنت تعرف التبر من الشجر؟ 

إذا عرفت لون الماء عرفتهم, ما له من لون» صفا وصفواء بذاك تميزهم في الحين والأين 

وسئل الحنيد عن العارف فققال: لون الماء لون إنائه» يعنى: أنه بحكم وقته. 3 

وسمعته (أي محمد بن الحسين) يقول: سمعت علي بن بندار الصيرفي يقول: سمعت الحريري يقول: سئل أبو 
تراب عن صفة العارف» فقال: الذي لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء. انتهى 313 

هم المينون اللينون» ألفاء مألوفون» أمراء مدينون للناس بالعين» أشركو الفقراء في العقال في أموالهم» حن فيما 
هو دين» رفقاء الشجونء كل ما حولهم تذرف منه العين» لا يتقدمون في النوادي» ويتصدرون العوادي 

صم مى تكلم المتشدقون لا ينبسون» وإذا تبجححوا يحجمون» تحسبهم أيقاظ وهم رقود» يجالسون العبيد 
بالأحساد» ونفوسهم مشدودة إلى القوي العتيد» لا إله إلا هو رب العباد 

ما للأمير يستجدي الرعية؟ وما للأسود مع الظأن ما فتئت راعية؟ وما للنسور في سماء الخطاف صافات لا كما 
هي 

رأيتهم بلباس النعمة) فحسبتهم من أهل الدنياء ثم رأيتهم في الدير ساجدين» فقلت: دنياهم فانية) وم أرهم 
ولم أحسبهم, فتبدوا مرتين كما هم لي» عجبت في الأولى وسلمت ف الثانية: الأولى انبلاج» والثانية ابتهاج 
وإن شعت قلت: الأولى ظهور والثانية صدور 

وإن شعت قلت: الأولى تحلي والثانية تملي 

وإن شئت قلت: الأولى انفتاح والثانية انشراح 

وإن شئت قلت: الأولى بوارق والثانية حوارق 

وإن شئت قلت: الأولى: إقدام والثانية اقتحام 

وإن شئت قلت: الأولى حى لا تبتقس والثانية حى لا تستيئس 

لا يبالي القاصدون إليهم مما عبروا من أميال» ولا يعيى من حديثهم الرجال والنساء والعيال» ولا يقوى على 
فراقهم من صحبهم بحال من الأحوال؛ إذا كنت في حضرقم غبت عن نفسك» وحضرت كم مع ربك 

إن كنت مهموما فرحت» وإن كنت مكلوما برئت» أو تعبان استرحت» أو عطشان ارتويت» أوجوعان 


7 مسب" ابيا 
2 الرسالة القشيرية 
3213 ا مرجع نفسه 


161 





الوقت معهم غير الوقت» والموضع ما هو كما عهدته» والدنيا صغرت حب اختفت» والنفس هانت وانتفت» 
والمموى إليه لا تلتغت» والشيطان فر وانفلت 

مي تكلموا لم يعجلواء يسكتون الحين بعد الحين: يتكلمون حت تقول: لن يسكتواء ويسكتون حى تقول: لن 
يتكلموا 

هم بالله عن حلقه, لا يصحبوفم إلا إذا هددوا بالسلب إذا لم يفعلوا 

قال ابن عطاء الله: وكان الشيخ أبو العباس رضي الله عنه يقول: والله ما حلست للخلق حى هددت بالسلب؛ 
وقيل لي: لئن لم تحلس للناس لنسلبنك ما وهبناك. انتهى4/* 

تعرفهم بلوائهم» لواؤهم البشر والبشائر» يحبهم كل من رآهم؛ ولو لم يكن له يهم عهدء ولا يبغضهم إلا شقي. 


مبدأ أبي الفح وكيف هداه مولاه إلى الح بمنه وكرمه 
قال أبو الفتح نور الله بصيرته: وهذا مبتداي ف طريق القوم» وكيف هدان الله تعالى إليه» بعد أن كنت من 
المسرفين وعلى أوليائه من المعترضين 
كنت أتوضأ في المسجد الجامع في اليوسفية برباط الفتح» في بداية الثمانينات من العام الميلادي» وإذا بشاب لم 
أعرفه من قبل» يقف علي وينحئ إلى أذني ويكلمئ دون أن يبدأ بالسلام» حي مست شفتاه أذي» وكأنه 
يعرفي» ويقول: إذا صليت وخرجت من المسجدء فلا تذهبء وانتظرني حى أخحرج. فإن لي حاجة بك. ثم 
انطلق لوضوئه» وكانت الصلاة صلاة الظهر؛ فلما خرحت انتظرته كما قال» فخرجء وكان دقيق المميكل قليل 
اللحمء ذا لحية خحفيفة» تظهر عليه أمارات السفر» ويحمل حلبابا رقيقا أبيض في غالبه» يبدو الجلباب ملتفا على 
شيء مثل العصاء وكان يحمل مزودا صغيراء فلم يبدأني بالسلام مرة أخرى» وقال: حدثوا الناس عن الله 
وعرفوهم بمولاهم؛ واتركوا حدينكم عن غيره 
وكنت آنذاك على صغر سين أحدث في المسجد الجامع» وفي غيره من المساحدء إلا أن لا أقعد على منبر أبدا. 
فقلت في نفسي: هذا شاب غريبء لا عهد لي به» فكيف عرف أن أحدث الناس؟ 
ثم تابع كلامه قائلا: أتيت من مدينة كذا وكذاء وأنا أتبع أحد المشايخ» ونحن على طريقته» ولسنا من أصحاب 
البدع؛ وقد حئت بغير زاد» زادي العسل؛ كلما جعت لعقت منه؛ وما أكثر وجوه النفاق في مسجدكم هذاء 
وني لأستعجل الرحوع من حيث جئت 


314 لطائف المنن 
162 





ثم حل الحلباب» وأخرج عصا على شكل غصن شجرة لم ييبس بعد» ومكنئ منها وقال: أريد منك أن تبلغ 
هذه الأمانة إلى صاحبهاء فقد بعثها معي قطبي إلى قطب آخر عندكم هناء اسمه أبو رقراق» هل تعرفه؟ فقلت: 
لا أعرف سوى هذا الواد القريب» المسمى واد أبي رقراق 

ثم استرد مين العصا وقال: وا أسفاء لو كنت تعرفه لبعثت معك إليه يهذه الأمانة 

فلما رأيته على ذلك الحال دعوته للغذاء» وكانت معنا في الدار عم وأبناؤهاء فقد ذبحوا حروفا فكان الغذاء 
دسماء فقال: اسمع» كل ذلك الجمع الذي في داركم لا حاجة لي به 

فقلت: ادع الله معي» فقال: أسأل الله أن ينجحيك من خوف الخلق ومن خوف ضياع الرزق. 

وقد عرفت منه؛ أنه كان يريد أن يشتري كتابين» فقيدت عنوان الكتابين» وقيدت عنوانه كما أفتاه علي» 
فأعطان قميصا أزرق باليا قد حال لونه» وقال: البسه» فستلقى صاحبه في يوم من الأيام؛ وانطلق إلى حيث لا 
أدري 

ولما رجحعت إلى المنزل» بادرت إلى لبس القميص»ء فلما لبسته» نظرت ف المرآة وأنا به» فتبدل حالي وأحسست 
ا يلم ؛ ولم أستطع أن 
أمد يدي إلى طعام من شدة الحال» واشتريت الكتابين وبعثتهما إلى الشاب كما وعدته» والحمد لله رب 
العالمين. 

ومن ذلك اليوم وأنا غير أنا» فقد تغيرت جحل أموري» ووجدت ف نفسي دافعا لأُث شتري أشياء» فاشتر 
عمامتين: بيضاء وصفراءء ونعلا تقليديا» وأحسست بالوحشة من الناس» وكرهت إلقاء الدروس في المساحد» 
ونأيت بنفسي عن المسجد الجامع» وكنت أصلي المكتوبة في المساحد الصغيرة المتنائرة هنا وهناك في أزقة دوار 
الدوم. وكان يلح علي بعض الإخوة في أن ألقي درسا في عقيقة أو نحوهاء فأستحبي أن أرد طلبه» فأذهب 
بجلبابي متعمما على غير عادن» وقد احتملت معي شمعة» فآمره بإطفاء الأنوار» وأوقد الشمعة وأحدث 
الحاضرين حديثا لم يعهدوه م من قبل» وكنت بنفسي أستغرب مما يخرج من من كلام 

وكان لحديني وقع في القلوب أشد من أحاديثي السابقة اه 


7 وما لازلت أذكره من ذاك الحديث: أيها الواقف في الطابور الطويل» تريد أن تسقي الماء من العين» وكلما التحق بالطابور 
أحلد أحذ مكانك ودفع بك إلى الخلف» حجئ صرت قُُ مؤ خرة الطابور» لا عليك» الزم مكانك ولا تستبق» سيتفجر الماء من 
الصخرة الي وراءعك» فتستدير إليهاء ويستدير الواقفون أمامك في الطابور» فتصبح أولهم بعدما كنت آخرهم» أما هم فيصبح 


أولهم أخيرا» وآخرهم أولا 


163 





ومرت بضعة سنين» وصادف أن اشتريت مع أي في الله أبي مذ الله كتاب: المفاخر العليق 317 
وكنا لا نعرفه آنذاك. وعجرد ما قرأنا فيه» قلت لصاجي: أعجبتئ طريقة هذا الشيخ» فقال: وأنا مثلك. 
وانضم إلينا رفيق ثالث؛ وصرنا نبحث عن كتاب: لطائف المنن*!* حي تزيد معرفتنا بطريق الشيخ أبي الحسن 
الشاذلي»” !7 فلم نحده» حى عثر أحي أبو سهل على ثلاثة نسخ» لم يبق غيرها في إحدى المكاتب» فاشتراها 
بثمن زهيد» فلما مكنئ من نسحي قرأقا وأتممتها في اليوم نفسه من شدة ما أعجبن ما فيهاء وكان ذلك قبل 
مغرب يوم الثلاثاء لسبع خلون من الشهر السادس من العام الميلادي: أربع وتسعين بعد الألف ولله الحمد 
والمنة. 

ثم طفقنا نبحث عن كتاب درة ارا م نحده» ومرت أيام» فوجدته واشتريت منه نسختين» حق 
أمكن صديقي من واحدة. 

فلما طرق بابي أبو سهل» أحذت نسخته وخبأقها وراء ظهري» فلما خرحت له. أردت أن أفاجأه» فمددت له 
النسخة من وراء ظهريء فمد لي نسخة من وراء ظهره هو الآخرء فكان حاملا كتاب درة الأسرار» وكنا 
واقفين ويمد هذا لذاك الكتاب نفسه. فعجبنا كيف تقابل الدرتان في الآن نفسه, وحمدنا الله على ذلك. 

قلت في كتاب: سوانح الخواطر» ما نصه: يا أبا سهل» ألق الحبل على الغارب» ولا تخش العواقب» دعوها فإها 
مأمورة» ذلول ميسورة» فما ثم مصاعب. انتهى 321 


أتيت بالمفاحر من غور العرفان» وحزت المفاحر» دون أن تفاحر وتكاثر 


6 وهو أي وصديقي الحميم؛ الأستاذ الأديب عبد اللطيف أونابي» أبقاه الله تعالى 
37 كتاب المفاخر العلية في المآثر الشاذلية» لأحمد بن محمد بن عياد الشافعى 
35 كتاب لطائف المنن لتاج الدين» أبي الفضل أحمد بن عطاء الله السكندري 


”' الشيخ أبو الحسن الشاذلي: شيخ الطائفة الشاذلية. هو الشريف تقي الدين» علي بن عبد الله بن عبد الحبار؛ قال الشيخ تقي 
الدين بن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله من الشاذلي. وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله: منشؤه بالغرب الأقصىء ومبداً 
ظهوره بشاذلة» وله السياحات الكثيرة» والمنازلات الحليلة» والعلوم الكثيرة» لم يدخل في طريق الله حي كان يعد للمناظرة في 
العلوم الظاهرة» وعلوم جمة» جاء في هذا الطريق بالعجب العجاب» وشرح من علم الحقيقة الأطناب» ووسع للسالكين الركاب. 
وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يحضر محلسه. ويسمع كلامه. قال الشيخ تاج الدين: أخبرني والدي قال: دحلت على 
الشيخ أبي الحسن الشاذلي» فسمعته يقول: والله لقد يسألونئي عن المسألة لا يكون لها عندي جوابء فأرى الجواب مسطرا في 
الدواة والحصير والحائط. مات ف ذي القعدة سنة ست وحمسين وستمائة بصحراء عيذاب متوجها إلى مكة. انتهى من حسن 


امحاضرة 
كتاب درة الأسرار وتحفة الأبرار» جمعه الشيخ الحميري. المعروف بابن الصباغ 
٠ ٍ 4 321‏ ع 

سوانح الخواطر في كوامن السرائر 


1604 





وقارنت درتك درق» فما أيماها من درر عظيمة الخطر» تاه عنها البشر» بسطت يداك فأوتيت هداك ممن 


هداك. 3 


ثم مر ما يقرب من الحولء فانتابيى حال غير الأول» وكان يهجم علي بالليل أينما كنت» فأحس بالوحشة من 
الخلق» ويرق قلبي وتفيض عيناي؛ وتغلبئ الرغبة في الخروج عن العمار في الحين والساعة؛ فألتحق بالبيت» 
وأغتسل على طهاري» وأخرج لا أحمل معي مالاء حى يصح توكليء فإذا فاتي الحال» رجعت 

ولما شاء الله تعالى هدايي إلى نمج عباده الصالحين» بعد أن رزقيئ محبتهم» رأيت فيما يرى النائم أني واقف على 
باب قه مولا ااه الأمغازي 7*7 طين الخبال»:وكان ذلك سنة اريعة وتشيعية» وال يسيى لي أن قصدله أو 


زرته من قبل» بل كنت لا أبيح زيارة الأولياء» وأفى الناس عن زيارقهم 


2 المرجع نفسه 

7 ومنهم الشيخ الفياض الرباي» أبو إسحاق» سيدي إبراهيم بن أحمد بن الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسين؛ كان هذا 
الرحل آية من آيات الله تعالى ِي الواردات الإلهية والأحوال الصادقة» (مع حسن سمت ومتابعة للسنة في أقواله وأفعاله). 

أذ عن حده المذكور» وعليه كان معوله» ويقال أنه استمد من حده المذكور مع الشيخ الشهير أبي العباس سيدي أحمد بن 
موسى السملالي» وكان أبو العباس قدم تامصلوحت برسم ملاقاة سيدي عبد الله بن حسين» في بعض قدماته على السلطان 
الغالب باللهبمراكش» فوجد صاحب الترجمة» وهو صبي يدرج بين يدي جده؛ء فقال الحد لأبي العباس: ادع له؟ فدعا له وكانت 
بقرب الشيخين دجاحة تقرقر» فقال أبو العباس: إن هذه الدحاحة تقول في قرقرقها: "كيك كيك"», وهو حكاية صوت الدجاجة 
عند القرقرة» فهل عندكم موضع اسمه كيك؟ فقال له: نعم فقال أبو العباس: إن هذه الدحاجة تقول: إن هذا الصبي لا يظهر 
أمره» (ولا يلمع سره)» إلا بذلك الموضعء فكان الأمر كذلك. فإن صاحب الترجمة» لما توسم فيه الناس الخير» ولاحت عليه 
مخائله» اجتمعت عليه شرذمة من الفقراء» وتلمذوا له» وذلك بداحل مراكشء فأنكر ذلك سلطان الوقت زيدان بن أحمد» وأمر 
بالقبض على صاحب الترجمة» فحرج من المدينة خائفا يترقب. فاستقر به الرحل .موضع يقال له: "كيك" من عمالة مراكش قبيلة 
سجنانة» ولم يزل به إلى أن توفي» وهنالك شاع ذكره وفاح على المريدين سرهء فقصده الناس من الآفاق البعيدة» وشدوا له 
الرحال من النواحي الشاسعة» وازدحم على بابه ما لا يحصى» حى أنه احتمع عنده في بعض الأيام ثلاثون ألفا من الرحال» وتسع 
ألاف من النساءء وكانت له بركة ظاهرة في الطعام» فتجد طعامه قليلاء وهو مع ذلك يكفي الآلاف العديدة» وكان يعطي عطاء 
من لا يخاف الفقر» حي أنه أعطى لبعض الناس ثلاثة آلاف أوقية» وأعطى لآحر اثنا عشر مائة أوقية» وذلك دأبه وسيرته على 
الدوام؛ وكان تعتريه أحوال يغيب فيها عن حسهه. ويتكلم بالمغيبات» فتظه ر كما أخبرن به. ويحكى شائعاء أنه خرج يوما على 
الناس وهم حلوسء فقال: "هز القلوب هز يا من بيده العزة"؛ فتواحد جميع من حضرء فبقوا حيارى أياماء ثم حرج عليهم فقال: 
هز القلوب تبرا يا من بيده القدرة. فرجع الناس إلى إحساسهم, وفارقتهم أحوالهم وكان يقول: لا ياتينا إلا من أمنه الله مقامنا 
هذا مقام إبراهيم الخليل: "ومن حغله كان آمنا"؛ آل عمران97 وكان يقول: من عرفنا وعرف غيرناء لم يجدنا ولم يجد غيرناء 
ومن عرفنا وقام .معرفتنا» وجدنا ووجد غيرنا. وكان يقول: دارنا دار سر لا دار علم. وكان إذا دحل شهر المحرم» ترك حلق 
الشعر والزينة» فإذا أليم على ذلكء قال: ما فعلنا هذاء إلا امتعاضا لقتل الحسين رضي الله عنه» وا أسفا على ما وقع فيه بين 

165 





رأيت فيما يرى النائم» أنن واقف على باب ضريح مولاي إبراهيم» أنتظر قوما وقفوا في الصف قبلي» يدخلون 
واحدا تلو الآحرء حى يحين دوري وأدحل مثلهم 

فلما دحلت» رأيت الدربوز حيث قبره تحته» فقال لي رجحل عنده» وكأنه المقدم» وكان قريبا من الدربوز» قال: 
ضع اثنين وتسعين ريالا في الصندوق» يقصد بذلك الزيارة؛ فقلت مستهزئا: ولم لا تكملها وتقول: مائثة؟ 
فقال: ثمانية ريالات تتمة المائة» من الشمعة 

فلما انتبهت من نومي» قلت: لن أذهب لزيارته» فزيارته لا تجوزء ولعل ما رأيت» من صنع الشيطان لعنه الله 
تعالى 

ثم بعد ذلك» كان أن خرجحت مع صديق لي اسمه علال ليلا» نتجاذب أطراف الحديث» تحت جبل سيدي 
قاسم الناظوري بولحة الرباط» وعدناء فلم أدخل البيت إلا والأهل قد نامواء فنمت» ولما كان الصباح 
استيقظت زوجي شاذلا حفظها الله» وقالت: رأيت فيما يرى النائم» أني أصعد جبلا وأمشي في طريق ملتوء 
وأنا حافية القدمين أشعر بالعطش والعياء» فلما بلغت أعلى الحبل» رأيت شيخا كبيرا بجلباب ولحية» يمسك 
إبريقا وقدحا من نحاس» فقال: أتريدين أن تشربي يا ابني؟ قالت: فقلت: نعم يا سيديء قالت: فملاً القدح 
من الإبريق وسقاي» فشربت وارتويت وغادري العياء» ثم قال الشيخ: أتعرفين من أنا يا ابني؟ قالت: قلت: لا 
يا سيديء» فقال: أنا سيدي قاسم الناظوري 

فلما سمعت ما قالت شاذلاء أصابئ الدهش» وقلت في نفسي: كيف وقد كنت عند قبره البارحة وصديقي» 
وقت أن كانت نائمة بالليل؟ ولم يكن عندها خبر بذلك» ولا أحبرقا به قبل أن تحكي ما رأت» فكيف علمت 
وكيف وصفت الطريق الملتوية إلى قبته من أسفل الحبل إلى أعلاه» ولم يسبق أن وصلت هناكء وإنما كانت 
تسمع باسمه م ومن الناس؟ 

وبعدها رأيت ف منامي مروحية لما أظلاف حشبية» تدور مقابل وجهي بقوة» فإذا هي تتوقف عن الدوران 
فجأة» فنظرت فيهاء فإذا مكتوب على أحد أظلافها من نور اسم: إبراهيم 

فقمت فزعاء وخفت على نفسي مما رأيت» وقلت: لئن لم أزر مولاي إبراهيم» فلرما أصبت بأذى. 


الصحابة رضي الله عنهم. وكان يعمل السماع ويجتمع أصحابه على الحضرة على الكيفية المعهودة» ورا تواجد ودخلها معهم, 
وأحواله رضي الله عنه ومناقبه أكثر من أن تحصى. وكانت له مشاركة في العلوم» أذ عن الشيخ المنجورء وعبد الله بن طاهر 
الحسئ» وأبي مهدي السجتاني وغيرهم. وتوقي رحمه الله سنة اثنين وسبعين وألف» عن سن عالية» يقال: إنه أناف على المائة» 
ودفن بإزاء زاويته» بأعلى قبيلة سجتانة» وبنيت عليه قبة حافلة» وقبره إلى الآن مزارة عظيمة. انتهى من صفوة من انتشر من أخبار 
صلحاء القرن الحادي عشر 

166 





فلحقت بصديقي علال» وكان يملك سيارة» فحكيت له عن الأمر» وأبديت له رغبي في الزيارة» فقال: أذهب 
معك إن شاء الله تعالى 

ونحن نستعد للذهاب» أعطاني» قضى الله حاحته» بعض المال» وقال: أتركه لأهلك حي تعود» ففعلت. ثم عدنا 
إلى البيت فقالت زوجيّ: لقد جاء خالك من سفره ليراك» فلم يجدك وترك لك بعض المال والهدايا» ثم ذهب 
لزيارة أختك» وأوصان أن تلحق به م جفت هناك 

وكان هذا الخال قد سافر خارج المغرب وانقطعت أحباره زهاء ثلاثين عاماء ولم نكن نعرف أحي هو أم 
ميت» فقلت ف نفسي: لعل هذا مانع لما أنا مقبل عليه من سفر وزيارة» ولن أحجم عن سفري هذا لأبقى مع 
خالي» مهما تغيب. فرددت النقود الي أعطانيها صديقي علال» وقلت له: لقد ترك الخال لي بعض المال فلا 
حاحة لي بهذه. فلم يقبل» وردها علي فتركتها مع الأهل زيادة 

فقلت في نفسي: ما أيسر هذه الزيارة» فقد سخر الله لي رفقة وركباء ورزقئ ما أترك للأهل من مصاريف. 
ثم انطلقناء ومر علال على صهره وصديقه بالبيضاءء فأخحذناهما معنا إلى مولاي إبراهيم» وكانا من خيرة حلق 
الله تعالى. 

فوصلنا إلى قبة مولاي إبراهيم عند الفجرء فلما صلينا توحهنا إلى القبة» فإذا الباب هو الباب» وإذا وجهته هي 
الوجحهة؛ كما رأيت في منامي 

ولما دخلت القبة ورأيت الدربوز زاد عجبي» فذلك نفسه ما رأيت في منامي 

فوضعت اثنين وتسعين ريالا في صندوق الزيارة كما رأيت» وسألت رحلا يقعد إلى حانب الدربوز يفرق 
ملحا على الزائرين: هل عندك شمعة؟ قال: لاء ولكن سأعطيك شمعة لي» فاستخرجها من خزانة صغيرة فوق 
رأسهء فقلت: وكم ثمنها؟ قال: عشرة ريالات» فقلت: بل أعطيك ثمانية» ولا تحسبه بخلا مئء ولكن هذا ما 
رأيت في منامي» فأردت أن يكون كما رأيت» فأخحذقا منه ووضعتها على الدربوز 

ثم صعدنا جبل الخلوة» حى أد ركناها بعد لأي ومشقة بحول الله تعالى وقوته» وفي الخلوة نزل علي ما نزل من 
منن الرحمن عز وجلء تلقيته في روعي من خزائن رحمته» أتبعه سكينة في القلب وبرد في الخاطر» فأصبحت 
لتوي محبا لأوليائه الصالحين» رحيما بأمة سيد المرسلين» ومحا الله تعالى ما في قلبي من شك و ضغينة؛ وما زلت 
على ذلك إلى يومنا هذا والحمد لله رب العالمين 

ومن شدة حلاوة ما وجدته ف رحلة زيارة مولاي إبراهيم» وما شعرت به» نظمت في ذلك قصيدة أوردها في 
كتابي هذاء عرفانا لمنة الرحمن الرحيم» واعترافا بقدر أولياء الله الصالحين» نفعنا الله ببركتهم آمين 


167 


قصيدة في زبارة ابي الفح لضريح مولاي إبراهيم الامغاري 


اشرب حخمور الوحد تعرف سكرني 
واهحر طلولا دارسات بالبلى 
ماموقف الأحباب يشكون اللحوى 
إن اللحجوى في القالب ذنب للهوى 
أواه من قلب دهت هه فتنة 
ليل بحا هاج ومافيه سنا 
اععقل مي ناحل قفي صبوة 
مولاي إبيبرهيم ك نلي عبرة 
ل استحبل ل بحضا وت ستناف ارا 
فيم اعتزال الناس في هذي الذرى 
لمتسمتاتية 3 طا سي ا مستبي 
أخحرحجتئ من غفليي في غفوة 
ياحخائهفانماحجنف لا تزعج 
لاتببسصس إن المنايا طبعىنتا 
مالي غريب بين أهلي لم أزل 
لولا الردى ماكان مي ما ترى 
بإنت سممائي في ضياء تزدهي 
والأواياهملننبحونف عرضها 
لولاكم ماكثكت أدري ماالحموى 
أل لصت للاجاب حي الأولي 
اول عنمي سارف ينا ساني 
وحدت ربافي الههوى من بعد ما 


168 


واسبح في محري واغقترف من غرفي 
واقصد بناء شانتخا في ججدة 
منهجحراليلى أو تنائي عزة؟ 
كممنذنوب للهوى في مهحجيّ 
دقت به وتادهها كالخيمسة 
إلا ظخللال مت زح من ظلمة 
والفكر أضحى هائمافي حيرة 
كسد وول إبساني بده محدن عبر 
جه هبتر لك اويا ارق تنه المج اشية؟ 
حبني أتوافي ججمعهم ل ذروة؟ 
تدعو كفيشفانفي الاجى للقبة 
أص بحت منها نادما في ص حون 
ربي غفو فاته د في التوببة 
لا تببسهج عمر لمنئ كالشمعة 
ملي كثيب والورى في فرحة؟ 
فاخحلد إذا عفت الردى في الحفرة 
يهدونركباته تحت الدحلة 
أو حفقةالقل بس الشديد الخفئقة 
والأول الله الللديع ال صنعة 
يبخفي محياهه ويي دي ل وعيّ 
أش رركت ب الله دلال اللسسوة 
نارا تع الى أنسها في حذون 


أمغار داوى س قم نفسي فاستوت 
داع إلى الله يدري سيره 
يقري ضيوفا قد أتوافي رغبة 
دان إلى من شلاء منهمنة 
قط ب إذا الأقطضاب تاهواردههم 
شيخ حواد ليس يخشى فاقة 
لاتق رلا لال ني في عرشئه 
لاأنسللاأًلنس رب عن اننا 
وبحي قهرت االلجن في أغفواره 
ذابوابناري كالفرائات الف 
ماخفت فقرافي حيات أو ردى 
والمال عندي مشسل حبات القسرى 
والدء إن يضرق فصبري مصله 
سل عن علومي كل سفر جامع 
سل عين وقوقيٍ عند رس مدارس 
لكن نفسي في ن#وخ أزبدت 
يا نفس هل لي عنسك من ركن لكي 
يانفس كفي عن أذائي وارجعي 
إن تعشقي حسنا فمامن عاشق 
أو تطلبي مالافمامن طالب 
لولامهقام سك قفي جحنني لم 
مون لأحى إن روحي حية 
مولاي إيرهيم هل تقحنافلم 
قفو بنالأشوق في هني الفلا 


169 


تبغي الهدى ماتبتغغي من لذة 
يمخشى ظه ورا في ماء الرففة 
يدري أمورا من علوم الحكمة 
عال على أولي الفىن والسطوة 
يميف اليس حوو اللمجحسد 
تست قححيم تسم لوصحم 
أغفن البرايا قانع في ملي 
لاحوف إلامن إله الخلقفة 
ما كنت أخحشى من وعيد الجنة 
طافت يم م صباح قوي الوهحة 
ماخفت إنسيا شدي البلشة 
والكبر في دين ع لم النسبة 
صبري عقارات أزاالت علي 
كل الشياطين اشتكت من لفظليّ 
سل عن نسيي كم سبى من مرأة 
أمارة بالسوء تبغغي هف ون 
آوي إليهمن سيط الشهوة؟ 
إن الأمان عند باب الرحجعة 
أمسى قريرا تحت تلك الصخرة 
مالا أتى بالمال رأس العزة 
أعرف هوانافي ربوع النعمة 
غوري لأمشي في سبيل الصفوة 
نعرف طريقافي طللاب الخلوة 


حيثش الهوى يشجي ويطفي ظمأن 


حرت قوانا ياتبيع ال صطفى 
بشرى لناه ذا الب اء الم رتجحى 
هبوافهذا ما,5ردتم قد بدا 
مولاي إيرهيم هذا حصتكم 
هذامكان ياوبلي الأوأيِا 
أبشر فقد نلت الذي من أحله 
كزلي وليايا لهي إنفيي 
أمواهم فيممساهووامن قربة 
مااحدت عن دين الحوى يوما فما 
ارحم إلمهي عبدك الجاني ققد 
فح يا نسيم البشر في الطور الذي 
يوق اتسنا عد نا زيم الشلهيا 
في هل الخلوات حلت رغبقّ 
كوممن صللاة قد أقيمت هاهنا 
مخ نلق كز حداف :يتمعن الله كيك 
دهي أصلىي في مقام خاشعا 
إنصضصميىئ حالي فأدعو ربا 
اغفر لإاخواني ذنوببافي الخفا 
أبل عليهمياهي إفهم 
١‏ 2 كك كك الك 0 
والآل والأص حاب وارفع شافم 


100 


والصحب أضحوا كلهم في ورطلة 
أححاره تب دو وتسبي نظلرن 
زوروا مقاماوارتعه وائي الروعة 
واللبت فيه خالقافي عزلة 
عقف الال انعم ثحت اللطنكرة 
أم وى وليازرني في هجعيّ 
كانوا سراحجا قي دياجي الوحشة 
علبي مم أحظى بتلك القربة 
حلت الهوى يثنيه لوم الإخحوة 
أعياه ذنئب واشتكى من حجنحة 
طارت إليه الروح واكشف غميّ 
فيوعمةفاحت بعطر الجنة 
كممن لي هاهنافي حضرني 
#نعم سكسو التحناك #اععي الحهية 
كممنرياضات وكم من دعوة 
في ركعي أو ضارعا في سجردنَ 
إني عميي دفيرب وع لغربة 
وعديو يدن أفنتلتابياق اليك 
قدأقبلوا يشكون شؤم الوحدة 


أنصارهم أو من مشى في المحرة 


فصل في الكلام على لبس الصوف وهديه سَْتُُ في الككسوة واللباس 
وقد عرف المتصوفة بلبس الصوف», حى قيل أن ذلك من أسباب تسميتهم بالصوفية» فلبسوا المراقع والأسمال 
دون اضطرار لذلك» ومن المشايخ من جعل لبسها من أسس الطريق ومن أدوات التربية» ما يدحل في مجاهدة 
النفس والتضييق عليها 
ول يثبت عن إمام المتقين ورسول رب العلمين ذلكء» فما لبس محمد يَيلُّمْ البلى وعنده الجديدء بل كان لا 
يلبسه إلا اضطراراء ولا أمر بلبس ما خلق واهترأ مع وجود ما جد وحسن 
وقد ظن بعض المتصوفة» أن إصلاح النفس يدخل فيه حي حرماها مما أحل الله لماء وفي ذلك خروج واضح 
عن هدي رسول الله َيل 
عن حماد بن زيد» نا جليس لأيوب قال: دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين» وعليه جبة صوف 
وإزار صوف وعمامة صوفء فاشمأز منه محمد وقال: أظن أن أقواما يلبسون الصوفء, يقولون قد لبسه عيسى 
ابن مريم عليه السلام» وقد حدثيئ من لا أتهم: أن رسول الله يلثم قد لبس الكتان والقطن واليمنة» وسنة نبينا 
عَم أحق أن تتبع. رواه الأصبهان ف أحلاق البي َل 
فأصبح للمتصوفة زي تميزوا به عن المسلمين» وأصبح هذا الزي علامة على التصوف؛ وكل من يلبس الصوف 
متصوفاء في حين أن مجاهدة النفس تكون بحرمانها مما ليس لما فيه حق» مما حرم الباري عز وجل 
والحرام من اللباس ما أريد به البطر والخيلاء 
وقال الإمام أحمد: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن رسول الله يَيْلِتّمْ قال: "كلوا واشربوا والبسوا 
وتصدقواء في غير مخيلة ولا سرفء فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده". انتهى 321 
أما سوى ذلك» فقد لبسه رسول الله يَكتُّم » وسنه للمسلمين» فلا نرى في مذهبنا أن لبس الصوف والمراقع 
والأسمال من شأنه أن يقهر النفس» ولا نرى أن لبس أحسن الثياب يطغيها 
بل نعتبر الأول تميز عن المسلمين وحروج عن سنة سيد المرسلين» ولا ننصح بهء وهو اعتراف بالفاقة وقلة اليدء 
وهو إعلام للناس بالتجرد في حين أن أولياء الله الصالحين» يكتمون أحوالهم؛ ويحفظون قلويهم عن الناس 
أما الثاني» وبه ننصحء ففيه اعتراف بنعمة الله تعالى على العبد» وفيه ستر للحال لمن كان له حال مع الله 
ولكن المطلوبء أن تخلع طبائع النفس»؛ وأن تلبس لباس التقوى 
فكم من لا بس صوف ليس له على النواهي وقوف؛ وكم من لا بس حلة واقف عل شرائع الدين والملة» وكم 
من لابس أسمال ليس له مع الله حال 


1 .. 4 


1/1 





يقول الله تعالى: "يا بني آم خدوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربواء ولا تصرفواء إنه لا يعب 
المسرفين: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباءك والضصبات من الرزق» قل هي للعين آمنوا في الحياة 
وما بثن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلضانا وأن تقولوا على الله ما لا 


وي داه 
يقول الحافظ ابن كثير: وقال البخاري: قال ابن عباس: كل ما شئتء والبس ما شعتء ما أخطأتك خصلتان: 
ماوع 25 
يقول تعالى ردا على من حرم شيئا من الماكل أو المشارب والملابس من تلقاء نفسه. من غير شرع من الله: 
"قل" يا محمد, لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم: "من حرم زينخ الله التي 
أخرج لعباءكه والضيبات من الرزق» قل هي للكين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامخ الآية"2 أي: 
هي مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنياء وإن شركهم فيها الكفار حسا في الدنياء فهي لحم خاصة يوم 
القيامة» لا يش ركهم فيها أحد من الكفار» فإن الحنة محرمة على الكافرين. انتهى 327 

عن أنس رضي الله عنه قال: لما ولدت أم سليم» قالت لي: يا أنس» انظر هذا الغلام» فلا يصيين شيئا حى تغدو 
به إلى النبي عَكتُّمْ يحنكه. فغدوت به. فإذا هو في حائط وعليه خميصة حريثية» وهو يسم الظهر الذي قدم عليه 
في الفتح. رواه البحاري 

عن قتادة عن أنس قال: قلت له: أي الثياب كان أحب إلى النبي طلثر أن ملسياة قال ال ريم 
البحاري 

عن أبي إسحق: سمع البراء رضي الله عنه يقول: كان البي يكم مربوعاء وقد رأيته في حلة حمراء» ما رأيت 
شيئا أحسن منه. رواه البخاري 

عن عبيد بن جريج: أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك 
يصنعهاء قال: ما هي يا ابن حريج؟ قال: رأيتنك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين» ورأيتك تلبس النعال 
السبتية» ورأيتك تصبغ بالصفرة» ورأيتك إذا كنت يمكة؛ أهل الناس إذا رأوا المحلال» ول قل أنت حي كان 
يوم التروية. فقال له عبد الله بن عمر: أما الأركان: فإنٍ لم أر رسول الله عَيْكثُمْ بمس إلا اليمانيين» وأما النعال 
السبتية: فإني رأيت رسول الله عَيكُمْ يلبس النعال الي ليس فيها شعر ويتوضاً فيهاء فأنا أحب أن ألبسهاء وأما 


7 الأعراف 31-29 

326 55 ابن كثير 

7 المربحع نفسه 

والحبرة» والحبرة: ضرب من برود اليمن منمر» والجمع حبر وحبرات. انتهى من لسان العرب 
172 


328 





الصفرة» فإني رأيت رسول الله يَيكثُمَ يصبغ بماء فأنا أحب أن أصبغ بماء وأما الإهلال» فإني لم أر رسول الله 
يلم يهل حي تنبعث به راحلته. رواه البحاري 

قال أبو الفتح: وقد لبس الببي يَكُمٌ الخميصة والحلة والحبة والرداء والبردة والثوب والعمامة والقلنسوة والنعل 
والخفين» ولبس القطن والصوف, وكان أحب اللباس إليه القميص والحبرة 

وقد أخذنا لك أيها القارئ الكريم من كتاب: أخلاق النبي يَكتُم وآدابه» للحافظ أبي محمد بن جعفر بن حيان 
الأصبهانء المعروف بأبي الشيخ» توفي سنة: 369هجرية» رحمه الله تعالى» بعض مارواه في لباس البي يَيلُم » وإلا 
فالمقام يضيق بسرد غيره في هذا الكتاب: 

عن سهل ابن سعد» قال: خيطت لرسول الله يلتم جبة من صوف أمار» فلبسهاء فما أعجب بثوب ما أعجب 
بهه فجعل بمسه بيده هكذا ويقول: انظروا ما أحسنهاء وف القوم أعرابي» فقال: يا رسول الله» هبها لي 
فخلعهاء فدفعها في يده قال: ثم أمر .عثله أن يحاك» وتوفي رسول الله يلتم وهو في المحاكة. 

عن أم سلمة قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله ميلم القميص. 

عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي يَيكثُمَ كانت له جبة من طيالسة مكفوفة بالديباج» يلقى فيها العدو. 

عن دحية الكلبي أنه أهدى إلى النبي َيكثُّمٌ جبة من الشام وخفين؛ فلبسهما البي يَيلتُّه حى تخرقاء فلم يتبين أو 
لم يعلم أذكيان أو ميتة» حي تخرقا. 

نا ابن لميعة عن محمد بن عبد ال رحمن بن نوفل» أنه حدثه عن عروة: أن ثوب رسول الله ميتم الذي كان يخرج 
فيه إلى الوفد» رداء وثوب أحضرء طوله أربعة أذرع» وعرضه ذرعان وشبر» وهو عند الخلفاء اليوم» قد كان 
خلق فطووه بثوب» يلبسونه يوم الفطر والأضحى. 

عن البراء قال: ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله يلم . 

عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال:رأيت ابي يكم يخطبء وعليه عمامة سوداء....عن أب الزبير عن 
جابر قال: دخل رسول الله عَيكثُمْ مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء. 

عن ابن عباس قال: كان لرسول الله يلم ثلاث قلانس: قلنسوة بيضاء مضربة» وقلنسوة برد حبرة» وقلنسوة 
ذات آذان» يلبسها في السفر» ورعا وضعها بين يديه إذا صلى. 

عن عائشة رضي الله عنها: أنما قالت: صنعت لرسول الله يَيككُمْ بردة سوداء من صوفء فلبسهاء فأعجبته فلما 


عرق فيها فوجد ريح الصوف قذفها. 


1/3 


الشيع وفتت مأ ناضرتيه ‏ أغككت الله وكرجتيه 
وباك إلى لغيه عنو فى يم نه 


يقول: الشيخ هو الذي إذا رأيته ونظرت إليه عرفت به الله وذكرتهء إياك إذا لقيته أن تنيه عنه في يوم من الأيام 
والمعين: إن من علامات الشيخ أنك مى نظرت إليه ذكرك بالله حاله 

قال الألوسي: فقد أحرج ابن المبارك والترمذي في: نوادر الأصولء وأبو الشيخ وابن مردويه وآخرون عن ابن 
عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قيل: يا رسول الله من أولياء الله؟ قال: "الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى", أي 
خسن سين ورسيات: 3ه 

عن أسماء بنت يزيد» أنها سمعت رسول الله عم يقول: "ألا أنبعكم بخياركم؟" قالوا: بلى يا رسول الله 


قال: "خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل". رواه ابن ماجه 


رحلة أبي ألحسن الشاذلي في طلب القطب 

قال رحمه الله: لما دخلت العراق» اجتمعت بالشيخ الصالح أبى الفتح الواسطي»337 فما رأيت بالعراق مثله» 
وكان بالعراق شيوخ كثيرة» وكنت أطلب (القطب)» فقال لي الشيخ أبو الفتح: تطلب القطب بالعراق» وهو 
فى بلادك؟ ارجع إلى بلادك بحده. 

فرجعت إلى بلاد المغرب» إلى أن احتمعت بأستاذي الشيخ الولي العارف الصديق القطب الغوثء أبى محمد 
عبد السلام بن بشيش» الشريف الحسئ. فلما قدمت عليه» وهو ساكن مغارة برباطه في رأس الحبل» اغتسلت 


”” روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثان 

7 ومنهم الشيخ أبو الفتح الواسطي رضي الله عنه: شيخ مشايخ بلاد الغربية بأرض مصر المحروسة» وكان من أصحاب سيدي 
أحمد بن الرفاعي» فأشار إليه بالسفر إلى مدينة الإسكندرية؛ فسافر إليهاء وأحذ عنه خحلائق لا يحصونء منهم الشيخ عبد السلام 
القليي» والشيخ عبد الله البلتاحي» والشيخ بمرام الدميري» والشيخ جامع الفضلين الدنوشريء والشيخ علي المليجي» والشيخ 
جمال الدين البخاري؛ والشيخ عبد الوهاب» والشيخ عبد العزيز الدريئ» وأضرابهم. وكان مبتلى بالإنكار عليه» وعقدوا له 
احالس بالإسكندرية» وهو يقطعهم بالحجة. 

وكان خطيب جامع العطارين من أشدهم عليه؛ فبينما هو يوما فوق المنبر والأذان بين يديه» تذكر أنه جنب» فمد له الشيخ أبو 
الفتح كمه فوحده زقاقا فدحله» فرأى فيه ماء ومطهرة» فاغتسل وحرجء فجلس على المنبر. فلما ستره الشيخ هذه السترة» 
اعتقده وصار من أجل أصحابه رضي الله عنه. مات في نحو الثمانين والخمسمائة» ودفن بالإسكندرية» وقبره يما ظاهر يزار رضي 


الله عنه. انتهى من الطبقات الكبرى للشعراني 


1/4 





ف عين أسفل الحبل» وخرحت من علمي وعملي» وطلعت إليه فقيراء وإذا به هابط علي» فلما رآني قال: 
مرحبا بعلي بن عبد الله بن عبد الحبار» وذكر لي نسبى إلى رسول الله يكم 

ثم قال لي: يا علي» طلعت إلينا فقيرا عن علمك وعملكء فأخذت منا غيئ الدنيا والآخرة. 

فأخذني منه الدهش, وأقمت عنده أياماء إلى أن فتح الله على بصيرق» ورأيت له خرق عادات. 

فمنها: أني كنت يوما جالسا بين يديه وفي حجره ابن له صغيرء فخطر ببالي أن أسأله عن اسم الله الأعظمء 
قال: فقام إلي الولد» ورمى بيده في طوقي» وهزن وقال: يا أبا الحسن؛ أنت أردت أن تسأل الشيخ عن اسم 
الله الأعظم, إنما الشأن أن تكون أنت اسم الله الأعظمء يع أن سر الله مودع في قلبه 

قال: فتبسم الشيخ وقال: جاوبك فلان عين؛ وكان إذ ذاك قطب الزمان» ثم قال: يا علي» ارتحل إلى إفريقياء 
واسكن بها بلدا تسمى شاذلة» فإن الله عز وجل يسميك الشاذلي 

وبعد ذلك تنتقل إلى مدينة تونس» ويؤتى عليك يما من قبل السلطنة» وبعد ذلك تنتقل إلى الديار المصرية» ويما 


ترث القطبانية. من 


331 درة الأسرار وتحفة الأبرار 


1/5 





علامات الشيخ الواصل 


ما يمخل نعسو على غاشه ما ضر ؤ هو ماشع 
ما ب الزواق و التواشه حاير بهسو العواشه 


يقول: الشيخ هو الذي لا يفضل نفسه على أحدء ولا يتبختر في مشيته» ولا يحب التصنع والمحاملات» وهو 
الذي يكتفي .علازمة الحواشي حي لا يكون إلا في غبراء الناس ولا يتميز عنهم بشيء 

والمعيى: من المحال أن يرى الشيخ لنفسه درحة على الناس» أليس من سماته التواضع واحتقار النفس؟ أليس لو 
كان يفضل نفسه على الناس لم يكن له من المعرفة نصيب؟ 

ومن ا محال كذلكء أن يتبختر الشيخ في مشيه» بل مشيه أبعد ما يكون من ذلك 

قال الله تعالى: "وعباء الرحمن الكين يمون على الارض هونا وإءا خاصهم الجاهلون قالوا 


ميدما» 332 
روي عن على بن أبي طالب كرم الله وجهه؛ أنه قال يصف مشي البي يَيككُمْ : "إذا مشى تكفا تكافوا كأنما 
ا 307 


والشيخ يكره التزين والتزلف والمحاملات» ما ليس فيهء ما حاحته لكل ذلك؟ أليس من يفعل ذلك يبتغي به 
شكر الناس؟ فكيف والشيخ يدعو الله تعالى أن يواريه عنهم؟ 

وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: كنت في سياحي في مبدأ أمري حصل لي تردد: هل ألزم البراري 
والقفار للتفرغ للطاعة والأذكار»ء أو أرجع إلى المدائن والديار لصحبة العلماء والأخيار؟ فوصف لي ولي 
هنالك» وكان برأس جبل» فصعدت إليه» فما وصلت إليه إلا ليلاء فقلت في نفسي: لا أدحل عليه في هذا 
الوقت؛ فسمعته يقول من داخل المغارة: اللهم إن قوما سألوك أن تسخر لحم خلقك؛ فرضوا منك بذلكء اللهم 
وإني أسألك اعوحاج الخلق علي» حى لا يكون ملجئي إلا إليك» قال: فالتفت إلى نفسي وقلت: يا نفس 
انظري من أي بحر يغترف هذا الشيخ» فلما أصبحتء؛ دخلت إليه فأرعبت من هيبته» فقلت له: يا سيدي 
كيف حالك؟ 


2 الفرقان 63 
3 عن علي قال: .يكن سيول الله لم بالطويل ولا بالقصير» شثن الكفين والقدمين» ضخم الرأس ضحم الكراديس» طويل 
المسربة» إذا مشى تكفأ تكافؤًا كأنما انحط من صبب» م أر قبله ولا بعده مثله. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

1/6 





فقال: أشكو إلى الله من برد الرضا والتسليم» كما تشكو أنت من حر التدبير والاختيار 

فقلت: يا سيديء أما شكواي من حر التدبير والاخحتيار فقد ذقته وأنا الآن فيه» وأما شكواك من برد الرضا 
والتسليم فلماذا؟ 

فقال: أخاف أن تشغلئ حلاوتها عن الله 

قلت: يا سيدي, سمعتك البارحة تقول: اللهم إن قوما سألوك أن تسخر لهم خلقك؛ فسخرت لمم حلقك» 
فرضوا منك بذلك. اللهم وإ أسألك اعوحاج الخلق علي» حى لا يكون ملجئي إلا إليك» فتبسم ثم قال: يا 
ببى» عوض ما تقول: سخر لي حلقكء قل: يا رب كن لي» أترى إذا كان لكء أيفوتك شيء؟ فما هذه 
الحناية؟ انه 334 

يقول الأستاذ نبيل معين عساف في مقدمته على قواعد التصوف: وبذلك صدقت عبارة الشيخ (يعئ به أحمد 
زروق الفاسي) حين سأله حادمه أحمد عبد الرحيم يوما بعد استقراره في مصراتة: "ألا نبئ هنا زاوية ونتخذ 
لها أوقافا؟" وكان جواب الشيخ بالنفي القاطع وهو يقول: "يا أحمدء نحن لا تفوح رائحة مسكنا إلا بعد ما 
نتسوس تحت التراب"؛ وبعد وفاة الشيخ بعشرين عاما كاملة» كثر خلانها عدد الزائرين لضريحه» وذاع صيته في 
الآفاق» بئى أحمد عبد الرحيم جامعا بجحانب الضريح وعاش فيه» وصار هذا الجامع بمرور الزمن "زاوية سيدي 
أحمد زروق". انب 335 

بل إن الشيخ يتحاشى مواضع الظهور والشهرة» ويكتفي بملازمة الحواشي والأطراف» حن لا يعيره أحد أي 
اهتمام 

وقيل لأبي يزيد: متى يكون الرجل متواضعا؟ فقال: إذا لم ير لنفسه مقاما ولا حالاء ولا يرى أن في الخلق من 
ور ان 
وقال شعيب بن حرب: بينا أنا في الطواف» إذ لكزن إنسان .عرفقه؛ فالتفت إليه» فإذا هو الفضيل بن عياض» 
فقال: يا أبا صالح» إن كنت تظن أنه شهد الموسم شرا مين ومنك» فبئسما ظننت. انتهى ”33 


334 لطائف المنن 
5 قواعد التصوف 
6 الرسالة القشيرية 
337 المرجع 2 
177 





الشيع هر مهام حاخود ‏ اناس بلعرام 
مبغم خواص وععوام ‏ ما شه غير لعوام 


يقول: الشيخ بحر للحي, متلاطم الأمواج» خاضه كثير من الخلق» منهم الخواص والعوام» فلم ينج منهم غير 
السباح الماهر 

والمعى: احذر أيها الطالب من صحبة المشايخ» فإن صحبتهم ليست كما تظن ويتهيأ لك» إنك أحي» إن 
صحبتهم, فإما أن تراعي حرماتهم وتتأدب في مجالسهم وتسلم لأقوالحم وأفعالههم في حضورهم وغيايهم؛ فتفوز 
بالوصلة وترجع إلى أهلك مسرورا؛ وإما أن تستهين يهم» فتحصد المذلة وتدعو ثبورا 

الشيخ بحر عالي الأمواج» عميق القعر» فما أكثر من خاضه من خواص الناس وعوامهم, لكنهم غرقواء ول ينج 
منهم إلا من يتقن السباحة والعوم 

ونقول في المغرب ف أمثلتنا الشعبية: يقول البحر: الذين يجيدون السباحة ضمنت أفهم جميعا في بطبء والذين لا 
يجيدون ضمنت نصف عددهم. انتهى 

فإذا لم تكن أخي أهلا لصحبتهم؛ فاطلب السلامة لنفسكء حي لا تلق الملامة» وابق في الساحل» إن قصرت 
عن تلك المراحل 

وإذا كنت لهاء فاخلع كسوة الفخر والتعزز» والبس قميص الفقر» وتذلل للأسياد حي تبلغ المراد 

إذا صحبت العالم وأسأت معه أدبك» فقد تتوب وتسلمء أما صحبة هؤلاء» فم أسأت الأدب معهم 
وخرجحتء أتبعوك ما يردك إلى الصراط» فإن شاء الله لك الهداية اهتديت» وإلا هلكت 

والتسليم لهم أدب قل من تأدب به» مهما ظن المريد أنه على قدم فيه 

واعلم أن الشيخ يراعي خواطر أتباعه» يلتمس لم المعاذير بما حباه الله تعالى من رحمة وصبر على عباده» فقد 
لايلومك على سوء تصرفك وتزيد في غيكء ظنا منك أنه بسكوته عنك لا يضره ذلك» حت إذا بقيت على 
حالك ولم تنعظ كان الله حسيبك 

فلتراع الله تعالى في معاملة شيخكء ولتعلم أن الله تعالى يدافع عن الذين آمنواء فاعرف قدر من أخطأت في 
حقه 

ومن حسن الأدب مع الشيخ» خدمته في كل شيء» ولو أن المشايخ يغلب عليهم الحياء» ولا يكثرون الطلب» 
وإنما الخادم من لا ينتظر الطلب» كما أن غاية الجود» أن تعطي قبل السؤال 

يقول أحمد ابن عجيبة في شرح تائية شيخه البوزيدي: فمن طمع بالأخذ عنهم من غير طول الصحبة؛ لا 
يطمع في الولاية الكبرى» إذ لا يخرحه من طبعه» ولا يسلخه من علمه وعمله إلا طول الصحبة» وما دام المريد 


1/8 


لم يخرج عن طبعه» ولم ينسلخ عن علمه وعمله؛ لا يطمع في مقام الأذواق والوحدان» وما طال الفتح على 
بعض المريدين إلا من قلة صحبتهم لأشياخهم؛ وما تخلف الفتح عن بعض العلماء مع أخذهم من مشايخ 
التربية» إلا لعدم خروجهم عن طبعهم» وعدم انسلاخهم عن علمهم؛ فكانوا يصحبون المشايخ على رأي 
أنفسهم, لا على رأي أشياحهم,؛ فبقوا في دائرة الأكوان مسجونين» وفي يد أنفسهم مأسورين» ثم قال الشيخ 
رضي الله عنه: قد كنا نقوم بالبعض من الخدمة» ول نقم بالكل» فتلنا والحمد لله اقترابا ووصلة» قال ذلك 
طنط لقيش وول فقن كان قافنا "بام بين 375 هد الفياء: 

يقوم بشأن داره في كل ما تحتاج إليه ما دام في صحبتهء وحين فارقه كان مترددا إليه» قائما بحل مهماته» فعلى 
يديه بن مسجده وقبة (ضريحه في حياته) ضريح جده سيدي أحمد بن يوسف الدرقاوي رضي الله عنهم جميعا؛ 
وجل مصالح الزاوية كانت على يديه رضي الله عنه وأرضاه. ثم استقال وجود العارفين الذين يستحقون الخدمة 
فقال: وأين هم في الوجود؟ قل وجودهم؛ فهم أغرب من عنقاء مغرب لمن أبعدته السابقة» وأقرب من كل 
قريب لمن قربته العناية. كن طالبا تحجد مرشداء فقد كثرت الدعاويء فأكثر أهل الوقت أرباب الدعوى؛ وأما 
التحقيق بالعرفان على طريق العيان فقليل» إلا ما ظهر من هذه الطائفة الميمونة الدرقاوية» ففيها كثير ممن تحقق 
ععرفة العيان» فالله يحفظها ويرعاهاء وينصرها على من نواهاء آمين. وقد ضاع آداب المريد في وقتنا هذاء فقل 
من يقوم به على الوفاء»ء ومن وصل لسر الحقيقة» فإنما وصل .بمحض الكرامة والفضل مع كرم أربايماء وقد ألف 
الشيخ رضي الله عنه في آداب المريد كتابا جليلا لم يؤلف مثله في الإسلام» تتبع الآداب من أوها إلى آخرهاء 


5 وشيحة هذاء مولاي العربي الدرقاوي: أبو عبد الله سيدي محمد العربي بن أحمدء الدرقاوي الزروالي الشريف الحسئ» ينتمي 


لحده العارف سيدي محمد بن يوسفء دفين تامسنة» من قبيلة الشاوية؛ الملقب بأبي درقة» من ذرية أبي العباس سيدي أحمد بن 
المولى إدريس الأنور بن مولانا إدريس الأكبر. انتهى 
ولد مولاي العربي أوائل النصف الثاني من القرن الثاني عشرء بقرية ب عبد الله من قبيلة بن زروال» ويما نشأ وتعلم القراءة 
وحفظ القرآن الكريم؛ وعندما صححه وأتقنه بالروايات السبع؛ اشتغل بطلب العلم» فرحل لمدينة فاس وأقام يما مدة» قرأ حلاها 
على أكابر علمائها وقته» ما قدر الله له من العلوم. انتهى 
وقد عد من شيوخه الذين تبرك يمم: القطب مولاي الطيب الوزاني» والعارف البركة الشريف سيدي محمد بن علي بن ريسون 
العلمي» كان يزوره من فاس وب زروال» وابحذوب الكبير سيدي العربي البقالي» والعارف الكبير سيدي علي الجمل العمراني» 
وهو عمدته وعليه عول. انتهى 
تأخر مولاي العربي حي خلافة مولاي سليمان بن سيدي محمد» فقد وافاه أجله المحتوم سنة 1239» بعد ما عاش نحوا من 80 
سنة» وذلك بزاوية حيط ليلة أو كدية ليلة» ونقل لزاويته القديمة ببوبريح؛ ويما دفن رضي الله تعالمى عنه. انتهى من المطرب 

179 





فجزاه الله عن المسلمين خيراء فلولا أن رحال الحقيقة في زماننا هذا كرام بمدون بوصفها من طلبهاء ما نال 
أحد منها شيئاء لعدم القيام بتمام الآداب» والله تعالى أعلم. 3 


ملم ليه يا اللحال ‏ © تروم عنبو صالب 


يقول: سلم لشيخحك أيها الطالب» فإذا لم تفعل» فقد تفارقه .محض إرادتك وأنت مسلوبء» اخدمه وكن له 
صاحباء ولا تسأله عن شيء حى يجيبك عنه 

والمعئ: إذا أكرمك اله بصحبة بشيخ فاضل» فسلم له أمرك, ولا تكثر من الاعتراض حي لا تحرم صحبته) 
واخدمه وصاحبه بصدق ومعروفء ولا تكثر عنده من الكلام» ولا تسأله في الصغيرة والكبيرة» واعلم أنه أعلم 
بك من علمك بنفسكء فانتظر حى يجيبك؛ مى شاءء وبذلك تبلغ غاية الأدب مع الشيخ. 

قال القشيري: ولا ينبغي للمريد أن يعتقد في المشايخ العصمة؛ بل الواحب أن يذرهم وأحوالهم فيحسن بهم 
الظن» ويراعي مع الله تعالى حده فيما يتوحه عليه من الأمرء والعلم كافيه في التفرقة بين ما هو محمود وما هو 
ا ابكار 

سمعت يحبي بن معاذ يقول: أبناء الدنيا تخدمهم الإماء والعبيد» وأبناء الآخرة تخدمهم الأحرار والأبرار. 
341 

وحدثن أبو عمران موسى بن وركون المحسكوري قال: حدثين برباط شاكرء أبو علي مالك بن تماحورت قال: 


ِ ِ 212 ِ ِ 
تزروج صاحب من أصحاب أبي يعزى» فطلبت منه زوحته مملوكة ولم تكن عندهء فقال له أبو يعزى: أنا 


7 الخمرة الأزلية 
7 الرسالة القشيرية 
341 المرحع نفسه 
7 منهم الشيخ أبو يعزى بلنور بن ميمون 
قال قوم: إنه من هزميرة إيروجان» وقيل: من ب صبيح من هسكورة؛ مات وقد أناف على مائة سنة بنحو الثلاثين سنة» ودفن 
بحبل إيروحان» في أول شهر شوال عام اثنين وسبعين وخمسمائة» وكان قطب عصره وأعجوبة دهره 

160 





أنوب مناب المملوكة» وكان أسود لا شعر بوجهه. فتزبى بزي المملوكة» وأقام يخدمه وزوجه عاما كاملاء 
فيطحن ويعجن ويخبز ويسقي الماء بالليل» ويتفرغ بالنهار للعبادة في المسجد, فلما كمل العام» قالت الزوحة 
لزوجها: ما رأيت كهذه المملوكة»؛ تعمل بالليل جميع ما يعمل بالنهار ولا تظهر بالنهار» فأعرض عنها وتغافل 
عن جوابها؛ فما زالت تسأله إلى أن قال لها: ما خدمك إلا "ونلكوط", وليس مملوكة» فعلمت أنه أبو يعزرى» 
فقالت: والله لا حدمئ بعد هذا أبداء ولأخدمن نفسي, فجعلت تخدم نفسها من حيقذ. 

وحدثئ غير واحد, أن ذلك الصاحب الذي خدمه أبو يعزى على أنه مملوكة» هو الشيخ أبو شعيب أيوب 


133 ء 5 ِ ِ ِ 
السارية »© وأنه لما أخحبر زوجته بخدمة أبي يعزى لماء دخل المسجد على أبي يعزى وهو يتبسم» فقال له أبو 


سمعت أبا علي الصواف يقول: سمعت أبا مدين يقول: رأيت أخبار الصالحين من زمان أويس القرن إلى زماننا هذاء فما رأيت 
أعجب من أخبار أبي يعزى» وقال: ونظرت في كتب التصوف فما رأيت مثل الإحياء للغزالي. انتهى 
وذكروا أنه كان في ابتداء أمره راعياء وكان يصنع له كل واحد من أرباب المواشي الي يرعاها رغيفتين كل يوم؛ فكان يأكل 
رغيفا واحداء ويؤثر بالرغيف الثاني رحلا منقطعا في المسجد لقراءة القرآن» ثم انقطع في المسجد رحل آخر يقرأ القرآن» فآثره 
على نفسه بالرغيف الثاني» وجعل يأكل من نبات الأرض. فلما رأى أنه يكفيه النبات عن الطعام» قال: ما أصنع بالطعام ونبات 
الأرض يغنين عنه؟ انتهى 
حدثن يوسف بن سليمان قال: حدثئ إبراهيم بن ولحوط قال: حدثئ ميمون بن وايور الباروطي قال: زرت الشيخ أبا يعزى» 
فأقمت عنده» فجاءت إليه جماعة من المنكرين عليه من أهل فاس» فخرج مع جماعة إلى لقائهم بالغابة» فلما رأوه نزلوا عن دوابهم 
ليسلموا عليه؛ فخرج من الشعراء أسد» فوثب على دابة أحدهم؛ فصاح عليه أبو يعزى ودنا منه» إلى أن أحذه بأذنيه ونحن ننظر 
إليه» فقال لأصحابه: اركبوه؛ فهابوا ركوبه» قال ميمون: فوثبت على ظهره وأجريته مرات» والواصلون للإنكار على أبي يعزى 
ينظرون إلي على ظهره» وكنت أحس وبره ينفذ من ثوبي إلى جلدي» فأقمت ساعة كذلكء ثم نزلت عنه فذهب. 
وحدثينٍ أبو عمران موسى بن وركون الخطابي قال: حدثنا عبد العزيز بن مسري الهسكوريء تلميذ أبي يعزى قال: سمعته يقول: 
أقمت عشرين سنة في الحبال المشرفة على "تنمل"» وليس لي يما اسم إلا "أبو وجرتيل"» ومعناه بالعربية: صاحب الحصير» ثم 
انحدرت إلى السواحل؛ فأقمت يما ثمانية عشر عاما لا اسم لي إلا "أبو ونلكوط"» وهو نبات معروف كان يأكله» فمررت ف 
سياحييٍ بالسواحل بجارية» وهي تستغيث من وجع عينيهاء فمددت يدي إلى عينيها فمسحتهما وذهبت» فسمعتها تقول: من 
مسح على عين؟ فقد استراحتا. وأنا أحد في السير حى انقطع عن سماع كلامها. انتهى 
وحدثئٍ غير واحدء أن الناس كانوا يأتون إلى أبي يعزى من كل بلد» فيطعمهم من عنده ويعلف دوابهم, وأن الفتوح كانت تأتيه 
من إحوانه في الله» فينفقها على زائريه؛ وأن أهل القرى القريبة منه» كانوا يضيفون الواصلين لزيارته ويتبركون بمم؛ فلما مات أبو 
يعزى» رئي في المنام وهو يطير في الحواء» فقيل له: مما نلت ما نلت؟ فقال: بإطعام الطعام. وأحبار أبي يعزى كثيرة عجيبة» 
اخعتصرت منها هذا القدر الذي أوردته في هذا الكتاب. اتتهى من التشوف 
ومنهم أبو شعيب» أيوب بن سعيد الصنهاجي 

1651 





يعزى: ما لك تتبسم؟ فأخبره ما كان بينه وبين زوجتهء فقال له أبو يعزى: ولم أخبرقا؟ فهلا تركتئ أخدمكما 
كما كنت؟ انتهى 344 

يقول أحمد بن عجيبة في فهرسته: اعلم أن خدمة المشايخ وصحبتهم هي سبب الظفر بالسر الأكبر» وما نال 
أحد مرتبة من مراتب الولاية إلا بالصحبة والخدمة؛ إلا من سبقت له مجاهدة كبيرة مثل ملاقاة الشيخ» كالشيخ 
الشاذلي وأمثاله» فتكفيه الملاقاة وبعض الصحبة؛ وقليل ما هم» مع أن الشاذلي» ما تكمل إلا بالمشرف على يد 
رجلين وامرأة؛ كما قال الطرطوشي: ولا يكمل الرجل كمال الرجال إلا بخدمة الرجال. انتهى 345 

إلى أن قال: وانظر قضية التباع والغزواني وسيدي عبد الله الوزاي» وغيرهم من الأولياء والصالحين» ما نالوا 
مرتبة الولاية وكمال الصلاحء إلا بخدمة مشايخهم 

وكذلك حال شيخنا رضي الله عنه» بقي خادما على باب شيخه ستة عشر عاما أو نحوها. 


وكان في ابتداء أمره معلما للقرآن بقرية 'يليسكاون" من بلد دكالة» فكان يتوكأ على عصاه واقفا لا يقعد إلى وقت انصراف 
الصبيان من المكتب» ثم تصدق بجميع ما اكتسب في وقت التعليم» حوفا أن لا يكون وف .ما عليه من الحقوق. انتهى 
وحدثن إسماعيل بن عبد العزيز بن ياسين عن محرز بن عبد الخالق بن ياسين قال: رأيت أبا شعيب بمسجد أغمات»ء يأتيه المؤذن 
إذا أقيمت الصلاة يصيح في أذنه: قد حضرت الصلاة» وكان ذلك المؤذن حاصا به لثئلا يصلي الناس عنه وهو لا يشعر يهمء 
لغيبته في صلاته عن الإحساس بالناس» وكان إذا وقف في صلاته يطيل القيام» فلذلك سمي: أيوب السارية. انتهى 
إلى عدوة وادي أزمورء ثم رجعاء فقال أبو حفص لأبي شعيب: أرانا لم نعبر الوادي في ذهابنا ولا في إيابنا؟ فقال له أبو شعيب: 
ما دعاك إلى السؤال عن هذا؟ إذا انتهى أحد إلى حاجته فلا فائدة في السؤال 
قال أبو حفص: خرحت ليلة لأتوضأ في الوادي؛ وكان البرد شديداء فسمعت كلاما على بعد, فأممته» فإذا رجحل يتهدد ويوبخ 
نفسهء فدنوت منهء فإذا أنا بأبي شعيب قد رمى بنفسه في الوادي» وكان يعاتب نفسه إذ نازعته في استعمال الماء البارد» فحملته 
إلى منزلي وأوقدت له النار» فلما زال عنه ألم البرد» سألته عن فعله» فقال لي: دع فإنها نفس حبيثة 

أقلل ما بي فيك وهو كثير ‏ وأزحر دمعي فيك وهو غزير 

وعندي دموع لو بكيت ببعضها لفاضت بحور بعدهن 2 بحور 

قبور الورى تحت التراب وللهوى رجال لحم تحت الثياب قبور. 

انتهى من التشوف 
4 التشوف إلى رحال التصوف 
005 مهرب 
1632 





وكذلك شيخه؛ قال رضي الله عنه: بقيت في صحبة شيخي سيدي علي رضي الله عنه بفاس سبع سنين. 
ورحلت إلى بن زروال» فبقيت نتردد إلى زيارته سبع سنين» كان يقدم عليه مرتين في السنة» فيقدم عليه في 
الزيارة ببقرتين للخليع وحملين من الزبيب وحمل من البلوط 

وأما أناء عبد الله» فلم تمكن لي الإقامة معه للقيام بالعيال وسياسة الفقراء» فكنت نتردد إليه في الزيارة لبئي 
زروال» فنقيم معه ما شاء الله» ثم يرسلناء فكان يقول لنا: ترددكم إلينا في الزيارة متعطشينء أنفع لكم من 
الإقامة معنا 

ولما رحل لزاويته بغمارة» جعلت أتردد إليه في الزيارة هناك وأقيم معه أياماء نتفنن في العلوم اللدنية والأسرار 
الربانية. فأنا الذي بنيت غرفته الى يسكن فيها والكتينه والحمام» وذلك لما زرت معه مولاي عبد السلام رضي 
الله عنه مع جماعة من الفقراء» ونظر إلي وقال: نحبك أنت والحاج أحمد البسيريء تبنون لي الدار بغمارة. فلما 
قدمنا من الزيارة» قال الحاج أحمد: أنا لا نقدر على شيءء فذهبت أنا بأربعة من المعلمين: اثنين يبنيان واثنين 
يصنعان القرمود. فأسسنا الدار وبنينا المدحل والأروى» وفوقهما الغرفة ال يسكنها الشيخ 

ثم بنينا بيت النار والحمام» فبقي الصناع هناك نحو الشهر؛ فناب البنائين من الأجحرة ست وثلاثون مثقالاء 
والأخيرين أربع وعشرون مثقالا. وكنت دفعت في قطع الخشب تسع مثاقيل» فناب الجميع تسع وستون 
مثقالاء فبعت بعض الكتب وتسلفت الباقي» فخلص الله الجميع 

فبئ الله لي في مقابلة ذلك ثلاثة ديار: دارا بن سعيد» ودارا بقبيلة أنمرة» ودارا بفحص طنحة: غير أن الي 
بالفحصء لم يوافق الشيخ على سكناهاء فخربت. وهذه عادته تعالى فيمن حدم أولياءه» أن يعطيهم أكثر مما 
يعطوا. انتب 316 

واعلم أن أولياء الله تعالى» قد حصوا لما صقلوا مرايا قلويمم, بالاطلاع على كثير من السرائر» فلا تجشم نفسك 
مشقة سؤال شيخك عن كل ما يهمك لتستعجل جوابه» بل دعه فهو أدرى بما يهمك» وهو أدرى مى 
يجيبك» ولا تاتيه إلا تائبا مسلما؛ ولا تظن أنك تخفي عنه ما تعلم من نفسكء أوتتظاهر له ما ليس فيكء فإنه 
من السهل عليه أن يكشفك ويلومك على فعلك. 

قال القشيري: وقيل: كان بين زكريا الشختئ وبين امرأة سبب قبل توبته» فكان يوما واقفا على رأس أبي 
عثمان الحيري» بعد ما صار من خواص تلامذته» فتفكر في شأفهاء فرفع أبو عثمان رأسه إليه وقال: أما 


ا 1 


316 


ا مرجع نفسه 
163 





قال الأستاذ الإمام رحمه الله» كنت في ابتداء وصلي بالأستاذ أبي علي رضى الله عنه» عقد لي المحلس في 
مسجد المطرزء فاستأذنته وقتا للخروج إلى نساء فأذن لي» فكنت أمشي معه يوما في طريق بجلسهء فخحطر 
ببالي: ليته ينوب عيئ في مجالسي أيام غيبي؛ فالتفت إلي وقال: أنوب عنك أيام غيبتك في عقد المجالس. 
فمشيت قليلاء فخطر ببالي أنه عليل يشق عليه أن ينوب عين في الأسبوع يومين» فليته يقتصر على يوم واحد 
في الأسبوع؛ فالتفت إلي وقال: إن لم يمكين في الأسبوع يومان» أنوب عنك في الأسبوع مرة واحدة. 
فمشيت معه قليلاء فخطر ببالي شيء ثالثء فالتفت إلي وصرح بالإخبار عنه على القطع. اننهى”317 

وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدقء فإفهم حواسيس القلوب» 
يدخلون في قلوبكم ويخرجون منها من حيث لا تحسون. انتهى 348 

وقال أبو العباس بن مسروق: دخلت على شيخ من أصحابنا أدعوه» فوجدته على حال رثة» فقلت في نفسي: 
من أين يرتزق هذا الشيخ؟ فقال: يا أبا العباس» دع عنك هذه الخواطر الدنيئة» فإن لله ألطافا حفية. انب 349 
ويروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: دحلت على عثمان رضي الله عنه» وكنت رأيت في الطريق 
امرأة تأملت محاسنهاء فقال عثمان رضى الله عنه: يدحل علي أحدكم وآثار الزنا ظاهرة على عينه؛ فقلت: 
أوحي بعد رسول الله بكم ؟ فقال: لاء ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة. انتهى"0ة 

وقال أبو عبيد الخراز: دحلت المسجد الحرام» فرأيت فقيرا عليه خحرقتان يسأل شيئاء فقلت في نفسي: مثل 
هذا كل على الناس» فنظر إلي وقال: "واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحدروكء". د 

قال: فاستغفرت في سريء فناداني وقال: "وهو العي يقبل التوبة عن عباءه" 302 نيبي 353 

ويحكى عن الحنيد أنه كان يقول له السري: تكلم على الناس» فقال الحنيد: وكان في قلي حشمة من الكلام 
على الناس» فإني كنت أتهم نفسي في استحقاق ذلكء» فرأيت ليلة النبي يَيلثُمْ في المنام» وكانت ليلة جمعة» 
فقال لي: تكلم على الناس» فانتبهت» وأتيت باب السري قبل أن أصبح؛ فدققت عليه الباب فقال: لم تصدقنا 
حتى قيل لك» فقعدت في غد للناس بالجامع» وانتشر في الناس أن قعدت أتكلم؛ فوقف عليه غلام نصراني 


7 الرسالة القشيرية 
528 ا مرجع نفسه 
”* المرجع نفسه 
359 ا مرجع نفسه 
'5* البقرة233 

7 الشورى23 

3 الرسالة القشيرية 


164 





متنكرا وقال له: أيها الشيخ» ما معيئ قول رسول الله يَيكك : "اتقوا فراسة المؤمن» فإن المؤمن ينظر بنور الله 
تعالى؟" فأطرق الحنيد» ثم رفع رأسه وقال: أسلمء فقد حان وقت إسلامك؛ فأسلم الغلام. انتهى 354 


ارين عند بلهامو وافهر ‏ عنم قياف 


يقول: إذا تكلم فاستمع» ولا تتقدم عليه في شيء» والتقدم في المشي هنا مثال لا غير» وإذا قعد فلا تبق قائما 
عليه» وإذا قام فلا تبق قاعدا 

وقوله: "اربض عند سلهامو", فإن فعل: "ربض"؛ يستعمل لربوض الأسود على فرائسهاء أي بروكهاء والمراد: 
اقعد مستعدا لخدمة الشيخ والدفاع عنه» وكأنك أسد 

وقوله: "اقفز عند قيامو", أي م قام فقم في الحال تبجيلا واحتراما 

امعد فال اله تاق "م يلشف مون هوك لذن وبي 299 

عن معاذ بن حبل قال: كنت مع البي بَيكُّمْ في سفرء فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير» فقلت يارسول 
الله أخبرني بعمل يدخل الحنة ويباعدني من النار» قال: "لقد سألتئ عن عظيمء وإنه ليسير على من يسره الله 
عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاء وتقيم الصلاة وتوت الزكاة» وتصوم رمضان وتحج البيت". ثم قال: "ألا 
أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة» والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار؛ وصلاة الرحل من جوف 
الليل". قال: ثم تلا: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" حن بلغ: "يعملون":5” ثم قال: "ألا أخيرك برأس 
الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟" قلت: بلى يا رسول الله قال: "رأس الأمر الإاسلام» وعموده الصلاةء 
وذروة سنامه الجهاد". ثم قال: "ألا أخبرك علاك ذلك كله؟" قلت: بلى يا نبي الله» فأخذ بلسانه؛ قال: "كف 
عليك هذا". فقلت: يا نبي الله» وإنا لمؤاخذون .ما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ» وهل يكب الناس 


قُ النار على وجحوههم» أو على مناخرهم» إلا حصائد ألسنتهم؟" رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 


234 


18 5 

6 الآية بأتمها: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا ونمعا ومما رزقناهم ينفقون» فلا تعلم نفس ما 
أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما حانوا يعملون". السجدة17-16 

د15 





وفي الرعاية: قال بعض الحكماء: تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛ فإن من حسن الاستماع 
إمهال المتكلم حى يقضي حديثه, وقلة التلفت إلى الجواب» والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم؛ والوعي ف أن 
يفهموا عنه فيعلموا له مما يفهمون عنه 

حدثنا الغلابي قال: معت سفيان بن عيينة يقول: أول العلم حسن الاستماع, ثم الفهم ثم الحفظ ثم العمل ثم 
النشر. 357 

يقول السهروردي: وهكذا أدب المريد في مجلس الشيخ: ينبغي أن يلزم السكوت ولا يقول شيئا بحضرته مسن 
كلام حسنء إلا إذا استأمر الشيخ ووجد من الشيخ فسحة في ذلك» وشأن المريد في حضرة الشيخ» كمن هو 
قاعد على ساحل بحر ينتظر رزقا يساق إليه» فتطلعه إلى الاستماع وما يرزق من طريق كلام الشيخ» يحقق مقام 
إرادته وطلبه واستزادته من فضل الله وتطلعه إلى القول» يرده عن مقام الطلب والاستزادة إلى إثبات شيء 
لنفسه وذلك جناية المريد 

وينبغي أن يكون تطلعه إلى مبهم من حاله يستكشف عنه بالسؤال من الشيخ» على أن الصادق لا يحتاج إلى 
السؤال باللسان في حضرة الشيخ:؛ بل يبادئه ما يريد. لأن الشيخ يكون مستنطقا نطقه بالحق» وهو عند حضور 
الصادقين يرفع قلبه إلى الله ويستمطر ويستسقي لهم؛ فيكون لسانه وقلبه في القول والنطق» مأحوذين إلى مهم 
الوقت من أحوال الطالبين المحتاجين إلى ما يفتح به عليه. انتهى 359 

فأحسن أدب المريد من الشيخ السكوت والخمود والجمود» حى يبادئه الشيخ ا له فيه من الصلاح قولا 
وفعلا. 35 

وفي هذاء تأدب للمريد في الدحول على الشيخ والإقدام عليه وتركه الاستعجال؛ وصبره إلى أن يخرج الشيخ 
من موضع خلوته. 

سمعت أن الشيخ عبد القادر رحمه الله كان إذا جاء إليه فقير زائر» يخبر بالفقير فيخرج» ويفتح جانب الباب 
ويصافح الفقير ويسلم عليه» ولا يجلس معه ويرجع إلى خلوته» وإذا جاء أحد ممن ليس من زمرة الفقراء» يخرج 
ويجلس معه, فخطر لبعض الفقراء نوع إنكار لتركه الخروج إلى الفقير وخروجه لغير الفقير» فانتهى ما خطر 
للفقير إلى الشيخ» فقال: الفقير رابطتنا معه رابطة قلبية» وهو أهل وليس عنده أجنبية» فنكتفي معه يموافقة 
القلوب» ونقنع بها عن ملاقاة الظاهر بهذا القدر» وأما من هو من غير جنس الفقراء» فهو واقف مع العادات 


7 الرعاية لحقوق الله 
8 عوارف المعارف 


259 


ا مرجع نفسه 
166 





والظاهرء فم لم يوف حقه من الظاهر استوحشء فحق المريد عمارة الظاهر والباطن بالأدب مع الشيخ. 
2360 
انتهى 


ومن الأدب مع الشيخ: أن المريد إذا كان له كلام مع الشيخ في شيء من أمر دينه أو أمر دنياه» لا يستعجل 
بالإقدام على مكلمة الشيخ والحجوم عليه» حى يتبين له من حال الشيخ؛ أنه مستعد له ولسماع كلامه. 


0 361 
انتهى 


3 ترقع حوتطا فى حخورو وفب - عنك ‏ سلخورو 
2 تتححما فى أكذورو وله تمرن فى مرورو 


يقول: لا ترفع صوتك في حضور شيخكء وقف عند ما ينصح به؛ واعمل به؛ لا تضحك في أكداره ولا تحزن 
إذا كان مسرورا 
والمعيئ: مما تستوحبه مراعاة حرمات الشيخ» أن تتأدب بحضرته» فتغض من صوتكء وتتقيد .ما أقامك فيه 
وتراقب أحواله» فلا تتصرف بضدهاء فلا تنبسط وقد رأيته منقبضاء ولا تنقبض وقد رأيته منبسطا 
وما عد من آداب المتعلم مع معلمه, نذكر ما يلي من كتاب: آداب العلماء والمتعلمين» لصاحبه الحسين بن 
المنصور بالله اليمي» رحمه الله تعالى: أن يصبر على حفوة تصدر من شيخه, أو سوء خحلق» ولا يصده ذلك عن 
ملازمته وحسن عقيدته» ويتأول أفعاله الي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل» ويبدأ هو عند حفوة 
الشيخ بالاعتذار» والتوبة ثما وقع والاستغفار» وينسب الموجب إليه» ويجعل العتب فيه إليه» فإن ذلك أبقى لمودة 
شيخه وأحفظ لقلبه» وأنفع للطالب في دنياه وآحرته. انتهى 
أن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب. كما يجلس الصبي بين يدي المقرئ» أو متربعا بتواضع وخضوع 
وسكون وحشوعء؛ ويصغي إلى الشيخ ناظرا إليه» ويقبل بكليته عليه متعقلا لقوله» بحيث لا يحوجه إلى إعادة 
الكلام مرة ثانية. انتهى 
أن لا يسبق الشيخ إلى شرح مسألة أو جواب سؤال منه» أو من غيره» ولا يساوقه فيه» ولا يظهر معرفته به أو 
إدراكه قبل الشيخ» وينبغي أن لا يقطع على الشيخ كلامه أي كلام كانء ولا يسابقه فيه ولا يساوقه» بل 
يصبر حى يفرغ الشيخ من كلامه, ثم يتكلم» ولا يتحدث مع غيره والشيخ يتحدث معه؛ أو مع جماعة المجلس. 
انتهى 
المرجع نفسه 
36١‏ المرحع نفسه 

1637 





إذا مشى مع الشيخ فليكن أمامه بالليل ووراءه بالنهار» إلا أن يقتضي الحال حلاف ذلكء ويتقدم عليه في 
المواطن المجهولة الحال» لوحل أو نحوه» ويعرف الشيخ يمن قرب منه أو قصده من الأعيان» إن لم يعلم الشيخ 
به وإذا صادف الشيخ بدأه بالسلام» ويقصده إن كان بعيدا ولا يناديه» ولا يسلم عليه من بعيد ولا من ورائه» 
بل يقرب ويتقدم ثم يسلم عليه» ولا يقول لما رآه الشيخ وكان خطأء هذا حطأ ولا هذا ليس برأي» بل يحسن 
خطاه في الرد إلى الصواب» كقوله: يظهر أن المصلحة في كذاء ولا يقول: الرأي عندي كذاء وشبه ذلك. 


362 
انتهى 


لو شاور هفو فى اءكارو لو عرف مفكارو 


يقول: لا تلتزم بأي ورد وبأي عدد من الأعداد» حى تعرضه عليه وتأحذ إذنه فيه» فكم من الذاكرين تسببوا 
في حراب بيوتهم بذلكء ولو كانوا شاوروا شيوحهم فيما يذكرون وما لا يذكرونء لعرفوا المقدار الذي يصلح 
5 

والمعئ: قال الله تعالى: 'يا أيها العين آمنوا اءعكروا الله كرا كثيرا وسبحوه بحرة وأصلاء هو العي 
يحل عليكم وملايحتة ليخرجحم من الفظلمات إلى الفور؛ وكان بالمومنين رحيما" 565 

وقال سبحانه: "فاءكروني أهكركم واشكروا ل ولا تكفرون" 364 

اعلم أيها المريد الصادق» أن ذكر الله عليه مناط هذا الأمرء فم ذكر العبد مولاه» كان اعترافا منه له 
بالألوهية؛ وإقرارا بفضله عليه وم ذكر الله العبد» كان رضاء وقربى 


2 داب العلماء والمتعلمين 
7 الاحزاب 43-41 
264 البقرة1 15 
1568 





فضل الذكر والذاكرين 
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال البي يَيكتُّم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه» مثل الحي 
والميت". رواه البخاري 
عن أبي هريرة قال: كان رسول الله يكم يسير في طريق مكة» فمر على جبل يقال له جمدان» فقال: "سيرواء 
هذا جمدان» سبق المفردون". قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيراء والذاكرات". رواه 
مسلع 
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله َيه : "ألا أنبئكم بخير أعمالكم؟" قال مكي: "وأزكاها"؛ "عند مليككم 
وأرفعها في درجاتكم» وخير لكم من إعطاء الذهب والورق» وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم 
ويضربوا أعناقكم؟" قالوا: وذلك ما هو يا رسول الله؟ قال: "ذكر الله عز وجل". رواه أحمد في مسنده 
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عَم : "يقول الله عز وحل: أنا عند ظن عبدي بي» وأنا معه حين يذكرني» 
إن ذكرن في نفسه ذكرته في نفسي» وإن ذكرنى في ملاء ذكرته في ملا هم خير منهم؛ وإن تقرب م شبراء 
تقربت إليه ذراعاء وإن تقرب إلي ذراعاء تقربت منه باعا؛ وإن أتاني يمشيء أتيته هرولة". رواه مسلم 
قلت: وإن الله تعالى» ليباهي بالذاكرين ملائكة الحضرة ويقول: هؤلاء عبادي الذين قلتم في حقهم: "أتجعل 
فيها من يقس فيها ويصفد الرماء":27 هاهم يذكرونيئ» وما ذكروي إلا لأنهم أحبويء ألم أقل لكم: "إن 
غلم ما و75 اقول كم أن خترف خي: 
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يلثم : "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكرء فإذا وحدوا 
قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفوفهم بأحنحتهم إلى السماء الدنياء قال: فيسألهم رهمء 
وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ قال: تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونكء قال: فيقول: 
هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك» قال: فيقول: وكيف لو رأون؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد 
لك عبادة» وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحاء قال: يقول: فما يسألونين؟ قال: يسألونك الحنة» قال: يقول: 
وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوهاء قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أفهم 
رأوها كانوا أشد عليها حرصاء وأشد لما طلباء وأعظم فيها رغبة؛ قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار» 
قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوهاء قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: 


365 البقرة29 
366 البقرة29 
169 





لو رأوها كانوا أشد منها فراراء وأشد لما مخافة» قال: فيقول: فأشهدكم أن قد غفرت لمم. قال: يقول ملك 
من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم, إنما جاء لحاحة. قال: هم الجلساء لا يشقى بكم حجليسهم". رواه البخاري 
واعلم أن الله تعالى في كتابه العزيز» قد رغب في الذكر الكثير» فكلما ذكرت كلما اقتربت: "واسجه 
واطريه 77و كليا ايف كلما يهم "تفز اله وو 30 

وإذا أكرمك الله تعالى بشيخ عارفء فخذ منه وردكء واسأله عما تذكر وعدد ما تذكرء فإن التدرج في 
مداواة النفس ومعرفة المولى» عن طريق الذكر تعرفه المشايخ» فخذ منهم ما يصلحكء ولا تلتزم بورد حبق 
تشاورهم فيه 

فكم من الذاكرين» ألزموا أنفسهم ءما لا يطيقون فكان عليهم وبالا 

فالشيخ كالطبيب والورد كالدواء» والمريد سقيم؛ والدواء مقادير» فلا تسرف في الدواء بدون مشورة الطبيب؛ 
فخذ وردك بالمقدار الذي يصلحكء فإن الشيء إذا زاد على حده انقلب إلى ضده 


أخبار الشوق ‏ يا العاشق يهال تروق فى الحلايق 
والشيغ لو ما كان كايق ما يكوق صاير اغلايق 


يقول: كلام الإشارات وأخبار الشوق أيها العاشق» الذي يقرب السامع إلى الله تعالى» وتحلو به حلائق 
الذكر» ليس من السهل أن يروق للناس» وم راقهم وذاقوا سره وأدركوا كنهه» فذلك دليل على أن الشيخ 
ذاق من نبع امحبة الفياض» وإلاء ففاقد الشيء لا يعطيه 

و المعئ: يقول ابن عطاء الله السكندري: معت شيخنا أبا العباس رضي الله عنه يقول: يكون الولي مشحونا 
بالعلوم والمعارف» والحقائق لديه مشهودء حي إذا اعطي العبارة» كان كالإذن له من الله في الكلام» ويجب أن 
تفهم أن من أذن له في التعبير» يميت في مسامع الخلق عباراته» وحليت لديهم إشاراته. انتهى 


369 


367 العلق 20 
البقرة1 28 
369 لطائف المنن 
110 





الكلام على الشوق 
وفي خبر وهب بن منبه: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: أنك تكثر مسأليَ ولا تسألئ أن أهب لك 
الشوق» قال: يا ربء وما الشوق؟ قال: إن حلقت قلوب المشتاقين من رضوان» وأتممتها بنور وجهي» 
فجعلت أسرارهم موضع نظري إلى الأرض» وقطعت من قلوبهم طرقا ينظرون به إلى عجائب قدري» فيزدادون 
في كل يوم شوقا إلي» ثم أدعو بحباء ملائكي؛ فإذا أتوني حروا لي سجداء فأقول: إن لم أدعكم لعبادي» ارفعوا 
روؤسكم أركم قلوب المشتاقين إلي» فوعزي وجلالي» إن سمواتي لتضيء من نور قلويهم» كما تضيء الشمس 
لأهل الدنيا. وه 
قال أبو عثمان: الشوق ثمرة المحبة» فمن أحب الله اشتاق إلى لقائه. وقال أيضا في قوله تعالى: "فإن أجل الله 
بقت" 777 وقال ذو النون: الشوق أعلى الدرجات وأعلى المقامات» فإذا بلغها الإنسان استبطأ الموت شوقا إلى 
ربه ورجاء للقائه والنظر إليه 372 
وقال أبو يزيد: لو أن الله حجب أهل الحنة عن رؤيته؛ لاستغاثوا من الحنة كما يستغيث أهل النار من النار. 
سئل بعضهم: هل الشوق أعلى أم المحبة؟ فقال: المحبة؛ لأن الشوق يتولد منهاء فلا مشتاق إلا من غلبه الحب» 
فالحب أصل والشوق فرع. انتهى 3/3 
قال الواسطي: لا يصل إلى محل الأنس من لم يستوحش من الأكوان كلها.5/4 
قالت رابعة: 1 مطيع مستأنس. :و أنشدت: 


قوت القلوب ف معاملة امحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد 
37 العنكبوت04 

2 عوارف المعارف 
7 المرحع نفسه 
المرجع نفسه 
7 رابعة العدوية: أم الخير رابعة ابنة إسماعيل» العدوية البصرية مولاة آل عتيكء» الصالحة المشهورة. كانت من أعيان عصرهاء 
وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة» وذكر أبو القاسم القشيري في الرسالة أنها كانت تقول في مناجاتها: إلمي» تحرق بالنار قلبا 
يحبك؟ فهتف ها مرة هاتف: ما كنا نفعل هذاء فلا تظين بنا ظناء وقال يوما عندها سفيان الثوري: واحزناه» فقالت: لا تكذب» 
بل قل: واقلة حزناه» لو كنت محزونا لم يتهيأ لك أن تتنفس. وقال بعضهم: كنت أدعو لرابعة العدوية» فرأيتها في المنام تقول: 
هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة .مناديل من نور. وكانت تقول: ما ظهر من أعمالي فلا أعده شيئا. ومن وصاياها: اكتموا 
حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم. وقالت لأبيها: يا أبة لست أحعلك في حل من حرام تطعمنيه» فقال لها: أرأيت إن لم أجد إلا 
حراما؟ قالت: نصبر في الدنيا على الجوع» حير من أن نصبر في الآخحرة على النار. 

1041 





ولقد جعلتك قُِ الفؤاد محدثي وأبعت جسمي من أراد جحلوسي 


فاب جسم : يد لق اه 26 
8 مي للجليس20 مؤانس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي. 


كانت لقابى أهواء مفرقة فاستجمعت إذ رأتك النفس أهوائى 
فصار يبحسدني من كنت احسدهة وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي 
5 2377 
تك للناس دنياهم ‏ ودينهم شغلا بذكرك يادي ودنيائى 


9 ءَِ و 238 ءَِ 5 5 
وقال سيدي أحمد بن عطاء الله السكندري في لطائف المنن: وأخبرني الشيخ العارف مكين الدين الأممر 


قال ابن خلكان: وكانت وفاها في سنة خمس وثلاثين ومائة. ذكره ابن الجوزي في شذور العقود. وقال غيره: سنة حمس وثمانين 
ومائة رحمها الله تعالى» وقبرها يزار» وهو بظاهر القدس من شرقيه على رأس جبل يسمى الطور. انتهى من وفيات الأعيان وأنباء أبناء 
الزمان 
6 عوارف المعارف 
7 المرجع نفسه 
5 عبد الكريم بن عطاء الله أبو محمد الإسكندرائ. كان إماما في الفقه والأصول والعربية» تفقه على أبي الحسن الإبياري» رفيقا 
لابن الحاحب. وله تصانيف منها: شرح التهذيب» ومختصر التهذيب» ومختصر المفصل. توفي في شهر رمضان سنة اتني عشرة 
وستمائة. انتهى من حسن امحاضرة 
وقال الكمال حعفر: مع من الأبرقوهي» وقرأ النحو على الماروني» وشارك في الفقه والأدب» وصحب المرسي» وتكلم على 
الناس وكثر أتباعه؛ وقال ابن الأهدل: الشيخ العارف بالله» شيخ الطريقين وإمام الفريقين» كان فقيها عالما ينكر على الصوفية» ثم 
جذبته العناية» فصحب شيخ الشيوخ المرسي» وفتح عليه على يديه» والذي حرى له معه مذكور في كتابه لطائف المنن» وله عدة 
تصانيفء منها: الحكم» وكلها مشتملة على أسرار ومعارف وحكم ولطائف ثثرا ونظماء وما أحسن قوله في شيخه في بعض 
قصائده: (كم من قلوب قد أميتت بالحوى أحيا يما من بعد ما أحياها). وكان شيخه يستعيد منه هذا البيت» ومن طالع كتبه 
عرف فضله؛ توفي رحمه الله تعالى عمصر في نصف جمادى الآخرة» ودفن بالقرافة» وقبره مشهور يزار. انتهى من شذرات الذهب لابن 
العماد 
الشيخ عز الدين بن عبد السلام بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب, السلمي أبو محمد. شيخ 
الإسلام» سلطان العلماء» ولد سنة سبع؛ أو ثمان» وسبعين وخمسمائة» وتفقه على الفخر بن عساكر» وأحذ الأصول عن السيف 
الأبذي» وسمع الحديث من عمر بن طبرزد وغيره» وبرع في الفقه والأصول العربية. قال الذهبي في العبر: انتهت إليه معرفة 
المذهب, مع الزهد والورع؛ وبلغ رتبة الاحتهاد. وقدم مصرء فأقام بما أكثر من عشرين سنة؛ ناشرا العلم» آمرا بالمعروفء ناهيا 
للمنكرء يغلظ على الملوك فمن دوفهم. ولما دل مصر بالغ الشيخ زكي الدين المنذري في الأدب معه؛ وامتنع من الإفتاء لأحله 
وقال: كنا نفيٍ قبل حضوره. وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه. وألقى التفسير.همصر دروسا. وهو أول من فعل ذلك. 
02ظ]1 





والشيخ محد الدين بن تقي الدين علي بن وهب القشيري المدرس» والشيخ محبي الدين بن سراقة» والشيخ بحد 
الدين الأخميمي» والشيخ أبو الحسن الشاذلي» رضي الله عنهم» ورسالة القشيري تقرأ عليهم» وهم يتكلمون 
والشيخ أبو الحسن صامتء إلى أن فرغ كلامهم فقالوا: يا سيديء نريد أن نسمع منك. فقال: أنتم سادات 
الوقت وكبراؤه وقد تكلمتم. فقالوا: لابد أن نسمع منك. قال: فسكت الشيخ ساعة ثم تكلم بالأسرار العجيبة 
والعلوم الحليلة. فقام الشيخ عز الدين وحرج من صدر الخيمة» وفارق موضعه وقال: اسمعوا هذا الكلام الغريب 
القريب العهد من الله. انب 380 

قال رضي الله عنه حاكيا عن أستاذه رحمه الله: !2 الزم الطهارة من الشرك؛ كلما أحدئت تطهرتء لا تشرك 
بالله شيئاء ومن دنس حب الدنيا» كلما ملت إلى شهوة أصلحت بالتوبة ما أفسدت بالهوى أو كدت» وعليك 
بمحبة الله تعالى على التوقير والتزاهة» وأدمن الشرب بكأسها مع السكر والصحوء كلما أفقت أو تيقظت 
شربت» حى يكون سكرك وصحوك به حى تغيب بجماله عن المحبة وعن الشراب والشرف والكأسء ,ما يبدو 
لكر لوي او الف لين اب 31 


وله من المصنفات: تفسير القرآن» ومحاز القرآن» والفتاوي الموصلية» ومختصر النهاية» وشجرة المعارف» والقواعد الكبرى 
والصغرىء» وبيان أحوال الناس يوم القيامة. 

وله كرامات كثيرة» ولبس -خرقة التصوف من الشهاب السهروردي. وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي ويسمع كلامه 
في الحقيقة ويعظمه. قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: قبل لي: يا علي ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أكمى من مجلس الشيخ 
عز الدين بن عبد السلام» وما على وجه الأرض بحلس في الحديث أهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم» وما على وجه 
الأرض مجلس في علم الحقائق أيمى من مجلسك. 

وقال ابن كثير في تاريخه: انتهت إليه رياسة المذهب» وقصد بالفتاوي من الآفاق» ثم كان في آحر عمره لا يتقيد بالمذهب» بل 
اتسع نطاقه» وأف بما أدى إليه احتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء. وقال الشيخ 
جمال الدين بن الحاحب: ابن عبد السلام أفقه من الغزاللي. وحكى القاضي عز الدين البكاريء أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام 
أف مرة بشي ثم ظهر له أنه أحطأء فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: من أفى له ابن عبد السلام بكذاء فلا يعمل بهء فإنه 
خطأ. قال القطب اليونيئ: وكان مع شدته وصلابته حسن امحاضرة بالنوادر والأشعار» بحضر السماع ويرقص فيه. 

وقال ابن كثير: كان لطيفا يستشهد بالأشعار» توفي ,ممصرء عاشر جمادى الأولى سنة ستين وستمائة. انتهى من حسن الحاضرة 

0 لطائف المنن 

381 يعن الإمام أبا الحسن الشاذلي» عن أستاذه الشيخ العارف عبد السلام بن بشيش» رحمهما الله تعالى 

2 درة الأسرار وتحفة الأبرار 


163 





ومن نظم أي الفح في فن الملحوم: 
لا تامرئي بالسلوان يااللاهم مهما تلوم ماتزيدن غير صبابه» لو كنت مثلي فكعان» مايهمك لايم ولا يصدك 
غاشي على و ا 
الاحباب إلى كافون بالمحجران» مازلت بهم هابم» يوم على يوم» نترحى الوصال مانحظى باحابه» عاشق 
الغزلان» ماتردعو سماتم» ولا ريح سموم» مايخلي عليهم غابه» فى جنح الليل سهران, ماهو نايم» يعد بجوم ظاهره 
واحرى عزابه. 
البماة ادوم باناه ولد ا 207 

دور ياساقي واملا الاقداح؛ لبت اشواقي و دمعي ساح» حرى فى ماقي هيج اللتراح» لاترت يا ساقي على 
شاقيء مادام الليل باقي ومادام» الفجر نورو مالاح. 

حلا سكري وخلعت عذاري 385 
نديمي شاهد باحوال نديمو» والليل هامد يداري على سقيموء العميد ساهد العذول خصيموء يحرم ويزيد فى 
تحرموء ولا الخليل يابه لكل من هو قاصدء يقصيه باللومه» ويحرمو من ركو. 

نديمي يعذرني ويعرف اسراري ّ 
سرو سرى وجرى في اوصالي» ماعدت نرى حال خير من حالي» الهم بكل ماحرى وجعليي والي» وفتح علي 
مول القدره وارتاح بالي. 


38 


: 1 0 387 
رفع اصراري وما بقى من اوزاري 


*** والمعين: لا تأمرني بأن أسلو وأنسى أيها اللائم» فمهما لمت لا تزيدني إلا حبا وصبابة» لو كنت مثلي متفجعا ما يهمك من 
لامك, ولا يصدك أي إنسان عن حب عيون ناعسات جذابة بحسنها 
4 والمعي: مهما كافأن الأحباب بال هجران» فما فتئت هائما يهم يوما بعد يوم» أرحو وصاهم ولا أحظى بإجابة» ألا تعلم أن 
عاشق الغزلان لا تردعه مائم؟ وهي الى يشتد فيها الحر» ولا ترده ريح مموم؟ يبحث عن الغزلان في كل الغابات» ولا يترك غابة 
لا يبحث فيها. يبيت الليل سهران في جنح الليل لا ينام» يعد بحوما ظاهرة وأخرى هم بالأفول. إن الزمان لا يدوم أيها اللائم 
على حالء والدنيا تغلب أولي الجأش بتقلبها 
37 والمعيئ: در علينا أيها الساقي واملئ الأقداح؛ فقد التهبت أشواقي وساح دمعي ح حرى في مآقي وهيج علي جراحيء لا 
تقصر من جهدك شيئا أيها الساقي ولا تحاول على شقي مثليء ما دام الليل باقيا بظلامه؛ وما دام نور الفجر لم يلح بعد. لقد 
حلا سكري ونزعت عين رداء الحشمة والتكلف 
6 والمعيى: نديمي شاهد عن أحوالي» أنا الذي أنادمه وأسهر معه؛ والليل هامد» وكأنه يستر أحوال السقيم» وأنا العميد الساهد 
بالليل» وعاذلي في الهموي هو حصميء لأنه يحرم علي وصال الحبيب ويلح في التحريم, ألا يعرف هذا العاذل اللائم أن الحبيب لا 
يأبه لأي من قصد إلى أن يقصيه باللوم ويحرمه من غزاله. أما نديعي» فهو يعرفئ ويعذرن لأنه أدرى بأسراري 

1044 





سكن قلي الحبيب وسكنت اعضاياء على عي ما يغيب» حبيي أناياء حكمه قابمه بلا تتريب» جوهري 
وجواياء ماهو غير واحدء ولاحد غيرو معايا. 

00 ا 
حكمه لو تتمعن وتشوف بالابصارء يا امحتار» اجمع الافكار» وسال اهل الصوف تعرف الاخبار» دقت 
الدفوف على هامات اسيادي» دوك العارفين» اهل المحبة الاخيار. 

من يجاورهم مايرضى ند 
واصلئيٍ مولايا وشهد حضوريء بعد ما قرا سطوري وسمع رجاياء مزق حجابي وهدم سوري؛. خاطبئ بلا 
بدايه ولا فايه» بعد ماحبرتو حبريي» وزاد في سروري. 

ا 3 
سبحان من أذن للعلمين بالارزاق» ماحاق منهم غافلين ولا اهل نفاق» رزق الصالحين و غير الصالحين» نعم 
الرزاق» لو يحافينا نكونوا فانيين» قبل يوم المساقء لما تبلغ التراق» كل الناس شاهدينء ولامداوي فيهم يرد 
الباس» ولا راق. 

ولاحد في العالمين بالروح داري 391 
سبحان من جا بالتكوين» ابدع سماوات وارضين» نار و هوا ما وطين» عجنهم كاملين؛ دواير بالاحكام دايره» 
حزام فاطم الزهراء ملون ؤ زين» راق ف التلوين» بجوم ضاوية فى ظلامة» دراري سابحين» من رفع السما بلا 
عماد» طيور صافين» سبح لو الجماد فى كل بلاد» سبحان من ارسل بالرحمه» سيدنا محمد خاتم المرسلين. 


00 302 
رسول الله نورو ساري 


7 والميى: سرى سر ربي حي جرى ف أوصالي» فما عدت أرى حالا أفضل من حالي» وألهم ربي بكل ما جرى وجعلي ولياء 
وفتح علي صاحب القدرة فتحا مبيناء فارتاح بالي. حين رفع ع الإصرار وغفر ما تبقى من أوزاري وذنوبي 
8 والمعيى: سكن الحبيب قلبي؛ فسكنت أعضائيء لا يغيب عن عي أبداء حكمة قائمة بغير شكء في جوهري وفي ظاهري؛ فما 
الله إلا واحد لا أحد غيره معي وبرفقي. من امحال أن يغيب عن ناظري 
7 والمعيئ: هي حكمة بالغة لو تمعنت ونظرت ببصركء أيها امحتار» اجمع أفكارك؛ وسل المتصوفة ينبؤوك كي تعرف الخبر» دقت 
الدفوف على رؤوس أسياديء العارفين من أهل النحبة الأخيار. من جرب جوارهم لا يرضى بجوار غيرهم 
"” والمعق: وصلئٍ مولاي وشهد حضوريء بعدما قرأ سطوري وسمع رجائي» مزق الحجاب الذي بي وبينه» وهدم السور 
الذي يحجزن عنه؛ وخاطبنٍ بلا بداية ولا نماية» بعدما وجدته جبر انكساريء وزادني سرورا. وما أنا بصديق ولا حواري 
'*” والمعيى: سبحان من أذن للعالمين بأرزاقهم» لم يؤاخذ منهم الغافلين ولا أهل النفاق» رزق الصالحين وغير الصالحين» نعم 
الرزاق» لو يحاسبنا نكون من الفانين قبل يوم الفناءء يوم تبلغ الروح التراقي» وكل الناس يشهدونه؛ ولكن لا يرد الموت مداو 
بدوائه ولا راق برقيته» لا أحد يعلم بالروح من العالمين إلا الله تعالى 

105 





سبحان من تاه فى جمالو وبماه» جل جلالوء هو الله لا إله إلا هوء فى السما إله» و فى الارض إله» من يكون 
بحالو؟ نورو ساطع فى اكوانوء بحورو وجبالوء ترابو ورمالوء» حفى بوجهو الباهي وظهر بافعالو» خليقتو 
شاهده ببهاه» إلى كنتو عليه تسالوء سيادنا قالواء من وعاوا مقالو: من يحب يعرف مولاه» يتقي شر اعمالوء 
ويجانب الرذايل» مايبصر الباري سوى من شهد غيرو بالو. 

المولى يرحمين ويكشف استاري 303 
ركبونٍ فى مراكب لا ليها شراع ولا صاريء ولاحد غيري راكبء مايكودها ربان» ولا تهديها بحوم 
ولادراري» بحور لاطمه وهديره؛ لا سواحل ولا دزيره» فايضه وكبيره» ماليها حد ولا برزخ تبلغو اسفاري» 
وانا وحيد مثل صبي في المهدء به يراري» تاره طالع تاره نازل» ليلي وماري» تاره يقوم تاره يقعد» والفلك 
جاري. 

يعو ل سر 

القاوني فى بير غامقه ورهيبه» وانا لازلت صغيرء مالي عقل ولا تدبير» الوحده صعيبه» هزون من الاعماق بلا 
ماندريء لاحوني في الآفاق» قالوا: زيد سريء ناديت الواحد الخلاق» بلا ما ندري» عاد جناحي حفاق» 
يطوي السبع الطباق» ادركت ما خفى من سريء عرفوني مشتاق» حاروا في أمري» سلمت ردت الاملاك 
سلامي» سلامها افناي» وزاد هيامي» والعرش مي داني» وانا في الحضره ابصرت الحشاميء ني الله ريتو بعياني» 
نظر في بعين الرحمه» داوى سقامى» قاب قوسين ولا ادى» ما عدت نعاني. 


: 205 
غشاتئ الانوار وعمات ابصاري 


2 والمعين: سبحان من جاء بالتكوين» أبدع سماوات وأرضين» نار وهواء وماء وطين» عجن كل هذه المواد» دوائر تدور بحكمة 


وإحكام» حزام فاطمة الزهراء» وهو قوس قرح» ملون وجميل» راق بألوانه» بنحوم منيرة في الظلام» درار تسبح قي السماء» من رفع 
السماء بلا عمد طيورها صافات» سبح له الجماد في كل بلاد. سبحان من أرسل بال رحمة سيدنا محمد صاحب النور الساري 
3 والمعئ: سبحان من تاه جمالا وثماءء جل جلاله هو الله لا إله إلا هوء في السماء إله وي الأرض إلهء من يكون مثله؟ سطع 
نوره في أكوانه, حوره وجباله, ترابه ورماله» خحفي بوجهه البهي وظهر بأفعاله» ما خلق شاهد ببهائه» إذا كنتم تسألون عنه» فقد 
قال أسيادناء من الذين وعوا مقاله: من أحب أن يعرف مولاه؛ عليه أن يتقي شر أعماله ويجتنب الرذايل» ولن يشهد الباري عز 
وحل سوى من شهد الناس بجنونه. حسبي أن المولى يحمي ويكشف أستاري 

والمعيى: حملون في مراكب ليس لها شراع وما لما من صارء وليس فيها أحد غيريء لا يقودها ربان ولا تدلها بجوم ولا درار» 
في بحور هديرة متلاطمة بالأمواج» لا ساحل تراه فيها ولا جزيرة» إلا هذه الأمواج الفائضة والعظيمة» وهذه البحار المتلاطمة 
الأمواج» للا حد لما تبلغه أسفاري مهما سافرت» وأنا وحدي قُُ ذلك الكت كصبي قِ المهد, والمركب تلعب به الأمواج 
كمهد الصبي تحركه أمه حى ينام فمرة أحس بنفسي صاعدا مع صعود الأمواج وعلوهاء ومرة نازلاء» وذلك طول ليلي وماري» 
ومرة أقوم ومرة أقعد» ولكن المركب لايكف عن الحريان. وكأنه سفينة نوح عليه السلام» لا تحري سوى بقدر وقدرة الله تعالى 

156 





جيتك يالمولى عاصيء تغفر زلاتي» لا تخليئي قاصي» سكن روعات» واسكن في ذاتي يا المولى فى حياق» و يوم 
تاحذ بالنواصي» لاتحرق رفاتي» العفو منك يواتي» ماضرك مي المعاصي» ومايفيدك يا الغ بجعل» فى النار 
صلاي» لما تبت قبل توباقي» فيم فات ؤ فيم هو آت»ء ولو بحيك بذنوب ماليها حاصي» رحمتك يار حمن رجاتي» 
حاطت بذنوب العالمين» فرعون و قارون» كل من هو عاتي» كيف تفوتئ يا سيدي وأنا عبدك الحسير» وتزيد 
حسراتي؟ ماظنيت مولايا الكريم» سوى يقبلئ ويحسن ملقاتي. 

0 
جيتك يا المولى» نترجاك وحيدء لا لي من الاعمال حموله» ولاصلا مقبوله» تنفع وتفيد» نطمع تكافي وتزيد 
رفيع الدرحات القوي المحيد» لو توزن اعمالي في الميزان» ذني حديد» يرجح بالكفه لولاء ترحم العبيد» جهنم 
محلوله» والحنه مأموله» حبك فى القلب عتيد» عليه ما نحيد, ولا تحاسبئ لأيئ فى احبابك عاشق عميد, الحبه 
تطفي نارك المشعوله؛ الاحباب صالوا صوله؛ المحبه ماهي مجهوله؛ قومان مغلوله» ولا فى معاصم الاحباب قيدء 
في ظلال العرش تنظر من بعيد» فى البها والحلال مشغوله؛ ماتلفحها همس يوم الوعيد» كيف يشقاوا يا الراحم» 
رحمه مشموله؟ 


: 257 
من يحب الرحمن مايواحذو بجراري 


5” والمعين: ألقونى في بئر عميقة ورهيبة» وأنا لا زلت صغير السن» لا عقل لي ولا تدبير» فما أصعب الوحدة» ثم رفعوي من 
أعماق البئر دون أن أدريء وألقون في الآفاق وقالوا: هي اسرء فناديت الواحد الخلاق دون أن أشعرء فعاد جناحي حفاقا يطوي 
السبع الطباق» حي أدركت ما خفي من سريء فلما عرفون مشتاقا حيرهم أمري؛ ولما سلمت ردت الأملاك سلامي» سلامها 
أفناني وزاد في هيامي» كل ذلك والعرش دان مينء وأنا في حضرة الرحمن بصرت بالنبي الحاشمي يَيكُم» رسول الله رأيته بعيئ» 
فنظر إلي بعين الرحمة وداوى أسقامي» قاب قوسين أو أدن, فما عدت أعاني. غشتئ الأنوار حى عميت أبصاري 
والمعيئ: أتيتنك يا مولاي عاصيا فاغفر زلاق» لا تدعب قاصيا واسكن في ذانٍ يا مولاي؛ في حيات ويوم تأخذ بالنواصيء لا 
تحرق رفاي» فإن العفو منك يواتٍ جميل فعلك وسعة رحمتكء, ما يضرك ما جنيت من ذنوب؟ وما يفيدك يا غين أن تصليئ في 
النار؟ لما تبت اقبل توبيٍ ما فات ومما هو آتء فلو حئتك بذنوب كثيرة لا تحصى» تبقى رحمتك يا رحمن رجائي في غفرانا 
جميعاء فقد أحاطت رحمتك بذنوب العالمين» فرعون وقارون وكل عات جبار» كيف تفوت يا سيدي وأنا عبدك الحسير وتزيد 
في حسراتي؟ لا أظن مولاي الكريم إلا سيقبلئ ويحسن لقائي. فرحمته سبقت غضبه؛ كما جاء في الآثار 
7* والمععيى: جئتك يا مولاي أترحاك وحيداء ليس لي من الأعمال شيء» ولو حى صلاة مقبولة تنفعي وتفيدي» جقت أطمع أن 
تكافئئي وتزيد» رفيع الدرجات القوي المجيد» لو تزن ذنبي فهو ثقيل مثل الحديد» يرجح بكفة الميزان» لا تحاسبئي» لأنني من 
أحبابك عاشق عميدء فالمحبة تطفئ نارك المشتعلة» فقد صال الأحباب صولة بفضل محبتهم؛ وهل المحبة مجهولة؟ فيومئذ تغل أقوام 
بالسلاسل» وأما معاصم الأحباب فهي خالية من كل قيدء هم تحت ظلال عرش الرحمن ينظرون من بعيد» في اء الله تعالى 
وحلاله مشغولون بالنظر» لا تلفحهم خمس يوم الوعيد» كيف يشقون يا راحم العباد ويا من شملت رحمته كل خلقه؟ من يحب 
الرحمن لا يؤاخذه بالذنوب 

157 





ختمت قصيدي على سيدي خالق الاكوان» منظومه على ما يواتي من اوزان» عقد من عقود الجمان» مرصع 
بالعقيان» فصيحه تزخر بالبلاغه والبيان» من تلاها يحظ بالغفران» مايخيبو مولاه» يشفع فيه العدنان» أبو الفتح 
من جا بماء ماليها مثيل في هاد الزمان» يترحى مولاه» يغفر ذنوبو ويستر عيوبوء مايكافيه بالخذلان» من تلاها 
يدعو لنا بالعفو والقبول» يوم الكدر والاحزان» والصلا والسلام فى التاللي» على سيدنا محمد درة الاكوان» والو 
واصحابو» اهل الوفا والاحسانء والله وكيل من جا بالزور والبهتان. 

المولى رقيب حكمو حاري 37 


ناضك فى الشيع تبر مريخضى الفلبك من بكرو 
ولي بآف كرو يرشك بلا مأ يكري 


يقول: نظرة واحدة في الشيخ تبرئ مريض القلب من زمن بعيد» وإذا كان الناظر لازال غير عارف .كولاه 
يصبح عارفا دون أن يدري 

والمعى: قال الله تعالى: "أومن كان ميتا فأحييناك وجعلنا ل نورا يمشي به في الناس كمن مثلة في 
الضلمات ليس بخارج كبن 
يقول الشيخ أحمد سعد العقاد: وقد اتفق العلم الحديث والقديم» على أن نظرات الناس» تختلف باحتلاف 
الانفعالات» وباحتلاف شحنتها من القوى والطاقات الباطنية في الإنسان. وهذا أمر محسوسء فلكل نظرة 
معين» ولكل نظرة تأويل» ولكل نظرة حديث روحي تفهمه العقول» وتتأثر به القلوب والعواطف» والشاعر 
يقول: 

عيناك قد دلتا عيئ منك على أشياء» لولاهما قد كنت تخفيها 


والعين تعرف من عي محدثها إن كان من حزها أو من أعاديها 


8 ولمعيئ: ختمت قصيدتي الي نظمتها في سيدي خالق الأكوان سبحانه؛ منظومة على ما يوات من أوزان» وكأفا عقد من 
عقود الجمان» مرصع بالعقيان» فصيحة تزحر باالبلاغة والبيان» من تلاها يحظ بالغفران» ومن المحال أن يرده الرحمن» بل يشفع فيه 
البي العدنان يلتم . أبو الفتح من جاء يماء ليس لما مثيل في هذا الزمان» يرجو من مولاه أن يغفر ذنوبه ويستر عيوبه» وألا يكافقه 
على سوء أعماله بالخذلان» نسأل من تلاها أن يدعو الله لنا بالعفو والقبول يوم الكدر والأحزان» والصلاة والسلام في التالي» 
على سيدنا محمد درة الأكوان يَيْلتُّم» وآله وأصحابه أهل الوفاء والإحسانء والله وكيل من حاء بالزور والبهتان» فالمولى سبحانه 
7 الأنعام123 

158 





ثم يقول: فالنظرة إذا نوع من الإمداد الغيي» ترسل به عين البصر أو البصيرة» وفي إشعاعاتها سيالات قوية 
وتيارات نفاذة مؤثرة؛ وأنت واحد تحربة ذلك مكررة في احتلاف نظراتك اليومية إلى أولادك ومرؤوسيك» 
والناس كلهم ممن تتعامل معهم أو لا تتعامل معهم؛ في حال الرضا والبسطء أو الغضب أوالانقباض؛ ألا ترى 
نظرة المنوم المغناطيسي الصادق؟ ألا ترى نظرات قواد الجيوش والحركات الثورية؟ ألا ترى إلى نظرات الخطباء 
وامحاضرين والممثلين؟ ألا ترى إلى نظرات البجرمين؟ ألا ترى إلى نظرات المحبين؟ ألا ترى إلى نظرات السعداء 
وا محزونين والخائفين والوائقين؟ 

ثم يقول: يقول سيدي القطب أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاهء وعنا به» ما معناه: نحن كالسلحفاة 
نربي أبناءنا بالنظرة. ويقول: لا والله ما بيئ وبين المريد الصادق إلا أن أنظر إليه وقد كفيته. (انتهى) نظرة القوة 
الخارقة» والروحانية النفاذة» الي تنفعل لما الأشياء. انتهى "0 


ما تتبعو | هتمى تو بكل تو غير التو 
و لاف وول شعن دبية اللكنيب 


يقول: لا تتبع الشيخ حى تتوب» افسخ عنك ثوب الحيات والذئاب» وتخلص من جميع ذنوبك 

والمعى: إذا أردت أن تنتفع من شيخحكء فلا تتبعه حى تنوب إلى الله تعاللى توبة نصوحاء لا تتبعه حي تتطهر 
من جنابات غفلاتك»؛ وتتبرأ من حولك وقوتك 

بدل ثوبا بثوب؛ اخلع ثوب المعصية والبس ثوب الطاعة» اخلع ثوب الكذب والزور والبهتان والبس ثوب 
الصدق والفضيلة» ثوب الكبر والحسد والبس ثوب الخير والإحسان» افسخ حلد الحيات والذئاب» وابق في 
جلد إنسان» فمن غير ذلك فوالله لن يصلك من شيخحك إلا القطيعة؛ ولو لازمته الدهر كله 

ولا تكون التوبة بلبس زي الصالحين من عمامة وجلباب بالنسبة للرحل» وحخمار وحجاب بالنسبة للمرأة» وإنما 
تكون بأن يتزبى القلب بالطهارة ويتهياأ القصد بصدق المطلب في الرجوع إلى الواحد الأحد 

قال رسول الله : "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". رواه مسلم عن 
أبي هريرة 

وكما يقول المثل الفرنسي: اللباس لا يشهد على الراهب 


”* الأنوار القدسية في شرح أسماء الله الحسيئ وأسرارها الخفية 
109 





ولى ما قبلا الوالي جكك تويعا على التوالي 
فيل تراب ابعال إلى حصت للمعالي 


يقول: وإذا لم يقبلك الوالي» وهو الشيخ؛ فجدد توبتك» لأنك لم تصدق في توبتك» وتذلل لشيخحكء وقبل 
تراب نعليه» إذا طمحت للمعالي 

والمعيى: ومى جكته وردك» وتوددت إليه وصدكء فاعلم أن توبتك ناقصة» فجدد توبتك وتنصل من سيئاتك» 
مرة بعد أحرى» والزم بابه واحدمه حى يقبلك 

قال أبو عثمان: صحبت أبا حفص وأنا غلام حدثء» فطردني وقال: لا تجلس عنديء فلم أجعل مكافأت له 
على كلامه أن أولي ظهري إليه» فانصرفت أمشي إلى خلف ووجهي مقابل له حى غبت عنه؛ واعتقدت أن 
أحفر لنفسي بثرا على بابه وأنزل وأقعد فيه» ولا أخرج منه إلا بإذنه؛ فلما رأى ذلك مي قرب وقبلئي وصيرني 
ون لبان لا 1 

وقد قال الشيخ: "قبل تراب النعال إلى طمحت للمعالي": كناية على التوقير والتسليم للأكابر» وإلا فإنه في 
مذهبنا لا يقبل شيخ أن يقبل المريد تراب نعليه» لأنه يعلم أن هذا المريد قد يكون أعلى درجة عند الله منه. فالله 
تعالى» هو أعلم بخلقه وأدرى» ومن أهان عبيده أذله الله. 

وقبول الشيخ للمريد» منه قبول الاتباع» وقبول الرضا عن سلوك الأتباع 

وقد حاز قوم كثير قبول الاتباع من الشيخ» ولم يحظوا بقبول رضا الشيخ عن إخلاصهم ف سلوكهم 

ومن عادات كثير من المشايخ» أن يخلعو خرقة على المريد» اعترافا منهم بالرضا عن سلوكه. وقد ارتأيت 
الوقوف عند الكلام على الخرقة» حى يعرفها من يجهلهاء ويتبين حكم الشرع فيها 


0 عوارف المعارف 


200 





حكم لبس الخرقة 

من عرف أغلب المتصوفة لبس الخرقة من شيوخهم وأساتذقم» ومى خلع الشيخ الخرقة على المريد» فذلك 
إيحاء له بأنه رضي عنه» وأجازه في طريق القوم 

يقول السهروردي: وقد رأينا من المشايخ من لا يلبس الخرقة» ويسلك بأقوام من غير لبس الخرقة» ويؤخذ منه 
العلوم والآداب» وقد كان طبقة» من السلف الصالحين لا يعرفون الخرقة ولا يلبسوفا المريدين» فمن يلبسها فله 
مقصد صحيح وأصل من السنة وشاهد من الشرع؛ ومن لا يلبسها فله رأيه وله في ذلك مقصد صحيح؛» وكل 
تصاريف المشايخ محمولة على السداد والصواب» ولا تخلو عن نية صالحة فيه» والله تعالى ينفع يهم وبآثارهم إن 
شاء الله تعالى. انتب 402 


أصل لبس الخرقة 
عن أم خالد بنت خالد: أن النبي يَيكُم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة» فقال: "من ترون أن نكسو هذه؟" 
فسكت القوم؛ فقال: "اثتونئ بأم خالد", فأي يما تحمل» فأخذ الخميصة بيده فألبسهاء وقال: "أبلي وأخلقي". 
وكان فيها علم أخضر أو أصفرء فقال: "يا أم خالد» هذا سناه". وسناه بالحبشية حسن. رواه البخاري 
قال السيوطي: وقد استنبطت للخرقة أصلا أوضح من هذا الحديث» وهو ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 
من طريق عطاء الخراساني» أن رحلا أتى ابن عمر فسأله عن إرخاء طرف العمامة» فقال له عبد الله: إن 
رسول الله مَيكُم؛ بعث سرية وأمر عليها عبد الرحمن بن عوفء وعقد لواء» وعلى عبد الرحمن بن عوف 
عمامة من كرابيس» مصبوغة بسواد» فدعاه رسول الله يَيلُم » فحل عمامته» فعممه بيده» وأفضل من عمامته 
موضع أربعة أصابع أو نحوهء فقال: هكذا فاعتم» فهو أحسن وأحمل. فهذا أوضح في كونه أصلا للبس 
الخرقة من وجهين: 
الأول: أن الصوفية إنما يلبسون طاقية على رأس»ء لا ثوبا عاما لكل بدنه. 
الثاني: أن حديث أم عطية في اللباس غطاء وقسمة وكسوة» وهذا بالرأس تشريف» وهو السبب للبس الخرقة. 
ووجه ثالث: أن لبس الخرقة نوع من المبايعة» كما أشار له السهروردي؛ وأم حالد» كانت صغيرة لا تصلح 
للمبايعة» بخلاف حديث عبد الرحمن بن عوف. انتهى كلام السيوطي 


: ِ 0103 
قال المنذري: وأحرجه البخحاري. انتهى 


5 المرجع‎ 402 
١ 403 


مرجع نفسه 
201 





الخرقة خرقتان 

واعلم أن الخرقة حرقتان: حرقة الإرادة» وحرقة التبرك. والأصل الذي قصده المشايخ للمريدين: حرقة الإرادة. 
وحرقة التبرك» تشبه بخرقة الإرادة» فخرقة الإرادة للمريد الحقيقي» وحرقة التبرك للمتشبه» ومن تشبه بقوم فهو 
منهم» وسر لبس الخرقة أن الطالب الصادقء إذا دحل في صحبة الشيخ؛ وسلم نفسه» وصار كالولد الصغير مع 
الوالد» يربيه الشيخ بعلمه المستمد من الله تعالى» بصدق الافتقار وحسن الاستقامة» ويكون للشيخ بنفوذ 
بصيرته الإشراف على البواطن. انتب 404 

حقوقٌ لبس الخرقة 

سمعت شيخنا يقول: جاء بعض أبناء الدنيا إلى الشيخ أحمد الغزالي ونحن بأصبهان» يريد منه الخرقة» فقال له 
الشيخ: اذهب إلى فلان يشير إلي» حى يكلمك في مع الخرقة» ثم احضر حى ألبسك الخرقة» قال: فجاء إلي 
فذكرت له حقوق الخرقة وما يحب من رعاية حقها وآداب من يلبسها ومن يؤهل للبسهاء فاستعظم الرحل 
حقوق الخرقة وجبن أن يلبسهاء فأحبر الشيخ بما تحدد عند الطالب من قولي له» فاستحضرني وعاتبئي على قولي 
له ذلك» وقال: بعثته إليك حى تكلمه هما يزيد رغبته في الخرقة» فكلمته ما فترت عزعته» ثم الذي ذكرته كله 
صحيح.» وهو الذي يجب من حقوق الخرقة» ولكن إذا ألزمنا المبتدئ بذلك نفر وعجز عن القيام به فنحن 
نلبسه الخرقة حين يتشبه بالقوم ويتزيى بزيهمء فيقربه ذلك من بجالسهم ومحافلهم» وببركة مخالطته معهم 
ونظره إلى أحوال القوم وسيرهم؛ يحب أن يسلك مسلكهم ويصل بذلك إلى شيء من أحوالهم. انتهى 4/5 

قال أبو الفتح: وقد حاض في الخرقة أناس وسودوا الصحف في تحريمها وتبديعهاء وهي لا تمت إلى التحر.م 
والتحليل بصلة 

فالرحل م مات أبوه, أو جده, احتفظ بسبحته أو ببعض لباسه» حبا له وتبركا به 

فما تقول اليوم في فتياننا وفتياتنان حين يتجمعون على مغن أحبي» حى إذا ما أتم غناءه» ألقى إليهم بشيء من 
ثيابه يتقاطعونه بينهم» وقد علا صراخهم» وكأنما ألقي إليهم بكتاب من السماء؟ 

وكل من حاز قطعة» صاها وحافظ عليهاء وافتخر بها بين أقرانه 

فكيف لا نفرح بالخرقة من يد ولي صالح؟ 

وقال الإمام السهروردي قدس الله روحه في عوارف المعارف: لبس الخرقة ارتباط بين الشيخ وبين المريدء 


وتحكيم من المريد للشيخ في نفسه. والتحكيم شائع في الشرع ,ٌصالح دنيوية» فماذا ينكر المنكر لبس الخرقة 


2 المرجع‎ 404 
١ 405 


مرجع نفسه 
202 





على طالب صادق في طلبه» ويقصد شيخا بحسن ظن وعقيدة» يحكمه في نفسه لمصالح دينية» ليرشده ويهديه 
ويعرفه طرق المواجيد» ويبصره بآفات النفس وفساد الأعمال ومداخل الله ويسلم نفسه إليه» ويستسلم لرأيه 
واستصوابه في جميع تصاريفه» فيلبسه الخرقة إظهارا للتصرف فيه؟ فيكون لبس الخرقة» علامة للتفويض 
والتعليم» ودخوله في الشيخ دخوله في حكم الله وحكم رسوله؛ وإحياء سنة المبايعة مع رسول الله يك . 
اهس 406 

قلت: وقد أجزنا الخرقة ولبسناهاء وألبسناها ولله الحمد والمنة 


إلى ععا معاك بلغفراج يال يسو الرممن 
شيلة حأ ارظن كما عسي “لحان 


يقول: إذا دعا معك بالمغفرة والغفران» فمن المحال أن يرد الله تعالى دعوته؛ فإنه يغسلك من درنك بلماء 
والريحان» ويغطيك بعد ذلك بزهر شقائق النعمان 
والمعيى: وح إذا بقي من نفسك بقية» ودعا معك الشيخ بالغفران» فمن محال أن يخيبه الرحمن ولا يغفر لك» 
فإن وظيفة المشايخ تحبيب الله إلى الناس» وتحبيب الناس إلى الله يدعوم إليه في فهارهم؛ ويدعونه لهم ليلهم. 
كذلك وظيفة الأنبياء والمرسلين» قال تعالى: "ومن أحسن قولا ممن «عا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني 
من المدلمين ”7 ومن كان هذا دابف قاذ هلك آنه إذا افسم غلى الله أبزة: الله 
فإذا دعا معك بالغفران» غسلك من درن سيآتك بدعوته» وأما ما حبث من طباعكء فهو أدرى هما يصلحه» 
فلا تعص له أمرا فيما يأمرك به. فإن مراده مي أمرك .ما تكره نفسكء تطهيرك وتشريفك لتكون أهلا لمناجاة 
الباري عز وجل في الحضرات؛ وإن قصده؛ لا قصد غيره» هو أن يقف عليك حى تلقى الله وهو عنك راض. 
وقد قال الشيخ: "يغسلك بلماء والريحان"؛ مشيرا إلى غسل الميت» كما هو ف العرف» ونقصد بذلك» أن 
الشيخ سيقتل فيك نفسكء وبذاك تموت الميتة الأولى» أي موتة الحياة. قال تعالى: "فتوبوا إلى باريكم فاقتلوا 


ْ 408 لالع ١‏ 3 ٍ 409 
أنفسكم"» " وإن شئت: يحييك الحياة الأولى» قال سبحانه: "أومن كان ميتا فأحييناك". 


46 ا مرجع نفسه 
7 فصلت32 
8 البقرة53 
7 الأنعام 123 
203 





عن أبي هريرة عن النبي يَيَككُمْ قال: "الميت تحضره الملائكة» فإذا كان الرجل صالحاء قالوا: اخرجي أيتها 
النفس الطيبة» كانت في الجسد الطيب» اخرحي حميدة؛ وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان 
الحديث". رواه ابن ماجه في سننه 

عن أبي تميمة الهجيمي أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى: "أن اغسل دانيال بالسدر وماء الريحان". 
الأوسط في السئن والإجماع والاختلاف لابن المنذر 

وبعدها يسجيك بزهر شقائق النعمان» وما أيماه من زهرء تتوق لرؤيته الأنفس» ويزكو برائحته في الأنوفء 
وهو ينبت في أحسن الفصولء كما أنه زهر متوحشء لا يحتاج إلى من يتعهده لكي ينبتء تراه هنا وهناك» 
بين السنابل وف الحقول في الأراضي الطيبة 

وذلك كناية على أن الشيخ إذا غسلك من ذنوبك» وطهرك من حبث طباعك»؛ فزت بإنسانيتك ورجعت إلى 
بشريتك» وحظيت بحلاوة الباطن وسعادة الظاهر 


204 


بحسب الافاق تتكشف الأوراق 
اعلم يا طالب علم الحقيقة بأنحع طريقة» أيها المتتبع لأحوال ذوي الحقائق» المحب لأرباب الإشارات والرقائق» 
اعلم» أيدك الله بالفتح المبين» وأعزك بالنصر المكين» أن كلام أولياء الله تعالى قد تضارب وائتلف» وتشابه 
واحتلف؛ وقد تتساءل عن كثير مما لم يقبله عقلك» ولم تستسغه حبلتك» ومع ذلك لا تنال منهم بقول 
بلسانك» ولا تظن يهم إلا خيرا بفؤادك» فدعينٍ أوضح لك ما استشكل عليك وشغل بالك بإذن الله تعالى 
علمنا وعلمت أن كشوفات العارفين تختلف من عارف إلى آخر 
فقد احتلفوا في العرش والكرسيء» وفي الأفلاك والأرضينء وفي هيئة الأولياء وما يتعلق يما من تعداد عناصرهاء 
ووصفهم وزمان اجتماعهم وموضعه؛ وعلى ما يجتمعون ومى يتفرقون 
واختلفوا في القطب, وفي حاتم الولاية 
ثم إن كثيرا منهم ادعى القطبية» بل ادعى الختمة» وكثير رأوا لأنفسهم مقاما لا يعلوه مقام ولي آخرء إلى آخحر 
الزمان 
وقد وضع البعض علامات للولي والقطب حي يعرف بماء بل إن شيخ الأولياء» أبا عبد الله الحكيم الترمذي» 
قد طرح أسئلة لا يستحق الولاية في نظره إلا من أحاب عنهاء وقد أحاب القليل بعده» منهم محبي الدين بن 
عربي الحاتمي رحمه الله تعالى» في كتابه: الفتوحات المكية» سنعرض لبعضه فيما يات من كلام إن شاء الله تعالى. 


علامات القطب عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي 

وهذه علامات القطب حسب ما رآه شيخنا أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى» فقد حكى عنه ابن عطاء الله 
أنه قال: للقطب حمس عشرة كرامة» فمن ادعاها أو شيئا منهاء فليبرز.مدد الرحمة والعصمة» والخلافة والنيابة» 
ومدد حملة العرش العظيم؛ ويكشف له عن حقيقة الذات وإحاطة الصفات» ويكرم بكرامة الحكم والفصل بين 
الوجودين» وانفصال الأول عن الأول وما انفصل عنه إلى منتهاه» ومن ثبت فيه؛ وحكم ما قبل وما بعد 
وحكم من لا قبل له ولا بعد» وعلم البدء» وهو العلم امحيط بكل علم ولكل معلوم؛ بدءا من السر الأول إلى 
منتهاه ثم يعود إليه. فهذا معيار أعطاه الله الشيخ يختبر به من ادعى هذه الرتبة العظيمة القائمة بكفالة الأسرار» 
والمحيطة ممدد الأنوار. 


205 


وهذا نحو ما ذكره العارف باللى أبو عبد الله الترمذدي 3 كتاب: حتم الأولياء» له: إن من ادعى 


الولاية» فيقال له: صف لنا منازل الأولياء؟ فذكر مسائل معيارا على من ادعى الولاية. انمي 1اة 


ما اختناه من أسئلة الحكيمالترمذي وما رد به ابن عربي» ثم تايا عليه 


وقد آن الأوان وواتى الزمان» لكي نعرض لبعض ما احترناه من إحابات ابن عربي على أسئلة الحكيم مع 
التعقيب: 


412 
يقول محبي الدين بن عربي: ”2 السؤال الثامن والعشرون: ما العدل؟ 


34 الحكيم الترمذي: توفي سنة: 320هجرية 
من كتبه: خحتم الأولياء» وتذكرة الأولياء» والرياضة وأدب النفس 
قال السلمي في طبقات الصوفية: ومنهم محمد بن علي الترمذي» وهو محمد بن علي بن الحسن» وكنيته أبو عبد الله لقي أبا 
تراب النخشيبي» وصحب ييى الخلاء وأحمد بن خضرويه» وهو من كبار مشايخ خخراسان» وله التصانيف المشهورة» كتب 
الحديث ورواه. انتهى 
4١‏ لطائف المنن 
7 أبو بكر محبي الدين» محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي» العارف الكبير» ابن عربي» ويقال ابن العربي. انتهى 
ولد .كرسية» سنة ستين وخمسمائة» ونشأ بماء وانتقل إلى أشبيلية سنة ثمان وسبعين» ثم ارتحل وطاف البلدان: فطرق بلاد الشام 
والروم والمشرق» ودعحل بغداد وحدث ها بشيء من مصنفاته» وأحذ عنه بعض الحفاظ. كذا ذكره ابن النجار في الذيل» وقال 
الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقات الأولياء له: وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: وهو ممن كان بحط عليه ويسيء 
الاعتقاد فيه» كان عارفا بالآثار والسئن» قوي المشاركة في العلوم» أخحذ الحديث عن جمع؛ وكان يكتب الإنشاء لبعض ملوك 
المغرب؛ ثم تزهد وساح ودخل الحرمين والشام؛ وله قي كل بلد دخلها مآثر. انتهى 
قال المناوي: وقد تفرق الناس في شأنه شيعاء وسلكوا في أمره طرائق قددا: فذهبت طائفة إلى أنه زنديق لا صديق» وقال قوم أنه 
واسطة عقد الأولياء ورئيس الأصفياء؛ وصار آخرون إلى اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه» أقول: منهم الشيخ حلال الدين 
السيوطيء قال في مصنفه: تنبيه الغي بتبرئة ابن عربي» والقول الفيصل في ابن العربي: اعتقاد ولايته وتحريم النظر ف كتبه: فقد نقل 
عنه هو أنه قال: نحن قوم يحرم النظر في كتبنا. قال السيوطي: وذلك لأن الصوفية تواضعوا على ألفاظ اصطلحوا عليهاء وأرادوا 
يما معانيا غير المعاني المتعارفة منهاء فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم الظاهر كفر. نص على ذلك الغزالي في 
بعض كتبه» وقال أنه شبيه بالمتشابه من القرآن والسنة» من حمله على ظاهره كفر. انتهى 
ومن شعره الرائق قوله: 

206 





الجواب: العدل هو الحق المحلوق به السموات والأرض» فسهل بن عبد الله وغيره يسميه العدل» وأبو الحكم 
عبد السلام بن برحان يسميه الحق المحلوق به لأنه بع الله يقول: "ما خلقناهما إلا 000000 'وما خلقنا 


414 5 5ع : 
المموات والارض وما بينهما إلا بالحق"» 2 "'وبالحق أنزلناه"» " أيء بما يبحب لذلك المخلوق ثما تقتضيه 


حال حافت برقو لد الال ح رق 27 الوريوق اند لفط كل اشع تلق أ ناا جنلقة إلا الت اهدحا 
يحب له. فالعالم على الحقيقة هو الله الذي علم ما تستحقه الأعيان في حال عدمهاء وميز بعضها عن بعض 
ذه النسبة الإحاطية» ولولا ذلك» لكانت نسبة الممكنات في قضية العقل فيما يحب لها من الوحود نسبة 
واحدة» وليس الأمر كذلكء ولا وقع كذلك؛ بل علم سبحانه ما يتقيد من الممكنات في وحوده بأمسء لا 
بمكن عنده أن يوحده اليوم» ولا في غدء فإنه من تمام خلقه: تعيين زمانه» وهو القدرء وهي الأقدارء أي 
مواقيت الإيجاد» فهو سبحانه يخلق من غير حكم قدر عليه في خلقه» والمخلوقات تطلب الأقدار بذاتها؛ فأعطى 


حقيقق ‏ همت با وما رآها ‏ بصري 
ولو رآها لغدا قتيل ذاك الحور 
فعندما أبصرقا صرت بحكم النظر 
فبت ‏ مسحورا بها أهيم حىق السحر 
يا حذري من حذري لو كان يغيني حذري 
والله ما هيم حمال ذاك الخفر 
يا حسنها من ظبية ترعى بذات الخمر 
إذا رنت أو عطفت تسبي عقول البشر 
كأغا أنفاسها أعراف مسك عطر 
كأفا همس الضحى في النور أو كالقمر 
إن سفرت أبرزها نور صباح مسفر 
أو سدلت2 غيبها ظلام ذاك الشعر 
يا قمرا تحت دحى خذي فؤادي أو ذري 
عسى لكي أبصركم إذ كان حظي نظري 


توفي رحمه الله ورضي عنهء في الثاني والعشرين من ربيع الآحر بدمشقء في دار القاضي محبي الدين بن الزكي» وحمل إلى قاسيون» 
فدفن ف تربته المعلومة الشريفة» الى هي قطعة من رياض الحنة» والله تعالى أعلم. انتهى من شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 
3 الدحان 37 
414 الحجر85 
415 الإسراء105 
6 قال تعالى: "قال ربنا العي أعفصى حل ضيء خلقه ثم هدى". ط.ه49 
207 





كل شيء خلقه من زمانه» فيمن يتقيد وجوده بالزمان» ومن حاله؛ فيمن يتقيد وجوده بالحال» ومن صفتهء 
فيمن يتقيد وحوده بالصفة؛ فإن قلت فيه: مختار» صدقت؛ وإن قلت: حكيم» صدقت؛ وإن قلت: لم يوجد 
هذه الأمور على هذا الترتيب إلا بحسب ما أعطاه العلم» صدقت؛ وإن قلت: ذاته اقتضت أن يكون خلق كل 
شيء على ما هو عليه ذلك الشيء» في ذاته ولوازمه وأعراضه لا تتبدل ولا تتحولء ولا في الإمكان أن يكون 
ذلك اللازم أو العارض لغير ذلك الممكن» صدقت. فبعد أن أعلمتك صورة الأمر على ما هو عليه» فقل ما 
تشاء» فإن قولك من جملة من أعطى خلقه في ظهوره منك» فهو من جملة الأعراض ف حقكء وله صفة ذاتية 
ولازمة وعرضية» من حيث نفسه؛ فاعلم ذلك؛ وأما تحقيق هذا الإسم لهذه النسبة» فاعلم أن العدل هو الميل» 
يقال: عدل عن الطريق» إذا مال عنه» وعدل إليه إذا مال إليه» وسمي الميل إلى الحق عدلاء كما سمي الميل عن 
الحق جوراء .معين؛ أن الله خلق الخلق بالعدل» أي أن الذات لما استحقاق من حيث هويتهاء وها استحقاق من 
حيث مرتبتهاء وهي الألوهية» فلما كان الميل ما تستحقه الذات لما تستحقه الألوهية الى تطلب المظاهر لذاماء 
سمى ذلك عدلاء أي ميلا من استحقاق ذاتٍ إلى استحقاق إِلهي لطلب المألوه» ذلك الذي يستحقه؛ ومن أعطى 
المستحق ما يستحقه. مي عادلا وعطاؤه عدلاء وهو الحق؛ فما لق الله الخلق إلا بالحق» وهو إعطاؤه خلقه 
ما يستحقونه» وليس وراء هذا البيان وبسط العبارة ما يزيد عليها في الوضوح. انتهى”417 
قال أبو الفتح: قلت: فأما العدل بالنظر إلى هذا الإسم من حيث اللغة والفرق بينه وبين العادل» فالعادل هو 
الذي يعدل. وأما العدل فهو الذي لا يظلم أبداء وهو المعروف بالعدل 
وأما بالنظر إلى كون العدل من صفات الباري عز وحلء فليس المراد به ما نفهمه من: محازاة العامل وعقاب 
الخامل» وإنما هو أبعد من ذلك وأرق 
فقد يظهر لنا من أفعال الله تعالى في خلقه ما لا يناسب هذا المعيئ» وما ظهر لنا مخالفاء إلا لوهمنا في فهم مععى 
العدل 
والعدل: فعل الأنسب في الملك والملكوت,ء من انفعال الخلق والخليقة .ممشيئة الحي الذي لا يموت 
وقولنا: الأنسب» رد على النفوس الي تقيس أفعال المولى مما يحب أن تكون عليه أفعال الموالي» فتحكم بعدم 
مناسبته» وكأنها بذلك تشبه أفعال الله تعالى بأفعال العباد» مع أن هذه النفوس تؤمن بأنه سبحانه واحد في ذاته 
وصفاته وأفعاله 
ومن عرف الله» أدرك عدله» ح فيما يتبين لغير العارف أنه ظلمء قال تعالى: "إن الله لا يضلم متقال 
1 
7'* الفتوحات المكية 
5 النساء40 

208 





وفي المخاطبات: وقيل لي: نظرت ف ملكي فرأيت الكريم مهاناء ورأيت اللثيم مهاباء ورأيت الفاحر غنياء 
ورأيت المومن فقيراء فلم تفهم وسلمت لي تسليما 

لو عرفت معي المهانة والكرامة» والغى والفقر» لرأيت كل شيء في محله» ولكنك ما فهمت سوى ,معان 
الحوادث؛ فاحذر أن تفهم في الملكوت ما فهمت به في الملك» فتهوي في مكان سحيق. انتهى ”41 

يقول ابن عربي: السؤال التاسع والثلاثون ومائة: والحروف المقطعة مفتاح كل اسم من أسمائه» فأين هذه 
الأسماء؟ وإِنما هي ثمانية وعشرون حرفاء فأين هذه الحروف؟ 

الجواب: لأنه يفتح الحرف الواحد من الأسماء الإلهية أسماء كثيرة لا يحصرها عددء وذلك لأنه إنما يفتح أسماء 
الأسماء الى تتركب من الحروف بحكم الاصطلاح, وقد ثبت أن الحق متكلم؛ فقد مى نفسه من كونه متكلما 
بالكلام الذي نسب إليه ويليق به» وهذه الأسماء الي تظهر عن الحروفء أسماء تلك الأسماء؛ فلو أن الحرف 
الواحد يفتح اسما واحداء لكان كما قلت من التعجبء ألا ترى في الأسماء امحفوظة في العموم؛ كالملك 
والمصور والمان والمنان» والمقتدر. وامحبي والمميت» والمقيت» والمالك والمليك؛ والمقدم والمؤحرء والمؤمن 
والمهيمن والمتكبر والمغئ والمعز والمذل؛ فهذا حرف واحد افتتحنا به كذا كذا اسما إلياء مع أنا لى نستوف»ه ثم 
لتعلم أن كل اسم في العالم هو اسمه لا اسم غيره» فإنه اسم الظاهر في المظهر» وليس في وسع المخلوقين حصرها 
ولا إحصاؤهاء وجميعها مفاتيحها هذه الحروف على قلتها؛ ولك في اختلاف اللغات أعظم شاهد» وأسد دليل 
إن فهمت مقصود القوم؛ وأما قوله: فأين هذه الحروف؟ فقل له: في عوارض الأنفاس» تعرض للنفس الرحماني 
ما يحدث عين الحرف» ويعرض للحروف ما يحدث الأسماءء فأينية الأسماء في الحروف, وأينية الحروف الأنفاس» 
وأينية الأنفاس الأرواح» وأينية الأرواح القلوب» وأينية القلوب عندية مقلبها؛ وأسماء الحق لا تتعدد ولا تتكثر 
إلا قي المظاهر؛ وأما بالنسبة إليه فلا يحكم عليها العدد ولا أصله الذي هو الواحد, فأسماؤه من حيث هوء لا 
تتصف بالوحدة ولا بالكثرة؛ فسؤال الإمام: إنما هو عن الأسماء الي يقع بما التلفظ في عالم الحروف اللفظية» 
ويقع يما الرقم في عالم الكتابة» فتارة يراعى الرقم» وتارة يراعى اللفظ» وأما غيره» فيجعل حروفا ثوالث» وهي 
الحروف الفكرية» وهى ما يضبطه الخيال من سماع المتلفظ بماء أو إبصار الكاتب إياها. انتب 420 

قال أبو الفتح: قول الحكيم الترمذي: والحروف المقطعة مفتاح كل اسم من أسمائه. انتهى 

ننظر إليه بحول الله تعالى» من جهة دين الإسلام» ومن جهة لغة القرآن» وإلا فالكلام يطول إذا نظرنا إليه من 
جهة جميع اللغات والأديان» وحي إذا فعلناء فلن نوفيه حقه إذ نكون بذلك بثتنا في الأمرء ما يخص عالم المخلق 
والبعث والمكلف والمكلفين» والكسب والحساب 


419 مخاطبات الحعفى 
0 الفتوحات المكية 


209 





فلله تعالى عوالم غيره» لا نعرفها ولا نعرف على ما أقيمت من أسسء حي نتكلم فيها 

قلت: لا بحاري الحكيم فيما ذهب إليه» في قوله أن الحروف المقطعة مفتاح كل اسم من أسمائه 

فإن لله تعالى اسما واحدا في لغة الضادء وهو اسم: الله افتتحه سبحانه بألف ثابت» ليدل على قيوميته منذ بدء 
الخليقة» وقد وضع الله تعالى الألف موضع الإبتداء» لأن الإبتداء متزلته وداره» لم يتزحزح عنهاء ولذلك أسكنه 
فيها. ألف ثابت يدل به على أوليته وظهوره ثم مد اللام الثانية في اسمه بألف محذوفة» يدل بما على بقائه 
وخفائه» فهو الأول والآخر والظاهر والباطن 

أما باقي الأسماءء فما هي بأسماءء كما هو معلوم عند أصحاب العقائد» وإنما هي صفاتء لا تكاد تعد و تحصى» 
وما يحدها سوى محدودية معان العربية عامة» لأن العربية محدثة للحوادث» فلا يكون لها الاستمرار والامتداد 
إلى ما لا شاية. 

وقد تكون هذه الصفات» مبتدئة بكل حرف من حروف المعجم, وليس فقط بالحروف المقطعة 

وإنما الألف ابتدأ به اسم الله الواحد الأحد في الأسماءء وابتدأت به الحروف المقطعة في التنتزيل» استفتاحا لسورة 
البقرة: "ألم» ءلحة الكتاب لا ريب» فيه هنى للفنقي 3 421 

ويتكون اسم الذات» أي: الله» من ثلاثة حروفء إذا حذفنا مكرره؛ وهذه الثلاثة» هي: الألف واللام والاءء 
وهي ملوك الحروف عندناء وهي أشد الحروف المقطعة نورانية» كيف وهي تكون اسم النور الأعظمء قال 
سبحانه وتعالى: "الله فور السماوات والارض " 122 

وهذه الثلائة حروف ذاتهاء تكونت منها كلمة التوحيد: لا إله إلا الله 

وكأن الله تعالى» في لا إله إلا الله حعل المعين يوحد الواحد الأحد الذي لا إله غيره» وجعل المبئ يشهد 
بوحدته كذلكء إذ لا نشهد يمذه الوحدانية سوى باستعمال الثلاثة حروف الي تكون اسم الواحد الأحدء 
وهو الله 

وف ذلك حكمة بالغة من شهود العبارة والإشارة؛ والمبئ والمعى على وحدته تعالى» وفي ذلك إعجاز لا نظير 
له في التعبير بالنفي والإثبات» في جملة تامة بثلاثة أحرف فقط 

واسم الله تعالى» بقي كما هو في وضعه. منذ نزول القرآن الكريم» فحروفه غير منقوطة» فلم يتغير بعد وضع 
التنقيط على الحروفء إذ الأصل في كتابة العربية أن تكتب حروفها بغير نقطء وإنما ابتدعت النقط بعد أن 
مسحل نقلق الات هلجد لقني فالخسرطة علبهع لجرك بخرقك والقبس لق بلول 488 


42 البقرة01 
2 النور35 
210 





يقول ابن عربي: السؤال الأربعون ومائة: كيف صار الألف مبتدأ الحروف؟ 

الجواب: لأن له الحركة المستقيمة» وعن القيومية يقوم كل شيء»؛ فإن قلت: إِنما يقع التكوين بالحركة الأفقية»ء 
فإنه لا يقع إلا.مرض»ء والمرض ميلء ألا ترى إلى القائلين بحكم العقل» كيف جعلوا موجد العالم علة العلل» 
والعلة تناقض القيومية؛ فلنقل: إنما وقع الوجود بقيومية العلة» فإنه لكل أمر قيومية» فافهم» فقيومية الألوهية 
نلف اللالوة وى عليه انق افوهايم على كل شبن بل موت ل © رفاغ ماساتية كنس الت 
المركب» وهو اللام؛ فإنه مركب من ألف ونونء فلما تركب حدث اللام الرقمي» لا اللفظي» فلام اللفظ 
صورته في الرقم مركب من حرفين» فيفعل بالتلفظ فعل الواحد» وهو عينه» ويفعل بالنقش فعل الألف والنون؛ 
وهكذا كل حرف مركبء ويفعل فعل الراء والزاي ببعد» كما يفعله النون بقرب» لأن النون حرف مركب 
من زاي وراءء» وأريد حروف الرقم, فابتدؤوا بالألف في الرقم» لما ذكرناه» وانفتحت فيه أشكال الحروف 
كلهاء لأن أصل الأشكال الخطء كما أن أصل الخط النقطة» والخط هو الألفء فالحروف منه تتركب وإليه 
تنحل» فهو أصلهاء وأما الحروف اللفظية» فالألف يحدثها بلا شك» كما يظهر الألف عن الحرف»ء إذا أشبعته 
الفتح» فإنه يدل على الألف» كما أنك إذا أشبعت الحرف الضم دل على ألف الميل» وهو واو العلة» وَإِما ظهر 
عن الرفع المشبع؛ لأن العلة أرفع من المعلول» فما ظهر عن الحرف إلا بصفة الرفع البالغ» ليعلم أنه» وإن مال» 
فإنه ما مال إلا عن رفعة رحمة بك» ليوجدك مظهرا لخالقك» ألا تراه في حرف الإيجاد. كيف جاء برقع 


الكاف المشبع» فقال: "إنما قولنا لشيء إءا أروناك أن نقول له ا فجاء بالكاف مشبعة الضمء لتتدل 


قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني: قال العتبي: كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه» فلما قدم عليه 
كلمه فوجده يلحنء فرده إلى زياد» وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول: أمثل عبيد الله يضيع؟ فبعث زياد إلى أبي الأسودء فقال: 
يا أبا الأسود» إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب» فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم» ويعربون به 
كتاب الله تعالى» فأبى ذلك أبو الأسود وكره إجابة زياد إلى ما سأل؛ فوجه زياد رجلا فقال له: اقعد في طريق أبي الأسود, فإذا 
مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه؛ ففعل ذلك» فلما مر به أبو الأسود رفع الرحل صوته فقال: "أن الله بريء من 
المشركين ورصولك". التوبة3 فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله. ثم رحع من فوره إلى زياد 
فقال: يا هذاء قد أحبتك إلى ما سألت» ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن, إلي ثلاثين رجلاء فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو 
الأسود عشرة» ثم لم يزل يختار منهم حتى اختار رجلا من عبد القيس» فقال: خحذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد» فإذا 
فتحت شفي فانقط واحدة فوق الحرف» وإذا ضممتهما فاجعل النقطة إلى جانب الحرفء وإذا كسرتما فاجعل النقطة في 
أسفله. فإن اتبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين» فابتدأ بالمصحف, حتى أتى على آخره؛ ثم وضع المختصر 
المنسوب إليه بعد ذلك. انتهى من امحكم في نقط المصاحف 

24 الرعد34 

25 النحل 40 

211 





على الواو» فإن قلت: وأين الواو؟ قلنا: غيب في السكون الذي هو الثبوت» فإن الحق يستحيل عليه الحركة, 
فلما التقى سكون الواو من كون» وسكون النون» اتصفت الواو بالغيب فلم تظهر ولزمت الهوية» ولهذا هو 
الهو غيب وضمير عن غائبء؛ وبقيت النون ساكنة» تدل على سكون الواو» وظهرت النون على صورة الواو 
في السكونء وهو الثبوت؛ كقوله: "خلق آدم على صورته"؛ فأثبت الأسماء بوجود النون في كنء أي» ماثم 
كائن حادث إلا عند سببء فلا يرفع الأسباب إلا جاهل بالوضع الإلمهي» ولا يقبت الأسباب إلا عالم كبير 
أديب في العلم الإلمي؛ فعن الحروف اللفظية يوجد عال الأرواح» وعن الحروف الرقمية يوجد عالم الحسء 
وعن الحروف الفكرية يوجد عالم العقل في الخيال» ومن كل صنف من هذه الحروف تتركب أسماء الأسماء. 
426 

قال أبو الفتح: قلت: صار الألف مبتدأ الحروف, لأسباب منها: 

الأول: لأنه الحرف الوحيد الذي إذا كان في مفصل عن الحروف» وعن كل ما يقرأ ويكتب» بقي على ما هو 
عليه» ولم يدل على نطقه إلا مرتبطا بالحروف 

الثافي: لاستقامته وانتصابه ودلالته على نطقه؛ من غير أن يحتاج إلى ميل أو اعوجاج» وما من حرف سواه يدل 
على نطقه بغير التواء واعوحاج 

الثالث: لأنه مى وضعت الحروف» فأصلها خط تتشكل منه. وهو الألف أصلها جميعا 

الرابع: الألف يمتد عموديا إلى الأعلى» ولا يحصره شيء» وعتد عموديا إلى الأسفل ولا يحصره شيء» فهو يعبر 
عن الله تعاللى الأزلي الباقي 

الخامس: انضواؤه في الحروف الي لا يمثلها غيرهاء بخلاف الباقية» فالباء قد تقرأ ياء والفاء قافاء مع مراعاة أن 
حروف العربية الي نزل يما القرآن لا تعرف التنقيط 

السادس: أن الألف يستر الساكن في التقديم؛ فيكون مبتدأ» ويمد الناصبء» وهذا لا يفعله غيره 

قلت في زنار: كان مول القدرة كان وُ لازال كاين ويكون, لا احد غيرو كاين في هاذ الكونء الالف فى كان 
قايمة بلا تقويم» تستر ساكن ق البديا والتقدم» تمد حروف ناصبه و تقيم؛ محذوفة أو ثابته حاضره فى التكليم» 
فى الجلالة مفتاح» دلالتها على المولى. انتهى 

السابع: أن الألف يحافظ على وضعه الأول حى في الأعداد» فهو أول حروف عدد: "أحد", الذي هو بداية 


الأعداد وهو أول حروف مرتبة "أول", فاتحة المراتب 


26 الفتوحات المكية 
212 





الثامن: أن الألف في اسم الله» مع اللام ليسا بأداة تعريف» لأن الله تعالى معروف لا يعرفء فالألف أصل في 
اسم الذات 

وما جاء الألف مع اللام في أول أي اسم غير اسم الله تعال سوى للتعريف» فافهم 

التاسع: ولا يقرأ الواو والياء ككمز سوى إن ركبتهما المحمزة» أما الألف» إذا ركبته الهمزة قرأ بالنصب والرفع 
والكسرء ويقرأ همزا بالنصب والرفع والكسر دون همز 

والألف لا يقرأ إلا همزا أبداء سواء همز أو نصب أورفع وكسرء أما الواو والياء فتقرآن بوضعهما كما في 
قولك: "ولد" وفي قولك: "يافع", وتقرأ همزاء كما في قولك: "كؤود". وف قولك: "فائدة". 

والألف نطقه الحمزء لا ينطق إلا به» فهو فيه أصلء إذ هو لسانه لا يعرف غيره» أما الواو والياء» فليس الهمز 
هما نطقا في الأصلء وإنما يستعيرانه 

وم شكل الألف انقلب في نطقه إلى همز بخلاف باقي الحروف 

يقول ابن عربي: السؤال الثاى والأربعون ومائة: من أي حساب صار عددها ثمانية وعشرين حرفا؟ 

الجواب: لأنما إنما ظهرت أعيان الحروف في العالم العنصري؛ وفى عنصر المواء سلطافهاء كما أن التراب والماء 
للأحسام الحيوانية» كما أن عنصر النار للجان؛ والعالم العنصري إنما نسب الى العناصر لأنما السبب الأقرب» 
والعناصر إنما حدثت عن حركات الأفلاك» وحركات الأفلاك إِنما قطعت ثمانيا وعشرين مترلة في الفلك الذي 
قطعت فيه؛ والعالم إنما صدر من نفس الرحمن» لأنه نفس به عن الأسماءء» لما كانت تجده من عام تأثيرهاء 
والنفس مناسب لعنصر الهواء» فتشكلت المنازل الفلكية في المواء العنصريء لما ظهرت العناصر؛ فلما جاء 
حكمه فيما تولد عن العناصر من المولدات» ظهرت في أكمل نشأة المولدات» وهو الإنسان» صور الحروف 
ثمانية وعشرين حرفاء عن ثمان وعشرين متزلة» والحق فيها لام الألف» خطا لينبه على القاطع في هذه الللازل» 
وهى الكواكب السيارة؛ فكما عمت المنازل بقوتها وتقطع فيها إيجحاد الكائنات والحوادث كذلك؛ أوحدت 
هذه الحروف جميع الكلمات الى لا فاية لهاء دنيا وآخرة؛ فقد بان لك على التقريب» لم كانت ثمانية وعشرين 
حرفاء فمن تمكن له أن يضع قلما على شكل المنازل في طالع مخصوصء وتكون الدراري في عقدة الرأس» فإنه 
يكون عن ذلك القلم مق كتب به عجائب في سرعة ظهور ما يكتب له. في أي شيء كان» حى لو كتب به 
كاتب دعاءء أحيب ذلك الدعاء ولم يتوقف. اننهى427 

قال أبو الفتح: إنما عدد الحروف عندناء ثمانية وعشرون ف النطق» وليس في الوضع» والوضع أولى من النطقء 
لأن الأول أصل والثاني تابع» والتابع أن بعد الأصل» كما يأنٍ النطق بعد الوضع 


27> الفتوحات المكية 


213 





وإذا قلت: وكم عددها في الوضع؟ قلت: هو عندنا: ستة عشرء لا يزيد ولا ينقص» وهي كالتالي: الألف 
والياء المثناة من تحتء واللام والحاء والنون والكاف والدال المهملة والحاء المهملة والصاد المهملة والقاف المثناة 
والطاء المهملة والعين المهملة والسين المهملة والراء المهملة والواو والميم 

وقد نابت الياء التحتية المثناة والنون عن الباء التحتية الموحدة والتاء الفوقية المثناة والثاء المثلثة 

ونابت الهاء عن التاء الفوقية المثناة المربوطة في آخر اللفظ 

ونابت الدال المهملة عن الذال المعجمة 

ونابت الحاء المهملة عن الحيم الموحدة من تحت والخاء الموحدة من فوق 

ونابت الصاد المهملة عن الضاد الموحدة 

ونابت القاف المثناة عن الفاء الموحدة 

ونابت الطاء المهملة عن الظاء الموحدة 

ونابت العين المهملة عن الغين الموحدة 

ونابت الراء المهملة عن الزاي الموحدة 

وقد نطقت الحروف المقطعة في القرآن الكريم؛ بعدد الوضع وحروفه؛ دون زيادة ولا نقصان 

أي من تلوت الحروف المقطعة ونطقت بماء فأنت لا تخرج عن الستة عشر ولا تزيد 

فإذا قلت: كيف ذلك؟ 

قلت: يجب النظر إلى الحروف دون تنقيط 

فاعلم أن المفسرين جمعوا الحروف المقطعة بعدما حذفوا ما تكرر منها في أربعة عشر حرفا: يجمعها قولك: نص 
حكيم قاطع له سر 

فاكتب فواتح السور منطوقة» هكذا: نون» صادء حاء كافء ياء ميم» قاف, ألفء طاء عين؛ لام؛ هاء سينء 
را 

ثم احذف مكررهاء فما بقي احذف نقطه؛ وما تبقى منه احذف كل حرف ينوب عنه غيره في وضعه أو 
أوضاعه» تبق لك ستة عشر حرفا لا غير» وهي أصل نطق سور القرآن وآياته جميعاء وأساس نطق سائر ألفاظ 
العربية» وقد سقناها آنفا كما ترى. 

واعلم أن الحروف أمة, والمقطعة منها هيئة أولياء الله الصالحين 

فالقطب حرف الألفء وهو في اسم الجلالة ثابت ومحذوف»ء وفي اسم الرحمن محذوف 

وإماماه: اللام والهاء» لا ينوب عنهما غيرهماء ويمما يكون الألف اسم الجلالة وكلمة التوحيد» وهي: لا إله إلا 


١ 
سل‎ 


الله 


214 


فأما اللام فبه يعرف الألف ما تنكرء كقولك في رحل: الرحل 

وأما اللهاء» فيكون ضميرا متصلا أو منفصلاء في محل ما أضيف إليه» ويكون ضميرا متصلا أو منفصلا في محل 
مفعول به 

والأوتاد: الكاف والميم ثم الياء المثناة من تحتء الي تأي في مؤحر الكلمة والنون الي تاق مثلها في آخر الكلم؛ 
كل حرف منها قائم بنفسه؛ لا ينوب عنه غيره 

والأبدال: الحاء المهملة» والراء المهملة» والسين المهملة» والصاد المهملة» والطاء المهملة» والعين المهملة» والقاف 
المثناة 

وما غاب عما ذكرناه من الحروف الستة عشر الآنفة الذكرء فقد ناب عنه غيره ثما ذكرنا في وضعه, اللهم إلا 
حرفي الدال المهملة والواو» فلم ينب عنهما في الوضع حرف من المقطعة ال تكون الهيئة» فانظره تجده كما 
قلناء وبالله التوفيق 

وبالنظر إلى ما سقط من حرفي الدال المهملة والواوء واللتين تكونان كلمة: ودء نحد أن القرآن العظيم قد 
ذكرها مرتين 

أما الأولى ففي سورة البقرة» وهي قوله تعالى: "و كثير من أهل الكتاب» لويرهونكم من بعد إيمانكم 
كارا نيه امن عد اسنوو مر بحا ما فيو لبه اله 107 

وأما الثانية» ففي سورة النساءء وهي قوله تعالى: "وك العين كفروا لوتغفلون عن أم لحتكم وأمتعتكم 


فيميلون عليكم 0 ار 
وقد وردت الكلمة على شكل فعل ود» منسوب لأهل الكفر والشرك» ولعله سبب استثنائها ثما ذكرناه» والله 
تعالى أعلم 


يقول ابن عربي: السؤال الثالث والأربعون ومائة: ما قوله: "لق آدم على ص رته؟4301 


الجواب: اعلم أنه كل ما يتصوره المتصورء فهو عينه لا غيره» فإنه ليس بخارج عنه؛ ولابد للعالم أن يكون 
متصورا للحق على ما يظهر عينه» والإنسان الذي هو آدمء عبارة عن مجموع العالم» فإنه الإنسان الصغير» وهو 


1 آية108 
آي 101 
7 روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن البي يَيْكُمْ قال: "خلق الله آدم على صورته؛ طوله ستون ذراعاء فلما 
حلقه قال: اذهب فسلم على أولئك؛ نفر من الملائكة جلوسء فاستمع ما يحيونك» فإها تحيتك وتحية ذريتك» فقال: السلام 
عليكم, فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه: ورحمة الله» فكل من يدخل الحنة على صورة آدم, فلم يزل الخلق ينقص بعد 


حي الآن". 


215 





المختصر من العالم الكبير» والعالم ما في قوة إنسان حصره في الإدراك لكبره وعظمه؛ والإنسان صغير الحجم 
يحيط به الإدراك من حيث صورته وتشريحه. وبا يحمله من القوى الروحانية» فرتب الله فيه جميع ما خرج عنه» 
مما سوى الله فارتبطت بكل جزء منه حقيقة الاسم الإلمي الى أبرزته وظهر عنهاء فارتبطت به الأسماء الإلمية 
كلهاء لم يشذ عنه منها شيء» فخرج آدم على صورة الاسم الله إذ كان هذا الإسم يتضمن جميع الأسماء 
الإلهية» كذلك الإنسان» وإن صغر حرمه؛ فإنه يتضمن جميع المعاني» ولو كان أصغر ما هوء فإنه لا يزول عنه 
اسم الإنسان» كما جوزوا دخول الجمل في سم الخياط» وإن ذلك ليس من قبيل المخال» لأن الصغر والكبر 
العارضين في الشخص لا يبطلان حقيقته» ولا يخرحانه عنهاء والقدرة صالحة أن تخلق جملا يكون من الصغر» 
بحيث لا يضيق عنه سم الخياط» فكان في ذلك رجاء لهم أن يدخلوا جنة النعيم» كذلك الإنسان» وإن صغر 
حرمه عن جرم العالم» فإنه يجمع جميع حقائق العالم الكبير» ولحذا يسمي العقلاء العالم إنسانا كبيراء ولم يبق في 
الإمكان معين» إلا وقد ظهر في العالم» فقد ظهر في مختصره, والعلم تصور المعلوم» والعلم من صفات العالم 
الذاتية» فعلمه صورته وعليها خلق آدم, فآدم خلقه الله على صورته» وهذا المعئن لا يبطل لو عاد الضمير على 
آدم» وتكون الصورة صورة آدم علماء والصورة الآدمية حسا مطابقة للصورة» ولا يقدر يتصور هذا إلا 
بضرب من الخيال يحدثه التخيل» وأما نحن وأمثالنا» فنعلمه من غير تصور» ولكنء لما جاء في اللحديث ذكر 
الصورة» علمنا أن الله إنما أراد حلقه على الصورة» من حيث أنه يتصور؛ لا من حيث ما يعلمه من غير 
تصور؛ فاعتبر الله تعالى في هذه العبارة التخيل» وإذا أدخل سبحانه نفسه في التخيل» فما ظنك .يمن سوى الحق 
من العالم؛ صح عن رسول الله يَيكثُّمْ أنه قال لحبريل: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"» فهذا تنزيل خيالي 
من أحل كاف التشبيه» وانظر من كان السائل ومن كان المسؤل ومرتبتهما من العلم بالله» ولم يكن بأيدينا إلا 
الأخبار الواردة بالنزول والمعية واليدين واليد والعين والأعين والرجحل والضحكء وغير ذلك ما ينسب الحق إلى 
نفسه؛ وهذه صورة آدمء قد فصلها في الأخبار» وجمعها في قوله: "خلق الله آدم على صورته", فالإنسان 
الكامل ينظر بعين الله» وهو قوله: "كنت بصره الذي يبصر به الحديث"» كذلك يتبشبش بتبكبش الله 
ويضحك بضحك الله» ويفرح بفرح الله» ويغضب بغضب الله» وينسى بنسيان الله» قال تعالى: "قصوا الل 

"2 وينسب جميع ما ذكرناه إلى كل ذات بحسب ما تقتضيه؛ مع علمنا بحقيقة كل صفة» فإن كانت 
الذات المنسوب إليها معلومة علم صورة نسبة هذا المنسوب» وإن جهلت الذات المنسوب إليها» كنت بنسبة 
هذا المنسوب أجهل؛ فهذا الوجه الذي يليق بجواب سؤال هذا السيد» فلو سأل مثل هذا السؤال فيلسوف 
إسلامي؛ أجبناه بأن الضمير يعود على آدم؛ أيء أنه لم ينتقل في أطوار الخلقة انتقال النطفة من ماء إلى إنسان» 


431 التوبة 67 
216 





خلقا بعد حلق» بل خلقه الله كما ظهرء ول ينتقل أيضا من طفولة إلى صبى إلى شباب إلى كهولة» ولا انتتققل 
من صغر جرم إلى كبره كما ينتقل الصغير من الذرية. ذا يجاب مثل هذا السائل» فلكل سائل حواب يليق به. 


432 
انتهى 

قال أبو الفتح: "خلق الله تعالى آدم على صورته"» ولكن لم يخلقه إله. فإن كونه حلقه؛ إشارة إلى الخالق 
واللخلوق» والسيد واللسود 


فهو على صورة الرحمن: من حيث أن له ذاتا وصفات وأفعالا؛ وله منطق ومع وبصر 

وقد تقول لي: هي نعوت وصفات يشترك فيها جميع المخلوقات مع الإنسان 

فأقول: ولكن آدم على صورة الله تعالى» أن ميزه الله تعالى .ما ليس عند غيره» بأن نفخ فيه الروح 

فليس مخلوق في السماوات أو ف الأرضين نفخ الله تعالى فيه من روحه غير آدم 

وقد كانت هذه الصورة واضحة؛ في بداية خلق آدم؛ فإنه لم يستحق سجود الملائكة» حى نفخ فيه الله تعالى 
من روحه. ولم يكن قد أذنب بعد ولا كلف بشيء 

قال تعالى: 'فإءا سويتة ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجئين" 503 

فهو على صورته تعالى» في تشريفه بالخلافة» وفي ما تضفيه عليه الروح؛ الي هي من الله من صفات الباري عز 
وحل 

إلا أن هذه الصفات, منها ما هو محرم عليه التشبه به» ولو أنه فيه» ومن هنا تظهر مشقة التكليفء ويتميز 
المؤمنون الذين يخالفون طباعهم في مرضاة الله تعالى 

ومن الصفات الى هي فيه ومحرمة عليه: الكبر والكبرياءء» ألا ترى أن الإنسان من شدة الكبر والكبرياء قد ادعى 
الألوهية؟ 

ومنها صفة الملك» ألا ترى أن الناس جميعاء ما منهم إلا مشغوف بالملك بحبول عليه؟ 

وإذا قلت في العربية: صنعت كذا على صورة كذاء فلا يعبى ذلك بالضرورة أن المصنوع الثاني مثل الأول تماماء 
ولكن فيه من بعض خخصائص الأول» فافهم والله الموفق 


2 الفتوحات المكية 
3 الحجر 29 
217 





الكلام على الميئة وما يعاق بها 
اعلم أيها الأخ الصادقء أن الحق سبحانه؛ أنزل الشريعة وسخر لها في كل زمان من يخدمها ويحافظ على ثباقاء 
علماء صادقين» منهم فقهاء ومفسرون وأصوليون ومحدثون» ووعاظ وبحتهدونء فلا يخلو زمان من هذه الزمرة 
من الأتقياء العاملين» فهم أثمة الناس وعلماء الدين» يصلحون ما فسدء ويذكرون من نسي» ويشرحون ما 
أشكل؛ يغارون على دين الإسلام» وهم للأمة من الناصحين 
وقد أظهرهم الله لعباده» حي يفيدوا ويستفيدواء فلو أنهم كانوا أخفياء ما انتفع يمم أحدء ولذلك هم ظاهرون 
يشدون ظاهر الدين» منهم صحابة رسول الله يلثم رضي الله عنهم وأرضاهم؛ وبعدهم من تتابع من العلماء 
والفقهاء إلى أن ياي الله بأمره» قال تعالى: "فاسألوا أهل الغكر إن كنتم لا تعلمون" 151 
وقال سبحانه: "وما كان للمومنين لينفروا كافخ فلولا نفر من كل فرق منهم ضايف ليتفقهوا في الين 
ولينكروا قومهم إها رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" 185 
وأما الحقيقة» فهي روح الشريعة» وما نزلت الشريعة إلا والحقيقة تسري ف جسدها سريان المعى في المبى 
وسريان الماء في الغصن النضير 
يقول القشيري: الشريعة أمر بالتزام العبودية» والحقيقة مشاهدة الربوبية» فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير 
مقبول» وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير محصول؛ فالشريعة جاءت بتكليف الخلق» والحقيقة إنباء عن 
تصريف الحق» فالشريعة أن تعبده والحقيقة أن تشهده» والشريعة قيام بما أمر» والحقيقة شهود لما قضى وقدرء 
وأخفى وأظهر. انتهى 76 
فسخر الله تعالى للحقيقة» هي الأخرىء من العارفين من يرعاها حي تساير الشريعة السمحة ولا تخرج عنهاء 
فتكون على هدى من الله تعالى 
أولئك علماء السلوك» من سعد بصحبتهم دلوه على حقيقة التوحيد» بعد أن تشرع في توحيده» فيجمع بذلك 
بين الحسنيين» واشترطوا عليه أداء الفرائض واجتناب الموبقات» ولكن علموه كيف يخلص عبوديته لمولاه» 
وكيف يتخلص من المشاغل؛ ويتبرأ من الأعراض الي تكدر عليه توجهه إلى مولاه 


4 النحل 43 
5 التوبة123 
6 الرسالة القشيرية 
218 





وكما تميز علماء شرعيون بالسبق في العلوم عند الناس» وأقروا بسبقهم,» حى سموهم بما يدل على تميزهم 
وتفردهم: فكان مالك إمام دار اللحجرة» والعز بن عبد السلام سلطان العلماء» وأبو حامد الغزالي حجة 
الإسلام؛ وابن تيمية شيخ الإسلام 

بل هناك من أعطى لبعض الأئمة أعدادا خصوصة؛ كما هو الحال عند أعضاء عناصر هيئة الأولياء» ومن ذلك 
سمي أبو بكر وعمر وهما اثنان» بالإمامين 

والخلفاء الراشدون أربعة» والعبادلة ل وأصحاب سن وفقهاء المدينة سبعة» 
فلدى العارفين المحققين ما يسمى بالهيئة» الي ما هي إلا أفراد تفردوا برعاية الحقيقة على مر الزمان» واصطلح 
الأولياء على تسميتهم بأسماء مخصوصة:؛ وأجمعوا على عددهم ومهامهم؛ ويكون القطب على رأسهم. وهناك 
من يسميه الغوث» وهناك من يرى أن القطب يان بعد الغوث» وفي مذهبنا: لا أحد في العالمين أحق بتسمية 
الغوث من رسول الله َيل 

قلت: وقد تسألئ أيها القارئ اللبيب: هل لذكر هيئة الأولياء أصل في حديث رسول الله عَم ؟ 


1139 


7 أسماء العبادلة الأربعة: 

عبد الله بن الزبير رضى الله عنه 

عبد الله بن عباس رضى الله عنه 

عبد الله بن عمر رضى الله عنه 

عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه 

8 أسماء أصحاب المذاهب الأربعة: 

مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحيء أبو عبد الله 

أبو عبد الله» محمد بن إدريس الشافعي المطلبي المكي 

أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطا التميمي مولاهم؛ الكوفي 

أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبائ» أبو عبد الله 

59 وهذه أسماء فقهاء المدينة السبعة: 

عروة بن الزبير 

سعيد بن المسبيب 

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق 

خارحة بن زيد» وهو ابن الصحابي زيد بن ثابت 

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة 

أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة 

سليمان بن يسار مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث 
219 





فأقول والله المستعان على كل عسير: ثبتت أحاديث بذكر القطب والأوتاد والنجباء والأبدال» نورد لك بعض 
ما اخترناه منهاء من باب الاقتضاب لضيق محال سردها جميعاء فإليك ما يفي بالغرض: 

يقول حلال الدين السيوطي في كتاب أسماه: الخبر الدال على وحود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال 

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلمء الحمد لله الذي فاوت بين خلقه في 
المراتب» وجعل في كل قرن سابقين» بهم يحبي ويميت وينزل الغمام الساكبء والصلاة والسلام على سيدنا 
محمد البدر المنير» وعلى آله وأصحابه الحداة الكواكب. 

وبعد» فقد بلغ عن بعض من لا علم عنده. إنكار ما اشتهر عن السادة الأولياء من أن منهم أبدالا ونقباء 
وبحباء وأوتادا وأقطابا؛ وقد وردت الأحاديث والآثار بإثبات ذلك» فجمعتها في هذا الجزء» لتستفاد ولا يعول 
على إنكار أهل العناد» وسميته: الخبر الدال على وحود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال» والله الموفق 

فأقول: ورد في ذلك مرفوعا وموقوفاء من حديث عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأنس وحذيفة بن 
اليمان وعبادة بن الصامتء وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعوف بن مالك» ومعاذ بن 
جحبل وواثلة بن الأسقع وأبي سعيد الخدريء وأبي هريرة وأبي الدرداء وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم. ومن 
مرسل الحسن وعطاء وبكر بن خخنيس. ومن الآثار عن التابعين ومن بعدهم ما لا يحصى. انتهى 4 

(حديث ابن مسعود): قال أبو نعيم: عن عبد الله قال: قال رسول الله عَم : "إن لله عز وجل في الخلق 
ثلاثمائة» قلومهم على قلب آدم عليه السلام» ولله في الخلق أربعون» قلويهم على قلب موسى عليه السلام» ولله في 
الخلق سبعة» قلويهم على قلب إبراهيم عليه السلام» ولله في الخلق خمسة؛ قلويهم على قلب جبريل عليه السلام؛ 
ولله في الخلق ثلاثة» قلويهم على قلب ميكائيل عليه السلام» ولله في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه 
السلام؛ فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة» وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة» وإذا 
مات من الخمسة أبدل الله مكانه من السبعة» وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين» وإذا مات من 
الأربعين أبدل مكانه من الثلاثمائة» وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة؛ فبهم يحيي ويعيت ويمطر 
وينبت ويدفع البلاء". قيل لعبد الله بن مسعود: وكيف هم يحبي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله إكثار الأمم 
فيكثرون» ويدعون على الحبابرة فيقصمون» ويستسقون فيسقون» ويسألون فتنبت لهم الأرض» ويدعون فيدفع 
حم أنواع البلاء. أخرجه ابن عساكر. انتي 441 

(مرسل الحسن) قال ابن أبي الدنيا في كتاب السخاء: عن الحسن أن رسول الله بيثم قال: "إن بدلاء أمي لم 
يدحلوا الجنة بكثرة صلاتهم ولا صيامهم» ولكن دخلوها بسلامة الصدور وسخحاوة أنفسهم". وأحرجه البيهقي في 


7 الخبر الدال على وحود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال 
4١‏ المرحع نفسه 
220 





شعب الإبمان عن أبي عبد الله الحافظ عن أي حامد أحمد بن محمد بن الحسين عن داود بن الحسين عن ييى بن ييى عن صالح 
المزي به. وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: عن الحسن قال: قال رسول الله عَيكُّم : "إن بدلاء أمي» لم 
يدخلوا الجنة بكثرة صوم ولا صلاة» ولكن دخلوها برحمة الله وسلامة الصدورء وسخاوة الأنفس والرحمة 
جميع المسطلمين". 2ه 

قلت: واختلف العارفون المحققون في أمور الهيئة» وتناقضت أقولهم» وتباينت كشوفاتهم» كل يراها ويعرف يما 
على حسب ضيق أفقه واتساعه؛ فلم يتهيأ لنا تصور ثابت هذه الهيأة بحال من الأحوال 

ومن تحدث في الأمر أكثر من غيره: سيدي محبي الدين بن عربي» وسيدي عبد العزيز الدباغ» وقد ارتأيت أن 
أورد بعض ما قالا من أصلهء وأعلق عليه بعده بحول الله تعالى 

ولولا أن طالبي وجه الله من المسلمين انتابتهم حيرة في أمر هذه الهيئة» والتبس عليهم نعتهاء من شدة ما وصفها 
به الواصفون واخحتلفوا في وصفهاء قلت: لولا ذلك» ما حضت ف أمر أخفاه الله تعالى 

وإنما فعلت ذلك» حي أفصل في هذا الشأن للإحوان» وأرفع عنهم الحيرة والالتباس» فيكونون على بينة من 
الأمر» فالله أسأل لي وهم الهداية والغفران. 


منزلة القطب عند ابن عربي 

يقول محيي الدين بن عربي» رحمه الله تعالى: الباب السبعون ومائتان في معرفة منزل القطب والإمامين من 
المناحاة المحمدية: 

منزلة القطب والإمامه متزلة مالماعلامة 

بملكها واحد تعالىى عن صفة السير والإقامه 

يعلوه في لونه اصفرار في أيمن الخد منه شامه 

خحفية ما الحا نتو أيده الله بالسلامه 

توجحه لله بلمعالى في عالم الأمر في القيامه 
اعلم أيدك الله بروح منه» أن من تحقق بهذا المنزل من الأنبياء صلوات الله عليهم؛ أربعة: محمد وإبراهيم 
وإسمعيل وإسحق عليهم السلام. ومن الأولياء اثنان» وهما: الحسن والحسين» سبطا رسول الله يَيلنّم» وإن كان 
لمن عدا هؤلاء المذكورين منه شرب معلوم؛ على قدر مرتبته من الإمامة؛ فاعلم أن الأقطاب والصالحين, إذا 
سموا بأسماء معلومة» لا يدعون هناك إلا بالعبودية إلى الإسم الذي يتولاهم» قال تعالى: 'وإنه لما قام عب؛ الله 


442 


المرجع نفسه 
221 





. 2 2 ِ 443 ٠ 
يدعول » فسماه: عبد الله وإن كان أبوه قد سماه محمدا واأحمد» فالقطب أبدا مختص هذا الاسم الجامع» فهو‎ 


عبد الله هناك» ثم إفهم يفضل بعضهم بعضا مع احتماعهم في هذا الاسم الذي يطلبه المقام» فيختص بعضهم 
باسم ما غير هذا الاسم من باقى الأسماء الإلمية» فيضاف إليه وينادى في غير مقام القطبية» كموسى تَيَكّء اسمه 
عبد الشكورء وداود عليه السلام اسمه الخاص به عبد الملك» ومحمد يَيكثمْ اسمه عبد الجامع؛ وما من قطب إلا 
وله اسم يخصه زائد على الاسم العام الذي له» الذي هو عبد الله سواء كان القطب نبيا في زمان النبوة 
المقطوع يماء أو وليا في زمان شريعة محمد يكم وكذلك الإمامان» لكل واحد منهما اسم يخصه ينادى بهء 
كل إمام في وقته هناك: فالإمام الأيسر عبد الملك» والإمام الأيمن عبد ربه» وهما للقطب الوزيران» فكان أبو 
بكر رضي الله عنه عبد الملك» وكان عمر رضي الله عنه عبد ربه في زمان رسول الله تيلم إلى أن مات 
َي فسمي أبو بكر عبد الله. وسمي عمر عبد الملك» وسمي الإمام الذي ورث مقام عمر عبد ربه» ولا يزال 
الأمر على ذلك إلى يوم القيامة» وكان الحسن والحسين رضى الله عنهما أمكن الناس في هذا المقام من غيرهماء 
من اتصف به؛ وجرت السنة الإلهية في القطبء إذا ولي المقام أن يقوم في مجلس من بمجحالس القربة والتمكين» 
وينصب له فيه تخت عظيمء لو نظر إلى كائه الخلق لطاشت عقوطم, فيقعد عليه» ويقف بين يديه الإمامان 
اللذان قد حجعلهما الله له» وبمد يده للمبايعة الإلهية والاستخلاف» وتؤمر الأرواح الملكية واللجن والبشر 
الروحاني .مبايعته واحدا بعد واحدء فإنه جل جناب الحق» أن يكون مصدرا لكل وارد» وأن يرد عليه إلا واحد 
بعد واحد» فكل روح يبايعه في ذلك المقام» يسأله أعي» يسأل الروح القطبء عن مسألة من المسائل» فيجيبه 
أمام الحاضرين» ليعرفوا مترلته من العلم» فيعرفون في ذلك الوقت أي اسم إِلهي يختص به» وقد أفردنا لممذه 
المبايعة كتابا كبيرا ميناه: مبايعة القطب في حضرة القرب» وذكرنا فيه معيئ مسائل كثيرة» نما سثل عنها 
فأحاب؛ ولا تبايعه إلا الأرواح المطهرة المقربة» ولا يسأله من الأرواح المبايعة من الملائكة والجن والبشرء إلا 
أرواح الأقطاب الذين درحوا حاصة» فذكرنا في ذلك الكتاب سؤالاقهم وحوابه عليها موق, وهكذا هي حالة 
كل قطبء يبايع في زمانه؛ فلنذكر في هذا الباب من بعض أحواله العامة» لكل قطب دون الأحوال الخاصة به 
ليعلم الواقف على كتابي هذاء صاحب الذوق المشاهد إياه» أنا ما عدلنا في كتابنا هذا عن الطريقة الى لا 
يجهلها كل عارف من أهل هذا الشأن» فلو ذكرنا الحال الخاص به ريما كان يقول: هذه دعوىء فلنيداً أولا 
بحال الإمام الأقصىء ثم الإمام الأدن» ثم القطب؛ فأما الإمام الأقصى» وهو عبد ربه» فإن حاله البكاء شفقة 
على العالم» لما يراهم عليه من المخالفات» وينظر إلى توجه الأسماء الإلحية الي تقتضي العقاب والأحذء ولا 
يتجلى له من الأسماء الإلية» ما تقتضيه المخالفات من العفو والتجاوزء فلهذا يكثر بكاؤه فلا يزال داعيا لعباد 


443 الجن 19 
222 





الله رحيما بهم سائلا الله سبحانه أن يسلك بهم طريق الموافقات؛ ولقد عاينت في بعض سياحاقٍ هذا الإمام, 
فما رأيت ممن رأيت من الصالحين أشد حوفا منه على عباد الله» ولا أعظم رحمة» فقلت له: لم لا تأحذك الغيرة 
لله؟ فقال: إن لا أريد أن يغار لله من أحلي» ولكن أريد أن يسأل الله من أحليء لير حم ويتجاوزء فلا أحب 
لعباد الله إلا ما أحبه لنفسي» ولا ينبغي للصادق مع الله أن يتصور في صورة حال لا يعطيه مقامه؛ ولهذا الإمام 
قوة سلطان على الشياطين الملازمين أهل الخير والصلاح» ليصرفوهم عن طريقهم؛ فإذا وقع نظر الشيطان على 
هذا الإمام, وهو عند بعض الصالحين» يحتال كيف يصرفه عن طريقته» يذوب كما يذوب الرصاص في النار» 
فيناديه الإمام بامعه عسى يسلم» فيدبر هارباء فلا يزال ذلك الصالح محفوظا من إلقاء هذاالصنف من 
الشياطين إليه ما يخرجه عن صلاحه. ما دام هذا الإمام حاضرا ناظرا إليه» وإن كان ذلك الصالح لا يعرفه» ولا 
يعرف ما حرىء وقد عاينا هذه الطائفة» فيدفع الله عن عباده بهذا الإمام الشرور الي تختص بالصالحين من 
عباده خاصة» عناية منه يمم» ومن خاصية هذا الإمام: التصديق بكل خبر مخبر به عن الله» سواء كان ذلك 
المخبر صادقا في أخباره» أو مفترياء فإن هذا الإمام يصدقه لكونه ناظرا إلى الاسم الإلمحي الذي يتولى هذا المخبر 
في أخباره» فإن كان صادقاء فأحباره عن كشف محقق» فيستوي هو والإمام في ذلك؛ وإن لم يكن له كشف 
وأخبر عما وقع عنده وهو لا يدري من أوقعه» ويقصد الكذب» فإن هذا الإمام يصدقه في أخباره. والممعحبر 
معاقب من الله» محروم بقصده الكذب» وهو في نفس الأمر ليس كذلك» فوبال قصده عاد عليه» فعذب أن 
آذه الله بذلك. ومن أحوال هذا الإمام» أن يسأل دائما الانتقال الى مقام المشاهدة من الأحوالء ومقام 
الصلاح من المقامات» وله اطلاع دائم إلى الجنان» وإنما حصه الله يهذا الاطلاع» إبقاء عليه» فيقابل ما هو عليه 
من البكاء والحزن المؤدي إلى القنوطء ما يراه ويطلعه الله عليه من سرور الحنان ونعيم أهله فيه» ويعاين اشتياق 
أهله إليه وانتظارهم لقدومه؛ فيكون ذلك سببا لاعتداله؛ ومقام هذا الإمام الإحسان الأول» وهو قول جبريل 
عليه السلام لرسول الله عليه الصلاة والسلام: "ما الإحسان؟" وجوابه َم : "الإحسان أن تعبد الله كأنك 
تراه"؛ والذي بعدهء ليس لهذا الإمام وبيد هذا الإمام مصالح العالم» وما ينتفعون بهء وهو يربي الأفراد ويغذيهم 
بالمعارف الإلهية» ويقسم المعارف على أهلها مميزان محقق على قدر ما يرى فيه صلاح ذلك العارف» لتحيى 
بتلك المعرفة نفسه» وله السيادة على الثقلين» والحكم والتصرف فيهماء .مما تعطيه المصلحة لحم» ومن خحصائص 
هذا الإمام الإقامة على كل ما يحصل له من الأحوال والمقامات» وليس ذلك لكل أحدء فما يتصف بحال 
فينتقل عنه» ولا .ممقام» وغير هذا الإمام إذا انتقل إلى مقام أو حال» حكم عليه سلطان ذلك المقام والحال وغيبه 
عما انتقل عنه» وهذا الإمام ليس كذلكء فإن المقام الذي انتقل عنه محفوظ عليه لا يغيب عنه» قوة إلية خصه 
الله ماء ولروحه من الأحنحة مائتا حناح وأربعة أجحنحة» أي جناح نشر منها طار به حيث شاءء وله قدم في 


المرتبة الثالثة والأولى» ويدعى في بعض الأحايين بالبر الرحيم» وكانت بدايته من المرتبة الثالثة» وايته إلى المرتبة 


223 


الأولى» فكان طريقته من غايته إلى بدايته» بخلاف السلوك المعروف» فرحع القهقرى بقطع المقامات والدرحات 
والمنازل» فمن ايت إلى بدايته تسعة عشر متزلاء فيها منزل البداية والنهاية» فتم منزل درجاته مائة واثنتان 
وعشرة وتسعون وعشرون وثلاثة وأربعة وثلاثون وحمسة وأربعون وستة وحمسون» وسبعة وستون وثمانية. 
ان 
صفات القطب عند ابن عربي 

ثم قال رحمه الله تعالى: فأما القطبء وهو عبد الله» وهو عبد الجامع» فهو المنعوت يجميع الأسماء تخلقا وتحققا؛ 
وهو مرآة الحق» وبحلي النعوت المقدسة؛ وبجحلي المظاهر الإلهية» وصاحب الوقتء وعين الزمان» وسر القدر؛ 
وله علم دهر الدهور؛ الغالب عليه الخفاء؛ محفوظ ف خزائن الغيرة» ملتحف بأردية الصونء لا تعتريه شبهةء 
ولا يخطر له خاطر» يناقض مقامه» كثير النكاح راغب فيه محب للنساءء يوفي الطبيعة حقها على الحد المشروع 
له» ويوفي الروحانية حقها على الحد الإلحي» يضع الموازين ويتصرف على المقدار المعين؛ الوقت له ماهو 
للوقت» هو لله لا لغيره؛ حاله العبودية والافتقار» يقبح القبيح ويحسن الحسن» يحب الحمال المقيد في الزينة 
والأشخاص؛ تأتيه الأرواح في أحسن الصورء يذوب عشقاء يغار لله ويغضب لله؛ لا تتقيد له المظاهر الإلممية 
بالتدبير» بل له الإطلاق فيهاء فتظهر له في تدبير المدبر روحانيته من البشر المحسوس» من خلف حجاب 
الشهادة والغيب» لا يرى من الأشياء إلا وجه الحق فيهاء يضع الأسباب ويقيمها ويدل عليهاء ويجري بحكمهاء 
يتزل إليها حى تحكم عليه وتؤثر فيه؛ لا يكون فيه ربانية بوجه من الوجوهء مصاحب لهذا الحال دائماء إن كان 
صاحب دنيا وثروة» تصرف فيها تصرف عبد في مال سيد كريم» وإن لم يكن له دنيا وكان على ما يفتح لهء 
لم تستشرف له نفس» بل يقصد بنفسه عند الحاجة إلى بعض ما تحتاج إليه طبيعته» بيت صديق من يعرفهءع 
يعرض عليه ما تحتاج إليه طبيعته» كالشفيع لها عنده» فيتناول لما منه قدر ما تحتاج إليه؛ وينصرف لا يجلس عن 
حاجته إلا من ضرورة؛ فإذا لم يجد لأ الى الله في حاجة طبيعته» لأنه مسؤول عنهاء لكونه واليا عليها ثم 
ينتظر الإحابة من الله فيما سأله» فإن شاء أعطاه ما سأل عاجلا أو آحلا؛ فمرتبته اللحاح في السؤال والشفاعة 
في حق طبيعته» بخلاف أصحاب الأحوال» فإن الأشياء تتكون عن همتهم وطرحهم الأسباب عن نفوسهم, فهم 
ربانيون» والقطب منره عن الحال ثابت في العلم» مشهود فيه فيتصرف به فإن أطلعه الحق على ما يكون أخير 
بذلك على جهة الإفتقار والمنة لله» لا على حهة الإفتخار؛ لا تطوى له أرضء ولا بشي في هواى ولا على 
ماء» ولا يأكل من غير سببء ولا يطرأ عليه شيء ثما ذكرناه من خرق العوائد» وما تعطيه الأحوال إلا نادرا 
لأمر يراه الحق» فيفعله» لا يكون ذلك مطلوبا للقطب» يجوع اضطرارا لا اختياراء ويصبر عن النكاح كذلك 


44 الفتوحات المكية 
224 





لعدم الطول» يعلم من تحلي النكاح ما يحرضه على طلبه والتعشق به» فإنه لا يتحقق له ولا لغيره من العارفين 
عبوديته أكثر ثما يتحقق له في النكاح؛ لا في أكل ولا في شربء ولا في لباس لدفع مضرة» ولا يرغب في 
النكاح للنسل» بل بحرد الشهوة واحضار التناسل في نفسه لأمر مشروع؛ والتناسل في ذلك للأمر الطبيعي 
لحفظ بقاء النوع في هذه الدار» فإن نكاح صاحب هذا المقام» كنكاح أهل الحنة جرد الشهوة» إذ هو التجلي 
الأعظم الذي حفي عن الثقلين» إلا من احتصه الله به من عباده» وعلى هذاء يجري نكاح البهائم بحرد الشهوة» 
لكن غاب عن هذه الحقيقة كثير من العارفين» فإنه من الأسرار ال لا يقف عليهاء إلا القليل من أهل العناية» 
ولو لم يكن فيه من الشرف التام الدال على ما تستحقه العبودية من الضعفء إلا ما يجد فيه من قهر اللذة 
المفنية له عن قوته ودعواه» فهو قهر لذيذء إذ القهر مناف للالتذاذ به في حق المقهور, لأن اللذة في القهر من 
خصائص القاهر» لا من خصائص المقهورء إلا في هذا الفعل خاصة» وقد غاب الناس عن هذا الشرف» 
وجعلوه شهوة حيوانية» نزهوا نفوسهم عنهاء مع كوم سموها بأشرف الأسماءء وهو قولهم: حيوانية» أي هي 
من خخصائص الحيوان» وأي شرف أعظم من الحياة؛ فما اعتقدوه قبحا في حقهم؛ هو عين المدح عند العارف 
المكمل» هذا مضى بسبيله؛ وأما حب القطب الجمال المقيد المندرج في الجمال المطلق» فذلك لقربه في المناسبة 
إلى الجمال» فلا يحتاج فيه الى غور بعيد» وقوة يشق بحا حجاب قبح الطبع إلى إدراك الجمال الإلمي المودع في 
ذلك القبح؛ فالجمال المقيد يعطيه بأول وهلة مقصودهء حى يتفرغ إلى أمر آخر آكد عليه من مقاومة القبح 
الطبيعى» لإدراك الجمال المطلق» إذ الأنفاس عزيزة في دار التكليف» ويريد أن لا يكون له نفس إلا وقد تلقاه 
بأحسن أدب» وصرفه بأحسن علعة وزينة» وقد غاب عن هذا القدر من المعرفة جماعة من العارفين» وأنفت 
نفوسهم من ذلكء لمشاركة أهل الأغراض من العامة فيه» وما علموا أن هذا الرحل له مشاهدة الجمال المطلق 
في الجمال المقيد وفي غيره» بخلاف العامة. واعلم أن القطب هو الرجل الكامل الذي قد حصل الأربعة الدنانير 
الذي كل دينار منها خمسة وعشرون قيراطاء ويما توزن الرحال» فمنهم ربع رجحل ونصف وثمن وسدس 
ونصف سدس وثلاثة أرباع» ورحل كاملء فالدينار الواحد للمؤمن الكامل» والدينار الثاني للولي الخاصء 
والدينار الثالث للنبوتين» والدينار الرابع للرسالتين» أعيئ الأصلية بحكم الأبوة والوراثة بحكم البنوة» فمن حصل 
الثان كان له الأول» ومن حصل الثالث كان له الثاني والأول» ومن حصل الرابع حصل الكل؛ والقطب من 
الرحال الكملء وإِنما قلنا من الرحال الكمل؛ من أجل الأفراد» فإنهم مكملون» ومن أحوال القطب تقرير 
العادات والجري عليهاء ولا يظهر عليه خرق عادة دائماء كما يظهر على صاحب الحال» ولا يكون حرق 
العادة مقصودا له» بل تظهر منه ولا تظهر عنه؛ إذ لا اختيار له في ذلك» كما قال العارف أبو السعود بن 
الشبل في الرحل يتكلم على الخاطر وما هو مع الخاطرء فيكون في حقه بحكم الاتفاق الوحوديء وفى حق الله 
بحكم الإرادة والقصدء فقد بينا بحمد الله» الضروري الخاص من أحوال القطبء وبينا رتبته لمن جهلهاء وأن 


225 


الرحولية ليست فيما يتخيله الجهال من عامة الطريق بطريق الله» فينحجبون بال حال عما يقتضيه العلم والمقام. 


0 445 
انتهى 


التعليق على كلام ابن عربي 
كل متكلم عن الهيئة» لا يمكنه ذلك» سوى إن كان في أفرادهاء وإلا فكيف له أن يأن بأخبارهاء وقد أخفاها 
الله تعالى خحفاء ما بعده خفاءء ولا يتكلم فيها أحد» حى ولو كان فيهاء سوى بإذن من الله تعالى. وقد لمسنا 
عند ابن عربي جرأة في إفشاء الغيب أكثر من غيره» ولكين أرى أنه رحمه الله تعالى» في كثير هما قاله» وقع تحت 
تأثير أفقه ككثيرين غيره» ولذلك تعذر على زمرة من المسلمين الصادقين فهم أغلب كلامه 
إننا بحد في أسلوبه سمات علوم أخرى, ازدهرت ف عصره.ء وثمل منها ما تيسر له ومنها الفلسفة وعلم الكلام؛ 
وعلم الفلك والنجوم؛ وعلم الأسماء والحروف, وغيرها 
إلا أنى أرى أن كلامه في القطبانية على الخصوصء تميز ببعض التجرد عما قلناه» ولو أنه لم يخل منه: ولنا عليه 
ملاحظات نوردها إن شاء الله تعالى كالتالي: 
لا نمحسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما إمامين في الهيئة» ولا نسمي رسول الله يَيلكُمٌ قطباء وإلا كان ذلك 
اعترافا منا بأن الحيئة كانت على عهده عَيكُم» وكان قطبها 
اللهم إلا إذا عى ابن عربي» أنهما رضي الله عنهما كانا إلى حانب رسول الله عَيلكُم » كالإمامين للقطب» وقد 
اصطلح العلماء على تسمية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالإمامين» لمكانتهما في مؤازرة رسول الله عَيَكم 


ونصرة الدين 
أما الهيئة فلم تبدأ إلا بعد التحاق سيد الخلق بربه» فهو بَيْْتُّمْ الإنسان الكامل» راعي الشريعة والحقيقة» الواقف 
على الأحكام والسلوك 


ونعتقد أن الحيئة» لم تكن قبل رسول الله عَثُّم في الشرائع السابقة» وإِنما هم أولياء صالحون من عباد الله تعالى 
كسيدي عبد اللله الخضر عليه السلام» وجريج العابد» وغلام أصحاب الأخدود. قلت ف تائيي: 

وما من بيء كان قطبا فحسبه نبو ءته أعلى المراتب حلت 

وما كان قطب ففٍ زمان رسالة سماوية ‏ إلا رجال الولاية 


فمنهم حريج ثم خحضر وغيره وما كان قطب والحبيب بطيبة 


446 الفتوحات المكية 


226 





فأما أبو بكرء فأحل أسمائه الصديق» وأما عمر فأجل أسمائه الفاروق 

وأما الإمامان فلا يحتاج الكلام عنهما إلى تفصيل؛ فحيث ما كان القطب كاناء فهما أمينا سره؛ وهما أعرف 
الناس به وأقريهم إليه» وليس لحم دوام في مقام الإمامة» بل قد يشغله غيرهما في أي وقت من الأوقات» إما 
.موت أحدهما أو بعده عن القطبء أو إخلاله .ما يقتضيه مقامه 

ومن حكمة الله تعالى في الإمامين» أن يكون أحدهما أقرب إلى القطب من الآخرء وهما متآحيان رغم تحكم 
الأقرب في أحيه» وقد يتخاصمان ويصطلحانء ولا يكونان متصفين بشدة العبادة والنسكء» بل هما على دين 
القطبء ورعا أقل» ولكن أهلهما لهذا المقام حبهما وإخلاصهما للقطب؛ حي أن أحدهما ليفديه بنفسه لو 
اقتضى الحال 

ولو أمعن الإمامان ف العبادة» كما يظنه البعض» لانشغلا عن القطب بالذكر والعبادة والانقطاع إلى الله تعالى. 
وسمى ابن عربي القطب: عبد الله وعبد الجامع» ولا نسميه بغير اسمهء ولا نرى له اسما مخصوصا 

ولا مبايعة عندنا للقطبء بل المبايعة لله تعالى ورسوله يَكْمْ . 

وقد أصاب ابن عربي حين وصف القطب بالوسطية: فلا تظهر عليه سمات المتدينين» بل هو مع أهل الدنيا 
وكأنه منهم يأخذ من الدنيا والدين؛ لأنه يحفظ التوازن والاعتدال ويكون مثاله 

أما الأوتاد الأربعة» فهم من أشد خلق الله رزانة» ومن أتقاهم على الإطلاق» لا يفرطون في شيء من الفرائض 
والرواتب» قائمون صائمون ذاكرونء إلا أنهم لا يباشرون الناس» ولا يعرفون أساليب التربية وتصفية القلوب 
ومداواة النفوسء, بل هم في معزل عن الخلق» ولو كانوا فيهم 

تظهر عليهم هيأة العبادة» بخلاف القطبء ولا يتواصلون مع أهل الدنياء ولا يعرفون كيف يجالسوفهم ويبقون 
على دينهم 

لا يتواصلون مع القطب إلا قليلاء وليس من الضروري أن يعاشروه؛ بل هم في أغلب الأحيان شتات لا يلتقون 
بالأجساد 

وظيفتهم القيام بواحبات الدين» واحتقار أعمالهم» مهما كثرت» في ميزان رب العالمين» يعظمون خلق الرحمن» 
ولا يعيبون أحدا ولا ينقصون من قدره؛ فهم على دين القطب في ذلك؛ ولكنهم يكملون ما نقص ف القطب 
من الشريعة والعبادات» ليوازن بينها وبين الحقيقة 

وأما الأبدال» فهم حاشية القطب وملأه. عددهم سبعة» يخدمونه ويقومون بحاجياته» يلتفون حوله التفاف 
الأكمام بالزهر ويحيطون به إحاطة الحالة بالقمرء ويطلبونه مى غاب» يسبق إليهم مما دبره للعالمين» ويكونون 
على حسب أيام الدنيا السبع وأقطارهاء وعلى حسب خصائص السبعة أرضين 

أما عن سبب تسميتهم بالأبدال» فقد تضاربت الأقوال عند أصحاب الأحوال» وأصبح إدراك الحق من امحال. 


227 


فنقول وعلى الله التكلان: موا أبدالا لأسباب» منها: 

الأول: تتبدل أحواههم تبدل أحوال الأقطار والأرضين بالليل والنهار» فليس منهم من يثبت على حال» وحتى لو 
شاء ذلك أرغمته المسالك والأحوال 

هم ظلال القطب, يدورون حوله ولا قيام لمهم بغيره» ولا خروج لهم عن دائرته» ومن حرج تاه 

الثاني: أنهم ليس من اللازم أن يبقوا معه حى يلتحق بربه» فكلهم معرض للتبدل» ف أي وقت وحين» ولكن 
يأت الله.ممن يحل محله» ممن يكون بصفته وقد يبقى منهم باق لا يخرج بالمرة عن حياض القطب 

وأما رجال التوبة» وقد يسمون برجال الغيب» فهم تسعة وتسعون, على عدد أسماء الله الحسيئ» لا لقاء للقطب 
بحم إلا مصادفة, متهم محبة الخلق بطبعهم, والاستغفار لهم» ولولا محبتهم للخلق ما خصهم الله تعالى .بها هم فيه 


سفينة الحقيقة 
الحيئة سفينة» والأوتاد صواريها والأبدال أشرعة؛ والإمامان ريح الشمال وريح الجنوب» ورجال التوبة ألواح 
ودسرء والقطب ربان السفينة» والبحر الحقيقة» والشريعة البر» فكل من ترك البر وركب السفينة تحقق» والناس 
في بحر الحقيقة» منهم من يسبح بلا هدى ومن يغرق» فمن ركب سلك وبحاء ومن أبى غرق وهلك. فتأمل. 

وقبل أن نودع ابن عربي» ونسدل الستار على أخبار الهيئة» وجب الكلام على ما أخبر به سيدي عبد العزيز 
الدباغ في الإبريز» ليس لشيء, إلا لأن ما أخبر به انتشر بين أهل الطريق وتداولته الكتب» فوجب الإدلاء برأينا 


2258 


كلام سيدي عبد العزيز الدداغ”” في الميئة واجتماعها 
يقول رحمه الله تعالى: الديوان يكون بغار حراء الذي كان يتحنث فيه النبي مَيَكثُمْ قبل البعثة. 
قال رضي الله عنه: فيجلس الغوث خارج الغار ومكة خلف كتفه الأبمن والمدينة أمام ركبته اليسرى؟ وأربعة 
أقطاب عن بمينه» وهم مالكية على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه؛ وثلاثة أقطاب عن يسارهء 
واحد من كل مذهب من المذاهب الثلاثة؛ والوكيل أمامه» ويسمى قاضي الديوان» وهو في هذا الوقت مالكي 
أيضا من بن خالد القاطنين بناحية البصرة» واسمه سيدي محمد بن عبد الكريم البصراوي؛ ومع الوكيل يتكلم 
الغورث؛ ولذلك سمي وكيلاء لأنه ينوب في الكلام عن جميع من في الديوان. 


6 من الشرفاء الأطهار الدباغين المشهورين بفاس» ولد سنة 1095هجرية. ونشأ في حجر أبويه» وكان في صغره قد دحل 
الكتاب وتعلم وحفظ بعض سور حزب سبح. ولم يقدر له استمرار في القراءة» ولا جلس بين يدي عالم قطء ولأمر ماء أراده الله 
عز وجل يهذا الرجل العظيم؛ على عاميته وأميته» وبعده عن الميادين العلمية» حفه الله عز وجل بعنايته وأحاطه بكامل رعايته» 
واختار له أبوين كريمين: أبوه شريف نسيب حسيب من السلالة الطاهرة النبوية» ينتمي نسبه إلى سيدي عيسى بن مولاي 
إدريس» أما والدته» فهي بنت أخت العارف الكبير سيدي العربي الفشتالي رضي الله عنه. انتهى 

وكان سيدي العربي الفشتالي يقول: رأيت البي يله فقال لي: إنه سيولد ولي كبير عند ابنة أحتك. فقلت: يا رسول الله عَيْلمّم 
ومن أبوه؟ فقال يَيْلتُّه : أبوه مسعود الدباغ» وقالت والدة سيدي عبد العزيز: كان سيدي العربي يقول: سيولد لكم ولد اسمه عبد 
العزيز» له شأن عظيم في الولاية. وكان سيدي العربي يتميئ إدراك ولادته» ولكنه فاجأه أجله سنة تسعين وألف» قبل ولادته 
بخمس سنوات» ولما حضرته الوفاة» أوصى لسيدي عبد العزيز بطاقية وحذاء تركهما عند والديه» وقال لمما: هذه أمانة الله 
عندكما حي يولد لكما عبد العزيزء فأعطوه هذه الأمانة. ولما ولد وبلغ من العمر نحوا من أربعة عشر عاماء ألهم الله عز وجل 
والدته» فجاءت بالأمانة» وقالت له: يا ولدي» إن سيدي العربي الفشتالي» أوصى إليك يمذه الأمانة» فأحذها ولبس الطاقية في 
رأسه والحذاء في رجليه؛ فتغيرت أحواله وانقلبت عوالمه ونزلت به حالة» وعرف لحينه ما قال له سيدي العربي الفشتالي وما أشار 
به إليه. انتهى 

ويصرح لنا سيدي عبد العزيز» بأن سيدي المواري أخبره عند وفاته» بأن شيخه هو سيدي العربي الفشتالي» وأنه كان حاملا 
لبعض أسراره؛ ثم ينتقل الجميع لسيدي عبد العزيز بواسطة الحواري. انتهى 

ثم عقب هذا الحادث (يعين حادث الفتح)» جمعه الله عز وجل بولي لله تعالى غريب, يقال له: سيدي عبد الله البرناوي» لقيه يباب 
الجيسة» فجعل ينظر إليه ويصعد فيه النظرء فقال له: أريد منك أن ترحع معي إلى المسجد لنجلس ساعة نتحدث فيهاء فرحع 
معه» فجعل يكاشفه بحاله ويقول له: إني مريض بكذا وكذاء وحصل لي كذا وكذاء للحالة ال وقعت له؛ ثم صارحه بأنه من 
بلاد برنو» وأنه ما جاء لفاس إلا لأحله؛ فبقي معه يربيه ويقويه ويراقبه. انتهى 

توفي سيدي عبد العزيز الدباغ سنة: 1131هجرية. ودفن بالقباب» حارج باب الفتوح؛ وعمره دون الأربعين سنة» ودفن معه 
تلميذه العلامة سيدي أحمد بن المبارك. انتهى من المطرب 


229 





قال: والتصرف للأقطاب السبعة على أمر الغوث» وكل واحد من الأقطاب السبعة تحته عدد مخصوص 
يتصرفون تحته» والصفوف الستة من وراء الوكيل» وتكون دائرتها من القطب الرابع إلى الذي على اليسار من 
الأقطاب الثلاثة» فالأقطاب السبعة هم أطراف الدائرة» وهذا هو الصف الأولء وخلفه الثاني على صفته وعلى 
دائرته» وهكذا الثالث إلى أن يكون السادس آخرها. 

قال: ويحضره النساء» وعددهن قليل» وصفوفهن ثلاثة» وذلك في جهة الأقطاب الثلاثة الي على اليسار فوق 
دائرة الصف الأول» في فسحة هناك بين الغوث والأقطاب الثلاثة. 

قال رضي الله عنه: ويحضره بعض الكمل من الأموات» ويكونون في الصفوف مع الأحياءء» ويتميزون بثلاثة 
أقورة: 

أحدها: أن زيهم لا يتبدل بخلاف زي الحي وهيئته» فمرة يحلق شعره؛ ومرة يجدد ثوبه» وأما الموتى فلا تتبدل 
حالتهم؛ فإذا رأيت في الديوان رحلا على زي لا يتبدل» فاعلم أنه من الموتى» كأن تراه محلوق الشعر ولا ينبت 
له شعرء فاعلم أنه على تلك الحالة مات» وإن رأيت الشعر على رأسه على حالة لا يزيد ولا ينقص ولا يحلق» 
فاعلم أيضا أنه ميت» وأنه مات على تلك الحالة. 

ثانيها: أنه لا تقع معهم مشاورة في أمور الأحياء» لأنهم لا تصرف لهم فيهاء وقد انتقلوا إلى عالم آخر في غاية 
المباينة لعالم الأحياء» وإنما تقع معهم المشاورة في أمور عالم الأموات. 

قال رضي الله عنه: ومن آداب زائر القبور» إذا أراد أن يدعو لصاحب قبر ويتوسل إلى الله تعالى بولي من 
أوليائه في إحابة دعوته» أن يتوسل إليه تعالى بولي ميت فإنه أنمح لمقصوده وأقرب لإحابة دعوته. 

ثالفها: أن ذات الميت لا ظل لماء فإذا وقف الميت بينك وبين الشمسء فإنك لا ترى له ظلاء وسره أنه يحضر 
بذات روحه لا بذاته الفانية الترابية» وذات الروح حفيفة لا ثقيلة وشفافة لا كثيفة. 

قال لي رضي الله عنه: وكم مرة أذهب إلى الديوان أو إلى مجمع من مجامع الأولياء وقد طلعت الشمسء فإذا 
رأونٍ من بعيد استقبلوني» فأراهم بعيئ رأسي متميزين» هذا بظله وهذا لا ظل له. 

قال رضي الله عنه: والأموات الحاضرون في الديوان يترلون إليه من البرزخ يطيرون طيرا بطيران الروح, فإذا 
قربوا من موضع الديوان بنحو مسافة» نزلوا إلى الأرض ومشوا على أرحلهم إلى أن يصلوا إلى الديوان» تأدبا 
مع الأحياء وخوفا منهم. قال: وكذا رجال الغيب إذا زار بعضهم بعضاء فإنه يجيء يسير بروحه؛ فإذا قرب من 
موضعه تأدب ومشى مشي ذاته الثقيلة تأدبا وخوفا. قال: وتحضره الملائكة» وهم من وراء الصفوف» ويحضره 
أيضا الجن الكمل وهم الروحانيون» وهم من وراء الجميع» وهم لا يبلغون صفا كاملا. 


230 


قال رضي الله عنه: وفائدة حضور الملائكة والحن» أن الأولياء يتصرفون في أمور تطيق ذواتهم الوصول إليهاء 
وف أمور أخرى لا تطيق ذواتهم الوصول إليهاء فيستعينون بالملائكة وبالجن في الأمور الي لا تطيق ذواتهم 
الوصول إليها. 

قال: وفي بعض الأحيان يحضره الي عَم » فإذا حضر عليه الصلاة والسلام» جلس في موضع الغوث» وجلس 
الغوث في موضع الوكيل» وتأخر الوكيل للصف. وإذا جاء النبي يَيكّم» جاءت معه الأنوار الي لا تطاق» وإنما 
هي أنوار محرقة مفزعة قاتلة لحينهاء وهي أنوار المهابة والجلالة والعظمة» ح إنا لو فرضنا أربعين رجلا بلغوا 
في الشجاعة مبلغا لا مزيد عليه» ثم فوجؤوا بمذه الأنوار» فإنهم يصعقون لحينهم, إلا أن الله تعالى يرزق أولياءه 
القوة على تلقيهاء ومع ذلكء فالقليل منهم هو الذي يضبط الأمور الي صدرت في ساعة حضوره يلتم . 

قال: وكلامه يَيلثمٌ مع الغوث. قال: وكذلك الغوث إذا غاب البي يلثم تكون له أنوار خارقة» حي لا 
يستطيع أهل الديوان أن يقربوا منه» بل يجلسون منه على بعدء فالأمر الذي يتزل من عند الله تعالى لا تطيقه 
ذات إلا ذات النبي مَيَكتُم» وإذا حرج من عنده يَيتُّم» فلا تطيقه ذات إلا ذات الغوث» ومن ذات الغوث يتفرق 
على الأقطاب السبعة» ومن الأقطاب السبعة يتفرق على أهل الديوان. 

وأما ساعة الديوان» فقد سبق الكلام عليهاء وأنه هي الساعة الي ولد فيها النبي يكم وأنما هي ساعة 
الاستجابة من ثلث الليل الأخير» الي وردت با الأحاديث» كحديث: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا 


50 َ ع 3 447 
حين يبقى ثلث الليل الأخير» فيقول: من يدعوني فأستجيب له. الحديث . ننه 418 


تعليق أبي الف على ما قاله الدداغ 
قال المعفي فتح الله بصيرته: قلت: انتهى كلام سيدي عبد العزيز الدباغ» وفيه من الغرابة ما لا يخفى» ففي 
مذهبنا: لا اجتماع لأفراد الميئة بالأحسادء بل بالنفوس والأرواح» وذلك أبلغ وأحدى 
وعندنا: لا وصلة بين القطب والأوتاد إلا قليلا 
ولا وصلة بين الإمامين والأوتاد» ولا بين الإمامين والأبدال بالمرة» بل قد لا يعرف الأوتاد بعضهم البعض. 
ولا وصلة بين الأوتاد والأبدال بالمرة» والاتصال قائم بين القطب والإمامين والأبدال بالأحساد في شى 
الأوقات» وحيث القطب حيث الإمامان والأبدال» فافهم 


“عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله لتم قال: "يتزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا» حين يبقى ثلث 
الليل الآحر» يقول: من يدعويي فأستجيب له من يسألئي فأعطيه من يستغفريني فأغفر 0 
8 الإبرير 


231 





أسلة أبي الفتم المعفي عن القطب والهيئّة 
ونختم كلامنا ما طرحناه من سباعية الأسئلة» الي تتعلق بعلوم القطبء مع العلم أن القطب أعلم الناس بالناس» 
وأمهر العارفين في حرفة إصلاح القلوب وتطهير النفوس» وهي كالتالي: 
قال أبو الفتح: نعتك الأتباع بالشيخ» فأصبحوا مريدين وأنت المراد» وقبلوا منك الأكف والأقدام؛ وتمسحوا 
بتراب نعليك؛ فهل أنت كما نعتوا؟ وهل أنت من قبلوا منه الأكف والأقدام» وتمسحوا بتراب النعال؟ 
فلا تسكن هداك الله للصواب لهذا الحيلمان» حي تعرف ما يشترط أن تعرفء ما ممعرفتك لهء يكون لك ما 
وضعوه فيك؟ 
السؤال الأول: فأخبرني رعاك الله عن قطب الوجود؛ في أي قطر هو موجود, وما اسمه في الغيب والشهود 
وما أمارته في حسده وما كتب عليه من أحرفء لا يراها سوى ذوو الأبصار الحديد؟ 
وما أهله للقطبية حى أوتيهاء وهل تدرج في البدلية قبل أن يؤتاهاء وهل نالا بالتقوى, أم بالعلم» أم كان ذا 
حظ عظيم؟ 
وكيف أحفاه الباطن بشدة الظهورء وأظهره الظاهر بغير ظهور؟ ذاك قطب الرحى كل ما حوله يدور» وهو 
قائم كالألف المسطور؛ وما علاقته بالألف؟ غير تساوي عدد الحرف بالجمل الصغير والكبير» وما تميز به 
حرف الابتداء عن باقي حروف المعجم؟ أليس مهام الحرف من مهام القطب؟ أما علاقة القطب بالصفر فقد 
أطلعنا عليه من يليناء فلا داعي للسؤال عنه 
الثاني: وأخبرن رعاك الله عن علومه؛ ما أذ من الملك» وما ألهم من الملكوت 
فله من عام الملك: 
- علم الدلالة: يكشف به استعداد المريد لتحمل ودائع الحلالة 
بوعل الالالاع: شالع باكلوة الأجاع سيت حرق يع القع 
- ومنه علم المخاطبة: يخاطب به الناس يما تقتضي المناسبة 
- ومنه علم التدبير: يدبر به معادن التابعين ويصفيهاء يكلس منها ما يلين» ويقويهاء ويلين الصلد المتين» ولا 
كسويا 
- ومنه علم القلوب: يعرف به من أين يوقد عليها حى تذوب» وكيف يقلبها ويغسلها ثما شابها من كروب» 
ويصقلها حى تعكس من الأنوار ما تنزل من أسرار الغيوب 
- ومنه علم الدورة: بما يعيد على بدء ما قطع المريد من أشواط» وما جاز من أشراط» دون تفريط ولا إفراط 


- ومنه علم الوقت والساعة: يعرف به سعد الليالي والنهارات» ونحوسها في كل الساعات» جريها وركودهاء 


232 


صفاءها وكدرهاء حى لا يبشر في النحس أصحابه» وح لا ينذر بالبأس أترابه؛ بل يرسل دون لبس ما تيسر 
له لمن جاءه أو طرق بابه 

وله من علوم الملكوت: 

علم الترقي: ما لأدراحه من تمام» يقوم على الذكر والتلقي» ابتداء بالخواطر والأوهام 

- ومنه علم الخواطر: يصنفها لذوي البصائر» منها ما هو من الباري عز وجلء أو من ملاك خاطر» وما هو 
من الشيطان أو من النفس» بالسوء آمرء كل قد علم ماله من مصادرء وعن أيهم هو صادرء ومى يبدأ ومى 
يغادر 

- ومنه علم الأرضين كما هي» وعلاقة أرض بأرض» وهل لكل أرض ني» وعلاقة الستة بالي نحن فيهاء وما 
يروج قي هذه وتلك من ظاهر وحفي» وما بقاؤها إن زالت هذه» وإن بقيت هل يبقى منها بقي 

وما شأن الأرضين السبع والسماواتء وما ألوافاء وما سكافاء وما لسافاء وما مكافهاء وما شرعها وستنهاء 
وماينبيك غير خبير 

- ومنه علم الحضرة وآداها: لا يتلقاه صاحبه إلا وهو فيهاء م رضي جنابه» يعرف بالسكينة أصحابه» لا 
يغضبون ولا يرعدون» بل هم كالغيث يبشر الناس سحابه» ومن حضر مع مولاه استقامت بحواه» وتخلق 
بأحلاق الملوك» وصفا قلبه صفاء الذهب المسبوك» وتذلل لعزة المولى» تذلل العبد المملوك 

ومن لم يحضرء إذا تكلم لم يجد, وإذا تعلم لم يفد» وإذا استفاد لم يزدء وإذا سلك لم يبتعد 

- ومنه علم الخليقة لأهل الشهود: مى بدأت ومى تعود» ما وضعها وما طبعهاء وما نوعهاء مى تنقص ومى 
تزيد 

- ومنه علم الموازين: حي يقسط فيما أوت من رب العالمين» تفرعت منه الحكم والألطاف كالغصون, ما حده 
وما وضعه في العلوم؛ وكيف يكون التلقين 

- ومنه علم التلوين: يتبدل صاحبه في كل حينء ولا يتغير منه شيء في الدنيا والدين» كل يوم هو في شان» 
كما شاء أن يكون كانء في الحين 

الثالث: وأحبرني رعاك الله عن ختم الولاية» هل يكون قطبا من هيئة النهاية» أم وليا لا شأن له بذاك منذ 
البداية؟ 

الرابع: وأخبرني رعاك الله عن الأبدال. هل لهم شأن بالتبدل والتبديل؛ أم سموا بذلك لسر أخفاه الحليل؟ وهل 
لمهم بالقطب وصلة واتصال؟ وكيف يسيرهم في كل حال» وهل يجتمعون به» أم أن اجتماعهم من امحال؟ 
وما مهمة الأبدال في الكونء ما دينهم وما تقواهمء وما ذكرهم وبحواهم؟ 


2253 


الخامس: وأخبرني رعاك الله عن الأوتاد» ما يفترقون به عن الباقين» وما أهلهم للوتدية في السالكين» وما 
علاقتهم بالقطب حاضرين وغائبين؟ 

السادس: وأخبرني رعاك الله عن الإمامين» ما ذا يؤمان» وما وصفهما في بن الإنسان» وهل هما مع القطب في 
ذات المكان» وما بميز الأول منهم عن الثان؟ 

السابع: وأخبرني رعاك الله عن رجال التوبة» هل لمم على القطب اختلاف؛ أم هم في استقلال عنه في 
الأطراف» ول موا برحال التوبة حسب الأعراف» وهل هم في افتراق أم هم في اثتلاف؟ انتهى 

وقبل الانتهاء نقول: ولا نرجح ما قلناه على ما قاله غيرناء بل نسلم لهم فيما قالوه تسليماء فكل يقول على 
حسب ما فتح الله به عليه» والله أعلم بالحق وأدرى بالخلق» سبحانه لا إله غيره الحكيم العلام 


لو تستغهر سبعين مرك ما يغفر لي بمرله 
الغهور مول2 الفكرك فار يعمل الجركه 


يقول: لو تستغفر الله تعالى سبعين مرة» فقد لا يغفر الله تعالى جميع ذنوبك» لأنك لا تستوفي شروط التوبة 
والإستغفار» ولكن الله تعالى الغفور» قادر أن يتحمل عنك كل ذنوبك ,عنه وكرمه 

والمعيى: قلت: يستغفر العبد ربه من ذنبين: ذنب أتاه في حق ربه» يمحوه سبحانه ويتجاوز عن عبده» وذنب 
أتاه في حق الناس» لا بمحى سوى برد الحق إلى صاحبه» فقد يكون غيبة يطلب المغتاب الصفح ممن اغتابه» وإن 
كان سلبا رد السالب الحق إلى المسلوب» فإن لم يستطع إلى ذلك سبيلاء سأل الله أن يحمل عنه ذنوبه في حق 
الناس» ح تكون توبته كاملة 


الكلام عن التوبة والاستخفار 
عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله عَيكُّم : "إني لأستغفر الله وأتوب 
إليه» في اليوم» سبعين مرة". رواه ابن ماحه 
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول» دعي له رسول الله عَم 
ليصلي عليه» فلما قام رسول الله يَيكثُم وثبت إليه» فقلت: يا رسول الله» أتصلي على ابن أبي؟ وقال: قال يوم 
كذا وكذا: كذا وكذا؟ أعدد عليه قوله» فتبسم رسول الله ّم وقال: "أخر عي يا عمر". فلما أكثرت عليه 
قال: "إني خيرت فاحترتء لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها". قال: فصلى عليه رسول 


234 


الله يلم ثم انصرفء فلم يمكث إلا يسيرا حي نزلت الآيتان من براءة: "ول تصل على أحه مفهم مات أبدا" 
إلى "وهم ال فعجبت بعد من جرأنٍ على رسول الله عَلثُمْ يومئذ» والله ورسوله أعلم. رواه 
البخحاري 

عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله يَيلُّمْ : "ما أصر من استغفر» وإن عاد في اليوم سبعين 
مرة". رواه أبو داود 

عن هلال بن يسار بن زيد مولى البي تَيكثُمْ قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جديء أنه سمع رسول الله عَيلكُم يقول: 
"من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه» غفر له وإن كان قد فر من الزحف". رواه 
أبو داود 

عن ابن عباس قال: قال رسول الله يَيْكُّْمْ : "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاء ومن كل هم 
فرجاء ورزقه من حيث لا يحتسب". رواه أبو داود 

وقد يتعذر إيجاد صاحب الحق» بغيبة أو موت» فلا يسع التائب كيف يطلب سماحه أو يؤدي حقهء ومن هنا 
كان لا بد من سؤال الله تعالى في الاستغفار تحمل ما فاتنا وشق ردهء وتأدية ما عجزنا عن تأديته» ولذلك قال 
الشيخ: بأن الله تعالى قادر على أن يحمل عنا ما غلبنا من جرائر. فلا تنس أي هذا الجانب في توبتك» وأحسن 
استغفارك بسؤال الله تعالى أن يكفيك ما عجزت عنه .عنه وكرمه 

قال أبو الفتح: مولاي» هذا جسدي وجهته إليك » فما كان من ذنب أذنبته في حقك اغفره لي» وما كان من 
ذنب أذنبته في حق عبيدك تحمله عي. 

وهذا قلبي وضعته بين يديك» وبرئت مما زاد فيه عليك» أشرق بوجهك الجميل عليه» وامحق بأنوارك ما سكن 
إليه وانطبع من الصور والأغيار والحوادث والأكدار. انتهى !5 


”*” قال تعالى: "ولا تصل على أحد منهم مات أبذا ولا تقم على قبرءء إنهم صفروا بالله ورصولكه وماتوا وهم 
فاصقون". التوبة85 
7 حزب الحضرة للجعفي 

225 





الاك كارا فين ها طفراا هه "العف <١‏ ب 


ولي حفبى نيتو مع ربو غلبغم بعد مأ تغريوا 


يقول: الأسباط» وهم إخوة ني الله يوسف عليه السلام» تابوا من قبل أن يذنبواء أي قبل أن يلقوا أخاهم في 
غيابات الجب» ظنا منهم أهم بذلك يغفر الله ذنبهم» ولكنهم تصرفوا كالأعمى الذي لا يثق إلا مما في قب 
جلبابه» والذي صفت نيته مع ربه» وهو يوسف عليه السلام» غلبهم بعد ذلك وهم متغربون ف أرض مصر 
والمعى: قال الله تعالى: "اقتلوا يوسق أو الصرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعنه قوما 
كالحين". 71 مثل الشيخ لمن تاب توبة غير كاملة بإخوة يوسف عليه السلام» حين عزموا على إذايته وتابوا 
قبل أن يفعلوا ذلك» وهم لازالوا عازمين على فعله» وهي توبة غير مقبولة؛ فإن من شروط التوبة عند العلماء: 
الإقلاع عن الاثم والعزم عزما أكيدا على عدم الرجوع إليه» فكيف تقبل توبتهم وهم لا زالوا معولين على 
ارتكاب ما تابوا منه؟ 

ولكن الغالب على أمره سبحانه» قد نصر يوسف وأعزه عليهم؛ فصار عزيز مصرء وجاؤوه بفاقتهم» وقد 
أحوجهم الله تعالى إليه» يطلبون عطاءه ونواله» فعرفهم وهم له منكرون 

قال تعالى: "وجاء إخوة يوسق فحخلوا علية فعرفهم وهم له منكرون" 152 

ثم جحاؤوه أكثر فاقة ببضاعة مزحاة يرحون عطفه وتكرمه 

قال تعالى: "فلما حخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجينا ببضاعة مزجاك؛ فاوق لنا 
الحيل وتصينق عليناء إن الله يجزي الي 5 

قلت: سألئٍ العارف بالله تعالمى المتجرد لخدمة مولاه» بو الاعراف حمزة البيلاني» الملقب بالعبار» أبقاه الله تعالى 
فقال: ما قولك: "نية العمى فى قبه", وإِنما نقول في المثل المغربي العامي: "نية الأعمى في عكازه؟" فلم أحبه في 
الحين» ح لهم الله تعالى بالجواب» فقلت: نية الأعمى في عكازه؛ أي أنه لا يثق إلا في عصاه الي يتوكأ 
ا 


0 1 


451 يوس ف09 


452 يوسف58 


453 يوسف88 


454 الحج 44 
236 





لود ا هرف ' غبار قي ابل و هين <الهاز 
الراعي ما هو حكار حتى يكوقي عباءو بالنار 


يقول: لو لم أعرف أن الله تعالى غفار» أسهرت ليلي وأظمأت فماري. ولكين عرفت أن الله لا يحقر عبيده حى 
يكويهم بنار جهنم 

والمعى: لا تخوفوني من ربي» فلا زال ربي يتحبب إلى عباده وهو غينٍ عنهم, الإله الذي أعبده مى نفسه 
الرحمن الرحيمء الإله الذي أعبده ليس ذاك الذي تتحدثون عنه.. ليس إلهكم 

إلحكمء تقولون أنه بمسك في اليد اليمئ رمانة» ويمسك في اليد اليسرى سوطا؛ فمن أطاعه أعطاه الرمانة» ومن 
عصاه جلده بالسوط. إلحكم لا يعرف سوى المكافأة والعقاب. أنتم تعبدونه طمعا في الرمانة» وتعبدونه حوفا 
من الحلد» رمان وسياط» مضغ وألء هذا دينكم, ليس هذا ديئ.. لكم دينكم ولي دين 

هو واحد يرجو العالمون رحمته» هو السيد ونحن العبيد» هو الحبيب ونحن أحباؤه؛ هو الغفار ونحن المذنبون» هو 
المحسن ونحن المسيؤون, هو الغ وما منا إلا فقير إليه» هو هو.. بذلك تخبر القلوب 

لا يريد لنا إلا الحياة الطيبة» فاربعوا على أنفسكم, وآمنوا بالإله الذي وصفت لكمء آمنوا بربي» فربي جميل 
عفو غفورء ليس كربكمء كفاكم أن أرعبتم الخلق وأفزعتموهم 

ألا تخشون من أن يقول لكم الله تعالى يوم الحساب: لماذا أرعبتم حلقي؟ لماذا قلتم لهم أني شديد العقاب» ولم 
تقولوا لهم أن أنا الرحمن الرحيم؟ ما قولكم له حينئذ» وقد نفذت الأعذار وأنتم في حضرة الواحد القهار؟ 
لا تخافوا يا من يخيفون الناسء فأنا بكلامي هذا لا أحوفكم, فإن أرحو أن يغفر لكم ويتجاوز عن جهالتكم؛ 
إن وق لسن اكرليكته م رفي نزوو نه تبعليافه: "فكنن كناخ أنه افا اعقو الي 59 


055 ا حجر 49 
237 





إلمي أنت بر أنت نور 
فمن في الناس يعفو عن ذنوبي 
أخاطب باري الأكوان طرا 


وما دمعي غزير غير أني 


إذا الأنوار أحفتها ستور 
وهل في الناس عبد لا يجور؟ 
وتبكي ‏ بحضرته سطور 


أتقبل من ذنوبه ليس تحصى؟ إليك فؤاده شوقا يطير 
رأيت الناس قالوا: ذاك عاص وللعاصي إذا مات السعير 


ولكين سألتك يا إِلهي 


إذا حضر الردى فأنا أمين 


ولم أسألهم حى 
فبعد الموت حور أو قصور 

عن أبي هريرة» أن البي مَل قال: "لم لق الله المخلق» كتب في كتابه» فهو عنده فوق العرش: إن رمي تغلب 
غضبي". رواه مسلم 

عن أبي هريرة؛ أن رسول الله يي قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة؛ ما طمع يحنته أحدء ولو يعلم 
الكافر ما عند الله من الرحمة» ما قنط من جنته أحد". رواه مسلم 


يثوروا 


وذاك لأنى أهوى إله 


عن الحارث بن سويد: حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين: أحدهما عن النبي بَيكَم» والآخر عن نفسه؛ قال: إن 
المومن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت حبل يخاف أن يقع عليه» وإن الفاحر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه؛ فقال 
به هكذا. قال أبو شهاب: بيده فوق أنفه, ثم قال: "لله أفرح بتوبة العبد من رجحل نزل متزلا وبه مهلكة» ومعه 
راحلته» عليها طعامه وشرابه» فوضع رأسه فنام نومة» فاستيقظ وقد ذهبت راحلته» حى اشتد عليه الجر 
والعطش أو ما شاء الله قال: أرجع إلى مكانن» فرجع فنام نومة» ثم رفع رأسه. فإذا راحلته عنده". رواه 
البحاري 

عن أبي سعيد رضي الله عنه عن الببي يَركتُّمْ قال: "كان ف بن إسرائيل رجحل قتل تسعة وتسعين إنساناء ثم خرج 
يسأل» فأتى راهبا فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لاء فقتله. فجعل يسأل» فقال له رحل: ائت قرية كذا 
وكذا. فأدركه الموت» فناء بصدره نحوهاء فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب» فأوحى الله إلى هذه 
أن تقربي» وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي» وقال: قيسوا ما بينهماء فوجد إلى هذه أقرب بشبر» فغفر له". رواه 
البحاري 


6 من قصيدة: ابتهال في محراب الغفران ديوان أطلال للمؤلف 
238 





عن أبي هريرة قال: معت رسول الله ميم يقول: "جعل الله الرحمة في مائة جزءء فأمسك عنده تسعة وتسعين 
جزءاء وأنزل في الأرض جزءا واحداء فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق» حت ترفع الفرس حافرها عن ولدهاء 
حشية أن تصيبه". رواه البخاري 

إذا رأيتم من تكاسلاء فما ذاك إلا لأني عرفته تعالى غفارا لعبيده» ولو كان غير ذلك لعبدته عبادة الخائفين» 
وما فتئت أقوم الليل كله وأصوم الدهر؛ فإني تفكرت في ملكه؛ وذكرت سعة رحمته» ففهمت أنه لا يمكن أن 
يلقي عباده في النار ويحرق حلودهم, ولذلك تركت عبادة الخائفين وعبدته عبادة الراجين رحمته 


من عرف الله احتار من هه يعروو ‏ حار 
شعاره ص العوام كثار منغا حلايل الحرار 


يقول: من عرف الله تعالى احتار في ما عرف من في ألطافه وإتقان صنعه وبلاغة حكمته» ومن لم يعرف الله 
تعالى حارء إذ لا اهتداء لغير العارف, حي أن العامة الذين لا يعرفون مولاهم وظنوا أنفسهم ملتزمين بشريعته» 
حرموا على أنفسهم أشياء ربما تكون حلالا عند العارفين الأحرار 


الكلام عن حال الحيرة 
والمعئ: يقول السراج الطوسي: والحيرة: بديهة ترد على قلوب العارفين عند تأملهم وحضورهم وتفكرهمء 
تحجبهم عن التأمل والفكرة» قال الواسطي: حيرة البديهة أجل من سكون التولي عن الحيرة 
والتحير منازلة تتولى قلوب العارفين» بين اليأس والطمع ف الوصول إلى مطلوبه ومقصوده» لا تطمعهم في 
الوصول فيرتحواء ولا تؤيسهم عن الطلب فيستريحواء فعند ذلك يتحيرون. انتهى”5* 
ويقول الشيخ عبد الكريم الميلي: الحيرة : هي عين الثبوت؟ 258 
قال في السلوة: الحيرة والتحير لغة: الحيمان من تفرق النظر في شيء وامتناعه» بحيث لا يجد له سبيلا. وما 
يقتضيه المقام التوحيدي هو: هيمان يتزل بالناظر لعجزه عن معرفة كنه الجلال ونعوت الكمالء فلا يجد لإدراك 


7* اللمع في تاريخ التصوف 
8 الشيخ عبد الكريم البيلي» مخطوطة شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات من العلوم اللدنية. كستزان 
239 





الكنه سبيلاء لامتناع إدراك الحقيقة على الصحيح, وامتناع الإحاطة بما. قال تعالى: "ولا يعيصيرن به 
عم 459 

تحيرت فيك فخذ سيدي دليلا لمن قد تحير فيك 

وزع "الوعول فلية الأقد رانك اليل ا ا 57 
قال أبو الفتح: الحيرة حيرتان: حيرة العارف وحيرة غير العارف 
فأما حيرة غير العارف» فهي الدهش والاندهاش» مي تفكر في جميل صنع الله وحكمته» وفي تدبر عظمته 
وجبروته 
قال تعالى: "فارهجج البصر هل ترى من فهر ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليد البصر خاسيا وهر 

461 

وأما حيرة العارف: فمنها حيرة العارف المبتدئ» ومنها حيرة العارف الواصل 
فأما العارف المبتدئ: فلما كشف عنه الحجابء بما أطلعه الله الحكيم الوهاب» على زاهيات المشاهد في 
طاويات الروافد» حار مما رأى وسمع فكانت حيرته في الملكوت» وهي أشد من حيرة الملك؛ فما الملك في 
الممكوت إلا كضوء شمعة في ثمس الضحى 
فانطفأت في عينيه أضواء الدنيا» وحنست نحوم السماءء وبحتت فتنة الألوان» وانتفى الجمال عن الوجوه 
الحسان» وفي كل منظر فتان 
فلم يعد له تعلق يما انطفا وحنس ويمت وانتفى» وأصبح عاشقا لله وكفى 
عرف النور فلم يعد يلتبس عليه بالظلمة» وعرف الحمال فتعرف على القبح» وأحس بالجلال» فذلت في ناظريه 
شامخات الظلال 
فأخذته حيرة المبتدئ» وهي نتيجة ما رأى وشاهد وشهدء حيرة تورث استشعار جلال المولى وعظمته 
وأما حيرة الواصل: فهي احتيار وتحير» ولا علاقة لما بحيرة المبتدئ» فزيادة المبئ يدل على زيادة المعى 
وقد طالعت تعريفات الحيرة في كثير من الكتب» فوجدت أغلب الحققين يجعلون الحيرة واحدة» ويقصروفها 
على الدهشة والاندهاش» ولم أجد من توفق» حسب ظين والله أعلم, في تعريف الحيرة كما يجبء إلا القليل. 
وقد أخطأ من عد الحيرة مقاما في المقامات, وإِنما هي حال في الأحوال؛ إذا حلت لا تدوم 


459 طه107 
0 سلوة الأنفاس 
461 املك 4-3 
2010 





وقد هجمت علينا الحيرة» وطرأت علينا أحوال ليس لنا بما عهدء ولا نعرف لما مفهوما إلا ما قرأنا من 
تعريفات قصرت عن تعريفهاء فلم ندر ما أصابنا واعتراناء فعانينا من ذاك الأمر الأمرين» ولم يكن لنا مرشد 
يقرنا عليهاء ويأحذ بيدنا حى نسلك مهامهها سالمين 

ول يدم الأمر طويلا حي انكشف عنا الحال» وأذن المولى للغمة بالزوال 

ولو لم بجر حال الحيرة ما عرفنا لها معين» سوى ما يتداول من قصور عن إدراك معناها من أقوال 

فأقول» وبالله التوفيق الكريم المتعال: الحيرة تحاوز الحواجز والأركان» واستواء الملل والأديان» في وحدة الزمان 
في اللامكان 

ومعيئ ذلك: أن الحائر لا يكون حائراء إلا بعد أن يتنصل من الأعراف البشرية ويتحتت من الأعراض 
الإنسانية» فيكون وقته وقت الله» وهو لا وقت» أو هو إن شفت: وقت واحد وليس بثلاثة: ماض وحاضر 
ومستقبل 

فإذا كان وقت الحائر واحداء التقت عليه الرسالات ول تتتابع» فإذا كل الرسالات إسلام» فلم يفرق بين هذه 
وتلك» فلا ناسخ ولا منسوخ, فيحار في أمره» فلا هو ممسلم ولا هو بنصران ولا بيهوديء وإنما هو عبد الله 
لا يحس إلا بعبوديته لمولاه 

فيقول: لا إله إلا الله حي يبقى مع التوحيدء لأن جميع الرسل والأنبياء» ما بعثوا إلا من أجل توحيد الله عز 
وحل 

"قولوا آمفا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسبا وما أوتي 
موسى وعيصى وما أوتي النبييون من ربهم لا نفرق بين أح منهم ونحن لبه مسلمون" 462 

يقول الشيخ ولي الدين الدهلوي: الحيرة: هي حالة لا يقف فيها العبد عند حالة واحدة, إِنما له الجمع في 
المراتب» وهي نتيجة لترقيه إلى حقيقة الحقائق والوحدة القصوى» حيث تستوي عنده الحالات جميعا 
والتجليات بأسرها والنشآت 13 

ويقول الشيخ فريد الدين العطار: وادي الحيرة: هو مقام يتنازع السالك أحوال مختلفة» فلا يدري ما يصنع: لا 
يستطيع أن يهب قابه لهذا الجلال الذي لا قبل له به» ولا أن يمسكه عنه» بل يذهل عن نفسه ولا يستطيع أن 
يقفو المرشد ولا أن يسير وحده» يضيق بالناس وبنفسه؛ ولا يسعه شيء» لا هو مسلم ولا هو كافر» فإن دين 
الحيرة لا حدود له» ليس له مبدأ ولا منتهى» ولا يعرف الحب ولا البغض» وليس له روح ولا جسم, ولا هو 


462 البقرة135 
3 الشيخ عبد الله الدهلوي التفهيمات الإلهية بتصرف. كسران 
241 





خير ولا شريرء ولا تقي ولا فاسق» ولا معتقد ولا شاك» ولا عظيم ولا حقير» لا هو شيى ولا هو لا شيء» 
ال 

قلت: والحيرة إذا فاتت العارفء لا تفوته بالمرة» وإِنما يخرجه الباري عز وجل مما ناء تحت ثقلهاء فتغادره وقد 
وقرت حقيقتها في قلبه» لا تغادره ولا تعاوده بعد ذلك أبدا 

وعلامة الحيرة» أن تورث صاحبها رحمة شاملة للعالمين كافة: إنسهم وجنهمء مسلمهم وكافرهم» سباعهم 
وبمائمهم؛ فلا يدعو لنفسه بخير إلا ودعا لهم بمثله» ويسأل الله تعالى أن يتجاوز عنهم وألا يؤاخذهم يما يجنون 
وما يجحرحون بالليل والنهار 

ولا يطيق أن يدعو على أحد بعد ذلك مهما ظلمه؛ ومهما سلبه» بل يسأل الله له الغفران» ولا يطالبه بحق في 
الدنيا ولا في الآخرة» ذلك هو الذي عرف الله.. ذاك هو امحتار 

وقد قال الشيخ بعد ذكر الحيرة: حرايم العوام كثار منها حلايل الاحرار 

وقد عبن بالاحرار من عرف حال الحيرة 

فإنه باستواء الأمور لديه يخالف عوام الناس في كثير مما يعتقدون ويفعلون» وقد يعترضون عليه لاختلاف نظرته 
إلى الأحكام وطريق استنباطهاء فيحرمون كثيرا ما حكم بجوازه 


تضارب فتاوى العوام والخواص لاخمّلاف نظرهم إلى النصوص 

ولما احتلفت الرؤى» بين عالم عامي» ينظر إلى النصوص نظرة متجردة» ويطفو بعقله في عرض مبناهاء ولا 
يبحر بفهمه في عمق مغزاها. وبين عالم من الخواص» يقرأ النص» ولا يبقى مع لفظهء بل يتقصى ما يرمي إليه» 
بوضعه ونحوه وإعرابه» وموقعه وإيقاعه» ويغوص ف أعماق معناه» يقطف الصدفء ويكشفها عن درها 
المكنون» وسرها المصونء ويقابل نصا بنص» ويستخرج معناه» بتدبر مبناه وسبر فحواه» وفهم عبارته» وتلقي 
إشارته» ويراعي مقصود الشرع منه» ويعرضه على أحوال الزمان» ما ثبت منها وما تحول» بما فسر وأولء بما 
أوي من معرفة أحوال الئاس وفقه الواقع 

ولما تفاوت المدد الرباني» ولم تتساو نصرة الله لمن قصد الخير لب الإنسان: فهذا اعتمد على عقله وعلمه» وذاك 
اعتمد على فتوحات ربه تعالى وتوفيقه» فيما يقصد تحصيله من علمه 


465 ١ 


"ففهمناها مليمان» وكلا آتينا حكما وعلما 


الدكتور عبد الوهاب عزام التصوف وفريد الدين العطار. كسرزان 
7 الأنبياء78 
202 





ولما اختلف الأدوات والمقصد, بين هذا وذاك» تباينت الأحكام بينهماء وتضاربت التأويلات» فكثر ما حرمه 
العوام؛ أن رأوا فيه انتفاء داعي الجوازء وما حرموه كثير ثما حلله الخواص 

فقال العامي: تارك الصلاة كافر لقوله عَيكثُّمْ : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة» فمن تركها فقد كفر". رواه 
الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن بريدة عن أبيه 

وقال الخواص: تارك الصلاة مسلم موحد سوى أنه غافل عاصء» ترجى له الحداية» فعسى الله تعالى أن يتوب 
عليه» فيتوب» فقد قال سبحانه: "ثم تاب عليهم ليتوبواء إن الله هو التواب ان والأعمال 
بخواتيمهاء فعسى أن تكون حاتمته خيرا 

ولكن نكفر تارك الصلاة» مى تركهاء غير مؤمن بوجوهاء أما إذا تركها غفلة وتراخيا عن أدائهاء فهو مذنب 
من المذنبين ترجى له الحداية» وربه رحمن رحيم 

وقال العوام: لا يجوز إسبال الثوب» ومن أسبل فهو في النار 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي يَيثُّمْ قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار". رواه البخاري 
وقال النواص: يجوز الإسبال في زماننا لانتفاء سبب تحريعه» وهو الفخر والخيلاء» فلم يعد يراد بالإسبال حسب 
العرف شيء من ذلكء, ولهذا بطل حكم تجرعه 

ألا ترى كيف أقال رسول الله َلثم أبا بكر منه. لما علم سلامة قصده من الفخر والخيلاء 

عن سال بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهء عن النبي مَيَكُمْ قال: "من جر ثوبه حيلاء لم ينظر الله إليه يوم 
القيامة"؛ قال أبو بكر: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترحيء إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال النبي عَلَمْ : 
"لست ممن يصنعه حيلاء". رواه البخاري 

سأل سائل فقال: لي أخ شقيق عليه زوحة وعيال» لا يجد ما يطعمهم» فهم يتضورون جوعاء ولي مال فضل 
عن حاحيء هممت أن أحج به حجة ثانية» فهل علي شيء؟ 

فأحاب العوام: ليس عليك شيء, إذ نويت همالك التقرب إلى الله تعالى» بأداء إحدى شعائره» وهي الحج, أما 
أخوك؛ فرزقه على الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه 

وقال الخواص: إذا حججت ثانية وتركت أخاك وأهله في ضنك وخصاصة:؛ فقد أذنبت» وقد تبوء بغضب الله 
تعالى من حيث قصدت رضاه» كيف» وقد حججت الأولى» ولا حاجة لك بالثانية؟ ومالك أحوك وعياله 
أحوج إليه منك» فأكرم أخاك, وغادر حجكء فقد يكتب لك الباري عز وجل بذلك حجاتء وما ذاك على 
لله بعزيز 


اك : 1 407 
وقد قال الله تعالى: "واتقوا الله الى تساءلون به والارحام» إن الله كان عليكم رقيبا". 


6 التوبة119 
213 





ولا تقل كما قال الكافرون: "وإءا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال العين كفروا للكعين آمفوا أنضعم 
من لويضاء الله أضعمة إن انتم إلا في خلال مبين" 168 
سأل شاب يافع عالما عاميا في شهر رمضانء فقال: كنت مع أترابي» فقالوا ونحن صائمون: من يجترئ على أن 
يفطر في رمضان عمدا؟ فقلت: أنا أفعل» وأفطرت عمدا. ولما تولوا عي» ندمت على ما فعلتء فأفتئ في أمري 
رعاك الله وأدام بقاءك 
فقال له العامي غاضبا: لا حياك الله بئس ما فعلت» أليس جاهرت ربك بالمعصية؟ فمثلك لا يأتي مثلي» ولا 
يف وقد أهان نفسه ودينه 
فقال الشاب متوسلا: فهل لي عندك مخرج» أرجع به إلى مولاي: وقد عزمت على ألا أخالف له أمرا ما 
حييت؟ 
قال العامي: تصوم شهرين متتابعين كفارة ما صنعت 
قال: لا طاقة لي يا سيدي بصيامهاء فهل في الشرع أهون من ذلك؟ 
قال: تطعم ستين مسكينا 
قال الشاب: لا أستطيع ذلك 
فقال: ما لك عندي شيء» بعد ما خيرتك وعجزت 
قال: وإن لم أصم ولم أطعم؟ 
قال: فلتتبوأ مقعدك من النار يوم القيامة 
رجع الشاب إلى بيته يائسا منكسر الخاطر» وأيقن بدخول النار» فقال: ففيم صيامي ما تبقى في رمضانء وما 
يدفع عي ذلك وقد علمت أن جهنم مثواي؟ فأفطر يومه الثان 
ولما رآى أصحابه ما هو فيه من يأس وخيبة وأسفء ساقوه إلى عالم من الخواص» فلما أتاه حكى له أمرهء 
فبادره قائلا: أبشر ولا تستيئس» فربك غفور رحيم 
فما عليك سوى أن تتوضأ وتصلي ركعتين وتتوب إلى الباري عز وجل من زلتكء» فإذا كبرت واشتد عودك؛ 
فصم لله تعالى ستين يوماء كفارة يومين أفطرقا عمداء وإن لم تقو على الصيام» فأطعم ستين مسكينا على كل 
يوم أفطرته» وإن كنت اليوم قليل اليد» فقد يرزقك الله تعالى غدا من حيث لا تحتسب 
ففرح الشاب وانبسطت أسارير وجهه وسكن روعه؛ وانزاح ما على كتفيه من وزرء ورضي بفتوى الشيخ 
واطمأن لماء وانصرف عنه شاكرا 
07لا 
يس 46 

214 





ولو بقي على حاله الأولى من قنوط من رحمة الله تعالى» لما ترك معصية إلا أتاهاء وأهلك نفسه وأفسد الحرث 
والنسل 

كل ذلك بسبب من أفتاه دون مراعاة صغر سنه وقلة حيلته 

فانظر رعاك الله» إلى حكمة رسول الله يَيْلُّمْ ؛ فيما يصدر من أحكام؛ يزل عنك الاستغراب وترى في ما قلت 
عين الصواب 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله يَيلكُّمْ فقال: يا رسول الله هلكتء قال: "ويحك"؛ قال: 
وقعت على أهلي في رمضانء قال: "أعتق رقبة"» قال: ما أحدهاء قال: "فصم شهرين متتابعين" قال: لا 
أستطيع؛ قال: "فأطعم ستين مسكينا". قال: ما أحد. فأي بعرق» فقال: "حذه فتصدق به" فقال: يا رسول 
للم أعلى غير أهلي؟ فوالذي نفسي بيده ما بين طني المدينة أحوج مئ» فضحك النبي عَلِكُّمُ حى بدت أنيابه» 
قال: "حذه". رواه الشيخان واللفظ للبخاري 

وفي رواية مسلم: فأتٍ ابي ميلم بعرق فيه تمر. فقال: "تصدق بمذا" قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت 
أحوج إليه منا. فضحك البي عل حىّ بدت أنيابه. ثم قال: "اذهب فأطعمه 0 

ورواه مالك في الموطأء قال: عن أبي هريرة أن رحلا أفطر في رمضانء فأمره رسول الله مَيَلتُمْ أن يكفر بعتق 
رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناء فقال: لا أحد. فأتي رسول الله مََكم بعرق تمرء فقال: 
"حذ هذا فتصدق به"» فقال: يا رسول الله» ما أحد أحوج مئ» فضحك رسول الله حى بدت أنيابه» ثم قال: 


اللي وى لديف 


اغوة. حقلين: . دهز . «والان هاني ‏ ناقن ٠‏ سك 


شلا من غنب غهر لي خل")) سريرك 4 


والمعئ: لا تظن بالله تعالى إلا خيراء فقدشملت رحمته العالمين» وشملت نعمه المسلمين والكافرين» وهو الذي 
يتجاوز عن عباده ما جرحوا بالليل والنهار» حى يبمحو صحائفهم وتتنقى سرائرهم» فهم به في غبطة وحبورء 


وقوه نع التراي الشكور 


7 قال مسلم بعد رواية الحديث: حدثنا إسحاق بن إبراهيم» أخبرنا جرير عن منصورء عن محمد بن مسلم الزهريء يبمذا 
الإسناد. مثل رواية ابن عيينة. وقال: بعرق فيه تمرء وهو الزنبيل. ولم يذكر: فضحك البي يَيكتُمْ حى بدت أنيابه. 


245 





عم عبج ب الططات وطن اللسعيي: أباقال قد على مول :اند عار ربو اذا انواة مو الشف تعن أذ 
وجدت صبيا في السبي» أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله مَكتُّم : "أترون هذه المرأة طارحة 
ولدها في النار؟" قلنا: لاء والله» وهي تقدر على أن تطرحه. فقال رسول الله يَيكتُّم : "لله أرحم بعباده من هذه 
بولدها". رواه مسلم 


0ك ا 0 100 ا 
تزجع الشرك من ك<ارك اءغكر حتى يلع نهارك 


يقول: ابدأ بالتوحيد في أذكارك؛ والتوحيد: قول لا إله إلا الله فإن هذه الكلمة العظيمة تغسل أكدار قلبك 
وتزيح عنك الشرك» فتكون من الموحدين؛ فأكثر من ذكر لا إله إلا الله ما استطعت» ولو أن تذكرها ليلك 
كله ولا تفتأ تذكرها حى تطلع همس فارك 

والمعين: قال أبو الفتح: الذكر إقرار بصدق الإرادة في السير إلى حضرة علام الغيوب 

والورد شرب العارفين لا يعبرون دون شرب 

ومن لا ورد له» ليس له شرب» ومن لم يشرب لم يطرب» فإنه مى شرب طرب» ومى طرب اضطرب 


فاقترب» فكان قاب قوسين أو أدن 


فضائل الذكر 

قال أبو المحاسن رحمه الله تعالى: اعلم: أن أقرب الطرق إلى الله وأحبها إليه: دوام الذكر. والذكر منشور 
الولاية» ولابد منه في البداية والنهاية» وهو يثمر أحوالا شريفة» ومقامات عالية منيفة» وعلوما لطيفة» ويحيي 
عوالم طالما كانت قبل مواتاء ويلبس النفس وجنودها ذلة وسباتا. ونظيره إذا وصل للقلب كدعول الماء في 
الأسراب؛ فإنه يخرج ما فيها من الحشرات والدواب» فكذالك الذكر إذا صادم القلب ودخل سويداءه؛ فإنه 
بخلصه من مساكنة صلصال النفس» ويزيل عن ناظره الغشاوة واللبس» ويصفيه من ملاحظة الأراحيف الغيرية 
والأحكام الخلقية» ويرحل به إلى المنازل الديرية» ويحقق له المقامات والمراتب الإحسانية. 

فإذا ظهر أن خاصية الذكر: الإنحذاب نحو المذكورء والتحقق بأن كل ما سواه غرور» والتخطي عن جميع 
المراتب الكونية» والدحول في الحضرات الحقية» فنقول: إن العبد إذا لازم الذكر بجمع الهم في المذكور» ودفع 
كل خاطرء ومنع كل تفرقة» وثابر عليه مستحضرا جمال مذكوره»ء واستصحب ذلك ف وروده وصدوره» 
عامله الحق في حال سيره بصورة الاختبار» إظهارا لمزيته» أو قطعا لحجته. فتارة تتبرج له ظواهر الكائنات» 


216 


وتتزحرف له أنواع المكونات» فتناديه منه فيه بواطنها: المنهل قدامك» وأحرى تلاحظ همه شيئا ثما كشفالاء 
فتصيح به هواتف الحقيقة: الذي تطلب أمامكء وتارة يطوفه في العوالم العلوية والسفلية» ويحفظ قلبه ويسمع 
النداء منه فيه. انتهى 470 

فاجعلوا لأنفسكم إخوان» وردا من القرآن والأذكار» تتعهدونه في الليل والنهار» فإن خير العمل أدومه 

فإذا قلت: فكيف لنا بذلك» ولا نعرف من أمور الذكر ما نبتدئ به وننتهي؟ 

قلت: أذكر لكم ما لا بد منه من أذكار مما جاء به القرآن وسنة سيد الأبرار 

وأول ما تبدأ به أيها الراغب: قول لا إله إلا الله فإِهُا كلمة التوحيدء لابد للمبتدئين من ذكرهاء ولا ذكر 
فاتخذ لنفسك من الهيللة ورداء فإن كان لك شيخ فهو يدلك على مقدار ما تذكرء وإن لم يكن لك شيخ 
فاذكر منها ما استطعت 


فضل لا إله إلا الله 
اعلم أخي» أن لا رسالة من الرسالات السماوية» إلا وجاءت من أجل لا إله إلا الله ولا رسول ولا نبي إلا 
دعا قومه إلى لا إله إلا الله 
وهي أحب كلمة إلى الله تعالى» فإن السالك إذا ذكرها في بدايته» محقت منه ما أشرك بالله في جميع ما يعتقد 
ويحب ويخاف ويحذرء وهيأت له التوكل على الله وحده؛ واليأس ما في أيدي الناس 
فذكر لا إله إلا الله يورث شريعة الحقيقة» دون كثرة المجحاهدات» ودون التضييق على النفس بحرمافا ما أحل 
اله لها من طيبات» قصد تخليصها من رذائلها الي حبلت عليهاء من أثرة وحقد وغرور وكبرياء» وإنك بذكر 
لا إله إلا الله تحصل عزة الخضوع لرب العالمين» وتتسم بسيمى الخاشعين 
فلتكن بداية وردك» حت تتأهل لوضع أول قدم على طريق السلوك 
عن طلحة بن عبيد الله بن كريز» أن رسول الله عَيْلتُّم قال: "أفضل الدعاء: دعاء يوم عرفة» وأفضل ما قلت أنا 
والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له". رواه في الموطاً 
عن حابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله عَيْلكُم يقول: "أفضل الذكر لا إله إلا اللهء 
وأفضل الدعاء: الحمد لله". رواه الترمذي 
عن عثمان قال: قال رسول الله ّم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دحل الحنة". رواه مسلم 


كك ١‏ 10 
مرآة المحاسن 


217 





عن أنس عن البي يَكثُّمٌ قال: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله» وفي قلبه وزن شعيرة من خير» ويخرج من 
النار من قال لا إله إلا الله وق قلبه وزن برة من خير» ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله» وفي قلبه وزن 
ذرة من خير". 

عن أنس عن الببي ي2َيلُمْ : "من إيمان" مكان "من خير". رواه البخاري 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يَكُم : "الإمان بضع وسبعون باباء أدناها إماطة الأذى عن الطريق» وأرفعها 


قول لا إله إلا الله". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 


حل عن البيى الصفتار هحعمة منو شرفت©6 الانوار 
توسع حور الدغيار تزيك فى الرزق مفكار 


يقول: ثم صل على البي المختار» سيدنا محمد يَيْكمُ مشرق الأنوار» فإن الصلاة عليه تنشرح بما الصدور 
وتتطهر القلوب» من هموم الدنيا وأغيارهاء وتزيد في الرزق مقدارا مما قسمه الله تعالى للعبد 

والمععى: ثم أكثر من الصلاة والتسليم على الي الأمين» فإنه لا بركة في ورد يخلو من الصلاة على سيدنا رسول 
الله يلتم ؛ وإن الله تعالى لا يلتفت إلى ذاكر لا يصلي على حبيبه رسول الله ميلم 

فلولا ما صبر النبي َلثم على أذى الخلق» وما جاهد في سبيل الله ما عرفنا الإسلام» ولكنا نأكل ونشرب 
كالأنعام» وما أشرقت علينا همس الحق بعد ظلمات الأعتام 

وإنا لنصلي عليه حبا وكرامة»؛ عرفانا للجميل؛ وإنا لنصلي عليه؛ لأن الباري عز وجل صلى عليه وملائكته 
وأمرنا بالصلاة عليه: "إن الله وملايحته يحون على النيء يا أيها العين آمنوا صوا عليه وسلموا 0 

ولأن البي يلم بين فضل الصلاة عليه 

وإنه من شأن الصلاة عليه أن تنشرح يما الصدور وتتزكى النفوس» وهي تزيد في الرزق وترضي الملك الحق» لا 


إله غيره 


471 الأحزاب 56 


215 





فصل الصلاة على رسول الله يَيْل 
يقول الله عز وجل: "إن الله وملايكتة يحون على النب يا أيها العين آمنوا وا عليه وسلموا 


01712 0 


عن أبي طلحة قال: دخلت على رسول الله يَيككُّمْ فرأيت من بشره وطلاقته شيئا لم أره على مثل تلك الحال 
قطء فقلت: يا رسول الله» ما رأيتك على مثل هذه الحال قط؟ فقال: "وما يمنعني يا أبا طلحة وقد حرج من 
عندي جبريل يَيتُّمْ آنفاء فأتاني ببشارة من ربي» قال: إن الله بعثني إليك أبشرك أنه ليس أحد من أمتك 
يصلي عليك صلاة؛ إلا صلى الله وملائكته عليه بها عشرا". رواه الطبران في الكبير 

عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه» فكيف الصلاة؟ قال: 
"قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم؛ إنك حميد محيد» اللهم بارك على محمد 
وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم» إنك حميد محيد". رواه البخاري 

عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله عَيْلنُّم» إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "يا أيها الناس 
اذكروا الله» اذكروا الله جاءت الراحفة تتبعها الرادفة» جاء الموت بما فيه» جاء الموت .ما فيه". قال أبي: قلت: 
يا ستول الله إن أكثر الصلاة عليك؛ فكم أجعل لك من صلاق؟ فقال: "ما شئت"”» قال: قلت: الربع؟ قال: 
"ما شئت» فإن زدت فهو خير لك"؛ قلت: النصف؟ قال: "ما شئت»ء فإن زدت فهو خير لك"؛ قال: قلت: 
فالثلثين؟ قال: "ما شئتء فإن زدت فهو خير لك"؛ قلت: أجعل لك صلاق كلها؟ قال: "إذا تكفى همك 


ويغفر لك ذنبك". رواه الترمذدي وقال: هذا حديث حسن صحيح 


أما قول الشيخ: تزبد فى الرزق مقّدار 
يريد به أن الصلاة على البي يَيكُّمْ تبسط الرزق» وتزيده مقدارا 
وقد ثبت عن رسول الله مَيتّْ في ما رواه الترمذي عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه أن الصلاة عليه ميلم 
تكفي الهم وتغفر الذنوب» ولا شك أن هم الرزق من أشد الهموم؛ فكيف لا تكفيه الصلاة على المختار ِنَم ؟ 
وقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله كم يقول: "من سره أن يبسط له في 
رزقه» أو ينسأ له في أثره» فليصل رحمه". رواه البحاري 

473 


كما يقول الله تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى'. 


472 الأحزاب56 
473 الشورى21 
249 





فمى صليت على البشير وأردفته بالصلاة على آله الطاهرين وصحابته الميامين» فإنك تكون بذلك قد صلت 
رحمه يِل فكيف يبسط رزقك إذا صلت رحمكء ولا يزداد بسطا بالصلاة على البي يَيلكُّمْ وآله وصحبهء 
فتدبر 

عن جابر بن سمرة السوائي عن أبيه قال: كنا عند النبي تَيكثُم» إذ جاءه رجحل فقال: يا رسول الله ما أقرب 
الأعمال إلى الله؟ قال: "صدق الحديثء وأداء الأمانة", قلت: يا رسول الله زدناء قال: "صلاة الليل» وصوم 
المواحر", قلت: يا رسول الله زدنا قال: "كثرة الذكر لي والصلاة علي تنفي الفقر"» قلت: يا رسول الله 
زدناء قال: "من أم قوما فليخفف»ء فإن فيهم الكبير والعليل والضعيف وذا الحاجة". رواه أبو نعيم الأصبهان في 
معرفة الصحابة 


كيف بكون الذكر؟ 
ولا يطمع الذاكر في الحضور من أوله» بل عليه أن يداوم على الأوراد» ويسأل التوفيق من رب العباد» حق 
يكون لسانه رطبا بذكر الله تعالى» فبعدها سيكافته الباري عز وجل بالحضورء ويكون حضوره في البداية 
حلاوة في اللسان ونورا في الجنان» حن أنه لا يمل من الذكر مهما ذكرء ثم يصبح صفاء في النفس تتبعه 
واردات على الخاطر» يحس با مددا ربانيا يبشره بالرضاء فتغشاه سعادة ما ذاق لمثلها طعما 
فتتحقق نفسه ويبدأ في قطع المراحل» إذ تكون هذه المرحلة الأولى» وقد جازها بسلامة بتوفيق العلي العلام 
ثم يزيد حضوره حى يستثقل ذكر اللسان» فبعد أن تم حضورهء يرى أن ذكر اللسان يخص الغائب والله حاضر 
لا يغيب» فلا يرضى بغير القلب ذاكراء فيتوجه بكليته إلى مولاه يناحيه بلا لفظ» ويسمعه بلا سمع» فيضحك 
ويبكي ويسمع ويحكي ويسأل ويجيب. 
قال في الأنوار القدسية: ومن شأنه إذا افتتح مجلس الذكر وحدهء أن لا يسكت حن يحصل له الغيبة عن 
الأكوان كلهاء فإن الذكر إنما شرع للحضور مع الحق جل وعلاء وما دام المريد يشهد شيئا من الأكوان» فهو 
لم يدحل حضرة الواحد الأحدء ثم إذا دحل الحضرة وحضر قلبه مع الحق تعالى» فليسكت حيئئذ» لأنه لا مععى 
للذكر اللفظي مع شهود الله تعالى» بل لو أراد الحاضر أن يذكر الله بلسانه لم يقدر على النطق» لأنما حضرة 


44 ١ 
هيبة وجلال» ويمت وخرس. انتهى‎ 


4 الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية 
220 





وف مواقف البصري: يقول الله عز جل: إذا لم ترن فالزم اسمي» فإذا رأيتي فاصمتء لأني ما شرعت لك أن 
تذكر اسمي إلا وسيلة للحضور معيء فإن اسمي لا يفارقئ. انتهى 473 

وقال أبو ا محاسن الفاسي رحمه الله تعالى: الذاكر بالأسماء على الوجه المذكور؛ سالك فيها وصاعد إن بدأ به 
وإلا؛ فمتدل» ورعا التقيا لا.معئ واحدء فكل على حسبه» ودوران أفلاكها النورانية عليه وترتيبها الوحداني 
لديهء أحد وجوه الإحصاء الوارد» وحالة التعلق بما على سبيل المواحد وتعددها وتباين خاصيتهاء واختللاف 
تأثيرهاء هو الموجب للأمور النازلة بذاكرهاء الجارية على سره وضميره؛ لأن كل اسم خاصيته من معناه» 
وتصريفه في مقتضاهء وإفادته في وقته» وسره في عددهء وتأثيره على قدر التأثير به... وذلك بحسب الفيض 
والقصد والحمة» وكلها تختلف باختلاف الطباع والأرواح والأحوالء ولهذا يفتقر السالك إلى الشيخ المربي 
افتقار وجوب واضطرار لا يسعه غيره؛ لأن أهله أهل كشف ومطالعة؛ فتعرض لهم أمور وجدانية» وأحوال 
روحانية» لا تنضبط ولا ترتبط بمعهود, بخلاف غيره؛ فلا يحب إلا على الأنفس الكثيفة العصية» ومن نفسه 
منقادة؛ فهو في حقه كمالء والكلام هنا يطول. انتهى 476 

قلت: ودليل قرب الذاكر من مولاه» أن يستحبي أن يسأله شيئا من أمور الدنيا أو من أمور الآخرة» وإنما 
يرضى بوجهه الكريم» فهو يستعظم أن يكدر صفو بحواه بطلب ما لا يليق» وهو يعلم علم اليقين» أن الله تعالى 
أعلم بحاجياته» وأعرف بما يصلح له وقد اتار له الأنسبء ولا اعتراض على ما شاء وقدر 

ذاك أدب الحضرة» ألا ترى أن من جالس الملوك» يأنف أن يسألهم مالا رغم حاحته» وإنما يكتفي بشرف 
بجالستهم» فلله المثل الأعلى» وأي جليس عز جلساؤه غير الملك الحق 

ولا يحضر المريد بغير محبة» فلو لم تصدق محبته» ويترجمها شوقه إلى لقاء ا مخبوب ما حضر 

وم حضر وانتشى بأنوار نور الأنوار» وعناحاة الواحد القهار» هان عنده ما سوى الأزلي الباق» من أحداث 
وحوادث؛ فأصبح لا يغيب عن الله الظاهر» ويناجيه في كل وقت وآنء حي في منامه 

ويتبدل ذكره من حال إلى حال» وقد يذكر وردا لا يخرج عنه حت لا يفتر لسانه» ولكن بحواه لا تتأتى إلا يما 
يلهمه الله تعالى من أسماء وأذكار 

فم ألهم بذلك ذكره بلسان الإرتحال» وتلك أرقى مراحل الذاكرين» وذلك خير الذكرء إذ لا تكلف فيه بل 
منبعه امحبة والشوق» وهو يخرج على حسب محبة الذاكر وشوقه» ولا يصلح لغيره كما يصلح له. لأنه خرج 
منه في الحين والآن؛ وقد يذكره في ليلة واحدة» وفي الليلة الي تليها يأتيه غيره» وقد يعود إليه وقد لا يعود أبدا. 
ومن الذاكرين من يستمد من شيخه في ذكره بل من الشيوخ من يأمر المريدين أن يستمدوا منهم 

7 المرجع نفسه 


0106 مه 
مراة الحاسن 


251 





قال أبو الفتح: ولا نرى مددا يكون من غير الله تعالى» فإن الاستمداد من الخلق ولو كانوا شيوخاء لا يكون 
إلا ناقصاء لأنه لا كمال إلا لله 

وإن كان ولا بدء فالاستمداد من الأنموذج الكامل» والشخص الفاضلء والفيض المائل» النور الوهاج والسراج 
المنير» واسطة العقد ولسان الميزان» حبيب الرحمن» سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه 
أجمعين 

ومن الذاكرين من يذكر في خلوته وهو منشغل بالبوارق والشوارق والخوارق» فلا يبلغ شيئا بذكره؛ لأنه ما 
أراد به وجه الله ولكن أراد أن يظهر بالكرامة على بن جنسه. فليس له في طريقنا من شيء» كيف وهو يقلب 
ناظريه في الدلحة ويصغيء عله يرى ما لا يراه غيره» ويسمع ما لا يسمعه سواه» حى تكون له الخصوصية من 
بين الناس» ويحوز بذلك الشهرة والفخار؟ 

فوالله يا هذاء ما لك ف الذكر نفع» فإنك تذكر لنفسك لا لله تذكر وفي نفسك إشراف إلى التوافه 

وإنما يطرأ على ذات الذاكر حالات إلهية لا عهد له يماء لأن الجسم في الحضرة يدرك حضور خالقه» فتهده 
الأنوار وتسحقه الأقدار» ولكن لا يتأذى بشيء من ذلك» كيف يتأذى وهو في حصن الواحد القهارء مقلب 
الليل على النهار؟ 

والشيخ من دلك على الله وليس من دلك على نفسه 

فإذا رأيت الشيخ يعجبه الثناء» ويعجبه تكالب الناس عليه» ويعجبه أن تنصب له الكراسي والعروش» وأن تقبل 
منه يداه ورجلاه» فاعلم أنه ليس على شيء 

وإذا معت الشيخ يتعيئ بنفسه ويرفع شأنه على العالمين» فلا تلتفت إليه» فلو رفعه الله حا ما ترفع» ولو أعزه 
ما تعزز» وإنما هو رجحل محجوبء والعياذ بالله» فلا قعود لك معهء وإنك لن تنال منه سوى البعد والقطيعة؛ 
فانفر عنه خحفيفا إلى ربك» يسخر لك من يدلك على العظيم باحتقار نفسه» ويسلمك للكريم بترك المن والأذى 


222 


مام التوية 
زيك العويه أغبيبة سبعين مرلة فى العسيبه 


ترك الباس ؤ المحيبه تشرع باب البويبه 


يقول: زد التوبة الحبيبة إلى القلوب» فتب إلى الله سبعين مرة في اليوم» فإن التوبة ترد البأس والمصائب» وتفتح 
باب الإجابة 

والمعئ: ولا تنس الاستغفار من وردكء بل احعل له نصيباء فإن المرء يذنب بالليل والنهار» وما أحوجه إلى أن 
بمحو ذنوبه في كل يوم وليلة .ممحاة الإستغفار 

وقدجعل الشيخ الاستغفار سبعين» كما فهم العلماء من الآية الكريعة أن غايته سبعين مرة» فقد قال الباري عز 
موه ا اللي 5000000 .2 8 35 1 م41 
وجل: استغفر لهم او 2 تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم : 
ومن زاد على السبعين كان له ذلك» فقد فعله البى عَللَِم : 

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يَيلنُمْ يقول: "والله إن لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين 


مرة". رواه البخاري 


من اورلك الشيع كلام جيب البعة فى الروام 


يقول: والتزم ببعض أوراد الشيخ إن كان لك شيخ» حي تثبت تبعيتك له فإن كلام الشيخ كله حكمء كلامه 
من شدة حلاوته يسكر الروح بغير مدام 

والمعيى: خذ من كلام شيخحك ودعائه في وردك» حن تحقق تبعيتك له» فإن كلام العارفين قريب إلى الرب» 
حبيب إلى القلب 

قال تعالى: "إليه يصع الكلم الضيبء. والعمل الصالح سند 
وقد قال قوم: لا ندعوا سوى .ما دعا به رسول الله يلم مما ثبت وصح في مصنفات الحديث 
قلت: بل فيما دعا به الصالحون خير أقره الببي المحتار عَم 


7 التوبة 81 
75 فاطر 10 
223 





بل حكى الباري عز وجل من أدعية الصالحين غير الأنبياء والمرسلين» منه الكثير» فكان للناس شرعة وردت في 
التزيل» ومنه: 

'ولما برزوا لجالوت وجذوه قالوا ربنا أفرخ علينا صبرا وتبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 
"إء أوى الفتيخ إلى الكهف فقالوا ربنا آتفا من ل؛نة رحمة وهيى: لنا من أمرنا د 
"ولولا إء حخلت جنتدة قلت ما شاء الله لا قوة إلا ا 

وحكت السنة من ذلك مثله 

فقد روى البخاري من حديث عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا يوما نصلي وراء البي عله , فلما رفع 
رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده". قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمدء حمدا طيبا مباركا فيه. فلما 
انصرف قال: "من المتكلم؟" قال: أناء قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدروفاء أيهم يكتبها أول". 

وروى مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله يلتم ؛ إذ قال رجحل 
من القوم: الله أكبر كبيراء والحمد لله كثيراء وسبحان الله بكرة وأصيلا. فقال رسول الله ميتم : "من القائل 
كلمة كذا وكذا؟" قال رحل من القوم: أنا يا رسول الله. قال: "عجبت لما! فتحت لما أبواب السماء". قال 
ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله يَيكتّه يقول ذلك. 

كما وضع مشايخ أحزايهم» وأحذها عنهم غيرهم؛ فوحدوا في ذكرها والدعاء يما حلاوة في اللسان وصفاء في 
الجنان. 

عن أنس بن مالك» قال: كان رجحل من أصحاب البي تَيَكثُمْ من الأنصار» يكين: أبا معلق» وكان تاجرا يتجر 
كاله ولغيره» يضرب به في الآفاق» وكان يزن بسدد وورعء» فخرج مرة» فلقيه لص مقنع في السلاح, فقال له: 
ضع ما معكء فإن قاتلك؛ قال: ما تريد إلى دمي؟ شأنك بالمال» فقال: أما المال فلي» ولست أريد إلا دمك» 
قال: أما إذا أبيت» فذرني أصلي أربع ركعات؟ قال: صل ما بدا لك» قال: فتوضأ ثم صلى أربع ركعات؛ 
فكان من دعائه في آخر سجدة. أن قال: يا ودود» يا ذا العرش امحيد» يا فعال لما يريد» أسألك بعزك الذي لا 


يرام» وملكك الذي لا يضامء وبنورك الذي ملا أركان عرشك» أن تكفيئ شر هذا اللص» يا مغيث أغثيئ. 


479 


(ثلاث مرار) قال: دعا يما ثلاث مرات» فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة واضعها بين أذني فرسه؛ فلما بصر به 
اللص» أقبل نحوه فطعنه فقتله» ثم أقبل إليه فقال: قم قال: من أنت بأبي أنت وأمي» فقد أغاثئ الله بك اليوم؟ 
قال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة» دعوت بدعائك الأول» فسمعت لأبواب السماء قعقعة» ثم دعوت 


0479 البقرة248 
4530 الكيف10 
481 الكهيف38 


254 





بدعائك الثاني» فسمعت لأهل السماء ضجة» ثم دعوت بدعائك الثالث» فقيل لي: دعاء مكروب» فسألت الله 
تعالى أن يوليئ قتله. 
قال أنس رضى الله عنه: فاعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات» ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان 


عا 432 
أو غير مكروب. انتهى 


كيف ضع الشيخ حزنه؟ 
اعلم وفقئ الله وإياك لطاعته, أن الشيخ حين يضع حزبه لا يقصد من ذلك قميئته لمن سيتبعه» بل إن الشيخ ما 
يخالحه ويغشاه من محبة مولاه» ويمجوم الشوق عليه» يؤلف كلاما يناحي به مولاه ويبث إليه حزنه وشكواهء 
ولذلك يكون كلامه في حزبه صادقا تتفتح له أبواب السماء ويستجيب له الرب 
وقد كنت في بدايي لا أفتر عن ذكر لا إله إلا الله» فشدتئٍ رغبة قوية في أن أتبعها بدعاء يخصهاء فبحثئت في 
الكتب وقرأت الصحفء وقلبت الصحائف»؛ وعثرت على عدة أدعية بلا إله إلا الله» وكلما قرأت منها دعاء 
لم يكن يلبي مرادي فيما قصدت» ولم يكن يشبع خاطري ويشفي غليلي فيما أردت 
فبت ليلة مشغول البال بهذا الأمرء فرأيت فيما يرى النائم» أن أدلف إلى غرفة صغيرة» ها قوم ينتظروني 
لأرقيهم من مس الحن والشياطين» وما جاوزت باب الغرفة» حى قبضت على مرفقي عجوز شمطاء من 
الحاضرين» دل أر امرأة غيرها فيهم؛ فما تملصت منها إلا بشق الأنفسء وذهبت لأقعد وأنا أقول في نفسي: ما 
أقوى هذا الشيطان الذي يمس هذه العجوزء ولعل الله يؤيدي ويزيد قوته في ضعفي» حن أخلصها منه 
وإذا بي أرى نفسي أحري وراء العجوز الشمطاءء وهي هاربة مئ» ويجري بحذوها شخص نحيف» وقع في 
خاطري أنه الشيطان لعنه الله تعالىم» وكنت أعدو خلفهماء وأنا أدعو الله بدعاء جاء على لسان» ما سمعته من 
قبل» وكنت كلما اقتربت منهما تصور في أثرهما حيوانات على شكل ديناصورات لكنها صغيرة» فعلمت أن 
المراد بذلك إفزاعي» فبقيت متجلدا أدعو الله تعالى أن ينصرني عليهماء وكانت الحيوانات تختفي أمامي؛ وإذا بي 
أرى نفسي قرب رباط الأوداية بالرباط مما يلي البحرء وقد تسمر الشيطان بالأرض» فلحقته وأنا أقرأ الدعاء لا 
أفتر عن قراءته» وهو يتألم من دعائي ويركز في مكانه, ثم بدت لي حيمة كبيرة مقابل الأوداية» يظهر فيها أناس 
ويسمع منها مزامير وشبهها من آلات الطرب» وكأنه عرسء فقلت للشيطان لعنه الله تعالى: اذهب لعنك الله 
تعالى» إلى هناك» فثم حاحتك. فانطلق اللعين حيث أشرت 


2 بابي الدعوة لابن أبي الدنيا 


225 





فأفقت قبل أذان الفجرء وكتبت معان الدعاء الذي كنت أقرأ في منامي حى لا أنساه» فوجدت فيه مبتغاي» 
وكنت ولا زلت أدعو به» بعد ذكر ما تيسر من كلمة التوحيد» وسميته حزب لا إله إلا الله وهو كالتالي: 
اللهم إن أسألك يمكنون سر لا إله إلا الله ال تفردت يما عما سواك؛ وأقمتها حصنا لعبدك الذي تراه ولا 
يراك من الشرك والإشراك» أن تفيض علي من مكنوفها نورا ينكشف به غطائي وينجلي حجابي» وتغمرني 
ببركتها ما آمن به من الشيطان والنفس والهوى» وبحعل كيد من كاد لي في نحره وما نوى. 

اللهم إن أسألك بحبي لذاتك العلية المنزهة عن الند والشبيه» ولملائكتك السفرة الكرام البررة الذين لا يفترون 
عن الذكر والتأليه» ولكلامك الذي أثبته في كتبك السماوية هدى ونورا للطائفة الناحية» ولرسلك وأنبيائك 
الذين أصفيتهم بالوحي» وحفظتهم من الغي» وببي لمن تفرد بالختمة عنهم» وحظي بالشفاعة منهمء وآتيته 
الوسيلة والفضيلة» والدرجة الرفيعة» سيد الخلق وإمام الحق» حبيبك ونبيك محمد يَيَكْم . 

وأسألك بجي لأوليائك الأصفياء» ما أحفيت منهم وما أبديت» وما أمت وأحييت» أن تسلئ من نفسي 
وتطهرني من رحسي وتعتقئٍ من رقي وتكفيئٍ أمر رزقي» وتدخلئ ف حضرة: "إن العين قالوا ربنا الله ثم 
استقاموا تتفزل عليهم الملايحة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي حنتم توعكونء نحن أوليائكم في 
الحياة الدنيا وني ارو ع ايك لهم الغيوب سافرة في القلوب الساهرة» وأضفتهم في سرادق: "رضي 
الله عنهم ورضيا قزرا "7 واتدرح اطي الأكرانة بلا سخروا بتوفيقك الأبدان للواحد الديان» بحرمة لا إله 
إلا الله يا الله يا الله يا الله سبحانك لا أحصي ثناء عليك» أنت كما أثنيت على نفسكء أستغفرك وأتوب 
إليك. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وءاله وصحبه 

كما أن كثيرا من المشايخ صلوا على البي تَيكم؛ بصيغ لم ترد في الحديث» وتداوها الناس وتناقلوهاء في حياتهم 
وبعد موهم 

وقد جمع الإمام سيدي محمد الحرولي رحمه الله تعالى ”72 صلوات بضيغ عختلفة» منها ما جاء في أحاديث رسول 
الله َيه وما نقل عن الصالحين من عباد الله تعالى» جمعها في كتاب وقسمها على الأيام» وجعل لكل يوم 


7 فصل ت30-29 
4 التوبة1 
5 سيدي محمد فتحا بن عبد الرحمن بن سليمان الحزولي» الشريف النسيب» ولد ببلاده جزولة من سوسء وها نشأ وقرأ 
القرآن» ثم اشتغل بالعلم» ورحل لفاس وبقي به مدة» وبه لقي العارف سيدي أحمد زروق» وكان علامة على قدم راسخ ف فقه 
مالك, يقال أنه كان بحفظ المدونة وغيرها. ولكنه انصرف عن ذلك كله واشتغل بعبادة الله عز وحل» وتزهد وتنسك وشغف 
بالصلاة على الحبيب المصطفى تيلم وأولع بالمداومة عليهاء واعتزل الأصدقاء وعموم الناس ولزم بيته واشتغل بما يهمه» وألف 
كتابه العظيم: دلائل الخيرات» الذي حاز من الحظوة والانتشار ما لم يحزه أي كتاب» وعم دعوله كل البيوت وجميع الطبقات» 
وقرأه حي ربات الخدور. انتهى 

2256 





وردا من الصلاة على البي ميك وسماه: دلائل الخيرات؛ وهو مشتهر معروف بين الذاكرين» وكتب الله له 
القبول في العالم أجمع» وقد قرأنا فيه وانتفعنا منه» ودعونا لجامعه بالخير وحسن الجزاء 

ومهما صليت على الني المختار» فلا تنس ذكر الصلاة الإبراهيمية» إذ أمرها حسيم وفضلها عظيم» وقد أحسن 
الإمام الجزولي رحمه الله تعالى في دلائل الخيرات» وتنبه لذلك» فمهما أورد من صلوات كان يرجع إليها مرات 
ومرات 

وقد أهمنا الله تعالى من شدة ما قرأنا من صلوات على الي يكم ؛ بصلاة نصلي بما عليه سميناها: صلاة 
المشيئة» وهي كالتالي: 

سبحانك لا أحصي صلاة على سيدنا محمد كما صليت أنت وملائكتك عليه؛ اللهم صل على النبي كما تشاء 
بما تشاءء صلاة ترضيك وترضى هيما عنا يوم البعث والجزاء» وعلى آله وصحبه وسلم تسليما 


اتصل بالعارف سيدي محمد بن عبد الله أمغار» فأخذ عنه الطريق» ثم دحل الخلوة ومكث فيها أربعة عشر عاماء وكان ورده 
الألوف من البسملة وعدة ختمات من الدلائل وربعا من القرآن الكريم كل يوم وليلة» ثم حرج للدعوة والإرشاد والتربية؛ فكون 
بفضل الله عز وجل جموعا غفيرة من المومنين الصالحين» حي أنه اجتمع بين يديه من المريدين: اثنا عشر ألفا وستمائة وخمسة 
وستون» كما ذكر سيدي المهدي الفاسي في ممتع الأسماع. 

وكانت طريقته الي يأحذ عليها العهد هي الصلاة على الرسول يَيُْ مع الفناء في محبة الله ورسوله يله وزيارة الأولياء مع 
التبري من الحول والقوة» والاعتماد على الله عز وجل. انتهى 

وسيدي محمد الجزولي» كان قد رحل للديار الشرقية وحج وجاور مدةء ولقي بما الأكابر ثم رحع لبلاده واتخذ مدينة آسفي مقرا 
لسكناه» فعاداه أهلها وأنكروا عليه أمورا في الطريق» وابتلي بسبب ذلك» فكانت هايته إخراجه منها ونفيه عنها إحباريا» فرجع 
لبلاده جزولة؛ وبقي بما إلى أن توثي بما رضي الله تعالى عنهء وذلك سنة 870هجرية؛ ثم نقل لمراكش بعد سبع وسبعين سنة ودفن 
برياض العروس. انتهى من ا مطرب 

2537 





لاذكر بغير مشاورة الشيخ 


3 تريغ على هاء الوه 2 تكعل ‏ بلا مرو 
مرو "الفن.. لبها إل ا عسة ا عيذ 


يقول: لا تزغ عن هذا الورد الذي ذكرت لكء لا تكحل عينيك بغير مرود فإن مرود العين هو السيد» أي 
الشيخ» وإذا أقرك على ما تذكره ول يحبسك عنه» فلا تتوقف ولا تقتصد 

والمعئ: مين ذكرت الله تعالى دون استشارة شيخكء فكأنما تكحل عينيك بغير مرود» قال في لسان العرب: 
المرود: بكسر الميم؛ الميل الذي يكتحل به. انتهى 


فاستشر شيخك فيما تذكر»ء حى يدلك على ما ينفعك 


ما كمت تفاىفك غير الله مازلت تشرك معاكه 
فنأ 6 تعب سواك كلها يغنم 00 ليلاكه 


يقول: ما دمت تخاف غير الله» فذلك نوع من الشرك؛ ما دمت تحب سواهء فقد اتخذته إلحك من دون الله فإذا 
كان محب الله تعالى يتوجه بكليته إلى مولاه» فأنت لا توجه لك سوى إلى ليلاك 
والمعيق: قال الله تعالى: "والعين يحلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ريهم ويضافون صوء 


136 
الحساب" . 


1 1 : 1 5 : 487 
وقال سبحانه: 'الكين يبلغون رسالات الله ويخشونهة ولا يخشون أحدا إلا الله» وحفى بالله حسيبا . 


قلت: وقد ارتأينا أن نسوق ماذكرناه في كتابنا السوانح» في حقيقة الخوف وأنواع الخائفين» حى نوف الكلام 
حقه: 

يقول أبو الفتح الجعفي عفا الله عنه: أمر المولى عباده بالتوحيد» فقالوا: لا إله إلا الله» فظن منهم من ظن أن 
التوحيد عبادة الله وحده, فعبدوه ما استطاعواء لكنهم سألوا غيره وتوكلوا على سواه فأشركوا به في السؤال 


486 الرعد23 
457 الأحزاب 39 
258 





488 


والتوكل» وهم يعلمون أنه سبحانه قال: "وعلى الله فتوكلوا إن حنتم مومنين"."” وأن البي عَلتُمْ قال: 
"إذا سألت فاسأل الله» وإذا استعنت فاستعن بالله» واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء» لم 
ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك» ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء» لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله 
عليك؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

فتبين من ذلك أن التوحيد لا يسعه علم العقائد وحدهء وإِنما هو التعامل مع الله تعالى كما أراد» وإخلاص 
التوجه له وحده. وتخليص الرجاء واستشراف الحي الذي لا يموت» ومراقبته في السر والعلن» والإستخفاء منه 


وحده, والخوف منه لا من سواه 


لاحش غير الزالخد الأحد 

وقد حوف الباري عز وجل عبيده هما يخافون» حب يردعهم عن سبيل الضلال. 

فالعبيد هم المستضعفونء والله الجبار» هم المقهورون على أمورهم وهو القهار» هم المسترسلون وهو القابض» 
هم المستكبرون وهو الخافض» هم المتعززون وهو المذل» هم الصاغرون وهو العظيم» هم الناكثون وهو 
الحسيب» هم الغافلون وهو الرقيب» هم المقصرون وهو الوكيل» هم الواهنون وهو القوي, هم المتهالكون وهو 
المتين» هم الطاغون وهو المحصيء هم المؤملون وهو المميت» هم العاحزون وهو القادرء هم المعتدون وهو 
المنتقم» هم المملوكون وهو مالك الملك, هم الطامعون وهو المانع» وهم الشاكون وهو الضار 

تلك صفات الخوف تخوف عباد الرحمن» ومى خافوا عرفوه بماء إذ لا يعرف بغيرهاء ومن عرفه بغيرها لم يقدر 
قدره. 

وإن سألتئ أيها الرفيق: كيف تعرف صفاته؟ قلت: لا تعرف بقراءة الصحف والصحائف» فدونك وعلم 
الأوراق» فلن تبلغ منه شيئاء وإنما تعرفها إذا أذعنت لصاحبها وسألته سؤال الراغب الملح كي يعرفك بماء ولا 
تنس أن تطلب اللطف مع التعريف» حى لا تقهر فتتقهقر عنهاء فإن كنت ذلك الرجحل» حيث أظنكء فاقدم 
علينا من الباب» ولا تناد من وراء الحجرات» وإن كنت من المدعين» فلا تسأل ما لا طاقة لك به فتكون من 
النادمين. 


على أعتابنا يقف الفارون إلى ربكم من وهج ما صنعت أيديهم» "حتى إءا ضاقت عليهم الآرض بما رحبت 

وضاقت عليهم أنفسهم وضنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليهء تم تاب عليهم ليتوبواء إن الله هو التواب 
0109 

الرجيم". 


58 المائدة 25 
9 التوبة119 
259 





على أعتابنا يقف النادمون؛ ومن ترفع عن الوقوف واستعجل الديار» فما له عندنا من أحبار حى يدع التنطع 
والإصرار. 

اذهب يا زيد ولا تتربع علينا ولا زال فيك من الدنيا بقية» فما لك عندنا من مرام» اذهب يا زيد والعب النرد 
وعد مهاويك وأحسن العدء فوالله ما ينساك الواحد الأحد؛ حي إذا قنعت من التموج في من بموجء ومللت 
غانيات المروج» وضقت ذرعا بكل ما يروج فادلف إلى بابنا فإنه لا يوصد في وحه أحد. 

إذا أتيت وما همك سوى فضول الآنْء فإتيانك غير موات» وقد تؤتى من حيث لا تحتسبء فأبعد عن العرين 
حى تلين» وإذا لم تبعد وبقيت على صلابتك كسرناك بجناح الرحمة» وإذا لم تبعد وبقيت على جهالتك 
حضناك ح كدت تقضي حضيناء وإذا بقيت على غوايتك أغويناك .علامتك؛: وجاريناك في ضلالتك» 
وأحريناك ضمن من أجرينا من أهل بطانتك حي تسلم تسليماء فإن لم تسلم لم ندعك لنفسكء بل أذقناك مما 
هيأ لنا المولى من كؤوس الزعاف» حت لا يبقى لك عن التسليم مفر؛ فإذا أسلمت سلمناك لقوافل السالكين» 
وأركبناك الركب المتين» وأمرنا أحد الحادين يحدو» وم حدا وجمعته يغشاك الحنين» فتفيض عيناك» ثم ننساك 
أيها العابدون الله وحده. الموحدون غيره» ما لكم من الأمر شيءء "إن الآمر كلك للهء أمر ألا تعبكوا إل إياه 
علد الكين القيمء وح ار ا ا 

سأدلك أيها الرفيق على كيف تعرف صفات القهر: أسلم نفسك للقهار وارتج أن يعرفك .ما طلبت» ضع 
الحبل على الغارب وارض بالمكاتيب مادام الله الكاتب» لا تفرح بالنعم ولا تحزن عند المصائب» اقرأ في صحف 
البلاء فسوف يعرضها عليك بكرة وأصيلاء وافهم ما تقول» ستلقى معاني كتبت ,مداد الخنوف والحرمان» بقلم 
قد من صوحان» وإذا حفي عنك ما تقول فاسأل من يصول فيها ويجول؛ أولئك خبراء الصفات» يؤولون 
المعاني إذا تعلقت بالذات» ويذلون كل جبار عات» ولا ينبيك غير خبير. 

عرفنا خوفه فأمناء وكلما زدنا معرفة كان لنا من الأمن زيادة» وما فتئ الأمن يزيد حي صار غفلة» فأصبحنا 
من الغافلين» وظنناه أرادنا مما نحن عليه» فتكلمنا كلام الأمن» فاستكانت قلوب السامعين» وأصبحنا مبشرين» 
ولولا أن كنا من المسبحين لنسينا مع من نسي» ولكننا كنا نناحيه ونسأله بالليل هل نحن مفلحونء ولما راق 
الكاس وشعشعت الشمولء ولعبت الحميا بالراس» وصار المعقول غير معقول» أخحذنا من الكشف نصيباء وزاد 
شربنا في الكأس شيئا عجيباء فلم ندر ما نقول؛ سكرنا با محبة» واستوت لدينا الدهور ,معتقة عبر العصورء تمور 


ف الوجدان موراء وتدور بالأكوان ألف مرة. 


يوسف40 


2060 





نادمنا في ليالي القدر أقواما يذكرون الله بالتغئ» لا يعرفون الطلب والتمئ» فأمدونا في ليل بلا قمر ما عزب 
عن كل البشر» حى صار علمنا بحرا بلا ساحل» تتيه فيه المراكب وينخلع من موجه قلب الراكب؛ وضج 
الراس مما عرف من أسرار لا حاحة لنا اء وعرفنا أننا أمعنا في السياحة والإبحار» فندمنا على كشف الستار» 
واشتقنا للنظر بعد الإبصارء فتضرعنا إليه كي يحجب عنا الملكوتء وينسينا ما عرفنا من نعوت» ولأنا إليه 
نسأله العافية والناس في فراشها لا هىء سائمة ساهية» فأد ركنا برحمته وغمرنا برأفته» ورأى من حالنا أن 
سلكنا وحدنا حين غاب عنا بعض من سبقنا للطريق» وقبل توبتنا في ليلة لا تليق» فعدنا سالمين آيبين تائبين 
عابدين لربنا حامدين؛ ابتدأنا بالخوف حي لا نعيد الكرة» وحوفنا أكثر من مرة» حب أوجست النفس وانزعج 
الخاطر فترة بعد فترة» ثم قال: هل حفتين؟ قلت: حفتكء قال: عرفتن؟ قلت: أنت الحبار» هل أمنتي؟ كيف 
ما بال عبدك لما رجع إليك كي تلقاه بالرأفة أمته اثنتين ثم بعثته» فلما حيبي اشتاق إلى موته؟ القهر منك يا قهار 
فتت ما تبقى من أمئء وخحفف عيبن أحمالا وأثقل علي أحمالاء فإذا المعارف غير المعارف» وإذا الدمع في العين 
ذارف» ليس من حر الجوى» ولكن من هول المخاوف. 

ها أنا يا حليل فيما كتبت لي من أمور يشيب لما الولدان راض على الأحزان؛ لا هم أوصالي ما رحفت لما 
حل بي من أكدار» في زمن ليس مثله في الأزمان؛ الإضطرار طرق ساحة عبدك لما ألحأته إليك فدعاك؛ وما 
للعبد من يخرحه من قهرك غيرك يا قهار. 

لا إله إلا هو» عرشه على الماء» والثمانية يحملون العرش ومن حوله, هم عند ربك أدرى من غيرهم بجبروته» 
وإلا فما استغفارهم للمومنين؟ لا إله إلا هوء ما اتخذ من صاحبة ولا ولد» المهيمن أحاط بسرائر ما خلق» ما 
خلقهم عبثاء أحسن صنع كل شيء وكل شيء أنزله عقدار» لا مفر من الله إلا إليه» يعلم خائنة الأعين وما 
تخفي الصدور. 

ترى تنساني فيما صنعت يديء» بعدما صنعتئ من عجل؟ ترى تد ركين يا وكيل إذا تمت ول أدر ما العمل؟ 
من لي غيرك يا مولاي إذا دارت بي دوائر لا منجي منها مي دارت سواك؟ ألا يكفيك أني عرفت معان 
الخوف حي تعيده علي؟ مى تعفيئ يا عفو وتردن إلى شيء من أمن؟ مى تصفح عن عبدك فإن عقابه لا 
يغي؟ ما حاحتك لتخويفي سوى أن تتعرف إلي وقد عرفتك فما فتئت لا أخاف؟ 

حبروتك لكل خحتال كفورء وأتغيئ هما انتابي في ساعات الجهد والأهوال» من مخاوف», في تيه ودلال 

مما عزفت الأملاك على أوتار القربى» لما طالعتها على حين غرة في عرفات بات فيها الحجيج» جذبنا على 
أنغامها جذباء وبا لهب الشوق وزاد الأحيج من روائع من ذي الجلال» أذهلت رائعات الملائك أولي أحنحة 


261 


تحوم بالبيت» في عرض بحار راكدات لا قيج؛ بواحد تحلى للعاشقين» كل على هواه؛ في سماء ما لها من فروج» 
ما زارني في ظلمة أضاءت ما استتر من دياجير غياباتي وأضحى يروجء مما سقت وساقئٍ من حيث لا أدري 
إلى عالم عز منه الخروج» عجزت عن حمد من أولاني بما أولى به من ساروا في صفاءء لا يهمهم من علا الران 
ما شيد على رمال» سرعان ما يتهاوى ما حق الحق من بروج 
أنواع الذوف : :29 
الأول: خحوف عاملون راكعون ساجدونء يتقون بابتتاللهم وامتثالههم حر جهنم؛ دفعهم خوفهم منها إلى القيام 
بأمر الله والوقوف عند فيه يخشعون ويبكون حوفا من أن يردوهاء وقد قرؤوا وسمعوا عنها ما يدفعهم للخحوف 
وأخذ الحذرء أولئك حوف النارء أمرهم الله بالخوف فعملوا بأمره» وفهموا ما يقتضيه الخوف, فأطاعوا السيد 
كي لا يعذيهم, فيسلموا وينجوا من لفحها 
هه يا الحكاوياتء يبها شاع لفى احداقي؛ مالو من راقي. حرو ق شاويةعلى وجوه الحسانءو الغيدنارهاف الجيدزينها 
قبحو فى العيان» عادفريد. قيودفى معاصم؛مدى لبست من سوار»صوابع ع زفت عالاوتار»ماعادت باهية؛زينهاطار».خوف 
ؤروايع» ص روف ؤ صرا خ ولا احد سامع؛ ملوك سيفها بتار تقمع خلايق بمقامع النار» ما فيهم رحمه ولا يشفقوا على 
بشار »ما رسخاوا بعذاب من خفت موازنوءليل ولانهار»سوى ياذن بال رحمةمولايءالوحيدالقهار 

عنيتك يا الكاديات:؛ يوم مالو ثاني 

نار واكدة شرارها فى اعلالي 

قومان تصيح فى ازوابي وتعاني 

وثاقها سلاسل وغلالي 


ترى زادي يرجح فى الميزان؟ 


ومالك آمالك: عل بات: الأهوال 
وضعك المولى فى اعوافي 
حارس شرار على باب الدار 
ما تصفح ولا تعافي 
بالقدرة ‏ ما تمسك نيران؟ 


45 النوف» برفع الاي وتشديد الواو المفتوحة» أي الخائفين 
262 





خوفي من يوم الحر لا نخيب 
تصلى20)- 03 شرا عملي 
نار شاعلة وطيب 
لا صديق ولا قريب يوالي 


ولا حد يآن من الاخوان 


انت لي بريتيني فى اعجاللة 
ما ضرك ما سويت وانا جاني 


علاه ما انت ر حمن؟ 


لا تدهم إلا سائلين عما يرضي الله عز وجل ليفعلوه» وعما يغضبه ليجتنبوه؛ هم في حالة استنفار» ومن أذنبوا 
أكثروا من الإستغفار» حازوا الورع والتقوى؛ رضي الله عنهم ورضوا عنه. 

لهم نصيب من الخشوعء مى قرأوا في صلاتهم بآي الترهيب بكوا وطلبو النجاة» ومى قرأوا بآي الترغيب 
استبشروا وطلبو الفوز والفلاح. 

ذلك مبلغ علمهم؛ منهم من لا يزيد عن حاله مهما علمته» إذ قصر فهمه عن إدراك ما هو أسمى من ذلك. 
يعمرون مساجد الله تعالى» وينصرون دينه» لا حرج عليهم» فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين. 

الثاي: حوف خافوا الله ليس لناره فحسبء بل لمعرفتهم بصفاته» حذروا الملامة والأذية منه في الدنيا والآخرة» 
عا علموا أن الله تعالى قد يعجل العقاب في الدنية قبل الآنية» فسلكوا سبيل السلامة حى لا يصيبهم الله تعالى 
مكروه؛ فكانوا أرقى متزلة من حوف النار» إذ لم يقفوا على آيات الوعد والوعيد وحدهاء بل وقفوا حي عند 
ظهور الحق بالقوة والجبروت» فجمعوا بذاك بين الحسنيين ووفقوا بين الأمرين» فكانوا أقرب إلى ريهم وأعرف 
به من الطائفة الأولى. 

وهؤلاء يتذاكرون في الله وفي الآخرة» وقد تحد في مجالسهم قسطا من المعرفة» لا تجده في مجالس الصئف الأول 
من الخوفء أولئك يدخلون في سلك العارفين. 


263 


الثالث: حوف أمعنوا في معرفته بتوفيق منه تعالى» إما مملازمة شيوخ الطريق» وإمابما أمد الله قلومم من أمداد 
المعارف» فغلبت محبته سبحانه على عوالمهم وكلفوا بذكر الحبيب» حي لم يبق في قلوهم لغيره نصيب» أحبهم 
المولى فأحبتهم الأكوان» ونشر لحم بساط امحبة والوداد بين العباد» لا يكاد أحد يراهم إلا أحبهم, ولا يبغضهم 
سوى من حرمه الله تعالى سكينة الإبمان» لا يراعون لمن آذاهم ولم يوقر حرماتهم, إذ هم عن الناس بالله؛ لا 
تسع قلويهم نشوة القربى» ولا تتحمل أبدانهم غمرة الفرح الي أورثوها بفضل الله ومنته» تراهم لا يفترون عن 
ذكر الحليل أينما حلوا وارتحلواء لا يغيب عنهم الباري عز وجل طرفة عين» تنعموا قبل النعيم في أرض البلاء» 
دون الناس أجمعين» لا يستشرفون الحنة استشراف الناس لماء ويخافون النار أشد من خحوف الناس منها. 

ما زادت معرفتهم بعظمة الله تعالى وجبروته إلا ازدادوا ذلا وخضوعاء واقفون على الأعراف» تعرفهم 
بسيماهم بين نار الخوف وجنة الرجاءء لا يأمنون مكر الله تعالى» ولا يقنطون من رحمته؛ من صفاتهم: 

- لا يتكلمون إلا قليلاء وإذا تكلموا أصابوا شغاف القلوب» وأذابوا من الصلد ما لا يذوب» وإذا خاطبهم 


الجاهلون قالوا سلاما. 
- يحقرون أعمالهم مهما ربت» ويخافون ألا يخلصوا فيها لله تعالى» فيردها عليهم» ويكتمون حسناتهم كما 


- لا يرون لأنفسهم فضلا على الناس؛ بل يوقرون خلق الله عز وجل ويخدموفهم ويدعون لهم بالهداية والخخير 
- حلماء يغفرون لمن آذاهمء ويدعون الله تعالى له بالهداية. 

- زينهم بأنواره وأضفى عليهم وقار الملوك رغم ذلهم له» فعزوا مهما كان شأفم بين الناس» فلا الحاه يرفعهم» 
ولا المال يطغيهم, ولا النسيان يغمرهم, ولا الفقر يمسخطهم. 

- راضون ما صرفهم المولى فيه» ومما صرف المولى عليهم؛ لا يضحرون ولا يغضبون ولا ينتصرون» بل تركوا 
الأمر لله يفعل ما يريد. 

- أعطوا لكل ذي حق حقه. ول يلحوا في طلب حقوقهم مهما سلبتء إذ هم بالمولى في عز وغ وبالمعطي 
في قناعة ورضا. 

من جالسهم غفر له. مى ضام انفرج؛ ومى أظلم انبلج؛ ومى ابتأس ابتهج؛ ومن انحرف انتهج 

هم مصابيح الأمة» يستقون من مشكة النور لا يخبو نورهم» ولا ينتهي حبورهم؛ ولا تفرغ من القاصدين 
ذورهم. 

- لا يضيقون ذرعا بسائل أو بضيفء ولا يردون الآ في مشتاة أو في صيف 

يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: إن لله عبادا كمن رأى أهل الحنة في الجنة مخلدين» وكمن رأى أهل النار 
ف النار معذبين» قلويهم محزونة وسرائرهم مأمونة» حوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة» صبروا أياما قصارا لعقب 


264 


راحة طويلة؛ أما الليل فصافون أقدامهم» تسيل دموعهم على خدودهم, يجأرون إلى ريهم: ربناء ربناء وأما 
النهار فحكماء علماء أتقياء» كأهم القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضىء وما بالقوم من مرض» أو 
حولطواء وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم. انتهى2”* 

ويقول الحكيم الترمذي رحمه الله تعالى: الأولياء هم الذين عليهم سمات ظاهرة من الله تعالى: قد علاهم بماء 
القربة ونور الحلال وهيبة الكبرياء وأنس الوقار» فإذا نظر الناظر إليهم ذكر الله تعالى» لما رأى عليهم من آثار 
الملكوت» والقلب معدن هذه الأشياء ومستقر النور؛ فإذا كان على القلب نور سلطان الوعد والوعيد تأدى 
إلى الوجه ذلك النور» فإذا وقع بصرك عليه ذكرك التقوى ووقع عليك منه مهابة الصلاح والعلم بأمور الله 
تعالى» وم كان على القلب نور سلطان الحق ذكرك الصدق والحق» ووقع عليك مهابة الحق والاستقامة» وإذا 
كان عليه نور سلطان الله تعالى وعظمته وجلاله» ذكرك عظمته وجلاله وسلطانه» وإذا كان على القلب نوره» 
وهو نور الأنوار» يمتنك رؤيته. انتهى من المرجع نفسه. تم ما نقلناه من السوانح 

وروى ابن خلكان عن رابعة العدوية قال: وكانت إذا حجن عليها الليل قامت إلى سطح لها ثم نادت: إلي» 
هدأت الأصوات وسكنت الحركات» وخلا كل حبيب بحبيبه» وقد خلوت بك أيها انحبوب» فاجعل خلوت 
منك في هذه الليلة عتقي من النار. انتهى 403 

ولقي سفيان الثوري رابعة وكانت زرية الحال» فقال لها: يا أم عمروء أرى حالا رثة» فلو أتيت جارك فلانا 
لغير بعض ما أرى؟ فقالت له: يا سفيان وما ترى من سوء حالي؟ ألست على الإسلام؟ فهو العز الذي لا ذل 
معه» والغيئ الذي لا فقر معه. والأنس الذي لا وحشة معهء والله إن لأستحيي أن أسأل الدنيا من بملكهاء 
فكيف أسأها من لا يملكها؟ فقام سفيان وهو يقول: ما سمعت مثل هذا الكلام. وقالت رابعة لسفيان: إنما أنت 
أيام معدودة» فإذا ذهب يوم ذهب بعضكء؛ ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل» وأنت تعلم» فاعمل. 
م 

قال تعالى: "ومن الفاس من يتهخء من حون الله أنداءا يحبونهم كحب الله؛ والعين آمنوا 006 لانن 
قالت رحمها الله تعالى: 


“اميق نارين بالحكم 
وفيات الأعيان 
وفيات الأعيان 
5" البقرة164 
265 





أحبك ‏ حبين ‏ حب الحوى وحبا لأنك ‏ أهل لذاك 
فأما الذي هو حب الحوى فشغلي بذكرك عمن سواكا 
وأما الذي أنت أهل له فكشفك لي الحجب حت أراكا 
ال ان 


وجا لموسى وعباس حتى هكلوك بل فياسن 


يقول: ما دمت تطمع فيما في أيدي الناس» فلا زلت في طريق الإفلاس» سيعاقبك الله تعالى بأن يحوجحك إلى ما 
في أيديهم» فتقف على أبوابهم وتسألهم وتستجديهم» فيخذلونك ويذلونك وتنقلب حائبا 

وقوله: يحوحك لموسى وعباسء أي يحوحك إلى زيد وعمرء والمراد به الناس كافة 

والخنن قال الله تال "ومو لم بشع أبن ةقورا مال ل 1 

وقال سبحانه: 'يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هر الدن ا 408 
قال أبو الفتح: ما غين إلا الغ» إذ الغي: من لا يفتقر إلى غيره» وكل العالمين مفتقرون, فلا غين إلا الله ولا 
استغناء إلا بالله 

علمت أن الغيئ له وحده؛ وأن حزائنه لا تنفذ» فطمعت فيما عنده 

سألته فأعطاني» وسألته فأعطاني» ثم استحييت أن أسأله الثالثة» فلما قرأت قول رسول الله يَيَلُّمْ فيما يرويه عن 
وبةا عل وجل "باعيادي) الوا أن أولكم واعبر كمه وإتسكم رسكم كانوارق صعية واعد نالوق فاعظيت 


كل إنسان مسألته. ما نقص ذلك مما عنديء إلا كما ينقص المخيط إذا أدخحل يق 


ازايعة العدوية مأمون غريب 


411 النور39 
468 فاطر15 

”* نص الحديث كاملا من صحيح مسلم: عن أبي ذر عن البي يَيلَّه» فيما روى عن الله تبارك وتعالى» أنه قال: "يا عباديء إن 
حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماء فلا تظالموا؛ يا عبادي» كلكم ضال إلا من هديته» فاستهدوني أهدكم, يا عبادي؛ 
كلكم جائع إلا من أطعمته؛ فاستطعمون أطعمكم, يا عبادي»؛ كلكم عار إلا من كسوته؛ فاستكسوني أكسكم. ياعباديء 
إنكم تخطئون بالليل والنهار» وأنا أغفر الذنوب جميعاء فاستغفرون أغفر لكم؛ يا عبادي» إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني» ولن 
تبلغوا نفعي فتنفعون؛ يا عبادي, لو أن أولكم وآحركم وإنسكم وجنكم., كانوا على أتقى قلب رحل واحد منكم., ما زاد ذلك 

266 





فبعد أن قرأت ذلك» سألت وسألت»ء فما برم بي» وما ردن خائبا ولو مرة واحدة 

إذا ضاق الحال» وقل المال» وتكالبت الخطوب والأهوال» من لي أسأله غير ذي العزة والجلال؟ 
ألم يقل ري: "وإءا سألحد عباحي عني فإني قريب؛ أجيب <عوة الداع إءا 5-5-6 

كيف أترك القريب وأقصد البعيد؟ 

رجوت عفو الرحمن الرحيم؛ يغفر ما أرقئ من ذنوب 

رحوت العزيز الوهاب» يطلعنٍ على ما عزب من غيوب 

طمعت في الغ الكرم يطعم ويسقين» يكسون ويشفين, يعيذن ويكفين» من الأسقام والكروب 

م عولت على الخلق ألجأك إليهم» وأحوحك إلى ما في أيديهم» فاستجديتهم وردوك خائباء وإذا أعطوك 
أذلوك بالمن والأذى 

فاسأل الله تعالى أن يغنيك بفضله عمن سواه 

وما ألجأك إلى الناس» إلا ليردوك فتيأس منهم؛ ويحصل لديك اليقين في الله» فتتوحه إليه وحده بالسؤال 


النهي عن كثرة السؤال والطمع فيما في أبدي الناس 


يقول الله تعالى: "للفقراء العين أحصوا في مبيل الله لا يستصعون ربا في الآرض يحسبهم الجاهل 
أغنياء من التعفق» تعرفهم بسيماهم لا يسألون الفاس إلحافا". 01 


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي يكم قال: "ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان» ولكن المسكين 
الذي ليس له غيئ» ويستحبي» أولا يسأل الناس إلحافا". رواه البخاري 

عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله يَيكُّمْ يوما فقال: "يا غلام إن أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك» 
احفظ الله تحجده تحاهك, إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله؛ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن 


في ملكي شيئاء يا عبادي» لو أن أولكم وآحركمء وإنسكم وجنكم, كانوا على أفجر قلب رجحل واحدء ما نقص ذلك من 
ملكي شيئاء يا عبادي» لو أن أولكم وآخركم, وإنسكم وحنكمء قاموا في صعيد واحد فسألون» فأعطيت كل إنسان مسألته؛ ما 
نقص ذلك مما عنديء إلا كما ينقص المخيط إذا أدحل البحر. يا عباديء إنما هي أعمالكم أحصيها لكم؛ ثم أوفيكم إياها فممن 
وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلكء فلا يلومن إلا . 
قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني» إذا حدث ذا الحديث» جنا على ركبتيه. رواه مسلم 
” البقرة185 
!5 البقرة 272 

2067 





بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن محمد بن عيينة عن أبي حازم قال مرة: عن ابن عمر» وقال مرة: عن سهل بن سعد قال: جاء جبريل عليه 
السلام إلى النبي يَيكتُّمْ ؛ فقال: "يا محمدء عش ما شكت فإنك ميت» وأحبب من أحببت فإنك مفارقه» واعمل 
ما شئت فإنك محزي به"؛ ثم قال: "يا محمد» شرف المؤمن قيام الليل» وعزه استغناؤه عن الناس". رواه الحاكم 
في مستدركه 

عن سعد بن عمار» أي بن سعد بن بكرء وكانت له صحبة» أن رجلا قال له: عظني في نفسي يرحمك 
الله قال: إذا أنت قمت إلى الصلاة» فأسبغ الوضوءء فإنه لا صلاة لمن لا وضوء لهء ولا إيمان لمن لا صلاة 
له ثم قال: إذا أنت صليت» فصل صلاة مودعء واترك طلب كثير من الحاحات» فإنه فقر حاضر» واجمع 
اليأس مما في أيدي الناس» فإنه هو الغنى» وانظر إلى ما تعتذر منه من القول والفعل» فاحتنبه. رواه الطبران في 
الكبير 

عن الشعبي: حدثين كاتب المغيرة بن شعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أن اكتب إلي بشيء سمعته 
من النبي يَيَلتُّم ؛ فكتب إليه: سمعت النبي يَيكتُّمْ يقول: "إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال» وإضاعة المال وكثرة 
السؤال". رواه البخاري 

عن أبي هريرة عن النبي يكم قال: "لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو", أحسبه قال: "إلى الحبل» فيحتطب» 
فيبيع» فيأكل ويتصدقء» خير له من أن يسأل الناس". رواه البخاري 

وعن أنس بن مالكء أن رجلا من الأنصار أتى البي 2َيلكُمْ يسأله فقال: "أما في بيتك شيء؟" قال: بلى» حلس 
نلبس بعضه ونبسط بعضه؛ وقعب نشرب فيه من الماء» قال: "اثتئ يمما", قال: فأتاه يهماء فأحذهما رسول الله 
علد بيده وقال: "من يشتري هذين؟" قال رحل: أنا آخذهما بدرهم؛ قال: "من يزيد على درهم؟" مرتين أو 
ثلاثاء قال رحل: أنا آحذهما بدرهمين, فأعطاهما إياه» وأحذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال: "اشتر 
بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك» واشتر بالآخر قدوما فأتئ به", فأتاه به» فشد فيه رسول الله عَم عودا بيده 
ثم قال له: "اذهب فاحتطب وبعء ولا أرينك خمسة عشر يوما"؛ فذهب الرحل يحتطب ويبيع؛ فجاء وقد 
أصاب عشرة دراهم؛ فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاماء فقال رسول الله يكم : "هذا خير لك من أن تحيء 
المسألة نكتة في وجحهك يوم القيامة» إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع» أو لذي غرم مفظع. أو 
لذي دم موجع". رواه أبو داود 

عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله يكم فأعطانيء ثم سألته فأعطاني» ثم سألته فأعطاني» 
ثم قال: "يا حكيمء إن هذا المال خحضرة حلوة» فمن أحذه بسخاوة نفس بورك له فيه» ومن أخحذه بإشراف 
نفس لم يبارك له فيه» وكان كالذي يأكل ولا يشبع» اليد العليا خير من اليد السفلى". قال حكيم: فقلت: يا 


268 


رسول الله والذي بعنك بالحق» لا أرزأ أحدا بعدك شيئاء حي أفارق الدنيا. فكان أبو بكر رضي الله عنه 
يدعو حكيما إلى العطاء» فيأبى أن يقبله منه ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيثاء فقال 
عمر: إن أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم, أن أعرض عليه حقه من هذا الفيء؛ فيأى أن يأخذه. فلم 
يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله يلثم حي توفي. رواه البخاري 

يقول ابن عطاء الله السكندري: ألا ترى أن إبراهيم عليه السلام» لما قال له ربه أسلم» قال: "أسلمت لرب 
العا 306 وزيز زج به في المنجنيق استغاثت الملائكة قائلة: يا ربناء هذا خليلك قد نزل به ما أنت أعلم» 
فقال الحق سبحانه وتعالى: "اذهب إليه يا حبريل» فإن استغاث بك فأغثه» وإلا فاتركين وخليلي". فلما جاءه 
جبرائيل عليه السلام في أفق المواء قال: ألك حاجة؟ 

قال: أما إليك فلاء وأما إلى الله فبلى. 

قال: فاسأله» قال: حسببي من سؤالي علمه بحالي. 

فلم يستنصر بغير الله ولا حنجت همته بغير الله» بل استسلم لحكم الله مكتفيا بتدبير الله له عن تدبيره لنفسه» 
وبرعاية الحق له عن رعايته لماء وبعلم الحق سبحانه» عن سؤاله» علما منه» أن الحق به لطيف في جميع أحواله» 
فأثئ الله تعالى عليه بقوله: "وإبراهيم العي 6د ونحاه من النار» فقال تعالى: "قلفا يا فار حوني برا 
وننلتما على ووافي "7" قال اهل العكء لو 1 بقل انق سيوانة: "ريوص كملكدروي سيرك يلك 
النار. وقال أهل العلم بأحبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: لم يبق ذلك الوقت نار ممشارق الأرض ولا 
عغاريما إلا خمدت, ظانة أنها المعنية بالخطاب. فقيل: إنه لم تحرق النار منه إلا قيده. انتهى 50 


الحكمة من تسليط الناس على عباده الصالحين 
وإذا أراد الله بك خيراء سلط عليك الناس يؤذونك وينتقصون منكء ويردون خيرك شراء حي لا تلجأ سوى 
إليه وحده 
قال في الحكم: مى آلمك عدم إقبال الناس عليك» أو توحجههم بالذم إليك» فارجع إلى علم الله فيك» فإن كان 
لا يقنعك علمه فيك» فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه» أشد من مصيبتك بوحود الأذى منهم. انتهى 


2 البقرة130 
503 النجم36 


4 الأنبياء 68 
التنوير في إسقاط التدبير 


269 





قال ابن عجيبة: قال في لطائف المنن: اعلم أن أولياء الله تعالم حكمهم في بدايتهم, أن يسلط الخلق عليهم 
ليتطهروا من البقاياء وتكمل فيهم المزاياء وكي لا يساكنوا هذا الخلق باعتماد» أو يلوا إليهم باستناد» ومن 
آذاك» فقد أعتقك من رق إحسانه؛ ومن أحسن إليك» فقد استرقك بوجود امتنانه. ولذلك قال يللم : "من 
أسدى إليكم معروفا فكافئوه» فإن لم تقدرواء فادعوا له". كل ذلك ليتخلص القلب من رق إحسان الخلق 
ويتعلق بالملك الحق. ثم قال: وقال الشيخ أبو الحسن: اهرب من خير الناس أكثر من أن قرب من شرهم. فإن 
خيرهم يصيبك في قلبك» وشرهم يصيبك ف بدنك» ولأن تصاب في بدنك» خير من أن تصاب في قلبك؛ 
ولعدو تصل به إلى الله خير من حبيب يقطعك عن الله؛ وعد إقبالههم عليك ليلاء وإدبارهم عنك فاراء ألا 
تراهم إذا أقبلوا فتنوا. قال: وتسليط الخلق على أولياء الله في مبد! طريقهم سنة الله في أحبائه وأصفيائه. قال 
الشيخ أبو الحسن في حزبه: اللهم إن القوم قد حكمت عليهم بالذل حى عزواء وحكمت عليهم بالفقد حق 
وحدوا. ثم قال: ومما يدلك على أن هذه سنة الله في أحبائه وأصفيائه» قوله تعالى: "وزلزلوا حتى يقول 
الوبيول يوا" وغير الله من الآيات الدالة على هذا الممتع» لوقأل بعضن العارفق وت أذ تعلي آله 
النفوس شأها استحلاء الإقامة في موطن العز والرفعة» فلو تركها الحق سبحانه» لهلكت» فأزعجها عن ذلك با 
سلط عليها من أذى المؤذيين ومعارضة الجاحدين. وفي هذا المعئ قيل: 
عداتي لمم فضل علي ومنة فلا أبعد الرحمن عي الأعاديا 
فهم بحثوا عن زل فاجتنبتها وهم نافسونى فارتكبت العاليا 

وقال بعضهم: النصيحة من العدو سوط من الله يرد بما القلوب إذا سكنت إلى غيره» وإلا رقد القلب في ظل 
العز والجاه» وهو حجاب عن الله تعالى عظيم. وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: آذاني إنسان مرةء 
فضقت ذرعا بذلك» فنمت فرأيت يقال لي: من علامة الصديقية كثرة أعدائهاء ثم لا يبالي بم. انتهى 

إذا تقرر هذاء علمت أن إذايه الخلق للولى» سنة ماضية» يعيئ سنة أنبياء الله ورسله. فلن تحد لسنة الله تبديلاء 
وانظر أحوال نبينا عليه الصلاة والسلام؛ ما رأى مع قريش وب وائل» مكث معهم بعد النبوة الي هي محل 
الأذى من الخلق» ثلاثة عشرة سنة»كلها حلال وشدة وبلاء» وحين انتقل إلى المدينة» لم تكن له راحة» بين 
جهاد وتعليم ومعاناة أحبار يهود بالأذية والتشغيب» حى لقي الله يتم وشرف وكرم وبحد وعظمء وكذلك 
أصحابه معه بعده» لم تكن لهم راحة» وحلهم ماتوا مقتولين: فقد مات الصديق مسموماء ومات الفاروق 
مقتلاء وعثمان مذبوحاء وسيدنا علي مضروبا بالسهم مسموما حي مات» والحسن مسموماء والحسين مقتولاء 
حى لعبوا برأسه بالشام» ثم دفن ممصرء فداه بعض الملوك ودفنه .عمصرء وهو مزار الحسين المشهور عندهم. ثم ما 
لا يحصىء وقد سعي بالجنيد وأصحابه للسلطان» وأتى يهم للسيفء ثم لطف الله كممء وقصتهم: أن فقهاء 


6" البقرة212 
200 





بغداد» قالوا للمتوكل أن الحنيد» قد تزندق هو وأصحابه, فقال لمم الملك» وكان بميل إلى الحنيد: يا أعداء الله 
ما أردتم إلا أن تفنوا أولياء الله من الأرضء واحدا بعد واحدء قتلتم الحلاج» وأنتم ترون له كل يوم عبارة» ولا 
تزدحرون» وهذا الجنيد» لا سبيل لكم إليه حى تغلبوه بالحجة؛ فاجمعوا له الفقهاء» واعملوا له مجلساء فإن أنتم 
غلبتموه وشهد الئاس بأنكم غالبون عليه قتلته» وإن هو غلبكم, والله لأمشين عليكم بالسيف» حي لا نبقي 
منكم أحدا على الأرض. قالوا: نعم. فجمعوا له الفقهاء من الشام واليمن والعراق والأمصار» فلما اجتمع 
الفقهاء في ذلك, حب لم يبق في الجوانب الأربع من يعرف مسألة في دينه إلا حضر. فلما اجتمع الفقهاء في 
ابحلس» بعث الملك إليه» فأتى هو وأصحابه إلى باب القصرء فدخل الحنيد» وترك أصحابه» وأدى حق الخليفة» 
يع من التعظيمء وقعد» فقام إليه أحد الفقهاء يسأله في مسألة» فسمعه القاضي علي بن أي ثورء فقال لهم: 
تسألون الحنيد؟ فقالوا: نعم» فقال لمم: أفيكم من هو أفقه منه؟ فقالوا: لاء فقال: يا عجباء هو أفقه منكم في 
علمكم, وقد تفقه في علم تنكرونه عليه؟ يع» ولا تعرفونه» فكيف تسألون رجلا لا تدرون ما يقول؟ فبهت 
القوم وسكتوا زمانا. انتهى ”30 

وانظر أيضاء قضية القطب الشهير» شيخ أشياحناء الشيخ ابن مشيشء» فقد مات مقتولا كما هو معلوم, 
وكذلك قضية تلميذه مع القاضي ابن البراء» حيث أخرجه من تونس» وكتب به إلى عامل مصرء وعمل به 
بيئة» أنه مشوش» وأنه يطلب الملك» فانتصر الله له» كما هو شأنه سبحانه من انتصاره لأوليائه. 

وكذلك قضية الغزواني» فإنه لما كملت تربيته» وظهر رشده. أرسله شيحه. الشيخ التباع» يعمر بلده» فسكن 
بتي زروال» جوار ضريح الشيخ ابن مشيش» فلما عمر سوقه» وانكبت عليه المخلوقات» سعي به إلى السلطان 
المريئ» فأرسل إليه الحرس» وأطلعوه مكبلا إل الرايش» لأن السلطان كان ثم نازلاء ثم أرسل به إلى فاس» 
فسجن أربعة أشهر أو سنة» حى قدم السلطان إلى فاس» فأطلقه وشرط عليه السكئ معه بفاس؛ فسكن معهء 
فلما قرب انقراض مدة المرينيين» حرج إلى مراكشء وقال: ذهبت دولة بن مرين» وبقي .كراكش حى توق 
رضي الله عنه. وذكر التجيي أن الشبلي رفع إلى السلطان؛ وأرهج أبو يزيد من مدينة بسطام مرارا. وهذا أمر 
قال بعض الحكماء: إذا أراد الله ظهور الحق» جعل من خلقه من يعانده ويريد إحماده» فيكون ذلك سببا 
لظهوره وإيضاحه. ولذلك سلط الله على كل نبي عدوا من المجرمين» وعلى الأولياء كذلك. 


5307 إيقاظ الحمم 
2/11 





ع 


وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح الحا لسان حسود 


لولا اشتعال النار فيما حاورت ما كان يعرف طيب عرف العود 508 


سيدي أبو العباس أحمد التجاني”” وما افتراء عليه صاحب الترجمانة الكبرى 


قال أبو الفتح: ولا يخفى ما تعرض له الشيخ أبو العباس أحمد التجاني رحمه الله تعالى» من محن في المغرب 
الأوسطء وهجرته إلى المغرب الأقصى حيث ضيق عليه الفقهاء ووشوا به عند السلطان فنصره الله عليهم 
وانقلبوا صاغرين 

وعلى رأس من عاداه منهم المؤرخ أبو القاسم الزياني رحمه الله تعالىم» صاحب كتاب الترجمانة» فقد قرأت في 
كتابه» ما قاله فيه» مما لا يليق .عثله أن يقوله في أمثال هذا الشيخ الذي احتمع عليه الناس» ونشر دين الإسلام 
في بلاد الشرك» وحرحت طريقته أولياء واصلين» واتسم أتباعه بكثرة الأذكار ومداومة الصلاة والتسليم على 
النبي المختار عَم 


5308 


ا مرجع نفسه 

9 ولد رضي الله عنه سنة خمسين ومائة وألف, على ما حدثين هو بنفسه رضي الله عنه» بعين ماضي» وهي بلده ومقر أسلافه 
رضي الله عنه وعنهم على ما تقدم في الفصل الأول. وهو أوسط الأبناء لأمه وأبيه» والآخذ كل ما لهم من الفخار والتتزيه» 
وخاتمة مجدهم» وواسطة عقدهم, الذي شرف به طالعهم السعيد» واستمر به مددهم المديد» ختم الله به من نظامهم سلكاء 
وجعل ختامه مسكا. انتهى 

وأما بدايته رضي الله عنه في الطريق» وكيفية أخذه إياها على التحقيق» فإنه لما توفي والده رحمه الله تعالى» بقي على حاله من 
قراءة العلم وتدريسه؛ والتقاط درره وتدوينه في بلدة عين ماضيء ثم ارتحل إلى ناحية الغرب لفاس وأحوازها سنة إحدى وسبعين 
ومائة وألفء مع فيها شيئا من الحديث» وبقي يجول بقصد الزيارة والبحث عن أهل الخير والصلاحء والدين والفلاح» فلقي 
رحلا بحبل الزبيب من أهل الكشفء فأشار له بالرحوع إلى بلده وأخبره بأنه سيكون من أمره ما هو بصدده؛ فلم يلبث حتى 
رجع لبلده سريعاء ورج قاصدا البلد الأبيض في ناحية الصحراء الي بما ضريح الولي الكبير» والقطب الشهير» سيدي عبد القادر 
بن محمد الملقب بسيدي الشيخ» فمكث هناك خمسة أعوام للقراءة» والعبادة والتدريس والتلاوة» في هذه المدة وصل إلى بلده عين 
ماضي تصديقا لما أخبره به الولي المتقدم» ورجع إلى مكانه بزاوية الشيخ المذكورء ثم ارتحل منها إلى تلمسان, وأقام بها للزهادة 
والعبادة» والتدريس لعلم الحديث والتفسير والإفادة» حتى ألهم سيدنا ما ألهم» ووقر في صدره ما وقر» وظهر له ما ظهرء مع ما 
أهله الله إليه بسابق عنايته» وفيض كرامته» فنفض يديه ما لديه» وتعلقت همته العلية بالله والإنحياش إليه» والوقوف ببابه والعكوف 


عليه. انتهى من جواهر المعاني وبلوغ الأماني من فيض سيدي أبي العباس التجاني 


212 





وقد ارتأيت أن أورد بعض ما قاله الزياي» حي يعرفه القارئ ويدرك مدى فداحته وبعده عن سمت العلماء 
الأحلاء» يقول رحمه الله تعالى: ولما استقرت به الدار» اجتمعت عليه طائفة أخرى من الأشرار» وتسمت هذه 
الطائفة باسمه الخسيسء» واشتهر شهرة إبليس» وهو أحمد تحين» هو وطائفته في سجين, فأظهر ما كان منطويا 
عليه من البدعة» وهو يزداد عندهم بذلك رفعة» ولما مع ممقالته الأشرار» وجملة من أهل اليسار» انكبوا عليه 
أنكباهم معه ف النار» ففرض لهم الفرائض وسن لهم السنن؛ والبدعة تتزايد منه وتتكون» فأول ما قال لهم: 
اسمعوا كلامي وعوه». وكل ما تعرفونه قبلي دعوه. إن أرى رسول لله ل ف اليقظة لا في المنام» ويقول لي 
وأقول له ما يعرض لي من الكلام» ومن جملة ما قال لي: يا أحمد» اعلم أن كل من يبغضك أو يشتمك أو 
ينسب لك ما يسوءك» فإنه لا بموت على ملة الإسلام» وقال لي: إنك وأصحابك وطريقتك أفضل من وجد 
بعد الصحابة» ثم بعد مدة قال لهم أن رسول الله يَكتُّم. علمن صلاة قالهاء وصلى عليه بما. خرج رسول الله 
يم ؛ من رمسه؛ وجاءه بسبب ذلك يزوره بنفسه» وإذا ذكرها جماعة منكم وأزالوا عنهم ثيايهم؛ ووضعوها 
بين أيديهم شبه القطينة» يأ إليهم النبي زائرا ويجلس عليها بذاته الشريفة» وأنه يَكثُم» أخبره بأن له ولأصحابه 
تقدما وشفوفا على كل حر وعبد وذكر وأنثى كبير وصغير» وأنه منذ عصر الصحابة لم يكن له نظير» وأن 
طريقته أفضل الطرق كلها على الإطلاق» والشمول والاستغراق» وأعطاها له رسول الله عَكُمْ منه إليه» وأن 
تلاميذه تلاميذ رسول الله عَيكُّمُ وفقراؤه» وأنه لم تكن هذه الطريقة لغيره إلى النفخ في الصورء وأن أصحابه 
عند الله ورسوله ف الدنيا والآخرة في نعم وسرورء من فضل الله والعز الأكبر» والبرهان الساطع الأنور» وذلك 
أمر لا مطمع فيه لغير الصحابة من جميع الأولياء» حي الأقطاب لا يلحقون مراتب أصحابه في الآخرة» وأنه لا 
يتأتى لطريقي إلا التفرد يماء فمن ذكر ورد أحد من المشايخ مع وردي فهو خارج عن طريقي المحمدية» وكل 
طرق المشايخ تدحل عليها طريقيٍ وتبطلهاء ولا يخاف من ترك طريقة غيري لطريقيٍ في الدنيا ولا في الآحرة» 
ومن تعمد وأدخل طريقة أخرى على طريقيٍ حل به الهلاك في الدنيا والآخرة» ومن ترك طريقة غيري لأحل 
طريقي فهو آمن في الدنيا والآخرة» قبحه الله وقبحهم أجمعين. انتهى "!ا 

قلت: فانظر رعاك الله» إلى ما أقدم عليه صاحب الترجمانة» من تحرئ على أصحاب الفضل والديانة» ولا 
تعجب مما جنح إليه» من سب وإهانة» في حق من فرغ لخدمة مولاه» وتفرغ لدعوة الناس إليه حى يلقاهء 
أليس لم يدع نعتا مشينا إلا نعته» ولا فعلا مهينا إلا نسبه» ولا سجعا مبينا إلا كتبه؟ يظن أنه إذا تحامل على 
العارفين لن يساءل يوم الدين» وإذا تطاول على العالين يدرك رجلا في عليين» فما له تنازل أسفل سافلين؟ 


5 الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا 
273 





فوالله ما زاد كلامه الشيخ إلا اشتهاراء وقد عاد ما افتراه عليه ذلة وصغاراء كيف وقد عادى وليا فآذنه الله 
بالحرب جهارا؟ 

ولعل الفقيه غار من احتماع الناس على شخص أجمعوا على فضله؛ ولم يجتمعوا عليه رغم عقله ونقله. فما زاد 
الناس عنه إلا ابتعاداء وما زاد ازدحامهم على غريه إلا اشتداداء وما اعتد أحد .ما افتراه اعتدادا» فخاب سعيه 
وبارت حارته كسادا 

فما كل من جاء بنبأ صادق» وما كل من هب ودب يسابق» وكيف للعصفور أن يحارب الباشق؟ وللأقزام 
مطاولة الشاهق» وهل رنة الدينار تحدثها الدوانق» وخبرة الأبرار يعرفها المماذق؟ 

فالله الله فيمن اتخذ علمه للنيل من الأحرار مطية» يطمع بذاك في الشهرة والنوال والعطية» يبيع دينه للأشرار 
أوقية أوقية» بالليل والنهار» ح لا يبقي منه بقية 

فانظر إلى ما انتشر من طريق الشيخ في المعمور» وما حملت الأسفار من سطورء وانظر إلى ما آل إليه غريعمه 
المغمورء وأيهما أنار القلوب وشرح الصدورء تراه العالم المختال الجسورء أم الشيخ المهاب الوقور؟ 

فوالذي نفسي بيده من رفعه الله ليس لأحد أن يخفضه؛ ومن أعزه الله ليس لأحد أن يذلهء ومن حفظه الله 
ليس لأحد أن يضره 

فيا ليت علمك عرفك قدر الكبار فأذعنت» ويا ليت فقهك أفتاك في مقاصد الأبرار فأحجمتء ويا ليت 
فهمك سلمك لأخذ العبرة والاعتبار فاعتبرت 

فها قد أصبحت عرضة لسوء الدعوات» في حياتك ومماتك» وكتبت ما تندم عليه في صفحات» يشهد 
بتعديك وإذايتك» فما قولك إذا حشعت الأصوات في جنايتك وغوايتك؟ 

فاللهم اغفر للجاني ما جناه» فإن من شأن الإنسان أن يعادي من فاته في علمه وتقواه» ولا تواخذه بتلك 
الألفاظ والمباني» فإنما هي لغو لغاه 

وأكرم الشيخ في قراك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرء واذكره كما ذكرك؛ ودعاك 
ودعا إليك يوم البعث والمحشرء وابعثه نضر الوجه هناك» واجزه الحزاء الأوفر 

وانشر صيته في الثقلين» واحفظ شيعته وأتباعه في المشرقين والمغريين» وانفعنا ببركاته في الدارين 


2/14 


الولايه سلوكث ؤ جكبه 
كلها يوكي للفريد 
حريفنا سالكه مهكبه 
عر الصجاهكل ما هي مكريد 
كيى الفعل عه الأزهار 
كيب الليل مع النغار 


والي سالا والي مجخوب 
بها تحها الفليب 
كائعر كالاصب 
لما يكويها الشوق تكوب 
يرشف بالرغبه رحيفو 
كلها ساير فى ضيفو 


والدغار ناشب ريفو 


شوق العاشق بل شوار 


يقول: الولاية سلوك وجحذبء والطريق إلى الله تعالى من أجل قذيب النفوس وتصفية القلوب» تكون بالسلوك 
والجذب 

فهناك وال سالك ووال بمحذوبء وكلتا الطريقتين يقرب إلى الله تعالى» وتصفو بمما القلوب 

وأما ما نحن عليه» فهو طريق سلوك» وليس طريق جذبء مع أننا لا نفرق بينهماء ونشهد بأن الإثنتين أشرقتا 
من مطلع واحد» فهما سيان كالحجر مع الطوب 

إلا أن ما نحن عليه من سلوك إلى الباري عز وجلء لا يعرف التكلف والمجحاهدة» ولكن مى كوتنا نار الشوق 
إلى الواحد الحليل» ذبنا محبته» وعبدناه سبحانه برغبة ومودة دون تكلف أو تصنع 

ثم يضرب الشيخ مثلا لذلك؛ بالنحل مع الأزهار» يرشف رحيقها برغبة وفهم» ويستسيغه بلهفة وطلاوة؛ 
وضرب مثلا بالليل مع النهار» كلاهما سائر فيما يسر الله تعالى له» بتلقائية» دون تردد أو تلكئ 

فكذلك العاشق» يهجم عليه الشوق دون مناسبة» ودون أن يشاوره, بمجرد حطور عشيقه؛ عند رؤيته له أو 
تذكره إياه» وم كان ذلكء دفعه الشوق إلى إرضائه والإذعان إليه دون تعب ومشقة, فإذا قام الليل» فعل 
ذلك اشتياقا للمثول بين يدي مولاه في تبتل وخحشوع, لا يعلم بأمره أحد» وإذا صام النهار وحف ريقهء لم 
يضره ذلكء بل وجد فيه حلاوة الطاعة وروعة الإذعان للباري عز وجل. 

والمعئ: قال الشيخ: حبيي» أتكلف للقاك» وأعنت في ملقاك» ولا حبيب لي سواك؟ إن هو إلا الشوق حرى في 
عروقي وركب أوصليء فلم أعد أقو على ألا أطيعك وأرضيك» بل صرت أجد ف إطاعتك وإرضائك قرة 


عيئ ويكجة نفسيء» فحن لو الم تأمرني أطعتء وحن لو لم تنه كففت. ما عادت شريعة الأمر والنهي بين 


215 


الأحباب قائمة» فإن أطاعواء أطاعوا عن طواعية» وإن هموا بالعصيان لم يردعهم عن المعصية حر جهنم وإنما 
هجم السرور علي حى انه من فرط ما قد سرن أبكان 


تعريف الولادة وشروطلها 
يقول الشيخ بحم الدين أربكان: الولاية على قسمين: عامة: وهي مشتركة بين جميع المؤمنين» كما قال تعالى: 
"الله وإ العين آمنوا يخرجهم من الضلمات إلى الفور".612 زب 313 
وخاصة: وهي مختصة بالواصلين إلى الله من أهل السلوك. انتهى 61 
ويقول الشيخ عبد الكريم الحيلي: الولاية على مراتب كثيرة» ويجمعها ثلاثة أنواع: ولاية صغرى وولاية مطلقة 
وولاية كبرى: 
فالولاية الصغرى لما ألف درجة:؛ أولها: الإبمان بالغيب» وآحرها: الفناء في شهود الله. 
والولاية المطلقة لما ألف درحة, أوها: الفناء في الشهود, وآخرها: التحقق بالأوصاف الإلهية. 
والولاية الكبرى لما ألف درحة؛ أوهها: التحقق بالأوصاف الإلحية» وآخرها: مقام العجزء وفيه يتحقق العبد 
بالكمال المطلق. انعه 6150 


1!” البيتان من ألف ليلة وليلة 
2 البقرة 256 كستران 
3 كما أن لله تعالى أولياء من المؤمنين» فإن للشياطين» لعنهم الله تعالى أولياء من الذين لا يومنون 
يقول الباري عز وجل في أوليائه: "ألا إن أولياء الله لا خوق عليهم ولا هم يحزنون» العين آمفوا وكانوا يتقون لهم 
البشري في الحياة الننيا وفِيِ الآخرة» لا تبئيل لحلمات الله؛ عل هو الفوز العضيم". يوس 64-62 
ويقول سبحانه في أولياء الشيطانء لعنه الله تعالى: "فقاتلوا أولياء الشيضانء إن حي الشيصن كان ضعيفا". النساء75 
وكما أن الله تعالى ولي الذين آمنواء فالشياطين أولياء الذين لا يومنون 
'واللك ولع المومفين". آل عمران67 
"إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يومنون". الأعراف26 
4- الشيخ اسماعيل حقي البروسوي تفسير روح البيان. كستران 
5 الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي مخطوطة شرح ورد السحر الكبير. كستران 
206 





ويقول الشيخ الشعراني: لا طريق للولاية ظاهر حنىّ تطلبء إنما هي أحذة تأحذ العبد على أي حال كان» 
فتقلب عينه وليا خالصا في أسرع من لمح البصرء وهذا ليس للعبد فيه تعمل؛ لأنه من الوهبء لا من الكسب. 
اع 616 

ويقول الشيخ سعيد النورسي: إن سلوك طريق الولاية مع سهولته هو ذو مصاعبء, ومع قصره فهو طويل 
جداء ومع نفاسته وعلوه فهو محفوف بالمخاطر» ومع سعته ضيق جدا. انتهى !017 

ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي: لا يشترط في الولاية الكرامات الكونية» فا توجد في غير الملة 
الإسلامية» لكن يشترط فيها الكرامات القلبية» كالعلوم الإلهية والمعارف الربانية» فهاتان الكرامتان قد تجتمعان 
كما اجتمعتا في الشيخ عبد القادر الكيلاني» والشيخ أبي مدين المغربي قدس الله سرهماء فإنه لم يأت من أهل 
الشرق مثل عبد القادر في الخوارق» ومن أهل الغرب مثل أبي مدين» مع ماللهما من العلوم والمعارف الكلية؛ 
وقد تفترقان» فتوجد الثانية دون الأولى» كما في أكثر الكمل من أهل الفناء. انتهى 618 


الولادة ساوك وجذب 
قال أبو الفتح: قلت: قسم أولوا الشأن الأولياء إلى قسمين: 
الولي السالك: وهو الذي يحفظ ظاهره بالتزام ما أمر به من آداب المعاملات وتكاليف العبادات وغيرهاء مع أنه 
يشهد الله تعالى بباطنه 
الولي المحذوب: وهو الذي لا يتحكم في ظاهره؛ ولكن يميل مى مال باطنه» ويغلب عليه الحال» وقد يخل بأوامر 
الشرع ومقتضيات الآداب» ويفرط ف العبادات دون قصد 
ولا عليه» ما دام محذوبا لا حول له ولا قوة فيما يقول ويفعل» فهو في حكم المحنون» يرفع عنه القلم ما انتابه 
حاله» فلا يكتب عليه شيء. ولا يواخذ بشيء 
وسمي المحذوب ولياء لما ظهر عليه من علامات الأولياء وسيمى الصالحين» في أقواله وتصرفاته» بل وبما شهد له 
به من خحوارق وكرامات» تدل على أن له حالا مع الله 
فمنهم مستجاب الدعوة» يلجأ إليه في النوائب والمهمات» فيدعو مولاه فيكشفها 
ومنهم من أطلعه الله تعالى على بعض غيبه .كنه وكرمه 


6 الشيخ كريم الدين البرموي كتاب تنقيح روضة الأزهار ومنية السادة الأبرار في مناقب سيدي عبد السلام الأسمر. كستران 
7 الشيخ سعيد النورسي أنوار الحقيقة. كستران 
8ه الشيخ اماعيل حقي البروسوي تفسير روح البيان. كستران 

27 





ومن يستشفى به 

ومن لا يفتأ يذكر الناس بريهم جهرة» ويدعوهم إليه.منطق حكيم وحكمة بالغة 

إلا أننا لا نرى أن المحذوب من شأنه أن يسلك بالناس إلى ريهمء ويكون شيخاء بما تحمله الكلمة من مععئ» 
لأن الإسلام قائم على الثبات والعلم» ولا يكون ذلك إلا للسالك على هدي رسول الله عَيَلُّم وسنته. 


الكلام على ميد! اللجاهدة عند الصوفية 
وقد عرف المذهب الصوفٍ منذ بدء انتشاره في القرن الثاني المجريء ,يله عن سنة البي يَيكُم» بالتشدد في 
مجاهدة النفس وحرمافا ما أحل الله لما من طيبات 
يقول أبو عثمان المغربي: من ظن أنه يفتح له شيء من هذه الطريقة» أو يكشف له عن شيء منهاء إلا بلزوم 
امحاهدة» فهو في غلط. انتهى”!” 
فبالغ المتصوفة في المجاهدة» واعتقدوا أن الله تعالى لا يعرف إلا بلبس المرقعات ومداومة الجوع والعطشء ولو 
كان الأمر كذلكء لفعله سيدنا محمد يَيلتُّم فأوردوا في كتبهم من الأقوال والحكايات» ما لا يطيقه بشرء وقد 
قرأنا لهم عدة حكايات غريية» نطلع القارئ الكريم على بعضها: 
وقال إبراهيم الخواص: كنت في حبل اللكام» فرأيت رمانا فاشتهيته» فدنوت منه وأحذت منه واحدةع 
فشققتها فوجدقا حامضة» فمضيت وتركت الرمان» فرأيت رحلا مطروحا قد احتمع عليه الزنابير» فقلت: 
السلام عليك» فقال: وعليك السلام يا إبراهيم» فقلت: كيف عرفتن؟ فقال: من عرف الله تعالى لا يخفى عليه 
شي فقلت: أرى لك حالا مع الله تعالى» فلو سألته أن يحميك ويقيك الأذى من هذه الزنابير؟ فقال: وأنا 
أرى لك حالا مع الله تعالى» فلو سألته أن يقيك شهوة الرمان؟ فإن لدغ الرمان يجد الإنسان ألمه في الآخرة» 
ولدغ الزنابير يجد ألمه في الدنيا. فت ركته ومضيت. از 520 
يقول السري: إن نفسي تطالبئ منذ ثلاثين سنة أو أربعين سنة» أن أغمس حزرة في دبس 77 فما أطعتها. 


0 522 
انتهى 


7 الرسالة 'القشيؤية 
7 المرجع نفسه 
521 قلت: والجزة: صوف شاة في السنة» والمراد كسرة بز ونحوهاء والدبس: عسل التمر وعصارته 
2 الرسالة القشيزية 

218 





وسئل السري عن الصبرء فأحذ يتكلم فيه» فدبت على رجله عقرب» وهي تضربه بإبرتها ضربات كثيرة» وهو 
ساكن لا يتحرك» فقيل له: لماذا لم تبعد العقرب عن رحجلك؟ قال: استحييت من الله تعالى أن أتكلم في 
الصبر ولم أصبر. انتهى 523 

قلت: لاشك في أن رسول الله َلكَّم» لم يفهم الصبر بأنه أن يلقي المرء بأيديه إلى التهلكة» كيف وقد أمر عَللَمُ 
بقتل السم ولو في الصلاة؟ 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله يَيلِثُم : "اقتلوا الأسودين في الصلاة» الحية والعقرب". أخرجه 
الأربعة وصححه ابن حبان 

وقال أبو بكر محمد الوراق: آفة المريد ثلاثة أشياء» التزروج وكتابة الحديث والأسفار. وقيل له: لماذا تركت 
كتابة الحديث؟ فقال: منعتيئ عنها الإرادة. انتهى 524 

وقال أبو عثمان المغربي: الرباني لا يأكل في أربعين يوماء والصمداني في ثمانين يوما. انتهئةة 
وكان حسان بن أبي سنان لا ينام مضطجعاء ولا يأكل سميناء ولا يشرب ماء باردا ستين سنة» فرؤي في المنام 
بعد موته» فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: خيراء إلا أني محبوس عن الجنة بإبرة استعرها فلم أردها. انتهى26 
وقبل: كان سهل بن عبد الله لا يأكل الطعام إلا في كل خمسة عشر يوماء فإذا دحل شهر رمضانء» كان لا 
يأكل حتى يرى الحلال» وكان يفطر كل ليلة على الماء القراح. انتهى527 


5 


5 


منيح شينخنا أبي الحسن الشاذلي في الساوك 

قال أبو الفتح: ثم جاء الإمام علي بن عبد الله بن عبد الحبار الشاذلي بالشين والذال المعجمتين. وشاذلة قرية من 
أفريقية» الضرير الزاهد» نزيل الإسكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية» المتوق سنة ست وخمسين وست مائة 
هجرية؛ رحمه الله تعالى» فرد الحق إلى نصابه» وهذب الطريق وصحح أخطاءهاء ويسر ما عسر منهاء وأحل ما 
حرم 

فكانت طريقه سلسة لينة» لا عوج فيها ولا أمتاء ولا حرج ولا مشقة 


520 المرجع 0 
23224 ا مرجع 00 
5325 ا مرجع ل 
5326 ا مرجع 00 
١ 30‏ 


مرجع نفسه 
209 





وم يأت» رحمه الله تعالى بشىء جديدء وإنما هو الإسلام الذي جاء به خير الرسل والأنبياء يِل حنيفية 
بيضاءء ليلها كنهارهاء لا يزيغ عنها إلا هالك 

وقد رأى رحمه الله تعالى» أن الذي يتقشف وهو يبملك من متاع الدنيا ما لا يلجؤه إلى التقشفء لا يعرف من 
الطريق شيئاء كيفء والله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده؟ 

قال ابن عطاء الله: وهكذا طريق الشيخ أبي العباس وشيخه أبي الحسن رضي الله عنهماء وطريقة أصحاهماء 
الإعراض عن لبس زي ينادي على سر اللابس بالإفشاء» ويفصح عن طريقه بالإبداء» ومن لبس الزي فقد 
ادعى . 

ولا تفهم» رحمك الله» أنا نعيب بمذا القول على من لبس زي الفقراء» بل قصدنا أنه لا يلزم كل من كان له 
نصيب مما للقوم أن يلبس ملابس الفقراء» فلا حرج على اللابس» ولا على غير اللابس» إذا كانا من المحسنين» 
1 , 528 529 

ورأى ف التجويع إجححافا للنفسء في حين أن أكل الطيبات يورث الشكر وعرفان نعمة الله تعالى على خلقه. 
وقد قال الشيخ أبو الحسن: يا بئ برد الماع فإنك إذا شربت الماء السخن» فقلت: الحمد لله تقوها بكزازة» 
وإذا شربت الماء البارد» فقلت: الحمد لله» استجاب كل عضو منك بالحمد لله. انتب 530 

والشيخ إذا عرف المريد بربه وأورثه محبته» قام بواحباته نحو محبوبه» وانتهى عن المحرمات» استحياء من باريه عز 
وجل 

وبذلك تميزت طريقته رحمه الله تعالى» بسرعة الوصول دون جهد ومشقة 

كما دعاء رحمه الله تعالى» إلى الأخذ بالأسباب» ونمى عن التفرغ للذكر والعبادة» كما هو الشأن عند الكثيرين 
الاشتغال بالعلم الظاهر قائلا: إن الوصول إلى الله لا يكون إلا على هذه الحالة 

فقال من غير أن أبدي له شيئا: صحبئ بقوصء إنسان يقال له ابن ناشي» وكان مدرسا يما ونائب الحكمء 
فذاق من هذا الطريق شيئا على أيديناء فقال: يا سيدي» أترك ما أنا فيه وأتفرغ لصحبتك؟ 

فقلت له: ليس الشأن ذاء ولكن أمكث فيما أقامك الله فيه» وما قسم لك على أيدينا هو لك واصل 


528 التوبة 92 
529 لطائف المنن 


23230 


المرجع نفسه 
2230 





ثم قال: وهذا شأن الصديقين» لا يخرحون من شيء حى يكون الحق سبحانه هو الذي يتولى إخراحهم 
فخرجت من عنده وقد غسل الله تلك الخواطر من قلبي» وكأنما كانت ثوبا نزعته» ورضيت عن الله فيما أقامئ 
0 5312 

فيه. انتهى 

وقد قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: لكل ولي حجاب» وحجابي الأسباب. 32 
وكان يقول عن شيخه أبي الحسن: ليس الرجحل من دلك على تعبكء إنما الرحل من دلك على راحتك. 


0 533 
انتهى 


5 


تربية الشيخ المريد 
يتخذ المشايخ طرقا وأساليب لتربية مريديهم؛ تبتدئ بالنصح والموعظة» وتنتهي بتكليف المريدين بأعمال من 
شأها أن تترع عنهم من أخلاق مذمومة» وطبائع لا تليق بطالبي وجه الحق» كالبخل والكبر والغرور 
وقد اقتضت هذه الطرق من المريدين» لكي تؤيّ أكلهاء قريهم من مشايخهم؛ ومعاشرقم بالليل والنهار 
واقتضت من المشايخ متابعة المريدين في جميع أحوالهم»؛ والوقوف على تخليصهم, من آفات النفس وغوائلهاء 
وذلك عن كثب. 
وقد نسمي هذا المنهج في التربية» الذي تعارف عليه المشايخ منذ القديم؛ منهجا مباشراء لأنه يقوم على مباشرة 
الشيخ لمريده» وتعهده بالنصح والإرشاد 
لكنناء إذا اعتبرنا طريقة الإمام الشاذلي في التربية» بحدها مختلفة كل الإختلاف عما سبق 
فإن الشيخ الشاذلي» ممجرد ما يأتيه المريد وينظر إليه نظرة محبة واستطلاع, لا يحتاج معه إلى كثرة الكلام 
والإرشاد» بل يده بما خول له الله تعالى من خزائن العناية الربانية» .مما يصلحه ويرتقي به من حال إلى جال. 
وبصيغة أحرى» هي تربية غير مباشرة 
قال ابن عطاء الله السكندري: وسمعته يقول» أي أبا العباس: والله ما بيئ وبين الرجل إلا أن أنظر إليه نظرة 


وقد أغنيته. 3 


١‏ المرحع نفسه 
2 المرجع نفسه 
3 المرجع نفسه 
ال مرجع نفسه 


261 





قلت: وقد لقينا والحمد الله في زماننا هذاء من يغيئ بالنظرء صحبناهم وعرفناهم على قدم الشاذلي والمرسي 

8 1 5 د 5255 

رضي الله عن جميعهم» وخرطنا في سلكهم آمين. انتهى 

إن الشيخ إذا كان مخلصا في إرادته تربية مريديه» وإذا كان لا يهدف من هذه التربية» سوى إلى تحبيب الله إلى 

الخلق» وإذا كان لا يبتغى من ذلك علوا ولا افتخاراء ولا معة واشتهاراء فإن الله تعاللى يتولى هداية المريدين 

ويؤدكم سبحانه» بكل ما يصرفهم فيه ويصرفه عليهم من أمور الدنيا والدين 

وم فارق المريد الشيخ, لم تنقطع عنه التربية» بل جعل الله تعالى من كل شيء أداة لتربيته 

فإذا كان غنيا واستكبر» أفقره حى يلجأه إلى التواضع» وإذا كان غير راض هما أقامه فيه» ابتلاه بالمصائب حى 

يرضى 

وإذا نام المريد» فتح عليه قي منامه من الرؤى ما يقربه إلى مولاه 

وإذا قام من نومه» سخر له من الأقوال والأحداث ما يأخذ منه العبرة 

فلا يكله الله تعالى إلى نفسه طرفة عين» ببركة دعاء الشيخ له» ورغبته الصادقة في هدايته 

وفيما حكاه الله تعالى من قصة يونس عليه السلام» في القرآن الكريم» عبرة لأولي الألباب» وحجة على وجه 

الصواب فيما نبهنا إليه الأحباب» فإن سيدنا يونس عليه السلام» غادر أرض الرسالة» لما أضحره نفور قومه منه 

وارتدادهم عن اتباعه» وما أذن له الباري عز وجل في الخروج والمغادرة 

وكان الله تعالى حلت قدرته؛ قادرا على أن يبعث له جبريل عليه السلام حي يبلغه لومه عن خروجه.؛ ويأمره 

بالصبر على قومه وتحمل تكذيبهم, ولكنه تعالى» أدبه بالبلاء» واستعمل في تأديبه البحر والسفينة والحوت 

فكذلك المريد» م خرج عن الحق» رده الله تعالى إليه بأساليب تقوم على توظيف كل المخلوقات» الي ما فيها 

أما إذا علم الحق سبحانه» أن هذا المريد لم يأت بنية صادقة» ولم يصحح قصده. فقد لا يبتليه بشيء» ويتركه 

على حاله» حي بموت مصرا على سوء نيته» ويؤاخذه مما كسب 

قال الله تعالى: "فلا تعجبة أموالهم ولا أولاءهم إنما يريد الله ليعدبهم بها في الحياة الانيا وتزهق أنفسهم 
0”» 536 

وهم كافرون . 

وإياك أيها المؤمن الصادقء» أن تغتر بما أنت فيه ما وفقك الله إليه من قيام بشرع الربء وما أنت عليه من 

قربى» فلا تأمن مكر الله 

5 الفتوحات الإلهية ابن عجيبة 


536 التوبة55 
2062 





إن المؤمن لا يزال خائفا سوء العقبة حت يتوفاه الله تعالى إليه 

فاللهم اجعل خخير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك 

وليس الأمر في أن السالك إذا عرف ربه أمن من الزيغ والضلال» وأفلت من وسومة الشيطان» بل كما ذكرنا 
قبله» لا يأمن شيئاء ما دام فيه من الحياة بقية 

َال اللتساق» "رذن غليهة جا كي افينال آياندا خانيله ينها عاقسة الشيضان نكان مو العا 517 
فإن قلت: وهل يضل العارف بعد ما عرف ويزيغ الواصل بعدما وصل؟ 

قلت: قد يكون ذلكء وإذا كان» كان عقابه عسيراء أشد من عقاب من لم يعرف ومن لم يصلء ألم تر إلى 
قوله تعالى: "إن العين ارتكوا على أحبارهم من بعد ما تبين لهم الهنى الشيضان سول لهم؛ وأملى لهم 
علد بأنهم قالوا للكين كرهوا ما نزل الله سنضعكم في بعض الامرء واللة يعلم إسرارهمء فحيق إذا 
توفتهم الملايحة يضربون وجوههم وأءبارهم, علط بانهم اتبعوا ما أسخظ الله وكرهوا رطوانة فأحبظك 
عبناي 

وامتازت مدرسة الإمام الشاذلي رحمه الله تعالى» بتخريج المحبين المولحين في شهود جلال الحق» عذبة نقية» تمفو 
إليها القلوب وترتاح إليها النفوس 

إن محبة الله تعالى» إذا تغلغلت في القلوب» محقت دون ما مشقة» ما علق فيها من الصور والأغيار فسارع 
أصحابما إلى إرضاء الحبيب» ونشطت أعضاؤهم في العبادات» وذربت ألسنتهم بذكر الله 


ما اخدّلقه الصوفية من غرائب في الطريئ» لا مت إلى سنة رسول الله ميم بصلة 

وتداولت كتب الصوفية أقوالا وحكايات وجدانية» تجعل القارئ المسلم» يشعر بالضعف والعجز والتفريطء 
لأن هذه الأقوال والحكايات» تمثل له الدين تمثيلا خياليا لا يقدر عليه إلا أناس شدادء يتحدون المألوف» 
ويفعلون ما لا يقدر عليه غيرهم؛ فوعظوا الناس يهذه العجائب» ودعوهم لتقليد تلك المصائب» فمنهم من 
غالب الدين فغلبه» ومنهم من اعتزل الدنيا بما فيهاء فلم يتزوج ولم يلد» ومنهم من حرم النفس الحلال 
فأهلكها. فابتدعو بذاك في الدين ما ليس منه» وشددوا ما تيسرء فنفروا ول يبشرواء منشغلين بقهر نفوسهم 
ودحض أهوائهم؛ عن رفع أمرها إلى الله الكبير المتعال» ومن هذه الوجدانيات: 


7 الأعراف 98 
8 الأعراف 175 
7 محمد29-26 
203 





ورئي رجحل جالسا في الحواء» فقيل له: بم نلت هذا؟ فقال: تركت الحوى فسخر لي الحواء. انتهى/54 

يقول إبراهيم الخنواص: طلبت المعاش لأكل الحلال» فاصطدت السمكء وذات يوم وقعت في الشبكة سمكة, 
فأحرجتها وطرحت الشبكة في الماء» فوقعت فيها سمكة أحرىء فرميت بها ثم عدتء فهتف بي هاتف: لم 
تحد معاشا إلا أن تأت من يذكرنا فتقتلهم. قال: فكسرت القصبة وتركت الإصطياد. انتهى 541 

وقال بعضهم: كنت بمكة المكرمة حرسها الله تعالى» فرأيت فقيرا طاف بالبيت وأخرج من جيبه رقعة ونظر 
فيها ومرء فلما كان الغد فعل مثل ذلكء» فراقبته أياما» وهو يكرر في كل يوم العمل نفسهء وذات يوم» طاف 
ونظر في الرقعة وتباعد قليلا ثم سقط ميتا؛ فأخرحت الرقعة من جيبه» فإذا فيها قوله تعالى: "واصبر لحكم 


5242 
ربط فإفطة بأعيفنا". 7" انتب 343 


وقال بعضهم: دخلت بلاد الهند» فرأيت رجلا بعين واحدة» يسمونه: فلانا الصبور» فسألت عن حاله» فقيل 
لي: كان في عنفوان شبابه عندما سافر صديق له» فخرج في وداعه» فدمعت إحدى عينيه ولم تبك العين 
الأخرى؛ فقال لعينه التي لم تدمع: لماذا لم تدمعي على فراق صاجي؟ لأحرمنك النظر إلى الدنياء وأغمض 
عينه؛ فمنذ ستين سنة لم يفتح عينه. انتهى 544 

وكان أحمد بن محمد الدينوري يتكلم» فصاحت عجوز في المجلس صيحة؛ فقال لها أبو العباس: موتي» فقامت 
وخحطت حطواتء ثم التفتت إليه وقالت: لقد متء ووقعت ميتة. انتهى 545 


وقيل: رؤي رجحل يصلي خارج المسجدء فقيل له: لماذا لا تدحل المسجد فتصلي فيه؟ فقال: استحيي منه أن 
أدخل بيته وقد عصيته. انتب 546 

وسئل أبو عثمان الحيري عن الورع» فقال: كان أبو صالح حمدون القصارء عند صديق له وهو في الترع, 
فمات الرجلء» فنة فنفخ أبو صالح ذ 0 إلى الآن كان الدهن في المسرجة له» ومن 
الآن صار للورثة» اطلبوا دهنا غيره. اننه547 


7 الرسالة القشيرية 
”*١‏ المرحع نفسه 
2 الطور46 


43 الرسالة القشيرية 
0 ا مرجع نفسه 
54 المرجع نفسه 


5346 


ا مرجع نفسه 


5317 


المرجع نفسه 


204 





قال أبو الفتح عفا الله عنه: ما موقع ما سردنا من هذه الغرائب من سنة رسول الله يلتم ؟ 

كيفء وقد ثبت في صحاح الآثار أن رسول الله عَيكُّمْ» كان يدعو إلى اتباع سنته وعدم الخروج عنها؟ 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج البي َيكُم» يسألون عن عبادة البي 
ِنَم ؛ فلما أخبرواء كأنهم تقالوهاء فقالوا: أين نحن من النبي َيل ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخرء 
قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداء وقال آحر: أنا أصوم الدهر ولا أفطرء وقال آخر: أنا أعتزل النساء 
فلا أتروج أبداء فجاء رسول الله َم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله» إن لأحشاكم لله وأتقاكم 
له لكين أصوم وأفطرء وأصلي وأرقدء وأتزوج النساءء فمن رغب عن سني فليس مين". رواه البعاري 

عن عائشة: أن النبي يَيَكْتُّمْ دخل عليها وعندها امرأة» قال: "من هذه؟" قالت: فلانة» تذكر من صلاقاء قال: 
"مه عليكم هما تطيقونء فو الله لا يمل الله حي تملوا". وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه. رواه 
البخحاري 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهماء قال: قال لي النبي يلم : "ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟" 
قلت: إن أفعل ذلك» قال: "فإنك إذا فعلت ذلك» هجمت عينك ونفهت نفسكء وإن لنفسك حقاء ولأهلك 
حقاء فصم وأفطرء وقم وثم". رواه البحاري 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل البي يَيَلنُمْ » فإذا حبل ممدود بين الساريتين» فقال: "ما هذا الحبل؟" 
قالوا: هذا حبل لزينبء فإذا فترت تعلقت. فقال النبي يَيلتُمْ : "لا حلوهء ليصل أحدكم نشاطه؛ فإذا فتر 
فليقعد". رواه البخاري 

فهذا هدي البي عَيتُّم» ومن زاد عليه فقد رغب عنه؛ ومن رغب عنه لم يعد على نمجه 

إخواني الأعزاء» إن الله تعالى لا يرفع درجات الناس» سوى إن قاموا بأعمال لا طاقة لهم يماء بل يرفع درجاتهم 
بصدق إمانهم وجهادهم بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله تعالى 

والذي أعجب له في هذه الأقوال والحكايات» الي سقتها من أصوطاء ليس خروجها فقط عن الدين» بل 
كيف أن قائليها وفاعليهاء يستلزم ما قالوا وما فعلوا أنهم من خاصة الله تعالى» ففيم بوحهم بما وإعلانهم عنها 
أمام من لا يقدر عليها؟ فهلا كتموهاء إن كانوا يريدون بما وجه الله تعالىم» حى يتقبلها سبحانه قبولا حسنا؟ 
وقبل: أرسل ذو النون إلى أبي يزيد رحلاء وقال له: قل له: إلى متى النوم والراحة وقد حازت القافلة؟ فقال 
أبو يزيد: قل لأي ذي النون: الرحل من ينام الليل كله ثم يصبح في المنزل قبل القافلة؛ فقال ذو النون: هنيئا 
لهء هذا كلام لا تبلغه أحوالنا. انتب 548 


5248 


ا مرجع نفسه 
205 





والأدهى والأمر» أن كثيرا من الناس في كل عصرء أصبحوا يظنون أن الولي هو الذي يلبس المراقع والأسمال؛ 
ويعيش في الفيائي والكهوف والأدغال» في حين أن الولي من والى الله تعالى» وامتثل لأوامره» وانتهى عند 
نواهيه 

وقال رضي الله عنه (أي أبو العباس): العامة إذا رأوا إنسانا ينسب إلى طريق الله جاء من البراري والقفارء 
أقبلوا عليه بالتعظيم والتكريم» وكم من ولي لله وبدل بين أظهرهم.: فلا يلقون إليه بالاء وهو الذي يحمل 
أثقالهم» ويدافع الأغيار عنهم؛ فمثلهم في ذلك كمثل حمار الوحش». يدخل في البلدة» فتطوف الناس به 
متعجبين لتخاطيط جلده وحسن صورته؛ والحمر الي بين أظهرهم وهي الى تحمل أثقالهم لا يلتفتون إليها. 


549 
انتهى 


أحيقي. ..ل ١المفرون‏ اح 'كاويك أن ميق ' ١الغرون‏ 
نوخعا لما توأجينم تعوى فى أالغلايق تعفور 
وانت يا الباخل 2 تالينه حتى كبو جوك الميسور 
أنا عنك الجوك 4‏ للافينه 2 باأسلته كهوك بلا مشور 


يقول: أقبل علي أيها المغرور» أنا أداويك من الغرورء أضعك بعد استعلائك م وافيتئ وأتيتئ» حى تعود 
محقورا بين الخلائق بعد عزتك وكبريائك؛ أما أنت أيها البخيل» فلا توالئ ولا تقربى حى تحود جود الميسور 
الذي لا يخشى فاقة» فإنك إن سألت عين» فستجدن عند الجود والسخاءء باسطا كفي بالعطاء مما جعلئ الله 
تعالى مستخلفا فيه» دون من وامتنان 

والمعى: قال الله تعالى: "إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهمء وآتيناك من الكنوز ما إن مفاتحة 
لتنوء بالعصبة أو القواة» إء قال له قومت لا تفرح إن الله لا يعب الفرحين» وابتع فيما آتاءة الله الدار 
الآخراة ولا تفس نصيبة من الانياء وأحصن كما أحسن الله إليد؛ ولا تبخ الفساء في الاردض» إن اللن لا 
يحب المفسنين» قال إنما أوتيتة على علم عنديء أولم يعلم أن الله قد أهلحة من قبله من القرون من هو 
أشه منه قوة وأكثرجمعاء ولا يسأل عن عنوبهم المجرمون" 551 

يعتبر قارون» وهو من قوم موسىء مثالا لمن غره ماله» فنسي فضل الله عليه وأحذته العزة بالإثم» وتصامم عما 
وجه إليه من نصحء فكان عاقبة علوه وغروره» أن خسف الله تعالى به وبداره الأرض» فهوى أسفل سافلين» 
بعد أن ظن أن مترلته في أعلى عليين 


5349 لطائف المنن 
"5 القصص 78-76 
256 





لنفسة. قال ما أضن أن تبيء هذه أبذا وما أضن الساعة قايمخ ولين رديت إلى ريج لأجكن خيرا منهما 
551 
نقلبا". 


فأحاط الله بثمره» "فأصح يقلب حفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم 


: 0« 552 
أشردد بري أهذا . 


اكلام على الغرور والمغرورين 

يقول أبو حامد الغزالي: فالغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويل إليه الطبع» عن شبهة وخدعة من 

الشيطان» فمن اعتقد أنه على خير» إما في العاحل أو في الآحل عن شبهة فاسدة» فهو مغرور» وأكثر الناس 

يظنون بأنفسهم الخير وهم مخطئون فيه» فأكثر الناس إذا مغرورون» وإن اختلفت أصناف غرورهم واختلفت 

درجاقهم» حب كان غرور بعضهم أظهر وأشد من بعض» وأظهرها وأشدهاء غرور الكفار وغرور العصاة 

والفساق. انتب 553 

والمغتروك» هم الذين أراد الله أن يضلهم» فجعل صدرهم ضيقا حرجا كأغا يصعد في السماء» والمغرور» هو 

الذي ال تنفتح بصيرته ليكون هداية نفسه كفيلاء وبقي في العمى» فاتخذ الحوى قائداء والشيطان دليلاء "ومن 
1 5 5 1 554 

كان في هده أعمى فهرفي الآخرة أعمى وأضل سبيلا" "”. انتهى 555 

قال الله تعالى: "يا أيها الناس إن وع؛ الله حقء فلا تغرنكم الحياة الدنياء ولا يغرنكم بالله الغرور إن 

556 , 1 5 

الشيضن لكم عدر فاتهدوهء عذواء إنما ياعر_حزبة ليكونوا من أصحاب السعير". 

قال أبو الفتح: والشيطان مغرور ومغرر به» وصفة الغرور لا تكاد تخلو من أحد من العالمين» فلكل غروره» 

قيامهم على رؤوس الناس» يأمروفم .ما لا يأتون وينهوفهم عما يأتون 


ولعل غرور العلماء أشد من غرور العامة 


551 الكيف35 
2 الكهف41 
553 إحياء علوم الدين 
4 الإسراء72 
555 إحياء علوم الدين 
556 فاطر6-5 
267 





إذ العالم يرى لنفسه فضلا على الناس» وقد لا يتواضع لناصحيه؛ ظنا منه أنه أعلم منهم 

فتجده وهو يحدث الناس» يعيبهم ويزحرهم بشدة؛ ولا يفتأ يفضح عوراقم؛ ويسخر منهمء ولا يذكر لهم الله 
تعالى إلا قليلا 

وقد ورط الغرور فقهاء» ح أفتوا بغير الحق» ولم يتراحعوا عن فتواهم» رغم أنهم تبينوا خطأهاء حى لا تسقط 
منزلتهم في أعين الناس» بل منهم من استدل لفتواه من القرآن الكريم والحديث الشريف» مؤولا نصوص 
الكتاب والسنة على حسب هواه» حى ينتصر لرأيه 

يقول الإمام أبو حامد الغزالي» متحدثا عن إحدى فرق المغرورين من العلماء: فرقة منهم» لما أحكمت العلوم 
الشرعية والعقلية» تعمقوا فيها واشتغلوا يماء وأهملوا تفقد الجوارح وحفظها عن المعاصي» وإلزامها الطاعات» 
فاغتروا بعلمهم وظنوا أنهم عند الله ممكان» وأنهم قد بلغوا من العلم مبلغا لا يعذب الله تعالى مثلهم» بل يقبل 
عليهم ويقبل في الخلق شفاعتهم؛ ولا يطالبهم بذنويهمم وحطاياهم» وهم مغرورون؛ فإهم لو نظروا بعين 
البصيرة» علموا أن العلم علمان: علم معاملة» وعلم مكاشفة. 

وعلم المكاشفة» وهو العلم بالله تعالى وبصفاته. 

ولا بد من علم المعاملة لتتم الحكمة المقصودة» وهي العلم ممعرفة الحلال والحرام» ومعرفة أخلاق الناس المذمومة 
10007 

ومثاللهم مثال طبيب طب غيره» وهو عليل قادر على طب نفسه ولم يفعل» وهل ينفع الدواء بالوصف؟ 
هيهات, لا ينفع الدواء إلا من شربه بعد الحمية. 

وغفلوا عن قوله سبحانه وتعالى: "قه أفلح من زكاها وقه خاب من حساها"»”” ولم يقل: من يعلم تركيتها 
وأعمل علمها وعلمها الناس. 

وغفلوا عن قوله يَيلتُم : "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة» عالم لم ينفعه الله بعلمه"» وغير ذلك كثير. 

وهؤلاء المغرورون» نعوذ بالله منهم» وإثما غلب عليهم حب الدنيا وحب الآخرة وحب الراحة» وظنوا أن 
علمهم نيهم أو الأخترة امن غير :عمل يه 553 

قلت: ولذلكء يدعو الشيخ المغرور» كي ياتيه ويداويه من مرضه العضالء إذا سلم أمره إليه 

وكذلك حال المشايخ مع مريديهم» م جاءهم طالب الطريق» تفرسوا في وجهه. فعلموا بما وهبهم الله تعالى 
من فراسة وحكمة ما يصلحه؛ وعرفوه بأمراضه وأمروه بفعل ما يشفيه 

فإذا كان مغروراء كلفوه بفعل ما لا يرضاهء وإذا كان بخيلاء أمروه بإنفاق ماله وهكذا 


7” الشمس 10-9 
**” أصناف المغرورين للغزالي 
208 





وقد وقف الغرور حجر عثرة في طريق القاصدين» فلم يبلغوا شيئاء مهما جاهدوا وذكروا وصبرواء أليس 
الغرور هو ما أحرج إبليس من الجحنة؟ 

ولو لم يغترء لعنه الله تعالى» ما أولاه الله ورفعه» ولم يستكبر عن السجود لآدم؛ لما كان من المبلسين 

والغرور عندنا: أن ترى لنفسك فضلا على الناس 

وهو أصل الكبر والكبرياء 

وكل متكبر مغرور» ولا يحق لمخلوق أن يتكبر» بل الكبرياء لله تعالى» والتكبر تفعل» أي تقمص لما ليس له 
وأن للصغير أن يتكبر» بل الكبر والكبرياءء لله العلي الكبير 

فاعرف أيها المؤمن حدك وقف عندك» ولا تتعال وتتبختر ثم تتمطى» فمهما تعاليت وتبخترت وتمطيت» فإنك 
قال تعالى: "ولا تمش في الارض مرهاء إندد لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال 07 

فكن ذليلا على المؤمنين» ولا تتذلل للمتكبرين» فإن العزة لله جميعا 


ذم البحل والبحلاء 
أما أنت أيها البحيل» فلا تقربئ» ولا تقعد في بجالسي» حنى تحود ممالك؛ جود الميسور الذي لا يخشى الفاقة. 
إن أمقتك أيها البخيل» كما يمقتك الله تعالى» وم كان البخيل محبوبا عند أحد؟ كيف وقد لفظته الأكوان 
وتبرأ منه الرحمن؟ 
وقد كنت أتحدث مع ولدي محيي الدين» حفظه الله تعالى ورعاه» عن البخل» وكان لا يزال صغيراء فقال: إن 
البخيل ما يفتأ يبخل على الناس» حي يبخل على نفسه؛ وذاك عقاب الله له 
ما حاجتك بي وأنت لا زلت تقبض يديك عن والديك وإحوانك وأخواتك؛ بل وعن أهلك وأبنائك؟ 
كيف تحود على الفقراء وامحتاجين» وقد بخلت على أهلك وذويك أيها الشحيح؟ 
يا عابد الدرهم والدينار» ما قعودك في حلقي» وقد قعدت عن الجائع فلم تطعمه. وقعدت عن العاري فلم 
تكسه؛ وعلى الضعيف فلم تعنه؟ 
فماذا لو قعد الله تعالى عنك؟ فلم يرزقك ولم يشفك ويغفر لك ويهديك؟ 
أطعموا الناس كي يطعمكم الله 
اكسوا الناس كي يكسوكم 


59 الإسراء37 


209 





اغفروا للناس كي يغفر لكم 

اعذروا الناس كي يعذركم 

استروا الناس كي يستركم 

أحبوا الناس كي يحبيكم 

أيها البخلاء» لقد ضقت بكم ذرعاء فاهجرون ملياء ولا تقربون 

أتبخلون حوف الإفلاس؟ وهل تدرون ما الإفلاس؟ 

عن أبي هريرة أن رسول الله يللم قال: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له 
ولا متاع. قال رسول الله يكم : "المفلس من أمي من يأي يوم القيامة بصلاته وصيامه وزكاته» ويأني قد شتم 
هذا وقذف هذاء وأكل مال هذاء وسفك دم هذاء وضرب هذا؛ فيقعد» فيقتص هذا من حسناته» وهذا من 
حسناته» فإن فنيت حسناته قبل أن يقتص ما عليه من الخطاياء أذ من خطاياهم» فطرح عليه ثم طرح في 
النار". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

أنتم أيها البخلاء» تسرقون الفقراء» ولا تؤدون زكاتهم» وتكتزون ما جمعتم 

قال تعالى: "ولا يعسبن العين يبخلون بما آتاهم الله من فضلة هر خيرا لهم بل هو شر لهم؛ ميقون 
ما بخلوا بة يوم القيامة» ولله ميراث السماوات والارض والله بما تعملون خبير" !561 

قصدتن أيها الشحيح, تريد معرفة الجواد» فهلا جدت .ما كترته قبل أن تأتيئ» فرما صح عندها قصدك؟ 

أنا أعرف ما تكنرء فكلما زاد مالك زاد سواد وجهكء وزاد انقباضه» فغارت عيناك ودق أنفكء فما أشبهك 
بالشيطان أيها الإنسان 

تصدق هما كترت» ولا تقبضه حى لا ينقبض وحهك 

ابسط كي تنبسط», وجد كي بحودء وإن أبيت ألا تفعل» فدونك أيها المنبوذ» فاجمع لورئتك ما يشتتون» وما 
يطول به حسابك يوم القيامة 

"والغين تبوءوا الذاروالايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صورهم حاجة مما أوتوا 
ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وقو دوق هع فيه اولي هم الفط 501 
نحن لا نقبل المتكبرين والبخلاء في نواديناء وإن تواضع أولئك» وجاد هؤلاء؛ أصبحنا وإياهم إخوانا 

عن أبي هريرة رضي الله عنه, أنه سمع رسول الله يلم يقول: "مثل البخيل والمنفق» كمثل رجلين عليهما جبتان 
من حديد, من ثديهما إلى تراقيهماء فأما المنفق: فلا ينفق إلا سبغت» أو وفرت على جلده. حى تخفي بنانه» 


آل عمران 180 
561 الحشر 09 
210 





وتعفو أثره. وأما البخيل: فلا يريد أن ينفق شيئاء إلا لزقت كل حلقة مكافاء فهو يوسعها ولا تتسع". رواه 
البحاري 
عن جابر بن عبد الله» أن رسول الله يلم قال: "اتقوا الظلم» فإن الظلم ظلمات يوم القيامة؛ واتقوا الشح فإن 
الشح أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا مخارمهم". رواه مسلم 
وقد قيل في هذا المعئ أيضا: 

يا جامعا مانعا والدهر يرمقه مقدرا أي باب منه يغلقه 

مفكرا ‏ كي2 تأتيه ‏ منيته أغاديا أم يما يسري فتطرقه 

جمعت مالا فقل لي: هل جمعت له يا جامع المال أياما تفرقه؟ 

الملل عندك مخرون لوارثه ما لمال مالك إلا يوم تنفقه 

أرفه ببال ف يغدو على ثقة أن الذى قسم الأرزاق يرزقه 

فالعرض منه مصون مايدنسه والوجه منه جديد ليس يخلقه 

إن القناعة من يحلل بساحتها 1 يبق في ظلها هم يؤرةع562 


الكلام على الجود باليمين 
وبعد تبرئ الشيخ من البخيل في رباعيته» إلا إن تاب عن بخله وجاد بيمينه» بين له أن حلقه الجود والإحسان» 
دون من وامتنان 
يقول الشيخ ابن عربي: من جاد ساد. 0 
564١ 1‏ 
انتهى 
عن سهل بن سعد قال: حاءت امرأة إلى النبى يَيلِثّمْ ببردة» فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: 
هى شملة» فقال سهل: هى شملة منسوحة فيها حاشيتهاء فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه. فأحذها البى 
ِنَم محتاجا إليها فلبسهاء فرآها عليه رجحل من الصحابة» فقال: يا رسول الله» ما أحسن هذه فاكسنيهاء 
فقال: "نعم". فلما قام البى عَم لامه أصحابه؛ قالوا: ما أحسنت حين رأيت البى عَلثُمْ أحذها محتاجا إليهاء 


إحياء علوم الدين 
3 الشيخ ابن عربي مخطوطة نبذة لطيفة وكلمات طريفة. كستران 
04 الشيخ محمد عبده هج البلاغة. كستران 

201 





ثم سألته إياهاء وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه» فقال: رجوت بركتها حين لبسها البي يَيكُم » لعلي أكفن 
فيها. رواه البحاري 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله مَيَكنُّم : "لا يجتمع غبار في سبيل الله ولا دخان في جوف عبد أبداء ولا 
يجتمع الشح والإبمان في قلب عبد أبدا". رواه النسائي في السئن الكبرى 


بالجود ينفعل الوجود 

إنه الشيخ الفقيه أبو العباس السب رحمه الله تعالى»”*” من بئ مذهبه على الود والسخخاء 

عن عبد الرحمن بن إبراهيم الخزرحيء قال: بعثئ أبو الوليد بن رشد من قرطبة؛ وقال لي: إذا رأيت أبا العباس 
السب .عراكش» فانظر مذهبه وأعلمئ به» قال: فجلست مع السبي كثيراء إلى أن حصلت مذهبه» فأعلمته 
بذلك؛ فقال لي أبو الوليد: هذا رجحل مذهبه: أن الوجود ينفعل بالجود» وهو مذهب فلان من قدماء الفلاسفة» 
وكان إذا أتاه أحد بأي أمر أتاه. يأمره بالصدقة ويقول له: تصدقء» ويتفق لك كل ما تريد. وأحباره كثيرة 
عجيبة اختصرت عيوفا. اه 366 

وحدثين أبو الحسن علي بن أحمد الصنهاحي قال: احتبس المطر في بعض الأوقات؛ فقال أبو الحسن البلنسي 
الجنان لأبي العباس: أما ترى ما فيه الناس من احتباس المطر؟ فقال له: إنما احتقبس لشح الناس» فلو تصدقوا 
لمطرواء فقل لأصحابك من الفلاحين: تصدقوا بقدر ما أنفقتم تمطرواء فقال له أبو الحسن: لن يصدقئ أحدء 
ولكن مرنئ في خاصة نفسيء فما أمرتئ به أفعله» فقال: تصدق ,مثل ما أنفقت» فقال: إذا مطرت أحرحت من 
تمن الغلة مثل ما أنفقت» فقال له: إن الله تعالى لا يعامل بالدين» ولكن استلفهاء فاحتال فيها وتصدق يما كما 
أمره. قال أبو الحسن: فخرحت إلى البحيرة ال كنت اعتمرقا والشمس شديدة الحرارة وقد أيست من المطر» 
ورأيت جميع ما غرست قد أشرف على الهلاك» فأقمت ساعة فرأيت سحابة قد أمطرت البحيرة إلى أن رويت 


5 وهو أبو العباس» أحمد بن جعفر الخزرجحي» مولده بسبتة) عام أربعة وعشرين وحمسمائة» نزل مراكش» ويما مات» عام أحد 


وستمائة» وذلك في يوم الإثنين» الثالث من شهر جمادى الآخرة» ودفن بباب تاغزوت» وشيخه أبو عبد الله الفخار» صاحب 
الشيخ الفقيه أبي الفضل» عياض بن موسى اليحصبي 
وكان أبو العباس» جميل الصورة أبيض اللون» حسن الثياب» فصيح اللسانء قديرا على الكلام» مفوها حليما صبوراء يحسن إلى 
من يؤذيه؛ ويحلم عمن يسفه عليه» رحيما عطوفا محسنا إلى المساكين واليتامى والأرامل يجلس حيث أمكنه الجلوس من الأسواق 
والطرق» فيحض الناس على الصدقة» ويأق .ما جاء في فضيلتها من الآيات والآثار» فتنثال عليه الصدقات» فيفرقها على المساكين 
وينصرف. انتهى من التشوف 
6 التشوف إلى رجال التصوف 

202 





وبلت ثيابي» وظننت أن الدنيا كلها كذلك قد أمطرت» فلما حرحت من البحيرة» رأيت المطر الم يجاوزها. 
وهذه القصة مشهورة صحيحة» سمعت أبا يعقوب الحكيم وجماعة يحدثون يماء وكان أبو العباس يعضدها 
0 0 ادرب قي الميحيعة ا 

قال أبو الفتح: وحكي لي: أن أخحتين كانتا تعيشان في بيت من غرفتين» كل واحدة منهما تقيم في غرفة» وكان 
قد توفي والداهماء وكانت إحداهما لا تفتر عن ذكر الله وعن الصلاة والصيام» وكانت الأخرى تشرب الخمرء 
ولا حظ لها من عبادة وصيام 

وكانت لمما جارة نفساء» شمت في ليلة رائحة طعام يطهى بلحمء وكانت الرائحة تنبعث من دار الأحتين» 
فدقت الباب» فخحرجت الأحت العابدة ولم يكن غيرها في الدار» فنظرت النفساءء فإذا طاجين على الجمر» 
واستحيت أن تسألها أن تصب لها شيئا منه» فقالت العابدة: ما حاحتك أيتها الجارة؟ قالت: أريد بعض الجمر» 
حى أوقد على طعاميء فجاءقا به» وهي تعلم أنها نفساءء ول تذقها شيئا من الطاحين» فانصرفت 

ثم عادت بعدها أحتها وهي سكرىء فاعترضتها الجارة» وشكت إليها حاحتهاء فدلفت إلى أحتهاء وقالت: 
هات الطاجين» نعطه الحارة» فإِهها أحوج إليه مناء فقالت: لاء والله ما أعطيها إياه» قالت السكرى: ما لي ما 
أشتريه به منك» ولكن أطلبي ما شئت غيره» قالت: تتخلين عن نصيبك في الدار» وتمكنيني من غرفتك» قالت 
دون تردد: فليكن الأمر كذلك؛ ولكن أبيت الليلة في غرفي» وفي الغد أرحل. فناولتها الطاحين» فمكنت 
السكرى جارقا منه» ثم عادت وباتت في غرفتها 

وفي الغد لم تخرج السكرى من غرفتهاء وقد طلع النهار» فدخلتها العابدة» لتخرجها منهاء فلم تعثر لما على 


أثر» وإنما وحدت ثوبا أعضر ناصعا في موضع نومها 


7'” قال البي يَيْلمْ : "كل معروف صدقة". رواه مسلم عن حذيفة بن اليمان» ورواه البخاري عن حابر بن عبد الله بلفظه 
مرفوعا 
8 التشوف إلى رجال التصوف 

203 





الا فاءتوا على فور 
فإن ‏ أنتم | تفضلتم 
أنا ‏ أقريكم ‏ عندي 


وإن كنتم سكرتم الم 
السيزة الجود منكم قد 


فذوقوا من حموري إن 


أكافيكم على الصبر 


على جار بلا أجر 
بآلائي بلا حصر 
أواخذكم على سكر 
عفا عن زلة الخمر؟ 


ظمئتم واسكنوا قصري 


وقولوا لل صلت-0 وصامت أعظم الدهر 
لقد أحبطت ما صلت وما صامت ولم تدري 
فما أعطت سوى جمر ‏ لجحاري ثم لم تقري 
فهذي خرقة خضرا ‏ تداري حمرة الحم ير *” 


عن أبي هريرة عن البي يَيَكم : "أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش» فأخذ الرحل خفه» فجعل يغرف 
له به حّ أرواه» فشكر الله له» فأدحله الحنة". رواه البخاري 

عن أنماء بنت أبي ‏ بكر رضي اللله عنقا أن الي عل صلى صلاة الكسوف»ء فقال: "دنت مي الناره حي 
قلت: أي رب وأنا معهم, فإذا امرأة"» حسبت أنه قال: "تخدشها هرة", قال: "ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها 


حى ماتت جوعا". رواه البحاري 


من نظم المؤلف في الحزج 
204 





وصية الشيخ أبي الفح الجعفي لإخوانه في الله تعالى 

كتب أبقاه الله تعالى» ما نصه: 
لسم الله الرحمن الرحيم وكر_إلله وسلم علر_سيكنا تعمد وآله وكعيد 
هكك وحية أى الهيع المجعجي فبل أن يتومال المتوي 
أدركتم معشر الإخوة» رعاكم الله أن ليس مع الله سواهء وأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا 
يعلمون» وعرفتم» رعاكم الله أن لا ملجأ من الله إلا إليه. 
أيها الراغبون في رضاه لا تعبدون إلا إياهء أإله مع الله؟ لا إله إلاه 
هو الواحد الأحد الفرد الصمد» تتره في قدسه» كتب على نفسه الرحمة» هو الرحمن الرحيم 
حسب الله تعالى رحمة بأكوانه» أن بعث محمدا يَللِتُّمْ رحمة للعالمين 
وأظنئٍ بكم لا تبغون من فهج الحبيب خبزا ولا شعيراء نقيرا ولا قطميراء وإِنما تبغون وجه اللهء وأسمى أمانيكم 
أن تلقوه وهو عنكم راض 
مهما أفقركم وهو عنكم راضء فما يضر الفقر ولغ الله؟ ومهما بسطكمء ومهما قبضكم, فالله الباسط والله 
القابضء ومهما رفعكم ومهما خفضكم.ء فالله الرافع والله الخافض 
ومهما س ركم ومهما أحزنكم, فما ذلك سوى شأن الحبيب مع حبيبه 
ومهما أقبل ومهما أدبر» وصل وهجرء كذلك شريعة الأحباب 
و من اعترض فليس له في المحبة شيء 
ألا يكفيكم أنه من يفعل بكم ما يجري عليكم من مسرة ومضرة؟ 
ألا يكفيكم أنه من أسبغ عليكم آلاءه ظاهرة وباطنة» حى يفتح لكم باب الشكر ويزيد؟ 
و مى فتح عليكم باب البلاء» فما فعل سوى لييسر لكم باب الصبر ويعفو 
أما أن تعرفوه ببضعة تصاريف: نعمة ومال وحسن حالء» فذلك من انحال 
عرفت أن الله يسمعين لما دعوت الناس فتصامموا 
عرفت أن الله يجيب لما سألت الناس فتجاهلوا 
عرفت أن الله لا يفوتئ لما استغثت بالناس فخذلوا 
عرفت أنه جميل لما ابتغيت بالنظر في حسن ما صنع معرفة الصانع؛ و لما أدرك ما ابتغيت» أشرق بنور كماله في 
قلبي» فإذا الملوجحودات قد خنستء فلا جمال غير جماله ولا كمال غير كماله 
مالي أقدم رحلا على أرض التسليم وأأخر أخرى؟ 
مين أتحقق؟ 

205 


أم رأيت فيما ابتلاني أنه ظلمئ؟ 
فيم اعتراضك يا زيد» وقد حان الفصال» طال إعراضك وأمعنت في الجدال؛ ألم تعلم أن الله شديد المحال؟ 
سلم له مقاليد أمورك و لا تسأل» إن كثر سؤالك أوكلك إلى نفسكء و من أوكلك إليها هلكت 

حقق التسليم يا زيد» أعدك بما لا عين رأت ولا أذن معت ولا خطر على قلب بشرء في الدنيا قبل الآخرة» 
ويوم القيامة أحلسك مع الصديقين 

مي تسلم تسليما وقد مر من العمر مقدار في جدال الواحد القهار» مكور الليل على النهار؟ 

أيها الإخوة» كونوا على قلب رجل واحد» ترجم الشياطين مى اقتربت من جمعكم بالشهب الثواقب» وتيأس 
من قلوبكم الوساوس والأكدار» وتخطئكم المصائب», ويرزقكم الله من حيث لا تحتسبون» وتكفون سوء 
العواقب. ولاتفازيكوا فتفشلوا وتعهب ريحكم 

ليس مي من مشى بالنميمة بين أصحابي 

ليس مئ من عاب أصحابي 

ليس م من بات يغط في نومه وإحوانه لا يعرف النوم إلى جحفوهم سبيلا 

ليس م من بات ف شبع وإخوانه في سغب 

ليس من من جلس مع إخوانه وما سألهم عن أحوالهم 

أنا بريء من حبيب نفسه» ماله عندي من خلاق» يأتيي بوجه بشوش وهو الكاذب الأفاق» يخفي عيبن ما أعلم 
منه» يقبض يده عن إخوانه» يشهد على نفسه الواحد الخلاق» فبشره بيوم كظيم عند التلاق. من ذا الذي 
يسأله رزقا؟ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين 

راقبوا أحوال بعضكم يراقبكم الله» ارعوا إخوانكم يرعاكم الله لا تعاملوا الناس بالعدل» فوالله لو عاملكم الله 
بالعدل ما ترك من أحدء بل عاملوهم بالرحمة يرجمكم الله 

اجروا في مصالح إخوانكم يكفكم الله الجري في مصالحكمء واعلموا أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون 
أيه 

اذكروا نعمة الله عليكم أيها الصابرون» إذ أخحرجكم من الظلمات إلى النور» والتمسوا للناس المعاذير» واسألوا 
لحم الحداية» واسألوا لأنفسكم الثبات» فإن الأعمال بخواتيمها ومن عاب خاب, ومن عذر ظفرء ولا يعلم ما في 
القلوب إلا علام الغيوب 

ولا تنصبوا أنفسكم حكاما على الناس» فما كلفكم الشرع بالحكم على أحدء بل عليكم أنفسكم, وطوي لمن 
شغله عيبه عن عيوب الناس 

و احعلوا لله من الليل ساعة» تناحونه قبل أن تقوم الساعة» وصلوا على رسول الله عَيْلكَم. تحظوا بالشفاعة» 


206 


وأخلصوا الطاعة» ولا تلتفتوا إلى البضاعة» و الزموا القناعة يغنكم الله من فضله, إن الله هو الغئٍ وأنتم الفقراء 
إلى الله 

و اسمعوا و أطيعوا أمير البلاد» وادعوا له بالحداية والسداد» ولا تشقوا عصا الطاعة» فإنه من حرج عن الجماعة 
قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه» ولو صلى وصام و ادعى أنه مسلم 

بالله يا زيد» حطم القيدء وشمر عن ساعد الجد» تكن من أولي الأيد 

لا تتمن على الله الأماني و تنقاعس عن العمل» وتظن نفسك مفلحا وأنت من الخاسرين 

جودوا من القليل» ولا تنتظروا الكثير كي تحودواء إِنما الجود من الموجود, ومن لم يحد في العسرة بخل أشد 
البخل في الميسرة 

واشكروا عند قلة اليد» ولا تشكوا الواحد الأحد إلى أي أحدء فمن لم يشكر في الضيق ححد في السعة 
رعين: نميه الللك للق 

ثم الوضوء الوضوءء ثم الصلاة الصلاة» فمن دوتمُا ليس لك عندي شيء يا زيد 

ثم المساحدء لا تكن مثلي عنها قاعداء فوالله ما سبقنا عمارها بذكر ولا قيام وطاعة وصيام» كيف وأننا في 
بيوتنا قابعون» وهم في بيت الباري عز و حل ضارعون؟ 

الود الود معشر الزيودء الحود الحود من الموجود» فقد بلغ النصاب ووحبت الزكاة منذ عقود 

تحب الزكاة في ما نملك يسيرا أو كثيراء لا نصاب ولاحول في شرعتناء كل ما رزقت وحبت زكاته على الفور 
كل قرش نصابء تلك ملة أولي الألباب» ما عليهم من حساب 

أد ما للناس عليك وإلا تكن سارقاء واستقم على ما هديت إليه ولا تكن مارقا. هدانا الله و إياك للصواب 
وافرحوا بالموت» فانه راحة المومنين في كنف الله» وموعد المولمين في ملكوت الله وحياة المخلصين بالله في الله 
"رب قد آتيتفي من الملحة وعلمتفي من تاويل الاحاءيث» فااص المموات والارض أنت ولي في الانيا 
والآخرلة توذني مسلما وألحقني بالصالحين" "57 
ولله الحمد من قبل و من بعد لا إله غيره 
الرباط في: 11/09/2007 

كمد أبو البيم الجعمي المغرك عها الله عبه ث تارجهد 


يريك 101 


207 





بسر حبال2 الاعراص يع فى مور الاجواء 
حر سمناحاتة عراص ما تبفى مع الكراء 
فى الكننا غيما عاض هنتى ياك يوم المعاء 
يا الغامل باكر بالنواضص هال يبياثك رفاء 


يقول: اقطع عنك حبال الأعراض الى تشدك إلى الأرض» تسبح في بحور الأحواد» طر بجناحات عريضة» ولا 
تبق لاصقا كالقراضء عاضا في الدنياء لاهيا عما خلقك الله تعالى لأحله. حى يأ يوم المعادء فلا ينفعك ندم 
ولا تحديك حسرة 

أيها الخامل الكسولء بادر بالنهوضء» فمن انحال أن يفيدك رقادك 


والمعين: النهي عن التثاقل إلى الأرض 

يقول الله تعالى: "يا أيها الكين آمفوا ما لكم إءا قيل لكم انفروا في سبيل اللخ اتاقلتم إلى الارض؛ 
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؛ فما متاع الحياة الننيا في الآخرة إلا قليل". 31 
يقول الشيخ: لا تتثاقل يا أي فتثقل» ولا تساير رغبات نفسك الأمارة بالسوءء وطبيعة حسدك السفلية الي 
تحرك إلى الأسفل جراء ألا ترى إلى جاذبية الأرض» كيف تحذب كل ما هو من طبعها إليها جرا عنيفاء فلا 
يكاد يفارقهاء حى يعود فيرتطم بما ارتطاما شديدا؟ 

وقد تقول: قد فهمت جاذبية الأحساد» فما جاذبية النفوس؟ 

أقول لك: جاذبية النفوس تطلعها إلى كل ما هو سافل ودؤء, مما نمى الله تعالى عنه 

ألا ترى حب النفوس للفواحش ما ظهر منها وما بطن» وشغفها بالمعاصي؟ فكل شهوة ترابية» سواء تعلقت 
بالدرهم والدينار» أوبالنساء» أو تطلعت إلى الكبر والافتخار» أو تاقت إلى غرور واستكثار» كل شهوة من 
هذه الشهوات» هي .عثابة حبل متين يربطك بالسفليات» ويمنعك من الترقي إلى العلويات 

فاقطع عنكء رعاك الله تعالى» هذه الحبال» وانزع الأكدار الي عششت في قلبك» حي ترقى وتطير في عالم 
الأحرار 

هما الحرية المطلقة» وإنهم الرجال الأحرار. 

هم رجال بثباقم عند الشدائد وا نحن 


571 التوبة 38 
208 





رجال بتباتهم عند الغواية والفتن 
رحال بتملصهم عن كل ما يلهيهم عن الله 
"رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن عكر الله وإقام الطاة وإيتاء الزحاة؛ء يضافون يوما تتقلب فيه 


القلوب والابصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيذدهم من فضلكء والله يرزق من يشاء بغير 
٠‏ 57/2 
حساب . 


وهم الأحرار» أن تحرروا من قيود صدئة» وانطلقوا حفافاء وليس ثقالاء يتبوؤون من القربى منازل الحظ 
والفلوج 

فدونك أيها المحب الوامق» فاهجر ليلاك الي أقعدتك عن درك درجات الأبرار» وطر بعشق مولاك إلى هناك» 
لا تبق عاضا بحيفة نتنة» تنازعها الكلاب» تنازعهم فيهاء يعوون فتعوي لعوائهم» ويكون مثلك كمثل الكلب» 


إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث 

لا تلتصق بالرحس كالقراد لا تحيد» والقراد كما قال ابن منظور: معروف» واحد القردان. والقراد: دويبة 
تعض الابل 573 

حلق معي في ملكوت العز والكرامة» واشهد معي خوارق الجمال في عوالم الكمال» واعرف من تكونء فقد 
حلقت بلا مثال 


بادر بالنهوض فلا يفيدك الرقاد 

والله لئن بصرت ما بصرت به ما ابتدعه الباري عز وحلء ما لم تره من قبل» لو بصرت .ما بصرت به 
لخنست في ناظريك وجوه الغانيات» وما عادت مشرقات كما عهدقا من قبل 

ولو أصبحت حيث أصبحتء؛ واستضأت ,ما استضأتء ما حلا ارك في الدنياء ولا قنعت بضوء الشمسء» ولو 
كان ضوؤها عند المجيرة» بل انطفأت وأظلم كونك الصغير فيما أبصرت من أكوان غابت عن العيان» بناها 
الواحد الديان بأييد» لا ييصرها إنس ولا حان» سوى من سبقت له الحسئ من الإخوان 

ابتر الحبال ال تشدك» يخف وزنكء وتعلو كالمنطاد» مى بترت حباله طار عاليا لا يلوي على شيء 


2 النور37-36 
207 قال ابن منظور بعد ذلك: قال: 
لقد تعللت على أيانق صهبء» قليلات القراد 
عي بالقراد ههنا الجنس» فلذلك أفرد نعتها وذكره. ومعيئ قليلات: أن جلودها ملس لا يثبت عليها قراد إلا زلق» لأنما سمان 
ممتلئة» والجمع: أقردة وقردان كثيرة. انتهى من لسان العرب 
209 





أتظن أن صلواتك وصيامك تكفي لكي تحوم في روضات الينع والشغف, مع الحائمين ممن استعلوا عن 
السفليات» وتاقوا للعلويات» وعلوا كل عال» وسبقوا كل شقي في الديوان؟ 

كيف تحدي صلوات أناسا قلوبهم تدنست بالشهوات؟ 

كيف ينفع الصيام أقواما لهم بليلى هيام وأي هيام؟ 

إنما شواهد الحق الذين أراهم من ملكوت السماوات والأرض» أولئك المتجردون لخدمته؛ المتفرغون لنجواهء 
المتملون في طلعته» أولئك أحباب الله 

أخلاء الرحمن» من أهل الخصوصية في الديوان» أولئك من خلق السموات والأرض لأجلهم» مى توفاهم بكت 
عليهم السماوات والأرض 

يناحيهم بالليل» ويحدثهم بالنهار» لا يغيب عنهم طرفة عين» فهم به فيه وإليه» رفعهم عن العالمين» وبشرهم في 
حلواقم بشارة المقربين» وبعثهم قبل يوم الدين» لا يندمون ولا يفرحون ولا يترقبون» كل شيء عندهم قائم» 
وم قام لا يفوتء ما شأهم والحساب» وقد رضي عنهم رب الأرباب» ورفع عنهم اللوم والعتاب» ما عليهم 
من حساب 

سارع أي إلى هذا الخير العظيم» ما دام فيك بقية» ماذا تنتظر؟ 

"ألم يان للعين آمفوا أن تخشع قلوبهم لفكر الله وما نزل من الحقء ولا يكونوا حالكين أوتوا الكتاب 
من قبل فهال عليهم الام فقست قلوبهم» وكثير منهم فاصقون" 37/4 

تخلص من قبضة غوايتك» وتطهر من درن جنابتك» واستبدل يواه جميع هواياتك» واسبح معي في هذه البحار» 
تنبهر بأمواج الأنوار» في ليل عاد كالنهار» فلن تقو على الرجوع إلى الديار 

الله» الله» يا مسترسلا في الضلال» م تستيقظ من غفوة الدلال» وتصحو من سكرة شلت منك الأوصال؟ 
مى تعود إلى رشدكء وتأذن بالإنفصالء ثم تشد الرحال في ركب الرجال إلى ذي العزة والجلال» مى...؟ 
حكاية: عن عتبة الغلام رحمه الله تعالى» وكان من أهل الفسق والفجورء مشهورا بالفساد وشرب الخمرء 
فدحل يوما في مجلس الحسن البصريء وهو يقرأ في تفسير قوله تعالى: "ألم يان للعين آمنوا أن تخشع قلوبهم 
لفخر الله" يعين: ألم يجئ وقت تخاف قلويهم؟ فوعظ الشيخ في تفسير هذه الآية وعظا بليغاء حى أبكى الناس» 
فقام من بينهم شابء فقال: يا تقي المؤمنين» أيقبل الله الفاسق الفاجر مثلي إذا تاب؟ فقال الشيخ: نعم» يقبل 
لله توبة فسقك وفجوركء فلما سمع عتبة الغلام هذا الكلام» اصفر وجهه. وارتعدت فرائصه» فصاح صيحة» 
فخر مغشيا عليه» فلما أفاق» دنا منه الحسن وقال الأبيات: 


4 الحديد15 
2300 





أيا شاب لرب العرش عاص أتدري ما جزاء ذوي المعاصي؟ 

سعير للعصاة الحا زفير ١‏ وغيظ يوم يؤخحذ بالنواصي 

فإن تصبر على العصيان فاعصه وإلا فكن عن العصيان قاصي 

وفيما قد كسبت من الخطايا ‏ رهنت النفس فاجهد في الخلاص 
فصاح عتبة صيحة عظيمة» وحر مغشيا عليه» فلما أفاق» قال: يا شيخ هل يقبل الرب الرحيم توبة مثلي 
اللقيم؟ فقال الشيخ: هل يقبل توبة العبد اللحاقي» إلا الرب المعافي؟ 
ثم رفع رأسه ودعا ثلاث دعوات: 
الأولى: قال: إلي» إن كنت قبلت توبي» وغفرت ذنوي فأكرمين بالفهم والحفظ؛ حىّ أحفظ كل ما سمعت 
من العلم والقرآن 
والثانية: قال: لهي أكرمنٍ بحسن الصوت» حي إن كل من مع قراءتٍ يزداد رقة في قلبه» وإن كان قاسي 
القلب 
والثالثة: قال: إلهي» أكرمين بالرزق الحلال؛ وارزقئ من حيث لا أحتسب 
فاستجاب الله جميع دعائه» حي زاد فهمه وحفظه. وكان إذا قرأ القرآن» تاب كل من همع قراءته» وكان 
يوضع فٍ بيته كل يوم قصعة من المرق ورغيفان» ولا يدري أحد من يضعهاء وكان على هذه الحال حى فارق 
الدنيا 
وهذا حال من أناب إلى الله لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. انتهى 5/5 
وصا ‏ ايا لبون عبيون اعسه وتنا 
النسا عبيكات انموي عاشقى النسا ‏ ما جلا 


حابوا عفال بالجمون وريحوا فومان مانا 
ما يحروهم غير مول الكون © تكول: أنا نصىف أنا 


يقول: أوصيك أيها المفتون بعيون ناعسة فتانة» فما النساء إلا إماء للمجون» ومن يعشقهن»ء من امحال أن يأتينا 
ويشهد مجالسناء لأنه في شغل شاغل عن ذلك» وكم من العاقلين أصابكم حب النساء بالجنوكن» وكم ورطن 
فيما لا تحمد عقباه من أقوام اتصفوا بالفطنة والكياسة 


5 مكاشفة القلوب 
301 





فادع الله تعالى أن يصرف كيدهن عنكء فلا يصرفه سوى رب الكونء وإياك أن تقول: أنا أصرفه» فإنك لا 
تقوى على ذلك 
يقول جرير بن الخطفي: 
إن العيون الي في طرفها حور قتلننا ثم : يحيين قتلانا 
يصرعن ذا اللب حي لا حراك به وهن أضعف خحلق الله أركانا 
والمعيئ: يقول الله تعالى: "زين للنفاس حب الشهوات من النساء والبئين والقناضير المقخنصة من الاهب 
والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث» كلد متاع الحياة الكنياء والله عنيه حسن المآب» قل 
أؤنبيكم بخير من كلكم, للكين اتقوا عن؛ ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالكين فيها وازواج 
577 
مضهرة ورطوان من اللغ» والله بحصير بالعبكء . 
يقول الحافظ ابن كثير: يخبر تعالى» عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين» فبدأ 
بالنساء» لأن الفتنة يمن أشد» كما ثبت في الصحيح, أنه يَيلُم» قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال 


من النساء"» فأما إذا كان القصد بمن الإعفاف وكثرة الأولاد» فهذا مطلوب مرغوب فيه» مندوب إليه» كما 


26 


وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منهء "وإن خير هذه الأمة من كان أكثرها نساء"» وقوله 
َم : "الدنيا متاع» وخير متاعها المرأة الصالحة» إن نظر إليها سرته» وإن أمرها أطاعته» وإن غاب عنها حفظته 
في نفسها وماله". وقوله في الحديث الآحر: "حبب إل النساء والطيب» وجعلت قرة عي في الصلاة". وقالت 
عائشة رضي الله عنها: لم يكن شيء أحب إلى رسول الله يكم من النساء إلا الخيل» وفي رواية: من الخيل؛ إلا 
النساء. وحب البئين تارة يكون للتفاحر والزينة» فهو داحل في هذاء وتارة يكون لتكثير النسل وتكثير أمة 
محمد طَككُّمْ ممن يعبد الله وحده لا شريك له. فهذا محمود ممدوحء كما ثبت في الحديث: "تزوجوا الودود 
الولود» فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". اننهى 3/8 

وح إذا وقفت موقف الغواية» فقل كما قال الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم» سيدنا يوسف بن يعقوب 
ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام: "وإلا تصرن عن حيدهن أحب إليهن وأكن من الجاهلين" ”7 
لما راودته امرأة العزيز عن نفسه وقالت: هيت ل فاستعصم وقال: معاء الله 


” وهو جرير بن الخنطفي؛ ويقال: ابن عطية بن الخطفي» واسم الخطفي: حذيفة بن بدر بن سلمة عوف بن كليب بن يربوع بن 
حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار» أبو حرزة الشاعر البصري. 

7”” آل عمران 15-14 

5218 تفسيرابن كثير 
55 


2302 





قلت في السوانح: و"هيت ل" معناها فيما تقدم عليها من كلام, ابتداء من قوله تعالى: "وراووتة". إلى قوله 
تعالى: "الابواب"؛ ومقتضى هذا المعيئ: الدعوة إلى الفاحشة. انته 580 

وفر من الفتن» رعاك الله» كما يفر الصحيح من المجذوم؛ وكما يفر الحبان من الأسدء والتزم الوقاية لنفسك 
أما إذا لم تأت بالحيطة والحذر حي خلوت بالخطر» فمن الصعب أن أعدك بالنجاة» وقد قت في الفلاة» 
وركبت رياحا عاتيات لا تبقي ولا تذر 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عَيلُّمْ: "لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة» إلا ومعها ذو محرم". رواه الترمذي 
وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن عقبة بن عامر» أن رسول الله يَيَلتّمْ قال: "إياكم والدحول على النساء"» فقال رجل من الأنصار: يا رسول 
الله آذ ايك التبى؟ قال "انين الموك "+ واه الترندي وقال#صعيديه حسن صفيع وقال ونا في كرافيهة 
الدحول على النساءء على نحو ما روي عن النبي يَيكتُّمْ قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". 
ومعيئن قوله: "الحمو". يقال: هو أحو الزوج» كأنه كره له أن يخلو يما. رواه الترمذي 

وابتعد عن مواطن المعاصي» حي لا تقول لا مناص» يوم يؤخذ بالنواصي» واهرب من مواضع الفسق 
والفجور» حي لا تقع في المحظورء وعاشر أهل الحداية» تحظ بالكفاية» وعظم حرمات الله تعالى» يعظم الله 
حرمتكء؛ والله الحادي إلى الصواب. 


فلم التوية مى الأول سبع مغاماتع هى التعكام 
التويه عليها تعول من فبل ما تزاء 
عل مفامها ما تمول هنى< قر البلا 
إلى ما تبتك ما تسول عن مفامات الدجعاء 


يقول: قدم التوبة في أول سلوك الطريق إلى الله تعالى» فالتوبة هي أول مقام من المقامات السبع الي يحب قطعها 
للوصولء والتوبة هي المعول عليهاء وأمرها معروف عند الأولين منذ القددم» حى قبل أن تزداد أنت بنفسك» 
فلا تتحول عن مقامها حي تحققه وتكمله؛» وقد مثل الشيخ التائب كداخل بلدا غريبا عنه» يجب أن يحفظ 
طرقه ودروبه وأزقته» حى يتعرف عليه» فكذلك التوبة» تقتضي من التائب أن لا يفوتها إلى مقام آخرء حى 
يتقنها ويأيِ بها كاملة غير منقوصة 


"5 سوانح المخنواطر في كوامن السرائر 
2303 





وإذا لم تتب فلا تسأل عن مقامات أهل المحد والشرفء فإنك لن تبلغها وأنت لم تأت بتوبة نصوح 
والمعن: يقول الله تعالى: "يا أيها العين آمنوا توبوا إلى الله توبخ نصرها عسى ربكم أن يكفر عنكم 
سيياتكم وينخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النيء والكين أمنوا معة نورهم 
يسعى بين أينيهم وبأيمانهم؛ يقولون ربنا أتمم لذا نورنا واف رلناء إننة على كل نيء قكير". !58 
ويقول سبحانه: "أفلا يتوبون إلى الل ويستغفرونة؛ واللك فور رجيم" 502 

583 


ويقول سبحانه: "وهو العي يقبل التوبية عن عباءك ويعفوعن السييات ويعلم ما تفعلون". 


المقام والحال والفْرقٌ بينهما 
قلت: المقامات سبعة» والأحوال كثير» وقد خلط قوم بين المقام والحال» فما المقام وما الحال؟ 
يقول القشيري: المقام: وهو ما يتحقق به العبد بمنازلته من الآداب» مما يتوصل إليه بنوع تصرف» ويتحقق 
بضرب تطلب ومقاساة تكلفء فقام كل واحد في موضع إقامته عند ذلك» وما هو مشتغل بالرياضة له 
وشرطه أن لا يرتقي من مقام إلى مقام آخرء ما لم يستوف أحكام ذلك المقام» فإن من لا قناعة له» لا يصح له 
التوكل» ومن لا توكل له لا يصح له التسليم» ومن لا توبة له» لا تصح له الإنابة» ومن لا ورع له» لا يصح 
له الزهد 
والمقام هو الإقامة» كالمدخحل بمعيئ الإدحال؛ والمخرج .معيئ الإخراج؛ ولا يصح لأحد منازلة مقام» إلا بشهود 
إقامة الله تعالى إياه بذلك المقام» ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة. انتب 584 
وقال رحمه الله تعالى: الحال عند القوم: معيئ يرد على القلب من غير تعمد منهم ولا احتلاب ولا اكتساب» 
من طرب أو حزن أو بسط أو قبض أو شوق أو انزعاج أو هيبة أو اهتياج» فالأحوال مواهب والمقامات 
مكاسبء والأحوال تأت من الوجود نفسه؛ والمقامات تحصل ببذل المجهود. وصاحب المقام ممكن في مقامه 


وصاحب الحال مترق عن حاله. 385 


551 التحريم8 

2 المائدة76 

الشورى23 

الرسالة القشيرية 

2355 المرجع 1 
204 





الكلام على مقام النوبة 

يقول ابن عباد الرندي: مقام التوبة: هو أول المقامات وأساسهاء وعليه تنبئ أنواعها وأجناسهاء وهي تبديل 
الحركات المذمومة بالحركات المحمودة» فيدخل في عموم هذاء حركات الظاهر والباطن في العقود والأقوال 
والأفعال. م 

ويقول الشيخ عبد القادر الكيلاي: التوبة: هي نظر الحق تعالى إلى عنايته السابقة القديمة لعبده» وإشارته له 
بتلك العناية إلى قلب عبدهء وتحريده إياه بالشفقة محتذبا إليه قابضاء فإذا كان ذلك لذلكء انحذب القلب إليه 
عن كل همة فاسدة» وتابعه الروح» ووافقه العقل» وصحت التوبة» وصار الأمر كله لله. اتتهى 
ويقول كذلك: التوبة: هي أصل كل خخير وفرعه؛ وهذا لا يفتر الصالحون عنها في جميع أحوالهم. اننهئة68) 


)6589( 


587 


فمن لا أرض له لا بناء له. انتهى 
ويقول الشيخ إبراهيم المخواص: حد التوبة في قلب التائب: هي أن يبغض الذنب كما يحبه» وييكي منه كلما 
ذكره» ويتركه كما كان يأخذه؛ ويفزع من عارض الذنب إذا وقع به. انتهى ”0 
وقال الشيخ الحسين بن منصور الحلاج: 

إلى كم أنت- في بحر الخطايا تبارزن ‏ من-) >2‏ يراك ولا تراه 


وسمتك سمت ذي ورع ودين وفعلك 2 فعلى 2 متبعه ‏ هوه 


فيا من بات يخلو بالمعاصى وعين اللّه شاهدة تراه 
أتطمع أن شال العفو من عصيت وأنت م تطلب رضاه 
وتفرح بالذنوب والخطايا وتنساه ولا نفدل سواه 


فشية “قبل “الناتك- “وقل يحوم. ٠.‏ يلاتن العيذة دما" كسيع ٠‏ سات 3م 


6 بولس نويا الرسائل الصغرى للشيخ ابن عباد الرندي. كستران 
7- الشيخ علي بن يوسف الشطنوقٍ مخطوطة يمجة الأسرار ومعدن الأنوار. كستران 
8- المصدر نفسه 
9- الشيخ أحمد بن محمد بن عباد مخطوطة الموارد الجلية في أمور الشاذلية. كستران 
0- الشيخ عماد الدين الأموي حياة القلوب (يمامش قوت القلوب لأبي طالب المكي) (بتصرف). كسرران 
1- د. قاسم السامرائي أربع رسائل في التصوف لأبي القاسم القشيري. كستران 

205 





قال أبو الفتح الجعفي: التوبة أول الأشواط في سبيل السلوك إلى حضرة مالك الملوك» ومدخل العازمين على 
السفر إلى المحبوب» ومن لم يتبء لم يصل إلى دار مولاه ولم يحظ بإحسانه وقراه 

والتوبة عندنا: روج من ذل الإصرار إلى عز الإقرار» وعروج من هوة الأوزار إلى سماء الأبرار 

وقد اشترط العلماء في التوبة شروطاء وهي: الإقلاع عن المخالفة» والندم على احتراح الذنوب السالفة» 
والعزم عزما أكيدا على عدم الرجوع إليهاء ثم رد الحق إلى صاحبه. زيادة على الشروط الآنفة 

فمم تكون التوبة؟ وبم تكون؟ 

فأما الأول: فمن كل قول وفعل لا يرضاه الباري عز وحل 

وأما الثاي: فبقطع عوائد النفس» وتوجيه الحوى إلى ما يرضي الله تعالى» بالإعتراف بالعبودية وترك أذى الناس 
والأحذ بالقناعة 

فأما الإعتراف بالعبودية: فهو القيام بالواحبات والانتهاء عن المحظورات 

وأما ترك أذى الناس: فبالصبر عليهم» والإحسان إليهم 

وأما الأحذ بالقناعة: فهو سفينة النجاة في بحر الدنيا المتلاطم بأمواج التلف والفتنة 

ولا يتوب التائب إلا إذا تاب عليه التواب الرحيم 


بقول الجعفي عفا الله عنه: تقرف بين الثونة والاستغفار 
يقول الباري عز وجل: "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونة» والله 0 
فالاستغفار يكون من كل ذنب جرحته في الليل والنهار» في حق نفسك أوغيرك؛ أو في حق الواحد القهار 

أما التوبة: فهي ترك الإصرار» وإذعان للواحد الغفار 

وقد يذنب العبد وهو تائب 

وقد لا يذنب وهو غير تائب 

فأما وحود الذنب مع التوبة: فهو ما يرتكب من زلات وهفوات» بإتيان المحظورات أو بترك الواحبات» وهو 
كاره له» وإِنما غلبته نفسه وأرغمه هواه. ثم يستغفر بعدهاء فيجد الله تعالى غفورا رحيماء لأنه صدق في توبته» 
وَإِنما أخطأء والخطأ طبعه. والكمال كله لله 

قال تعالى: "وعلى الثلاتية الغين خلفواء حتى إءا ضاقت عليهم الاآرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم 
وشضنوا أن لا ملجأ من الل إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا؛ إن الله هو التواب الرحيم" 553 


2 المائدة76 
306 





وأما انتفاء الذنب من دون توبة: فذاك المصر على الآثام» الذي يعتقد صلاحيتها لنفسه» وإنما منعه من إتيانُا 
عدم استطاعته ذلك» وم قيأت له أسباهاء وتوفرت له ظروفهاء عصى مولاه» واستغفر ولم يقبل استغفاره» 
لأنه لا زال يرى فيما اقترف من سوء حسناء وأتى من شر يرا 

قال تعالى: "والكين إءا فعلوا فاحشة أو ضلموا أنفسهم عحروا الله فاستغفروا لءنوبهم» ومن يغفر الءنوب إلا 


, 594 
الله وم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون". ‏ ” 
وقال سبحانه: "وإنِِ كلما وعوتهم لتغفر لهم جعلوا أحابعهم في آءانهم واستغشوا ثيابهم وأصوا 
ان 


وخيرهما من جمع بين التوبة بترك الإصرار» وترك الذنوب استحياء من الواحد القهار 
فأحسن توبتكء وتبرأ مما لم تستطع نزعه من هوى النفسء وما علق في القلب من الصور والأغيار» وأوكل 
أمره إلى الله تعالى 

وادع الله أن يتحمل عنك مما أنت مطالب به من الناس» ما لم تستطع رده» تصح توبتك 

وما أشد فرح المولى الكريم بتوبة عبده اللحاني 

عن إسحاق بن عبد الله بن طلحة» حدثنا أنس بن مالك» وهو عمه؛ قال: قال رسول الله مل 


الاط 


لله أشد فرحا 
بتوبة عبده حين يتوب إليه» من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة» فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه» 
فأيس منهاء فأتى شجرة» فاضطجع في ظلهاء قد أيس من راحلته؛ فبينا هو كذلكء إذا هو يما قائمة عنده 
فأحذ بخطامهاء ثم قال من شدة الفرح الو ا للم مر ". رواه مسلم 
والتوبة» وإن كانت أول المقامات؛ إلا أنها تبقى إلى أن يقضي السالك نحبه» وذلك لبقاء الاستغفار 

ألم تر إلى رسول الله تررقف سيسمر ررودرك بيه ذا ليبج اكرعى بترن ا رن الوم 
إلى أن لقي ربه سبحانه 

إلا أن التوبة تختلف على حسب تغير منازل السالكين 

فهناك توبة المبتدئين: وهي الي ذكرناهاء وذكرنا مم تكون وكيف تكون 

وأما توبة السائرين: فتكون بالتبرئة من الحول والقوة» برد الفضل إلى الله تعالى فيما يحققه السائر من أذكار 
وطاعات ومعاملات» بتوفيق من الله عز وجل 

وأما توبة الواصلين: فمن الإشراف إلى الجزاء» مما أعد الله تعالى للمؤمنين في جنة النعيم 


593 العوبة119 


آل عمران135 
52095 


307 





فالأولى توبة المؤمنين 

والثانية توبة المخبتين 

والثالئة توبة المقربين 

وإلاء فالأولى توبة» والثانية أوبة» والثالثة إنابة 

وإلا» فالأو لى صدء والثانية قصدء والثالثة فقد 

والتوبة عندنا: تبرء العبد من الحنايات» ولحوء إلى الرب في البدايات» من أجل التوفيق في النهايات 
والتوبة اعتراف بالذنب ورحوع إلى الرب» كي يقبل التوب قبل الحوب 


قال تعالى: 'إنما التوبخ على الله للعين يعملون السوء بجهالخ ثم يتوبون من قريب» فأولية يتوب اللخ 


0 : : 1 596 
كَل إني تبت الآن ولا العين يموتون ولهم حفار؛ أوليطه اعتاونا لهم عذابا اليما . 


والتوبة: كبح جماح النفوس»؛ عن أن تدوس مواطن الذلة والبوس 

واعلم أخي, أن المرء يوقعه ف إتيان الفواحش ما ظهر منها وما بطن» دون مراعاة حرمات الله تعالى» أمران 
عظيمان: 

الأول: الاعتزاز بالنفس: وذلك أن يظن في نفسه العصمة من المعاصيء ويتباهى بذلك في الملاء حى إذا ما 
تولى» أوكله الرب إلى نفسه وهواهء فبارز الله تعالى بالخطاياء ووقع فيما لا تحمد عقباه والعياذ بالله 

"ومن الناس من يعجبحة قولخ في الحياة الزنيا ويشهه الله على ما في قلبه وهو أله الخصامء وإءا تولى 
سعى في الارض ليفس؛ فيها ويهلة الحرث والنسلء والله لا يحب الفصاءء وإءا قيل لد اتق الله أخوته 
العزاة بالائم فحسبة جهنم» ولبيس ند 
وسئل الحنيد: بما يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظره. 

وقال أبو الجلد: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء: قل لقومك: ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي» 
وتظهروفها لي؟ إن كنتم ترون أن لا أراكم؛ فأنتم مشركون بي» وإن كنتم ترون أن أراكمء فلم جعلتموني 
أهون الناظرين إليكم؟ اه 308 

والثاني: فضح عيوب الناس وتتبع عوراتهم؛ فإن الذي يؤذي الناس ولا يلتمس لمم الأعذار» لا بد أن يقع في 
شرك الزلل فلا يحد من يسترهء ولا يلقى إلا من لا يعذره 


6 النساء 18-17 
”* البقرة 204-202 
5 دروس تربوية من الأحاديث النبوية 
2308 





ّ سِ 3 1 599 
قال اله الى "ولا تفق ها نيس العد هه غلمء إن الممع والبضر والفؤاة كل أولينة كان عنه مسيورا ”7 


عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله يكم : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإبمان قلبه, لا تغتابوا 
المسلمين؛ ولا تتبعوا عوراهمء فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته» ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته". رواه 
أبو داود 
فاعرف أحي خحسة نفسكء وشغفها بإتيان الفواحشء» وانتهاك الحرمات» وارتكاب المنكرات» واعرف ميلها 
إلى السوء والفسوقء واستعن بالله تعالى عليهاء وقل: رب لا تكلئ إلى نفسي طرفة عين» واستر الخلق ونزه 
يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى» حاكيا ما أوصاه به أستاذه سيدي عبد السلام بن بشيش رحمه 
الله تعالى: فقلت له: ياسيدي» أوصينء فقال لي: يا علي» الله الله» والناس الناس» نزه لسانك عن ذكرهمء 
وقلبك من التماثيل من قبلهم» وعليك بحفظ الجوارح وأداء الفرائض» وقد تمت ولاية الله عندك» ولا تذكرهم 
إلا بواحب حق الله عليك» وقد تم ورعك؛ وقل: اللهم أرحين من ذكرهم ومن العوارض وبحت من شرهمء 
وأغنئ بخيرك عن خيرهم, وتولئ بالخصوصية من بينهم؛ إنك على كل شيء قدير. انتهى'" 
وما نسب للشافعي: 

إذا رمت أن تحيا سليما من الأذى وحظك موفور وعرضك صين 

لسانك لا تذكر به عورة امرئخغ فكلك عورات وللناس ألسن 

وعينك إن أرتك يوما نقيصة لناس فقل: يا عين للناس أعين 


وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بال هي أحسن 


59 الإسراء36 


7 درة الأسرار 


209 





في رحاب اللوابين 

عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: بينا أنا أطوف مع أبي حول البيت في ليلة ظلماء» وقد رقدت 
العيون وهدأت الأصواتء إذ سمع أبي هاتفا يهتف بصوت حزين شجيء وهو يقول: 

يا من يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم 

قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا وأنت عينك يا قيوم لم تنم 

هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي يا من إليه أشار الخلق في الحرم 

إن كان عفوك لا يدركه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالكرم؟ 
قال: فتمال أبيْ: يا بني» أما تسمع صوت النادب لذنبه» المستقيل لربه؟ الحقه. فلعل أن تأتيني به. 
فخرحجت أسعى حول البيت أطلبه» فلم أحده» حتى انتهيت إلى المقام» وإذا هو قائم يصلي» فقلت: أجب ابن 
عم رسول الله ميم ؛ فأوجز في صلاته واتبعني. 
فأتيت أبي» فقلت: هذا الرحل يا أبت. 
فقال له أبي: ممن الرحل؟ قال: من العرب» قال: وما اسمك؟ قال: منازل بن لاحق. 
قال: وما شأنك وما قصتك؟ قال: وما قصة من أسلمته ذنوبه» وأوبقته عيوبه» فهو مرتطم في بحر الخطايا؟ 
فقال له أبي: علي ذلك» فاشرح لي خبرك. 
قال: كنت شابا على اللهو والطربء لا أفيق عنه» وكان لي والد يعظني كثيراء ويقول: يا بني» احذر هفوات 
الشباب وعثراته» فإن لله سطوات ونقمات» ما هي من الظالمين ببعيد. وكان إذا ألح علي بالموعظة أالححت 
عليه بالضربء فلما كان يوم من الأيام» ألح علي بالموعظة» فأوجعته ضرباء فحلف بالله مجتهداء ليأتين بيت 
الله الحرام؛ فيتعلق بأستار الكعبة» ويدعو علي. فخرج حتى انتهى إلى البيت» فتعلق بأستار الكعبة» وأنشأ 
يقول: 

يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا عرض المهامه من قرب ومن بعد 

إني أتيتك يا من لا يخيب من يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد 

هذا منازل لاا يرتد عن عققي فخذ بحقي يا رحمن من ولدي 

وشل منه بحول منك جانبه يا من تقدس لم يولد ولم يلد 
قال: فوالله» ما استتم كلامه حتى نزل بي ما ترى» ثم كشف عن شقه الأيمن» فإذا هو يابس. 
قال: فأبت ورحعتء ولم أزل أترضاه وأحضع له وأسأله العفو عني؛ إلى أن أحابني أن يدعو لي في المكان 
الذي دعا علي. 


310 


قال: فحماته على ناقة عشراء» وخحرحت أقفو أثره» حتى إذا صرنا بوادي الأراك» طار طائر من شجرة» 
فنفرت الناقة فرمت به بين أحجار» فرضحت رأسه فمات» فدفنته هناك» وأقبلت آيساء وأعظم ما بي ما ألقاه 
من التعيير» أني لا أعرف إلا بالمأحوذ بعقوق والديه. 

فقال له أبي: أبشرء فقد أتاك الغوث» فصلى ركعتين» ثم أمره فكشف عن شقه بيده» ودعا له مرات» 
يرددهن, فعاد صحيحا كما كان. 

وقال له أبي: لولا أنه قد كان سبقت إليك من أبيك في الدعاء لك؛ بحيث دعا عليك؛ لما دعوت لك. 

قال الحسن: وكان أبي يقول لنا: احذروا دعاء الوالدين» فإن في دعائهما النماء والانجبار» والاستفصال 
والبوار. انتهى 691 

عن سعدان قال: أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن حيثم» لعلها تفتنه» وجعلوا لها إن فعلت 
ذلك ألف درهمء فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب» وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه؛ ثم تعرضت له 
حين خرج من مسجلده. فنظر إليهاء فراعه أمرهاء فأقبلت عليه وهي سافرة» فقال لما الربيع: كيف بك لو قد 
نزلت الحمى بجسمكء فغيرت ما أرى من لونك ومجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت» فقطع 
منك حبل الوتين؟ أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟ فصرحت صرحة» فسقطت مغشيا عليهاء فوالله» لقد 
أفاقت وبلغت من عبادة ريماء ما أنما كانت يوم ماتت» كأهها جذع محترق. انتهى ”6 

عن رحاء بن عمر النخعي قال: كان بالكوفة ف جميل الوحه. شديد التعبد والإحتهاد» وكان أحد الزهادء 
فتزل في حوار قوم من النخع» فنظر إلى حارية منهم حميلة» فهويها وهام بما عقله» ونزل بما مثل الذي نزل به. 
فأرسل يخطبها من أبيهاء فأخبره أبوها أنما مسماة لابن عم لما. 

واشتد عليهما ما يقاسيان من ألم الموى» فأرسلت إليه الحارية: قد بلغئ شدة محبتك لي» وقد اشتد بلائي بك 
لذلك» مع وحدي بكء فإن شئت زرتكء وإن شعت سهلت لك أن تأتيئ إلى منزلي. 

فقال للرسول: لا واحدة من هاتين الخصلتين» "إني أخاق إن عصصيت ري عداب يوم 0 

أخحاف نارا لا يخبو سعيرهاء ولا يخمد لبها. 

فلما انصرف الرسول إليهاء فأبلغها ما قال» قالت: وأراه مع هذا زاهداء يخاف الله تعالى» واللّه ما أحد أحق 
بهذا من أحدء وإن العباد فيه لمشتركون. ثم انخلعت من الدنياء وألقت علائقها خلف ظهرهاء ولبست المسوحء 
وجعلت تعبد» وهي مع ذلك تذوب وتنحل حبا للفى» وأسفا عليه» حي ماتت شوقا إليه. 


601 التوابون 
5 المرجع نفسه 
603 الزمر13 


311 





فكان الف يأ قبرهاء فرآها في منامه» وكأها في أحسن منظرء فقال: كيف أنت وما لقيت بعدي؟ فقالت: 
نعم الحبة يا حبيبي حبكا حب يقود إلى خير وإحسان 

فقال على ذلك: إلى ما صرت؟ فقالت: 

إلى نعيم وعيش لا زوال له في جنة الخلد ملك ليس بالفاني 
فقال لمها: اذكريئ هناك, فإني لست أنساك. فقالت: ولا أنا والله أنساك» ولقد سألتك ربي مولاي ومولاك» 
فأعانى على ذلك بالإحتهاد» ثم ولت مدبرة» فقلت لما: مى أراك؟ قالت: ستأتينا عن قريب» فلم يعش الفى 
بعد الرؤيا إلا سبع ليال حي مات رحمهما الله. 90 
وروي أن رحلا جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال له: يا أبا إسحاقء إني مسرف على نفسيء فاعرض علي ما 
يكون لها زاحرا ومستنقذا لقلبي. 
قال: إن قبلت حمس حصال وقدرت عليهاء لم تضرك معصية ولح توبقك لذة. 
قال: هات يا أبا إسحاق 
قال: أما الأولى» فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه. 
قال: فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه؟ 
قال له: يا هذاء أفيحسن أن تأكل رزقه وتعصيه؟ 
قال: لا» هات الثانية 
قال: وإذا أردت أن تعصيه, فلا تسكن شيئا من بلاده» قال الرحل: هذه أعظم من الأولى» يا هذاء إذا كان 
المشرق والمغرب وما بينهما له» فأين أسكن؟ قال: يا هذاء أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه؟ 
قال: لاء هات الثالثة 
قال: إذا أردت أن تعصيه» وأنت تحت رزقه وفي بلاد فانظر موضعا لا يراك فيه مبارزا له فاعصه فيه» قال: 
يا إبراهيم» كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر؟ 
قال: يا هذاء أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه» وهو يراك ويرى ما تجاهره به؟ 
قال: لاء هات الرابعة 
قال: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له: أخرني حن أتوب توبة نصوحاء وأعمل لله عملا صالحا. 
قال: لا يقبل مئ 
قال: يا هذاء فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب» وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير» فكيف ترحو 
وجه الخللاص؟ 


604 التوابون 


312 





قال: هات الخامسة. 

قال: إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار» فلا تذهب معهم. 

قال: لا يدعونئ ولا يقبلون مئ 

قال: فكيف ترجو النجاة إذا؟ 

قال له: يا إبراهيم» حسبي أن أستغفر لله وأتوب إليه 

ولزمه في العبادة حي فرق الموت بينهما. انتهى 77 

حدثنٍ جعفر بن سليمان قال: مررت أنا ومالك بن دينار بالبصرة» فبينا نحن ندور فيهاء مررنا بقصر يعمرء 
وإذا شاب جالسء ما رأيت أحسن وجها منه» وإذا هو يأمر ببناء القصرء ويقول: افعلوا واصنعوا 

فقال لي مالك: ما ترى إلى هذا الشاب» وإلى حسن وجهه. وحرصه على هذا البناء؟ ما أحوجين إلى أن أسأل 
ربي أن يخلصه فلعله يجعله من شباب الحنة» يا جعفرء ادل بنا إليه. 

قال جعفر: فدخلناء فسلمناء فرد السلام ولم يعرف مالكاء فلما عرفوه إياه» قام إليه فقال: حاحة؟ قال: كم 
نويت أن تنفق على هذا القصر؟ قال: مائة ألف درهم. 

قال: ألا تعطيئ هذا المال فأضعه في حقهء وأضمن لك على الله تعالى قصرا خيرا من هذا القصر بولدانه وخدمه 
وقبابه وخحيمه. من ياقوتة حمراء» مرصع بالجواهر» ترابه الزعفران» وملاطه المسكء أفيح من قصرك هذاء لا 
يخرب» لا تمسه يدان ول يبنه بناء» قال له الحليل: كن» فكان؟ 

قال: أجلي الليلة» وبكر علي غدوة 

قال حعفر: فبات مالك وهو يفكر في الشاب» فلما كان في وقت السحرء دعا وأكثر من الدعاء. 

فلما أصبحناء غدوناء فإذا بالشاب جالس»ء فلما عاين مالكا هش إليه؛ ثم قال: ما تقول في ما قلت بالأمس؟ 
قال: تفعل؟ قال: نعم. 

فأحضر البدر ودعا بدواة وقرطاسء ثم كتب: 

بسم الله الرحمن الرحيمء هذا ما ضمن مالك بن دينار لفلان بن فلان: إني ضمنت لك على الله قصراء بدل 
قصرك بصفته» كما وصفتء والزيادة على الله. واشتريت لك بهذا المال قصرا في الحنة» أفيح من ظل ظليل» 
بقرب العزيز الحليل. ثم طوى الكتاب ودفعه إلى الشاب» وحملنا المال» فما أمسى مالك» وقد بقي عنده مقدار 


6005 


ا مرجع نفسه 


313 





فما أتى على الشاب أربعون ليلة» حّ صلى مالك ذات يوم الغداة» فلما انفتل» فإذا بالكتاب في المحراب 
موضوعء فأخذه مالك فنشرهء فإذا في ظهره مكتوب بلا مداد: هذه براءة من الله العزيز الحكيم» لمالك بن 
دينار: إنا وفينا الشاب القصر الذي ضمنت له» وزيادة سبعين ضعفا. 

قال: فبقي مالك متعجباء وأحذ الكتاب» فقمناء فذهبنا إلى منزل الشابء» فأقبلناء فإذا الباب مسودء والبكاء في 
الدار» فقلنا: ما فعل الشاب؟ قالوا: مات بالأمس. 

فأحضرنا الغاسل» فقلنا: أنت غسلته؟ قال: نعم» قال مالك: فحدثنا كيف صنعت؟ قال: قال لي قبل الموت: 
إذا أنا مت وكفنتيئ» اجعل هذا الكتاب بين كفيئ وبدن» فجعلت الكتاب بين كفنه وبدنه» ودفنته معه. 
فأخرج مالك الكتاب» فقال الغاسل: هذا الكتاب بعينه» والذي قبضه. لقد جعلته بين كفنه وبدنه بيدي. 

قال: فكثر البكاء. 

فقام شاب» فقال: يا مالك» حذ مين مائي ألف درهم؛ واضمن لي مثل هذا. 

قال: هيهات» كان ما كانء وفات ما فاتء والله يحكم ما يريد. فكلما ذكر مالك الشاب» بكى ودعا له. 


606 
انتهى 


606 


ا مرجع نفسه 


314 





وا ل تيكل عن فرك بي لية 
إلىف2 بغيته2- تتنعفل عش فى الكنيا سأيب 
مريم ١‏ مهما تتبعل ١ح‏ رزفها ياقك بلا صبايب 
© اللمفام و تمحل ول سبب يا العايب 
الروكق - هذا ضيه انكل جك ده 
من يتوكل على العبيكة ‏ أشرك بلله شه حك 
عل العبية كن تيه كل ما عناهم ينها 
با عاد الل ناا ع كم ات ال ا 
العبة مهما تسولو يشراك2 تالح عل سوالو يغخ؟ 
توك :للق ا ويك اتفال > نيقااكة “لله 
شو ناك 3 نذا كيف عه 
العبة ‏ إلى زرءكك- يوم عليا ‏ ينحب 


يقول: وإذا أتيت بتوبتنك على الوحه الصحيح؛ فعليك بالتوكل على مولاك أيها التائب» وهو المقام الثان 
بعدهاء وإن كنت ذا عقل» فعش سائبا في الدنياء ولا تتوكل سوى على مولاك 

وم صححت مقام التوكل» فقد ترزق بغير سبب» فهذه مريم العذراء كانت ترزق بغير سبب» لما صححت 
توكلها على الله تعالى وتبتلت إليه» ولكن إن كان في توكلك عيبء فعليك باتخاذ الأسباب» فلن ترزق بغيرها 
قال الله تعالى: " كلما حغل عليها زحريا المعراب وجذ عندها رزقاء قال يا مريم أنى ل هداء قالت 
فوس هق الف إن الف راق مر ل ار 0 

قلت: قوله تعالى: "كلما" أي في كل مرة؛ والمراد مرات 

وقوله تعالى: "وجد عفدها رزقا"» يفيد التكرار والتنوع 

وقوله تعالى على لسان زكرياء عليه السلام: "يا مريم أنى ل هذا" استبعاد وتعجب» صدر عن بي من أنبياء 


الله تعالى» لما رآه من شأن صديقة» وفيه ما فيه من عظم ما حبا الله تعالى به مريم من منة وخصوصية وفضل 


607 آل عمران37 
315 





وف مذهبنا: لا ندع الأسباب مهما كفيناهاء لأن الأخذ بما من سنة رسول الله يلتم ومن دعا إلى تركهاء 
فقد حرج عن السنة 

ولو سارت الأمة بترك السبب» لاضمحل أمر المسلمين» وساءت أمورهم» وفلت شوكتهم» وقدر عليهم 
غيرهم؛ وما عاد لهم من بأس ولا قوة لحفظ الدين» فتدبر 

ولكن من سار على غير مذهبناء فلم يأحذ بالسببء فهلا ألزم نفسه بذلك» ول يأمر به غيره» حى لا يكون ما 
وأما الشيخ المربي» فأنصحه باتباع ما أمر به الدين من الأحذ بالأسباب» حى لا يربي مريديه على التجرد من 
الدنياء فلا يقدرون» ويجدون في ذلك مشقة» ويحسبونه من الدين» وما هو من الدين» فإنه مؤاحذ بهء نسأل الله 
تعالى لبا :وله العغر ان 


الكلام على مام التوكل 
يقول الله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه؛ إن الله بالخ أمرهء قه جعل الل لكل ضيء قير" 608 
ويقول سبحانه: "وما لذا ألا نتوحل على الله وق؛ هدانا سبلناء ولنصبرن على ما آءيتموناء وعلى الله 
حل وك نلق 
وقال مجان افإنا خرية تتركل عن للد م الت كمي الم لاه 
وقال سبحانه: "فأعرض عنهم وتوكل على اللهء وكفى بالله وحيلا". 6/1 


2 "1 5 612 
تعرريف الوكل 
يقول السري السقطي: التوكل: هو الانخلاع عن الحول والقوة . انتهى !6 


5 الطلاق3 

”"" إبراهيم15 

0 آل عمران 159 

51 النساء80 

2 المائدة 25 

3- الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي طبقات الصوفية. كستران 
316 





ويقول الإمام أبو حامد الغزالي: حال التوكل: معناه أن تكل أمرك إلى الله تعالى» ويثق به قلبك» وتطمئن 
بالنفويض إليه نفسكء ولا تلتفت إلى غير الله تعالى. انتهى 614» 

يقول أبو الفتح الجعفي: والتوكل مقام يأيِ بعد التوبة» إذ فاية الأول بداية الثان 

وقد عز فهم معين التوكل على العارفين وامتنع» ألا ترى إلى قول الشيخ: التوكل عندنا توحيدء أي أنه يرى أن 
تحقيق التوكل هو توحيد لله تعالى» ولم ير موحدا لله تعالى أخملص في توحيده غبر المتوكل 

وقد ظن أقوام أن التوحيد هو قول لا إله إلا الله» وعبادة الله تعالى وحده دون سواه 

أما التوحيد عندناء فهو أكثر من ذلكء التوحيد إفراده تعالى وتخصيصه ف اللجوء والتوجه» وف الرجاء والخشية 
وامحبة» ذلك حد التوكل 

فهو إذن علامة التوحيد» فمن اتصف .ما قلناه في تعامله مع مولاه» كان متوكلا 

وقد فهم قوم أن التوكل يكون بترك الأسباب» وفهم آخحرون أنه يكون بالإتيان بالأسباب والاتكال على رب 
الأرباب» أي بدعوته تعالى تيسير منفعتها 

يقول ف منازل السائرين: التوكل كلة الأمر كله إلى مالكه» والتعويل على وكالته. وهو من أصعب منازل 
العامة عليهم؛ وأوهى السبل عند الخاصة» لأن الحق قد وكل الأمور كلها إلى نفسه» وأيأس العالم من ملك 
شيء منهاء وهو على ثلاث درحات» كلها تسير مسير العامة: 

الدرجة الأولى: التوكل مع الطلب ومعاطاة السبب» على نية شغل النفس» ونفع الخلق وترك الدعوى 
والدرجة الثانية: التوكل مع إسقاط الطلب» وغض العين عن السبب اجتهادا في تصحيح التوكل» وقمع 
تشرف النفسء» وتفرغا إلى حفظ الواجبات. 

والدرجة الثالثة: التوكل مع معرفة التوكل النازعة إلى الخلاص من علة التوكل» وهو أن يعلم أن ملكة الحق 
تعالى للأشياء ملكة عزة» لا يشاركه فيها مشارك» فيكل شر كته إليه. 

فإن من ضرورة العبودية أن يعلم العبد أن الحق هو مالك الأشياء وحده. انتهى”! 
حدثئي الفقيه أبو عبد الله بن الفقيه أبي العباس عن أبيه أنه أخبره» قال: كان ابتداء أمري» أني كنت صغيراء 
فسمعت أقوال الناس في التوكل» فتفكرت في حقيقته» إلى أن رأيت أن التوكل لا يصح إلا بترك كل شيءء 
ولم يكن عندي منه ذوق» فتركت الأسباب واطرحت العلائق» ولم يبق في نفسي تعلق يمخلوق» فخرحت 
سائحا متوكلاء وسرت ثماري كله» فأجهدن الجوع والنصبء وقد كنت نشأت ف رفاهية من العيش» وما 


6 


تقدم لي قط مشي على قدمي» فبلغت إلى قرية فيها مسجد» فتوضأت من الساقية» ودخلت المسجد» فصليت 


4 الإمام الغزالي مخطوطة الأربعين في أصول الدين. كستران 
65 منازل السائرين 
317 





المغرب» وأقمت في المسجد إلى أن صليت العتمة» فخرج الناس من المسجد» فقمت لأصلي» فلم أقدر من شدة 
الجوع والتألم بالمشي» فصليت رعكعتين» ثم قعدت وأنشأت أقرأ القرآن» إلى أن مضى سريع من الليل» فإذا 
قارع يقرع باب دار بعنف» فاستجاب له صاحب الدار» فقال له: هل رأيت بقرق؟ فقال: لاء فقال له: إفا 
ضلتء» وقد أكثر عجلها الحنين إليها؛ فطلباها فلم يجداها في القرية» فقال بعضهم: لعلها دحلت في المسجد 
وقت العتمة» ففتحوا باب المسجد ودخلواء فوحدون في المسجدء فقال لي صاحب البقرة: ما أظنك أكلت 
الليلة شيئاء فجاءني بكسرة حبز وقدح لبن» ثم مر يأتبئ بالماء» فوجد بقرته وعجلها بوسط الدار» وكانت في 
مكان لم يروها فيه» فحرج صاحبها إلى جيرانه» وقال لهم: ما زالت البقرة في الدار» وما كان حروحي إلا من 
أحل هذا الفى الجائع الذي بات في المسجدء فجاء إلي ورغبئ أن أذهب معه إلى متزله فأبيت» فانصرف 
وثر كي ان 

يقول ابن عطاء الله السكندري: اعلم أنه لا يناي التوكل على الله في أمر الرزق وجود السبب» كما أشار إليه 
رسول الله عيلثُم, لأنه قال: "فاتقوا الله وأجملوا في الطلب". فقد أباح الطلب» ولو كان منافيا لمقام التوكل على 
الله لما أباحه, لأنه لم يقل: ألا تطلبواء وإنما قال: أجملوا في الطلب. فكأنه قال: إذا طلبتم محملين» أي كونوا 
مع الله في الطلب متأديين» وإليه مفوضين. فقد أباح صلوات الله عليه وسلامه» وجود الطلب» والطلب من 
الأسباب» وقد سبق قوله عليه الصلاة والسلام: "أحل ما أكل المرء من كسب بينه"» إلى غير ذلك من 
الأحاديث الدالة على جواز الأسباب» بل على الحث عليهاء والندب إليها. 


حكمة الأخذ «الأسباب: 

وفي الأسباب فوائد منها: 

الفائدة الأولى: أن الحق تعالى» علم ضعف قلوب العباد وقصورهم عن مشاهدة القسمة» وعجزهم عن صدق 
الثقة» فأباح لهم الأسباب إسنادا لقلويهم, وتثبيتا لنفوسهم, فكان ذلك من فضله عليهم. 

الفائدة الثانية: إن في الأسباب صيانة للوجوه عن الابتذال بالسؤال» وحفظ لبهجة الإبمان أن تزول بالطلب من 
الخلق» فما يعطيك الله من الأسباب» فلا منة فيه لمخحلوق عليكء إذ لا يمن عليك أحد إن اشترى منك أو 


6" التتشوف إلى رجال التصوف 
315 





الفائدة الثالثة: إن في شغل العباد بأسبابهم شغلا عن معصيته. والتفرغ إلى مخالفته» ألا تراهم إذا تطلعت أسبابكم 
ف أعيادهم وغيرهاء كيف يتعرف أهل الغفلة لمخالفة الله تعالى» وينهمكون في معصية الله فكأن شغلهم 
بالأسباب زحمة من الله عليهم. 
الفائدة الرابعة: إن في الأسباب والقيام بما رحمة بالمتجردين» ومنة من الله على المتوجحهين لطاعته والمتفرغين لماء 
ولا قيام لأهل الأسباب فيهاء فكيف كان يصح لصاحب الخلوة حلوته» ولصاحب المجاهدة مجاهدته؟ فجعل 
الحق تعالى الأسباب كالخدمة للمتوجهين إليه» المقبلين عليه. 
الفائدة الخامسة: إن الحق تعالى» أراد من المؤمنين أن يتآلفوا لقوله تعالى: "إنما المومفون إخواة 
فكانت الأسباب سببا لتعارفهم» وموجبة لتواددهم, ولا ينكر الأسباب إلا جاهل أو عبد عن الله غافل. 
ول يبلغنا أن رسول الله يلثم دعا الناس إلى الله وأمرهم بالخروج عن أسبايهم» ولكن أقرهم على ما يرضاه الله 
منهاء ودعاهم إلى وجود الحدىء والقرآن والسنة محشوان بإثبات الأسباب. 
ولقد أحسن من قال: 
ألم تر أن الله قال ريم إليك فهزي الجذع يساقط الرطب 
ولو شاء أدن الجذع من غير هزها ١‏ إليها ولكن كل شيء له سبب 
إشارة إل قوله فعا "رفي" إلينة تبجع الحفليه متناف عليند رفيا ني 018 
وظاهر صلوات الله عليه وسلامه» بين درعين يوم أحد. وأكل عليه الصلاة والسلام القثاء بالرطب» وقال: 
"هذا يدفع ضرر هذا"؛ وذلك كثير. وف قوله يم : "تغدو خماصا وتروح بطانا"ء”'” إثبات الأسباب أيضا. 
لأن غدوها ورواحهاء سبب أقيمت فيه» فهو كغدو الآدميين إلى مكاسبهم» ورواحهم إليها. والقول الفصل في 
ذلك, أنه لا بد لك من الأسباب وجوداء ولا بد لك من الغيبة عنها شهودا. فأثبتها من حيث أثبتها بحكمته, 
سمه ها الملعلة اك م 1 
ويقول الشيخ: مي سألت العبد شردك» وإذا ألححت عليه في السؤال غضب عليكء فاسأل الله الذي لا يردك؛ 
فإنه تعالى يهوى كثرة السؤال 


617 


7" الحجرات 10 
615 مر. م24 
7" نص الحديث: عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله يكم : "لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله؛ لرزقكم كما 
يرزق الطيرء تغدو خماصا وتروح بطانا". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 
"" التدوير في إسقاط التدبير 

319 





أما العبيد» فمن كساكء» حردك من ملابسكء وبقيت عاتبا عليه» ومن استضافك وأطعمك منهم, فما فعل 
ذلكء إلا ليستدرحك كي يخدعك وينصب عليك 

وكما يقول لمثل المغربي: كل شيء غرسته وتعهدته بالسقي والرعاية» حى استقرت جذوره؛ واشتد عوده. أثمر 
وأكلت ثماره» إلا ابن آدم» إذا غرسته وتعهدته» واستقرت جذوعه واشتد عوده» اقتلعك من جحذورك 

يقول الشيخ ابن عباد الرندي: دخل جماعة على الشيخ الحنيد البغدادي رحمه الله تعالى» فقالوا: نطلب الرزق؟ 
فقال: إن علمتم في أي موضع هو فاطلبوه 

قالوا: نسأل الله ذلك؟ 

فقال: إن علمتم أنه ينساكم فذكروه. 

فقالوا: فندحل البيت» فنتوكل على الله؟ 

فقال: التجربة شك. 

قالوا: فما الحيلة؟ 

قال: ترك الحيلة. انع 621 

قال أبو الفتح: والتوكل عندنا على قسمين: 

توكل عامة الأمة: ويقوم على فعل الأسباب؛ دون التعويل عليهاء بل المعول عليه الله 

توكل خاصة الأمة: وهو غايته: ويصح لصاحبه بترك الأسباب بالمرة 

فإذا كنت في النوع الأول» فابق مع أسبابك دون الركون إليهاء بل اعرف أن الذي يقضي حاحجتك هو الله 
تعالى 

ومهما خانك السبب» فلا تبتئس» فما الأسباب إلا أسباب 

وإياك أن تتوكل وتطرح الأسباب» وأنت لست هنالك 

فإن التوكل بغير أخذ بالأسباب» يستلزم يقينا بأن الله هو الرزاق» أما إن كنت ممن يراوده الشك في ذلك» 
فعليك بالسبب 

وم وعدك شخص بقضاء حاحتكء فاقبل منه وعده ومعروفه؛ واجعله سببا من الأسباب» ولكن إن عولت 
عليه حذلك الله 


ومن كمل يقينه» رزق من خزائن الوهاب بغير أسباب» فهذه مريم ترزق بغير سبب 


1- الشيخ ابن عباد الرندي الرسائل الصغرى 
2300 





قال الله تعالى: "كلما كفل عليها زحريا المعراب وجد عندها رزقاء قال يا مريم أنى ل هذاء قالت هر 
من عفن اللن» إن الله يرزق من يشاء 1ن 

فإن شئت أن ترزق كما رزقت» فتبتل كما تبتلت» وأخحلص توكلك كما أخلصتء يكون حالك حاها 
ورزقك رزقها 

يقول الشيخ تاج الدين بن زكريا العثماني: كانت امرأة عندها ولد الأخ صغيرا فتربيه» كانت هكذا تضع 
الطعام عند الطاقة» فإذا طلب الطعام» تقول: اذهب عند الطاقة واطلب من الله تعالى يعطيك» وكانت عملت 
هكذا زمانا طويلا وسنينا كثيرة» فيوما ماء نسيت هذا العمل» وذهبت إلى بيت آخرء فلما تذكرت» قالت: 
نسيت ذلك العمل والولد جائع؛ فلما جاءت» سألت الولد: أنت جائع؟ 

قال: لاء بل أكلت الطعام. 

قال: أعطاني لله تعالى كما يعطيئ كل يوم. 

فكان رزقه هكذا حي مات. ولهذا قيل: رزق العوام في اليمين» ورزق الخواص في اليقين. انتهى 6220 

يقول الشيخ: التوكل عندنا توحيد» إذ هو نزع التوحه لما سواه واللجوء إليه وحده» فما رأيت أخحلص متوجه 
إلى الله تعالى من المتوكل 

ومن يتوكل على العبيد» فكأنما أشرك بالله غيره» فكن عن العبيد حائداء ومن عونم يائساء أليس كل ما 
عندهم ينفد» وما عند الله باق لا يفيئ ولا يبيد» إذ لا حد لخزائنه؟ 


622 آل عمران37 


623 الشيخ تاج الدين بن زكريا العثماني مخطوطة آداب المريدين 
321 





وكلت عليا الله يا نمسي ليتنع مع الهوى 
مازلت بي توسويت ١‏ حتى ورلحتين فى الهوا 


كل عنزايمي تفرت ‏ تمنين باللغوا 


يقول: كلت أمرك يا نفسي إلى الله تعالى» فقد أذللتئ أنت وال مهوى» ولا زلت توسوسين بي» حي ورطتئ في 
المواء والسراب» في كل ليلة لك عرسء فأنت مجنونة ولا دواء لجنونك 

كسرت كل عزائمي» ومنيتي بالتفاهات والفراغ 

والمعى: يقول الله تعالى: "وما أبرى» نفصيء إن النفس لأمارة بالموء إلا ما رجم رييء إن ريه فور 
624 


رحهيم 
ويقول تعالى: "والعين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجنون في صورهم 
0 625 

وقال سبحانه: "أرايت من اتهه إلههة هواه أفأنت تحون عليه 57 


الكلام على النفس الأمارة بالسوء 

يقول الشيخ عبد القادر الليلي: النفس تسمى في الاصطلاح على خمسة أضرب: نفس حيوانية» ونفس أمارة» 
ونفس ملهمة» ونفس لوامة» ونفس مطمئنة؛ وكلها أسماء الروح؛ إذ ليس حقيقة النفس إلا الروح» وليس 
حقيقة الروح إلا الحق» فافهم 

فالنفس الحيوانية: تطلق على الروح باعتبار تدبيرها البدن فقطء وأما الفلسفيون» فالنفس الحيوانية عندهم هي 
الدم الجاري في العروق» وليس هذا بمذهبنا 

ثم النفس الأمارة: تسمى بهء باعتبار ما يأتيه من المقتضيات الطبيعية الشهوانية» بالانهماك في الملاذ الحيوانية» 
وعدم المبالاة بالأوامر والنواهي 


024 يوشت 53 


625 الحشر 09 
6 الفرقان 43 
322 





ثم النفس الملهمة: تسمى به» باعتبار ما يلهمها الله تعالى به من الخير» فكل ما تفعله النفس من الخير هو بالإلهام 
الإلممي» وكل ما تفعله من الشرء هو بالاقتضاء الطبيعي» وذلك الاقتضاء منهاء يمثابة الأمر لما بالفعل» فكأها 
هي الأمارة لنفسهاء بفعل تلك المقتضيات» فلهذا ميت أمارة» وللإلهام الإلممي ميت ملهمة 

ثم النفس اللوامة: ميت بهء باعتبار أخذها في الرجوع والإقلاع» فكأنها تلوم نفسها على الخنوض في تلك 
المهالك» فلهذا سميت لوامة 

ثم النفس المطمئنة: ميت بهء باعتبار سكوفا إلى الحق واطمئنانها به» وذلك إذا قطعت الأفعال المذمومة رأساء 
والخواطر المذمومة مطلقاء فإنه مى لم تنقطع عنها الخواطر المذمومة» لا تسمى مطمئنة» بل هي لوامة, ثم إذا 
انقطعت الخواطر المذمومة مطلقاء تسمى: مطمئنة» ثم إذا ظهر على جسدها الآثار الروحية من طي الأرض 
وعلم الغيب» وأمثال ذلك» فليس لها اسم إلا الروح. انتهىي 620 

ويقول الشيخ أحمد زروق: النفس: هي الروح, إذا ما هبطت إلى (عالم الأحسام)» وأصبحت سجينة المادة» 
ونسيت كلما هو خير ومتعال. ثم انغمست في عالم الرغبة والشهوة» مكبلة بحاحات الجمسد الذي يقودها في 
كل حركة من ح ركاتها. انتهى 6283© 

يقول الإمام الغزالي: النفس: هي اللطيفة المدركة, العالمة الطاهرة الربانية الخارجة عن صفة النفخة» والمشار 
إليها بالرووح. انتهى 6629 

ويقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: النفس بحبولة على سوء الأدب» والعبد مأمور يملازمة حسن 
الأدب» والنفس تحري بطبعها في ميدان المحالفة» والعبد يجهد بردها عن سوء المطالبة» فم أطلق عنافاء» فهو 
شريك في فسادهاء ومن أعان نفسه في هوى نفسه» فقد أشرك نفسه في قتل نفسه. انتهى 6313 

قال أبو الفتح: وقد أوهم كل من سيدي عبد القادر الحيلي» وسيدي أحمد زروق؛ وسيدي الإمام أبو حامد 
الغزالي» رحمهم الله تعالى» قلت: قد أوهموا حين ظنوا أن الروح هي النفس» وممن خلط بينهما كثير من العلماء 
والعارفين» إلا أننا قد فرقنا بينهما في كتابنا السوانح: 

فقد قلنا: الرب والروح, والملك» والشيطان والجن» والجسد والنفس والقرين والحوىء ثم الدنيا 

فمن حيث الماهية: الرب والروح لاهوتء والملك نور» والشيطان والجن نار» واللجسد والنفس والقرين والهوى 


حمأ مسنونء والدنيا فهمتء أي نار وهواء وماء وتراب 


7- الشيخ عبد الكريم الحيلي الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل. كستران 

8- علي فهمي خشيم أحمد زروق والزروقية (بتصرف). كسيران 

9- الإمام الغزاللي سر العالمين وكشف ما في الدارين. كستران 

0- أحمد كاظم البهادلي من هدي النبي والعترة في قهذيب النفس وآداب العشرة (القسم الأول). كستران 
3223 





"وإء قال ربطة للملايحة إن خالق بشرا من طصال من حمل مسنون فإءا سويته ونفخت فيه من روي 

0000 

إذا كان الله مصدر الروح» وهي منه ليست إياه» وهما واحد لا ينشطرء واثنان في وحدة, يتوحد دونًا ولا 

تتوحد معهء فهي نفخة من روحهء ينفخها الروح الأول بأمر مولاه» والروح الأول هو مصدرهاء والنفخة 

ليست طرفا منه» وإنما هي أثره» وهو أثر من مولاه» ولا يخلو الأثر من ريح صاحبهء وحاشا لله أن تكون 

الروح طرفا منه» وهو سبحانه لا يتجزأء وإنما هي تحمل سر الألوهية» بما نفخحت من روح ذات الإله» وليست 

إلهاء وإِنما هي تابعة للإله» بل هي من أمره: 

'ويصألونة عن الروح؛ قل الروح من أمرربب وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". ‏ انتهى 

ثم قلت: وقد خلق الله تعالى الجمسد أول ما خلقه. وسواه وأمده .ما يهيؤه للخير والشر على حد سواء 

"ونفص وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وق خاب من اساها" 634 

أما النفس» فما هي سوى حياة الجسد» بل هي حرارته. 

والنفس غير الروح فيما ذهبنا إليه. 

وقد حرحت النفوس من نفس واحدة؛ "وهو العي أنشأحم من نفس وإحاة فمستقر ومستويع 

وإن شئت قلت: النفس عقل الحسدء لا تفكر سوى بطبعه؛ فيما يرغب فيه أو يرغب عنه» على حسب طبيعة 

التراب. 

"وما أبرى: نفسيء إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رجحم ربيء إن رب فور رحيم 

أما الروح» فهي سجينة في الجسد, وهي شاهدة لما يفعل بأمر النفس» لا تستطيع أن تثنيه عن فعله» وإن كانت 

تلوح لهء وقد ينثئ بتلويحهاء وقد يتجاهل ما تقول. 

وقد تؤثر الروح في النفس» فتأحذ هذه من تلك ما يصلح حاها ويقرها إلى مولاهاء فتحظى برضاهء "2 أقصم 
٠‏ 637 


بالنفس اللوامة". 


633 632 ٠ 


635 ٠ 


636 ٠ 


631 المجر29-28 
2 الإسراء85 
5 سوانح المخنواطر في كوامن السرائر 
* الشمس 10-07 
5 الأنعام 99 
6 يوسق 53 
7 القيامة 02 
324 





اه 638 
يا أيتها النفس المضينة ارجعي إلى ربحة راضيغة مرضيخ فاحخلي في عباءي واحخلي جنتي . 


وقد نفخ الله تعالى الروح في الجسدء بعد تسويته» فلم يسجد ملائكته الكرام للجسد بعد تسويته, إذ لا 
يستحق السجود بذلك وحده. وإنما أسجدهم بعد أن نفخ فيه من روحه 
"وإء قال ربحة للملايحة إن خالق بشرا من طصال من حمإٍ مسنون فإءا صويته ونفخت فيه من روحي 
0 
وقد نفخها روا فيه راضية مرضية مطمئنة» لا قبل للنفس بتلويثهاء أو صدها عن هداها. 
النفس عنوان الحسد ‏ تحري ‏ به فيما ‏ قصد 
يجى ييما في كونه حرا ولكن في كبد 

ا ا ل ا ين 
والروح لا تغادر الجسد» بل هو الذي يغادرها مى بطل وماتء فإذا نام» انطلقت في اللآهوت تستريح من 
سجنه وتتطهر من درنه» وإذا انحذب تاهتء وإذا مات رحعت إلى باريها نقية صافية» كما جاءت أول مرة. 
فإن قلت: فأين المكلف من المكلف؟ فإذا كان الجسد ونفسه من أصل التراب» وسيعودان ترابا» والروح تبقى 
نقية طاهرة لا تذنب» ولا حساب عليهاء ففيم الجزاء وفيم العقاب؟ 

مدى بيا لو عرفت حسابي ما يغيب علي بالعرف كتابي 

ما خط اللوح فى غيابي دريتو واكشفت حجابي 

إل ' كنت تفن . بق . قيابي.. ٠‏ :مالة الزوجع: شاد باعداق 545 
قلت: عندي جوابك: 
إذا كانت الروح في جسدها تألم وتتحسر لما تفتيه النفس على الجسد من معاص» وتفرح وتنتشي بالطاعات 
والسبيح» فالفاعل الجسدء والمكافأ بحسن الفعل وقبحه النفسء والأمر في الدنيا مثل الأمر في الآخرة. 
إذ الجسد يعذب وتتألم النفس» أو ينعم وتتمتع. 
"وتو ترق إن الكمالمورن :قي غمرات المرة والملتيكة باهر ايديم اغرهن ات 5 05 


5 الفجر 32-30 
7 الحجر 29-28 
مولت 
'*؟ المولت 
2 الأنعام94 
سوانح المخنواطر في كوامن السرائر 
2325 





أحصفى عنم كيه الملعوني بلاكب غص) ‏ الكنيا 
الكنيا خخيرك فى العيوني تتفلب ‏ كيىف اليه 


عمر رات بالشلصن بلافك بالىب بيه 
ما زلت بالكنيا معتون كلهم غاماوا علي 


يقول: اصرف عبن كيد الملعون» وهو الشيطان الرحيم» فقد أغوانيٍ بحب الدنياء ما أشد حضرة الدنيا في 
العيون» إلا أنما تتقلب كما تتقلب الحية الرقطاءء ملا لعنة الله تعالى عليه» رأسي بال مواجس» وتسبب لي عن 
طريق وسوسته بيء في ألف بلية 
لازلت بالدنيا مفتونا» كيف الخلاص» وكل من الشيطان والدنيا تظاهرا علي؟ 
والمععئ: عن أبي سعيد الخدري عن البي يَيلَّه » قال "إن الدنيا حلوة حضرة» وإن الله مستخلفكم فيهاء فينظر 
كيف تعملونء فاتقوا الدنيا واتقوا النساء» فإن أول فتنة ب إسرائيل كانت في النساء". وفي حديث بشار: 
"لينظر كيف تعملون". رواه مسلم 

644 ٠ 


قال سبحانه: "وما هذل الحياة الذنيا إلا لهو ولعب». وإن الذار الآخرة لهي الحيوان لو حانوا يعلمون". 


الكلام على إبليس لعنه الله تعالى 
يقول الله تعالى: "إن الشيهان لكم عكر فاتهدوه عنواء إنما ينعو حزبه ليكونوا من أصعاب 
ل 
إني ابتليت بأربع ما سلطوا إلا لشدة شقوت وعنائي 
إبليس2 والدنيا ونفسي والحوى كيف الخلاص وكلهم أعدائي 
أرى الحوى تدعو إليه خواطري في ظلمة الشهوات والآراء .616 
ومن مجحاهدة النفس والشيطان» تظهر الكرامات الحقيقية بالكفاية» والحداية» والحفظ من الضلال والغواية. 


انتتهى (647) 


6044 العنكبوت 64 
60045 فاطر» 
7 مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب 
7 الفتوحات الإلحية في شرح المباحث الأصلية. كستران 
326 





يقول الشيخ الأكبر ابن عربي: يستعان على الشيطان بثلاث: 

تعرف مكائده؛ وترك الاعتناء بوسوسته؛ وإدمان ذكر الله. انتهى(648) 

ويقول الشيخ ابن عباد الرندي: قيل لبعض العارفين: كيف مجحاهدتك للشيطان؟ 

فقال: وما الشيطان؟ نحن قوم صرفنا هممنا إليه» فكفانا من دونه. انتهى649) 

ويقول ابن عطاء الله: فقد فهمت رحمك الله» أن الشيطان أحقر في قلووهم من أن يضيفوا إليه قدرة» أو ينسبوا 
له إرادة. 

وسر الحكمة في إيجاد الشيطان» أن يكون مظهرا ينسب إليه سباب العصيان» ووجود الكفران والغفلة 


والنسيان» ألم تسمع قوله: "وما أنصانية إلا الي 501/1 


وقع مو عمل ال 5 
فكان سر إيجاده» ليمسح فيه أوساخ النسبء ولذلك قال بعض العارفين: "الشيطان منديل هذه الدار» يمسح به 
وسخ المعاصي» وكل قبيح وخبيثء إن الله تعالى لو شاء أن لا يعصىء لما خلق إبليس. 

وقال الشيخ أبو الحسن رحمه الله تعالى: الشيطان كالذكرء والنفس كالأنثى» وحدوث الذنب بينهما كحدوث 
الولد بين الأب والأم, لا أنهما أوجداه» ولكن عنهما كان ظهوره. 

ومعيئ كلام الشيخ هذاء أنه كما لا يشك عاقل أن الولد ليس من خلق الأب والأم» ولا من إيجادهماء ونسب 
إليهما لظهوره عنهماء كذلك لا يشك مؤمن, أن المعصية ليست من خلق الشيطان والنفس» بل كانت عنهماء 
لا منهماء فلظهورها عنهما نسبت إليهما. 

فنسبة المعصية إلى الشيطان والنفس؛ نسبة إضافة وإسناد» ونسبتها إلى الله» نسبة نلق وإيجاد. كما أنه خخالق 
الطاعة بفضله. كذلك هو خالق المعصية بعدله. 


5 1 652 
وقال الله تعالى: "الله خالق كل 0 


ولف سف نر لفل هن الو و 


8- الشيخ ابن عربي شجون المسجون وفنون المفتون. كستران 
9- الشيخ ابن عباد الرندي غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية. كستران 
7 الكهف62 
21 القصص14 
7 النساء 77 
© الزمر59 
327 





| 655 656 
انتهى 


وقال سبحانه وتعالى: "أفمن يخلق كمن لا يخلق؛ أفلا تعكرون". 


6:4 فاطر3 
655 النحل17 
“* التنوير في إسقاط التدبير 
228 





استعاذة أبي الفح الجعفي 
بسم الله الرحمن الرحيم وكلى الله وسلم على سيدنا محمه ووالة وصعيه 
"حمء تفزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الئنب وقابل التوب شديد العقاب غي الضورلء لا إلن إلا 
هى إليه المحير". 037 
سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك امك وتعالى حدك ولا إله غيرك 
سورة الفاتحة 
الإخلاص 
المعوذتان 
آيات الكرسي 
أتيتك مستجيرا بجوارك يا رحمن» فأحرن من الهم والأحزان» وقئ شح نفسي يا حنان يا منان» واكفئ شياطين 
الإنس واللجان 
اكتب في عبادك المخلصين» ولا تخعل للشيطان بسلطانك الذي لا يضاهيه سلطان علي من سلطان 
بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم 
أعوذ بوجه الله الكريم» وبكلمات الله التامات» اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاحر» من شر ما ينزل من السماء 
وشر ما يعرج فيهاء وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منهاء ومن فتن الليل والنهار» ومن طوارق الليل إلا 
طارقا يطرق بخيرء يا رحمن. 
أعوذ بكلمات الله التامة» من كل شيطان وهامة» ومن كل عين لامة 
تحصنت بلا إله إلا الله فأمنت من السحر والعين والنظرة والفزع والأحزان» وكفيت أعادي من الإنس والجحان 


"فلما ألقوا قال موسى ما جيتم به السحرء إن الله سيبض؛. إن الله لا يطح عمل ا 0 
"فارجع البصر هل ترى من فهور؛ ثم ارجع البصركرتين ينقلب إلينا البص خاسيا وه و حمير" 657 
"وقل رب أعوء بحا من همزات الشيافهين وأعوء بح رب أن يحضرون" "0 

وتعممت بعزة حبروت: "لمن الملة اليوم ريو" 71 واشضلت بوقاية نصرة: "إلا تفصو فقد نصره 
5 

627 غافر 2-1 

68 يونس81 


9 املك 04-03 
9 المومنون 99-98 
2329 





ا ١‏ 663 
ورفلت في كفاية منة: "عله فضل الله . 


ما ظنك بعبد سيده الله؟ لا يخشى سواهء ما زال في حماه» م دعاه أجاب دعاهء ونصره ووالاه على من عاداه 


664 ٠ "١ 


"آمن الرصول بما أنزل إلهه من ريه والمومنون» كل آمن بالله وملايكتة وكتبة ورسلة؛ لا نفرق بين 

أحد من رسصلكء وقالوا ممعفنا وأصفناء غفرانئط ربنا وإليدة المصرء لا يحلق الله نفسا إلا وسعهاء لها ما 

حسبت؛. وعليها ما احتمبت. ربفا لا تواهكنا إن نسينا أو أخغطأناء ربنا ولا تحمل علينا إلا حما 

حملته على الكين من قبلناء ربنا ولا تحملنا ما لا حاقة لنا به. واعق عفاء واغفر لفاء وارحمناء أنت 
٠‏ 665 

مولانا فانص نا على القوم الكافرين". 


'©؟ غافر15 
2 التوبة40 
إلبديد20 
4 الأعراف 196 
5 البقرة285-284 
23130 





7 قاله الإمام أبو حامد في الدنيا وتقلبها 
يقول الإمام ابو حامد الغزالي: الحمد لله الذي عرف أولياءه غوائل الدنيا وآفاتهاء وكشف لهم عن عيوبًا 
وعوراتهاء ححى نظروا في شواهدها وآياتهاء ووزنوا بحسناتها سيئاتما» فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفهاء ولا 
يفي مرجوها ممخوفهاء ولا يسلم طلوعها من كسوفها؛ ولكنها في صورة امرأة مليحة تستميل الناس بجمالاء 
ولا أسرار سوء قبائح تملك الراغبين ف وصااء ثم هي فرارة عن طلابماء شحيحة بإقبالهاء وإذا أقبلت لم يؤمن 
شرها ووبالحاء إن أحسنت ساعة أساءت سنة» وإن أساءت مرة جعلتها سنة» فدوائر إقبالها على التقارب دائرة» 
وتحارة بنيها حاسرة بائرة» وآفاتها على التواللي لصدور طلابما راشقة» وبحاري أحوالما بذل طالبيها ناطقة» فكل 
مغرور بما إلى الذل مصيره» وكل متكبر يما إلى التحسر مسيره» شأفها الهحرب من طالبها والطلب لماريهاء ومن 
خدمها فاتته» ومن أعرض عنها واتته؛ لا يخلو صفوها عن شوائب الكدورات» ولا ينفك سرورها عن 
المنغصاتء سلامتها تعقب السقمء وشبابها يسوق إلى الحرم» ونعيمها لا يثمر إلا الحسرة والندم؛ فهي خداعة 
مكارة طيارة فرارة؛ لا تزال تتزين لطلابماء حب إذا صاروا من أحباهماء كشرت لهم عن أنيايهما» وشوشت 
عليهم مناظم أسبابماء وكشفت لهم عن مكنون عجائبهاء فأذاقتهم قواتل سمامهاء ورشقتهم بصوائب سهامها؛ 
بينما أصحابها منها ف سرور وإنعام» إذ ولت عنهم كأمًا أضغاث أحلام, ثم عكرت عليهم بدواهيهاء 
فطحنتهم طحن الحصيدء ووارقم في أكفافهم تحت الصعيد؛ إن ملكت واحدا منهم جميع ما طلعت عليه 
الشمس» جعلته حصيدا كأن لم يغن بالأمس, تمن أصحابها سرورا وتعدهم غروراء حى يأملوا كثيرا ويبنوا 
قصوراء فتصبح قصورهم قبورا وجمعهم بوراء وسعيهم هباء منثوراء ودعاؤهم ثبوراء هذه صفتهاء وكان أمر 
الله قدرا مقدورا. والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله؛ المرسل إلى العالمين بشيرا ونذيرا وسراجا منيراء 
وعلى من كان من أهله وأصحابه له في الدين ظهيراء وعلى الظالمين نصيراء وسلم تسليما كثيرا. انتهى 666 
عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: مر رسول الله عَيكثُم بذي الحليفة» فرأى شاة شائلة برجلهاء فقال: 
"أترون هذه الشاة هينة على صاحبها", قالوا: نعم؛ قال: "والذي نفسي بيده» للدنيا أهون على الله من هذه 
على صاحبهاء ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء". رواه الحاكم ف 
المستدرك 
وقال علي بن أبي طالب: ارتحلت الدنيا مدبرة» وارتحلت الآخرة مقبلة» ولكل واحدة منهما بنون» فكونوا من 


أبناء الآخرة» ولا تكونوا من أبناء الدنياء فإن اليوم عمل ولا حساب» وغدا حساب ولا عمل. انتهىه67 


666 ِنَجَيَاءٍ علوم الدين 
667 هج البلاغة 
3231 





عن عبد الله قال: نام رسول الله عَيلتُّم على حصيرء فقام وقد أثر في جنبه فقلنا: يا رسول الله» لو اتخذنا لك 
وطاء؟ فقال: "ما لي وما للدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة:؛ ثم راح وتركها". رواه الترمذي 


وقال: هذا حديث حسن صحيح 


الكلام على مقام التسليم 


لما تعوكل صلم لابك من القعريب 
المبوكل ما يسلم ‏ من حههة المكاتيب 
ما تعايض وه تكلم فابل افكارو بالتعرحيب) 
فين ما وخعطا الرم اثبت فى الشكك 9 تريب 


ثم يباشر الشيخ الكلام على المقام الثالث» ويقول: إذا صح توكلك دلفت إلى التسليم» ومى سلمت ابتلاك 
وحربكء فلا يظن المتوكل أنه بعيد عن الاختبار» بل لا بد له من اصطلاء حر ما حجرت به الأقدار والمكاتيب» 
ومى ابتلاك الباري عز وحلء فإياك أن تعارض أو تتكلم» بل قابل أقداره بالترحيب» وحيثما وضعك فالزم 
واثبت في الشدة» ولا تتهاوى وتنهار كالسور القديم 

وإذا صح توكلككء فعليك بالتسليم» والتسليم غاية التوكل وثمرته» فاصبر في هذا المقام حين يوتيكه الله» فإن 
المسلم لا بد له من الابتلاء والتتجريب 

والمعيق: قال تعالى: سارك بحي كن الحوى :والضت “وتقص رهن باهر ال وانانكدن والقموات "وبري 
الصابرين الكين إءا أصحابتهم محيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون» أولية عليهم وات من ربهم 
ورحمك. وأولية هم المهتكون". 09 
فلا تعترض على قضاء الله وارض هما أقامك فيه وصرفك» تكن من المهتدين 
ولا تختر لنفسك شيئاء بل اترك الاختيار لله الواحد الأحد 


قال تعالى: "وربة يخلق ما يشاء ويختارما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركحون” 607 


8" البقرة156-154 
669 اله 68 
2312 





قال ابن عطاء الله: والذي يقتضيه الحق منكء أن تمكث حيث أقامك؛» حي يكون الحق تعالى هو الذي يتولى 
إخراحك» كما تولى إدخالك» وليس الشأنء أن تترك السببء إنما الشأن أن يتركك السبب. قال بعضهم: 
تراكتك الست كذ كذ اعرف فعلات إليه م ترك الننيت ذلى اعد اليد 51 

وروي أن إبليس سأل الإمام الشافعي رضي الله عنه: ما قولك فيمن خلقئ كما اختار» واستعملئ فيما 
احتار» وبعد ذلكء؛ إن شاء أدحلين الجنة» وإن شاء أدحلئ النار» أعدل في ذلك أم جار؟ 

فنظر في كلامه, ثم قال: يا هذاء إن كان خلقك لما تريد أنت» فقد ظلمكء؛ وإن كان حلقك لما يريد هوء فلا 
يسأل عما يفعل وهم يسألون. فاضمحل إلى أن صار لا شيء, ثم قال: والله» يا شافعي» لقد أخرحت ,عسألي 
هذه» سبعين ألف عابد من ديوان العبودية إلى ديوان الزندقة. انتهى 671 

فرعا إذا اعترضت على ما اختاره لك» واخترت لنفسكء أوكلك إلى ما اخترته» فعاد عليك اختيارك بالحيرة 
والتيه والندامة 

إذا جعت فلا تشك منه؛ فإن الجوع والفقر شعار الصالحين» وسنة خير المرسلين 

قال في منازل السائرين: قال الله عز وحل: "فلا وربحة لا يؤمنون حتى يحكموية فيما ضجر بينهم ثم لا 
يجنوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تمليما" 677 

وفي التسليم والثقة والتفويض ما في التوكل من الاعتلال» وهو من أعلى درجات سبيل العامة» وهو على ثلاث 
درجات: 

الدرجة الأولى: تسليم ما يزاحم العقول مما يشق على الأوهام من الغيب» والإذعان لما يغالب القياس من سير 
الدول والقسمء والإجابة لما يفزع المريد من ركوب الأحوال. 

والدرجة الثانية: تسليم العلم إلى الحال والقصد إلى الكشف»ء والرسم إلى الحقيقة. 

والدرحة الثالثة: تسليم ما دون الحق إلى الحق مع السلامة من رؤية التسليم؛ .معاينة تسليم الحق إياك إليه. 


0 673 
انتهى 


"” التنوير في إسقاط التدبير 
'7© مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب 
2 النساء 64 
2133 





وياك يا ولكوي غبار مولاك- يعرف حوبا 
إلى أضرتع قار تمكي من لي كابا 
اصر علق الاخار (ؤ أرضى2 بمكتابا 
افق" يكون ٠‏ ل1". الشعان 1١‏ البفن ااتعاو "من اغبانا 


يقول: إياك يا ولدي أن تختار لنفسكء أترك لربك الأمر» فهو أدرى ما يصلحك ويصلح لك» وإن اخترت» 
فسوف تحتار وتشكو مما أصابكء اصبر على الأضرار وارض يما كتبه الله تعالى لك وعليكء واجعل الجوع لك 
شعاراء وأما الفقر فليكن ضمن أحبابك 
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه: لن يصل الولي إلى الله ومعه شهوة من شهواته أو تدبير من تدبيراته» أو 
اختيار من اتحتياراته. انتهى 671 

الكلام على التسليم ومجائبة الاختيار 
1 0 65 
بينهم ثم لا يجنوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما . 
١ 1 :‏ 676 
وقال تعالى: "أم للانسان ما تمنىء فلله الاخرة والاولى'. 
وقال يلم : "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباء وبالاسلام ديناء وكحمد علد نبيا ورسولا". وقال يلم : 
"أعبد الله بالرضاء فإن لم تستطع ففي الصبر على ما تكره خير كثير". 
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديثء الدالة على ترك التدبير ومنازعة المقادير» إما نصا صريحاء وإما إشارة 
وتلويحا. 
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: إن كان ولا بد من التدبير» فدبروا أن لا تدبروا. 
وقال أيضا: لا تختر من أمرك شيئاء واحتر أن لا تختار» وفر من ذلك المختار» ومن فرارك» ومن كل شيء 


سِ لل 677ل ا ع 0 
إلى الله تعالى» وربة يخلق ما يشاء ويختار". 2 فقوله تعالى في الاية الأولى: "فلا وربحة 2 يومنون حتى 


لطائف المنن 
5 النساء 64 
النجم25-24 
7" القصص 68 
2334 





بمصبونة نينا خض ينيم م 3 وكوي انهم رما سما قطيت: ويمللمو] تدروين" "نيه ولالف على 


أن الإبمان الحقيقي لا يحصل إلا لمن حكم الله ورسوله َلثم على نفسه. قولا وفعلاء وأخذا وتركاء وحبا 
وبغضاء ويشمل ذلك حكم التكليف وحكم التصريفء والتسليم والانقياد واحب على كل مؤمن في 
كليهما. انتهى ”677 


حددث تعلبة بن حاطب وإخلافه وعده 

قال الله تعالى: "ومنهم من عاهك الله لين آتانا من فضلة لنصقن ولنكونن من الصالحين؛ فلما آتاهم 
من فضلة بخلوا به وتولوا ودهم معرخونء فأعقبهم نفاقا في قلويهم إلى يوم يلقونة بما أخلفوا الله ما 
وعكوك وبما كانوا يكدبون» ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن اللك علام الغيوب" "67 
يقول الحافظ ابن كثير: وقد ذكر كثير من المفسرين» منهم ابن عباس والحسن البصري» أن سبب نزول هذه 
الآية الكررعة» في ثعلبة بن حاطب الأنصاري؛» وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير ههناء وابن أبي حاتم من 
حديث معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن؛ مولى عبد الرحمن بن يزيد 
ابن معاوية» عن أبي أمامة الباهلي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاريء أنه قال لرسول الله ميتم : ادع الله أن يرزقئي 
مالاء قال: فقال رسول الله عَيكُمْ : "ويحك يا ثعلبة» قليل تؤدي شكره. خير من كثير لا تطيقه". قال: ثم قال 
مرة أخرى» فقال: "أما ترضى أن تكون مثل ني الله؟ فو الذي نفسي بيده» لو شكت أن تسير الحبال معي ذهبا 
وفضة لسارت". قال: والذي بعئك بالحق» لئن دعوت الله فرزقئ مالاء لأعطين كل ذي حق حقه. فقال 
رسول الله يَيْكُّمْ: "اللهم ارزق ثعلبة مالا". قال: فاتخذ غنماء فنمت كما ينمو الدود» فضاقت عليه المدينة» 
فتنحى عنهاء فتزل واديا من أوديتها» حى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهماء ثم نمت 
وكثرت» فتنحى حى ترك الصلوات إلا الجمعة» وهي تنمو كما ينمو الدود حى ترك الجمعة» فطفق يتلقى 
الركبان يوم الجمعة ليسألهم عن الأخبار» فقال رسول الله عَيثُمْ : "ما فعل تعلبة؟" فقالوا: يا رسول الله اتخذ 
غنما فضاقت عليه المدينة» فأحبروه بأمره» فقال: "يا ويح ثعلبة» يا ويح تعلبة» يا ويح تعلبة". 

وأنزل الله حل ثناؤه: "خد من أموالهم صدقة الآية", ونزلت فرائض الصدقة؛ فبعث رسول الله مَيكثم رجلين 
على الصدقة من المسلمين» رحلا من جهينة ورجلا من سليم» وكتب لما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين» 
وقال لهما: "مرا بثعلبة وبفلان» رجحل من بن سليمء فخذا صدقاقهما". فخرجا حي أتيا ثعلبة» فسألاه الصدقة» 


8 النساء64 
7 التنوير في إسقاط التدبير 
7" التوبة79-76 
235 





وأقرآه كتاب رسول الله يَيْلثَمْ » فقال: ما هذه إلا جزية» ما هذه إلا أت الحزية» ما أدري ما هذا؟ انطلتقا 
حن تفرغا ثم عودا إلي. فانطلقاء ومع يما السلمي» فنظر إلى خيار أسنان إبله» فعزلها للصدقة؛ ثم استقبلهما 
حماء فلما رأوها قالوا: ما يحب عليك هذاء وما نريد أن نأحذ هذا منكء فقال: بلى» فخذوهاء فإن نفسي 
بذلك طيبة» وإنما هي لله. فأخذاها منه» ومرا على الناس» فأخذا الصدقاتء ثم رجعا إلى تعلبة» فقال: أروني 
كتابكماء فقرأه فقال: ما هذه إلا جزية» ما هذه إلا أحت الجزية» انطلقا حى أرى رأبي» فانطلقا حى أتيا البي 
يَلكَّم؛ فلما رآهما قال: "يا ويح ثعلبة" قبل أن يكلمهماء ودعا للسلمي بالبركة» فأخبراه بالذي صنع ثعلبة» 
والذي صنع السلميء فأنزل الله عز وحل: "ومفهم من عاهد الله لين آتانا من فضلة لنصقن الآية". قال: 
وعند رسول الله لم . رجحل من أقارب ثعلبة» فسمع ذلك» فخرج حت أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة» قد أنزل 
الله فيك كذا وكذاء فخرج ثعلبة حي أتى البي يكم فسأله أن يقبل منه صدقته» فقال: "ويحكء إن الله منعئي 
أن أقبل منك صدقتك": فجعل يحثو على رأسه التراب» فقال له رسول الله عَيلُمُ : "هذا عملكء قد أمرتك فلم 
تطعي"؛ فلما أبى رسول الله َيكم أن يقبل صدقته رجع إلى منزله» فقبض رسول الله عَيَكم» ولم يقبل منه شيئا. 
ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلفء فقال: قد علمت مترلي من رسول الله يلم وموضعي من 
الأنصار» فاقبل صدقيء فقال أبو بكر: لم يقبلها منك رسول الله مُه وأبى أن يقبلها. فقبض أبو بكر ولم 
فلما ولي عمر رضي الله عنى أتاه فقال: يا أمير المؤمنين» اقبل صدقيء فقال: لم يقبلها رسول الله يَيَلُمْ ولا 
أبو بكر وأنا أقبلها منك؟ فقبض ولم يقبلها. فلما ولي عثمان رضي الله عنه» أتاه فقال: اقبل صدققء فقال: لم 
يقبلها رسول الله يَيْلنّم» ولا أبو بكرء ولا عمرء وأنا أقبلها منك؟ فلم يقبلها منه. فهلك تعلبة في خلافة عثمان. 


0 681 
انتهى 


651 تفسيو ابن كثير 
336 





الكلام على الصبر عند البلاء 
قال في منازل السائرين: باب الصبر 
قال للع وك و السو رومن ييل 0 
الصبر حبس النفس على جزع كامن عن الشكوى؛ وهو أيضا من أصعب المنازل على العامة» وأوحشها في 
طريق المحبة» وأنكرها في طريق التوحيد» وهو على ثلاث درجات: 
الدرحة الأولى: الصبر عن المعصية ,ممطالعة الوعيد» إبقاء على الإبمان» وحذرا من الجزاء» وأحسن منها الصبر 
عن المعصية حياء 
والدرجة الثانية: الصبر على الطاعة» بالحافظة عليها دواماء وبرعايتها إخلاصاء وبتحسينها علما 
والدرحة الثالثة: الصبر في البلاء» ملاحظة حسن الجزاء» وانتظار روح الفرج» وقهوين البلية» بعد أيادي المنن» 
وتذكر سوالف النعم 
وفي هذه الدرحات الثلاث من الصبر نزلت: "احبروا". يعين في البلاء» "وجابروا"» يعي عن المعصية» 
"ورابضوا",””” يعن على الطاعة 
وأضعف الصبرء الصبر لله» وهو صبر العامة 
وفوقه الصبر بالله؛ وهو صبر المريدء وفوقهما الصبر على الله وهو صبر السالك. انتهى 6*8 
قال في مرآة ا نحاسن: ومنها: فصل من كتاب آخر: وصلنا مكتوبك معرفا بحالك وما أصابكء فتأملنا ذلك» 
وتحقق عندنا أنك مظلوم؛ فعليك بالصبر ولا تجزعء وارجع إلى الله والله تعالى يثيبك على قدر ذلك» ويعينك 
في أمورك. على أن هذه المصائب للعبد المؤمن خير له إن صبرء فهي على كل حالء لو علم» منحة وإن كانت 
في الظاهر محنة» فان لم توجب تخصيصا؛ توجب تمحيصا. وفي الحديث: "إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه؛ فإن صبر 
اجتباه» وإن رضي اصطفاه". وفي الحديث أيضا: يقول الله تعالى: "إذا ابتليت عبدي المؤمن فتلقى ذلك بصبر 
جميل» استحييت أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا"» فهذه المصائب للعبد تمحيص لذنبه وتخليص لعيبه» 
وتخصيص لقلبه؛ فمن اعتبر هذا وأحراه على ضميره» يجد لا محالة راحة» وينقلب الضر نعمة» ولا يزال العبد 
بين تخليص وتمحيص حن يفضي إلى الآخرة ولا ذنب عليه» وكل ذلك منوط بالصبر» وإلا اجتمعت عليه 


622 النحل27 


7 قال الله تعالى في سورة آل عمران: "يا أيها العين آمنوا اصمبروا وصابروا ورابصا واتقوا الله لعلكم تفلحون". 
آيةم 200 


دبول السباتويلة 
337 





مصيبتان: وجحود الضر وفقد الأحر. والرزق اثنان: معجل ومؤجحل» فما يلائمه: حظ معاشه. وما يؤلمه رزق 


معاده» فاختر ما يبقى على ما يفيئ» والآخرة ير وأبقى. انتهى 685 


الكلام على الرضا 

يقول ابن عطاء الله: والرضا اسم للوقوف الصادق» حيث ما وقف العبد لا يلتمس متقدما ولا متأخراء ولا 
يستزيد مزيدا ولا يستبدل حالا 

وهو من أوائل مسالك أهل المخصوص وأشقها على العامة» وهو على ثلاث درجات: 

الدرجة الأولى: رضا العامة» وهو الرضا بالله ربا بسخط عبادة ما دونه. 

وهذا قطب رحى الإسلام» وهو يطهر من الشرك الأكبر 

وهو يصح بثلاث شرائط: 

أن يكون الله عز وجل أحب الأشياء إلى العبد» وأولى الأشياء بالتعظيم» وأحق الأشياء بالطاعة 

والدرجة الثانية: الرضا عن الله عز وجلء ويهذا الرضا نطقت آيات التتزيل» وهو الرضا عنه في كل ما قضى» 
وهذا من أوائل مسالك أهل الخصوص. 

ويصح بثلاث شرائط: باستواء الحالات عند العبد» وبسقوط الخصومة مع الخلق» وبالخلاص من المسألة 
والإلحاح 

والدرجة الثالثة: الرضا برضا الله فلا يرى العبد لنفسه سخطا ولا رضاء فيبعثه على ترك التحكم وحسم 
الاختيار» وإسقاط التمييز ولو أدخل النار. انته 686 

قال ابن عطاء الله: كان رضي الله عنهء أي أبو العباس» يفضل الغ الشاكر عن الفقير الصابر» وهو مذهب ابن 
عطاءء ومذهب أب عبد الله محمد الترمذي الحكيمء ويقول: الشكر صفة أهل الحنة في الجنة» والصبر ليس 
كذلك. ب 887 

عن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه قال: دخحلت على البي يكم وهو محموم» فوضعت يدي من فوق 
القطيفة» فوجدت حرارة الحمى» فقلت: ما أشد حماك يا رسول الله! قال: "إنا كذلك معشر الأنبياء» يضاعف 
علينا الوجع ليضاعف لنا الأحر"» قال: فقلت: يا رسول الم أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء", قلت: ثم 
من؟ قال: "ثم الصالحون» إن كان الرحل ليبتلى بالفقر حى ما يجد إلا العباء فيحويها ويلبسهاء وإن كان 


5 مرآة المحاسن 
58 منازل السائرين 
627 لطائف المنن 
611 





أحدهم ليبتلى بالقمل حى يقتله القمل» وكان ذلك أحب إليهم من العطاء إليكم". رواه الحاكم في المستدرك 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عَيكتَّمْ : "يدحل الفقراء الجنة قبل الأغنياء» بخمس مائة عام؛ نصف يوم". رواه 
الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن مسروق قال: دخلت على عائشة» فدعت لي بطعام» وقالت: ما أشبع من طعام فأشاء أن أبكي إلا 
بكيت» قال: قلت: م؟ قالت: أذكر الحال الي فارق عليها رسول الله مَيكتُمْ الدنياء والله ما شبع من بز ولحم 
مرتين فق يوم. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن ابن عباس قال: كان رسول الله مَيَلُمْ يبيت الليالي المتتابعة طاوياء وأهله لا يجدون عشاءء» وكان أكثر 
خحبزهم خبز الشعير. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ميلم : "الهم اجعل رزق آل محمد قوتا". رواه الترمذي وقال: هذا حنايث حسن 
صحيح 

عن فضالة بن عبيد» أن رسول الله يلتم كان إذا صلى بالناس» يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة» 
وهم أصحاب الصفة» حت يقول الأعراب: هؤلاء مجانين» أو بحانون» فإذا صلى رسول الله يَيلّم. انصرف 
إليهم فقال: "لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاحة". قال فضالة: وأنا يومئذ مع رسول 
الله َو .. زواه الترمذي وقال: هذا حديك بحسن صحيع 

عن ماك بن حرب قال: معت النعمان بن بشير يقول: ألستم في طعام وشراب ما شئتم» لقد رأيت نبيكم 
ّم وما يحد من الدقل ما يملا بطنه. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 

عن مقدام بن معدي كرب قال: سمعت رسول الله يَيكثم يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن» بحسب ابن 
آدم أكلات يقمن صلبه, فإن كان لا محالة» فثلث لطعامه» وثلث لشرابه» وثلث لنفسه". رواه الترمذي وقال: هذا 
جليت سين صحيح 

عن محمد بن خالد عن أبيه عن جدهء وكانت له صحبة من رسول الله يَيككُم» قال: سمحت رسول الله يلم 
يقول: "إن العبد إذا سبقت له من الله عز وجل مترلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جحسده أو في ماله أو في 


ولده» ثم صبره على ذلك حي يبلغه مدزلته الي سبقت له من الله عز وجل". رواه الطبراني في الأوسط 


2339 


لما تستوي بالهكاوي يليا بغموم عخام 
إلىما كان عوك مساوي تعرفى مفاحع سفامم 
إلى تساوة النعام و المبلاوي فيب التغمه فى العماهم 


تاصب الناس فى الزواوي ما عاك علي هكام 


يقول: إذا استويت بالهداوي» وهو المحذوبء ابتلاك الله تعالى كمموم عظامء وإذا لم تساو أوتار عودك» عزفت 
مقاطع سقيمة» وم تساوى لديك النعم والبلاء» أتيت بنغمة تامة» وأطربت الناس في الزواياء ولم يعد شيء 
بعد ذلك يحكمك ويتنحكم فيك؛ وما عدت ترضى بحكم غير حكم الله تعالى» وما عدت تحتكم لسواه 

وإذا سلمت أيها الطالب» ورضيت بقضاء الله تعالى وقدره» ولزمت حيث وضعكء ولم تعترض على ما فيه 
صرفكء فقّد يكرمك العزيز سبحانه» بأن تكون ذا قدم في مقام الاستواء 

وللغوة نقول المافال» "وجا ملع شان وفكري قدا شكبنا رفن رضن وي ال 0 

لما استوى أو الحكم والعلم» فهما قبل الاستواء أمنية تطلب» وهما بعد الاستواء هبة من عند الرب 

قال تعالى: "ومتلهم في الانجيل كزرع أخرج شضاأكه فآزره فاستغلض فاستوى على سوقة يعجب الزراع 
ليغيض بهم الحفارء وعد الله العين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا 0 
لما استوى الزرع أعجب وأغاظ» ولو لم يستو» أعجب من أغاظ وأغاظ من أعجبء فالأولى نصر وتمكين» 
والثانية قهر وتوين 

وقال سبحانه: "غو مراة» فاستوى وهو بالافق الاعلى؛ ثم .نا فتءلى فكان قاب قوسين أو اءنى فأوحجى 
إلى عبد ما أوحىء؛ ما حوب الفؤاء ما 5 


قال أبو الفتح: لما استوى دناء ولما دنا خحوطب وشاهدء ليس بناظريه» بل بفؤاده: "ما حوب الفؤاك ما رأى" . 


8 القصص 13 
الفتح29 
النجم11-6 
310 





الكلام على مقام الاسنواء 
قلت: اعلمء أحي الكريم» وفقئ الله تعالى وإياك لما يحبه ويرضاهء أن مقام الاستواء واسطة المقامات» وحكم 
الإشارات» ومطار الترقيات؛ وقد خلط قوم بين التسليم والاستواء» وعدوا المقامين واحدا 
وأما عندناء فالتوبة والتوكل ثم التسليم استعداد؛ والاستواء اقتعاد» والفناء والزوال اقتياد» والتصريف ارتداد 
فأما استعداد الثلاثة الأول» فيكون بخلع عوائد النفس» وكبح جماح الموى؛ وإخلاص التوحه إلى الباري عز 
وجلء وبالرضا بقضائه وقدره 
وأما اقتعاد الاستواء» ففيه يعرس السالكون, ويرتاحون من عناء السفر» وينعمون بالظفر 
وأما اقتياد الفناء والزوال» فلأن الفاني والزائل» لا حول لمما ولا قوة في فناء ولا في زوال» وإِنما يقتادهما المولى 
دون رغبة واختيار 
وقد قال الذين حسبوا الاستواء تسليما: إن صاحب مقام الاستواء» تستوي عنده النعم والنقم» ويكون راضيا 
عن مولاه حيث أقامه» وفيم صرفه» وذلك معيئ التسليم 
ولكنئ أقول أن الاستواء غير التسليم 
فالتسليم إرادة 
والاستواء لا إرادة 
فإن العبد المسلم» مى أصابته مصيبة صبر واصطبرء وخالف نفسه 
وأما صاحب الاستواء» فمى أصابته مصيبة» لم يصبرء ولم يخالف, ولم يبذل جهدا باستحضار الصبر وتجرع 
مرارته» وإنما بقي كما هو: لا يفرح عند اليسرء ولا يضجر عند العسر» وكأنه غائب عن نفسه» غير حاضر 
فالتسليم: أن تساوي بين النعمة والنقمة 
والاستواء: أن تتساوى عندك النعمة والنقمة 
وإن شئت قلت: التسليم أن تصبر وتتصبر 
والاستواء: ألا تتبدل وتتغير 
وإن شئت قلت: التسليم أن ترضى .مقاديره 
والاستواء ألا تأبه لتدابيره 
واعلم أخيء أن التوبة والتوكل والتسليم» قتل للنفس وتطهير للقلب» والاستواء حقن للدماء وإشراف بالقلب» 
ومى أشرقت هموس القلوب» أضاءت ظلمات النفوسء فإذا النهار طالع أبلج» وإذا الضياء ساطع مبهج 


341 


وإذا الحرب وضعت أوزارهاء فلا من يبارز ويعاند» ولا من يظاهر ويساند» لا عدو ولا صديق» وإنما الجنود في 
بحرد عن سلاحهم؛ واسترخاء بعد سجالهم 

وإذا الأوصال ساكنة» والنظرات يغشاها الأنس والوئام 

فالاستواء ثمرة المقامات الثلاث الأولى وغايتها 

فالمستوي في استعداد للانتقال مما قطع به إلى قطع ما بالله يقطع 

من المريدية إلى المرادية 

من مقامات المخلصين بكسر اللام» إلى مقامات المخلصين بنصبها 

ومن استوى فقد انطوى عن وجوده. وامحى في شهوده وانضوى ف عهوده 

وهو ارتداد المؤثرات عن ذوات ساكنات غير منفعلات» .مما كابدت قبل الارتداد» من قرب وابتعاد» وكرب 


واعتداد» في ميادين الحزم والاجتهاد 


3042 


اغبد من بركو مولاكه بالشككه والجوع فى الليالي 
و عن حقفو ‏ فاك الو اعفن ال" امن شاد 
وفك" اك كاله نان :5ل عى ها" بغ :بكرن مان 
نمو على كل ما عحاكه هببع لو نحريق المعالي 
إلى :“الوم رن" فك هع البينة ,ما" «نية .عاك 
ا د اا 
كبو ؤ وخعو فى الفبر قبل 9 يمو موتة الغلاك 
ناوع:. "لفك" امم الكر ها .عاك يكن عليد ملف 
حار مفام الهنا بلا فر عباك الرحمان وانين 
عحصو من الشياكان إل ىخلصر تفاووا ساير2 الشيالكين 
الفلبب مع مولاه عخر و الكسككه بين العلمين 
كيب أكر كيب ما أكر مكتوع 2 فى اللاكرين 


لى ما فين لتك .ها ارا عفق جنات 
الى تنا وول عاذ فين عو يكن ماك 
تنأل حل ما تعمنى لمأ تتسى مناك 


ما علكت تالصمع فى الهنه بعد ما نت رهاك 


يقول: اغبط من صفاه مولاه» ونقى سريرته من الصفات المذمومة» مما صرف عليه من شدة وجوع في ليال 
طويلةه ولو ال اسراف عية ها حرق دح شذائة) الال 5للق علق اله انهه وال ران الفبروار: عط افو ادلة 
ولم يرحع إلى مولاه» وكلما ابتلاه واعترض زاده بلاء» حب يرضى .مقاديره ويترك الاعتراض 

فما زال به» حي يندم على كل ما اجترحه من معاص؛ وذلك أن حبب إليه الله تعالى طريق المعالي» وهي طريق 
عباد الله الصابرين المخبتين الراضين بقضاء الله تعالى وقدره 


3213 


وم حقق العبد مقام الاستواء» بتوفيق من الله تعالى» ما عاد يشعر بحر البلاء» فهو كالميت لا تضيره أشواك ولا 
تدميه» إلا أن المستوي ميت» ولكنه لا زال حيا بروحه» هذه الروح الي تنتشي في جحسد لا يتحرك؛ وكأن الله 
تعالى كفنه ووضعه في القبر» فمات بذلك الموتة الأوللى» قبل أن يموت موتة المحلاك» وهي الموتة الثانية 

كيف وقد استوى» بسبب تساوي شكره وصبره؟ فهو لا يفرح بالنعمة الزائلة» ولا يحرن من النقمة الزائفة» 
وكأن القلم رفع عنه» لأن الملك لم يعد يجد ما يكتب عليه 

ثم يفئ المستوي دون أن يفتخرء أو يرى ف فنائه فضلا على الناس» فيصبح بذلك من عباد الله الفانين في محبته» 
وقد عصمه الله تعالم» كما عصم عباده الصالحين» من الشيطان» وم خطر اللعين» لم يستطع إليه شيئاء بل إن 
الشياطين أصبحت تخافه وتفزع منه» من شدة خشيته من مولاه» فقلبه حاضر مع الباري عز وجل» وجسده 
بين العالمين» سواء ذكر أو لم يذكرء كتبه الله تعالى في الذاكرين 

ثم يقول: إذا لم تر ربك في فنائك؛ فذلك لأنك لم تحقق المقام بعد» إذا ما رأيت ربك» فلا تفرح حي يكون 
معكء فوقتها ستنال كل ما تتمئ» إذ لم تعد لك أي أمنية سوى رضاهء فلم تعد تطمع في الجنة» بعدما نلت 
رجاءك» وهو رضاه سبحانه وتعالى عنك 


الكلام على مقام الفناء 
والمعى: يقول الكلابادي: قال الله عز وحل: "كل من عليها فان ويبقى وجد ربحة". ”6 
الفناء في هذا الباب اضمحلال ما دون الحق» علما ثم جحدا ثم حقا 
وهو على ثلاث درجات: 
الدرجة الأولى: فناء المعرفة في المعروف» وهو الفناء علماء وفناء العيان في المعاين» وهو الفناء جححداء وفناء 
الطلب في الوجود» وهو الفناء حقا 
والدرجة الثانية: فناء شهود الطلب لإسقاطه؛ وفناء شهود المعرفة لإسقاطهاء وفناء شهود العيان لإاسقاطه 
والدرجة الثالثة: الفناء عن شهود الفناء» وهو الفناء حقا شائما برق العين» راكبا بحر الجمع» سالكا سبيل 
البقاء 


© الر حمن 25-24 
2114 





ناب البقاء 


8 ان 5 53 2 0 1 0 1 692 
ويقول رحمه الله تعالى في البقاء: قال الله عز وجل: 'والله خير وأبقى . 


البقاء: اسم لما بقي قائما بعد فناء الشواهد وسقوطهاء وهو على ثلاث درجحات: 

الدرجة الأولى: بقاء المعلوم بعد سقوط العلم عينا لا علماء وبقاء المشهود بعد سقوط الشهود وجودا لا نعتاء 
وبقاء ما ل يزل حا بإسقاط ما لم يكن محوا. انتهى 673 

أشار قوم بالفناء إلى سقوط الأوصاف الذميمة» وأشاروا بالبقاء إلى بروز الأوصاف المحمودة به وإذا كان 
العبد لا يخلو من أحد هذين (النوعين من الأوصاف).» فمن المعلوم أنه إذا لم يوحد عند الإنسان أحد القسمين» 
وحد الآخر لا محالة» فمن فب عن أوصافه الذميمة ظهرت عليه الصفات المحمودة» ومن غلبت عليه الصفات 
الذميمة» استترت عنه الصفات المحمودة. انته 604 

فالفناء: هو أن يفئئ عنه الحظوظء فلا يكون له في شيء من ذلك حظء ويسقط عنه التمييز؛ فناء عن الأشياء 
كلهاء شغلا بما فئي به» كما قال عامر بن عبد الله: ما أبالي أمرأة رأيت أم حائطاء والحق يتولى تصريفه» 
فيصرفه في وظائفه وموافقاته» فيكون محفوظا فيما لله عليه» مأخوذا عما له وعن جميع المخالفات» فلا يكون له 
إليها سبيل (وهو العصمة)» وذلك مععئ قوله: "كنت له سمعا وبصرا. الخبر". 

والبقاء الذي يعقبه: هو أن يفئ عما له ويبقى با لله. 

قال بعض الكبار: البقاء مقام النبيين» ألبسوا السكينة» لا يمنعهم ما حل يهم عن فرضه؛ ولا عن فضله؛ "علط 
فضل الله يوتية من يضاء" 65 
والباقي: هو أن تصير الأشياء كلها له شيئا واحداء فتكون كل حركاته في موافقات الحق دون مخالفاته» فيكون 
فانيا عن المخالفات» باقيا في الموافقات. 

وليس معيئ: "أن تصير الأشياء كلها له شيئا واحدا": أن تصير المخالفات له موافقات» فيكون ما نمى عنه كما 
أمر به» ولكن على معن: أن لا يجري عليه إلا ما أمر به وما يرضاه الله تعالى دون ما يكرهه» ويفعل ما يفعل 
لله لا لحظ له فيه» في عاحل أو آحلء وهذا مععئ قولهم: يكون فانيا عن أوصافه» باقيا بأوصاف الحق؛ لأن الله 


6922 طه 72 

منازل السائرين 
4 الرسالة القشيرية 
05 الجديد 20 


2045 





تعالى» إنما يفعل الأشياء لغيره لا له» لأنه لا يجر به نفعا ولا يدفع به ضراء تعالى الله عن ذلكء وإِنما يفعل 
الأشياء لينفع الأغيار أو يضرهم. 
فالباقي بالحق: الفاني عن نفسه: يفعل الأشياء» لا لجر منفعة إلى نفسه؛ ولا لدفع مضرة عنهاء بل على معيئى: 
أنه لا يقصد في فعله جر المنفعة ودفع المضرة؛ قد سقطت عنه حظوظ نفسه ومطالبة منافعهاء (معيئ: القصد 
والنية)» ولا بمعيئ أنه لا يجد حظا فيما يعمل مما لله عليه» يفعله لله» لا لطمع ثواب» ولا لخوف عقابء وهماء 
أعين: الخوف والطمعء باقيان معه. قائمان فيه» غير أنه يرغب في ثواب الله لموافقة الله تعالى؛ لأنه رغب فيه 
وأمر أن يسأل ذلك منهء ولا يفعله للذة نفسه» ويخاف عقابه» إحلالا له وموافقة له؛ لأنه حوف عباد 
ويفعل سائر الحركات لحظ الغير» لا الحظ نفسه» كما قيل: المؤمن يأكل بشهوة عياله. 
أنشدونا لبعضهم: 

أفناه عن حظه فيما ألم به فظل يبقيه في رسم ليبديه 

ليأخذ الرسم عن رسم يكاشفه والسر يطفح عن حق براعيه 
فجملة الفناء والبقاء: أن يفئن عن حظوظه؛ ويبقى بحظوظ غيره. انتب 606 
ويقول الشيخ أبو سعيد الخراز: الفناء: هو التللاشي في الح 677 
ويقول الشيخ أبو الحسن الحجويري: الفناء: هو فناء إرادة العبد في إرادة الله لا فناء وجود العبد في وجود 
695 
ويقول الشيخ الهجويري كذلك: الفناء: هو درجة كمالء» يبلغها العارفون الذين تحرروا من آلام المجاهدة, 
وخلصوا من سجن المقامات والأحوال؛ والذين انتهى يمم الطلب إلى الكشف, فرأوا كل مرئي» وسمعوا كل 
مسموعء وأدركوا كل أسرار القلبء والذين اعترفوا بنقص كشفهم, فأعرضوا عن كل شيء؛ وفنوا في 
مقصدهم» وفنيت في هذا المقصد كل مقاصدى 699 
يقول الشيخ أبو يزيد البسطامي: خحرحت من البايزيدية» كا حية من جلدهاء ثم نظرت»ء وإذا بالعاشق والمعشوق 
والعشق واحدء فإفها تكون في عالم التوحيد واحدة أيضاء ثم سرت من الله إلى الله حي نوديت من نفسي في 
نفسي» كأن قائلا يقول: يا من أنت أناء أي» أنئ بلغت مقام الفناء في الله. 707) 


6 التعرف إلى مذهب أهل التصوف 
7 - الشيخ حجازي الموصلي مخطوطة كوكب الشاهق الكاشف للسالك. كستران 
8- طه عبد الباقي سرور الشعراني والتصوف الاسلامي. كستران 
9- د. عبد الوهاب عزام التصوف وفريد الدين العطار. كستران 
0 د. قاسم غين تاريخ التصوف في الإسلام. كستران 
316 





قال سري السقطي: صحبت زبحيا في البرية» فرأيته كلما ذكر الله تغير لونه وابيضء فقلت: يا هذاء أرى عجباء 
إنك كلما ذكرت الله حالت لبستك» وتغيرت صفتككء فقال: يا أي» أما أنك لو ذكرت الله حق ذكرهء 
لحالت لبستك» وتغيرت صفتكء ثم أنشأ يقول: 

ذكرنا وما كنا لننسى فنذكر ولكن نسيم القرب يبدو فيبهر 

فأفى به عني وأبقى به له إذ الحق عنه ‏ مخبر ومعبر 

أرى الذكر أصنافا من الذكر حشوها وداد وشوق يبعثان على الذكر 

فذكر أليف النفس ممتزج يما يحل محل الروح في طرفها يسري 

وذكر يعزي النفس عنها لأنه ما متلف من حيث تدري ولا تدري 

وذكر علا مني المفارق والذرى يجل عن الإدراك بالوهم والفكر 

يراه لحاظ العين بالقلب رؤية فيجفو عليه أن يشاهد بالذكر 
صنف الذكر أصنافاء فالأول: ذكر القلب» وهو أن يكون المذكور غير منسي فيذكر. 
والثاني: ذكر أوصاف المذكور. 
والثالث: شهود المذكورء فيفئ عن الذكر؛ لأن أوصاف المذكور تفنيك عن أوصافك؛ فتفين عن الذكر 701 
يقول أبو الفتح المعفي: ثم يات مقام الفناء» وهو أول مقامات الترقي باللّه والاستخلاص له 
"وقال الملحة ايتوني به أستخلطه لنفمسيء فلما كلم قال إنطة اليوم لنينا مكين أمين". 
والفناء انتفاء الوحود وغيبة في الشهود 
وتاتي هذه الغيبة على حسب الغائب 
فالسالك يكلم الناس ويتعامل معهم؛ ولا يؤثر فناؤه في حياته في شيء 
ولكنه يرى في كل شيء وحه الله تعالى 
فالسالك إذن يغيب عما حوله» وهو حاضر متعقل لا يظهر عليه من علامات الفناء شيء 
وإنما هو مع الخلق بالجسد حاضرء ومع الواحد الأحد بالروح غابر 


02 


!2" التعرف إلى مذهب أهل التصوف 
2 يوسف54 


2317 





أنواع التلفي 
قلت: والفناء بداية التلقي» والتلقي ثلاث درجاتء أولها المخاطرة» والمخاطرة أربعة أنواع: 
الأول: الخاطر الرباني» حي لا يدحل خخاطر الملك والنفس والشيطان 
وهو عبارة عن معان لطيفة» يعيها الفاني بوجدانه 
وينزل الخاطر على المخاطر رقيقاء أقل من الحمسء ولا يتلقاه» ولا يميزه عن غيره» سوى أصحاب القلوب 
المرهفة 
وعلامة الخاطر الرباتي: خلاء الروع من كل خاطر سواه وشعور برعاية الإله» لا رب سواهء فينتاب المخاطر 
إحساس بالأمان والسكينة» كيف وهو في حضرة الرب؟ وقد حجب الباري عز وجل ما يخاطر به عباده 
الصالحين» عن كل دخيل» وصانه عن كل رقيب» فلا يسمعه أحد من الثقلين» ولا يحضره ملك مهما كان 
مقربا إلى مولاه؟ 
فيكون المخاطر المحب في موقف المناجاة» وقد يعرف المخاطر بتوفيق من الله تعالى» كيف يخاطب الله تعالى ويرد 
عليه دون كلام 
ومن خاطره مولاه صفت نفسه؛ وأضاء قلبه» وأشرق وجهه بين العالمين بنور العزة والجلال 
ومن أكرمه الله تعالى بالفراسة من المشايخ؛ عرف بالنظر إلى وجه المريد» هل خوطر أم لم يخاطر بعد 
الثاني: خاطر الملك» وقد يسمعه غير المخاطر» ألا ترى إلى الشياطين كيف كانت تسترق السمع من السماء 
وتسمع الملائكة» حى منعت منه وصدت بالشهب الثواقب 
وما أقرب خاطر الملك إلى ما يسمى بالضمير» فهو ينهى عن السوء ويدعو إلى الخير 
وقد يدل المخاطر على أذكار معينة» يذكرها من حين إلى آخرء وقد يحبب إليه قيام الليل» وإحابة النداء عند 
أذان الفجر 
الثالث: حاطر الشيطان» والأولى تسميته وسوسة ونزغء ولا يأمر إلا بسوء 
وعلامته» أن صاحبه لا يشعر بشيء» ولا يأ في الغالب» إلا وصاحبه في غضب أو شهوة:» أو في استشعار كبر 
أو حقد 
فإن هذه الأمراض؛ هي مداخل الشيطان لعنه الله تعالى» ومهما تلافاها العبد قلت وسوسة الشيطان له 
ومن أحس بوسوسة اللعين فليستعذ بالله منه 


" . : | 703 
وإما ينزعنط من الضنيضن نزع فاستعه باللك؛ إنه هو السميع العليم". 


7 فصلت35 
2318 





"إن الكين اتقوا إءا مسهم هاي من الشيضهان تهكروا فإءا هم مبصون" 771 


'وقل لعباحي يقولوا التيه هي أحسن» إن الشيضطن ينزغ بينهم؛ إن الشيضان كان للانسان عدوا 


705 , 


وأغلب وساوس الشيطان قم العقيدة» وتكره للعبد من يدعوه إلى الخير والصلاح؛ وتحبب له أخلاء السوء 
والفجور 

"وإء زين لهم الضنين أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكمء فلما تراءت الفيتان 
نحص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاق اللك؛ والله شنيد 706 

فإن صاحب صال حا دعاه لترك صحبته» وإن لازم جماعة بغضها إليه» حىّ يقصيه ويعزله عمن يسعى مداه 
فيتمكن منه 

عن معدان بن أبي طلحة اليعمري» قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ فقلت: في قرية دون حمصء فقال 
أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: سمعت رسول الله يَلكُم يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم 
الصلاة» إلا قد استحوذ عليهم الشيطان» فعليك بالجماعة» فإنما يأكل الذئب القاصية". رواه الحاكم في المستدرك 
والرابع: خاطر النفس» وهو ما يسمى بالتسويل 

"وجاءوا على قميصه ب؛م حدب؛ قال بل سولت لكم أنفسحم أمراء فصبر جميلء والله المستعان على 
0 تصنون". 707 

"قال بحرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرمول فنبعتها وكذلة مولت لي نفمي" *77 
وهو يدعو إلى الأثرة والشح والاستعلاء على الناس والتكبر عليهم» ويدعو إلى الوقوع في المعاصي؛ ولا يكاد 
بمس أمور الاعتقاد 

وأما الضرب الثاني من ضروب التلقي الثلاث» فهو التحديث 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله يكم : "لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم ناس محدثون؛ فإن 


يك في أمى أحدء فإنه عمر". زاد زكرياء بن أبي زائدة عن سعد عن أبي سلمة عن أي هريرة قال: قال النبي 


4 الأعراف 201 
705 الإسراء53 
70 الأنفال49 
707 يُوسق18 
08 طه94 


2049 





َم : "لقد كان فيمن كان قبلكم من بي إسرائيل رجال؛ يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء» فإن يكن من 
أمي منهم أحدء فعمر". رواه البخاري 

والمحدث أعلى درجة وأقرب مكانة من المخاطر 

قال اله الى "وال انملك لكر ياوه ابكتفلصة رشي كلما كلم فال إكنة اليوم نينا مححين امي 717 
والمريد إذا استوى خوطرء وإذا فئي حدث 

والتحديث أشد وضوحا من المخاطرة» والأول يطول أشد من الثاني 

ولا يكون التحديث إلا من الله تعالى 

وقد احتص التحديث بالمشايخ وخصوا به» خاصة المربون منهم» وخص به كل ولي يخرج إلى الناس لينفعهم 
ويهديهم سبل الرشاد بإذن الله تعالى 

وأما الضرب الثالث من ضروب التلقي: فهو الإفضاء 

ويكون من نصيب المولمين في حب المولى» الغارقين في بحور جماله» المتقلبين في ساطعات أنوار الحلالة والكمال. 
والإفضاء: بوح الحبيب لحبيبه ممكنونات نفسه. بإظهار ما أحفى من أسرار على غيره 

"وكين تأخهونة وقء أفضى بعضكم إلى بعض وأخكن منكم ميقاقا ليا" 710 

ولهذاء كل من أفضي لهء حاز علما لدنيا لا حد له 

وتخلق بأحلاق الواصلين» وتأدب بآداب المقربين 

والإفضاءء لا يكون إلا بعد الزوال» والزوال لا يكون إلا بعد الفناء» لأنه تمام الرعاية» وغاية الولاية» وبداية 
الحكاية 


ولا يفضى إلا لقوم كتموا الأسرار» واستحبوا الخفاء والاستتار» وآثروا الخمول على الاشتهار 


0 يوس ف54 


710 النساء21 
3030 





زول" ترقل ٠‏ ايا لعاكر. "اسير” تقذ ,مق . الوننا 
إلى غيت تكون اضر لما تزول ما تعوا 
لو ما كات المحاير ما هل ليذ هوا 
شلا هحاير شلا هياكر ‏ و9 شع مشغو؟ 


ما هو أنت و أنت هو ما ثم غير واحك 


العرة هه الكل ل عفر عق أكون ناه 
اع بغلدة. +كل8:. نو الكل م ١‏ لتحا 
هو موجوا بالفولكء ما تركب على ححايك 


يقول: زل أيها الحاضرء وامح نفسك من الوجودء وإذا أردت أن تكون ناظراء إذا زلت فلا تعد ولا تكن من 
الذين إذا اما كانت الخضائر لا لو لهم السحوة ما اك الصائر واهيادين؟ '” لكن الذين يفترشوقنا للصلاة 
لا يشهدون شيئا. ما ثم غير الله فلا يعرف الله تعالى» إلا بمعرفة خلقه» لا تعتمد على النظرء فقد يكون 
عدوكء فإن الله لا يدركه النظرء وإنما يدرك بالشهودء ابحث عن الله كوا (بكاف مثلثة)» وهي لهجة مصرية» 
أي بداحلكء وانتبه للمصائد» تحده موجودا بالقوة» فلا تستشرف في البحث عنه الحصائد البعيدة 

والمعى: قال أبو الفتح: ثم يأي مقام الزوال» وهو سادس المقامات» وموطن الدرايات» يزول صاحبه عن نفسه 
بربه» ويبقى مع الله بالله» يصفو كدره وتنصقل مرآته» فتعكس ما انطبع فيها من أنوار لدنية تسعى من بين يديه 
ومن خلفه؛ ويشرق وجهه بنور الكرامة في العالمين 

ما أسعدك أيها الزائل» ما أروعك وقد كفرت بكل القوانين والأعرافء الي تقض مضاجع الناس» لم يعد 
بحكمك شيءء حطمت قيودك وتحررت من سجنكء فأنت مفكوك الأسر حر طليق» أيها الرفيق 

زل أيها الحاضر»ء فإن حضورك أقامك هدفا ورمية لكل السهام» زل عن حضوركء فلا تظن نفسك باقياء 
فمهما زلت عرفت معئ البقاء» فزل لتكون من الباقين 

امح نفسك من الوجود مممحاة التسليم» يطلع مارك وينقضي ليلك وينجلي حجابك» فترى ما كنت عنه 
مد 


711 - 100 المخا 1 َ : 
الهيادير» جمع هيدورة» دارجة مغربية» أصلها أمازيغي: أهيدور» والمراد يما: ما يصلى عليه من إهاب الغنم با لخصوص» بعد 
دبغه 


351 





الفناء موتة أولى» والميت لا يخفى عنه شيء؛ ألم تر إلى قول الله تعالى: "وجاءت كل نفس معها سايق وشهيدء 
لق كنت ف عله من هذا فكههنا عنة غضاعة فبحرة اليوم حي 712 
الموت انتهاء» والبعث ابتداء» والفناء ازدياد والزوال خلود 

أنت أيها الزائل ريشة في الفضاءء ألا تشعر بخفتك؟ فقد رفع الله عنك الأثقال» وأمنك من الأهوال» وأعتقك 
من الإصر والإصرار» ألا تستشعر مودة الودود» وقد فاضت في حشاك وشعت بين خافقيك» حى ما كاد 
يحتملها جسمك؟ أنت شعلة من الإقبال على الله» ما تعمل يمتكء وقد كفاك همتك؟ أنت سائر إليه بلا عزم 
ولا اختيار» أنت مسير» بل أنت مدبر» كتلك الريشة الي وصفتك بماء تلهو بما الرياح فتعلو وتموي ف خفة 
ورشاقة» بلا حول ولا قوة 

إياك أن تعود من زوالك» فما أظنك تشتاق للعودة من الوطن إلى المغترب» من التحرر إلى القيد والسجون؟ لا 
تعد حى لا تحجب عن الحقائق وتحرم الرقائق» وتكتفي بالأطياف والخيالات 

لا تكن من أناس يعبدون الحصائر» يركعون ويسجدون عليها ولا يشهدون ريحم طرفة عين» ولولا الحصائر 
والهيادير والزرابي» ما حلا لهم سجودء فهم يعبدون الله تعالى عبادة النعيم» فاحذر حشوع المنعمين» فإنه رضاء 
بالنعمة» لا رضاء بالمنعم المفضال. 

كل ما بدا لك في زوالك لا تراه بالنظر» فإن النظر قاصر عن رؤيته» وقد تراه بالنظر مموها لا توفيه حقه. وإنما 
كن شاهداء كن واحدا من تلك المشاهد» حت لا تبقى متفرجاء بل أنت عين الفرحة أيها الشاهد المشهود 
أليس الله خلقك موحداء وبعث من ينفخ الروح فيك وأنت في رحم أمكء في ظلمات ثلاث؟ فما بالك تقلب 
ناظريك يمينا وشمالا؟ ألا تدري أن الله تعالى لا يحده مكان ولا تحكمه جهة؛ ابحث عن الله فيك»؛ في داخلك» 
وسافر إليه منك» فأنت محطة الانطلاق» وأنت غاية السفر وموطن التلاق 

وأنت تبحث عن ربكء» تأدب في البحثء لا يغرينك غيره» حت لا تنزلق عن ذروة متزلتك» وتتردى من برج 
مقامكء فتهوي 

يقول سيدي محمد الحراق في تائية السلوك: 

أتطلب ليلى وهي فيك تحلت وتحسبها غيرا وغيرك ليست؟ 

يقول أبو الفتح: وأما مقام الزوال» فهو ماية المقامات وعز الكرامات 


2 ق22-21 
352 





فإذا كانت التوبة مكابدة» فالزوال مشاهدة» وإذا كان التوكل استناداء فاحسب الزوال ابتعاداء وإذا كان 
التسليم تفويضا فاحسب الزوال تقويضاء وإذا كان الاستواء ارتياحا فاحسب الزوال انزياحاء وإذا كان الفناء 
انطواءاء فالزوال انمحاء 

قلت: والزوال محو الفاني من صحائف التفاني» وإثبات المتفاني في مصاحف العاني» والفاني مى زال م يعد 
للفناء بأي حال من الأحوال؛ ول يرض بغير ذي العزة والجلال» يقريه في عازبات الأفضال» ويجلسه في كراس 
لا تليق سوى بخيرة الرجال 

ها قد زلت عينٍ بك» يا حبير ما صرفتئٍ فيه وصرفته علي» فأثبتي كما محوتئ في دواوين أحبتكء وأبقي 
بالزوال في ملا من صفوتك 

وقد سمى قوم الزوال محواء وهو عندنا ليس كذلك 

فالزوال انزياح عن النفس وبقاء بالحس 

أما انحوء فهو زوال عن النفس والحس سيان 

وا لمحو عندنا خصوص بالرسل والأنبياء» لشدة ما قريم الباري عز وجل إليه» ما لم يقرب غيرهم 

فقد انمحى رسول الله ملم لما كلم الله تعالى ليلة الإسراء والمعراج» فإن العبد إذا أنعم عليه مولاه» وبلغ مبلغ 
القربى حي كان قاب قوسين أو أدن» فقد ولح يعد له وجود ولا تدبير سوى بالواجد المدبر 

وامحو أشد من الموت»ء فالموت لا يفي النفوس, وأما امحو فهو التلاشي عن كل شيء والبقاء في لا شيء 

فا سارل البدافون وه قال اله عر وجل فاضي فى باك ا ا 7 

المكاشفة: مهاداة السر بين متباطنين» وهي في هذا الباب: بلوغ ما وراء الحجاب وجوداء وهي على ثلاث 
درجات: 

الدرحة الأولى: مكاشفة تدل على التحقيق الصحيح؛ وهي أن تكون مستديعة؛ فإذا كانت حينا دون حين» لم 
يعارضه تفرق» غير أن الغين» ريما شاب مقامه على أنه قد بلغ مبلغا لا يلفته قاطع» ولا يلويه سبب» ولا 
يقتطعه حظء وهي درجة القاصدء فإذا استدامت فهي الدرجة الثانية 

وأما الدرحة الثالثة» فمكاشفة عين لا مكاشفة علم» ولا مكاشفة حال» وهي مكاشفة لا تذر سمة تشير إلى 
التذاذ» أو تلجئ إلى توقف», أو تترل على ترسم 

وغاية هذه المكاشفة المشاهدة 


713 النجم10 
3533 





باب المشاهدة 


29 0 1 1 714 
قال الله عز وجحل: إن في علحة لعكرى لمن كان لخ قلب أو القى الممع وهو شهيد . 


المشاهدة: سقوط الحجاب بتاء وهي فوق المكاشفة» لأن المكاشفة ولاية النعت» وفيه شيء من بقاء الرسمء 
والمشاهدة ولاية العين والذات 

وهي على ثلاث درجات: 

الدرجة الأولى: مشاهدة معرفة» تحري فوق حدود العلم, في لوائح نور الوجود منيخة بفناء الجمع 

والدرجة الثانية: مشاهدة معاينة» تقطع حبال الشواهد» وتلبس نعوت القدسء و تخرس ألسنة الإشارات 
والدرجة الثالثة: مشاهدة جمع؛ تحذب إلى عين الجمع مالكة لصحة الورودء راكبة بحر الوحود 

د 

قال الله عز وجل: "ألم ان م ار 

المعاينات ثلاث: 

إحداها معاينة الأبصار» والثانية معاينة عين القلب» وهي معرفة الشيء على نعته» علما يقطع الريبة» ولا تشوبه 
حيرة» وهذه معاينة بشواهد العلم 

والمعاينة الثالثة: معاينة عين الروح» وهي الي تعاين الحق عيانا محضاء والأرواح إنما طهرت وأكرمت بالبقاءء 
لتناغي سناء الحضرة وتشاهد ماء العزة» وتحذب القلوب إلى فناء الحضرة. انتهى 716 

وقول الشيخ: ما هو انت ولا انت هوء إشارة إلى من ادعى أنه والله تعالى واحد 

وقد ثبت عن بعض العارفين» نطقهم هما لا يرضاه الواحد الأحد عز وجلء وادعاؤهم ما يحكم ظاهره عليهم 


بالكفر 
وذلك إما لغلبة الحال عليهم كأبي عبد الله حسين بن منصور الحلاج» رحمه الله تعالى» الذي نسب إليه قوله: 
ما في الحبة إلا الله 


وإما لتموه آفاقه, والتباس طريقة سلوكه مثل محبي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي 
الأندلسي» رحمه الله تعالى» الذي نسب إليه قوله: 


14 ق37 
5 الفرقان 45 
716 منازل السائرين 
2354 





أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا 

فإذا أبصرتيئ ‏ أبصرته وإذا ‏ أبصرته أبصرتنا 
وقد اعتذر سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام للحلاج على ما قال ما لا يقبل الشرع ظاهره؛ اعتذر له 
في كتابه حل الرموز قائلا: فأما أهل التمكين» فإِنهم علموا وكتموا ما علمواء لما يعلمون من ضعف احتمال 
عقول أطفال العقول» فلهذاء إن الحلاج لما علم شيئا من هذا العلم وتفوه به فمه» أبيح دمهء وكان خطأه من 
حيث إظهار ما يكتم» وإعلانه ما يسرء فكان حكم من باح أن دمه يباح. انتهى منه 
ولا نرى أن ما جاء في هذا الاعتذار يقوم على شيء, لأن الحلاج رحمه الله» لم يبح بسر من الأسرار الإلهية» 
وأن لبشر أن يبوح بسر الله تعالى؟ ولكنه إنما نطق بكلام الكفرء الذي لا يعذر من نطق به 
قلت في مخاطباق: أي سر هذا الذي أفشاه العباد» وأي عبد هذا الذي أفشى أسراري؟ وأي إله هذا الذي 
يفشي العباد سره؟ وأي عباد هؤلاء الذين يفشون ما خبأه الله؟ 
لو كانت أسراري أخاف إفشاءهاء ما حشيئ رسلي وأنبيائي» أنا الله الذي لا إله إلا أناء فمن تكونون؟ انتهى 
قلت: ولعل هؤلاء وغيرهم, ممن أحذوا بالحلول والاتحاد» ولم نعرض لذكرهم مخافة التطويل» يشهد لحم 
الأكابر من أرباب الذوق والسلوك بالولاية العظمىء ولا محال عندنا لتكفيرهم والتنقيص من شأهم 
ولكن نقول كما قال الأمناء: هم مؤمنون وظاهر كلامهم كفر 
ولعل ما نطقوا به من كلام عظيم لا يليق» كان بسبب خروجهم دون قصد عن مج النبوة في السلوك؛ وما 
مشوا فيه من مغالاة في الخلوات والعبادات والأذكار» وما أححفوا النفس حقها وحرموها ثما أحل لها الباري 
عز وجل من متاع الدنيا وزينتها» فرححت فيهم كفة الروح بكفة النفس» مع العلم ان أكثرهم لا يفرق 
بينهماء فاختل لديهم ميزان الحق والصواب» وغلب عليهم ما فاضت به أرواحهم من معان الألوهية ولطائف 
الربوبية» واستشعروا جبروقها فتجبرواء إذ أن الروح أمر من أمور الله تعالى» وليس من الغريب أن تتسم ببعض 
صفاته» فأصبحوا أرواحا وشعروا بالألوهية» فنطقوا بالباطل وتاهوا عن الحق والصواب 
قلت في تائيي في هذا المعيى: 


355 


وقللة. "اق الله" لوك .ولس دعن كهزا؟ قال ين غيل قله وليست 
فمن يحرم النفس الحلال تحرزا طغت روحه حى ادعى ما تألت 
قسل مريم العذراء من هو روحنا فقد كلمته. واستعاذدث وعفت 
وسلئ أقل: ما ذاك جبريل فاتعظ فلا يهب الغلمان جبريل واثبت 
بل الواهب الله بنفخة روحه تأمل تحد ما قلت عين الحقيقة 
وأوصافها من وصف من هي أمره فليست2 بمخلوق وليست © بربة 
ومن لم بميز ظن روحه نفسه أحاف عليه أن يدين بوحدة 
فلا فرق بين الرب والعبد عنده وذاك ضلال في اعتقادي وملي 


وقد سلف الكلام عن الروح في الحديث على النفس الأمارة» في هذا المؤلف» فارجع إليه بحده في محله 


تعال جسن 8 تلب املس على يمي 
لما زكت-- تحصرف | فى كوك وتكوين 
كيب عرفت زيك عرف | 9 تصحف من كوك 
إلى فكفت نفكى | ولى عميت العهو كين 


يقول: إنه مقام التصريفء فإذا زلت آتاكه الله» وقال لك: تعال يجاني ولا تتخلف» أحلسك عن يمي 
وقال: لما زلت تصرف في كون وتكويئ» سأزيدك معرفة إلى معرفتك؛ ولكن لا تنصرف دون إذني» إذا قذفت 


فأنا القاذف» وإذا عفوت فالعفو من صفاق» وأنا معروف به منذ الأزل 


الكلام على مام التصريف 
والمعيئ: يقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي: التصريف: هو تصرف المتحقق بالهمة القلبية العالية الغيبية في 
الأنام» بالكلام من سير الفهوانية في الحضرة الإلحية» وهي كلمة: كنء يقول الله لوليه: أنا أقول للشيء: كن» 
فيكون» وقد جعلتك تقول للشيء: كنء فيكون. 7177© 


ويقول الشيخ محمد المحذوب: التصريف لا يكون لكل الأولياء » سواء أكان في الحياة أم بعد الممات» بل 


7 الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي قوانين حكم الإشراق (بتصرف). كستران 
356 





التصريف التام» لا يكون إلا للكمل وأهل التمكين» فهم متفاوتون في قوة التصريف» بقوة الأحوال والمنازل 
والمراتب» وعلى حسب مشارهم» والتفاوت إذا كان ثابتا لمراتب الأنبياء» الذين مراتبهم أعلى الكمالات 
البشرية» فمن دوم من المراتب أولى» وتحقيق ذلك: أن كل مرتبة من المراتب الثابتة للأولياء» لما طرفان: بداية 
وفاية» ومن انتهى إلى طرف البداية من أي مرتبة كان» عد من أهلها؛ ويبقى التفاضل بينهم بحسب 
الاستعدادات والكمالات والسوابق والعنايات 18 

ويقول الشيخ علي الخواص: كم من كامل لا تصريف لهء وكم من ناقص بالنسبة إليه» يتصرف في الوحود 
ليا وه اإرقة6 

قلت: فالتصريف إذن» ليس دليلا على الأولوية في الفضلء؛ فقد حاز كثير من الصحابة رضي الله عنهم» مرتبة 
الصحبة» ونالوا رضوان الله تعالى» ولا بحال عندنا لمقارنة مرتبة الصحبة كعرتبة الولاية» إذ الولي لا يدرك 
الصحابي بحال من الأحوال لأن الصحابي حظي بصحبة رسول الله يكم ومع ذلك لم يعرفوا تصريفا ولا 
تصرفا ولا كرامة» فافهم 

ومن أدب التصريفء أن من أعطيه زهد فيه فإن في البقاء معه توقف عن السير» واحتباس عن الترقي إلى ما 
هو أفضل 

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني: رد التصرف: يشيرون به» إلى حال من أعطي التصرف فرده تظرفا.(720) 
قال أبو الفتح الجعفي عفا عنه مولاه: من ظن أنه يتصرف في الكون بغير ما قدر الله تعالى وقضى في الأزل» 
فقد خانه ظنه وأخطأ واختل؛ ومن ظن أنه يتصرف في الكون بغير ما أراد الله عز وحلء» فقد أتى أمرا عظيماء 
وجاء ببهتان مبين» وحاب ظنه 

كل الناس يتصرفون؛ وكل خلق الله يتصرفون؛ أليست كل مخلوقات الله تعالى تصاريف تتصرف وفق ما أراده 
وابتغاه؟ 

فقد يسلط الله عليك طاغية يؤذيك أو يقتلك» فيكون ذلك مما صرفه عليك» ويكون الطاغية من بعض 
تصاريفه 

وقد تحسن إلى فقير فتطعمه وتسد جوعته» فيكون ذلك من تصاريف الله تعالى عليه» وتكون بذلك أحد 
تصاريفه 


8 المصدر نفسه 
79 الشيخ عبد الوهاب الشعراني لطائف المنن والأخلاق في بيان وجوب التحدث بنعمة الله على الإطلاق. كستران 
0 المصدر نفسه 


357 





فماذا يبقى لأهل التصريف؟ لا يبقى لهم شيء»؛ إنِنٍ لأستحي أن أنعت فعلهم بالتصريف»ء ولو أن من سبقونا لم 
يصطلحوا على تسميته بذلك ما سميناه 

إن الذي يرى أن الكون ينفعل بانفعاله» فيظن أنه يتحكم فيه» ويصنع لنفسه عرشا يستوي عليه» لا يدري أن 
ما هو فيه فتنة عظيمة» لا يخرج منها إلا أحباب الله تعالى» أما غير أحبابه» فلا يخرجون منهاء بل يهيمون فيهاء 
ويهيمون بماء ويستطيبون هذا المقام» فيحبسهم ذلك عن الترقي إلى ما هو أسمى, والأسمى رضاه تعالى» والأسمى 
قربه» والأسمى مرضاته 

ماذا يبقى للمتصرفين؟ والله لم يكن لهم ولا يبقى لهم غير دعاء خالص يستجيبه الحق سبحانه» وم استجاب 
دعوا للخلق ودعوا على الخلق» فكان» فعدوا أنفسهم في المالكين» ونسبوا لأنفسهم التصرف في مقادير الناس 
ومصائرهم 

لا يبقى لهم من التصريف إلا قول رسول الله يَُّم : "وكم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم 
على الله لأبره» منهم البراء بن مالك". 

إنه مقام الاستجابة» م دعي الله تعالى في خحضوع وإنابة 

وإن شئت قلت: إنه مقام القبول لا يرد صاحبه» مى شاء الدحول 

وإن شئت قلت: إنه بداية التخلص من السلوك» إلى التتخصص لدى مالك الملوك 

وإن شكت قلت: هو انفعال الموجودات مما صرف الواجد فيه العارف من مقادير وتدبيرات» وتصرف الله به 
بالخير والشر فيما مضى وفيم هو آت 

وإن شئت قلت: هو اطلاع على حكم التصاريف؛ ومقاصد التكاليف» من غير تشريع ولا تكليف 

وإن شئت قلت: هو حكم بلا أمر» وتحكم قد قصرء من يؤتاه من البشرء لا يتركه إلا .منة مليك مقتدر 

وإن شئت قلت: هو إستشراف المحريات من عل» وإيذان بردها للعلي» وعلامة المحبت من المستعلي 

وإن شئت قلت: التصرف انصراف عن التدخل في شؤون المولى» وتوقير لأمور عليها استولى» من أتاك يكون 
تركه أولى 

وقد قصر فهم كثيرين من عوام العارفين عن فهم معيئ التصريف» فمنهم من ظن أن التصريف هو إنزال المطر 
ونشر الخصب والتحكم في الحر والقر» وفي كل ما فيه مصالح الناس 

فتعلق هؤلاء بالناس» وحعلوا أنفسهم حكاما على العالمين» يجازون المطيع ويعاقبون المسيء؛ وما علموا أن 
الحكيم العلام» ما وهبهم كل ذلك سوى ليمتحنهم, فمن أراد الله به خيرا فطن لذلكء» وعلم أنه ليس أهلا 
للحكم على الناس» فإن الحكم كله لله فم حكم هو عليهم أخطأ وظلم» والظلم ظلمات يوم القيامة» فليس 
له سوى ألا يتصرف في شيءء وألا يحكم على شيء» إذا شاء أن يكفي نفسه هولا عظيما 


358 


ومن لم يرد الله به حيراء استعذبه وطاف يخبط خبط عشواءء حى يحمل أوزار الناس يوم القيامة 

ومنهم من ظن أن التصريف هو المشي على الماء» ودخول النار والطيران في الفضاءء فطفق يبهر الناس يذه 
الأعمال الخارقة حى يتبعوه» وحى يعرفوا خحصوصيته؛ وما اتبعوه حبا لله وإنما اتبعوه إعجابا بما يفعله» فلم 
يكن بذلك من الله في شيء 

وأما العارفون» فالتصريف عندهم ولوج الملكوت, مما من شأنه أن يزيد يقينهم بالله تعالى» ويقوي دينهمء 
فيطيب تفكرهم وتطمئن قلوهم, وتحلو بجواهم ويسيل دمعهمء ولا من العالمين من يطلع على أحوالهم؛ وهم في 
ذلك على دين إبراهيم عليه السلام» الذي قال الله في حقه: "وجول نري إبراهيم ملكوت السماوات 
والارض وليكون من الموقنين" 721 

"وإء قال إبراهيم رب أرنه كي تحييم الموتىء قال أولم تومن» قال بلى ولكن ليضمين قلي" 777 
فتصريفهم من الله فيهم» وتصريف الفريقين الأولين من الله في الحوادثء وشتان بين أولئك وهؤلاء 

فاحذر أيها المتصرف من أن تتصرفء وبادر إلى مجاوزة المقام بأسرع ما تقدر عليه» فإن ركنت إليه فاتك وحه 
المولى» ومن فاته وجه مولاه» فقد خاب مسعاه 

وإذا قلت لي: فإذا فت التصريفء فأين أكون,» ولا يعرف مقام بعده؟ قلت: إذا فت التصريف أصبحت أحد 
التصاريف» وكنت سيف الله المسلول» تلوح يمنة ويسرة» تمزم الجيوش وتدك الفلول حفية وجهرة» كنت نفحة 
من نفحات الله تعالى» تغشى قلوب الاعتلال» بلفحات الود والوصال» كنت بشارة المستيئسين» وأمل الراجين» 
وملاذ المسرفين 

وما عاد لك مقام في المقامات» ولا سمة في السمات» ولا نعت في النعوت 

أنت به هاهنا واحد في المشيئات والتدابير» ترفعت عن الأوصاف والحهيئات والمقادير» قد تراجعت ,مما حزت من 
درر» واكتفيت مما نلت عن السفر والسفر» غابت همسك عن الناس وحسبوك أفلت» وما أفلت همسك إلا 
لتشرق بزهو في أكوان تاه عنها البشرء فمن الله وإليهء أن تحردت عن أمنياتك» وزهدت في أغنياتك» وتركت 
الخلق للخالق» وبترت الحبال وتنصلت عن العلائق 

فكن ما شاء الله أن تكونء أو لا تكن إن لم يشأ أن تكون, وسواء كنت أو لم تكن فأنت من الله وإليه» لم تعد 


2 الأنعام76 
722 البقرة 259 
259 





تعالى نشهلاك اليف سموكت و اركين من العكام 
بأنفين بالعيفد كلا كنان ف( غيام 


طعا على افيف أن اكيم اعلام 


يقول: تعال أشهدك الخليقة» سموات وأرضون حرجت من العدم» انبثقت لا فتقتها من الرتق» وتعالى الدحان 
وعم الغمام. وإن كان الخلق والإيجاد له ارتطام وتنبعث عنه روائح كريهة» فلا تخف» سأثبتك عند الاصطدام» 
سأطلعك على الحقيقة» فأنا الحكيم العلام 

والمعن» قال الله تعالى: "ما أشهاتهم خلق المماوات والارض ولا خلق أنفسهم وما كنت متهه المضلين 
عض 123 


وفيه إمكان إشهاد الله تعالى غيرهم خلق السماوات والأرض 


الكلام على الاق 
قلت: اتفقت الكتب السماوية على أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام» وإنما وقع 
الاختلاف في ماذا خلق أولا وآخراء ولنبدأ بحول الله تعالى وقوته» .ما ذكره الكتاب المقدسء في سفر التكوين 
من العهد القديم» فنقول: ورد فيما يخص اليوم الأول: 
1 - في البدء خاق الله السماوات والأرض . 
2 - وكانت الأرض خربة وخالية» وعلى وجه الغمر ظلمة» وروح الله يرف على وجه المياه. 
3 - وقال الله: «ليكن نؤر»» فكان نور. 
4 - ورأى الله النور أنه حسن . وفصل الله بين النور والظلمة . 
5 - ودعا الله النور نهاراء والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح وما واحدا . 
وف اليوم الثاني : 


6 - وقال الله: «ليكئ جلد فى وسط المياه. وليك فاصلا بين مياه ومياه» . 


723 الكهيف05 


3060 





7 - فعمل الله الجلد» وفصل بين المياه الي تحت الجلد والمياه الي فوق الجلد . وكان كذاك . 

8 - ودعا الله الجلد سماء . وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا . 

وفي اليوم الثالث: 

9 - وقال الله: «للجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحدء ولنظهر الياسة» . وكان كذلك. 

0 - ودعا الله الياسة أرضاء ومجتمع المياه دعاه بحارا . ورأى الله ذلك أنه حسن . 

1 - وقال الله: «تتبت الأرض عشبا وملا بزر بزراء وشجرا ذا ثمر بعمل ثمرا كجدسه؛ بزره فيه على الأرض» . وكان كذاك . 
2 - فأخرجت الأرض عشبا وبشلا بزر بزرا كجدسهء وشجرا تعمل ثمرا بزره فيه كجدسه. ورأى الله ذلك أنه حسن . 
3 - وكان مساء وكان صباح نوما ثانا . 

وف اليوم الرابع: 

4 - وقال الله: «لنكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين التهار والليل؛ وتكون لآنات وأوقات وأنام وسنين . 

5 - وتكون أنوارا في جلد السماء لتتبر على الأرض» . وكان كذاك. 

6 - فعمل الله التورين العظيمين: النور الأكبر لحكم النهارء والنور الأصغر لحكم الليل» والنجوم . 

7 - وجعلها الله في جلد السماء لنتير على الأرض» 

18 - ولتحكم على النهار والليل؛ ولتفصل ين النور والظلمة. ورأى الله ذلك أنه حسن. 

9 - وكان مساء وكان صباح نوما راعا . 

وف اليوم الخامس: 

0 - وقال الله: «لتفض المياه رحافات ذات نفس حية» وليطر طير فوقٌ الأرض على وجه جلد السماء» . 

1 - فخَان الله التنانين العظام» وكل ذوات الأنْس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسهاء وكل طائر ذي جنا ح كحنسه. 
روا نالف انمق 

2 - وباركها الله قائلا: «أثمري واكثري واملاي المياه في البحار. وليكثر الطير على الأرض» . 

3 - وكان مساء وكان صباح بوما خامسا. 

وق اليوم السادس: 


4 - وقال الله: «لتخري الأرض ذوات أنفس حية كجنسها: بهائم» وددابات» ووحوش أرض كأجناسها» . وكان كذاك. 


3601 


5 - فعمل الله وحوش الأرض كأجناسهاء والبهائم كاجناسهاء وجميع ددانات الأرض كأجناسها . ورأى الله ذلك أنه حسن . 

6 - وقال الله: «تعمل الإنسان على صورتنا كشبهناء فيتساطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم» وعلى كل 
الأرض» وعلى جميع الددادات الي تدب على الأرض» . 

7 - فخَاق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه . ذكرا وأنثى خلتهم . 

8 - وباركهم الله وقال لهم: «أثمروا واكثروا واملأوا الأرض» وأخضعوهاء وتساطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعل ىكل 
حيوان ددب على الأرض» . 

9 - وقال الله: «إني قد أعطينكم كل بل ببزر بزرا على وج هكل الأرض» وكل شجر فيه ثمر شجر ببزر يزرا لكم يكون طعاما . 
0 - ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبابة على الْأَرض فيها نفس حية: أعطيت كل عشب أخضر طعاما» . وكان 
كذاك. 


1 - ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا . وكان مساء وكان صباح يوما سادسا . 


اسداء الخلق في القرآن الكريم 


قال الله تعالى: "قل أينكم لتكفرون بالكغي خلق الاررض في يومين وتجعلون لك أنذاداء علد رب العالمين» 
وجعل فيها رواسي من فوقها وبارحد فيها وقدر فيها أقواتها في أربعخ أيام صواء للسايلين» ثم استوى إلى 
السماء وهي حفان فقال لها وللارض ايتيا ضرعا أو حرهاء قالتا أتينا ضايعين: فقضاهن سبع 
سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرهاء وزيفا السماء الكنيا بمصابيح. وحفضاء ءل< تقدير العزين 
000-86 

قلت: الظاهر من النص أن الله تعالى لق الأرض أولا 

ثم جعل فيها رواسي من فوقهاء وبارك فيها وقدر أقواتها ثانيا 

ثم استوى إلى السماء وهي دحان» فقال لها وللأرض: ائتيا طوعا أو كرهاء قالتا: أتينا طائعين» فقضاهن سبع 
سماوات»ء ثالثا 


وأوحى في كل سماء أمرهاء وزين السماء الدنيا بمصابيح» وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم رابعا 


4 فصلت11-8 
362 





وقد ظن قومء أن عدد أيام الخلق في هذه الآية ثمانية أيام» وهو ما يخالف ما ذكره الله تعالى من خلق السماوات 
والأرض في ستة أيام» في آيات أخرى» كما في قوله تعالى: "ولقه خلقنا المماوات والارض وما بينهما في 


5 25 
متخ أيام وما مسنا من لغوب". 


ورد بعض المفسرين عليهم بأن الأمر ليس كما ظنواء فقوله تعالى: 'في أربعة أيام'؛ بحساب قوله تعالى: "خلق 
الارض في يومين؛ قال القرطبي: 'في أربعة أيام"» يعيئ: في تتمة أربعة أيام» ومثاله: قول القائل: خحرحت من 
البصرة إلى بغداد» في عشرة أيام» وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماء أي: في تتمة خمسة عشر يوما. انتهى ”7 
أما المراد بقوله تعالى: "أولم ير الغين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء 
لي 780 
فقد قال الحافظ ابن كثير: وقال إسماعيل بن أبي خالد: سألت أبا صالح الحنفي عن قوله: "أن الصسموات 
والارض كانتا رتقا ففتقناهما " 725 قال: كانت السماء واحدة» ففتق منها سبع سموات» وكانت الأرض 
واحدة» ففتق منها سبع أرضين؛ وهكذا قال بجاهد وزاد: ولم تكن السماء والأرض متماستين. وقال سعيد بن 
حبير: بل كانت السماء والأرض ملتزقتين» فلما رفع السماء وأبرز منها الأرض؛ كان ذلك فتقهما الذي ذكر 
الله في كتابه. وقال الحسن وقتادة: كانتا جميعاء ففصل بينهما هذا الحواء. انتهى/2” 

قلت: خلق الله تعالى السماوات والأرض أولاء وقوله تعالى: "أولم ير العين كفروا أن المماوات والآرض 


130 


واحدة») بل كانت الأرض كتلة غير مدحوة» أي غير صالحة لحياة البشر+ وكانت السماوات رتقاء أي فضاء 
واحدا مستمرا غير مفصول 

ودليل ما قلناه» قوله تعالى: "أأنتم أشه خلقا أم السماءء بناها رفع ممحها فسواها وأغصن ليلها وأخرج 
ضحاهاء والارض بعد كلد ححاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرصاها متاعا لكم 


: 731 
ولأنعامكم'". 


25 ق38 
26 الجامع لأحكام القرآن 
7 الأنبياء30 
8 الأنبياء30 
77 تفسير ابن كثير 
7 الأنبياء30 
21 النازعات 33-27 
363 





وبه تبين فتق السماءء وهو بناؤها ورفع سمكها وتسويتهاء وإغطاش ليلها وإخراج ضحاهاء كما في قوله تعالى: 
"تم استوى إلى السماء وهي حشفان فقال لها وللارض ايتيا ضرعا أو حرهاء قالتا أتينا ضايعين 
سكرهع بيع دارا" ل يزمرق دأوهي ب كلم بماء أمرهاتوريذا انمد بارا بمكابيع: وعناضا وذ 
تقدير العزيز العليم". 

أي أن الله تعالى خلق السماء دخانا في فضاء واحدء فقضى فيها سبع سماوات» وزين السماء الدنيا .بمصابيح» 
وهي الكواكب والنجوم» وذلك مبدأ النورء لأن أصل الكون ظلام كما أسلفنا آنفا 

وتبين فتق الأرض بقوله تعالى: 'وجعلنا من الماء كل شيء حي" ””” وقوله تعالى: 'وجعلنا في الارض روامي 
اقم وم وهف نبوا مداه بالا لديم و 
قال ابن كثير: وقوله: 'وجعلنا في الارض روامي".””” أي جبالا أرسى الأرض بماء وقررها وثقلها لثلا تميد 
بالناس» أي تضطرب وتتحركء لا يحصل لهم قرار عليهاء لأنها غامرة في الماء إلا مقدار الربع. فإنه باد للهواء 
والشمس ليشاهد أهلها السماء وما فيها من الآيات الباهرات والحكم والدلالات» ولهذا قال: "أن تمي بهم", 
أي لثلا تميد يمم. وقوله: 'وجعلنا فيها فجاجا سبلا" أي ثغرا في الحبال يسلكون فيها طريقا من قطر إلى 
قطر» ومن إقليم إلى إقليم» كما هو المشاهد في الأرض» يكون الحبل حائلا بين هذه البلاد وهذه البلاد» فيجعل 
الله فيه فجوة» ثغرة ليسلك الناس فيها من ههنا إلى ههناء ولهذا قال: 'لعلهم يهتئون". 3 انتهى 738 

قلت وقد قيعي لفك الققق بق لع الشاد :فود ا مساه مساحيا لا ما لا 737 


1 3 1 740 
قال ابن منظور: "أولم ير العين كفروا أن المماوات والارض حانتا رتقا ففتقناهما", "' قال بعض 


المفسرين: كانت السموات رتقا لا ينزل منها رجحع» وكانت الأرض رتقا ليس فيها صدعء ففتقهما الله تعالى 
بالماء والنبات رزقا للعباد. انتهى 741 


2 فصلت 11-10 
233 الأنبياء30 
734 الأنبياء1 3 
735 الأنبياء30 
736 الأنبياء30 
57 الأنبياء30 
38 تفسير ابن كثير 
”” فتق: الفتق: حلاف الرتق. فتقه يفتقه ويفتقه فتقا: شقه؛ قال: ترى جواها بالشحم مفتوقا 
إنما أراد مفتوقة فأوقع الواحد موقع الجماعة. وفتقه تفتيقاء فانفتق وتفتق. 
والفتق: الخلة من الغيم» والجمع فتوق. انتهى من لسان العرب 
304 





وقال كذلك: والفتق: المخصب» مي بذلك لانشقاق الأرض بالنبات؛ قال رؤبة: 
تأوي إلى سفعاء كالثوب الخلق الم ترج رسلا بعد أعوام الفتق 


أي بعد أعوام الخصب. انتهى 742 
اسّداء الخلى فى السنة النبوبة 


لاشك أن البي يكم قد عرض خلق السماوات والأرض» لكن الظاهرء أن روايات أحاديثه في الخلق لم تصلنا 
ككثير من الأحاديث غيرهاء كما هو معروف عند ذوي الشأن» وإنما ساق المفسرون كثيرا من الأخبار 
الإسرائيلية الي لا يأبه لها في شيءء وال لا يمكن أن نعيرها اهتماما ونحن نحقق في الموضوع 

فقد روى الإمام البخاري عن طارق بن شهاب قال: جمعت عمر رضي لله عنه يقول: قام فينا البي 0-6 
مقاماء فأخبرنا عن بدء الخلق» ح دخل أهل الحنة منازلهم وأهل النار منازلهم» حفظ ذلك من حفظه ونسيه 
من نسيه. رواه البخاري 

وإنما الثابت» ما رواه مسلم في باب ابتداء الخلق ولق آدم عليه السلام» عن أبي هريرة قال: أذ رسول الله 
ّم بيدي فقال: "خلق الله عز وجلء التربة يوم السبت» وخلق فيها الحبال يوم الأحدء ولق الشجر يوم 
الإثنين» وخلق المكروه يوم الثلاثاء» وخلق النور يوم الأربعاء» وبث فيها الدواب يوم الخميس» وخلق آدم عليه 
السلام» بعد العصر من يوم الجمعة» في آخر الخلق» في آخر ساعة من ساعات الجمعة» فيما بين العصر إلى 
الليل" . 

وقد علق الحافظ ابن كثير على هذا الحديث بعدما ساقه في تفسيره. قائلا: وهذا الحديث من غرائب صحيح 
مسلم» وقد تكلم عليه علي بن المدين والبخاري وغير واحد من الحفاظ» وجعلوه من كلام كعبء وأن أبا 
هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار» وإنما اشتبه على بعض الرواة» فجعلوه مرفوعا. وقد حرر ذلك 


743 
ا ام 


0 الأنبياء30 
141 لسان العرب 


142 


7 قلت: وهذا ما قاله البيهقي في الأسماء والصفات: عن عبد الله بن سلام قال: خلق الله الأرض ف يومين» وقدر فيها أقواتما في 


يومين» ثم استوى فخلق السماوات في يومين» خلق الأرض في يوم الأحد ويوم الإثنين» وقدر فيها أقواتها يوم الثلاثاء ويوم 
265 





قيل: وقد ضعف الإمام البخاري هذا الحديث» بسبب تعارضه مع صريح القرآن» حيث حدد القرآن أيام 
الخلق ف ستة أيام» بينما حددها هذا الحديث في سبعة أيام؛ وقيل: هذا التضعيف كان» بسبب حصول خطأ ما 
في الحديثء أثناء تناقل الرواة له» وذلك لا بمنع من الاستفادة من بعض الحقائق الواردة فيه 

قلت: روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي تَيككُمْ قال: "خلق الله التربة يوم السبت الحديث"» وقال: وقال 
بعضهم عن أي هريرة عن كعب وهو أصح. انتهى 745 

قال أبو الفتح: هذا الذي قاله الإمام البحاري فيه نظر من وجوه: 

الوجه الأول: قوله: وقال بعضهم عن أبي هريرة عن كعب وهو أصح, لا يعتبر إن لم يسم هذا البعض ولم 
يذكر دليلا لهم على ما قالوا ح نتابعه 

وقوله: وهو أصح, لا يقتضي ضعف ما رواه مسلم عن أبي هريرة 


الأربعاء» وخلق السماوات في يوم الخميس ويوم الجمعة» وآخر ساعة في يوم الجمعة» خلق الله آدم في عجل» وهي الي تقوم فيها 

الساعة» وما خخلق الله من دابة» إلا وهي تفزع من يوم الجمعة» إلا الإنسان والشيطان 

عن أبي هريرة رضي الله عنهء قال: أذ رسول الله عََظُمْ بيديء فقال: "لق الله التربة يوم السبتء وخخلق فيها الجبال يوم 

الأحدء وخلق الشجر يوم الإثنين» وخلق المكروه يوم الثلاثاء» وخلق النور يوم الأربعاء» وبث فيها من الدواب يوم الخميس» 

وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق» في آخر ساعة من ساعات الجمعة.» فيما بين العصر إلى الليل". هذا حديث 

قد أخرجه مسلم في كتابه» عن سريج بن يونس وغيره عن حجاج بن محمد. وزعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير 

محفوظ, لمخالفته ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ. 

وزعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أحذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد» وإبراهيم غير محتج به 

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ» أحبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي» ببخارى» حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصرء 

حدثني محمد بن يحيى» قال: سألت علي بن المديني عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "خلق الله التربة يوم السبت"» فقال 

علي: هذا حديث مدني رواه هشام بن يوسف عن ابن حريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن أبي رافع مولى أم 

مسلقة» عق أب عريزة برضي اللل ص قال1 الخد رستول "اله مولع ونني)"قال على بوطتيك ولني! ابزامق انق أن يسى “وقال 

لي: شبك بيدي أيوب بن خالد» وقال لي: شبك بيدي عبد الله بن رافع» وقال لي: شبك بيدي أبو هريرة رضي الله عنه» وقال 

لي: شبك بيدي أبو القاسم عَم وقال لي: "حلق الله الأرض يوم السبت". فذكر الحديث بنحوه. قال علي بن المديني: وما 

أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذاء إلا من إبراهيم بن أبي يحيى. قلت: وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن 

خالد» إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف» وروي عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن 

حالد» وإسناده ضعيف. والله أعلم. انتهى من الأسماء والصفات 

7 تفسير ابن كثير 

الفاريح الكبيز 
366 





الوجه الثالث: لا يقدح في أيوب ترك ابن المبارك» وقد وثقه كثير غيره ثمن يحسب له حساب في البرح 
والتعديل 

يقول الأستاذ منصور العبادي: لقد ذكر الحديث أن الله حلق التربة في أول أيام الخلق» ومن الواضح أن 
المقصود بالتربة هي القشرة الأرضية» فالأرض عند أول نشأتها كانت كرة ملساءء وسطحها شبه سائل» وبدأ 
هذا السطح بالتجمد بشكل تدريجيء إلى أن أصبح من الثخانة» بحيث يقوى على حمل المواد الى تقذف با 
البراكين من باطن الأرض المنصهرء لتبدأ بذلك عملية تكون الحبال» الي ذكر الحديث أن الله خلقها في اليوم 
الثاني من أيام الخلق. أما الأحداث الي حدثت في بقية أيام الخلق» فهي تتعلق بخلق الكائنات الحية» باستثناء 
خلق النور ف يوم الأربعاء. وأعتقد والله أعلم» أن هذا الحدثء أي النورء ليس له مكان في أيام الخلق» وإذا ما 
استثنيناه من هذا الحديث» فإن أيام الخلق فيه تصبح ستة أيام» وهو ما يتوافق مع صريح القرآن. ومن امحتمل أن 
يكون اليوم الرابع الذي خلق الله فيه النور» قد نقله الراوي خطأ من نص التوراة إلى نص هذا الحديث النبوي. 
انتهى 7746 

قلت: ليس من السهل الحزم بضعف الحديث؛ء إذ لم ينفرد مسلم بروايته» فقد رواه غيره» منهم: الإمام أحمد في 
مسنده» ورواه النسائي في الكبرى» ورواه ابن حبان في صحيحه. ورواه البيهقي في السنن الكبرى» ورواه أبو 
يعلى في مسنده. وأخرحه ابن مردويه» وغيرهم»747 وقد صحح إسناده برواية مسلم من امحدثين» كل من 
أحمد شاكر والألبااي. بل رواه النسائي مرة أخرى بسند غير سند مسلم؛ مع زيادة» نورده من أجل البيان: 


“” بداية الخلق في القرآن الكريم 
” قلت: رواه أحمد في مسنده؛ قال: حدثنا عبد الله حدثيٍ أبي قال: ثنا حجاج. قال ابن حريج: أحبرني إسماعيل بن أمية عن 
أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: أذ رسول الله يَيلُم بيدي فقال: الحديث 
ورواه النسائي في السئن الكبرى؛ قال: أنا هارون بن عبد الله ويوسف بن سعيدء واللفظ له نا حجاج عن ابن جريج قال: 
أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبِي هريرة قال: أذ رسول الله يتم بيدي فقال: الحديث 
ورواه ابن حبان في صحيحه. قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثق» حدثنا سريج بن يونس» حدثنا حجاج بن محمد» حدثنا ابن 
جريج؛ أخبرن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: أذ رسول الله يلم 
بيدي فقال: الحديث 
ورواه البيهقي في السئن الكبرى» قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد» أنبأ أبو بكر أحمد بن 
سلمان بن الحسن الفقيه قال: قرئ على ييى بن حعفر بن الزبرقان وأنا أسمع» أنبأ حجاج بن محمد الأعور قال: قال ابن حريج: 
أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال: أذ رسول الله يَيك بيدي 
فقال: الحديث 

37 





أخبرنا إبراهيم بن يعقوب» قال: حدثن محمد بن الصباح؛ قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد» قال: نا الأخعضر بن 
عجلان عن بن جريج المكي عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي يَلثُم أخذ بيدي قال: "يا أبا هريرة» إن الله حلق 
السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع» وخلق التربة يوم السبت» 
والحبال يوم الأحدء والشحر يوم الإثنين» والتقن”” يوم الثلاثاء» والنور يوم الأربعاء» والدواب يوم الخنميسء 
وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد العصرء وخلق أديم الأرض أحمرها وأسودها وطيبها وحبيثها» من 
أجل ذلك جعل الله عز وجل من آدم الطيب والخبيث". رواه النسائي في السئن الكبرى 

وقد ذهب فريق من العلماء إلى أن الخلق المذكور في الآيات يختلف عن الخلق المذكور في الحديث» فالخلق 
المذكور في الآيات هو خلق السماوات والأرض جملة» أما الخلق المذكور في الحديثء فإنه تفصيل لما خلق الله 
ف الأرض من جبال وتربة وشجر ودواب وغير ذلك» وهذا لا يتعارض مع الآيات» ولكن يضم إليها. 

وقالوا: كما أخبر النبي تَيكم, أن بدء الخلق كان يوم السبت» وهذا هو الصحيح, أما من ذهب إلى أن بدء 
الخلق كان يوم الأحد, فلم يعتمد سوى على آثار موقوفة أو ضعيفة» .مقابلتها برواية مسلم» وهي من 
الإسرائيليات الي أخذت عن كعب ووهب بن منبه وغيرهما من مسلمة أهل الكتاب» وهذا ما ذكره الإمام 
السهيلي ف الروض الأنف» وعاب على من قال: إن أول الأسبوع الأحد لا السبت» ومن ثم فقد ثبتت صحة 
الحديث سندا ومتنا. 

قال أبو الفتح عفا الله عنه: لنا في ما قاله من سلف في أمور الخلق نظر 

فنقول وبالله التوفيق: قوله تعالى: "قل أيفنكم لتكفرون بالعي خلق الارض ف يومين وتجعلون له أنداداء 
علد رب العالمين» وجعل فيها رواصي من فوقها وبارطة فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام صوا 
للسايلين» ثم استوى إلى السماء وهي حفان فقال لها وللارض ايتيا فرعا أو كرهاء قالتا 8 
مصايعين» ال ع ع سمارت د رمن وأوحى في كل سماء أمرهاء وزينا المماء الكنيا بمصابيح, 
وحفضاء علط تقدير العزيز العليم 59 


ورواه أبو يعلى في مسنده» قال: حدثنا سريج بن يونس حدئنا حجاج بن محمد عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم 
سلمة عن أبي هريرة قال: أذ رسول الله ميم بيدي فقال: الحديث 
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: أحذ رسول الله عَيلتُّمْ بيدي فقال: الحديث. أنظر الدر المنثور 
التقن: ترنوق البئر والدمن» وهو الطين الرقيق يخالطه حمأة يخرج من البثر 
فصلت11-8 
365 





أولا: لا بخاري من فسر قوله تعالى: في أربعية أيامء بأن المراد يما يومين» وإنما زادها الله تعالى على اليومين 
السابقين» وقول القرطي: 'في أربعة أيام"؛ يعينء في تتمة أربعة أيام» ومثاله قول القائل: حرجت من البصرة 
إلى بغداد» في عشرة أيام» وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماء أي. في تتمة خمسة عشر يوما. انتهى"3” 

فلو كان الأمر كذلك لما قال سبحانه بعدها: "فقضاهن سبع مماوات في يومين"» بل قال: في ستة أيام, في 
تتمة ستة أيام» فذلك أقرب إلى السياق من غيره 

ثانيا: لانتطلع إلى الآيات» دون أن نقابلها بالحديث 

فنقول: رأينا أن أيام الخلق المذكورة في الحديث ليست هي ذاتها المذكورة في الآية» وذلك من وحوه: 

الوجه الأول: ما ورد في الحديث من خلق لا يتعلق سوى بما في الأرض» بخلاف تعلق ما ورد في الآيات 
الكريمة بخلق الأرض وما فيها 

الوجه الثاني: لم يسم الله تعالى الأيام بأسمائها في الآيات» بخلاف ما ورد في الحديث 

الوجه الثالث: نحسب أيام خحلق السماوات والأرض ستة كما ورد في قوله تعالى: "الله الءي خلق المماوات 
والارض وما بينهما في ستيغ أيام ثم استوى على العرش" 751 

أما الحديث» فهو لا يعرض لهذه الأيام الستة كما ذكرتًا الآية» وإِنما يعرض لبعضها كما سنراه إن شاء الله 
تعالى» وإنما يهم الحديث ما دبره الله تعالى في الأرض بعد الخلق 

وأما قوله تعالى: قل أيفكم لتحفرون بالئي خلق الارض في يومين الآية'””” فالمراد به يومان من أيام لق 
السماوات والأرض الستة» الي لم يتضمنها الحديثء» ليبقى منها أربعة أيام تتمة الستة» وهي تخص مدة خلق 
السماوات 

فإن قلت: أليس إخباره تعالى بخلق السماوات والأرض في ستة أيام يعي انتهاءه منهما؟ قلت: خلقهما لا يعني 
انتهاءه منهماء بل المراد بالخلق الإيجاد» وهو الذي استغرق ستة أيام» وتبعه التهبيء وهو الذي ورد ذكره في 
الحديث 

ألا ترى إلى قوله تعالى: "هو العي خلقكم من تراب ثم من نتصفة ثم من علقة ثم يغرجكم صفلا ثم 
لتبلغوا أضنكم ثم لتكونوا شيويخاء ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون". 7*7 


57 الجامع لأحكام القرآن 
!2 السجدة3 
2 فصلت8 
133 غافر 67 
3269 





وأما قوله تعالى: 'وجعل فيها روامي من فوقها وبارجد فيها وقكر فيها أقواتها في أربعة أيام صواء للسايلين» 
ثم استوى إلى السماء وهي حفان فقال لها وللارض ايتيا ضرعا أو حرهاء قالتا أتينا ضايعين» 
فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرهاء وزينا السماء الكنيا بمصابيح. وحفضاء 
علط تقدير العزيز العليم". ى فيتضمن ستة أيام الي أشار إليها الحديث 

أما قوله تعالى: "وجعل فيها رواسي من فوقها وباردة فيها وقكر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسايلين ". 
فهو يوافق ما ورد في الحديث» من خلق التربة يوم السبتء والحبال يوم الأحد والشجر يوم الإثنين» والنور 
يوم الثلاثاء 

وقوله تعالى: "ثم استوى إلى السماء وهي حشخان فقال لها وللارض ايتيا فرعا أو كرهاء قالتا أتينا 
تيعين» فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرهاء وزينا السماء الكنيا بمصابيح, 
وحفضاء علد تقدير العزيز العليم "757 فيوافق الحديث في خلق النور يوم الأربعاء» وخلق الدواب يوم 
الخميس» فإن بث الدواب لا يكون إلا بعد تمييء الأرض ووجود النور 

وما خلقه الله تعالى في الأرض في ستة أيام الى ذكرها الحديث» هو ما يذكره سبحانه وتعالى ف قوله: "خلق 
السماوات بغير عمد.ء ترونهاء وألقى في الاآرض رواسي أن تميه بحم وبث فيها من كل حاب وأنزلنا من 
المماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج حريمء هذا خلق اللك؛ فأروي ماءا خلق العين من حونه؛ بل 
الضالمون في ظال 0 

وما دام الحديث يخبر أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام يوم الجمعة وهو سادس الأيام» ومعلوم أن خلق 
ال ل الل ل 2 لانن 
فيقتضي ذلك أن أيام الحديث» ليست هي أيام خلق السماوات والأرض المذكورة في الآية 

ثالثا: نقول بأن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام؛ ثم استوى سبحانه على العرش» وأتبعه ما ذكر من 
أيام في الحديث» وذلك لقراين نذكر منها: 

الأولى: قوله تعالى: "الله الغي خلق السماوات والارض وما بينهما في ست أيام ثم استوى على 
7 

لا يع بالضرورة أنه تعالى لما استوى على العرش في اليوم السابع» لم يواصل الخلق في اليوم نفسهء وبذلك 
يمكن أن يكون ابتداؤه خلق السماوات والأرض يوم الأحد» كما هو غالب أقوال الناس من المسلمين وأهل 


4 فصلت11-8 
5 فصلت11-8 
6 لقمان 11-9 
7” البقرة 29 
8 السجدة3 
230 





الكتاب» فيكون تعالى انتهى من خلقهما في يوم الجمعة» واستوى يوم السبت» وابتدأ ما ذكر من خلق في 
يستغرق يوما كاملاء كيف وقد قال سبحانه: "ولقه خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ست أيام وما 
جا و 07 

ويؤيد ذلك قوله تعالى: "الله الءعي رفع السماوات بغير عم؛ ترونهاء تم استوى على العرش» وصسغخر 
العي مه الاآرض وجعل فيها رواسي وأنهاراء ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اتفين» يغضي الليل 
النهان إن في علط لآيات لقوم يتفكرونء وفي الارض قضصع متجاورات وجنات من أعفاب وزرع ونخيل 
7607 

ولا نقول كما ورد في سفر التكوين: وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل . فاستراح في اليوم السابع من جميع 
عمله الذي عمل. سفر الكوين 2 آمة2 

فيقوم التوافق والانسجام بين الآية والحديث الذي يجعل بداية خلق ما في الأرض يوم السبت 

الثانية: نرى أن أيام الخلق الستة المذكورة في القرآن» سبقت ما ذكر في السنة» وذلك لما جاء في رواية النسائي 
من ذلك: 

عن أبي هريرة أن البي يَيَُّْم أحذ بيدي. قال: "يا أبا هريرة» إن الله حلق السماوات والأرضين وما بينهما في 
ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع» وحلق التربة يوم السبت» والجبال يوم الأحد» والشجر يوم الإثنين» 
والتقن يوم الغلاثاى والنور يوم الأربعاء» والدواب يوم الخميس» وآدم يوم الجمعة في آخر ساعة من النهار بعد 
العصر» وخلق أديم الأرض أحمرها وأسودها وطيبها وحبيثهاء من أجل ذلك جعل الله عز وجل من آدم الطيب 
والخبيث". رواه النسائي في السنن الكبرى 

وبذلك تبين أسبقية خلق السماوات والأرضء على ما ورد في الحديث 

ويؤيده ما ورد في سفر التكوين: 


1 فى البدء خاق الله السماوات والأرض. 


139 ق38 


700 الرعد4-2 


3/11 





2 وكانت الأرض خربة وخالية» وعلى وجه الغمر ظلمة» وروح الله رف على وجه المياه. 

3 وقال الله: «ليكئ نور»» فكان نور. سفر الكوون 1 

وأما ما رواه ابن حرير عن عبد الله بن سلام أنه قال: إن الله بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد 
والإثنين» وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء» وخلق السموات في الخميس والجمعة» وفرغ في آخر 
ساعة من يوم الجمعة» فخلق فيها آدم على عجلء فتلك الساعة الي تقوم فيها الساعة. انتهى'6” 

فلا أساس له من الحق على ما يظهرء فهو يخلط بين أيام حلق السماوات والأرض» وبين أيام خلق ما في 
الأرضء ولا غرابة في ذلكء؛ إذ الخبر من الإسرائيليات» الي لا يقوم ما فيها على دليل 

رابعا: لم يلتزم الله تعالى في ذكره أيام الخلق في قوله تعالى: "قل أيفكم لتحفرون بالغي خلق الارض في 
وير ج977" قلركة. 1 لتر مها شنها شك عيرم تمن ان التساراضوالأرض: وديم ابام حافة 
وقد عددنا عددها ثمانية» على حسب ما ذهبنا إليه» وقد نوفق بينهما ونقول: 

أما قله تعاك "قل أينكم لتكفرون. بالك قلف" الترض في مومينة *7” فهىي 'يومان من آيام خلق 
السماوات والأرض الستة المذكورة في الآية 


ع 1 : 5 1 ا ا 1 .م 764 
وأما قوله تعالى: 'وجعل فيها رواسي من فوقها وباردد فيها وقكرفيها أقواتها في أربعخ ايام . 


فهي ما ورد في الحديث: من حلق التربة يوم السييبة» والجبال يوم الأحد, والشجر يوم الإثبين» والمكروه يوم 
الثلاثاء 


قال تعالى: "والارض بعد ءلة ححاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم 
٠‏ 765 


أما خلق النور يوم الأربعاء» فلا يدحل ضمن معان قوله تعالى: "وباردة فيها وقكر فيها أقواتها". 
بل يدحل في قوله تعالى: "هو الغي خلق لكم ما في الارض جميعاء تم استويى إلى السماء فسواهن سبع 
سماوات» وهوبحجل دنيء ان 


'؟ تفسير ابن كثير 
2 فصلت 8 
9 فصلت8 
4 فصلت9 
5 النازعات 33-30 
6 البقرة28 
372 





وشاهد مناسبته» دلالته على أنه تعالى استوى إلى السماء بعدما فرغ من خلق ما في الأرض جميعاء مما يسايرنا 
على ما نحن عليه 

قال الله تعالى: "أأنتم أشه خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغفضض ليلها وأخرج ضعاها". 707 
وأما قوله يَيَككُم : وبث فيها الدواب يوم الخميسء فبأن توفر ماؤها وشجرها وقهيأت أقواتهاء وانتشر ضوؤهاء 
فاقتضت بث الدواب فيها لتمام استحقاقها لعيشهم في أكنافها 

قلت: ومن قال غير ذلك: فقد فهم من الآية ما لا يفهم منهاء فربطها بأيام الخلق الستة المذكورة في غيرهاء إذ 
لا داعي للربط» وإلا ظن أن أيام الحديث الشريف وجب أن تكون نفسها الستة أيام المذكورة في القرآن» ولا 
من يدعوه لذلك» ح أنهم حاولوا جعلها ستة» مع أن الظاهر من النص ثمانية» بأن حسبوا الأربعة يومين» وإثما 
هي تتمة اليومين الأولين 

وتحرير الكلام: أن الله تعالى ابتدأ بأن حلق السماوات والأرض أولاء في ستة أيام ابتداء بيوم الأحد إلى يوم 
السبت» خلق الأرض ف يومين كما ورد ف كتابه العزيز» وبقيت أربعة أيام» الغالب أنه خحصصها لخلق 
السماوات» وهي الستة أيام المذكورة في الآية» واستوى على العرش في اليوم نفسه وهو السبت حيث ابتدأ 
خلق ما في الأرض وخلق آدم؛ إلى يوم الجمعة» وهي الستة أيام المذكورة في الحديث. والله تعالى أعلم 


فصل في قوله تعالى: "الله الغي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهنء يتفزل الامر بينهن لتعلموا أن 
الله على كل شيء قير وأن الله قد أحاض بكل شيء علما", 569 

تدل الآية دلالة صريحة على أن الله تعالى خلق سبع أرضين ول يخلق أرضا واحدة» وذلك ما دلت السنة عليه. 
قوله تعالى : 'فسواهن صبع صماوات ".7 

قال القرطبي: ذكر تعالى أن السموات سبع. ولم يأت للأرض في التتزيل عدد صريح لا يحتمل التأويل إلا قوله 
ا ارق التو موقيو 777 ونه كلت 1 حل "دون الخريض» مهن )تاعاق اليد لذن 
الكيفية والصفة مختلفة بالمشاهدة والأخبار» فتعين العدد. وقيل: "ومن الارض متلهن". أي في غلظهن وما 
بينهن. وقيل: هي سبعء إلا أنه لم يفتق بعضها من بعضء قال الداودي: والصحيح الأول» وأنها سبع 
كالسماوات سبع. روى مسلم عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله علد يقول: "من أحذ شبرا من 


7 النازعات 29-27 
8 الطلاق 12 
7 البقرة28 
57 الطلاق18 
23213 





1 1 


الأرض ظلماء طوقه إلى سبع أرضين". وعن عائشة رضي الله عنها مثله» إلا أن فيه "من" بدل "إلى". ومن 
حديث أبي هريرة: "لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين". وروى النسائي 
عن أن سعيذ القدري عن ارسول الله يكم قال: "قال موسى عليه السلام: يا رب» علمئ شيئا أذكرك به 
وأدعوك به قال: يا موسىء قل: لا إله إلا الله قال موسى: يا رب» كل عبادك يقول هذاء قال: قل: لا إله إلا 
الله قال: لا إله إلا أنت» إنما أريد شيئا تخصين به قال: يا موسى» لو أن السموات السبع وعامرهن غيري» 
والأرضين السبع؛ في كفة» ولا إله إلا الله في كفة» مالت يمن لا إله إلا الله". 

وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: بينما نبي الله مَيلثُم » حالس وأصحابه؛ إذ أتى عليهم سحابء فقال ني الله 
لم : "هل تدرون ما هذا؟" فقالوا: الله ورسوله أعلمء قال: "هذا العنان» هذه زوايا الأرض» يسوقه الله إلى 
قوم لا يشكرونه ولا يدعونه". قال: "هل تدرون ما فوقكم؟" قالوا: الله ورسول أعلمء قال: "فإنها الرقيع» 
سقف محفوظ وموج مكفوف". ثم قال: "هل تدرون كم بينكم وبينها؟" قالوا: الله ورسوله أعلم» قال: "بينكم 
وبينها مسيرة حمسمائة عام". ثم قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم» قال: "فإن فوق 
ذلك سماءين» بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة". ثم قال كذلك» حى عد سبع سماوات» ما بين كل سماءين 
ما بين السماء والأرض. ثم قال: "هل تدرون ما فوق ذلك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم» قال: "فإن فوق ذلك 
العرش» وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين". ثم قال: "هل تدرون ما الذي تحتكم؟" قالوا : الله ورسوله 
أعلم؛ قال: "فإهها الأرض"؛ ثم قال: "هل تدرون ما تحت ذلك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم» قال: "فإن تحتها 
الأرض الأخرى» بينهما مسيرة خمسمائة سنة"» حى عد سبع أرضينء بين كل أرضين مسيرة حمسمائة سنة» ثم 
قال: "والذي نفس محمد بيده» لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلىء لبط على الله", ثم قرأ: "هو الاول 
والآخر والاضاهر والبافن» وهو بكل ضيء عليم".'”” قال أبو عيسى: قراءة رسول الله عَم الآية, تدل 
على أنه أراد: لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه, علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان» وهو على عرشه 
كما وصف نفسه في كتابه. قال: هذا حديث غريب» والحسن لم يسمع من أبي هريرة. والآثار بأن الأرضين سبع 
كثيرة» وفيما ذكرناه كفاية. 

وقد روى أبو الضحىء واسمه مسلمء عن ابن عباس أنه قال: "الله العي خلق سبع سماوات ومن الاررض 
مثلهن"»؛ قال: سبع أرضين ف كل أرض ني كنبيكم؛ وآدم كآدم» ونوح كنوح. وإبراهيم كإبراهيم» وعيسى 
كعيسى. قال البيهقي: إسناد هذا عن ابن عباس صحيح» وهو شاذ برة» لا أعلم لبي الضحى عليه دليلاء والله أعلم. انتهى 772 


!7 الحديد 03 
7 الجامع لأحكام القرآن 
23/4 





2 1" 1 1 775 
قوله تعالى: "والارض بعد ءلطة ححاها أخرج منها ماءها ومرعاها". 


دحا: الدحو: البسط. دحا الأرض يدحوها دحوا: بسطها. 
وقال الفراء في قوله عز وحل: "والارض بع عل ححاها"؛ قال: بسطها؛ قال شهمر: وأنشدتئ أعرابية: 
الحمد لله الذي أطاقا بنى السماء فوقنا طباقا 

ثم دحا الأرض فما أضاقا. انتهى؟”” 
قال أبو الفتح: قلت: دحو الأرض يأقٍ بعد حلقهاء ويدحل ف فتقهاء والمراد بهء والله أعلم: جعل شكلها 
وحجمهاءما هي عليه الآن» وذلك حى تكون صالحة لأن يعيش عليها الإنسان» فتواتيه موضعا وزمانا 
فأما الموضعء فبأن جعلها ذلولا لإقامة البشر عليها ومشيه فيها: قال الله سبحانه: "هو العي جعل لكم 
الارض علولا فامشوا في مناحبها وكلوا من رزقة؛ وإليه النشور". 777 
وأما الزمان» فبأن جعل شكلهاء يحتمل دورانها في وقت معدود لا يقل ولا ينقصء ويسبب الفصول الأربع» 
حي يكون في ذلك تنوع في نفع البشر 


776 1 5 


"أولم ير العين كفروا أن المماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهماء وجعلنا من الماء كل ضيء حيء أفلا 


777 


"وهو العي خلق السماوات والاررض ف ستخ أيام وكان عرشهة على الماء ليبلوجم أيكم أحعسن 


77 


اعلم أي الكريم» هدانا الله وإياك للصواب» أن رب الأكوان» خلق لنا السماوات والأرض» وكان عرشه على 
الماء 


والماء أول خلقه» وأصل جميع ما حلق في هذا الكون» فقد اقتضى أن يكون عرشه في بادئ الأمر على الماء» ثم 
خلق منه السماوات والأرض وما بينهماء وخلق الإنسان والدواب 


5 النازعات 31 

4 لسان العرب 

5 الملك15 

776 هود07 

77 الأنبياء30 

778 هود7 
315 





779 ١ 
"وهو التي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهراء وكان ربح قيرا".‎ 


'"والله خلق كل <ابغ من ماء؛ فمنهم من يمضي على بضنة؛ ومنهم من يمشي على رجلين» ومنهم من 
يمكح عدن اربع يقلي الدواها سام إن اند عن ضل فر 00 

وجاء في الكتاب المقدس: 

لأن هذاء يخفى عليهم بإرادثهم أن السماوا تكانت منذ القددم و الأرض بكلمة اللهء قائمة من الماء و الماء . بطرس الثانية 5-3 
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال البي عَلكُمْ : "كان الله ولم يكن شيء غيره» وكان عرشه على 
الماء» وكتب ف الذكر كل شيء» وخلق السماوات والأرض". رواه البحاري 

عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله مَكُّمْ : "كل شيء خلق من ماء". رواه الحاكم ف مستدركه 
والظاهرء أن الله تعالى» ابتدأ حلقه بأن خلق الماء أولاء ثم خلق منه السماء» وكانت سماء واحدة غير مفصلة 
بسبع سماوات» كما هو عليه الحال اليوم» وإن شئت قلت: كانت فضاء مستمرا شائعا بلا حدود ولا فواصل. 
ثم خلق سبحانه الأرض؛ وسط هذا الفضاء الشاسع المترامي» إلا أن هذه الأرض لم تكن على ما هي عليه 
اليوم» هي الأخرىء وإِنما كانت كتلة ملساء جرداءء هائمة في الفضاى غير صالحة لأن يعيش عليها الإنسان. 
ويؤيد ذلك ما ورد في سفر التكوين1» آية: 2 

وكانت الأرض خربة وخالية 

ومن قال بخلق الأرض قبل السماء» لم يخرج على ما قلناه» إذ لا وجود للأرض بغير فضاء تكون فيه» وإلا فما 
سبق الخلق غير العماء. 

ثم تولى الله تعالى السماء بالتسوية والإكمال» وبعدها تولى سبحانه الأرض بالدحو والتهبيء للمعيشة 

ويظهر ذلك في قوله تعالى: "أأنتم أضد خلقا أم السماء. بناها رفع سمحها فسواها وأغصن ليلها وأخرج 
ضعاهاء والارض بعد علط حهعاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرماها متاعا لكم 
لافيت 1 

وفي قوله تعالى: "أولم ير العين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهماء وجعلنا من الماء 


: 7892 
كل فنيء: حي أفلا يومنون ". 


7 الفرقان54 
7 النور 43 
581 النازعات 33-27 
2 الأنبياء30 
2306 





وفي هذه المرحلة» أي مرحلة تسوية السماء وفتقها إلى سبع سماوات» ودحو الأرض» حيث أخرج ماءها 
ومرعاهاء وجعل فيها الحبال رواسي؛ في هذه المرحلة» مرحلة التهييء والتأهيل والإعداد» كان ضوء النجوم 
وكان نور الشمس والقمر» وكان الليل والنهار 

والمراد من كلام الشيخ في رباعيته: باثقين بالفتيقة» أي أن السماوات والأرض منبثقتين بعملية الفتق كما 
ذكرنا آنفا 

وقوله: شلا دحان وغيام» إشارة إلى قوله تعالى "ثم استوى إلى السماء وهي عفان" 

وقوله: راطمين بروايح زعيقة نثبتنك عند الصدام 

أي أن خلق الكون يسمع له ارتطام شديد وتنبعث منه روائح كريهة» مما لا تتحمله قوة بشرء ولكن الله هو 
القادر على تثبيت فؤاد من أشهده خلقته» سبحانه وتعالى الحكيم العلام 

"تم استوى إلى السماء وهي حفان"؛ وهو بخار الماء المتصاعد منه. حين خلقت الأرض. انتهئ3ة 
وفي خلق الكونء يقول الإمام علي كرم الله وجهه: أنشأ الخلق إنشاءء وابتدأه ابتداء» بلا روية أجالهاء ولا 
تجربة استفادهاء ولا حركة أحدثهاء ولا همامة نفس اضطرب فيها. أحال الأشياء لأوقاتهاء ولأم بين 
مختلفاتهاء وغرز غرائزهاء وألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها» محيطا بحدودها وانتهائهاء عارفا بقرائتها 
وأحنائها. ثم أنشأ سبحانه فتق الأحواء» وشق الأرحاء وسكائك الهواءء فأحرى فيها ماء متلاطماء تياره 
متراكماء زخاره حمله على متن الريح العاصفة» والزعزع القاصفة» فأمرها برده» وسلطها على شدهء وقرنها 
إلى حده. الهواء من تحتها فتيق» والماء من فوقها دفيق. ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبهاء وأدام مربهاء 


وأعصف مجراهاء وأبعد منشأهاء فأمرها بتصفيق الماء الزحار» وإثارة موج البحار» فمخضته مخض السقاءء 


7 


وعصفت به عصفها بالفضاءء» ترد أوله إلى آخره» وساجيه إلى مائره» حتى عب عبابه» ورمى بالزبد ركامه, 
فرفعه في هواء منفتق» وجو منفهق» فسوى منه سبع سموات» جعل سفلاهن موجا مكفوفاء وعلياهن سقفا 
محفوظاء وسمكا مرفوعا بغير عمد يدعمهاء ولا دسار ينظمها. ثم زينها بزينة الكواكب» وضياء الثواقب» 


وأحرى فيها سراجا مستطيراء وقمرا منيراء في فلك دائر» وسقف سائرء ورقيم مائر. اننهى84” 


قال الجعفي: حكمة الله تعالى فى خاقٌ الزمان والمكان فى الوقت ذاته 
وما غاب عن المتكلمين في خلق السماوات والأرضء أن الله تعالى حلق المكان والزمان في آن واحدء فإحباره 


سبحانه بأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش» يوحى بجلاء» بأن المراد لق الزمان 


763 سير ابن كثير 
34" فج اللاغة 
ك3 





الذي كان رتقا أي مستمراء ففتقه أي قسمه إلى سبعة أيام» وإن شئت: كان الزمان رتقاء أي واحداء ففتقه 
هو الآخرء أي قسمه الله تعالى إلى ماض وحاضر ومستقبل» وإلا فما حاحته سبحانه» وهو القادر المقتدرء 
لاستغراق سبعة أيام في الخلق؟ أليس هو القائل: "إنما أمره إءا أراك ضييا أن يقول له كن» 0 
فكما فصل الله تعالى الفضاء الشاسع بسبع سماوات» فكذلك قسم الزمان الشائع إلى سبعة أوقات» وهي أيام 
الأسبوع؛ فافهم 

ألا ترى أن الناس يراعون هذه الأيام السبعة في حساب زمانهم» فهي نفسها تتردد عودا على بدء؟ 

وما قسم الزمان على سبعة أيام» إلا ليكون عبارة على ثلاثة: ماض وحاضر ومستقبل» وإلا فالزمان عند الله 
واحدء فحاشى أن تحكمه هذه الأزمنة الثلاثة» ما ضيها فيفوته» وحاضرها فيحياه» ومستقبلها فيتشرفه» وإِنما 
ذلك من شأن الحوادثء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا 

فالأوقات عندنا لا تمضي ولا تفوت» ولا ترتقب» بل كلها حاضرة في آن واحدء وهي لا تكون معدومة إلى 
حين حدوثها في الحاضر أو المستقبل» بل كلها متعلقة بالحاضر 

وإنما هي أي الأوقات» تتنقل في الأزمنة الثلاث» ف نظر الإنسان» كما أراد له الله تعالى أن ينظرء لا كما هي 
عليه» لأنه. أي الإنسان» محكوم بالماضي والحاضر والمستقبل» تؤثر فيه هذه الأزمان بالبلى والهرم؛ وتؤثر في 
إحساساته من أفراح وأتراح» وغضب وانشراح» وحسرات وأمان وما إلى ذلك» وهو في الحاضر لا يستطيع أن 
يعيش الماضي أو يرده إذا فات» وهو في الحاضر لا يستطيع أن يجر المستقبل ويحياه 

أما الله تعالى» فهو الأول والآحر والظاهر والباطن؛ فلا يحكمه زمان ولا يحده مكان» ألا ترى كيف عبر في 
كتابه العزيز بفعل الماضي عن المستقبل» وبفعل الحاضر أي المضارع عن المستقبل كذلك؟ فإنه سبحانه» لم يفعل 
ذلك حطأ وسهواء وإنما فعل ذلك على وجه الحقيقة والصوابء, لأن الأوقات عنده واحدء فلا عليه إذا عبر عن 
بعضها بصيغة البعض الآخر 

وبمكن أن يعتبر ما حررناه» من تقسيم الزمان على الأيام» ردا على من تساءل وقال: كيف يستغرق الله تعالى 
سبعة أيام في الخلق؟ 

ولا يخفى على أحد تردد عدد السبعة على كثير ما خلق الله تعالى 

فالنور مركب من سبعة ألوان» وهو واحد 

والصوت سبع علامات» وهو واحد 

والزمان سبعة أيام؛ وهو واحد 


785 يس81 


318 





والسماوات سبعة في واحدة والأرضون سبعة في واحدة 

وف رأيناء أنك إذا تأملت كل مخلوق من خلق الله تعالى» أدركت أنه في خلقه يحمل معي السبعة» فتدبره تجده 
صحيحا 

ويكمن سر السبعة في أنها كمال ينتهي إلى الوحدة 

وكل شيء خاضع لهذا القانون إلا الواحد الأحدء الخلاق العليم» فهو الفرد الصمد الغ بنفسه عن العالمين» 
سبحانه وتعالى عما يش ركون» ليس حمثلة شيء وهو السميع البصير 


"قل هل من ضرجايكم من يبدأ الخلق تم يعيذه؛ قل الله يبدأ الخلق تم يعيذدء 0ن 


706 يونس 34 


2309 





فصل في ما أول به الشيخ قوله تعالى: وعلم آحم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملايكة فقال أنبيرن 
بأصماء هؤلاء إن حنتم صاءقين 

تال بعض الإحوة الشيخ أبا الفتح التعفي» عن المراد بلفظة الأسماء» في قوله تعالى: 

"وإء قال ربحة للملايحة إني جاعل في الارض خليفة: قالوا أتجعل فيها من يفم فيها ويسفط الذماء 


ونحن نسبح بحمنة ونقئس للد قال إني أعلم ما لا تعلمون» وعلم آم الاسماء كلها ثم عرضهم على 
الملايحة فقال أنبيوني بأسماء هؤلاء إن حنتم صاءقين؛ قالوا سبحانط لا علم لنا إلا ما علمتفا إن أنت 


العليم الحكيمء: قال يا آءم أنبيهم بأممايهمء فلما أنبأهم بأصمايهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب 
السماوات والارض وأعلم ما تبكون وما كنتم 0 

فكتب إليهم ما يلي: 

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وءاله وصحبه 

تضاربت تأويلات المفسرين لحذه الآيات» فيما يخص لفظة الأسماء والمراد منها في قوله تعالى: "وعلم آم 
الاسماء حلها" 

وقد اطلعنا على مختلف هذه التأويلات» فرأينا أنما لا تفي بالغرض» والله أعلم 

وقد أقر بعضهم بأن المراد بالأسماء: أسماء الأوثان» وقالوا: مىّ ورد هذا اللفظء أريد به الأسماء الحسئ كما في 
قوله تعالى: "وللك الأسماء الحسفى فاوعول ان 
وإلا أريد يما الأوثان الى تعبد من دون الله تعالى» كما في قوله تعالى على لسان هود عليه السلام: "أتجاءلونني 
في أسماء سميتموها أنتم لقن أو على لسان يوسف عليه السلام: "ما تعبكون من حونة إلا أصماء 
سميتموها أنتم 7 ين وفي سورة النجم: "إن هي إلا أصماء سميتموها أنتم وآباؤكم". آية23 
وانتفى احتمال كوفا أسماؤه الحسيئ» سبحانه لأن الأسماء المذكورة هناء نسبها الله تعالى إلى هؤلاء» أي نسبها 
إلى غيره 

قلت: ويبقى تفسير لفظ الأسماء بالأوثان» هو الأقرب إلى الصواب» لأنه اعتمد على أصل تفسير القرآن 
بالقرآن نفسه. إلا أنه يفتح علينا عدة تساؤلات» منها: 

الأول: كون الله تعالى أظهر للملائكة أن آدم يعلم أسماء الأوثان كلهاء مما يجهلونه» لا يدل على أن ذريته لن 
تفسد في الأرض وتسفك الدماء» فلم يكن العلم يوما رادعا عن الفساد 


7 البقرة32-29 
8 الأعراف180 
69 الأعراف70 

590 


7 يوسف 40 


2360 





فلو قالت الملائكة: رب كيف خلقت آدم جاهلا؟ لكان علمه بالأسماء كلهاء ردا مفحما على اعتراضهم 
الثائي: قول الملائكة: ونحن نسبح بحمئط ونقكس لله فهم منه المفسرون عامة: كيف تخلق من يفسد في 
الأرض ويسفك الدماءء ألا يكفيك أننا عبيدك» نسبح بحمدك ونقدس لكء فما حاحتك إلى خلق يعصيك؟ 
وهو اعتراض لا يليق بالملائكة وشدة طاعتهم لرهم؛ حى يعارضوه ويتدحلوا في مشيئته 

الثالث: قوله تعالى: قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والارض وأعلم ما تبكون وما كنتم 
يبقى مبهماء لا يفسره اعتراض الملائكة عن الخلق عامة» إذ ليس في اعتراضهم ما يبدون أو يخفون» فما الذي 
يبدونه؟ وما الذي يخفونه؟ 

وقد ألهمنا الله تعالى» بتأويل أقرب إلى الصواب» تأويل يجيب عن التساؤلات ويزيح الإيمام 

وهو أن الملائكة» ممقتضى ما أطلعهم الله ما شاء على الغيب» علموا أن الكافرين سيصنعون أوثانا يسموها 
بأسماء الأنثى» ويدعون أفا أسماء الملائكة» بل يدعون أسماء سموها ولو لم ينصبوا لها أوثاناء على أنها ملائكة؛ 
ولغيرة الملائكة على وحدانية الله وكرههم أن يعبد غيره على وجه الأرضء خاصة وأن يكونوا هم ما يعبد 
معه أو من دونه؛ راعهم هذا الأمرء وهم الموحدون المسبحونء لا سيما أنهم يعلمون أن الله تعالى سيغضبه 
ذلك؛ وهم الذين يخشون من رم ويتقونه. قال الباري عز وحل في حقهم: "يخافون ربهم من فوقهم 
او ا 

بل ح الله تعالى في رده على من اتخذ الملائكة ولدا إمهاء قد عرض م بالتهديد ولو أنه لا دحل لهم فيه» قال 
سبحانه: "وقالوا اتخء الرحمن ولذاء سبحانة؛ بل عباء مكرمونء لا يسبقونة بالقول وهم بأمره يعملون» 
يل انين جيهي وما خلفهع» “ريا وذنتون: الا لمن ارنضى راعز مرو خخيد بقظاوى» وين يكل متهم 
إن إلك من حونة فذلط نجزية جهنم» حدلطة نجزي الضالمين' . 
أليس الله تعالى توعد رسوله يَيْتُم؛ وهو أعز الخلق عليه بقوله: "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخعنا منه 
باتغي ف لضع سح الزكيى لمكم دن الم هيه ا 
وقوله: "ولولا أن تبتفاحة لقهد حدت تركن إليهم ضييا قليلاء إءا لأغقنادة ضع الحياة وضعف الممات ثم لا 


794 
تجذ ل علينا نصيرا". 


النحل50 
2 الأنبياء 29-26 
3 ا حاقة 47-44 
74 الإسر اء75-74 
381 





عرف الملائكة أن هذا الخلق» بكفره وشركه» سيقحمهم فيما لا يرضونه ويتزهون عنه» ثما سيغضب رهم» 
حى يتوعدهم وهم البرءاء منه» فهرعوا إليه سبحانه» يحاولون صرفه عما قضى وقدر 

وقد يقول القائل: وكيف للملائكة أن تعلم الغيب» وليس إلا الله علام الغيوب؟ 

فنقول له: قد أحبر سبحانه» في كتابه العزيز أنه أطلع خاصة من خلقه على بعض غيبه» في قوله تعالى: "عالم 
الغيب فلا يضهر على غيية أحذا إلا من ارتضى من رمول فإنه يسلة من بين ينيه ومن خلفه 
7ك 

فإن قلت: وميى كان الملائكة رسلا؟ 

قلت المراد بالرسل من اللملائكة» ما يرسله منهم إلى الأنبياء والمرسلين» وإلى عباد الله الصالحين» وقد سماهم 
سبحانه رسلا في كتابه العزيز» قال سبحانه: "جاعل الملايحة رملا أولي أجنحة مقنى وثلاث 2 
وقال كذلك: "الله يصصي من الملايكة رسلا ومن الناسء إن الله سميع 01 

ومن دلائل اطلاع بعض الملائكة على الغيب» دون ذكر ما كان يخبر به حبريل الرسل والأنبياء عن ربه تعالى» 
قوله تعالى: "ونبيهم عن ضيق إبراهيم إء حخلوا عليه فقالوا سلاماء قال إنا مفكم وجلونء قالوا لا توجل 
إذا امتهرمة عنام عرق "77" وماءوؤره دن غرواهلم الآبانئ تغالعائله تركاء شرفت التطريل 

استحى الملائكة الكرام؛ أن يناقشوا الله تعالى فيما علمواء من شدة تتزيههم لربهم وخوفهم منهء فلم يجرؤوا 
على أن يلفظوا بالقول كما هوء فيقولوا: أتمجعل فيها من يعبدنا معك أومن دونك» وهي كلمة عظيمة» .عراعاة 
المنخاطب وهو الملك» والمخاطب وهو الواحد الأحدء وعراعاة الحضرة الإلحية في الملا الأعلى» الذي لم يعهد 
فيها مثل هذا الكلام 

ألا ترى أن الملائكة لا تدحل بيتا فيه صورة أو تمثال؟ ليس خوفا من الصور والتماثيل» ولكن لأغما تشمئز من 
أن يصنع العباد رما أو صنما يضاهي خلق الله تعالى» فكيف تنطق بعبادة الناس لما دون الله عز وجل؟ 

ومن آداب العارفين التعريض بالدعاء» فيما يستحيون سؤاله من الله تعالى» كما ورد على لسان ني الله نوح 


" 5 ا 799 
عليه السلام: "ونادى فوح رب فقال رب إن ابفي من أهلء وإن وعححة الحق» وأنت أحكم الحاحمين . 


75 اللمون 27-26 
6ر1 
7 الحج73 
5 الحجر 53-51 
79 هود45 
362 





وباعتبار الملائكة الكرام من أعرف العارفين بالله تعالى» وأفضل المتأدبين في حضرته» فقد لحأوا إلى التعريض في 
القول» لكي يصرف عنهم ما لم يرضوه. فقالوا: أتجعل فيها من يفس؛ فيها ويسفحد الكماء ونحن نسبح 
بحماط ونقئس لد 

وحقيقة الكلام دون تعريض: أبحعل فيها من يعبدنا من دونك؟ ونحن برءاء من ذلك» بل نحن عبيدك المطيعون 
الذين يسبحونك ويقدسون لك 

فعلم الله تعالى: حقيقة ما أحفواء وتعامل معهم على حسبه؛ لا على حسب ظاهر تعريضهمء وعلم آدم أسماء 
الأوثان الى ستعبد على أنها ملائكة» وقال لهم: أنبؤوني بأسماء هؤلاء الأوثان الي عرفتم أنها ستنسب إليكم, إن 
كنتم صادقين» .معين: إن كان علمكم قطعيا في أنما كذلك؛ فلما عجزوا عن الإنباء» أنبأهم آدم عليه السلام 
والمراد» أن هذا الخلق الذي علمتم أنه سيعبد ما يصنع من أوثان من دوي» واستحييتم من إخباري بذلك» ها 
هو أبوهم آدم ينبؤكم بأكثر ما علمتمء بأن ذكر لكم أسماء هؤلاء الأوثان الي لا تعرفون أسماءهاء وها أنتم 
أولاء أدركتم؛ أن ربكم علم ما شغل بالكم من عبادة غيره؛ علم أشد ما علمتموه» ومع ذلك جعل الإنسان 
خليفة في أرضهء ولم يرده ما علم عما هم بفعله لأنه ما أقدم على ذلك إلا لحكمة لا تدركوفاء وما أنبأكم 
آدم .ها أنبأء سوى لتدركواء أنه مهما بدا لكم ضعيفاء فقد اطلع على ما لا سبيل لكم للإطلاع عليه؛ فأقروا 
بقلة علمكم, ولا تحقروا هذا الإنسان» فهو ليس كما حسبتمء فكما أطلعه الله تعالى على ما لا قبل لكم به 
فقد يهديه وييسر له سبل طاعته» فيكون منه الموحدون والمسبحون» كما يكون منه الكافرون والمشركون 
ومن هنا يظهر معي قوله تعالى: " قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والارض وأعلم ما تبكون وما 
كنتم تحتمون" . 

أي أن أعلم ما أبديتموه في تعريضكم, وما أحفيتوه ثما استحييتم من ذكره 

فإن قيل: قوله تعالى: "فقال أنبيوني بأسماء هؤلاء إن حنتم صاءقين"؛ على حسب تفسير الأسماء بالأوثان» 
إشارة بمؤلاء إلى العاقل» والأوثان ليست كذلك؟ 

قلت: أشار سبحانه بإشارة العاقل إلى الأوثان في قوله تعالى: "تم نحسوا على رءوسهم, لق علمت ما هؤلاء 
0 

ألا ترى إلى قول الله تعالى على لسان نبي الله لوط عليه السلام: "با اقرع هوناء كام م ا 801 
فأشار بذلك إلى جمع المؤنث بإشارة المذكر؟ 


0 الأنبياء65 
8501 هود ”7 
3053 





ويؤيد ما ذهبنا إليه قول الملائكة: ونحن نسبح بحمنة ونقكس لحء فذكروا التسبيح؛ وهو عادة العارفين من 
الأنبياء والمرسلين» مي ادعي مع الله تعالى غيره» ومثاله قول الله تعالى: "وإء قال الله يا عيصى ابن مريم أأنت 
قلت للناس اتهدوني وأمب إلهين من حون الله؛ قال سبحانط ما يكون ل أن أقول ما ليس ل بحق؛ إن 
كنت قلته فقد علمتك؛ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسطء إنحد أنت علام الغيزي" 08 

وم عرض الله تعالى» لذكر من نسب إليه الولد» قال: سبحائة» كما في قوله تعالى: "وقالوا اتخء الرحمن 
ولداء سبحانة» بل عباء مكرمون' . 

وقوله تعالى: بل عباء مكرمون» دليل على أن الكافرين جعلوا الملائكة أبناء الله تعالى 

بل قال الله عز وحل: 'ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملايحة أهؤلاء إياحم كانوا يعبئون» قالوا 
سبحانطة أنت وليئا من حونهم» بل كانوا يعبئون الجن» أكثرهم بهم موه 0 

وفي سياق كلامه تعالى على من جعل الملائكة إناثاء قد أتاح للملائكة أن يتحدثوا عن أنفسهمء؛ مظهرين 
تبرأهم من ذلكء قال سبحانه: "فاستفتهم ألربحة البئات ولهم البنون» أم خلقنا الملايكة إناثا وهم 
شاهئون. ألا إنهم من إفحهم ليقولون ول؛ الله وإنهم لحاءبون» أصصضفى البنات على البنين» ما لكمء 


كين تحكمونء أفلا تذكرون أم لكم سلن مبين فاتوا بحتابكم إن كنتم صاءقين» وجعلوا بينه وبين 
الجنة نسباء ولقه علمت الجنغة إنهم لمحضرونء سبحان الله عما يصفون» إلا عباء الله المخلصين» 


الصافون وإنا لنحن اه 

ولعل إبليس لعنة الله عليه» كان يتمثل للمشركين فيما يعبدون من تماثيل» ظنا منهم بأنها ملائكة» ويكلمهم 
0 بعيداء قال الباري عز وجل: "إن يدعون من حونه إلا إناثا وإن يدعون إلا 

يا نا مريدا". 5805 

ألا ترى كيف دس لعنه الله تعالى في سورة النجم ما ليس منهاء ووصف الأوثان» الي يعتقد المشركون أنما 
إناث» وصفها بقوله: ثلك الغرانيق العلياء وإن شفاعهن لتزجى 

وبأحذنا بهذا التأويل» ينتفي التساؤل والإكام» وبحد تفسيرا لقول الملائكة: أتجعل فيها من يفص؛ فيها ويصفة 
الذماء ونحن نسبح بحماط ونقكس لد 

ونرد قول من قال من جمهرة المفسرين: قال الملائكة ذلكء؛ لأن الله تعالى خلق لقا قبل الإنس في الأرض» 


أفسدوا وسفكوا الدماء 


2 المائدة 118 
3 سبأ41-40 
4 الصافات 166-149 
5 النساء117 
2364 





والله المادي للصواب, عليه التكلان والمعولء لا إله إلا هو رب العرش العظيم 


كتبه أبو الفتح المعفي عفا الله عنه 


365 


وأش الي بسى ما يهكم؟ تعال تشهك الفيامه 
صاع البنع يكمكم أعتى من جواعق الغمامه 
الكون لما هر ما تتفوعح معله كمامه 
غهل عل رخضعها الهم و ياغن الكونع بخلامه 


يقول: أتظن أن القادر على البناء لا يقدر على الحدم؟ من ا محال أن أشهدك القيامة 
إن للبناء صداع يدمدم» أشد من صواعق الغمامة» وإذا تحطم الكونء لا ينفع لإسكاته كمامة» وهي ما يسد به 
فم الفرس والبعير لئلا يعض» تذهل الأم عن رضيعهاء وياذن الكون بالظلام 


والمعى: يقول الباري عز وحل: 'يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عضيم؛ يوم ترونها 
حك بر ا لمر لور دور الج وترى الفاس سكارى وما هم بمسكاريى 
ولحن عداب الله شنيذ". 

أليس الذي بئ الكون بقادر على هدمه؟ فلا تنزعج ما أخبرت به من هول هدمه؛ لأنك لن تشهد قيام الساعة» 
وذلك رحمة بك وبالمؤمنين» لأن الكون إذا ما تحطمء فما يصدره من جلبة عظيمة تنخلع لها الأفئدة» لا تحبسه 
كمامة» وي ذلك اليوم تذهل الأم عن رضيعهاء ويعم الظلام 

وقد أخبرسيد الأمة بأن الساعة لا تقوم سوى على شرار الخلق» فلا يخاف المؤمن من أن يشهد قيام الساعة 
وأهواها 

عن أنس رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ميلم : "لا تقوم الساعة حي لا يقال في الأرض لا إله إلا 
الله". رواه الحاكم في المستدرك 

عن عبد الله رضى الله تعالى عنه قال: معت رسول الله يَيلثُمْ يقول: "لا تقوم الساعة حى لا يقال في الأرض 
الله الله". رواه الحاكم في المستدرك 

عن عقبة بن عامرقال: وأما أنا فسمعت رسول الله يَكتُّم يقول: "لا تزال عصابة من أميّ يقاتلون على أمر الله 
قاهرين لعدوهمء لا يضرهم من حالفهم» ح تأتيهم الساعة» وهم على ذلك". فقال عبد الله: أحل. ثم يبعث 
اله ريحا كريح المسكء مسها مس الحريرء فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيان إلا قبضته» ثم يبقى 
شرار الناس» عليهم تقوم الساعة. رواه مسلم 


5806 


الحج2-1 
366 





لو عرووا علام البلا مين أبغاوا لما روا 
ولا خرجوا من الاجساك ‏ ما زاكءوا غير غاروا 
الترنه لو ملماف الخلكة ما بطرم غارو 


مالي بالعماء كل ما تعبى اجعارو؟ 
يقول: لو علم علماء البلاد الذين حلقوا في الفضاء أين بقواء فإفهم لم يخرحوا عن أجسادهم, بل ازدادوا غورا 
فيهاء ألا يعلمون أن الأرنب ما لزم غاره إلا لخوفه من الصياد؟ 
أتظن أن أب بالعماد شيئا ستفئ أحجاره ذات يوم؟ 
والمعئ: إن هذا الكون سراب واسعء تاه العلماء وهم يحاولون درك أبعاده» ألا ترى أنهم كلما اخترعوا منظارا 
أقوى» إلا وظهر لحم ما كانوا يظنونه قريباء أبعد ثما كان؟ إنهم كلما حلقوا في الفضاء وتطورت علومهم, ما 
زادهم ذلك إلا انحدارا وتقهقراء وما زاد الكون إلا انتشارا واتساعا 
إن أمري بين الكاف والنون» فما حاحي للبناء والتشييد» أأبين وأشيد ما سأقوضه وأحطم حجارته؟ 
إنما الأمر صور أنثرها حيث شئتء هذه الصورء م انتهى عمر الوجحود, طويتها كأن لم تكن من قبل» طي 
السجل للكتاب 

أأشهدت ما أشهدت مما حسبته لعمري سراب ليس ماء بقيعة 


فما أنت 


إلا نائم في خبائه 
فلا حق غير الحق فاقنع بباطل 


يظن الرؤى حقا ونومه يقظيٍ 
موه لعبتي 


رسوم وأوهام 


ودين وأحكام وكفر وردة وسوق قد اكتظت ومن بعد فضت 
فسبحان من أحفى حقيقة خلقه مما قد تبدى للورى عين الخلقة 
قوارير تغري بالجمال أناسيا ممردة من حسن سبك وصنعة 
فلا تحسب العيش الذي في قصورها سوى سكرة عادت عليك بتهمة 
تخال الذي تسعى إليه ببهوها فتلقى به من مومسات تزيت 


3657 


أنت الكون يا اليه فيا نكون ؤ تكون 
إلى تعثت على ليه اللهم بها مكنون 
علوم و امكايم للصيد أسرار الكاف ؤ النون 
لهويت الاكوان كالمليهه ؤ لبست انوا الكمون 


يقول: أنت أيها الإنسان خليفي في الأرضء أنت الكون؛ فيك أكون وتكون, إذا كنت تبحث عن شيء 
ضائع» فالكون فيك مكنونء علوم وأحكام لطيفة» سر الكاف والنون؛ إلا أنك لم تأبه لكل ذلك» بل طويت 
الأكوان كالمليفة» وهو نوع من الأثواب الرفيعة» وقنعت بلبس ثوب الأكفان 

والمعيى: لا تبحث في كون عن أي شيء» إنك لن تحد شيئاء أنت الكون بنفسكء والكون منك ولست منه» 
الكون فيك ولست فيه؛ ف كونك أكون وتكون, فاعرفيئ به وفيه» ولا تعرفئ ما خرج عنه. وفيما ليس يموء 
كل ما غاب عنك واستشكل عليكء فهو فيكء» وبيانه عندك؛ اللوح فيك مكنون, علوم وأحكام لطيفة» بل 
حى أسرار التكوين 

مالك أيها الإنسان غفلت عن سرك وكنهك؟ أعرضت عما أنشأت فيك من أكوان ولطائف» وتوجحهت 
بكليتك إلى الفانيات» طويت هذه الأكوان واللطائف» كما تطوي ثوبا لا حاجة لك به» وقنعت بلبس أثواب 
الأكفان» الي تميت فيك إنسانيتك» وتقتل فيك سر الخلافة والتفضيل؟ 


3658 


كان مول القئرك كان ؤ لازال كاين ويكونء لا احد غير حاين في هاء الكون؛ الألق فى كان قايمة 
بلا تقويم»؛ تصتر ساحن فى البنيا والتقديم؛ تم حروق ناحيبة وتقيم؛ محغوفة أو ثابته» حاضره فى 
التكليم» فى الجلالة مفتاح 

ءلالتها على المولى 
يقول: كان صاحب القدرة كان ولا زال كائناء لا أحد غيره في هذا الكون» فحرف الألف في لفظة: "كان" 
قائم وحده دون أن يكون في حاجة إلى إقامة» فهو. أي: حرف الألف» يستر الحروف الساكنة في البدء 
والتقديم» أي في ابتداء الكلمة» كما يقول النحاة: العرب لا تبتدئ بساكن. كما أن الألف؛ يمد الحروف 
المنصوبة ويقيمهاء فيصبح ألف مد. وسواء كان الألف محذوفا في الكلمة أو ثابتاء فان مده يكون ظاهرا في 
النطق والتكلم. فيكفي حرف الألف شرفا على باقيى حروف المعجم, أنه مفتاح اسم الحخلالة وبه يبتدئ. واسم 
الجلالة هو: الله» فكأن الألف بوحدانيته وامتداده وقيوميته بنفسه» وستره للساكن ومده للناصب» يدل على 
المولى عز وجل. 
والمعين: يقول المحاسبي: فالحمد لله الأول (اسمه وتعالى) القديم لم يزل» ولا يستحق هذا الوصف غيره» ولا يليق 
بسواهء لأنه (كان و) لم يزل واحداء لا شيء معهء ثم ابتدأ خلق الأشياء» لا من شيء (ولا شيء) كان معه 
قليماء فاخترع الأشياء وأنشأها وقدرها كما أراد» فليس له شريك في الملك» وكل شيء (سواه عبد) له مملوك» 


بدأنا منه بالنعم تفضلاء وبالأيادي الى لا تحصى كرما وجودا. اه 807 


داب ما تنطق به الألسنة وتَسمّده الأفئدة من واجب أمور الديانات 
من ذلك: الإبمان بالقلب» والنطق باللسانء أن الله إله واحد لا إله غيره» ولا شبيه له ولا نظير له ولا ولد 
لإجولة وله لتر لعي اه افر قله 
ليس لأوليته ابتداء» ولا لآخريته انقضاءء ولا يبلغ كنه صفته الواصفون» ولا يحيط بأمره المتفكرون» يعتبر 
المتفكرون بآياته» ولا يتفكرون في ماهية ذاته» ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء» "وصع كرسيه 
التعاوات والدركن ولةتذ ل مناضيماء وهو إن ا 909 
العالم الخبير» المدبر القدير» السميع البصير» العلي الكبير 
وأنه فوق عرشه المجيد بذاته» وهو في كل مكان بعلمه 


7 الرعاية لحقوق الله 
508 البقرة254 
23869 





خلق الإنسان» ويعلم ما توسوس به نفسه. وهو أقرب إليه من حبل الوريد» "وما تصقثك من ورقة إلا 
يعلمهاء ولا حبة في لفظلمات الارض ولا ركب ولا يابس إلا في كتاب مبين” 7 

على العرش استوى» وعلى الملك احتوىء» وله الأسماء الحسنى والصفات العلى» لم يزل بجميع صفاته 
وأسمائه» تعالى أن تكون صفاته مخلوقة» وأسماؤه محدثة. انب 810 

ويقول الفقيه: محمد بن أحمد بن محمد المالكي الفاسي» الشهير .عيارة: فوصفه تعالى بالوحود (وهي الصفة الأولى) 
واحب لا يتصور في العقل عدمه. قال في شرح الصغرى: وفي عدم الوحود صفة على مذهب الأشعري» 
تسامح لأنه عنده عين الذات» ليس بزائد عليهاء والذات ليست بصفة» لكن لما كان الوحود توصف به الذات 
في اللفظء فيقال: ذات مولانا موحودة» صح أن يعد صفة على الحملة. وأما على مذهب من حعل الوحود 
زائدا على الذات» كالإمام الرازي» فعده من الصفات صحيح لا تسامح فيه. 

الثانية: القدم» وهو عبارة عن سلب العدم السابق على وجوده. فهو تعالى موجود كما مرء وبعد اتصافه تعالى 
بالوجود» وحوده قديم, أي دلم يكن معدوما ثم وجدء فيكون وحوده مسبوقا بعدم» بل لم يزل تعاللى موجودا. 
هذا معئ القدم باعتبار ذاته تعالى وصفاته» أما إذا أطلق في حق الحادث» كقولنا: هذا بناء قديم» فهو عبارة عن 
طول وجوده؛ وإن كان حادثا مسبوقا بعدم. 

الثالثة: البقاءء وهو عبارة عن سلب العدم اللاحق للوحود؛ فهو تعالى موحود كما تقدم» ولا يلحق وجوده 
عدم بل هو تعالى باق لا ينعدم. انتهى'"* 

قال الشيخ: وما قلت: كان» سوى لأن رب الكون قال: كان» وإلا ما كنت لأقول على الله .بما يقال عما 
سواه 

وما قلت: كانء إلا ليفهم عينٍ من لا يفهم من بين الإنسان سوى بالعبارة والبيان» وإلا فالله ما كان وما أتى 
وما سبق حى. 

إن قولك: كان, يلزمك التقيد بالزمان والمكان» وهوء أي الرحمن» تعالى عن أن يتقيد بالموضع والأوان 

ولا أقول: هو الموجود. فأصفه بوصف المفقود» وأنعته بنعت العبيد 

ولكن يكفي أن أقول: الله» ولا أنسب له الكينونة ولا الوجود» بل هو المكون الواجد» وأترك اسم الذات يقول 
عب ما أحطأت في قوله» ويصفه يما أحللت في وصفه 


الأنعام 60 
7 رسالة ابن أبي زيد القيرواني 
١'؟‏ الدر الثمين والمرشد المعين 
23030 





حاشا الله أن أقول: كان قبلي» فمقتضى قولي: أن كنت بعده. كيف وقد عرفت من هو ومن أناء فأترتب 
معه. ولو بعده. في الكينونة؟ 

لم يكن شيء وهوء لا يسبق ولا يلحق ف فعل من الأفعال» وما من شيء إلا مندثر إلا هو 

"كل من عليها فان ويبقى وجه ربح غو الجلال والإكراه" 512 
ولا يزال هوء وسواه إلى زوال 

الله الله فيمن عد مولاه سابقا ولا حقاء ما أقصاه 

الله الله فيمن وصف القدير بأوصاف حادثات تسير وفق ما قضته المقادير» وهو"ليس كمظلهة شي وهو 
السميع ا ل 

الله الله فيمن غفل عن هوية الباري» وانبرى يرسم لع قار رفي 87" ايدرف أنه الل قار 
فيجاري؟ أم أنه كفر يما هو دار» فاستوى لديه السارب والساري؟ فليمسح ما رسم من إثم وأوزار» مممحاة 
التوبة والاستغفار 


ما حاحيّ لكي أفصل صفات ربي» وقد توحد الواحد في قلبي» حى وحلته في شهادتي وغيي؟ 


قال أبو الفتح: ترق بين التوحيد والوحدة 

اعلم أي هداك الله تعالى للصوابء أن التوحيد: تفعيل» فبتوحيدك تفعل الله تعالى» وتنسب له ما لا يليق به. 

والتوحيد: علم العقائد عند أولي الشأن» وقد قال بعضهم: من لم يقرأ علم التوحيد بقي على كفره وشركه. 

وهل قرأه الصديق والفاروق؟ فما بال إمانهما أشد من يمان من قال بذلك» وما بال توحيدهما أخلص وأصح؟ 
دعونا من التعريف والتفصيل» وأصلحوا أعمالكم؛ وأخلصوا نياتكم تعرفوه 

والله لا يعرف الله تعالى» إلا من عرفه الله بنفسه 

فيم تسويد الصحائف وتبييض المناشير؟ والله لا يزيد من قرأ فيها إلا جهلا بالحكيم الخبير 

ما أرداني حي أوجبت من صفاتك ما رأيته واحباء ونفيت ما رأيته مستحيلاء وأجزت ما رأيته جائزا؟ أي 
تحرئ أشد من بحرئي على وصفك؟ 


7 الرحمن 27-26 

3 الشورى9 

4 كالدراري» وهو لسان دارجيء والمراد بالدراري الصبيان 
321 





ما أعبأ .مما وصفوكء وقد حللت في روعي بميبتنك وحبروتك» وتحليت بجمالك وجلالك ف كل ما أرى وأسمع 
وأحس؟ 

كفوا تقاييدكم عب» فلا حاحة لي اء إني كفرت .ما تكتبون» فهل تسمعون 

آمنوا أن ربي لا بحيط به الواصفون» حى تعرفوا قدركم فتستحوا مما أنتم فاعلون 

وإن أبيتم» فانفوا الأكوان عنه كما نفاهاء فإنكم من نفيتموها ظهر المكون 

أما أن تميزوه بوصف أو بفعل عن الأكوانء فإنكم بذلك تعدون المكون والأكوان واحدا 

قال الشيخ: كان الله ولا يزال» لا أحد غيره في هذا الكون 

م عزلت الموجودات عن الموحد صنفته» وم أوجدت المكون وهو الواحب الوجود ما أنصفته» وم قلت: 
هي هوء جهلته؛ وإن قلت: هو هيء ما عنيته 

فماذا تقول؟ لا يحرؤك سوى قولك: الله 

"قل اللخ ثم عرهم في خووضهم يلعبون" 515 
"قل آلله أءن لكم أم على الله تفترون 
هو ولا شيء معه. بحلى ما تقتضيه الربوبية في عالم العبودية سيدا ومسوداء بالأمر والنهي واللزاء والعقاب» 
وأبدع الحركات والسكنات والأماني والحسراتء في تحلياته بلا لق ولا أدوات» وما كان ما كان» وما يكون 
لا يكون» سوى كما أراده أن يكونء ولا يكون إلا بقوله: كن» فيكون 

فلا تعرفه» فإنك مى عرفك عرفت نفسكء ومى عرفت نفسك التزمت بآداب الإذعان والخضوعء فأدركت 
ما أراد منك. 

أيها السائحون في الملك والملكوت» يحاولون معرفة الحي الذي لا يموتء لا تسيحواء ولكن افوا أنفسكمء 
وحن إذا ما سحتم فلا تحاوزوها 

يقول الحيلي رحمه الله تعالى: واعلم أن الأزل لا يوصف بالوجود ولا بالعدم» فكونه لا يوصف بالوجود, لأنه 
أمر حكمي لا عيئ وجوديء وكونه لا يتصف بالعدم» لكونه قبل النسبة والحكم والعدم المحضء فلا يقبل 
نسبة ولا حكماء ولهذا انسحق حكمه فأزل الحق أبده» وأبده أزله. انتب 817 

وقال رحمه الله تعالى: واعلم أن كل شيء من الممكنات له أبد فأبد الدنيا يتحول الأمر إلى الآخرة» وأبد 
الآخرة يتحول الأمر إلى الحق تعالى» ولا بد أن يحكم بانقطاع الآباد» آباد أهل الجنة وآباد أهل الناره ولو 


816 


515 الأنعام 91 


516 يونس 59 


7 الإنسان الكامل 
2302 





دامت وطال الحكم ببقائها؛ فإن أبدية الحق تلزمنا أن نحكم على ما سواه بالانقطاع» فليس لمخلوق أن يسايره 
في بقائه. وهذا الحكم, ولو أنزلناه في هذا الكلام بعبارة معقولة» فإنا قد شهدناه كشفا وعيانا. "فمن شاء 
: ا . » 818 5819 

فليومن ومن شاء فليكفر .2 ١‏ 


نتهى 


88 الكيف 29 
7 الإنسان الكامل 
203 





ما بكاك غير بالغااص»ء مولاياء خاصين كينو حاخ»ء عالم بسفامي وعواياء لما اوح ىلي ما أوحىئ بث 
بروعي وحشاياء ثبت ما شا وعاء من كل ما ىاللوم من اسرار» و كيت نبوح بالجكار» ناصفت بلسان 
الفهارء نفهر شك بعخين من اعباء عاءوا عل_العالمين» بعد ما ساءوء نبرق بلا شعا ووعيون اعباكى 
زيرجكلك يتيمه فو إعفاءكى مناضومه بلذ نلضام» خاويه موفكك بوالاعتام 

تمك اكوان واكوأن مما كان 
يقول: ما بدأني مولاي سوى بالخاطرء خاطبئ كأنه حاضرء عالم بسقمي ودوائيء لما أوحى إلي ما أوحى» 
وبث بروعي وحشايء وثبت ما شاء ومحا ما شاء» من كل ما في اللوح من أسرار. فبدأت أبوح بالأفكار» 
نطقت بلسان القهار» كي أقهر بعضا من العباد» الذين عادوا واعتدوا على العالمين بعد ما سادواء أبرق بلا 
اهمه “اق غيوق عافطلا كان ريركدة"”” يونة "قن ترد ستكزومة بولا نظلم» نطيعة متؤقدة بف "العتنات 
والظلمات 
تمد أكوانا وأكوانا ما كان 
والمعيى: للوحي معان كثيرة في كتاب الله العزيز» معروفة في كتب التفسير» ويختلف وحي الأنبياء عن وحي غير 
الأنبياء 
فقد يأي وحي غير الأنبياء» عن طريق الإلحام والمخاطرة» فما هو الإلحام؟ 
قال الحرجاني: ما يلقى ف الروع بطريق الفيض» وقيل: الإلهام ما وقع في القلب من علمء؛ وهو يدعو إلى العمل 
من غير استدلال بآية ولا نظر في حجة. انه 821 
ويقول الإمام الرازي: اعلم أن مريم عليها السلام» ما كانت من الأنبياء» لقوله تعالى: "وما أرصلفا من قبلحة 
إلد رجالا نوحجى إليهم من أهل 824 وإذا كان كذلكء» كان إرسال جبريل عليه السلام إليهاء إما أن 
يكون كرامة لهاء وهو مذهب من يجوز كرامات الأولياء» أو إرهاصا لعيسى عليه السلام» وذلك جائز عندنا 
وعند الكعبي من المعتزلة» أو معجزة لزكرياء عليه السلام» وهو قول جمهور المعتزلة» ومن الناس من قال: إن 
ذلك كان على سبيل النفث في الروع والإلهام والإلقاء في القلب» كما كان في حق أم موسى عليه السلام» في 


ب ايده : د 0 823 524 
قوله: وأوحينا إلى أم موسى. 2 . انتهى 


0 الرب رحد حجر كرتم يشبه الزمرد» متعدد الألوان» أشهره الأخضر والأصفرء جمع زبارج. انتهى من المعجم الوسيط 


821 التعريفات 
2 يوسف 109 
5823 ال 6 
2304 





عن أبي هريرة عن النبي عَم : أن رحلا زار أخا له في قرية أخرى, فأرصد الله له» على مدرجته ملكا؛ فلما 
أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخحا لي في هذه القرية» قال: هل لك عليه من نعمة تربما؟ قال: لا غير أن 
أحببته في الله عز وحجل؛ قال: فإني رسول الله إليك, بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه". رواه مسلم 

قال الشيخ: ولما علم جمع همي في الوصول إليه» واطلع على صدق رغبيٍ في التعرف عليه؛ نظر من حالي» 
ورثى لشدة وحشي وافتقاري» ورحم حيري واحتياري» وأنٍ ما آليت جهدا إلا بذلته, ولا تركت دربا إلا 
سلكته؛ ولا فت بابا وما قرعته» حتى انتهى بي المطاف والتطواف, ولم تهدن فاتحة الإلطاف. وقلت: "لين لم 
5908 ّ 7 825 

يهاب رب لاحونذن من القوم الضالين . 
يا من يراني ولا أراه» أما كفاك حيري واشتياقي» وتقلبي واحتراقي» وترددي واستباقي؟ 

ها قد ألهبت القلب يمواك» وأشعلت جوانحى بجواك» وكتت فكري بجمالك ويماك 

صيرت أحبابي خصوماء وأحلت أماني هموماء ومسخت ما أبصرت من محاسن قبحا ذميما 

فلم أعد أرى مع جمالك جمالاء ولا مع جلالك جلالاء ولا معك إلا فناء وزوالا 

كيف تنسان» وقد بلوتئ بعشقكء وأنت أعلم .ما أعاني بفرقكء ألا تتولئ برحمتك ورفقك؟ 

هذي الشموس خانسات في عز ضحاهاء وهذه الأقمار باهتات في سماهاء وهذه المفاتن شاحبات في زينتها 
وحلاهاء وهذه الأماني مدبرات بائدات في عزها ومنتهاها 

لا صبر لي على ألا أرى وجهك إلا حين يبعث العالمون» ولو أن الساعة قريب» إن هي إلا سنون» وأرى 
الحبيب» صرت أعشق المنون» مئ قربت نبي م ينفع التقريب» وهل ينعم بالحياة إلا محنون؟ ما حياتي 
والأحباب لم يظهر منهم حبيب؟ 

ولما هديتئ إلى الإلحاح في الطلب» ووفقتئ إلى الإمعان في البحث من غير نصبء» وأكرمتئ بحسن القصد 
والأرب؛ خاطبتى مخاطراء وتحليت لي في الروع سافراء وبشرتي بالقربى حاضراء وأسكنت روعاتي بعد أن 
كنت ثائراء وربطت على فؤادي بعد ما كان خاويا مقفراء وقلت: عبدي» والأكوان في قبض مذ كنت وما 
كانت» والأقدار تساير إرادي م دارت دارت» والأحباب أناجيهم مما شغل ألباهم وانقلعت له قلوهم, بألفاظ 
رقت حي ذابت. أولئك الغرباء» عرفوا موطنهم فاتخذوا هذه الأقدار المنتفشات سيراء مهما تعالت وطالت. 
أردتي في حطامات تراكمت وتكالب عليها الناس» وقصدتئ في طريق وعرة لا يسلكها إلا ذوو العزم والباس» 
وابتهلت في محاريب موحشات استضأت فيها بالأنفاس 


7 الأنعام 78 
205 





ها أنا مقبل عليك كما أقبلت» مستجيب بما استجبت» مؤنس وحدتك بعدما مللت واستوحشت 

أكلمك لا أفتأ في اليقظة والمنام» وأمدك لا أهدأ مما عذب من الرقائق والأحكامء وأبوؤك قبل الميعاد أرفع 
الدرحات في دار السلام 

أنت من أحبابي» من آذاك آذنته بالحرب» وأنت من جندي؛ أرسلك إلى من ذكر فلم تنفعه الذكرى؛ وما تاب 
واقترب 

أرفع بك قوما وأخحفض بك قوماء من أذعن طلع؛ ومن طغى وقع. أنت خمسي» أضيء بك معتمات هالها طول 
لياليها» وأنت مز أسوقك إلى بحدبات ناا يبس دواليهاء وأنت سيفي» أقصم بك طاغيات تداعت عواليها 
فجل في ملكوت» واعتبر فيما أبدعت في كونن» ورفرف في آفاق سماواتي» وصل في الملك لا تعى ولا تغلب» 
حى آنْ بأمري» واشهد خلق السماوات والأرض ولا تعجحب 

سأحفيك عن خلقي» حى لا تضيق هم ذرعاء يكفي ما آذوك وأنت بعيد عبنء فلا يراك إلا ذوو الأبصار 
وأولو البصائر من عباد الله الصالحين» وما أقلهم؛ ومن رآك والاكء ومن والاك أسكناه حيث أسكناك وألزمناه 
بعض ما ألزمناك 

سأمد بك أكوانا وأكواناء لا أمدها بغيرك» فامدد منا متلهفين لكي نتعرف إليهم» وعرف بنا من عرفتاه» 
وأضلل عنا من رددناه» ولا تأمن مكرناء فإنك مى أمنت مكرنا أنزلناك. ولا تخش غيرناء فإنك م خشيت 
غيرنا زلزلناك 


31326 


كيت مما عروت» ليتف ما عرجتو أنا و ىالغيب اسرجت» حتى عكيتوء آثر ماجت بالآآك؟ حسيع اغكارقٍ 
وحلات: ما راخف سرايا هى اللمالي والومن حالي» ولت معراجي بىالتعلالي عمطي غاليء ولك ما تلغيت من 
خلصاب المللاك حلا لي» عر حالصاب الوالي. مالي نركر بغير ؤي الجلالء وأنا الهفير لما أوحهو لي؟ لما زاء 
شوف وهبالي 

لازت ووجمالوولهان 
يقول: ياويلتاه ثما عرفت» ليتئ ما عرفته؛ أنا في الغيب أسرفت حي مللته» ما حاجي بالآن؟ حسبي أذكاري 
وصلاق» ما زادني سراي في الليالي شيئا في حالي» ولا عددت معراحي في الأعالي غالياء ولا ماتلقيت من 
خطاب الملاك حلا لي على خطاب الولي» وهو الله تعالى. كيف لي أن أرضى بغير ذي الجلال» وأنا الفقير لما 
أوحى ليء لما زاد شوقي وجنون. 
لا زلت متوحما في جماله 
والمعى: يعرض الشيخ هناء لموضوع الكشف والاطلاع على ملكوت الله سبحانه وتعالى. فقد دأب كثير من 
المريدين على بجحاهدة أنفسهم, بالتقرب إلى الله تعالى بالفرائض والنوافل» والالتزام بأوراد الصباح والمساءء دأبوا 
على كل ذلكء من أجل الوصول إلى الفتح الرباني والكشف الروحاني» وف ذلك إخلال بالتأدب مع الله 
تعالى» وفي ذلك خروج عن نية القصد في طلب وجهه الكريم» سبحانه وتعالى الحق المبين 
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: كنت أنا وصاحب لي قد أوينا إلى مغارة نطلب الوصول إلى الله فكنا نقول: 
غدا يفتح لناء بعد غد يفتح لنا؛ فدخحل علينا رحل عليه هيبة» فقلت له: من أنت؟ قال: عبد الملك» فعلمنا أنه 
من أولياء الله فقلنا له: كيف حالك؟ فقال: كيف حال من يقول: غدا يفتح لي» بعد غد يفتح لي؟ 
فلا ولاية ولا فلاح, يا نفس لا تعبدي إلا الله إلا الله. قال: فتفطنا من أين دحل عليناء فتبنا واستغفرناء ففتح 
بن 826 
فاعلم أيها المريد الصادقء أن الله تعالى» لا يكرم طالبيه بالفتح الأكبر» إلا إذا ترفعوا عن الطمع فيه» فإن في 
طلب الفتح رغبة النفس ومنية ال حوى 
فإذا صحت نية القاصدء بترك جميع الأغراض والمقاصدء ولح يرج غير الله الواحد» فتح عليه من عنده» وقربه 
إلى حضرته» وشمله بوده» وأشهده ما تخفى بحسن نيته وسلامة مقصده 
اللهم فقهنا في الدين وافتح علينا فتوح العارفين 


6 المفاحر العلية في المآثر الشاذلية 
327 





ولكل فتحه حسب استعداده» وقد يفتح على المبتدئ ويعفى عن المنتهي» وليس الفتح دليلا على التقدم 
والأفضلية» فقد قرأنا سيرة السلف والخلف» فوجدنا من هم أرقى متزلة عند الله تعالى» وأعظم حظوة» لم 
يحدث لحم شيء من الفتح ألبتة» بل كانوا رحمهم الله تعالى» هم أنفسهم, فتحا على الأمة جمعاء 
فما هو الفتح» وما فائدته على العارفين؟ 
الفتح طلوع خمس النهار على قلوب الأبرار» بعد تحقيق الحو والاندثار» في محبة الواحد القهار 
قال سيدي عبد الرحمن المجذوب: 

غيبت نظري ف نظره وفنيت عن كل فاني 

حققت ما وجدت غيره وامسيت في الحال هاني 

أنت دليلى ياربي أنت ولى مين بي 
وإن شئت قلت: الفتح التفات الباريء إلى مرآة العارف بعد ترك الاختيار» ومحق الأكدار» وإثبات المعارف 
والأفكار 
وإن شئت قلت: الفتح فيض المكنون بلطائف التكوين» مما كان وسيكون, دون تدوين 
وإن شعت قلت: الفتح علامة الوصول» وحظوة بالرضا والقبول 
وإن شئت قلت: الفتح انطماس الأنظار عن كل المناظر» وحلو الأبصار بكل المساطر 
وإن شئت قلت: الفتح انطلاق في سماء الملكوت؛ من أرض الناسوت» إذا حل لا يفوت 
وإن شئت قلت: الفتح انزعاج الخاطر» ما غشاه من خواطر» وغياب الحاضر عن البوادي والحواضر 
وإن شئت قلت: الفتح من علام الغيوب إشارة» وهو للموهوب بشارة» ليس ممطلوب ولا مرغوبء لا يؤتاه 
من حاول انتظاره 
وإذا حصل الكشفء يتطهر قلب الولي» وتذهب حظوظ نفسه» فما حشم نفسه المشاق من الأذكار 
والمحاهدات» لكي يتخلص منه. إذا هو ممحي متلاش 
والفتح نور من الله نور السماوات والأرضء ينزل على القلبء فيغمره رأفة ورحمة وسكينة» فيختزل بصاحبه 
مراحل طويلة لحظة نزوله» وبمحق أكداره قبل أفوله» فيصبح نقيا طهوراء لا يكون إلا بالله لله ولا يعود 
للشيطان عليه سبيل» كيفء وقد تولاه الواحد الجليل؟ 
وقد ينزل الفتح على المبتدئ» وهو لم يستكمل بعد تربيته على يد شيخه؛ فوجب عليه إذا حصل له ذلك؛ أن 
يعلم شيخه» كي يخبره بحقيقة حاله» وينصحه بالسكوت والكتمان عن الرفقاء والأقران» وينهاه عن الغرور 


2308 


والإعجاب بالنفسء لأن المريد المبتدئ» لا زال دل يقطع عقبة النفسء» ولا زال فيه بقية أعراض وأكدارء قد 
تقلب فتحه طردا من رحمة الله تعالى الواحد القهار 


منى نكون الفتح» وكيف يكون؟ 

يكون إذا صفى السالك مرآة باطنه» وصقلها بالذكر والتسليم ومراقبة ظاهره» وتبرأ من حظ نفسه وهواه. 
فم كان ذلك» أشرقت خمس الحقائق عليه» بالحكم والأسرار اللدنية 

يأقِ الفتح الرباي» إحساسا علويا غامراء ينتشي له المريد» وتفيض عيناه» ويشعر بالأمن والطمأنينة» ويستقيم 
سلوكه؛ وتزيد محبته لله عز وجل» وتتسع رحمته للعالمين أجمعين 

وقد يأ الفتح على شكل إغماءء» يرى فيه صاحبه أو يسمع, ما لا مترحم له ولا ناقل» فيستفيق وكأنه مات 
ثم بعثه الله وقد زاد يقينه وكملت معرفته 

"فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل نيء 5 

والمفتوح عليه في الغالب» يتبدى له الكون, .ما ليس عليه وتلقى إليه المعارفء .ما لا طاقة له بحمله» وقد يصرخ 
أو يجذب» جاريا أو ماشيا أو قافزاء وقد يقوم بحركات لا عهد له بالقيام بما 

وقد حكى سيدي عبد العزيز الدباغ» كيف فتح عليه» واقتضت المناسبة إيراده حى يتضح المقال بالمثال» قال 
رحمه الله تعالى: فذهبت» فلما بلغت باب الفتوح» دخلتئ قشعريرة» ثم رعدة كثيرة» ثم جعل لحمي يتنمل 
كثيراء فجعلت أمشي وأنا على ذلكء والحال يتزايد» إلى أن بلغت إلى قبر سيدي ييى بن علال نفعنا الله به 
وهو في طريق سيدي علي بن حرزهم.؛ فاشتد الحال وجعل صدري يضطرب اضطرابا عظيماء حى كانت 
ترقوي تضرب لحيي» فقلت: هذا هو الموت من غير شك؛ ثم حرج شيء من ذاق» كأنه بخار الكسكاس, ثم 
جعلت ذاتٍ تتطاول حب صارت أطول من كل طويل؛ ثم جعلت الأشياء تنكشف لي وتظهر كأفا بين يدي» 
فرأيت جميع القرى والمدن والمداشر» ورأيت كل ما في هذا البر» ورأيت النصرانية ترضع ولدها وهو في 
حجرهاء ورأيت جميع البحور» ورأيت الأرضين السبع وكل ما فيهن من دواب ومخلوقات» ورأيت السماء 
وكأني فوقها وأنا أنظر ما فيهاء وإذا بنور عظيم كالبرق الخاطف الذي يجيء من كل جهة» فجاء ذلك النور 
من فوقي ومن تحيّ وعن بين وعن شمالي ومن أمامي وخلفي» وأصابئٍ منه برد عظيم» حي ظننت أني متء 
فبادرت ورقدت على وجهي» لبلا أنظر إلى ذلك النور» فلما رقدت رأيت ذاتي كلها عيوناء العين تبصر 
والرأس يبصر والرحل تبصرء وجميع أعضائي تبصرء ونظرت إلى الثياب الي علي» فوحدقا لا تحجب ذلك 


27 البقرة 258 
2309 





النظر الذي سرى في الذات؛ فعلمت أن الرقاد على وجهي والقيام على حد سواء. ثم استمر الأمر علي ساعة 
وانقطع» وصرت ,مثابة الحالة الأولى الي كنت عليها أولاء فرجعت إلى المدينة» ولم أقدر على الوصول إلى 
سيدي علي ابن حرزهم» وخفت على نفسي واشتغلت بالبكاء, ثم عاودني ذلك الحال ساعة ثم انقطع؛ فجعل 
يأتبيى ساعة وينقطع ساعة أخرىء إلى أن اصطحب مع ذاي» فصار يغيب ساعة في النهار وساعة في الليل ثم 
صار لا يغيب. انته 828 

إلا أن الشيخ عندناء يقول: كيي مما عرفت ليت ما عرفتوء أنا فى الغيب اسرفت حي عدفتو 

يمعي أنه يتبرأ من المغالاة في طلب الغيوب الي ألقيت إليه» فيقول: يا ويلتاه ثما عرفت» ليتئ ما عرفته» فقد 
أسرفت في طلب الغيبء .معن أنه كان فضولياء مى حل الليل» وأوى الناس إلى مراقدهم» تطلع في حلوته إلى 
الملكوت» وعرف ما لا حاجة له في معرفته» هما يأ وما سيفوت» ومما أتى من قبل أن يأني ويفوت» حى بالغ 
في ذلك 

ويقول: ما حاحي ,معرفة ما هو آت» حسبي ما وفقت إليه من أذكاري وصلاي» فما زادن السرى في الليالي» 
والعروج في الأعالي» بعد أن حرحت عن نفسي» وطفت أترامى في ملكوت الله تعالى من غير قيد ولا حد» ما 
عدت أحسب ذلك يجديئ شيئاء وما عدت أقنع بخطاب الملائكة بعد أن تلقيت خطاب الله تعالم» فصممت 
عن كل خطاب من غيره؛ كيف أرضى بغير الله تعالى ذي الحلال والإكرام» وقد أعزني وأكرمئ هما أوحى إلي؛ 
ما ملك علي نفسي وجرى ف مهجيّ» حي أشعل نار شوقي وزاد حذبي وجنوني؟ ولا زلت متوها هائها في 
محبة مولاي 


528 الإبريز 


000 





عن خنام المبارلمعراجي ما علت ب أي مغام نارل» بعك ما جرع ف وعهاجي ؤ لك تفياجي» ريش_جنامي 
المعبه» جناحي عبار يلصير جوف الغبه» يفاجع الهلا الكوارء عن المليا بمركء ف الملايط مشافور» يتمميع 
بالسكرل» و يخصوف بالمعمور, والعرثر فوأمو فوامي» زا و ىهياجي و تغيامي؛ موالي الله هو موالين» ما نعبك 
حك معال 

لت تسالق عر روا وانا عصشان 
يقول: عند خاتمة المنازل أعررج وأرتقي» ماعدت نازلا في أي مقام» بعد الذي جرى في مهجي وزاد هيجاني» 
جناحي ريشه المحبة» جناحي عبار» يطير فوق القبة» ويقطع الفلك الدوار» عند المليك مرة واحدة» مشهور في 
الملائكة» يتمسح بالسدرة ويطوف بالبيت المعمورء والعرش قوائمه قوامي» زاد هياجي وهيامي» أوالي الله وهو 
يواليي» لا أعبد أحدا معه 
لا تسألئ رواء وأنا عطشان 
والمعيئ: قول الشيخ: عند ختام المنازل معراحي» عين به: أنه طفق يقطع منازل السلوك إلى حضرة مالك الملوك» 
متزلة بعد أحرى. حت أفاهاء وما أبقى منها شيئاء فلم يعد له نزول في أي واحدة منها؛ وقد عبر عن القطع 
والعبور بالمعراج» وليس في مذهبه علاقة بين معراج العارف في الوصول إلى الحق» وبين معراج رسول الله مَيَكم 
إل سدرة المنعين + ليلة الاسرام والمحراج 
قال الشيخ: وقد أحذنا على بعض العارفين» استعمال لفظ العروج والمعراج» كما هو ف معراج رسول الله 
م » إذ ثمة معراج ومعراج 
فمعراج رسول الله مم كان المراد منه. إظهار معجزته مَيكْم من أحل تنبيت الحق في قلوب المؤمنين» وزلزلة 
قلوب الذين في قلويهم زيغ؛ فهو معراج الرسالة» وجزء من الأمانة والتبليغ» عرفنا منه بعض ما اختص به 
َم . على سائر الرسل والأنبياءء وكشفنا علو مترلته عن غيره» وبلوغه من الحضرة الإلهية مبلغا قصر عنه كل 
ملاك مقرب أو ني مرسل 
وما رآه يلتم وحكاهء كان موجها إلى الأمة ا محمدية» وكأنه جزء من التشريع» فقد رافقه في رحلته إلى ربه 
سيد الملائكة جبريل عليه السلام» وفرضت الصلاة على الأمة» وتحدث تَيلِتُُّ عمن لاقاه في السماوات من 
الأنبياء والمرسلين» وذكر البيت المعمور وزواره» وسدرة المنتهى وتلوفماء وما إلى ذلك 
ولعل النبي عَيكْمٌ: رآى أكثر ما حكاه؛ وما ذكر غير ما أمر بذكره؛ وعفا عن كثير 
كما أن ما شاهده يَيْلُّمْ » كان كما هو في حقيقته, إذ الرسول يَيَلتُم » تميز بالصفاء والكمال» واتسم بالوسطية 


والاعتدال» فلم تشب ما رآه شائبة من توهم وتصور وهيئ وخيال. 


للك 


قلت: أما أولياء الله الصالحين» فما تبدى لهم ما تبدى في كشوفاتهم كما تبدى لرسول الله يَيَلثُم وما عرجوا 
عروجه. وإِعما كشفوا عنه بواسطة الإمدادات المحمدية» فما رأوه ما هو إلا صورته؛ ولو ظنوها حقيقة» وكأنه 
حكاية سيدنا محمد تيك ليس بالكلام؛ بل بالصورة والإيهام» وإلا فليزد من ادعى أنه أدركه إدراك النبوة» 
فليزد شيئا عما قاله صلم 

وعلى هذا المنوال قول الشيخ: دعونا أيها الأولياء» يا أصحاب الذوق والإشارات» نكون بشراء وزنوا 
مكاشفاتكم ,يزان الشرع» حي لا تضلواء فلا يعلم الغيب إلا الله ولو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلاء فما 
بالكم بنا نحن المخطائين المذنبين؟ 

ومن ادعى اطلاعه على الغيبء فائتون به أسأله عن امي وصفيء فإنه يعجز عن الجواب؟ هذا الذي عجز عن 
معرفة أقل ما يمكن معرفته عن الحوادث؛ يدعي معرفة من يخالف جميع الحوادث؟ 

وقد بيض أناس من الصحائف قناطير» وسودوا من الأسفارا أطناناء تنوء بحملها العشار» يدعون أنهم يخبرون 
فيها عن المغيبات» ويفشون الأسرار اللدنيات» فاقرؤوها رحمكم الله» واكشفوا لي فيها عن غيب واحد لم يخبر 
به الكتاب والسنة» وأطلعوني على سر لدن» مهما كان ضئيلاء في ثنايا كل هذا الركام 

لقد هالئ قوة نية الناس في أوليائهم» منذ قديم الزمان» وتوقيرهم إياهم» وتسليمهم لهم فيما يقولون وفيما 
يفعلون» ح أن ما ذكروه من أقوال وأفعال في الصحف والأسفار» تناقله الناس منذ القدم» ولا زالوا يتناقلونه» 
حي أدركوا به هذا الزمان» حيث قوي طبعه وإصداره وتوزيعه؛ في مختلف الربوع؛ أشد مما كان عليه من قبل. 
هل تحتاج معرفة الباري عز وجل إلى كل هذا الإطناب؟ هل احتاج الصديق والفاروق رضي الله عنهماء إلى 
شيء من هذا لمعرفة الله تعالىي؟ وهل عرف مصنفو هذا الركام وقارؤوه الله تعالى أكثر مما عرفه الصحابة 
المكرمونء أم أنهم لم يزدهم ما كتبواء وما قرؤوا إلا جهلا والتباسا وبعدا؟ 

أما معراج الولي» فلا يؤخذ بالمعئ الاصطلاحيء ولكن يؤخذ بمعناه اللغوي» ولفظ المعراج كغيره من الألفاظ 
والمصطلحات, الي يخلط بين معانيها كثير من الجهابذة 

فلفظ العصمة مثلاء في القرآن الكريم, معناه الاصطلاحي: التنزه عن الذنوب 

وقد وقع شيخ الإسلام, رحمه الله تعالى» في هذا الخلط» حين أخحذ على الإمام أبي الحسن الشاذلي رحمة الله 
تعالى عليه» ما قاله في حزب البحر. وهو قوله: نسألك العصمة في الحركات والسكنات والكلمات والإرادات 
والخطرات» من الشكوك والظنون والأوهام» الساترة للقلوب عن مطالعة الغيوب 

قال ابن تيمية: فإن العصمة من الذنوب مطلقا لا تحصل لغير الأنبياء» باتفاق أهل العلم المعتبرين. انتهى 82 


”* الرد على الشاذلي في حزبيه» وما صنفه في آداب الطريق ابن تيمية 
102 





فظن رحمه الله تعالى» أن الشاذلي استعمل لفظ العصمة؛ .معناه الاصطلاحي» أي سأل الله تعالى أن يرفع عنه 
الذنوب» فيصبح معصوما منهاء لا يذنب بلمرة مثل الرسل والأنبياء عليهم السلام. وإِنما أراد الشاذلي معناها 
اللغوي؛ كما يستعمله العرب قبل بعثة رسول الله بَيَكمٌ 
ففي كتاب الله العزيز: "قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء؛ قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من 
0 
والمراد بيعصمني من الماء: يقي 
والمراد ب9 عاكم اليوم: لا واقي 
وهذا مادلت عليه كتب المعاجم: 
قال الحرجاني في التعريفات: عصم يعصم: اكتسبء ومنع؛ ووقى. انتهى !3" 
وف القاموس المحيط: العصمة: ملكة احتناب المعاصي مع التمكن منها. انتهى 
فمعراج الولي» .معناه اللغوي» هو صعوده وارتقاؤه من متزلة أدن إلى متزلة أعلى» أو من مقام إلى مقام 
ومن ذلكء» لفظ الرب: 
قال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: "وقال للعي ضن أنه ناج منهما اءغكرني عند ربط؛ فأنصاك 
الخيضان عكر ربة فلبث في المجن بطع منين" 532 
والمراد بربط: سيدك 
وقال سبحانه على لسانه عليه السلام: "قال رب المجن أحب إل مما ياعوني 5 
والمراد: ربه سبحانه وتعالى 
فالأولى حاءت بمعناها اللغوي 
قال في لسان العرب: ورب كل شيء: مالكه ومستحقه؛ وقيل: صاحبه. ويقال: فلان رب هذا الشيى» أي 
ملكه له. وكل من ملك شيئا فهو ربه. 
يقال: هو رب الدابة ورب الدار» وفلان رب البيت» وهن ربات الحجال؛ ويقال: رب» مشدد؛ ورب» 
حفف؛؟ وأنشد المفضل: 
وقد علم الأقوال أن ليس لا فوقه ربء غير من يعطي الحظوظ ويرزق. انتهى 


830 هود43 


اللكن التعريفات 


7 يوسف 42 


7 يوسف33 


003 





والثانية وردت .معناها الاصطلاحي: 

قال في لسان العرب: الرب: هو الله عز وحل» هو رب كل شيء,؛ أي مالكه, وله الربوبية على جميع الخلق» لا 
شريك له» وهو رب الأرباب» ومالك الملوك والأملاك. ولا يقال: الرب في غير الله» إلا بالإضافة» قال: 
ويقال: الربء بالألف واللام» لغير الله؛ وقد قالوه في الجاهلية للملك؛ قال الحارث ابن حلزة: 

وهو الرب» والشهيد على يو مالحيرينء والبلاء بلاء. انتهى 

وأمثلة ذلك كثير» ومن دلم يفرق بين المععئ اللغوي والاصطلاحي في الألفاظ» كثر اعتراضه, واخطأ فهم كثير 
من الآيات والأحاديث,» فما بالك بأقوال الأولياء وأدعيتهم 

وفيما قلناه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد 

وقد ببئ أكثر المشايخ طريقهم على المجاهدة» ومن بناها على التوكل؛ ومن بناها على الود ومن بناها على 
التسليم» أما نحن فبنيناها على المحبة» فم تحققت محبتك لله تعالى» ولا يكون ذلك إلا بإذنه» أوتيت كل 
جناحاتٍ عبارة شديدة العبور» تطير فوق القبة» وأعين بالقبة: السماء الدنياء بما فيها من الكواكب والنجوم» 
لاستدارتها كالقبة» وكأنها سقف للأرضء علق فيه الثريات ضياء ونورا 

أقطع الأفلاك الدوارة» فكل ما في السماء الدنيا يدور» وم توقف عن الدوران» اخحتفى الكون وتلاشى» 
وكأنه حلم فتان» تبدد كأن لم يكن من قبل» ألا ترى أن جسم الإنسان» يقوم هو الأخر على الدوران» فإذا 
توقف دمه مثلا عن الدوران» هلك؟ 

فدعينٍ أجاوز ساحة الأفلاك والدوران» فمن لا زال يتردد عليها ويجول» ويظن نفسه يحول في الملكوت» فهو 
واهم. أيها الطيار في جميع الأقطار لن تحاوز عالم الملك والشهادة» سوى إذا قطعت الفلك الدوار 

ولم يذكر الشيخ؛ مروره على السماوات واحدة تلو الأخرىء ولم يشر إلى لقاء الأنبياء فيهن» لم يفعل ذلك 
كتمانا وصونا للسر عن الإخفاءء وإنما لم يذكر ذلكء لأنه لم يحظ بالكشف عنه» وقد قال: ذلك معراج 
رسول الله يلتم » ولا أرى لأحد أهلية مزاحمته والمرور حيث مرء ورؤية ما رأى. انتهى كلام الشيخ 

ويقول الشيخ: وقد أعجبئ صدق بعض أولياء الله الصالحين» وتأدههم مع رسول العلمين يَيكتُّم؛ إذ فعلوا ما 
فعلناء ووقفوا حيث وقفناء فلم يخبروا يوما بأنهم عرجو إلى السماوات» ولقوا آدم عليه السلام في السماء 
الأولى» وييى وعيسى عليهما السلام في الثانية» ويوسف عليه السلام في الثالثة ... إلى السماء السابعة 

فإن قيل: فما بالحم ذكروا السدرة والبيت المعمور؟ وأدركوا العرش في منتهى العبور؟ 

قلت: جبلت النفوس على تصوير ما تشتهي لأصحاهاء وكأنه حق لا لبس فيه 


404 


ألا ترى إلى أضغاث الأحلام»؛ كيف يرى فيها النائم ما يتمناه ثما عز عليه نيله وإدراكه؟ فإن كان فقيرا معدماء 
رأى فيما يرى النائم» أنه ثري يرفل في رغد من العيش» ويسكن قصرا مشيداء وله أعوان وخدم وعبيد 

وإذا كان عقيماء رأى أن له حفنة أولاد؛ وإذا عنست المرأة العزباء» رأت أفها حطبت وتزوجحتء» وقس على 
هذا القبيل 

كذلك حال المتطلع إلى ما وراء السماءء» قد يترائى له ما تطلع إليه» خاصة إذا قرأ في الآثار ما يوجد هناكء ما 
أخبر به الكتاب والسنة» ما يسهل على النفس تصويره وقييئه؛ فإن لم يراما تمناه في المنام» تحلى له وهو بين 
اليقظة والنوم» فظنه حق وهو ليس من الحق بقريب 


إطلاك 


مأ نا باكي مأ نا خاتم» أنا مول الغاتم» نشرت بسألك الععبه بعد ما كان وو حكهوت» ولي ابغويحبا ما بعكب 
غير عر_فوك؛ مثل رجايا مثل خوك» لأين عرجتو رحيم؛ معروهو سبق معروك» لأينو جبار» ما أمنت هى 
اخروي عر_جروث» م إيل ول نقار» لما ياكن يواريف؛ علر_جلايفو المت ما يكاريت؛ وخا نموت ما نهارفو 
مازال يورف مانسيت من شفايفوث حكأيفو الشفايق ما هي مرامي» مرامي حبيب التغامي؛ من أرسلوبه خابر» 
جعل وكابر» وإلك اجنى النفلين ما جري من مناكرء ب واحك من الكونن ماهر 

مازال راحم بمن عتا رحمن 
يقول: ما أنا ببادئ وما أنا جخاتم» الخاتم أنا مولاه» نشرت بساط المحبة بعد ما كان في أكفي» ومن أراد أن 
يصبء أي: من أراد أن يعشق مولاه؛ من الصبابة» وهي شدة العشق» وليس يصب من الصبا والصبوء» وهو 
الخروج من دين إلى غيره. قال: من أراد أن يتوله بعشق مولاه, لا يجذب سوى على إيقاع دفوقي» رجائي مثل 
حوفي لأني عرفته رحيما. معروفه سبق معروثي. لأنه جبار» ما أمنت على ظروثفي في صروفي في ليل ولا ففار. 
عندما يأذن يواريئ عن خلائقه» فحن الموت لا يداريئ» ولو مت لا أفارقه» لا زال سيطلعيئ على ما نسيت 
من شقائقه في حدائقه» ولكن الشقائق ليست مبتغاي ومرامي» بل مرامي حبيب محمد ني الله التهامي» والمراد: 
الله تعالى» من أرسله» يع أرسل محمدا يَيكتُّمْ ؛ عالم به» جعله صابراء ولو لم يكن صابراء لأفئ الثقلين ما حرى 
من مناكر» في واحد من الكونين ظاهر 
واابوال انه ريا ته جنا 7 سهان 
والمعى: قول الشيخ: ما نا بادي ما نا حاتم» أنا مول الخاتم: يشير إلى ما احتلف فيه أرباب الذوق وفقهاء 
التحقيق» في معيئن ختم الأولياء» وصفته» وقد سبق الحديث عنه فيما تقدم كفاية» فلينظر في محله. 
فبين الشيخ رؤيته للأمر» فقال: لست ببادئ للولاية ولست بخاتم لماء ولكنين للخاتم .عثابة مولاه» أي صاحبه 
الذي عنده خبره» وكيف يكون ومى يكونء هو مولاه بمعين ميزه عن كل ماوصفه به غيره؛”” ولا يقصد 
عولاه» أنه سيدهء أو أنه خير منه عند الله تعالى» فلا يعلم الخير والأخير سوى علام الغيوب» بل إن للشيخ 
نظرته الخاصة للخاتم» فهو يرى ان الخاتم» ليس آخر الأولياء موتاء إذ ليس في الآخرية في الموت فضلء ولا 


4 عتا يعتو عتوا وعتيا: استكبر وجاوز حده 
5 قال الأزهري: وللموالاة معى ثالث؛ سمعت العرب تقول: والوا حواشي نعمكم عن جلتهاء أي: اعزلوا صغارها عن كبارهاء 
وقد واليناها فتوالت» إذا تميزت. انتهى من لسان العرب 


006 





تميز» بل يرى أن الختم هو من حتم الولاية بأن صحح منهجهاء ونقاها ما شابما من تفريط ومغالاة وبدع 


وزيادات» فبقيت على منهجه إلى أن تقوم الساعة 


فإن شئتء فالختم مصلح محدد» يرد شريعة التحقيق إلى الأصل» ومصحح مطهرء يزيح عنها ما لحقها من عقد 


وحل 


وفي الختم أقوال أراها تضاربت 
وقد أحطأوا لما رأوا في ختامها 
فما ختمها بالدهر من كان آخرا 
وعد الحكيم الختم آخر من قضى 
على قلب خير الخلق إن رمت خخائما 


يهون ما شقت ويبين انميارها 


ومن عد عيسى خاتما في النهاية 
كمالا كخحتم الرسل حير البرية 
ولكن يمن أبقت عليه وتمت 


وزاعم حتم مات من بعد أمة 


يرد جموح الأولياء وكشة 
حنيفية بيضاء من غير شية 


فتشرق في قوم كأول مرة وتيسر في التكليف من بعد عسرة 
وما زاد فيها إنما أحبط الذي أتيناه فيها مني حوادث رثة 
حماها حفيظ من بداية بثها وحدد ما ييبلى مختم فجدت 
ومن شرط يوم البعث حتم إذا أتى فلا تنتظر واهرع لشعف وشعبة 
سيختمها قطب الزمان بوقته بقوم تناسوا في ضلال وغفلة 


قال الشيخ: وقد كان أول من ألان الصلب في طريق القوم» وكشف العيبء ووازى بين الشهادة والغيب» 
وجعلها محمدية على سنن الي يَيلكُم» سيدي وشيخي أبو الحسن علي الشاذلي: يما رفع المجاهدة» ووضع 
المكابدة» وقرب المشاهدة؛ لم يدع إلى انقطاع واختلاء» ولا إلى ترك أسباب وانزواء» وخلع عنها لبس الخشن» 
وطوى خحوان النخالة والشعيرء وعرف الله تعالى بتوفيقه» ووصل إليه بلمحبة والمناحاة» بعد محبة رسوله َيَكم 
وتصديقه 

فلم يكن دينه بالشاق على تابعيه» ولم يكن مذهبه بالغريب عن مصاحبيه» ولا كلامه بالصعب الممتنع على 
حاضريه ومستمعيه 

شهد له من هم أفضل منا شاكلة وشكلاء ورضيه من العلماء أعلاهم متزلة وفضلا. 

سار على ففج رسول الله يَلَّه» لم يخالف دينه عقلا ونقلاء ويسر على الناس ما عسروه وقرب ما أبعدوه؛ 


وحسن ما قبحوه» وقبح كثيرا ثما زينوه 


107 


فتلقى الناس منهجه بالقبول» وبلغت شهرته في الأنام اللامعقول» وترك من الحكم والدررء ما تحيرت فيه 
الأفئدة والعقول 

فلم نر منهجا أرق ولا أعذب ولا أصوب من منهجه. ولا دعوة أصدق وأحق من دعوته» ولا قولا أفصح 
وأبلغ من قولته 

حاز السبق في ميادين المساحلة» وأجاد النطق في أساطين المداولة» ولزم الصدق في مواطن المعاملة 

لم يظهر بعلو شانه على من والاه» ولم يتخذ لنفسه معتزلا عمن أتاه» ولم يفتخر بفضل الله عليه على ذويه ومن 
حاباه 

هو المشرق في الراغبين بلا حرء الزهر الفواح في أنوف المزكومين في القر» صاحب الصولات والجولات في 
ميادين المناظرات» بلا كر ولا فر 

الساهم الحاني» المشيد الباني» القطب الرباني والمدد الروحان» وامحب الفاني» الموله في المحاسن والمغاني» بصدق 
وإخلاص وتفان 

الأوحد في توحيده وتقاه» الأبحد في رباطه وخلواه؛ الأجود بين أقرانه ومن حاكاه 

عرف المريد بمولاه» ول يعرفه بنفسه كما فعل سواهء وأراح القاصد الله مما حمل عليه شيوخه من قبل أن 
يلقاه» فإذا المريد متيم عاشقء يعبد الله بغير عائق» وإذا الشقي القالي محب وامقء .ما أف عليه من معان ورقائق» 
وما أقبل به عليه من حكم ودقائق» وما أبلغه ثما قصر عنه من حقائق 

يحس الآبقين إلى مولاهم دون جهدء وبحبب الراغبين للواحد الأحد الفرد» ويجلسهم بمجالس القرب من بعد 
الاستواء والرشد» ويطلعهم على مشاهد الملكوت دون حد 

وقد سرنا عل دربه» وزدناه توضيحاء ووقفنا عل نهجه. وزدناه تصحيحاء وقمنا بأمره» كما قام به مسلما 
فرددنا عن الطريق من اتخذها مطية الفخار» وأزحنا عن الفريق من تنطع ف غلو واستهثار» وكذبناء بعد 
التحقيق» من جاء مما غرب وشذ من حكايات وأخبار 

وما رددنا ما رددناه إلا بحجة وبرهان, أن حاد عن امحجة بغير سلطانء وما أزحنا ما أزحناه, إلا بدليل وبيان» 
أن خرج عن السبيل» وما كذبنا ما كذبناه من خرافات وأباطيل» سوى ,ا سقناه من شواهد وتفاصيل واضحة 
للأذهان 

أما قول الشيخ: ولي بغى يصبا ما يجذب غير على دفوق» فيقصد أن من رغب في معرفة مولاه» وتاقت نفسه 
إلى بجحواه» فليتبع ما دل عليه وفصله من أسباب التقرب إلى الله تعالى» ونيل رضاه 

والجذب الحسي: السماع عند الصوفية» وقد واتى المقام الكلام على أحكامه وآدابه قبل الانتقال إلى غيره 


005 


الكلام على السماع 
يقول الكلابادي: فالسماع إذا: قرع الأسماع آثار كوامن أسرارهاء فمن بين مضطرب لعجز الصفة عن حمل 
الوارد» ومن بين متمكن بقوة الحال. 
قال أبز فيد رو » إن القو معو لكي الأ آل تين ساطيهم يتولة "تنيت اريف 37 بكم ذلك 
أسرارهم؛ كما كمن كون ذلك في عقوهم, فلما سمعوا كوامن أسرارهم انزعجواء كما ظهرت كوامن 
عقولهم؛ عند إخبار الحق لهم عن ذلك» فصدقوا. 
سمعت أبا القاسم البغدادي يقول: السماع على ضربين: فطائفة: معت الكلام فاستخرجت منه عبرة» وهذا 
لا يسمع إلا بالتمييز»؛ وحضور القلب. 
وطائفة: معت النغمة (وهي: قوت الروح)» فإذا ظفر الروح بقوته أشرف على مقامه» وأعرض عن تدبير 
الجسم فظهر عند ذلك من المستمع الاضطراب والحركة. 
قال أبو عبد الله النباحي: السماع: ما أثار فكرة» واكتسب عبرة. وما سواه فتنة. 
قال الحنيد: الرحمة تنزل على الفقير في ثلاثة مواضع: 
عند الأكل: فإنه لا يأكل إلا عند الحاحة 
وعند الكلام: فإنه لا يتكلم إلا للضرورة 
وعند السماع: فإنه لا يسمع إلا عند الوجد. 3 
قال أبو الفتح الجعفي» عفا الله عنه» وتقبل منه: أنكر كثير من المتصدرين للفتوى السماع على المتصوفة 
والفقراء» وحرموه تحريهاء بل نسبوه إلى اللهو والغفلة عن الله 
يقول العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: واعلم أنه تحتم هاهنا ذكر السماع؛ وما هو منه محظور وما هو 
مباح» وما هو مستحب مستحسنء فإن كثيرا من المتعمقين والمتقشفين كرهوه. وأنكروه أصلا وفرعاء وحقيقة 
وشرعاء وهذا غلط منهمء لأن ذلك يفضي إلى تخطئة كثير من أولياء الله وتفسيق كثير من العلماءء إذ لا 
حلاف أنهم سمعوا الغناء وتواحدواء وأفضى إلى الصرخ والغشية والضعف» فكيف ينسب إليهم نقص وهم 
سالكون أتم الأحوال؟ 


8 


536 


قال الله تعالى: "وإء اخد ربحة من بن آءم من ضهورهم عريتاهم وأشهدهم على أنفسهم ألمت بربكم قالوا بلى 
شهانا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين". الأعراف172 

7 التعرف إلى مذهب أهل التصوف 

009 





وإنما يحتاج ذلك إلى تفصيل ونظر في أهل السماع واختلاف طبقاتهم؛ فمن صح فهمه وحسن قصده؛ وصقلت 
الرياضة مرآة قلبه» وحلت نسمات العزيمة فضاء سرهء وصفا من تصاعد أكدار أرض طبعه وبخار بشريته» 
وخيالات مقابلة وسواسه» وعرى عن حظوظ الشهوات» وتطهر عن دنس الشبهات» فلا نقول أن سماعه 
حرام وفعله ذلك خطأ. انتي 838 

ويقول العز كذلك: فمن ظن أن السماع يرجع إلى دف المغن وطيب النغمة» فهو بعيد من السماعء وإثما 
السماع حقيقة ربانية ولطيفة روحانية» تسري من السميع المستمع إلى الأسرار بلطائف التحف والأنوار» 
فتمحق من القلوب ما لم يكنء وتبقي فيه ما لم يزل» فهو سماع حق بحق من حقء وأما الانزعاج الذي يلحق 
المتواجد» فمن ضعف حاله عن تحمل الوارد» وذلك لازدحام أنوار اللطائف في دحول باب القلب» فيلحقه 
دهش فيغيب بجوارحه» ويستريح إلى الصعقة والصرحة والشهقة» لغلبة وجده قهر وارده» وأكثر ما يكون ذلك 
لأهل البدايات» وأما أهل النهايات فالغالب عليهم السكون والثبوت لانشراح صدورهم؛ واتساع سرائرهم 
للوارد عليهم؛ فهم في سكوهم متحركونء وفي ثبوقهم متقلقلون 

كما قيل لأبي القاسم الحنيد: ما لنا لا نراك تتحرك عند السماع؟ فقال: "وترى الجبال تحسبها جامنة وهي 
تمر مر السفاتية يد له: وما معيئ السماع؟ وما بال الرحل يكون سكانا قبل السماعء فإذا مع 
اضطرب وتحرك؟ فقال: السماع تذكار خطاب الروح من الميثاق الأول» حين قال ربنا سبحانه: "ألمت 
بربكم قالوا بل شيينا" "7 يسيم من مع كلانه لحن لامكل رلا رسم ولا صفة إلا المعئ الذي سمع, 
فبقيت حلاوة ذلك السماع فيهم» فلما أحرحهم وردهم على الدنيا ظهر ذلك فيهم؛ فإذا معوا نغمة طيبة 
وقولا حسناء طارت هممهم إلى ذلك الأصلء فسمعوا من الأصلء وأشاروا إلى الأصل. انتهى 841 

قلت: وكل منكر للسماع منكر للغناء عامة» ولست بصدد مساحلة المنكرين ومناظرتهم في صحة ما ينكرونه 
أو خطئه» حليته وحرمته» فقد تصدى للرد عليهم وأفاض وأجاد» وسرد أوجه الأدلة وعيون الاستشهاد» من 
هم خير منا فضلا وعلما. 

قال الإمام الشوكاني في نيل الوطار في الغناء عمصاحبة الآلة: قال ابن النحوي في العمدة: قال ابن طاهر: هو 
إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة 
الضرب إلى إبراهيم بن سعد المتقدم الذكرء وهو ممن أخحرج له الجماعة كلهم. وحكى الماوردي إباحة 


7 زبد خلاصة التصوف المسمى: حل رموز ومفاتيح الكنوز 
537 النمل90 
0 الأعراف 172 
حل الرموز 
410 





العود عن بعض الشافعية. وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي» وحكاه الإسنوي في 
المهمات عن الروياني والماوردي؛ ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصورء وحكاه ابن الملقن في العمدة 
عن ابن طاهرء وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام» وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن 
العربي» وجزم بالإباحة الأدفوي. هؤلاء جميعا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة. انتهى 512 

وما أحسب نفسي سوى مع من أقر يجواز الغناء» ما لم يكن بمعصية الله تعالم» وخلا مما تلزمه آداب الشريعة 
وأخلاقها. وقد حضرت في يفاعي دينة الرباط في دار الإخوة السلفية» درسا للعلامة الشيخ تقي الدين 
الحلالي» وكان رحمه الله تعالى قد بلغ من الكبر عتياء وكان من المتشددين في تحريم الغناء» وسمعته يتبرأ من إفتائه 
بتحريعه» ويشهد الحاضرين على تبرئه» ويقول: مائبت ف تحريم الغناء حديث صحيح صريحء وإني اليوم أقول: 
الغناء جائز 

هذا أمر الغناء» فما بالك بالتغيئ بالثناء على الله تعالى» ومدح رسول الله يَلتم ؟ 


2 نيل الأوطار 
تئمة ما ساقه الشوكاني عن ابن النحوي: وأما مجرد الغناء من غير آلة» فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه 
الفقهية: نقل الاتفاق على حله. ونقل ابن طاهرء إجماع الصحابة والتابعين عليه. ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل 
الحرمين عليه. ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضاء إجماع أهل المدينة عليه. وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه 
في أفضل أيام السنة» المأمور فيه بالعبادة والذكر. 

قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين» فمن الصحابة عمر» كما رواه ابن عبد 
البر وغيره. وعثمان» كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي”. وعبد الرحمن بن عوفء كما رواه ابن أبي شيبة. وأبو 
عبيدة ابن الجراح» كما أخرحه البيهقي. وسعد بن أبي وقاصء كما أخرحه ابن قتيبة. وأبو مسعود الأنصاري» كما أخرحه 
البيهقي. وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد» كما أخرجه البيهقي أيضا. وحمزة» كما في الصحيح. وابن عمر»؛ كما 
أخرجه ابن طاهر. والبراء بن مالك» كما أخرجه أبو نعيم. وعبد الله بن جحعفرء كما رواه ابن عبد البر. وعبد الله بن الزبير» 
كما نقله أبو طالب المكي. وحسان؛ كما رواه أبو الفرج الأصبهاني”. وعبد الله بن عمرء كما رواه الزبير بن بكار. وقرظة بن 
بكار» كما رواه ابن قتيبة. وحوات بن حبير ورباح المعترف» كما أحرجه صاحب الأغاني. والمغيرة بن شعبة» كما حكاه أبو 
طالب المكي. وعمرو بن العاص» كما حكاه الماوردي. وعائشة والربيع» كما في صحيح البخاري وغيره 

وأما التابعون: فسعيد بن المسيب وسالم بن عمر وابن حسان ونخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي 
وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري. وأما 


تابعوهم فخلق لا يحصونء منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية. انتهى كلام ابن النحوي 


411 





أل تر إلى داود عليه السلام» كيف كان يرفع صوته ويتغيئ بتسبيح الواحد الأحد» وكيف كانت الحبال والطير 
يرددن معه؟ قال الباري عز وحل: "ولقد آتيفا <اووك مذا فطلا يا جبال أوي معه والصرء وألنا له 
لخي 843 

قال الزمخشري في تفسيره» في قوله تعالى أويي: وقرئ: أوبى» وأوبى: من التأويب والأوب: أي رجعي معه 
التسبيح. 

أو ارجعي معه ف التسبيح» كلما رجع فيه, لأنه إذا رجعه. فقد رجع فيه. انتهى/* 
إها سمفونية مقدسة» يرأسها نبي الله داود عليه السلام» بصوت كالمزمار» جوقتها الحبال والطير» موسيقاها 
الصدى والتغريد. فاسترسلوا رعاكم الله تعالى» وأرسلوا أصواتكم ورددوا في تغن وترجيع» ذاكرين الرب 
الجميل» بجمالية تليق بجحماله» ولا تقبعوا تحت جلابيبكم وعمائمكم, وتحظرون على الناس ما أباح لهم مولاهم 
من ضروب الفن والحمال» والانسياب والاسترسالء أنظروا إلى الكون: هذه الطيور تتغئ بذكر ريماء وهذه 
الريح همس يما دق عن الفهم وعذب في السمع بحفيفهاء وهذا الرعد يسبح بقصفه؛ والصواعق تشهد بقوته 
وجبروته بانفجارهاء وهذه الحيتان تسبح في ظلمة البحر» تعبر عن حسن إبداع المبدع بروعة ألواا. 

فما لكم وحدكم تتقوقعون وتندبون وتطفؤون كل براق» وتمسحون كل لون جميل إلا الأبيض والأسودء ما 
بال ألوانكم لا توحد في قوس قرح؟ ابتسموا.. ابتسموا أيها الواجمون! 

قلت: ولم يحضر شيخنا أبو الحسن رحمه الله تعالى» مجالس السماع» ولكنه لم ينه أصحابه عنه» وإنما ذكر سبب 


8 


امتناعه» ولعله لوم أستاذه ابن بشيش رحمه الله تعالى» له في منامه لما هم بالذهاب لكي يسمع: يقول رحمه الله 
تعالى: استأذني بعض الفقراء في الحضور والسماع» فهممت بذلكء فرأيت أستاذي» وفي يده اليمئ كتاب فيه 
القرآن العظيم» وحديث رسول الله ميتم ؛ وني يده اليسرى أوراق فيها مرجزء وهو يقول لي كالمنتهر: تعدلون 
عن العلوم الزكية؛ إلى علوم ذوي الأهواء الردية؟ فمن أكثر من هذاء فهو عبد مرقوق هواهء وأسير لشهواته 
ومناه» يستفزون يما قلوب ذوي الغفلة والنسيان» وأهل الضلالة والعميان» ولا إرادة لهم في عمل الخير 
واكتساب الغفران» يتمايلون عند سماعها تمايل الصبيان» لثن لم ينته الظالم ليقلين الله أرضه سماء وسماءه أرضا. 
قال: فأحذني منه حال بوجدء وأنا أقول له: نعم يا أستاذي» إلا أن النفس أرضية والروح سماوية. فقال لي: 
نعم يا علي» إذا كانت الروح بأمطار العلوم دائرة» والنفس بالأعمال الصالحة ثابتة» فقد حصل الخير كله وإذا 
كانت النفس غالبة» والروح مغلوبة» فقد حصل القحط والحدبء وانقلب الأمر» وجاء الشر كله. 


543 سبأ10 


الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التاويل 


412 





فعليك بكتاب الله الحادي» وبكلام رسوله الشافي» فلن تزال بخير ما آثرتهماء وقد أصاب الشر من عدل عنهماء 
وأهل الحق إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه» وإذا سمعوا الحق أقبلوا عليه: "ومن يقترق حسنة نز له فيها 
ا 

قلت: وقد فى الصوفية كل من لم تكمل معرفته عن السماع» وقالوا بأن حضوره فيه» ييل قلبه إلى الدنياء 
ويعزز هواه؛ وأحازوه للكامل الذي يذكره بربه» ويقربه إلى مولاه 

وقال ابن هوازن: وسثل عالمنا رحمه الله» فقيل له: بلغنا أنك تنكر السماع» وقد كان الحنيد وسري السقطي 
وذو النون يسمعونء فقال: كيف أنكر السماع وقد سمعه عبد الله بن جعفر الطيار» يعي ابن أبي طالب؟ وإِنما 
أنكر اللهو وأنكر اللعب في السماع» ولعمريء إن هؤلاء الأشياخ الذين ذكرواء قد كانوا يسمعون» ولكن 
كان منهم من سمع السر دون العلانية» ومنهم من كان يسمع مع إحوانه ونظرائه دون الأتباع والأصحاب» 
وكانوا يقولون: لا يصح السماع إلا لعارف مكينء ولا يصلح لمريد مبتدئ. وكان بعض العلماء قد ترك 
السماع؛ فقيل له فقال: ممن؟ فقيل له: فأنتء فقال: مع من كانوا لا يسمعون إلا من أهله ومع أهله. انتهى 847 


آداب السماع 
قال القشيري: وأما آداب المريد في السماعء فالمريد لا تسلم له الحركة في السماع بالاحتيار ألبتة» فإن ورد 
عليه وارد حركة ولم يكن فيه فضل قوة» فبمقدار الغلبة يعذر» فإذا زالت الغلبة» يحب عليه القعود والسكون» 
فإن استدام الحركة مستجلبا للوجحد من غير غلبة وضرورة؛ لم يصح, فإن تعود ذلك» يبقى متخلفا لا يكاشف 
بشيء من الحقائق» فغاية أحواله حينئذ» أن يطيب قلبه. وفي الجملة» أن الحركة تأحذ من كل متحرك» وتنقص 
من حاله» مريدا كان أو شيخاء إلا أن يكون بإشارة من الوقت» أو غلبة تأحذ عن التمييز. فإن كان مريداء 
أشار عليه الشيخ بالحركة» فتحرك على إشارته؛ فلا بأس إذا كان الشيخ ممن له حكم على أمثاله» وأما إذا 
شا عليه الفقراء بالمساعدة في الحركة» فيساعدهم في القيام» وفي أداء مالا يحد منه بداء مما يراعى عن 


الاستيحاش لقلويهم, ثم إن صدقه في حاله» يمنع قلوب الفقراء من سولهم عند المساعدة معهم. انتهى 84 


كك الشورى21 
ور الأسران 
7 قوت القلوب في معاملة امحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد 


58 الرسالة القشيرية 


413 





قلت: ولا أرى للمبتدئ ولا للكامل إلا خيرا في حضور السماع» كيف والأول يحضر التغئٍ بالله تعالى» ألا 
يقربه ذلك إليه؟ 

والثاني يزيده معرفة على معرفة» ويلهب شوقه بذكر الحبيب 

وفرق أرباب الذوق بين الوحد والتواحد» فمنهم من حبذ الأول وكره الثاني» مع العلم أن الوجد والتواحد 
يؤديان قي الغالب إلى الجذدب 


الوجد والتواجد 

قال أبو الفتح: فأما الواحد الجاذب» فلا حرج عليه» كيف وأن الناس من طبعهم الجذب عند الفرح والترح؟ 
فمن منا لم يبشر يوما بفوز أونجحاح» في شأن من الشؤونء وما صاح وقفز ومشى ونط؟ 
ومن منا ما جاءه خبر محزن أو نعي حبيبء وما تاه وصاح, وتمتم بما لا يفهم؟ 
فما على العارف إذا طرب لذكر الحبيب» وهزه الشوق وامحبة فاضطرب» إن لم يستطع أن يتحمل هذه 
الأفراح» فتمايل وصاح؟ 
قال القشيري: فالتواحد بداية» والوحد هاية» والوحود واسطة بين البداية والنهاية. 
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: التواحد يوحب استيعاب العبد» والوجد يوجحب استغراق العبد» والوجود 
يوجحب استهلاك العبد. فهو كمن شهد البحر ثم ركب البحر ثم غرق في البحر. وترتيب هذا الأمر: قصود 
ثم ورود ثم شهود ثم وجود ثم حمود. وبمقدار الوجود يحصل الخمود» وصاحب الوجود له صحو ومحوء 
فحال صحوه بقاؤه بالحق» وحال محوه فناؤه بالحق. وهاتان الحالتان أبدا متعاقبتان عليه» فإذا غلب عليه 
الصحو بالحق» فبه يصول وبه يقول: قال عليه السلام فيما أخبر عن الحق: 'فبي يسمع وبي يبصر". 
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: معت منصور بن عبد الله يقول: وقف رجحل على حلقة الشبلي» 
فسأله: هل تظهر آثار صحة الوحود على الواحدين؟ فقال: نعم» نور يزهر مقارنا لنيران الاشتياق» فتلوح على 
المياكل آثارهاء كما قال ابن المعتز: 

وأمطر الكأس ماء من أبارقها فأنبت الدر في أرض من الذهب 

وسبح القوم الما رأوا عجبا نورا من الماء في نار من العنب 

سلافة ورثتها عاد عن إرم كاتت ذخيرة كسرى عن أب فاب؛ 547 


549 


ا مرجع نفسه 
414 





الجن لوما وجكوا من جوكي حيث لجو ؤ نمن وما نتمنن» مأ يشكوا فو عواي حتى قن ؤ تتمنن. ول افيه 
حيث هما ساجغين؛ ولت لمعاميهم ما +اموجائمين عن افكامي خايهين حسامي» مثقما أمنتهم ما أمنوا من سناف 


افوال» التعزيل به شفاوا وبكاواء ما شف _إلاشر_ما شفاهم؛ ولت بكاوا بما بكاهم؛ الاشر فساوا لما نساواء 


آثرجا ما احاع اللصين إلويسر؟ ابناحم ولبر من سنين 

حت ومسو الجان و إلابكان 
يقول: لو ما وحد الجن من جودي لما أحود عليهم منا دون أن أمن وأتمنن» لو ما وحدوا مئ ذلكء؛ ما أمسكوا 
بعودي حى أحن وأزيد في حنوي عليهم؛ ولست أجافيهم ماداموا جائمين عند أقدامي خائفين من حسامي» 
مهما أمنتهم لم يأمنوا من سنان في سهامي 
أليس الحن أعقل منا؟ فقد خحفوا وما عادوا ثقالاء هم أخف من نار على علم في الأكمام, والعلم: الجبل» كما 
يقول المثل: أشهر من نار على علم وقد مثل فتهم بخفة النار على الحبل حيث تتموج مع الريح ولا يحجزها 
عنها حاجزء لأنها في أعلى الحبل» وقد مثل للجن من عنصره؛ وهو النار» وما دام مثال النار على العلم؛ تكون 
بادية واضحة للجميع» واللجن محجوب عنا لا نراه» تدارك الأمرء وجعله في الأكمام؛ والأكمام غلاف تمر 
النخل» كناية على خفاء الجن وانحجابه؛ ثم قال: لا تحدي في الجن أقوال» أما الإنس» فقد قست قلويهم لما 
نسوا. من يصلح الطين م حف ويبس؟ أصيب بنو آدم بالإفلاس منذ سنين 
ح مسهم اللمن في الأبدان 
والمعئ: يقول الله تعالى: "ولقه خلقنا الانسان من صلصال من حمإ مسئون» والجان خلقناه من قبل من 
ا 
فلا يقبل قول من أنكر وجود الجن» بل إن إنكار وجودهم, إنكار لآيات القرآن العظيم 
وثبت تمثل الجن وحروجه لرسول الله يَيكتُّم» ولبعض الصحابة الكرام» كما هو في الصحيح: 
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن البي يَيلكُمْ : "إن عفريتا من المن تفلت البارحة ليقطع علي صلاقي» فأمكنئي 
الله منه فأخذته» فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حي تنظروا إليه كلكم» فذكرت دعوة أحي 
سليمان: "رب اغفر لي وهب ل ملكا امف ا ا اك فرددته حاسكا". 
'عفريت": متمرد من إنس أو جانء مثل زبنية» جماعتها الزبانية. رواه البعاري 
57 ال حجر 27-26 


اللهن ص34 


د41 





عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلئٍ رسول الله يَيَلتُم بحفظ زكاة رمضانء فأتاني آت, فجعل يحثو من 
الطعام» فأحذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله يكم قال: إن محتاج وعلي عيال» ولي حاجة شديدة» 
قال: فخليت عنه» فأصبحتء فقال النبي َيلنُّمْ : "يا أبا هريرة» ما فعل أسيرك البارحة؟" قال: قلت: يا رسول 
الله شكا حاجة شديدة» وعيالا فرحمته فخليت سبيله؛ قال: "أما إنه قد كذبك» وسيعود"؛ فعرفت أنه سيعود» 
لقول رسول الله عَيْلُمْ : "إنه سيعود". فرصدته؛ فجاء يحثو من الطعام» فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله 
يم ؛ قال: دعي فإن محتاج وعلي عيال؛ لا أعود» فرحمته فخليت سبيله» فأصبحتء فقال لي رسول الله 
يلم : "يا أبا هريرة» ما فعل أسيرك؟" قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاء فرحمته فخليت سبيله» 
قال: "أما إنه كذبك» وسيعود"؛ فرصلته الثالثة» فجاء يحثو من الطعامء فأحذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول 
الله وهذا آحر ثلاث مرات تزعم لا تعود» ثم تعود» قال: دع أعلمك كلمات ينفعك الله يماء قلت: ماهو؟ 
قال: إذا أويت إلى فراشكء فاقرأ آية الكرسي: "الله لد إلبه إل هو الحب القيوم".272 حن تختم الآية» فإنك لن 
يزال عليك من الله حافظ» ولا يقربنك شيطان حي تصبح؛ فخليت سبيله فأصبحتء فقال لي رسول الله 
لم : "ما فعل أسيرك البارحة؟" قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمئ كلمات ينفع الله بماء فخليت سبيله» 
قال: "ما هي؟" قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشكء فاقراً آية الكرسي من أوما حى تختم: "الله لا إله إلا هو 
الحي القيوم”. وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ» ولا يقربك شيطان حب تصبح؛ وكانوا أحرص شيء 
على الخير» فقال النبي يَيكتُّمْ : "أما إنه قد صدقك وهو كذوبء تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟" 
قال: لاء قال: "ذاك شيطان". رواه البخاري 

ونعتقد أن الجن في أرض غير هذهء إذ عدة الأرضين سبع» كما هو معروف»ء وقد خلق الله تعالى الإنسان 
ليعيش وبينه وبين الجن حجابء قال سبحانه: "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم» إنا جعلنا 
الشياضين أولقا ليون 0 

والأحرى بالإنسان أن لا يتبع ما تدوول من طرق حلالحا وحرامهاء من أجل تسخير الجن إذ بذلك يزيغ عن 
سنة رسول الله يَيلِتم؛ ويسعى لنفسه في الحلاك بخروحه عما فطره الله تعالى عليه 

فحسبنا دليلا على ذلك» ترفع رسول الله مَك ؛ عن إمساك العفريت من الحن» وقوله فيما سبق في حديث أبي 
هريرة رضي الله عنه: "فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حى تنظروا إليه كلكم؛ فذكرت 
دعوة أخي سليمان: "رب الغفر لي وهب ل ملكا قيو وضو بن 30 فرددته حاسكا" . 
2 البقرة253 

3 الأعراف 26 

34 54 


416 





وقد اختص نبي الله سليمان عليه السلام» بتسخير الجن والشياطين» كما هو ف قوله تعالى: "فمخرنا لك الريح 


855 | 1 


وقد ظن قوم أن الجن ينفعهم» فاستغاثوا يحم وقربوا لحم القرابين من دون الواحد الأحد» وأرضوهم بلبس ما 
يستهويهم من ألوان» ودخنوا لمم ما يعجبهم من دخنء قال تعالى: "وإفه كان رجال من الانس يعرهون 
برجال من الجن فزاحوهم رهقا" 556 

فتخلى الباري عز وجل عن نصرم؛ فغلبت عليهم الشياطين» واستعمرت أجسامهم, وأبطلت أعضاءهم؛ أن 
لم يدحلوا في عباد الله المحلصين 

"قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الارض ولأغوينهم أجمعين إلا عباحة منهم المخلصين" 57 
وقوم سلكوا علوما روحانية» لا أساس لما في شريعتنا السمحة» ابتغوا من وراء سلوكهاء استخدام الجن في 
قضاء مآرهم وأغراضهمء فضلوا وحصدوا الذلة والمهانة والمهوان» وباؤوا بغضب من الله إلا الذين فعلوه عن 
جهل» فعسى الله تعالى» أن يغفر لهم ويتوب عليهم, إنه هو التواب الرحيم 

قال الشيخ في كتابه: أبواب الشيطان: إذ لا ننسىء أن نذكر أن أعلام علم الحرف والروحاني» أغلبهم ينقصه 
التفقه في الدين» ولذلك لا يمكنه أن يحكم ميزان الشريعة ليتبين الصواب من الخطأء فاستعملوا من العزائم 
والأقسام والطلاسم والحداول ما لم ينزل الله به من سلطانء وقرأوا أسماء سريانية وعبرانية» لا يعرفون معناهاء 
وتصرفوا بأبواب شيطانية التبس عليهم أمرهاء فأوذوا وآذوا دون قصدء فضلوا وأضلواء عسى الله أن يهديهم 
ويغفر لهم» إنه هو الغفور الرحيم 

"وآخرون اعترفوا بعنوبهم خلصا عملا صالحا وآخر سييا عسى الله أن يتوب عليهم؛ إن الله فور 


| 858 و85 
2 انتهى 


وتتضمن هذه العلوم الروحانية» ما أخحل أصلا عن فلاسفة اليونان» وعن بعض المشتغلين بالسحر» ومنه أقسام 


رحيم 


ص38-36 
836 لحن 6 

7 الحجر 40-39 
558 التوبة 103 

59" أبواب الشيطان 


417 





ولو عقل هؤلاءء لعلموا بالبديهة» أن كلام الله تعالى كما نزل من السماءء أفضل وأعظم نفعا وأحدى من 
الرموز والحداول. 

فكيف يستصغرون تأثير ما أنزل الله» ويستعيضون عنه بترهات من وضع البشر؟ 

"ولوأن قرآنا سيرت بغ الجبال أ وقضعت به الارض أوكلم به الموتى" 61 
قال فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى: اعلم أنه روي أن أهل مكة قعدوا في فناء مكة, فأتاهم الرسول يكم 
وعرض الإسلام عليهم» فقال له عبد الله بن أمية المخزومي: سير لنا جبال مكة حي ينفسح المكان عليناء 
واحعل لنا فيها أنهارا نزرع فيهاء أو أحي لنا بعض أمواتنا لنسألهم أحق ما تقول أنت أو باطل» فقد كان 
عيسى يحبي الموتى» أو سخر لنا الريح حي نركبها ونسير في البلاد» فقد كانت الريح مسخرة لسليمان» فلست 
بأهون على ربك من سليمان. فترل قوله: "ولو أن قرآنا سيرت به الجبال"؛ أي من أماكنهاء "أو قمعت به 
الارض". أي شققت فجعلت أمارا وعيوناء "أو كلم به الموتى'» لكان هو هذا القرآن الذي أنزلناه عليك. 
وحذف جواب: "لو'» لكونه معلوما. وقال الزحاج: المحذوف هو أنه "لو أن قرآنا صيرت به الجبال" وكذا 
ل ال لل كىن 

وقد عرض الشيخ للحديث عن الجن» ووضع نفسه منهم موضع قوة وبأسء لكي يظهر ضعفهم ويبرز خوفهم 
للقارئ» وذلك لما رأى من إقبال الأنام على تعظيمهم, والخوف منهم, فإن الشيخ من شدة تمسكه بالله تعالى 
يعتبر الجن مخلوقات لله تستحب فيهم الصدقة والإطعام, لأن سوادهم يعاني من الفاقة والجوع؛ وأعدادهم لا 
بحصيها غير الحصي المعيد 

كما باشرهم بالعفو والصفح, ولم يؤاحذهم على كثير من أخطائهم وهفواتهم» فأحبوه من أجل ذلك 
واجتمعوا عليه 

ووصف الحن بأنهم يعبدون الله لا كما نعبده» فقد قال في كتابه السوانح: أما مؤمنو الجن» فمهما بلغ إيمانهم 
يبقى ناقصاء ولو أنهم خاشعون باكونء يعبدون الله رهبة منه» لاطلاعهم على ما لا سبيل لاطلاع الإنسان 
عليه إلا بهداية من الرحمن. 

فهم يجوبون السماء ما لم بجب» فيلمسون فيها ما لم نلمس» ويوقنون بوجود الملائكة ما لم نوقن» إلا أنهم لا 
يتلقون اللدنيات؛ إذ محل تلقيها الروح» وهم حياة لا روح فيهاء فالحمد لله الذي فضلناء بأن نفخ فينا من 
روحهء على كثير ممن خلقه تفضيلا. 


8560 الرعد32 
61 الأنعام112 
7 مفاتيح الغيب» المعروف بالتفسير الكبير 
4158 





"وإنا لمسنا المماء فوجهناها مليت حرسا شديذا وشهباء وإنا كنا نقعذ منها مقاع؛ للسمع فمن يستمع 
الآن كانه ههانا د 5 

بل إن الشيخ يضع الجن من تحت التكليف وليس تحت التكليف كالإنسان 

وقوله: الجن علينا عقال خفوا ما عادوا ثقال» أراد به أن الجن رغم سفاهة عقوهم, فقد أصبحوا أعقل منا في 
هذا الزمان الذي طاشت فيه أحلام البشر» فلم يعد الجن ثقيلي الفهم عقابلتهم بفهم الناس» بل أصبح فهمهم 
الثتقيل أحف من فهمناء إذ ل يعد لنا تدبير ولا فهم» بسبب ما نأتيه من حماقات في هذا الزمان 


© الجن 09-08 
سوانح المخنواطر في كوامن السرائر 
419 





إل ىكيف أنا ماناصع ف ىإفكارع» ول ىتتحين تعر مفكاري» أنا نم ب ى_الاجوا ساره» يعيم جو_الكراري» 
مايغمن تعرف من نكون؛ خلين حامل ؤكون اللي تكون» 2 تكون علي سايل؛ إلوتسول ‏ تمسا ونون 
بل بليهء ولىتفرب لي برك جنوه بلا رفيه؛ ما يزيكف ثباك إلى اثبيق علي؟ إلىما عرهتيف عرهيف 
الدمللاك فبل ل تزاء» ما حاجتم للعباء؟ العباء عباكىو أثن ع م مولاآكت 
ع ب سوالويا المغنان 
يقول: إذا احتقرتئ فأنا لا أطمع في أقدار» وإذا أنصفتي عرفت مقداريء أنا بحم سار في الأحواءء يتيم بين 
الدراري. لا يهمين أن تعرف من أكونء دعن خاملا وكن ما تشاء أن تكونء, لا تكن سائلا عين؛ إذا سألت 
عبن تفتنك فنون دون بلية» وإذا اقتربت م يسحرك حنون بلا رقية» ما يزيدنئ ثناءك إذا أثنيت علي؟ إذا م 
تعرفئ عرفتئ الأملاك قبل أن تزداد أنت» ما حاجي للعباد؟ العباد عباده سبحانه» اثن على مولاك 
ألح في سؤاله أيها العنيد 

والمععى: الدعوة إلى الخمول والاسّعاد عن الشهرة: 
يقول الشيخ أبو ا محاسن رحمه الله تعالى: أساس الإرادة خمول الذكرء وليس على المريد أضر من الشهرة» إلا أنه 
في البداية مقصود, وف النهاية ملحوظ» فكيف يليق التعرض للمناصب ولمراتب وفيهما شرف وظهورء وهو 
مفسد للدين كما ورد؟ ولو ذكرنا ما نزل بناء واختبار الحق لنا.مثل ذلكء» لبهر عقلك» فخلصنا الله سبحانه 
وأعانناء والحمد لله. والآن أقول لك: الزم بيتك وخالف جنسك واجمع قلبك» وما يحول بينك وبين قلبك 
اقطعه قبل أن يقطعكء ولو كان فيه حتف نفسكء واعلم أن البصيرة كالبصر: أدن شيء يغير النظر» وما نزل 
بك قد سبقك به الشيخ العارف المحقق أبو الحسن الششتري؛ حين نزل طرابلس وظهرت عليه علوم فأعجب 
الناس» فأرادوا أن يولوه القضاءء فامتنع» فلاموه واستحمقوه, فاعتذر بأبيات قالماء وهي: 

رضي المتيم في اللحوى يجنونه خلوه يفن عمره” بفنونه 

لا تعذلوه فليس ينفع عذلكم ليس السلو عن الحوى من دينه 

قسما يمن ذكر العقيق من أجله قسم المحب2 بحبه ويينه 

اذ ل سيو كوغيز أ تاقجة. تعن مقتزات النفنه و5 


قال في الحكم: ادفن وجودك في أرض الخمول» فما نبت ما لم يدفن لا يتم نتاجه. 


5 اكمس 
مراة احاسن 


010 





أي: ادفن» أيها المريد» نفسك؛ أي شهرقاء في الخمول الذي هو كالأرض للميت في التغطية التامة؛ بأن لا 
تتعاطى أسباب الشهرة. فإن الخمول ثما يعين على الإخلاص؛ بخلاف حب الظهورء فإنه من جملة القواطع 
القاصمة للظهور. فما نبت من الحب مما لم يدفن في الأرض لا يتم نتاحه» بل يخرج مصفرا. وكذلك أنت»ء أيها 
المريد» إذا تعاطيت أسباب الشهرة في بدايتك» قل أن تفلح في فايتك. ومن ثم» قال رجحل لبشر بن الحارث: 
أوصين» فقال: امل ذكرك وأطب مطعمك. وقال بعضهم: لا تصلح طريقتنا هذه إلا لأقوام كنست بأرواحهم 
المزابل. وقال إبراهيم بن أدهم: ما صدق الله من أحب الشهرة. ولله در القائل: العزلة تنفع القلب» فكرة 
وعدة. 809 

ما حاح لأن تعرفين؟ أنا لا أرتحي منك معروفاء ما أنت إلا عبد مثلي» لا تملك لي ولا لنفسك ضرا ولا نفعا. 
لا أطمع في أن تعرف» فأنا لا أعرف» كيف تعرفيئ وأنا لا أعرف نفسي بنفسي؟ 

كيف تعرفين وأنت لا ترى مين إلا الميكل؟ كيف تحاورنٍ وأنت لا تحادي م غير المزل؟ وأما الساكن فلا 
زال فيه عندك لم يتزل 

قرأت مي العبارة» ولم تفهم عين الإشارة 

أواه يا صاحء ألهتك زينة المباني عن يمجة المعاني» واشتغلت بالصدف والقشورء وقصرت عن الدر المنثور 
تخوض ال حواشي حيث التلاشي» وتغفل ما استقر وثبت في المقر 

كيف تبصرني» وقد واراني الباري وراء ألف حجاب؟ كيف تعرفئ وأنت ع حجاب؟ 

داعليك سو التصليم 

أنا لغز أبدعه الحكيم؛ في تحول والتواء» وتلاه على العالمين فتنة وبلاء 

إذا حاوزت الحجب, وكشفت الستائر» بمرتك بُويي» وأهويتك في أعلى عليين» حيث تربجي الرجوع فلا 
إذا عرفتئي نسيت من تكون» ولن تعرفنٍ وأنت كائن» ستعرفيٍ عندما لا تكون» ستنصفٍ آنذاك» وتعرف 
قدري ومقداري» ولن تقدر بعدها على تكذيي» ولن تحرؤ على تصديقيء لا هذه ولا تلك» ستبقى بين بين» 
حيث لا حيث ولا أين 

ستجد نفسكء ما زدت سوى جهل بي» من حيث ظننت أنك عرفتئ. 

ما اقتربت مين إلا أبعدتئى عنكء وما ابتعدت إلا قربتك من بعدك. أنا زارع الهباء في تلابيب الغباء» فإذا أسبل 


أضلء وإذا لم يسبل شغل 


شرح الحكم العطائية الشرنوبي 
421 





إذا احتقرتي من أول نظرة» دعوت لك بالفردوس الأعلى» مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين» لأنك 
باحتقاري ستظاهر الذين يدنون من شأني» وما أكثرهم» ستكون خيطا رفيعا في نسيج حجاب من حجابات» 
أوهى حجاباق الناس» أحبهم أن يكونوا حجابا لي» يعجبئ هذا الحجاب» حجاب ناطق لا يسكت: يغري بي 
قوما ويؤلب علي آخرين 

اتبعي إن شئت» فسيرهقك اتباعي» ويعييك اقتفائي 

قد طرت بأجحنحة عراض متينة» امحبةحناحاي» ومن أحب مولاه» طار أبلغ من البرق» إذ لاشيء في الملكوت 
جازى اين :وها .سقوه 

احجبن رعاك الله فإن لا أحب أن يراني سوى الله تعالى» أكره الظهورء ولولا بعض المبصرين» لم تر 
صحائفي النور» ولولا أن يقول: هل بلغت؟ ما أنفقت عمري أحبب الخلق للخالق» يتمزعون حولي» وهو 
الغئ عن وعنهم أجمعين» وكأنيٍ أدعوهم إلى السعير 

حي إذا ما استيأست» وظننت بعضهم صار مين تولوا كالحمر المستنفرة» فرت من قسورة 

يقول الشيخ: اعلم أن في السماء مشهور عند الأملاك» وما عدة الناس في الأملاك إلا كقطرة من بحرء فدعي 
من القطرة وقد غصت ف البحر» وتكسرت أمواجه على سواحلي المترامية 

حى إذا فرحت باشتهاري في الملا الأعلى» لا مئ مولاي 

قلت في مخاطباق: حسبت حب الخمول» يكون بترك الظهور عند الناس» وطلبه لدى الملائكة» فما زدت بذلك 
إلا ظهورا. انتهى 

فادفي يا مولاي» في مقبرة النسيان» لا يذكرني ملك ولا إنس ولا جان» وامح اسمي ما دمت حياء من سجل 
الباقين في ذاكرة المكلفين المتشرعين» ولا تزيئ في عين أحد ولا ترفعينى عند عال ولا دان. حسبي أن 
تستخلصي لنفسكء وثبتي على رضاي بأن كنت عبدك» وارض عين عندك» فإني بك في غيئى عن سواك» 
وبمعرفتك إياي ف غيى عن كل عارف 


002 


له تكول: أناء وتعوك وأحط ى الربايب» ما بينا ؤ بينوجعايب». تعال هعب الباق جعا؟؛. كيف عبوؤ هورج 
الذرياج؟ الله ماهر ما جعبو غير انت بالغات» زول به عط ؤغوي» تشووو كامل الحهات؛ شهتوته؟ الجبال 


نراكء ما نشرك ح معاك حتر زلفاك 
هال تغيب عل العيان 
يقول: لا تقل: حيث كانء فربي لا بحده مكان» ولا تقل: حين كان فربي لا يحكمه زمانء لا تقل: أناء 
وتصبح ربا في الأرباب» ما بينك وبينه أي حجاب. محال أن يحجب الباري حجاب» كيف يحجبه وهو رب 
الأرباب؟ إن الله ظاهر ما حجبه غيرك أنت بالذات» زل به عنكء ثم ذب تراه كامل الصفات» رؤيته تمد 
الحبال والطوبء لا تستعجل الهلاك بالنظرة» يكفيك إذا رآك صاحب القدرة. قل: يا من تراني ولا أراك ثبت 
حي أراك؛ لا أشرك أحدا معك حي ألقاك 
محال أن تغيب عن العيان 
والمعئ: قال في الحكم: كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي أظهر كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه 
شيء وهو الذي ظهر بكل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء؟ كيف يتصور 
أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر لكل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وحود كل شيء؟ 
كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس 
معه شيء؟ 
كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء» ولولاه ما كان 
وحود كل شيء؟ يا عجبا كيف يظهر الوحود في العدم؟ أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم؟ 


قال أبو الفتح: كيف تنوب من التوحيد إلى الوحدة؟ 

أفرغ حوفك أيها الطالب من مصطلحات العقيدة ومن تعاريف دقيقة» ولا تلتفت لاحتلاف علماء الكلام 
فيما هو ظاهر ولا داعي للاختلاف فيه» ارجع إلى فطرتك وما سطر الباري عز وجل في باطنك» دون قلم ولا 
مداد» ودون حد وموضوعء واقرأ ما فيه دون تج وتعتعة» وافهم معناه ببصيرتك» وتخلص مما يفتيه عليك 
عقلك, فحاشا أن يعرف الله تعالى بالعقل. 


003 


شال«ذعلتت اليماني الإمام على كرم الله وجهه: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال كرم الله وحهه: أفأعبد 
ما لا أرى؟ فقال: وكيف تراه؟ فقال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان» ولكن تدركه القلوب بحقائق الإمان. 
867 
انتهى 
وفي رواية أحمدء قال رسول الله عَلكُمْ لوابصة: "حقت تسألئ عن البر والإثم؟" فقال: نعم» فجمع أنامله» فجعل 
ينكت كن في صدريء ويقول: "يا وابصة» استفت قلبك» واستفت نفسك (ثلاث مرات)» البر ما اطمأنت إليه 
النفس» والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدرء وإن أفتاك الناس وأفتوك". 
فإذا عملت بكل ما قلتء عرفت أن الله تعالى واحد أحد فرد صمدء لا إله غيره» فتكون مما عرفت الموحد 
الأوحد, الذي يستحضر خصوصية وحدة مولاه بكليته» ويشهد عليها في روعه وبواطنه 
مبتغاه من الوحي والتشريع 
فإن قلت: وما الفرق بين من وحد الله توحيداء ومن أوحده وحدة؟ 
قلت: الموحد» برفع اميم وفتح الواو وتشديد الجاء المهملة وكسرهاء من التوحيد» وهو جعل المتعدد واحداء 
وال موحد مؤمن لا شك في إعانه» إلا أنه يعرف الله تعالى بفكره» ويعبده بجوارحه» وأغلب عبادته عوضية: ترغبه 
الحسنات في أعمال الخير فيأتيها» وتزجره السيئات إذا هم بالمخالفات فلا يأتيهاء يبيت يحلم بالنعم والحور» وما 
أعد الله من غرف وقصورء فيصبح مطمئناء وإذا حلم بالساعة قامت ونقر في الناقور» وجيئ بالنار والسعير» 
أصبح مترعجا مستغفراء طالبا النجاة والسلامة» فهو لا يكاد يناحي ربه ويتوله في محبته شوقا واحتراقا 
والتوحيديء وهو الموحدء بفتح الواو» مؤمنء معرفته بالله يشدها وتدان: الأول الطمع فيما عند الله والثاني 
الخوف هما أعد الله 
الأول: فردوس والثافي جححيم 
الأول جزاءع. والثاني عقاب 
الأول شكر والثاني زجر 
هو تاجر يعبد الله تعالى من أجل الأجرة ويطمع في الحنة 
وهو عبد يطيع مولاه خحوفا من تعزيره وعقابه 
وفي هذه الطائفة من المؤمنين» قال الله تعالى: 
1 57 : 5 ا 3 1 868 
إن الله اشترى من المومنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة . 
5607 فج البلاغة 
التوبة 112 

124 





: 1 8690 
من عا العي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم". 


"إن الغين يتلون كتاب الله وأقاموا الاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارلة لن تبور 
ليوفيهم أجورهم ويزيذهم من فضلة؛ إنة غفور شور" !71 
وقد رفع الشرع من مترلة هذه الطائفة» لأنما ما فرطت ف طاعته سبحانه من شيءء ولا شك سيكرمها يوم 
القيامة» ويسكنها الفردوس الأعلى» خاصة وأن أصحابا يحبون الله تعالى ورسوله يَيلِثُمِ » وما نزلت الشرعة إلا 
من أجلهم, فلا حرج عليهم عند الله» عسى الله تعالى أن يبعثهم مقاما محمودا 
وأما الموحدء بميم مرفوعة وواو مهملة وحاء مهملة مكسورة دون تشديدء من الوحدة؛ وهي إفراد الله تعالى» 
لأنه سبحانه وحدء بفتح الواو والحاء المهملة والدال المهملة» وحدة؛ يمعئ انفرد بنفسه» فليس فوق هؤلاءء إذ 
لا يعلم بالأتقى سوى الواحد الأبقى 
وليس الوحدوي؛ وهو الموحد بإهمال الواو» هو من يعد نفسه أكيس الناس» ويقول: إنما نزلت الشريعة من 
أحل عامة الناس» وما أنا إلا من خاصته تعالى» فلا حرج علي إذا تركت الصلاة» وشربت الخمر» وأحزت 
لنفسي ما حرم عليهم, إذ المقصود من الفرائض وامحرمات معرفة الله تعالى واتقاؤه» وأنا أعرفه وأتقيه دون ما 
حاحة إلى كل ذلكء ففيم فعل ما لا فائدة من فعله؟ 
بل الوحدوي هو الذي يحقر نفسه دون سائر العالمين» ويقوم بكل أوامر الله تعالى» ويجتنب كل نواهيه» ويحفظ 
أصل الشرع» ولكن محبته لله تكون أرقى من محبة غيره» فهو لا يفعل ما يفعله من أجل الحزاء» ولا يجتنب ما 
يجتنبه حوف العقاب» بل يطيع الله تعالى من شدة حبه له» لا يقوى أن يفعل أو يترك ما يغضب حبيبه منه 
وما يطلب الرضاء وإنما يطلب القربى والنجاة 
قالت رابعة: 

تعصي الإله وأنت تظهر حبه؟ هذا لعمري في القياس شنيع 

لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع 
هؤلاء الوحدويون هم مخترعوا المناجحاة» وعرائس البث والإفضاءء وأقطاب النجوىء إذا دعوا الله لم يدعوه بما 
يحفظون» فيقعدون على الزرابي والنمارق يستظهرون على الله ما حفظواء بل هؤلاء يخاطبون ريم ارتجالاء ولا 
يتصنعون في حخطايبهم؛ ولا يتنمقون في دعائهم» يخاطرهم فيصغونء ويبثون إليه شكواهم والناس نيام بكلام 
رقيق» يعلوه الشجون, فيبكون ويبكون 


569 الحديد 11 
”* فاطر 30-29 
005 





يباهي بهم الله ملائكته» ويقول: أنظروا إلى زمرة من عباديء يعبدونئ لا يطمعون في شيء عندي؛ أشهدكم 
أني أحبهم أشد مما أحبون» وأشتاق إليهم أشد مما اشتاقوا إلي» ويوم يأتوني أنزلهم متزلا يليق يممء لا يتزله 
سواهم 

"فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرلة أعين جزاء بما كانوا يعملون" 7" 
ولا شك أن على رأس طائفة الوحدويين الرسل والأنبياء والصديقون» على رأسهم سيدنا وحبيبناء إمام الأمة 
وكاشف الغمة وبحلي الظلمة» سيدنا محمد عَم 


تأدب الرسل والأنبياء عليهم السلام في دعائهم الله تعالى 

وقد تأدب الرسل والأنبياء مع الله تعالى في الدعاء» وكيف لا يتأدبون مع الملك وهم أعرف الناس به فبقدر 
المعرفة يترقى الدعاء وتكون الاستجابة 

فانظر إلى نوح عليه السلام؛ لما حال الموج بينه وبين ابنه وفلذة كبده فكان من المغرقين» كيف طلب له العتق 
في الآخرة من النار» أن لم يفلح عليه السلام من عتقه في الدنيا من الغرق» بعد أن دعاه للركوب في الفلك 
وأبى. 

فإنه عليه السلام» لم يخاطب الله عز وجل خطابا مباشراء أي بأسلوب إنشائي» بأن قال: رب اغفر لابئ ونبحه 
من عذاب النار 

بل خاطبه بأسلوب خبريء وقال: "رب إن ابن من أهلب وإن وعدة الحق وأنت أحكم الحاحمين" 572 
ألا ترى لو قصد محتاج غنيا يسأله عونا على نوائب الزمان» ويشكوه حاحته» كيف يتلطف معه في السؤال 
والطلب» فلا يقول: أعطئ ما عندك. إذ قد يرى في سؤاله جرأة وظلفا فيمنعه 

ولكنه يقول: انقلب الحال وجاع العيال» وأنت أهل الجود والكرم 

فيكون كلامه غير المباشر أبلغ في نفس الغيئ» رغم أنه حمل في سياقه معئ السؤال والطلب 

وانظر إلى أيوب عليه السلام؛ لما أصابه الضرء لم يقل اللهم اشف ضريء بل قال: "أني مسني الضر وأنت أرحم 


873 


1 السبجدَة17 
8172 هود 45 
5813 الأنبياء82 
0/6 





وانظر إلى يونس عليه السلام» وهو في بطن الحوت,» في ظلمات ثلاثء؛ كان يقول: "2 إله إلا أنت سبحائط 

إنِِ حكنت من الا 0 

ولم يقل: رب اغفر لي وأخرجينٍ من بطن الحوت 

وثبت من تسبيح يونس عليه السلام وقول الله تعالى: "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في باضنه إلى يوم 
8757 

ثبت أن التسبيح يرد غضب الرب وسخطه 

ألا ترى إلى موسى عليه السلام لما طلب رؤية الله تعالىم» وخخر الحبل وصعق موسىء لما أفاق شعر بحبروت الإله 

ابهذ بالسبيي م النوية 

وفيه أن المخطئ في حتق الله تعالى» الأولى له أن يكثر من التسبيح» فقد يتجاوز الباري عز وجل؛ على خطته 

أسوة بالأنبياء الكرام 

وانظر إلى عيسى عليه السلام» لما سأله الواحد الأحد» وقال: "أانت قلت للناس اتهدوني وأمي إلهين من 


877 


وخاف غضبه؛ وأول ما قال: "سبحانة تبت إلية وأنا أول المؤمنين 


لما سأله ذلك» أول ما قال: سبحانكء متبرئا منه» ولما تبرأء مال إلى طلب الغفران لقومه من شدة رأفته يمم, 
* 1 1 878 

وقال: "إن تعدبهم فإنهم عباءط» وإن تغفر لهم فإند أنت العزيز الحكيم . 
ونلمس في كلامه دعوة الله تعالى» إلى التجاوز عن قومه 

قال أبو الفتح: سبحانك ما أتيت ذنوبا عظاماء ورتعت في حماك ولم أحفظ حرمة ولم أرع ذماماء سبحانك ما 
أتاني داعي الموت فجأة زؤاماء وما وقفت في الحساب خالي الوفاض» وكان لزاما 

وانظر إلى زكرياء عليه السلام» حين دعا الله تعالى أن يرزقه الولد 

879 7 1 "1 : 

كيف قال: "رب لا تكرنِي فرا وأنت خير الوارتين . 
ولميقل: رب ارزقئ ولدا 

أولئك المقربون» أحباب الله تعالى وأصفياؤه» من أجلهم خلق السماوات والأرض 


5/14 الأنبياء8)6 
7 الصافات 144-143 
الأعراف 143 
7 المائدة 118 
8 المائدة120 
8719 الأنبياء 88 
167 





ما يعبأ الله بخلق لا يحبونه» ولا يبثون إليه الشكوى ولا يفضون؟ 

ما حاجة ربي بخلق لا يعبدونه إلا إذا وعدهم بالعوض والأحرة» وإلا إذا توعدهم وخحوفهم من نار السعير؟ 
وإنما حاحته لمن يقدر قدرهء وينزهه عما سواه؛ ولا يعبده سوى لوجهه 

ألا نعبدك يا منان شكرا على ما خولتنا من آلاء ونعمء ألا نعبدك شكرا؟ 

اأغدو آل حار شكرة وليل عشبا ا 

غريب أمر الإنسان الذي لا يعبد الله تعالى سوى إذا ضمن له قصرا في الخنة فيه سبعون حورية 

ومع ذلكء فالله تعالى لم يؤاخذ أحداء فرغم أنه الغ المتعال» القائم بنفسه» لا زال يرغب الناس كي يعبدوه 
ولو أنه مستغن عن عبادتهم» يتحبب إليهم بالنعم وهو غيٍ عنهم» ويتبغضون إليه بالمعاصيء '** وهم الفقراء 
إليه. 


لا زال هذا الإله العظيم» يفرح إذا رضي الناس عنه» وهو لا حاجة له برضا العبيد» كيف وهو المولى؟ 
الكازوا ناذا قال الله مستحاناء تاق 1 "ركب الند تدهم بررط عن 50 

عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله يَيلتُّمء أنه قال: "من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله 
وحده لا شريك له. وأن محمدا عبده ورسوله» رضيت بالله ربا ومحمد رسولا وبالإسلام ديناء غفر له ذنبه". 
رواه مسلم 

من أنت إِمي؟ ما أنت إلا إلهي كما أعرفه, الجواد الشكورء الحليم الغفور 

يكفيئ أن عبدك وأنت مولاي 

ومن كان مولاه مكون الأكوان كلهاء مالك الملك ورازق العالمين أجمعين ومعيلهم؛ الأول والآخر والظاهر 
والباطن» ذو العزة والحبروت» الحي الذي لا يموت؛ من كان هكذا ربه» فمن مثله؟ وكيف لا يرضى ويفرح 
ومولاه لا مثيل له ولا ند ولا شبيه 

ما أسألك وقد جعلتئ عبدك؟ حسبي ما جعلتئ عزة وشرفا واكتفاء 


530 سيا 13 
'* قال ابن القيم: وفي أثر حسن: "ابن آدم ما أنصفتي» خخيري إليك نازل وشرك إلي صاعدء كم أتحبب إليك بالنعم وأنا غتي 
عنك» وكم تتبغض إلي بالمعاصي وأنت فقير إلي» ولا يزال الملك الكريم يعرج إلي منك بعمل قبيح". انتهى من شفاء العليل في مسائل 
القضاء والقدر والحكمة والتعليل 
2 الحادلة 21 

008 





فصل في الصعبة وءكر_زمرة من أصعاب الشيخ وفضلهم عليه في معرفة الهريق 


يقول الله تعالى: "قال له موسى هل أتبععة على أن تعلمن مما علمت رشا" 553 

"واجعل ل وزيرا من أهب هارون أخيء اشد به أزري وأشرحة في أمري كي نسبعطة كثيرا ونتكرط 
ف ا ا 

إخواني الأعزاء» اعلموا رحمكم الله تعالى» أن الصحبة ركن أساسي في طريق القوم» وشرط لا بد منه لقطع 
عقبات النفس وفهم مقاصد السلوك» وما من ني ولا رسولء إلا وكانت له صحبة 

وما من ولي سالكء إلا وهذبت الصحبة سلوكه 

وبالنظر إلى من يصحب والمصاحبء؛ الصحبة صحبتان: 

صحبة المريد للشيخ: قصد دلالته على الطريق» وقد تقدم الكلام عن شروطها وآدابها 

صحبة الشيخ للمريد: وفيها تقوية للشيخ المربي» وزيادة معرفته بالناس وما يصلح لممء فلا يتأتى للشيخ أن 
يبرع في أمور التربية» وهو لم يبمارسها مع أتباعه» ويتعلمها منهم؛ فيكتسب الحنوح للحكمة؛ واختيار الأنسب 
لكل تابع»ء حسب ما يصلح له ويصلحه. فلا يكلفه يما لا يحتمل 

أما الشيخ غير المصاحبء فمن المحال أن يكون كفءا لتربية المريدين» كيف وهو لا عهد له من قبل بتربية 
أحل؟ 

كما أن الشيخ» يمكن أن يصاحب شيوخا غيره» ويتداول معهم أمور الحقائق» وشؤون الرقائق 

وفي صحبته لمريديه خير» فهم بسؤالهم لشيخهمء وجوابه عن أسئلتهم» وبمحاورتهم له» واستفساراتهم؛ في كل 
ما يهم السلوك؛ يكسبونه معرفة واسعة» ويطلقون لسانه» ويستفزون فكره» فيفيض عليهم بالعلوم والحقائق 
وقبل: إن العالم مثل الغربال» فمهما وضعت فيه من طحين, لا يغربل شيئاء سوى إن حركه إنسان 

فكذلك الشيخ العارف» يكون كلامه حسب السالكين وما يحتاحون إليه» وما يوافقهم في الوقت والساعة 
وقد أكرمنا الله تعالى» بأصحاب صلحاءء لقينا بعضهمء وعاشرنا بعضهم الآخرء وتداولنا معهم أمور الطريق» 
وأفدناهم واستفدنا منهمء وأمددناهم واستمددنا منهمء ولولاهم لما اكتملت معارفنا 

فقد أعانونا بأفكارهم وأمدونا بأحوالهم» ووقفوا معنا في الشدائد بأموالهم وأنفسهم, ولولاهم لما كان هذا 
الكتاب 


583 الكيف65 
4 مله 34-28 
01029 





وقذارأينا أن لل كرخع وتغزف و يق لا تاهج أحد 
ولولا ذلكء لما ذكرنا منهم أحداء لأنهم من الذين يحبون الخفاء على الظهورء ويحتسبون الأحر عند الله تعالى 


030 


فمنهم حمزة بوالاعراف» الجيلاني املق بالعبار 
ولد في رباط الفتح» سنة: أربعة وسبعين وتسعمائة وألف ميلادية» أصله من قبيلة السراغنة بالعطاوي في 
سطات» من أعمال المغرب الأقصى 
لقيناه وهو من أتباع الزاوية البودشيشية» على فج الشيخ مولاي عبد القادر الحيلاني رحمه الله وتوجد الزاوية 
البودشيشية بقرية مداغ من إقليم بركان» يتولاها الشيخ حمزة بن العباس بن المختار القادري بودشيشء أبقاه 
الله تعالى. 
شا ركنا ما نحن فيه» وشاركناه ما هو فيه» فلمسنا فيه سيمى الصالحين» وتواضع الإخوة القادريين وتسليمهم» 
فكان لنا نعم الأخ المعين» على الدنيا والدين» وكان معنا مثال المؤتمن الأمين 
توفي أبوه في صغره» فبر بأمه حفظها الله تعالى 
كان من أهل البلاء» ابتلاه الله تعالى في جحسده فصبر» وفي كسبه فما ضجرء وتغرب عن بلاده فوقر» تعب 
ونصبء فما انتقر» ومن سمعه وقرت محبة الله تعالى في قلبه 
قل طعامه» وطالت فكرته» ورضي يما بسط في المأكل والملبس 
تبيت روحه في السماءء ويطير بأحنحة الشوق في الأرجاءء ويزاول مقام الفناء 
نفسه لله وماله لله» بل كله لله 
حسبناه في أهل الرضاء الراضين ما قدر الله وصرفء المخبتين الخاشعين السائحين, الظانين بالله خيرا 
نشر له الباري عز وجل امحبة في السماء والأرض» فمن رآه أحبه» ولا يكرهه إلا من انطمست بصيرته 
وقرناء وجاور» وأفدناه واستفدنا منه 
عددناه في الثابتين 
أيها المتفان في عشق من أفناني» واقف على أغصان يرتقب ثمارا جناها دان» ترى غويت هما أغواني؟ فكيف 
الخلاص منك وقد أبقاك وأفناني؟ 
عرفتك اكتويت لما آويت» تسألي قبسا من نارء» حى التهبت في أحشائك الملفوحة» واحترقت بلمعان 
والأسرار» وما أحسست بناري» وما أدركت معان وأفكاري 
الراضي فيما أقامه مولاه» أيان اغترب ونصبء وما عتب ولا اضطربء طوبى لك ما صبرت على الأضرار» 
قريبا وبعيدا عن الدار 
لا تلمئ مهما اشتقت إلي ولم أولك أي اهتمام» شغلى الشوق إليه عن كل من اشتاق إلي وهام 
أنا ألاقيك في متاهات مى تحيرت» أدلك على المخارجء ولا تأبه للخروج» أطوحك في المعارج وتأبى العروج» 
أثقاتك المباهج 

431 


استأذنا شيخك في أن نمدك من جذبناء فأذن لنا على مضضء» شيخك منا ونحن منه» فانزل في قرانا ولا تحد 

يا صاحب المشربين» ذقت الأمرين: فالأول جرى بالإححاف هما زعافاء والثاني سرى بالإنصاف كأسا دهاقا. 
فاقتل بالأول ربة الأوهام والشكاوى؛ واحي بالثاني ميتة الأحكام والفتاوى 

د عينٍ روعي وروائعي» وانتش في ابتداعي وسوابعي» ولا تنزل من تداني طوالعي 

ما وحدناك عند الحاحة» وما أشعلناك في الأعتام شمعة وهاحة» وحاصمناك مع نفسك اللجلاحة» وصالحناك 
مع قلبك بعد الحدال وا محاحة 

وما أدركناك وقد أمسكت الحبل ولم تلقه على الغارب» وأرسلناك في فياف» تصول فيها وتحارب» توازي 
وتقارب 

ما علمناك ما نسيت» حى نسيت ما علمت» وما أنطقناك مما علمت» حّ سكتت عما فهمتء وما صناك 
عما خبرت» حي ندمت على ما أخبرت 

أمددناك وما زلنا نمدك بألطاف» تتلقاها ما ألقيت عنك حظوظكء وأقبلت كليلا 

أما أن تجمع بين الحظوظ والأمداد في قلب واحدء فذاك ما لا تلقى إليه سبيلا 

لك مين هذا الهيام» فاحتمل نارا وحرا واصطلاء» واصطبر على احتراقه ونواه» ولا ترجو به بديلا 

نحن يا أخي في هذا الأمر نتقلب على الحمر» ونسبح في القرء ونأنف من الصبرء لا نفرق بين العز والقهر 

فلا تنتظر منا هوادة» ولا تكتم عنا شهادة» ولا تنعتنا بنعوت السيادة» تكن في عداد بعض السادة» دون حكم 
وقيادة 

ما تظن بالله فاعلا بك أيها المتمايل» وقد علقت في هذه المسائل» وسألت ما لا يسأله سائل؛ ولما أحيب سؤلك 
صدقت من غير حجة ولا دلائل 

على هضبة التسليم واقف تتردد على هوة الفناء» عرفتها وخحانك التصميم والانزواء» قال رضيع أصحاب 
الأحدود: يا أمة اصبري» فإنك على الحق 

عافاك الله تعالى في بدنك» ورفع عنك مشاق الرزق» وثبتك على الحق الذي أنت عليه حي تلقاه راضيا 
"فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به» وءلة هو الفوز العضيمء التايبون العابئون الحامئون السايحعون 
الراكعون الماجئون الآمرون بالمعروق والذاهون عن المفكر والحافضون لحف الله وبشر 
06 


5 التوبة 113-112 
0032 





ومنهم حسزبوشعيب الجنوي الملقب بمول البلاد 

ولد سنة: سبعة وسبعين وتسعمائة وألف ميلادية» في سيدي بنور بالجديدة في المغرب الأقصىء أصله من قبيلة 
أمغارات» الي استقرت بسيدي بنور» ونشأ وترعرع بالجديدة 

وحدناه محتهدا في أمور دنياه» فاهما قضايا عصره, مسايرا لأهل زمانه» ارتقى فهمه» ورجح عقله» وحدت 
فطنته» فلا يكاد ينخحدع 

فلما أتانا وسمع منا ومن غيرناء تبدلت حاله واستقرت أحواله» فاستغئ بالله» ونذر نفسه لخدمة الطريق 

يحب أولياء الله الصالحين» ويستهويه كلام ا محاذيب منهم على المخصوص 

يعيش ف الحضرء عيش البادين والغجرء تراه قادما وكأنه بمشي في العراء» لا يلوي على شيء» يشع من وجهه 
نور البهجة والسرور 

راضيا مسلماء شاكرا لآلاء الله وأنعمه» إذا جالسكء لا يكثر عليك الشكوىء فلا تعرف حاله» شبعان أو 
جائعاء غنيا أو مفلساء الأمور عنده سواء 

أدى واجبه» فوق تحاه والديه وإحوته» لا يسأم من ماع الكلام عن الله 

ازدانت به مجالسناء واكتملت طريقتنا» وخف حملنا 

أعاننا على دوائر الزمان» وخدمنا كواحد من الإخوان» لم يرج بذلك جزاء ولا شكورا 
لقب ,مول البلاد» لأنه شغوف بالبوادي» لا يعيش في الحواضر إلا كرها 

حسبناه ف المتوكلين» وقد جمع بين السلوك والجذب» في قلب غمرته محبة الرب 

محال أن يخيبه الله ويرد سؤاله 

فانعم برضا الله إنك من الآمنين 

"وترى الارض هامةة فإءا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهبه" 886 

كذلك الجنوي صاحيء أرض معطاءء لا يغرنك حدياء وتستكثر منها العطاء» فسرعان مايبللها المطر حي 
الرواء 

جدب وخصبء سدر وبقل» يترددان على هذي البقاع» يتعاهدان على الصراعء فالجدب يغري العطاشى 
بالسراب» والخصب يزين المناكب للماشين» ويفرش السهول ويسجي الهضاب 

أيها المبتهج وقد خلا ما يبهجء أيها المرتعش وقد خلا ما يرعشء أيها المستبشر وقد خحلت البشائر» أيها 
المستكثر للصغائر 


5586 الحج5 
0133 





يخالجك حصاصء وتوقن بالخلاص» وتربكك النفقات والديون والتبعات» فترات وفترات» وتقول: إن النصر 
أت 

حي إذا احتوشتك الأحداث والأكدار» لذت بالفرار ولزمت الدار» وضحكت في صبر واصطبار» وسرت ضد 
التيار» ساخرا من كل الأخبار 

لا تحسب الله عن فضلك غافلاء أيها الأبر» هو الذي كان لك ناقلاء من بر إلى بر» حي ينصبك للقانطين من 
رحمته رجاءء وح يجعلك للجازعين لما يقدر رزقه رثاء» وح يصفك للسقامى من هول الفتن والبلاء دواء. 
ها هنا حولي تطير» وتملاً خواء بعض فضاآق» وتقف على بعض تصاريفي الي لا تنتهي 

تشغل نفسك ببلائي» تضحك ما يضحكين» وتبكي فيما لا ييكيي 

ألم تعلم أن البلاء طبعي» ففيم البكاء على الطبع؟ 

من تستريح ما ينتابئي من فتن؟ من يكفيك الله شر امحن والمون؟ مى تأمن أيها المؤتمن؟ 

يا صاحب الحلباب والأقدام حافية» تتفقد أحواضكء وترويها في البادية 

مول البلاد هامل بالبكمه فى الواد» سارح بلا زاد» العزيمة صمهء واحد من الاحوادء لاقاني تمه عرفته ردادء 
ربيب النعمة» وشديد الحمة» ما يهمو عديان ولا حساد 

كيف ما قرا فى الواحي عاد سايح» جذب و ماعاد ساحي» شم نفاحي واشرب من تسفاحي» هجر اوطانو 
ونزل في الجوايح 

عمر و زيد فى اقداحي عنابه» راني مازلت صاحي ؤ ليليٍ عزابة» إلى يطلع صباحي موسي غرابة» راي نخوض 
فى بحور الحموم ونداري بعناقد الكرومء بحري وبحاريء ماها دوا لمثلي يفيدء الهم إلى هم محال يدوم بداري» 
وسراب البوم تحوم فى ليل وتزيدي تنكيد 

مول البحاير فى شريعيٍ غراس» مالو حاير من دون الناس» فى همومي صابر» ما يهز الراس» الروح في زعير» 
والكسدة في أرض فاس 

فتحوا لي بيبان زرايي» انوارها حلات نظاري 

هلوا لي إلى بت فى امحاربي» اقمارها طلعات فى ابصاري 

كولوا لي إلى ابقات مكاتبي» اسرارها مشات باقدار 


لو لقيناك في أوطانك شردناك» وسترناك بأكفانكء وما أوردناك ما أوردناك» ح تتبرأ من عنانك 


114 


"ورفع أبويه على العرش وهروا له مجداء وقال يا أبت هدا تاويل رؤياي من قبل قه جعلها ري حقاء وقد 
أحسن ب إء أخرجني من السجن وجاء بحم من البنو من بعد أن نزخ الشيضان بين وبين إخوتي؛ إن رب 
, 887 


لضن لما يشاىء إنه هر العليم الحكيم". 


7 يوسف100 


0135 





ومنهم حمد بوهيجة بركامة» الملقب بالحزمير 

ولد سنة: ثمانية وحخمسين وتسعمائة وألف ميلادية» في قبيلة السلامنة من أحواز الرباط آنذاك؛ هذه القبيلة الي 
استقرت بناحية بنسليمان بزعير» وأصله من أولاد يعلى بسجلماسة تافيلالت 

لقيناه في رباط الفتح» وقد فرقت الأقدار بينه وبين زوجه وبنتيه» حى لم يعد يدري أين ارتحلن ونزلن» فحرم 
من فلذيٍ كبده. وعان الأمرين» ول يترك سبيلا في العثور على أهله إلا وسلكه 

فلما لم يجده البحث والتنقيب» لحأ إلى المولى عز وجلء وتعبد إليه بالفرض والنفل» وداوم على الذكر وقراءة 
القرآن والصلاة والتسليم على خير الأنام» حي سخر له الله تعالى من يدله على مطلوبه» ويمكنه من مرغوبه 
فكان ذلك سبب دعوله الطريق» فانكب على كتب القوم يقرأهاء وفرغ لنفسه يؤدهماء ولخصاله يهذماء حى 
أصبح له حال مع الله 

تفرغ لخدمة الناس وسعى في حاحياقم حي أنه لا يكاد يرد سائلا: فأطعم السائل» وآوى ابن السبيل» وداوى 
السقيم» وعاد المريضء» وحمل العاجز» وشيع الميت 

وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكرء جريئاء عنيف الطبع» يصيح في وجه المخالفين أمر الله ويزحر 
الخاطئين» لا يستحيي من الحق» ولا يخاف في الله لومة لائم 

صحبناه فوحدناه كثير النقلة والسفر» ولذلك لقب بالهزمير 

عان من الجوع وقلة اليد» وصبر حي رزقه الله من حيث لا يحتسبء وصار يعيش ويعيل أهله بغير سبب 

إذا نظرت إليه» حسبته غنياء عزيز النفس» لا يسأل الناس إلحافا 

حسبناه في المت وكلين» الذين اكتفوا بما عند الله عما في أيدي سواه 

مستجاب الدعوة» قريب الدمعة» إذا غضب سرعان ما يرضىء» وإذا ظلم سرعان ما يغفر» عددناه في المحاذيب. 
من لا يعرف الطريق أحطأه. ولم يقدر قدره» وفاته حير كثير 

نفعنا الله ببركته» وأدامنا على صحبته» ومتعنا بحسن عشرته 

كوامن الأحوال أثرتا ولم تستقر على حال» زوبعة تعصف ,بما فضل من أشجاريء في فصل الخريف؛ تحتحتها 
وتشتت أوراقها اليابسة في البراري» وعلى الرصيف 

ستورق أشجاري من جديدء لما تشتو» وترتوي» وإذا ما أورقت وأزهرت ستستظل في وارفات الظلال» تتوسد 
الحق وتتغطى بالضلال» متقلدا سيفك الخشبي» وتفزع رعاء الرحال» وتطرد ربات الحجال 

بترت عقالك فتهت بين صفوف أتباعي» إذا ما أممتهم في انخلاعي 

لا تخش الخروجء فقد غلقت أبواب الدير» وأنزلت شراعي 


136 


معصوف بكء تطوحك الريح دون أن تدريء لا تقعد ولا تستريح في قصريء تستهين بإيواني وتعبث بين 
الصروح, لا جملسي على كرسي يواتيئ» وبتحلس في السطوح 

ما أبالي وقد أقعدتئ في قلبك سنيناء وأحريتئ في دمك حنيناء وفديتئ بنفسك مخلصا أمينا؟ 

ما أبالي» وقد حاحجتن بالله ني اعتراض؟ أربكت حاجياتٍ وفتنت أغراضيء إذا كنت راضيا فإني راض 
أكون معك حين تخلو إلى مولاك أيها العنيد» وتفيض عيناك» ويلين قلب الحديد» وتطفئ ما أشعلت من نار» 
وتمسخ رياحك العتيدة صباء وتستغفر الواحد القهار 

ما أسرع ما تذنب وما أسرع ما تتوب» ما أسرع ما تسخط وما أسرع ما ترضى» ما أسرع ما تبكي وما 
أسرع ما تضحكء وما أسرع ما تدعو وما أسرع ما يستجيب 

رفرف أبا ياسر جسورا في رياض الله ولا تخش العتاب» وابن قصورا في الخلاء» فوق السحاب» واركب 
صحوات ما علا من جيادك؛ واركض في السراب 

أنا في خيالاتك وهم عابر» مى عبرت لا أعود» أنا في أفكارك هم ساحرء في ليالي التسهيد» أنا في روعك هدأة 
لا تنقص ولا تزيد» وفتنة أرغمتك على أن تبرق في الرعود 


"ولا تصستوي الحسنخ ولا السييثة؛ ادفع بالتي هي أحسن فإءا الغي بين وبينه عذاولة كأنة ول حميم؛ وما 


يلقاها إلا العين صصرواء وما يلقاها إلا عو حخ عضيمء؛ وإما ينزغنط من الضشيطن نرزغ فاستعه باللك؛ إنه 
٠‏ 888 


هو السميع العليم". 


8 فصلت 35-33 
137 





ومنهم عبد الإله بوذراع العبسوي الملمب بعرفات 
ولد ف مكناسة الزيتون بالمغرب» بحي سيدي عمروء سنة سبعة وستين وتسعمائة وألف ميلادية» وأصله من 
قبيلة أيت عقاء الي استقرت بكروان الشمالية ناحية مكناس» عيسوي المشرب دون اتباع» نسبة إلى سيدي 
الحادي بنعيسى دفين مكناس» رحمه الله تعالى» أتانا محبا لأولياء الله الصالحين» وصاحبنا على الله تعالى» فزاد بنا 
وزدنا به تقربا إلى المولى 
حسبناه في الصابرين 
مسلما لأقوال المشايخ» شغوفا بأخبار السماءء متأنيا في كلامه. متزنا في أفكاره» يسمع أكثر ما يقول» 
متواضعا لخلق الله لا يحقر أحدا من العالمين 
مكرما لذوي الحاجة» مفرجا للكربات» برا بوالدته وإخوته» وأهله وأصهاره» وأحبابه وأصحابه؛ موقنا رغم ما 
هو فيه بأن الفرج من عند الله 
لقب بعرفات لشدة ثباته ووقاره» ووضوح حرمته وخصوصيته 
محب لله تعالى ولرسوله بَيكتُّه؛ قل كلامه. واشتد هيامه» يصغي إلى القول فيتبع أحسنه 
أبو الرضاء رضي من الحلال بالقليل» وقنع من متاع الدنيا باليسير 
التحق بنا من حيث كان يشتغل» ورضي بأقل منه» ودعي إلى الرجحوع وبه خصاصة: فأبى» حى يجاورنا ويعيننا 
على الطريق 
يأسى لأسى امحتاجين» ويجري في حاجياتهم» رباني التزعة» مكي الوجه, محمدي المشرب والمنهل 
أرضاه المولى ما أرضى الناس» وكشف عنه .نه وفضله عوالم العناية والألطافء إنه لما يشاء قدير 
لا تتزحزح من أعلى الصفاة» ح لا تنزلق» وارتقب عرض البحر يأتيك الدر سابحا على صفحة الماء» وإذا 
أتاك لا تسبت 
قبعت على الصخرة أيها الغريب» حى صرت جزءا منهاء فلم أعد أفرق بينكما 
لا تهم بالقيام» ولا ترج النرولء ولا تنتظر فلكا يقلك؛ فأنت حيث أنت» وأنت كما أنت» فيك ما به هممت» 
ومتلك ما الاريورت 
أي حال أفضل من حالك؟ إذا كفيناك ما تريد لم تعد سائلاء فكففت عنا السؤال» ونحن المحيبون 
أي حال أفضل من حالك؟ إذا داوينا جميع أسقامكء لم تعد إلينا شاكياء وحبست عنا شكواك» ونحن 
الراحمون 
أي حال أفضل من حالك؟ إذا أسكناك في مترل يرضيكء لم تعد شارداء فانتهت الأملاك عن الاشتغال بك» 
وصرت آوياء ونحن المتزلون 

0135 


العيسوي في ربعناء يرعى النجوم ويجوس خلال الرسوم» رسوم كالنجوم؛ لم يعد يدر أيهما في الأرض وأيهما 
في السماء 

يسائلي من خلف خيميٍ عن الأرواح والأشباح» فأحيب من غير إفصاح» ويسأل عن السماوات والأرض» 
عن الدواوين والألواح» فكيف أحيب ولست أبين؟ 

حلقت عالقا في مدارج لا تدري ما هيء» متنصلا عن ماهيات الأوامر والنواهي» مصرا على عوارف 
اللامتناهي. 

فكيف ألبي كل هذه الرغبات» وقد جاوزت عالم الشهادة» وتمردت على الكلمات» وخحرجت عن العادة؟ 
فزل عنك واظهر في امحائي» أثبتك في عواصفي وأنوائي» وأبلغك عواطفي وأنفحك بأنسامي» ما سألت عن 
اباي 

ولا تسمعين ممسمعيكء ولكن طر في فضاآتٍ بجناحيك؛ تحدن منك وإليك؛ فافهم ما أشرت به عليك 

في هذا الرهط رحل غير مسافر» سرح ركبه قبل أن يغادر» وطاف يحكي أساطير الزمن الغابر» ويحاكي 
البحر» مرة هادئ» ومرة ثائر 

يا راض بنا مهما استشكلنا على فكرتكء قد رضينا بصحبتك وقنعنا بعشرتك 

يا مسلما لنا ما كسبنا واحترحنا في حضرتكء أي الناس في عثرتك؟ 

يا ناظرا إلينا» قد صدقت في نظرتك» وصدقت لغونا بحسن نيتك 


1 : 889 
"واصر لحكم ربد فإنطد بأعينناء وسبح بحم؛ ربد حين تقوم» ومن الليل فسبحة وإءبار النجوم'". 


589 الطور 46 


الذكك 





ومنهم رضوازبوجلايل الفخارء الملقّب بالمصدق 
ازداد .عدينة سلا بالمغرب» سنة: ثلاثة وسبعين وتسعمائة وألف ميلادية» أصله من قبيلة أولاد رحوء الي 
تفرعت عنها أيت حمادي أحمد .عنطقة تادلة 
كان أبوه فخاراء يكسب رزقه بعرق جبينه» مؤمنا ورعا راضيا بما قسم الله تعالى له» وما صرفه فيه» مات وقد 
أورث ابنه من خصاله 
فكان مبسوط اليدء سحي النفسء لا يحقر أحداء ولا يرضى أن يحقره أحد. أعطى لكل شيء حقه فوق 
أبو أويس, سمى ابنه باسم سيدنا أويس القرني الزاهد المعروف,» تيمنا به» محبوب لدى الأهل والأقارب 
والأصحاب» حفيف الظل حلو الحديث مبسوط الخاطر» سخر نفسه لخدمة طريق الله تعالىم» وحرص على أن 
يلقى الله تعالى وهو راض عنه 
حفظه الله وأهله» وآتاه بما آتى من فضلهء ما يكون به في غيئى عن الناسء اللهم اكفنا مؤونة العيش واغننا 
بفضلك عمن سواك 
لما فصلت في الركب عرفت أنك من حي ليلى» سكان حيها صحبيء قريبو الدمع» يكفكفونه نهارا ويسدلونه 
ليلاء رفقاء الشجون في الدرب» أهلا وسهلاء دققتم الأطناب حيث حل سربي» وسألتم حمانا كي تجاورونا في 
السلم والحرب» وترفعوا عنا من أحمالنا حملا 
متفكهين في نواديناء ساهمين في بواديناء مستغربين من عواديناء» متطلعين في خوافينا 
أيها الأشعث الأغبر» ذو طمرين» أتيت فاسبح في بحرين» والطم جواريا تمخر في فصلين 
وعيت كلامي ولم تدرك أنك كلمة في سياقي على التمام» أدسها في التعبير» إذا ما أشرت بالإبهام» في بكائي 
واشتياقي 
بكيت وما علمت أنك دمعة في انتحابي» جرت دون تدبير 
أيها الشاكر الممتن» من أدبك؟ تشكو ولا تئن» من عذبك؟ تشفق وتحن» من ذوبك؟ 
أحبك المولى قبل ازديادك» هلا أمنت هلا؟ قبل استعدادك, فلا تحتقر منك ما يملى» في تصويبك وارتدادك 
أنت جار الله» يا عبد الله» هنيئا لك من حاورتء أنت بالله في الله» مهما حاولت» أنت ممن دبرنا لأحله رب 
كريم» وارتقبناك حى عاقرت 
حسبناك فيمن أخبرنا به ِي الوافدين» قبل وفوده بسنين» سلام عليك في الأولين» وسلام عليك في الآخرين 
في عرسات الجنان أبو أيمن راض مع الإخوان» زهر وأقحوان» حور وولدان» وحنان منانء يبادلنا ما ابتلانا به 
من أشواق وأشجانء يسامرنا ما يجعل ما أولانا في طي النسيان 
أعيدوا وافدا علي» من عنديء أزده ما لدي؛ في قربي وبعديء أبلوه بأحلى بلية» وأتلفه ببرقي ورعدي 

0110 


تثلنت زواياك في قراناء في ثلاثة ممن تربع» واكتملت دوراتك مستقيمات على قوام المجمع» وخضنا بك بعض 
الشؤون في تعفف وبحونء فلا تستفق ولا تمجع 

رضوان» هذا المترامي قبالتك دائب في أنفاسي» غداة ضللت عن عنواني» وهذا الكون حرى على مقاسي» 
وعاد في أزيائي وأكفان 

فسرت بالراسيات في عوالم موحشات,ء بإذن من كفاك وكفاني. هذا الناموس لما رجعت» انضوى في ترديدي 
وألحاني 

رمات ون ان شير م لمر لامي 

وصلت قبل أن نطفئ الشموعء ففيم الرجوع, أيها المفجوع؟ 

وصلت قبل أن نخلع النعال» ففيم الاستعجالء ولما يستوي الرجحال؟ 

ما حال دون ودونك غير الزمان» وإلا سحت بك في جميع الأركان» في تراب كالتبر» وأحجار كالمرجان» 
وأصعدت الذرى» وطرت مع العقبان» في سماء الأحباء والخلان 

أحرى الله تعالى ينابيع الحكمة من قلبك على لسانك؛ ح تشحي من القلوب وتحدو قوافل السائرين إلى 


عافاك الله تعالى في بدنك» وكفاك رزقكء» وثبتك على الحق الذي أنت عليه حي تلقاه راضياء وأبلغك من 
المنازل أعلاها 


"قل أؤنبيكم بخير من *لكمء للكين اتقوا عذ؛ ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالنين فيها وأزواج 


مضهرة ورطوان من الله والله بحر بالعباء» الكين يقولون ربذا إنئا آمذا فاغفر لنا عنوبنا وقئا عواب 
, 890 
الخار" . 


آل عمران16-15 


441 





ومنهم رشيد بوغابة البكاي الملتّب بأكرام 
ولد سنة ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية» في تازة» وأصله من قبيلة الركيبات بتايناست من أعمال تازة. 
حاءنا يافعاء ارتسمت على وجهه مخايل الرشد» حسن النية سليم القصد». شم فينا شذى الجلال» وشرب منا 
بعض كؤوس المحبة والوصال؛ فشب على التوحيد والصلاح؛ ورفل في جنانات الفوز والفلاح 
فلما كبر» أورث كلام الله في قلبه الحنين إلى الديار» وتطبع بالاشتياق إلى الواحد القهار 
لم ينسنا حاضرا وغائبا» ورق لحالنا مقيما وظاعناء وزارنا على التواللي وقضى حاحاتناء زيارة المشتاق للحبيب» 
موحما مواظبا 
أشفق من حال والديه وبر يهماء وسلم للمشايخ ما هم فيه» وأحب عباد الله الصالحين» وبكى من كلامهمء 
ولذلك لقب بالبكاي 
واحد من الأفراد» له علامات وأبعاد» مما جد وأفاد 
أصغر من لقينا سناء وأكبر من عرفناه في سنه شانا 
رأى ف منامه من الرؤى ما فيه بشارة خير 
يستمع الأقوال ويرجي الأفعال؛ له ذكر في السماءء وعليه سمت الرؤفاء 
حفيق: الطل» تقيل شيل يتخلل قي الخرع» وخرمق اخل 
رزقه الله من عنده من حيث لا يحتسبء وعفا عنه من النوى والاغتراب» وثبته على الطريق حق يلقاه بقلب 
سليم, إنه هو الحكيم الوهاب 
طارق شب على رفوف أسفارناء ودب في بعض أسفارناء ما له عنا محيد 
ينثر على قبورنا الزهر والياسمين» ويمسح عنا الغبار لما نعود 
لما علق في طيات أسمالنا ونحن نتهيأ للصلاة» قبلناه» لما عقل بعض أقوالناء تبنيناه» لما أشفق من حالناء أمناه. 
أكرام والعيد زاهء يزهو في أفراحه في غدوه ورواحه. لاه يلهو في انقباضه وانشراحه 
ليس بخاف عنا ما أنزلتنا فيه من قلبكء, أيها الحبيب 
ليس بخاف عنا ما ذكرتنا به في نفسكء أيها القريب 
ليس بخاف عنا ما اشتقت إلينا في نفيك» أيها الغريب 
أنبعنا لك عينين نضاعتين في وكرك» تحريان من أصلكء شربا معيناء بر بوالديك وأرضهما ترضناء فلا تعي من 
الشرب حت ترتوي» فإنك من ارتويت ارتوينا 
واخلع عنك هواجس الآني» حي تمعن في الثبات» وأيقن بالنجاة» ولا تيأس من النصر في غزاق» وظن بالله 
خيراء وأبشر بانفلات 
0012 


"'وقضى ربحد ألا تعبكوا إلا إياهء وبالوالئين إحماناء إما يبلغن عنححة الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل 


لهما أن ولا تنهرهماء وقل لهما قولا حريماء واخفض لهما جناح الكل من الرحمة؛ء وقل رب 
ارحمهما كما وا ع كه 


21 الإسراء 24-23 


443 





ومنهم خالد بوضياف الساخي الملقّب بسيحون. 

ولد في مكناسة الزيتون بالمغرب» بحي سيدي عمروء سنة: خمسة وسبعين وتسعمائة وألف» وأصله من أولاد 
سيدي الغازي بتافيلالت» سبق أن خالط بعض أهل الله بمكناسة» ول يثبت معهمء لعدم استحسان ما هم فيه 
وعليه 

أتى به أحونا بوذراع العيسويء بعد أن دعاه إلى الطريق» فأحبها ودخل فيهاء فلما أتانا زاد بنا ويمن معنا ثباتا 
لم يأل جهدا في نصرة الطريق؛ لايبغي بذاك جزاء ولا شكوراء وإنما مراده رضا الله 

عرف بالبذل والعطاء» والإطعام والإيواء» ولذلك كين ببو ضياف 

صفا قلبه ح كان يخرج من ذاته ليلا ويسيح في الآفاق» سياحة الوامق المشتاق» ولذلك لقب بسيحون 

تكاد الشياطين تكون عليه لبداء بسبب قيامه على الحق» فيدافعهم ويجاهدهم معولا على نصرة الله تعالى 

وقف معنا على الطريق» رغم كثرة أشغاله ومشاغله» وقف الله معه في تحقيق مطالبه وأمانيه 

يسأل عنا قريبا وبعيداء ويتفقد أحوالنا خاليا ومنشغلاء ويرفع من قدرنا أكثر ما نستحقء رفع الله قدره وأعلى 
شانه ونصره على من عاداه 

أعزه الله» وكان في عونه» ووقاه شر الشياطين وكيدهم 

وإن جندنا لهم الغالبون 

سيحون والفضا كدرته الظنون حين يسيح» والورى أنظار ترقب المسيح 

متفلتا مقاوماء كالطير الجريح» في شرك صيادء إذا غدا لا يروح 

هذه الخرحات شلها الولوج» أمعنت في المساحلات» وتحصنت في البروج» تكون للحظاتء ينتاها التهريج» 
وكأهما سنوات» تتميئ فيها الخروج 

بمائج رائج بين الأمنيات» يقفو ظله في ظلال الوارفات» ويختفي عنه في المباهج» ساعات وساعات 

حلم تلاشى» وحقيقة تموهت في أفكار أولي الألباب» هدهم الحساب» ول يتنكروا للعتاب 

بشراك قد أخلصت القصد والإتباع» فكنت في زمرة الأتباع» لك ما لنا وعليك بعض ما عليناء فلا يشغلك 
حاد عن الاستماع 

عا وقر في الفؤاد» لما وقرت أحد العباد» وما رفعت شانه متأدبا حي سادء سألنا لك العز والسلامة» وكفيناك 
العجز في تهامة» وأمددناك بالحزم والاستقامة 

أنت عندنا في قطيع الخارجين» حيثما خرحت,ء فاجتهد أن تكون في سرب العارحين» حيثما صعدت 

ستشرق لك الشموس في الظلام» وتفرش المبثوثة حيث تدوس بالأقدام» وينهزم إبليس وتنكسر الأصنام 
سنقوي جناحيك حى تطير» ونغسل ريحانتيك ماء الغدير» ونمسح حواليك كل شر مستطير 


144 


فانعم أبا الندى» في عز مولاك» ولا تتجاوز الأفلاك والدراري» كما أنت دار» واصطبر على ما ابتلاك» وزد 
في اصطبار 

ما وقفت في الأرزاء» وما استضفت من أسماء» وما عمرت من خواء في العراء» لا تخف ظلما ولا هضماء ولا 
تراعي هما ولا غما 

سيطلع هار عيدك بعد الحداد» وتفرح برضا رب العباد» ويكفيك الله تعالى بفضله» ويزيد فتزداد 

'للعين أحسنوا الحسنى وزياءة» ولا يرهق وجوههم قتر ولا علك؛ أولية أصعاب الجنكة.ء هم فيها 


892 | 


خالكون". 


892 يونس 26 


145 





ومنهم الحاج سليما زبوالمواسم, الملقّب بالطواف 
ازداد سنة سبع وسبعين وتسعمائة وألف ميلادية بالرباط» أصله من قبيلة الرحاحلة الى دحلت في قبيلة 
المعاضيد من نواحي أرفود 
حج بيت الله الحرام بصحبة أبيه وهو غلام صغير» فانطبع في قلبه جلال الله 
يقوم بفرائضهء ويتردد على بيوت الله تعالى» ويشارك أهل الدنيا في دنياهم» وكأنه واحد منهمء يوقر الكبير 
ويرحم الصغير 
حسن النية» سليم القلب» نقي السريرة» حلال المكسبء لا يترامى عن طلب رزقه بعرق جبينه 
مثال التاحر الصادق» وقليل ما هم؛ لا يرد سائلاء ينظر المتعسر» ويعذر المتعذر» يكرم الفقير ويعز الحقير 
بار بوالديه» محسن إلى أهله وذويه» يحبه كل من رآه» ويهابه كل من لاقاه 
حواد معطاء» حبي صدوق» رفيق حليم لا يشكو الله لخلقه. صابر مصطبر» حفيف الظل قوي العزم 
حدم الطريق» وظاهر أهل الحق والتحقيق 
جمع بين الظاهر والباطن فأصاب» ووازى بين الكفتين لما بلغ النصاب» هو عندنا من المخبتين 
أصبت كما أنت فيما أنت» ولح يفتك ما نحن فيه من شهود في الغيبة» ولا ما أنت فيه من غيبة في الشهود 
أنت شاهد هذا الزمان» وناشد ذاك الزمان» أيها الإنسان 
أنت خبر من أخبار كان» انبعث في الحاضر والآن» جمع بين موطنين في واحد من الأوطانء يا سليمان 
أنت جرد عنوان لنص هؤلاء الإخوان» من قرأك فهم معناهم؛ ومن فهمهم قرأ مبناك 
ستسندك الأركان» حي تشد ما مال من سدادهاء ويمدك الفهم والعرفان» بتسيبها وانسيابماء فتتسدد وتتسيب 
وتنساب 
الأبطحي المهاجر بين الطور والمدائن» المحرم بلا ميقات» يهرول بين السطور ويستفز العبارات» حجه مبرور 
وسعيه مشكورء في جميع الأعراف والشرائع والديانات 
قد وقفت على ما اصطنعنا من فلك في الرمال» ولم تسخر مناء لما شط البحر واستحال» بل ظاهرتنا على ما 
نصنع» وأمددتنا بالألواح والحبال 
حي إذا انتهيناء أركبناك في زمرة الرحال» وجرت بنا الرياح في موج كالحبال؛ إلى أن استوت على الحودي 
فلني لين الى لطر 1 لالزواقد سوق ارك بلداو انقح دااع درم قا ف ولكيوانة 
ما نقول فيك والناس تشهد بحسن سجيتك؟ 
ما نقول فيك» وقد استحييت من خصوصيتك؟ 
ما نقول فيك» وقد عدلت في رعيتك؟ 
01416 


لك الله ناصرا ما استنصرت الله لك الله رازقا ما استرزقت الله» لك الله معزا ما تعززت بالله» لك الله محيبا ما 
سألت الله لك الله يا عبد الله 

تبوأ من هذي الحزيرة حيث تشاءء جزيرتنا تمون فيها الخطوب والأرزاء» وتنكسر على صخورها العواصف 
والأنواء 

ولا تسأل عن البحر تركبه إلى المراسي» بحاراتنا بلا سواحل» جزيرتنا سكافها يركبون في الأنفاس» ويرسون 
على البلابل 

بارك الله في عمرك» ويسر أسباب رزقكء وأعطاك من خزائنه الي لا تنفدء كفافا عفافاء وعرفك به حق 
المعرفة 

'"وإء يرفع إبراهيم القواع؛ من البيت وإسماعيلء ربنا تقبل مفا إنة أنت السميع العليم» ربفا واجعلنا 


: : : , 893 
مصلمين لد ومن عريتفا أمة مسلمخ لل وأرنا مفاسحناء وتب عليفاء إن أنت التواب الرحيم". 


البقرة 127-126 


017 





خاعة 


وفي ختامه؛ نحمده تعالى على إتمامه واحتتامه» ونبوء له بفضله وإكرامه» على ما هدانا لشرح الزنار» .ما تيسر 
من آثار وندر من أخبار» شرحا كان من أغلى أمانيناء استصعبناه .مما كابدنا ولقيناء فقد ضاق الوقت وتكالبت 
الخطوب» وقلت اليد في تحقيق المرغوب» فكيف نفرغ للتأليف» وقد شغلتنا الحياة ببعض التكاليف؟ فبين عيال 
نقتلع قوتهم بالأظافر» وعمل يكاد لا يفرغ ولا يغادر» وجسم أثقلته العلل وانتابته المخاطر 

فلا يحسب القارئ ما في صحائفنا فارغين انكتبء فلو اطلع على صفائحنا منذ حين لاستغرب, وإنما زاد الله 
قوته في ضعف الكاتب» وحبب إلينا الكتابة عند المصاعب, فكان اليراع لنا خير مؤنس ومصاحبء إذا جرى 
طربنا لإعرابه» وإذا ألهم انتشينا لانسيابه 

وسخر لنا سبحانه» من الأصحاب رفقة صالحين» وجدناهم عند الرزايا والأوصاب»ء ردا واقفين» ألحوا علينا 
في الكتابة والتقيبد» وحرضونا على الحد والتجديد» سدوا خصاصنا وقضوا حوائجناء وكانوا مناصناء وصوبوا 
ارتحاحناء وأدركوا سمو ما قصدنا إليهء وحملوا معنا هما دللناهم عليه فكانوا لنا إخوة صادقين» وكنا لهم فتنة 
في الدنيا والدين» فاللهم ارحمنا يمم وارحمهم بنا أجمعين» واغفر لنا وإياهم ما اجترحته أيدينا غافلين» واقبل منا 
ومنهم حسنات وفقتنا إليها يوم البعث. واكتبنا في الناجين» إليك توجهناء ووجهك قصدناء وعليك عولناء 
فكن لنا خير ناصر ومعين 

وما خحضنا فيه في هذا المؤلف مع الخائضين» وجاريناهم في أحزاهم وصلواقم ومخاطباقم وتائياقم؛ ونادمناهم 
في أذواقهم» وسامرناهم في مواجيدهم وإشاراتهم» وما أدلينا في الكلام بدلونا عن الأحوال والمقامات» وما 
صلنا مع الصائلين وجلنا مع الجائلين» سوى تأدبا مع الأعراف الي أجمع عليها علماء الذوق والسلوك؛ وأرباب 
التأدب في حضرات مالك الملوك 

وإلا فلا تحتاج معرفة الواحد الأحد لكل هذه المتاهات» ولا يحتاج مريد طريق القوم لأن يصول في رحاب هذه 
الميادين» ويكابد جل هذه المنازلات» ويقرأ الدواوين» وإنما هي المحجة البيضاء» أوضح من نار على علمء لو 
استفتيت قلبكء لأغناك عن مطالعة صحائفي» ولو رحعت إلى نفسكء لاستغنيت عن معاقرة سوافحي 

ولو كتبنا ما نراه أحق بالكتابة» ما جاوزنا بضع صحائف»ء ولكن دأب الناسء .ما ألفوا من عادات العارفين في 
كتبهم» وما حفظوا من أصول الطريق» على ألا يقبلوا كلاما لا يبخوض فيما خاضواء وألا يأتوا ما لم يأت ما 
أتواء ففعلنا ما أرادوا حب يفعلوا ما أردناء وما أردناء أن يكون ما حضنا وما أتيناء داعيا للقراءة» ومعينا على 
الفهم. ففي ثنايا ما حضناء بثتنا من بضع صحائف سطوراء وفي حشاش ما أتينا زرعنا زهوراء وهي لب 
الكتاب وروحهه؛ وإلا فلا روح بغير جسدء ولو أن أحياء دبت على غير هدى» وغابت أرواحها سدى؛ فما 


148 


قرأته في كتابنا وفهمته بعقلك, إنما هو من خحوضنا وإتيانناء وما قرأته وضاعت أنسامه الفياحة بنور الرحمة 
والسلوان على قلبك» فذاك من روحنا 

فاعقل من الأحكام ما كتب» وافهم من الأمثال ما عذب» واشرب من الأنسام ما هب 

ولعل آخر الزمان ما نحن في آخره. وقد أصاب الأمة ما جرت في أن يصيبها 

فتفرقت في الدين» وجعلته شيعاء كل فرقة اتخذت نصيبها 

وفلت شوكة المسلمين» وتداعت عليها الأمم تنتهك خصبها وخصيبها 

ونسيت عهود العنفوان والتمكين» يوم أعزها الله» وأذلت من الأمم ندها وضريبها 

وفقدت النخوة» ولم تعد تحس بالذل والمهانة» مهما استباح الأعادي حبيبها وقريبها 

فالله الله في قوم تشتتوا شيعاء ودينهم يدعوا إلى التوحد والتوحيد 

والله الله في قوم تقاعسوا عن نصرة أنفسهم, وهم أهل البأس الشديد 

والله الله في علماء تملقوا على أبواب العطاءء يبيعون دينهم بأبخس الأثمان» على موائد البغاة في مأدبات البهتان» 
باسم الاحتهاد والتجديد 

فأن لنا بيقين قوم مضى زماهمء وأنى لنا بحكمة وأحلاق قوم فات أوافهم؟ 

ندم الأنخاب في ليل بلا قمر 

كيف يحلو السهر؟ 

نديمي 

وقد غاب زرياب 
والح ال 

أفحسبتم أيها الناس أنه بتحقيق رغباتكم وتطبيق مبادئكم دون رجوع إلى دستور القرآن» تبلغون المقصود 
وتحيون حياة طيبة؟ لا والله لا يكون ذلك» كيف والحبيب محمد يَيكلُّمْ يقول: "لا يأت عليكم زمان إلا الذي 
بعده شر منه» حى تلقوا ربكم؟" 

أفحسبتم إذا ما نزعتم حاكمية الله تعالى في الأرض» وحكمتم بأهوائكم أنكم تفلحون؟ 

لاء والله لا يستقر لكم قرار» في أرض اغتصبتموها وحاكمية ربانية أحبطتموها 

فاللهم اقبضنا إليك قبل الفضيحة» ولا تشهدنا قوما لا يتناصحون ولا يقبلون النصيحة» ولا تزد في أعمارنا ما 


نعيشه في الفتن القبيحة» وإذا أبقيتنا ملياء فليكن في بقائنا حير لنا وللناس أجمعين 


من قصيدة: زرياب ديوان لأويس هذه المزامير للمؤلف 


449 





أن العيع الجعوي 


يفول أبوالجي عها الله عنه: من فرأ حزج العخرة لم يبى جيه من الجحرار بغية 

وفال: ونرى فراءته ولومرلة وأحكلة لي العمرء والله المويق 

بسم الله الرحمن الرحيمء بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وعلى الله وفي الله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة 
إلا بالله العلي العظيم. 

'وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساهاء إن ربب لغفور رحيم" 55 
"وماقكروا الله حق قكره والآرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مثعوريات بيمينة» سبحانه وتعالى 
0 

"صبحان العي سخر لنا هذا وما كنذا له مقرنين وإنا إلى ربنا ل 
الله أكبر الله أكبر الله أكبرء الحمد لله الحمد لله الحمد لله. 

"وقل رب أحفلني معفل صدق وأخرجني مخرج صنق وإجعل لي من لان ملفصانا نصيرا" 58 

سبحانك لا أحصي صلاة على سيدنا محمد» كما صليت أنت وملائكتك عليه اللهم صل على النبي كما 
تشاء مما تشاء» صلاة ترضيك وترضى يما عنا يوم البعث والحزاء» وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليما 

بسم الله الرحمن الرحيم الحم لله رب العالمين الرحمن الرحيم مل يوم الذين» إياءة نعب؛ وإياطة نستعين» 
اهدنا الصراك المستقيم صراك الكءين أنعمت عليهم غير المغاضرب عليهم ولا الضالين. آمين 

اللهم إن أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وبرضاك من سخطكء وبك منك لا أحصي ثناء عليك؛ أنت كما أثنيت 
على نفسككء أستغفرك وأتوب إليك. 

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت» خلقتئ وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت» أعوذ بك من شر ما 
صنعت» أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذني» فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. 


85 هود4[1 


8596 الزمر 64 
7 الرحرف 13-12 
508 الإسراء80 


0ذ01 





رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا و محمد نبيا ورسولا. 

لا إله إلا الله الله لا إله إلا الله الواحد, لا إله إلا الله الأحد, لا إله إلا الله الفرد لا إله إلا الله الصمدء لا إله 
إلا الله خلق كل شيء وما مسه من لغوبء لا إله إلا الله علم كل شيء علام الغيوب» لا إله إلا الله يجيب 
دعوة المضطر إذا دعاه لا إله إلا الله رب كل شيء ومولاه؛ لا إله إلا الله الجميل» لا إله إلا الله الحليم» لا إله 
إلا الله أرسل الرسلء لا إله إلا الله فصل الآيات وأوضح السبلء لا إله إلا الله أنزل الكتب, لا إله إلا الله 
كشف الحجبء لا إله إلا الله الواحد القهار, لا إله إلا الله يكور الليل على النهار» لا إله إلا الله رب جبريل 
وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل؛ لا إله إلا الله رب إبراهيم الخليل؛ لا إله إلا الله رب الروح الأكبر لا إله إلا الله 
فتح و نصر وخحذل من كفرء لا إله إلا الله رب محمدء لا إله إلا الله توحد وتفردء لا إله إلا الله رب أبي بكر 
وعمر وعثمان وعلي, لا إله إلا الله المنان العلي. 

"محم رصول اللهء والعغين معد أشداء على الكفار رحجماء بينهم» تراهم رحعا سهدا يبتغون فضلا من الله 
ورضواناء سيماهم في وجوههم من أثر السجوي. علد مثلهم في التوراة؛ ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج 
شصذ فآزره فاستغلض فاستوى على سوق يعجب الزراع ليغيض بهم الحفارء وعد الله العين آمنوا وعملوا 


1 899 
الصالحات منهم مغفرة و أجرا عضيما . 


إلي لولا لهي ما عرفت إلهيء إِلهي لولا لمي ما دعوت إلهيء إلهي لولا إلحي ما عبدت إلهيء إلهي لولا إلهي ما 
أسلمت إطهيء إلهي لولا لهي ما ذكرت إلهيء إِلهي لولا لحي ما خلقت إلحي. 

إلهي إِلهي إِلي 
ها عبدك الآبق سيدي الكريم بين يديكء اقبله إلهي 


إلحي إِلهي إِلهي 
ها عبدك الضعيف يا قوي بين يديك» قوه إلهي 

إلحي إِلهي إِلهي 
ها عبدك الفقير يا غيئ بين يديكء أغنه إلى 

إلحي إِلهي إِلهي 


ها عبدك الجاني ياتواب بين يديك» تب عنه إِلهيى 


8599 الفتح 29 


451 





إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك الحقير يا عزيز بين يديك» أعزه إِلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك الضال يا هاد بين يديك؛ اهده إِلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك الحاير يا مدبر بين يديكء؛ دله إِلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك المريض يا شاف بين يديكء داوه إِلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك الخايف يا قهار بين يديكء؛ أجره إِلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك السايل يا سميع بين يديك؛ أجبه لي 

إلحي إِلحي لهي 
ها عبدك الجايع يا رازق بين يديك؛ أطعمه إِلهي 

إلهي إِلحي إلهي 
ها عبدك العاري يا كاس بين يديك» اكسه إلهي 

إلحي إِلحي إلهي 
ها عبدك الظلوم الجهول بين يديك» ارحمه إِلهي 
العبد ببابك يبكي على أعتابك» الضعيف ببابك يبكي على أعتابك» الفقير ببابك يبكي على أعتابك» الجاني 
ببابك يبكي على أعتابك» الحقير ببابك يبكي على أعتابك» الضال ببابك يبكي على أعتابك» الحاير ببابك 
يبكي على أعتابك؛ المريض ببابك يبكي على أعتابك» الخايف ببابك يبكي على أعتابك؛ السايل ببابك ييكي 
على أعتابك؛ الجايع ببابك يبكي على أعتابك؛ العاري ببابك يبكي على أعتابك؛ الظلوم الجهول ببابك يبكي 
على أعتابك. 
أنا العبد وأنت السيدء أنا الضعيف وأنت القويء أنا الفقير وأنت الغيئ» أنا الحاني وأنت التواب» أنا الحقير 
وأنت العزيز» أنا الضال وأنت الحادي» أنا الحاير وأنت الدليل» أنا المريض وأنت المداوي» أنا الخايف وأنت 
ابخيرء أنا السايل وأنت المحيب» أنا الجائع وأنت المطعمء أنا العاري وأنت الكاسي, أنا الظلوم الممهول وأنت 
الرحمن الرحيم. 


0132 


كيف أطرد وأنت السيد؟ كيف أضعف وأنت القوي؟ كيف أفتقر وأنت الغى؟ كيف أقنط وأنت التواب؟ 
كيف أحقر وأنت العزيز؟ كيف أضل وأنت الهادي؟ كيف أحار وأنت الدليل؟ كيف أمرض وأنت المداوي؟ 
كيف أعذب وأنت الرحمن الرحيم؟ 
ما تضرك صفات؟ وما تنفع غير صفاتك. قابلت صفاتك بصفاقي» فمحت صفاتي صفاتك؛» فررت منك إليك 
وتعوذت بك منك» وتوليت عنك وأقبلت عليك» فقابلي برحمتك ولا تعاملي بعدلك» لثئن قابلتئي بر حمتك 
سعدت وبقيت» ولئن عاملتئ بعدلك هلكت وشقيت. 
مولاي» هذا جحسدي وجهته إليك» فما كان من ذنب أذنبته في حققك اغفره لي» وما كان من ذنب أذنبته في 
حق عبيدك تحمله عي. 
وهذا قلبي وضعته بين يديك» وبرئت مما زاد فيه عليك» » أشرق بوجحهك ك الجميل عليه» وامحق بأنوارك ماسكن 
إليه وانطبع من الصور والأغيار والحوادث والأكدار. 
وفقتئ للجلوس بين يديكء فأذن لي .ممناحاتك والتملي في طلعتك في حضرتك. 

همو في القلب قد سكنوا دهورا مي نادى منادي الشوق لاحوا 

بكيناهم وهم فينا ‏ حضور وأبكيناهم وهم سياح 

نبوح- لديهم بالحب 2 بوحا وبوح الصب بالشكوى مباح 

500 5 : 

شربنا ‏ كاس نحوى أسكرتنا وما كاس بمسكرنا وراح. 
بح من الشيطان والدنيا ومن النفس والهوى» ولا تجعل لحم على من سلطان» واحفظي من طوارق الليل 
والنهار» من الإنس والحان والمحموم والأحزان» والرجال والنساء والولدان» بما حفظت به آي القرءان من التلف 
والنسيان» واحعلئ من غبادك المخلصين بة بفتح اللام يا منانث. 


"وإلا تصن عني حيدهن أحب إليهن وأحن من الجاهلين". 0 


أترضى أن تكدر الأغيار صفو بث حبيبك وشكواه يا قهار؟ 


"” من نظم المؤلف 


'"” يوسف33 


0133 





غارت النجوم وهدأت العيون» وأنت حي قيوم لا تاحذك سنة ولا نوم» يا حي يا قيوم أنزل علي سكينتك في 
خلوق» وأيدني بروح منك في وحدتء واحفظئ في حلوتء أعتقئ من نفسي وهواي في فقري وغناي» 
وأنزلئ منزلا عليا يا مولاي» أوقفتئ على أعتابك فافتح لي جميع أبوابك» واكتبئ في ديوان أحبابك. 

اذكرني مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين» ارحمئ وارحم بي جميع العالمين. 

اللهم اغفر لأمة محمد» اللهم ارحم أمة محمد اللهم استر أمة محمد» اللهم احبر أمة محمد. 

ارحم بي النور والنار والمواء والماء والتراب» وكل ما حلقته منها ومن غيرها يا وهاب, الملائكة والجن والإنس 
والدواب» اللهب والفضاء والبحار والشعاب» ارحم بي المسلمين والكفار وأهل الكتاب» من أول النشأة إلى أن 
يقوم الحسابء وإلى ما بعد الحساب. 

بحق سر الوجودء محمد المحمود يَيلتُم الرحمة المهداة والنعمة المسداة» شفيع العباد يوم المعاد. اللهم آت محمدا 
الوسيلة والفضيلة والدرحة الرفيعة» وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. إنك لا تخلف الميعاد. 

وبحق أستاذي أبي الحسن الشاذلي» من هديته إليك» وأقمته دالا عليك. 

اللهم زد ما وفقتئ إليه من طاعتك في صحيفة رسول الله يلتم »كما بلغ الرسالة وأدى الأمانة» ونصح الأمة 
وكشف الغمة» وأزال الظلمة» وجاهد في الله حق جهاده» وفي صحيفة أستاذي كما أمرني بحبك» ودلئ على 
دربك» واكتبئ في أتباعه وشيعته؛ واكتبئ وإياه في أتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم» وشيعته 
ار كيلف سل ولت ري لخدي اق ال 7 
اللهم بحق اسمك العظيم الأعظم, وبحق نبيك الكريم الأكرم» وبحق ملائكتك وكتبك ورسلك وأنبيائك» وبحق 
الصالحين أجمعين» تولي ومن معي من أصحاب وأرشدنا إلى الصواب. 

"إء اوى الفتيخ إلى الكهق فقالوا ربئا آتفا من لانة رحمة وهيء لنا من أمرنا م 

غفرت لمن ظلمئ» وصفحت عمن أهانئي» ولم أطالب من سلبئ» وحبست ذنوبي عمن اغتابي» ودعوت 
بالخير لكل من قابلئٍ بالأذى والشرء وبرئت من تظلمي إليك في أحد من خلقكء ورجوت المهداية لمن سار في 
طريق الغواية؛ واكتفيت بك عن غيرك؛ وبعطائك عن سلب سواك "ميقع الله ل إله إلك هو عليه توكلت. 


وهورب العرثر العاضيم".""5 


2 الشعراء 89-88 
3 الكهف10 
التوبة130 
454 





"الذين يعملون العرث رومن حوله عون عمط 0 ويومنون به ويستغهرون للغين أمنوأء ربنا وسعت كل 
شء. رحمة وعلما واغهر للكين تابوا واتبعوا 0 التعيم» رينا لك 


وعاتهم ومن كالح ل انآ أنت العزيز العكيم وفهم السيدات» ومن تق 
السينات يومدك فوفك رحمته؛ وعلط هوالهوز العاضيم" 5" 

"فلما عهب عن إبراهيم الروج وجاءتة البشرى يجاءلنا في قوم لوكه ان إبراهيم لحليم أواه منيب". 
يا من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» ويرسل الصواعق فيصيب بما من يشاءء يا من قال للسموات 
والارض ايتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين. 

يالطيف يالطيف يالطيف. 

أخحرجينٍ من الظلمات إلى النور» يا نورا على نور يهني الله لنوراه من يشاء. 

احعلى من خاصتكء وعلمي علما لدنيا من ذاتك» وأفض علي من فيوضاتكء وانفحيئ بنفحاتك» واسقئي 
بكاسات محبتك شربة لا أظمأ بعدها أبدا. 

لا تكلئي إلى أحد من خلقكء ولا تفقرن إلى غير رزقك» واكفي بك عمن سواكء وأغنئ بحلالك عن 
حرامك» وبوجهك عن دنياك وآحرتك. 

اللهم إن كان ماسلف من عمري خيرا ثما حلف, فاقبضيئ إليك في الحال» يا عليم يا ذا الجلال. 

وإن كان الخير في ما خلف, فزدني من كاسات الوصالء واجعل خير أعمالي خواتيمها وخير أيامي يوم 
لقائك» يا ذا العزة والكمال. 


906 


آيبون تائيون عابدون لربنا حامدون. 

"ربفا لا تواخدنا إن نسينا أو اخذطاناء ربنا ولا تحمل علينا إصا حما حملتة على العين من 
قبلناء ربنا ولا تحملفا ما لا ضاقة لنا به؛ واعق عفاء واغفر لفاء وارحمناء أنت مولانا فانصنا 
ل ل لكاو 7 

اللهم اغفر لناء ولوالديناء ولأشياخناء ولمن اتبعناء ولمن علمنا أو أحسن إليناء واهد أزواجنا لما هديتنا إليه» 
واجعلهن أزرا لناء ولا تجعلهن وزرا عليناء واجحعلهن معنا على قدم واحدة في طريق معرفتك؛ وولن ما وليتناء 
وتولهن .ما توليتنا» وحصهن ما خصصتناء واكتب لحن ما كتبت لناء واكتبهن رفيقات لنا في الغيب والشهادة 


7 غافر8-6 
“” هود 74-73 
7" البقرة285 
0535 





والملك والملكوتء والدنيا والآخرة» وأصلح أهلنا وقرباناء واحفظ ذرياتنا وارزقهم من حيث لا يحتسبون» 
وثبتهم فلا ينقابون. 
"رب اجعلني مقيم الصلاة ومن :ريتيء ربنا وتقبل «عاء. ربنا اغفر ل ولوالكي وللمومنين يوم يقوم 


| 908 
الحساب" . 


والحمد لله رب العالمين 
سبحانك لا أحصي صلاة على سيدنا محمد كما صليت أنت وملائكتك عليه؛ اللهم صل على النبي كما تشاء 
ما تشاءء صلاة ترضيك وترضى ها عنا يوم البعث والجزاء» وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليما. 
سبحانك اللهم وبحمدكء أشهد ألا إله إلا أنت» أستغفرك وأتوب إليك. 
سبحان ربح رب العزاة عما يصفونء» وسلام على المرسلين» والحم؛ لله رب العالمين 


8" إبراهيم 43-42 
056 





متن ربااعية زنار 


ابديت ١‏ بسم الله مولايا 
الصلا والسلام ‏ ى الثاني 
لال والاصحاب> الأبرار 
يا 'القاضيف ١ه‏ التكيانا -3ه 
كلامي رموز لمواليه 
الشريعه ما هي مرامي 
وثاق الديّن الدامي 
1 الخايض فق الظاهر 
شرع الفقيه 2 ىن المحاضر 
سرح الروح2 يا ابنادم 
الورد يفوح بنساتم 
حندوك2 بالشرعح2 والتتزيل 
تكفر الناس بلا تاويل 
صلاة الخمس ‏ ىق (ووقاتما 
ما ينفع قومان احصاتها 
اخرجح من الشريعه عبدي 
ولا ابقى ‏ فيها 2 تعدي 
ولى خفي من ناري واشراري 
ما تروح لداري 
الشريعه مكتوبه فى وريقه 
الشريعه سياج الحقيقه 
أواه ‏ أواه ‏ 15 الموساوي 


411317 


الرحمن الرحيم ‏ فق ابدايا 
على نبينا العدناني 
مهاحرين ‏ و لاا أنصار 
افهم القصيد ‏ 283 قوافيه 
يما يجوز نوافيه 
مجمع الاحكام ‏ احكامي 
شلا رسوم وارقام 
1 'الناوق 282 «العاطل” 

شرع الله فى الخواطر 
وياك تروح بنداتم 
بالخرك. لحاس ل الهم 
حرفوك2 بالكفر 2 والتقتيل 
تفضح العيوب  ١‏ الويل 
ضوم - ٠‏ التؤاقل .و" هناكقا 
من حر النار ‏ و صلاهما 
ندلك على ماا عندي 
بنخازيك2 بالباكور المحندي 
مثل العبيد والدراري 
نحطك تحت اشجاري 
ضيقة من لاا لو ضيقه 
الحقيقه فى الرقايق رقيقه 
داك ما هو مداوي 


مس احكام اوثانك 
اشركت بالله ىق ييمانك 


الع إن . جزلا علق سادق 


غمض عينيك يا الناظر 
اتبع خبير بالسراير 
إلى تبغي تفهم احكامي 
علمك زاد ‏ ىق خصامي 
لا تقول: قال فلان 
قل: قال الرحمن 
2 تقول أنا هو 
هوي باصحاب الفتوه 
شكون انت ححق- تكون 
هو اللي يقول كن 
أنا ‏ وانت 2 يا القاري 
الدار دار الجاراق 
وال حماء “تزه . حريات 
الرحمن علم الإنسان 
مازلت<2- تعارض2 المحاذب 
كلامهم ‏ بضمير الغايب 
للا تحكم الاصول و الفرايض 
ارج من مراحي ركايض 


0135 


والهداوي حضراوي 
الحرام و الحلال ديدانك 
ابدعت البدعه فى زمانك 


حقت كفرت قومان بادوا؟ 
كيتو ‏ من سوطا جلادو 
النظر ١‏ عمى ‏ قى ‏ البصاير 
لا تسال- على مصاير 
بالجهل في بالحهابي 
انساه واحفظ كلامي 
كلها يخطاا غير العدنان 
فلان 


ما 


إنسان 


أنا 


نقب- على شيخ واصل 
العي “قنديل شاغل 
الشيخ | كيف تكشفر 
الشيوخ فى زمانا ما حرفوا 
الشيوخ 2 عافوا 2 العمام 
لبسو لباس النعلتم 
الشيخ ١‏ وقت ما2 نظرتيه 
وياك إلى لقيتيه 
ما يفضل نفسو على غاشثي 
ما يحب الزواق والتواشي 
الا لضن 
منهم خحواص وعوام 
سلم- ليه> ايا الطالب 
اخدمو وكن ليه صاحب 
اسكت عند كلامو 
اربض عند سلهامو 
لا ترفعه صوتك فى حضورو 
ذه الطمعفد. :4 "الور 
لا تذكر ‏ دون شوارو 
لو شاور شيخو فى اذكارو 
اخبار الشوقب يا العاشق 
والشيخ لو ما كان ذايق 
نظره ١‏ ىق الشيخ 2 تبري 


اذهك 


بلا شيخ ما تكون مواصل 


فى ظلام مالو أصل 
سوى إلى لمحك بطرفو؟ 
كن بارا 1 نا رن 
كشفوا على روس الحكاتم 
عادو 5 الجماتم 
ذكرت الله وعرفتيه 
و قََ يوم تيه 
ابعال اذل اللو امات 
حايز ١‏ نفسو-0- للحواشي 
تحاظيوة الناس بالعرام 
ما بحا غير 2 العوام 

تروح20 عنو ‏ سالب 
لا تسال> ححيئق- يجاوب 
وياك مشي قدامو 
واقفز عند قيامو 
وقف عند سطورو 
ولا تحرن ‏ ىق سمرورو 
كنحال انيم داكن تاد دارو 
لو عرف مقدارو 
محال تروقك ‏ فق الحلايق 
ما يذوق ‏ ساير الخلايق 
مريض القلب من بكري 


ولي 


ما 


باقي دري 

اتبعو حىن 
الحيي 

ما قبلك 


توب 
والذيوب 
الوالي 
النعال 
بالغفران 
والريحان 
مره 
القدره 


ثوب 
ولى 
قبل 

إلى 
يغسلك 


تراب 
دعا معاك 
بالما 


الغفور 


الاسنياظ ' تأيوا "قبل مما يلنيوا 


مول 


ولي صفى نيتو مع ربو 
لو ما عرفتو غفار 
الراعي ‏ ماد هوا حكار 
من عرف الله احتار 
محارم العوام كثار 
احن ‏ علي هن والدي 
شلا من ذنب غفر لي 
ابدا بالتوحيد 2 ىن اذكارك 
تريح الشرك ‏ من دارك 
صل على النبي المختار 
توسع صدور الاغيار 
زيد التوبه ا لحبيبه 
ترد الباسى وٌ المصيبه 


000 


التوالي 
للمعالي 


الرحمن 


يحوحك ‏ لموسى وعباس 
الولايه ‏ سلوك و جذبه 
كلها يودي للقربه 
طريقنا سالكه مهذبه 
على البجاهده ما هى ملدربه 
كيف النحل مع الازهار 
كيف الليلل مع النهار 
شوق العاشق بلا شوار 
قاهم الليل ‏ بلا اخبار 
أحيىي يا المغرور أحيئ 
نوضعك لما توافيئ 
وانت يا الباحل لاا تواليئ 
أنا ‏ عند الحود 2 تلاقيئ 
ايقن حبال الاعراض 

بجناحات عراض 
فى الدنيا ‏ ديما ‏ عاض 


461 


حيب2 التبعه ‏ فى الروام 
تسكر الروح بلا مدام 
لا تكحل بلا مرود 
إلى ما حبسك زيد جبد 
ما زلت>- تشرك- معاه 
كلها ين على يلاه 
لا زلت فى طريق الافلاس 
حق يمخذلوك بلا قياس 
والي سالك واليى بمجحذوب 


والشيان “لشت «رلقد 
نداويك أنا من الغرور 
تعود ‏ ىق الخلايق محكور 
حق تحود جود الميسور 
باسط كفوفي بلا فشور 
تسبح فى بحور الاجواد 
ما تبقى 2 ممعم الكراد 
حى يات يوم المعاد 


يا الخامل بادر بالنواض 
نوصيك يا المفتون 


الى قل الك عا تمر 
ما توب توكل 
إلى بغي تتعقل 
مرم مهما تتبتل 
صحح- لمقام و تحصل 


التوكل 202 عندنا 20 توحيد 
بن تواكل,. خعلي. «العبيد 
على العبيد لحن تحيد 
ماا. -عنك.. ' الله -.ما- “نين 
العبد مهما تسولو يشردك 
سول آله "ما <يرذك 
من تكسيه يحردك 
العبد إلى زردك 
وكلت. عليك: الله ,يا تفسى 


مازلت بيا توسوسي 


0062 


فطانا 


لا تكول: أنا نصرف أنا 


سبع مقامات فى 


من “قبل ما 
بحن تخبر 
على مقامات 
على مولاك2> يا 
عش60)- فى الدنيا 


الموكل ١‏ وحده 
اشرك بلله ‏ شى 
كل ما عندهم 
خحراينو ‏ ما2< ليها 
تلح على سوالو 
التسوال قدأ 

لا ولك عليه 
يوم عليك 
ع مع 

حبق ورطتيئ 2 فى 


التعداد 
تزاد 
البلاد 
الامحاد 


التايب 


سبايب 
العايت 


ل ا ا 


ا هموى 


كل 5-7 
كل عزاعي هرسي 
اترقه. اع . “كيه «اللقون 
الذنياً: «خصيزد “.. العيون 
عَم إزات. 7الشطرد 
هاا. بؤلف.. عالدنا" “موك 

تتوكل م 
الوك مك سيك 
ما تعارض ولا تتكلم 
فين ما وضعك الزم 
وياك 2 يا ولدي2 تختار 
إلى اخترت تحتار 
اصبر على الاضرار 
الجوع يكون ليك شعار 
ا تستوي بالحداوي 


أل ماك كان.٠‏ عوذك , سا ويه 
إلى تساوت الانعام و البلاوي 
تطرب 
اغبط ١‏ من بردو 
لو محنو 
وقتت ما كال: 


الناسى ى الزواوي 
ولك 


ما نساه 


مالي بلاه 


ندمو على كل ما عصاه 
إلى 


استوى ما عاد يشعر 


كك 


هبالك ‏ ما ا عندو ‏ دوا 
يي بالخوا 
بلاني بحب الدنيا 
بلان بألف بليه 
كلهم تحاماوا علي 
لابد من التحريب 
من صهد المكاتيب 
قابل اقدارو بالترحيب 
ابت ىق الشده لا تريب 
مولاك يعرف صوابك 
تشكيع “عن *لي: ايك 
9 ارضى ,مكتابك 
ؤْ الفقر اجعلو ق احبابك 
يطليك بمموم عظام 
تعزدف مقاطع سقام 
بحيب النغمه ‏ ىق التمام 
ما عاد عليك ‏ حكام 
بالشده والجوع فى الليالي 
لو نعمو تاه فى الضلال 
حجن ما عاد يكول: مالي 
حبب) لوا طريق اللعالي 
الميت ما تدميه ‏ اشواك 


ميت 203 باقي2 بالعمر 
كفنو و وضعو فى القبر 
ساوى الشكر مع الصبر 
حاز مقام الفنا بلا فخر 


عصمو من الشيطان إلى خطر 


القلب معم مولاه ‏ يحضر 
كيف ذكر كيفا ما ذكر 
إلى ما شف مولاك هنا 
إلى ما شفتيه ما تتهنى 
تنال كل ما تتمنى 
ما عدت تطمع فى الجحنه 
زول زول ييا الحاضر 
إلى بغيت)- تكون 2 ناظر 
لو ما كانت الحصاير 
شاة اخضاين #تيلة هياور 
ما هو انت ولا انت هو 
القلرة هي لعلو 
ابعث عليه 0 
هو موجود بالقوه 
تعال ‏ جني لاا تتخلف 
لا زلت تصرف 
كيف عرفت زيد ‏ عرف 
إلى قذفت لف 


104 


روحو ىق كسده بلا حراك 
فيل 7 ٠‏ عونت زلف : المزدك 
ما عاد يكتب عليه ملاك 
عباد فانيين 
الشياطين 
العالمين 
الذاكرين 
فناك 


الر<حمن 


معاك 
مناك 
رجاك 


الوجود 


دوي 


ولى 2 عفيق العفو 


تعالى نشهدك الخليقه 
بائقين بالفتيقه 
راطمين 2 بروايح ١‏ زعيقة 
نطلعك على الحقيقه 
واش الي ببق ما يهدم؟ 
صداع الب يدمدم 
الكون لما يتحطم 
تذهل على رضيعها الام 
لو عرفوا ‏ علام البلاد 
ولا خرحوا من الاجساد 
الارنب لو ماحاف الصياد 
مالي نبي بالعماد 
انت الكون يا الخليفه 
إلى تبحث 2 على تليفه 
علوم و احكاهم لطيفه 
طويت الاكوان كالمليفه 


00 


شلا دخان غيام 
الصدام 
العلام 


القيامه 


9 


الغمامه 


كان مول القدره كان و لازال كاين ويكونء لا احد غيرو كاين في هاذ الكون, الألف فى كان 
قامه بلا تقويم, تستر ساكن فى البديا والتقدسم, تمد حروف ناصبه وتقيم» محذوفة أو ثابته» 
حاضره فى التكليم, فى الحلاله مفتاح 
دلالتها على المولى 
ما بدا غير بالخاطر» مولايا» خاطبيئ كينو حاضرء عالم بسقامي ودواياء لما اوحى لي ما اوحى» 
بث بروعي وحشاياء ثبت ما شا ومحاء من كل ما فى اللوح من اسرار» و بديت نبوح بالافكار» 
نطقت بلسان القهار» نقهر شي بعضين من اعباد عادوا على العالمين» بعد ما سادوء نبرق بلا 
شعا فى عيون اعبادو» زبرحده يتيمه فى اعقادو» منظومه بلا نظام» ضاويه موقده فى الاعتام 
تمد اكوان واكوان ما كان 
كييّ مما عرفت» ليتئ ما عرفتوء أنا فى الغيب اسرفت» حتى عدفتو» آش حاحى بالآقي؟ حسبي 
اذكاري وصلاقء مازادي سرايا فى الليالي والو من حالي» ولا معراحي فى الاعلالي عندي غالي؛ 
ولا ما تلقيت من حطاب الملاك حلا لي» على خطاب الوالي» مالي نرضى بغير ذي الجلالي» وانا 
الفقير لما اوحى ليع لما زاد شوقي وهبالي؟ 
لازلت فى جمالو ولهان 
عند تام المنازل معراحي» ما عدت فى أي مقام نازل» بعد ما جرى فى مهاحي ؤ زاد قياحي» 
ريش جناحي المحبه» حناحي عبار» يطير فوق القبه» يقطع الفلك الدوار» عند المليك هره» فى 
الملايك مشهورء يتمسح بالسدره» ويطوف بلمعمور» والعرش قوامو قوامي» زاد فى هياحي 
وتهيامي» موالي الله هو مواليئ؛ ما نعبد حد معاه 
لا تسالي على روا وانا عطشان 
مانا بادي مانا حاتم» أنا مول الخاتم» نشرت بساط المحبه بعد ما كان فى كفوثي» ولي بغى يصبا 
ما يذب غير على دفوق» مثل رجايا مثل خويء لأينٍ عرفتو رحيم؛ معروفو سبق معروق» لأينو 
جبار» ما أمنت فى ظروثي على صروفء فى ليل ولا فمار» لما ياذن يواريئ» على خلايقو الموت ما 


يدارين» وخا نموت ما نفارقوء» مازال يوري مانسيت من شقايقو في حدايقو» الشقايق ما هى 


166 


مرامي» مرامي حبيب التهامي؛ من ارسلو به حابر» حعلو صابر» و إلا افى الثقلين ما جرى 
من مناكر» فى واحد من الكونين ظاهر 

ما زال راحم يمن عتا رحمن 
الجن لو ما وجدو من جودي حيث بحود و نمن وما نتمنن» ما يشدو فى عودي حتى نحن ؤ 
نتحنن» ولا نحافيهم حيت هما سافهين» ولا بحافيهم ما دامو جاثمين عند اقدامي خايفين حسامي» 
مهما أمنتهم ما أمنوا من سنانى فى سهامي, الجن علينا عقال» خفوا ما عادو ثقال» اخف من 
نار على علام فى الاكمام» ما تزي فيهم اقوالء التتريل به اشقاوا وابكاو» ما شقى الانس ما 
شقاهم ولا بكاوا مما بكاهم؛ الانس قساوا لما نساواء آش جا ما اصلح الطين إلى يبس؟ ابنادم 
فلس من سنين 

حتى مسو الحان فى الابدان 
إلى تحكرن أنا مانطمع فى اقداري» ولى تنصفيئ تعرف مقداريء أنا نحم فى الاحوا ساريء يتيم 
فى الدراري» مايهمئ تعرف من نكون» خليئ خامل ؤ كون اللي تكونء لا تكون علي سايل؛ 
إلى تسول في تفتنك فنوني بلا بليه» ولى تقرب لي يسحرك جنون بلا رقيه» ما يزيد ثناك إلى 
اثنيى علي؟ إلى ما عرفتيئ عرفتئ الاملاك قبل لا تزاد» ما حاج للعباد؟ العباد عبادوء ان على 
مولاك 

لح في سوالو يا المغنان 
لا تكول: حيث كانء ربي ما يحدو مكان, لا تكول: حين كانء ربي ما يحكمو زمانء لا 
تكول: هو غايبء لا تكول: أناء وتعود واحد في الربايب» ما بينك ؤ بينو حجايب» محال 
حب النارئ بيات كنك صر و هو دراب: الأرناك :كاه ما مهن غير ات بالذات: 
زول به عنك و ذوبء» تشوفو كامل الصفات» شفتو تمد الجبال والطوب» لا تعجل الحلاك 
بالنظره» يكفي إلى راك مول القدرهء قل: يا من تراي و ما نراك» ثبتني حي نراك» ما نشرك حد 
معاك حي نلقاك 
محال تغيب على العيان 


1607 


لك 


01 


02 


03 


04 


05 


06 


07 


08 


09 


10 


11 


12 


فهرس مراجع كتاب: الاستبشار بشرح ما خفي في زنار من لطائف المعاني والأفكار ورقائق الحكم والأسرار 


القرآن الكريم برواية الإمام ورش 

دار الصحف بيروت 

المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم 

دار اليل بيروت 1408هجرية 1988ميلادية 
الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ 
المطبعة العلمية دمشق طبعة أولى 1404هجرية 
أبواب الشيطان 

مطبعة طوب بريس الرباط 

طبعة أولى 2012ميلادية 1433هجرية 
الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 

دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1407هجرية 
7ميلادية 


إحياء علوم الدين 


وبذيله: المغئى عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما 


في الإحياء من الأخبار 

دار الكتب العلمية بيروت 1417هجرية 1996ميلادية 
أخلاق البي ميك وآدابه 

دار المسلم الرياض طبعة أولى 1418هجرية 

آداب العلماء والمتعلمين 

جامع التراث 

الأسماء والصفات 


أصناف المغرورين 
جامع التراث 


الأعلام قاموس تراحم لأشهر الرجال والنساء من العرب 


والمستعربين والمستشرقين 

دار العلم للملايين بيروت لبنان طبعة خامسة 
2مهيلادية 

أعلام المغرب العربي 


0069 


وضعه: محمد فؤاد عبد الباقي 
سيدي أحمد بن المبارك 


الجعفي أبو الفتح 


محمد بن حبان بن أحمدء أبو حاتم التميمي البسي 

ترتيب: الأمير علاء الدين» علي بن بلبان الفارسي 

قدم له وضبط نصه: كمال يوسف الحوت 

الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزاللي توقي سنة: 505هجرية 
للعلامة زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي 
توف 806هجرية 


أبو الشيخ الأصبهان محمد بن عبد الله 
تحقيق: الدكتور صالح الونيان 
الحسين بن المنصور بالله اليمئ توفي سنة: 1050هجرية 


أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي 

تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي 

حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي» توفي 
سنة: 505هجرية 

خير الدين الزركلي 


عبد الوهاب بن منصور 


1 


14 


15 


16 


17 


18 


19 


20 


21 


22 


المطبعة الملكية طبعة أولى 1979 ميلادية 
أعلام الموقعين عن رب العالمين 
مطابع الإسلام القاهرة 1388هجرية 


اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم 
مكتبة الرشيد الرياض طبعة ثانية 1425هجرية 

0 ميلادية 

ألف ليلة وليلة 

مطبعة مصطفى البابلي الحلبي 

مصر 1960 ميلادية 

الإنسان الكامل في معرفة الأوائل والأواخر 

مطبعة مصطفى البابلي وأولاده 

الأنوار القدسية ف شرح أسماء الله الحسيئ وأسرارها 
الخفية 


الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية 

المكتبة العلمية بيروت لبنان طبعة أولى 1410هجرية 
2 ميلادية 

الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف 

دار الفلاح 1430هجرية 


الأولياء في المغرب 

مطبعة دار القرويين المغرب طبعة أولى 538ميلادية 
إيقاظ الحمم في شرح الحكم 

مطبعة مصطفى البابلي الحلبي وأولاده 

طبعة أولى 1321هجرية 1961ميلادية 

الإبمان 

المكنب الإإسلامي طبعة ثانية 2 هجرية 

بداية الخلق في القرآن الكريم 


ابن قيم الجوزية 


أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية 
الحراني 
تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل 


عبد الكريم بن إبراهيم الحيلي 


الشيخ: لين عد العقاد 
تحقيق: بسام محمد بارود 


تقدم: الشيخ عبد الحليم محمود 

إشراف: د. محمد سليمان فرج حفيد المؤلف 

عبد الوهاب الشعراني 

حققه وقدم له: طه عبد الباقي سرور السيد محمد عبد 
الشافعي 

أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر توفي سنة: 318هجرية 
تحقيق ياسر بن كمال 

راجعه وعلق عليه: أحمد بن سليمان بن أيوب 

قرأه ونقحه: د. عبد الله بن محمد الفقيه 


ابن تيمية 


د. محمد العبادي 


24 


25 


26 


2 


28 


29 


30 


31 


32 


33 


34 


دار الفلاح للنشر والتوزيع عمان الأردن طبعة 
6ميلادية 

بدع الاعتقاد وأخطارها على المجتمعات الإسلامية أو 
المعاصرة 

مكتبة السوادي طبعة أولى 1416هجرية 

البيان والتبيين 

دار مصعب بيروت 

الطبعة الأولى 1968ميلادية 

تاريخ بغداد 

دار الكتب العلمية بيروت 

التاريخ الكبير 

دائرة المعارف العثمانية 

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 

دار الفكر للطباعة والنشر 

تذكرة الحفاظ 

دار الكتب العلمية بيروت لبنان 1419هجرية 
8 ميلادية 

ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب 
مالك 

دار الكتب العلمية بيروت لبنان 

الطبعة الأولى 1418هجرية 1998 ميلادية 
الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا 
دار نشر المعرفة الرباط طبعة ثانية 1412هجرية 
1 ميلادية 

التشوف إلى رجال التصوف 

وأخبار أبي العباس السبي 

منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط نصوص 
ووثائق 1404هجرية 1984ميلادية 

التعرف إلى مذهب أهل التصوف 

دار الكتب العلمية بيروت 1980ميلادية 
التعريفات 


4_1 


محمد بن حامد الناصري 


أبو عثمان» عمرو بن بحر 
تحقيق: ا محامي فوزي عطوي 


محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري 
تحقيق: هاشم الندوي وآخرون 
محمد بن عبدال رحمن المبا ركفوري 


دراسة وتحقيق: زكريا عميرات 

القاضى عياض اليحصبي 

ضبط وتصحيح: محمد سالم هاشم 

تحقيق: عبد الكريم الفيلالي 

أبو يعقوب يوسف بن يى التادلي» عرف بابن الزيات 
تحقيق: أحمد التوفيق 

الكلابادي 


علي الحرحاني الحنفي 


35 


36 


37 


38 


39 


40 


41 


12 


43 


44 


مطبعة البابلي الحلبي وأبنائه 1357هجرية 1938ميلادية 
تفسير القرآن العظيم 

دار إحياء التراث العربي بيروت 1388هجرية 

9 ميلادية مكتبة الثقافة الدينية طبعة أولى 
5ميلادية 


تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول يَيكثُمْ والصحابة 
والتابعين 

المكتبة العصرية صيدا 

تقريب التهذيب 

دار الرشيد سوريا حلب 1416هجرية 1992ميلادية 


طبعة رابعة منقحة 


التنوير في إسقاط التدبير 

مكتبة الثقافة الدينية طبعة أولى 2005ميلادية 

التوابون 

المكتب الإسلامي طبعة ثالثة 1399هجرية 1979ميلادية 
جامع البيان عن تاويل آي القرآن 

القاهرة 

الجامع الصحيح سنن الترمذي 

دار الفكر بيروت 1400هجرية 1980ميلادية 

الجامع لأحكام القرآن 

الناشر: دار عالم الكتب الرياض المملكة العربية السعودية 
الطبعة: 1423هجرية 2003ميلادية 

موقع مكتبة المدينة الرقمية 

الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله يلم 
وسننه وأيامه 

مطبعة محمد صبيح القاهرة 

اجرح والتعديل 

مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية 

حيدرأباد الدكن الهند 1373هجرية 1953ميلادية 


012 


تحقيق: أسعد محمد الطيب 
الحافظ عماد الدين أبو الفداء, إسماعيل ابن كثير القرشى 


الدمشقى 


أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي 


تحقيق: أسعد محمد الطيب 


الإمام الحافظ شهاب الدين» أحمد بن علي بن حجر 
العسقلاني الشافعي 
قدم له دراسة وافية وقابله بأصل مؤلفه مقابلة دقيقة: محمد 


عوامة 
السكندري 


عبد الله بن أحمد بن قدامة 


ابن حرير أبو جعفر» محمد بن حرير 

تحقيق: محمود محمد شاكر وأحمد محمد شاكر 

أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي 

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري 
الخزرحي همس الدين القرطبي (المتوق سنة: 671هجرية) 


حققه: هشام سمير البخاري 


الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري 


التيمي الحنظلي 


45 


46 


417 


48 
49 


30 


531 


52 


53 


54 


355 


56 


537 
56 


جواهر المعاني وبلوغ الأماني من فيض سيدي أب العباس 

التجاني 

وكامشه كتاب: رماح حرب الرحيم 

خسن اشر أو أخبار عضر والقاهرة 

دار إحياء الكتب العلمية بيروت طبعة أولى 1997ميلادية 
الخبر الدال على وحود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال 
دار الفكر 1424هجرية 2004ميلادية 

كتاب نحتم الأولياء 

المطبعة الكاثوليكية بيروت 


الخطر اليهودي بروتوكولات حكماء صهيون 

درة الأسرار وتحفة الأبرار 

دار آل رافع حجازة قبلي قوص قنا 

الدر الثمين والمرشد المعين 

طبعة البابلي الحلبي مصر 1954ميلادية 

الدر المنثور 

دار الفكر بيروت 1993ميلادية 

دروس تربوية من الأحاديث النبوية 

نشر: مركز الفجر للإعلام 1431هجرية 2010ميلادية 
ديوان أطلال 

مطئحة العامة الرياظ 

ديوان لأويس هذه المزامير 

رابعة العدوية 

دار غريب للطباعة والنشر 

طبعة أولى 2000ميلادية 

الرد على الشاذلي في حزبيه» وما صنفه في آداب الطريق 
دار عالم الفوائد 


رسالة ابن أبي زيد القيرواني 
الرسالة القشيرية 


013 


سيدي علي حرازم ابن العربي برادة المغربي 


أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 
جلال الدين السيوطي 


الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن الترمذيء الملقب 
بالحكيم الترمذي 

تحقيق: عثمان إسماعيل بحجى 

جمع: الشيخ الحميري المعروق بابن الصباغ 

قدم له: إبراهيم الرفاعي 


الشيخ محمد بن أحمد ميارة الفاسي 

عبد الرحمن بن الكمال» حلال الدين السيوطي 
أبو عبد الله الملك خالد بن عبد الرحمن الحسينان 
المعفي أبو الفتح 

المعفي أبو الفتح 


مأمون غريب 


8 هجرية 
تحقيق: علي بن محمد العمران 


إشراف: بكر بن عبد الله بوزيد 


أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري 


539 


60 


61 


62 


63 


64 


65 


66 


67 


68 


69 


دار الجيل بيروت طبعة ثانية 1410هجرية 1990 ميلادية 
الرعاية لحقوق الله 

دار الكتب العلمية بيروت 

طبعة رابعة مزيدة ومنقحة مخرحة أحاديثها 

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني 

دار إحياء التراث العربي بيروت 1270هجرية 

زاد المعاد في هدي خير العباد 

مؤسسة الرسالة الطبعة الثالئة عشر 1406هجرية 

6 ميلادية 


الكنوز 
المكتبة الأزهرية للتراث 
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس ,من أقبر من العلماء 


السئن 

دار الفكر بيروت 

سنن ابن ماجه 

المطبعة العلمية الطبعة الأولى 1313هجرية 1895ميلادية 
السئن الكبرى 

دار الكتب العلمية بيروت طبعة ثالثة 1424هجرية 

3 ميلادية 

السئن الكبرى 


مؤسسة الرسالة 


سوانح المنواطر 

مطبعة بي يزناسن المغرب 2011ميلادية 

السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية 

الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة 


114 


تحقيق: معروف زريق وعلي عبد الحميد بلطجي 
أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي توفي سنة: 243هجرية 
تحقيق: عبد القادر أحمد عطا 


محمود أبو الفضل» شهاب الدين» الألوسي 


ابن قيم الجوزية» همس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر 
الزرعي الدمشقي 

حقق نصوصه» وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط 
عبد القادر الأرنؤوط 

سلطان العلماء الإمام العز بن عبد السلام توق سنة: 
0هجرية 

تحقيق: محمد عبد الر حمن الشاغول 

أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني 

حققها ووضع فهارسها: حفيد المؤلف الدكتور الشريف محمد 
حمزة بن علي الكتان 

الإمام أبو داود» سليمان بن الأشعث السجستاني 


أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي 


أحمد بن شعيب أبو عبد الر من النسائي 
حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي 
قدم له: عبد الله بن عبد ا محسن التركي 
أشرف عليه: شعيب الأرناؤوط 


أبو الفتح الجعفي 


تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني 
الحنبلى الدمشقى 


00 


71 


72 


73 


74 


715 


6 


0 


7 


9 


580 


والإرشاد السعودية 1418هجرية 

السيرة النبوية 

دار الفكر القاهرة 

شذرات الذهب في أخبار من ذهب 

دار إحياء التراث العربي بيروت 

شرح تائية البوزيدي الخمرة الأزلية 

دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء طبعة أولى 1418هجرية 
8 ميلادية 

شرح الحكم العطائية 

دار ابن كثير دمشق بيروت طبعة أولى 1417هجرية 
7 ميلادية 

شرح العقيدة الطحاوية 

الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الرياض 

شعب الإبمان 

مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض» بالتعاون مع الدار 
السلفية ببومباي بال هند 

الطبعة الأولى 1423هجرية 2003ميلادية 


شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل 
دار التراث القاهرة 

صحيح ابن خزيكة 

المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة 1424هجرية 

3 ميلادية 

صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر 
مركز التراث الثقائي المغربي طبعة أولى 1425هجرية 
4ميلادية 

الصوارم والأسنة في الذب عن السنة 

مطبعة فضالة الطبعة الثانية 1395هجرية 1975ميلادية 
طبقات الشاذلية الكبر ى المسمى جامع الكرامات العلية 
في طبقات السادة الشاذلية 


0115 


أبو محمد عبد الملك بن هشام 
راحع أصوله وعلق على حواشيه: نخبة من العلماء 


تحقيق: الثابت بنسليمان عبد الباري 


عبد امجيد الشرنوبي 
تعليق: عبد الفتاح البرم 


ابن أبي العز الحنفي 

مراجعة: أحمد شاكر 

أحمد بن الحسين بن علي بن موسى المخسروجردي الخراساني؛ 
أبو بكر البيهقي 

حققه وراحع نصوصه وحرج أحاديثه: الدكتور عبد العلي 
عبد الحميد حامد 

أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي» 
صاحب الدار السلفية ببومباي الند 

أبو عبد الله محمد بن أيوب بن قيم الجوزية 

تحقيق: حسن عبد الله الحساني 

محمد بن إسحاق بن نخزية بن المغيرة بن صالح بن بكر 
السلمي النيسابوري الشافعي 

تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي محمد ناصر الدين الألبان 
محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله الصغير الإفراني 

تقدم وتحقيق: د. عبد المحيد حيالي 


أبو علي الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي المغربي 


51 


52 


53 


54 


55 


56 


57 


568 


589 


5290 


91 


52 


دار الكتب العلمية بيروت لبنان طبعة أولى 1422هجرية 
1ميلادية 

الطبقات الكبرى لواقح الأنوار في طبقات الأخيار 
المطبعة العامرة الشرقية 

مكتبة: ملتزميه المليبجي مصر 1315هجرية 

عمل اليوم والليلة 

مؤسسة الرسالة بيروت طبعة ثانية 1406هجرية 

عنوان التوفيق في آداب الطريق 

دار الكتب العلمية بيروت 2004ميلادية 

عوارف المعارف 

طبع مع كتاب: إحياء علوم الدين مطبعة الحلبي وشركائه 
8 ميلادية 

العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة 
البي بينم 

مكتبة: أسامة بن زيد بيروت لبنان 1399هجرية 

9 ميلادية 

فتح الباري في شرح صحيح البخاري 

المطبعة السلفية القاهرة 1380هجرية 

الفتوحات الإلحية في شرح المباحث الأصلية 

دار الكتب العلمية بيروت 2000ميلادية 

الفتوحات المكية 

دار صادر بيروت 

فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة واللجماعة 
الجامعة العربية المملكة العربية السعودية 1422هجرية 
فضل أهل العلم وعلو مكانتهم 

الجامعة الإسلامية السعودية 1422هجرية 

الفهرسة 

دار الغد العربية العباسية القاهرة طبعة أولى 1410هجرية 
0 ميلادية 

القاموس المحيط 

مطبعة السعادة مصر 1332هجرية 1913ميلادية 


16 


عبد الوهاب الشعراني 


تحقيق: الدكتور فاروق حمدان 
ابن عطاء الله السكندري 


أبو حفص عمر السهروردي 


حققه وعلق حواشيه: محب الدين النطيب 


أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل شهاب الدين؛ العسقلاني 
الشافعي 

أحمد بن محمد ابن عجيبة التطواني 

تحقيق: عبد الوارث محمد علي 

أبو عبد الله محمد بن علي» المعروف بابن عربي الحاتمي الطائي 


عبد اميد بن حمد العباد البدر 


حققها وقدم لحا وعلق عليها: دكتور عبد الحميد صالح حمدان 


بحد الدين الفيروزبادي 


53 


54 


595 


56 


597 


58 


599 


100 


101 


102 


قواعد التصوف 

مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة طبعة ثانية 1396هجرية 
قوت القلوب ف معاملة اخبوب ووصف طريق المريد إلى 
مقام التوحيد 

المطبعة المصرية طبعة أولى 1351هجرية 

الكامل في ضعفاء الرحال 

دار الفكر الطبعة الأولى 1404هجرية 1984ميلادية 
كتاب الشفا بتعريف حقوق سيدنا المصطفى 

مذيل: بالحاشية اللطيفة المسماة: مزيل الخفاء عن ألفاظ 
الشفاء. للعلامة: أحمد بن محمد بن محمد الشميئء المتوق 
سنة: 872هجرية 

دار الرشاد الحديثة البيضاء المغرب 

الطبعة الأولى 1422هجرية 2001ميلادية 

الكشاف عن حقائق غوامض التتزيل وعيون الأقاويل في 
وجوه التاويل 

دار الكتاب العربي بيروت 1407هجرية 

اللامذهبية أحطر بدعة قدد الشريعة الإسلامية 

دار الفارابي دمشق 1426هجرية 2005ميلادية 

لسان العرب 


لسان الميزان 

دار الفكر بيروت لبنان طبعة أولى 1988ميلادية 

لطائف المنن في مناقب علم المهتدين وقدوة السالكين 
سيدي أبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري المرسي 
وشيخه قطب الأقطاب ودستور عوارف المعارف بلا 
ارتياب سيدي أبي الحسن الشاذلي 

بحلة كتاب الشعب 

دارالشعب 1402هجرية 1986ميلادية 

اللمع في تاريخ التصوف الإسلامي 

دار الكتب العلمية بيروت لبنان طبعة أولى 1421هجرية 


ج41 


ابن زروق 


محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي توفي سنة: 


6هجرية 
أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجحان 


العلامة القاضى أبو الفضل» عياض اليحصبى 


جار الله أبو القاسم» محمود بن عمر» الزمخشري 

مذيل بحاشية الإمام العلامة: أحمد بن محمد المعروف بابن 
المنير» وتخريج أحاديث الكشاف للإمام الزيلعي 

محمد سعيد رمضان البوطي 


الأنصاري المتزرحي الإفريقي» ثم المصريء المعروف بابن 
منظور 


ابن حجر العسقلاني 


أحمد ابن عطاء الله السكندري 


تحقيق د. عبد الحليم محمود 


أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي 
ضبطه وصححه: كامل مصطفى الهنداوي 


103 


104 


105 


106 


107 


108 


109 


110 


111 


112 


113 


114 


115 


116 


1ميلادية 

اللؤلؤ والمرحان فيما اتفق عليه الشيخان 

دار السلام الرياض طبعة أولى 

المأثورات 

المكتب الإسلامي بيروت 1977ميلادية 

حابو الدعوة 

دار الكتب العلمية بيروت 

مجموع فتاوى ابن تيمية 

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف المدينة النبوية 
المملكة العربية السعودية 1416هجرية 1995ميلادية 
المحاضرات في الأدب واللغة 

دار الغرب الإسلامي الرباط 1982ميلادية 

المحكم في نقط المصاحف 

دار الفكر طبعة ثانية 1418هجرية 1997ميلادية 
مخاطبات الدعفي 

مدونة اليزيد الراضي 

مذكرات الدعوة والداعية 

المكتب الإسلامي للنشر لبنان 1983 ميلادية 

مرآة ا محاسن من أحبار الشيخ أبي المحاسن 


المستدرك على الصحيحين 

دائرة المعارف النظامية حيدر آباد الدكن الهند 
5 هجرية 

مسند أبي يعلى 

دار المأمون للتراث بيروت طبعة ثانية 1410هجرية 
9 ميلادية 


المستد الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل 


11 


محمد فؤاد عبد الباقى 


تقي الدين» أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني 


دراسة وتحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم 


الحسن اليوسي 

تحقيق وشرح: محمد حجي أحمد الشرقاوي إقبال 
أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني 

تحقيق: الدكتور عزة حسن 

المعفي أبو الفتح 


لم6 . 131655 نام ]لاك . /الالاثالالا 


أبو حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي الفهري توفي سنة: 
2 هجرية 

دراسة وتحقيق: الشريف محمد حمزة بن علي 

أبو عبد الله» محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري 


أحمد بن علي بن المثنئ التميمي توفي سنة: 307هجرية 


حققه وحرج أحاديثه: حسين سليم أسد 


مررشد 


الإمام أبو الحسين» مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري 


117 


115 


119 


110 


121 
102 


123 


14 


125 


126 


127 


128 


عن رسول الله عل 
دار الفكر بيروت 1398هجرية 


مصنف ابن أبي شيبة في الأحاديث والآثار 


المطرب بمشاهير أولياء المغرب 

دار الأمان الرباط 

معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في 
التوحيد 

المطبعة السلفية القاهرة 

معالم في الطريق 

دار الشروق 

معالم من تاريخ التصوف بالمغرب 

المعجم الأوسط 

طبع في دار الحرمين القاهرة 1995 ميلادية 

معجم البلدان 

مطبعة السعادة على نفقة أحمد ناحي الجمالي 

المعجم الصغير 

دار الفكر بيروت لبنان طبعة أولى 1997ميلادية 
المعجم الكبير 

إحياء التراث العربي بيروت الطبعة الثانية 1406هجرية 
5 ميلادية 


معجم المؤلفين 

مكتبة المثئ دار إحياء التراث العربي لبنان 

المعجم الوسيط 

مطابع دار المعارف القاهرة مصر طبعة ثانية 1972 ميلادية 
معراج التشوف لحقائق التصوف 

مطبعة الاعتدال دمشق طبعة أولى 1938ميلادية 


119 


الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة» إبراهيم بن عثمان بن 
أبي بسكر بن أبي شيبة» الكوثي العبسي 

ضبطه وعلق عليه: الأستاذ سعيد اللحام 

الإشراف الفئ والمراجعة والتصحيح: مكتب الدراسات 
والبحوث في دار الفكر 

الشيخ عبد الله بن عبد القادر التايدي 


أحمد التوفيق موقع: 172]. /1201015.001./لالالالالا 

أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني توفي سنة: 360هجرية 
تحقيق: طارق عوض الله محمد وعبد المحسن ابراهيم الحسي 
أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي توفي 
سنة: 622هجرية 

سليمان بن أحمد الطبراني 

تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان 

أبو القاسم» سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللحمي 
الشامي الطبراني 

تحقيق: عبد المحيد السلفي 


عمر رضا كحالة 


أخحرحه للطبع: إبراهيم أنيس» عطية الصوالحي» عبد الحليم 
منتصر» محمد خلف الله أحمد 


تصحيح: محمد بن أحمد ال امي 


129 


1130 


131 


132 


133 


134 


135 


136 


137 


138 


139 


140 


141 


معرفة الصحابة 

دار الوطن للنشر الرياض 

طبعة أولى 1419هجرية 1998ميلادية 

مفاتيح الغيب» المعروف بالتفسير الكبير 

المطبعة البهية المصرية بالقاهرة الطبعة الأولى 

المفاحر العلية 

دار الكتب العلمية طبعة أولى 2004ميلادية 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة 
دار ابن عفان طبعة أولى 1416هجرية 1996ميلادية 
مقدمة ابن حلدون 

المطبعة الشرقية 1327هجرية 

مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب 


منازل السائرين 

وهو الكتاب الذي شرحه ابن قيم اللجوزية في (مدارج 
السالكين) 

المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال 

دار الأندلس بيروت طبعة سابعة 1967ميلادية 

الموطأ رواية يجيى بن ييى الليثي 

دار الغرب الإسلامي بيروت 

موسوعة الكستران فيما اصطلح عليه أهل التصوف 
والعرفان 

دار آية بيروت طبعة أولى 1426هجرية 2005ميلادية 
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 

المطبعة الأزهرية طبعة أولى 1884ميلادية 

فج البلاغة 

طبعة مصر 

نور التحقيق في صحة أعمال الطريق 

ملحق في آخخره برسالة: القول الحق في الصحة والنطق 


باسم الصدر عند السادة الشاذلية تأليف: محمد الحسيئي 


أبو نعيم الأصبهاني 


تحقيق: عادل بن يوسف العزازي 


محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين, التيمي البكري؛ فخر 
الدين الرازي 

أحمد بن محمد بن عياد الشافعي الشاذلي 

تحقيق: عاصم الكيالي 

محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية 

تحقيق: علي حسن عبد الحميد الحلبي 

عبد الرحمن بن خلدون 


حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي 

حقق نصوصه ورج أحاديثه: أبو عبد الرحمن صلاح محمد 
محمد عويضة 

للإمام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن 
أحمد بن علي بن جعفر بن منصور الأنصاري الهروي 396- 
3 هجرية 

حجة الاسلام أبو حامد الغزالي 

حققه وقدم له: الدكتور جميل صليبا الدكتور كامل عياد 
مالك بن أنس الأصبحي 

تحقيق: الدكتور بشار معروف 

محمد الكستران الحسييئ رئيس الطريقة العلية القادرية 


الكسترانية 


أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد المقري القرشي الملقب 
بشهاب الدين توفي سنة: 1041هجرية 

الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 

تحقيق: محمد عبده 


حامد إبراهيم محمد صقر 


142 


143 


د14 


الظواهري 

دار التأليف مصر 1970ميلادية 

نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار 

دار ابن القيم الرياض دار ابن عفان القاهرة طبعة أولى 
6 هجرية 2005ميلادية 

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 


دار صادر بيروت 


ويكيبيديا الموسوعة الحرة 


461 


محمد بن علي بن محمد الشوكان توفي سنة: 1250هجرية 
حققه وعلق عليه: أبو معاذ طارق بن عوض الله محمد 


ابن لكان البرمكي الإربلي» توفي سنة: 681هجرية 


ابن عربي 


أحمد كاظم البهادلي 


إجماعيل حقي البروسوي 
بولس نويا 

تابن الدين بن كنا لان 
حجازي الموصلي 

سعيد النورسي 


طه عبد الباقي سرور 
عبد الكريم التيلي 


عبد الله الدهلوي 
عبد الوهاب الشعراني 


الدكتور عبد الوهاب عزام 
عماد الدين الأموي 


الإمام الغزاللي 


فهرس مراجع ما استشهدنا به من موسوعة الكستران 


الفتوحات المكية 

شجون المسجون وفنون المفتون 

مخطوطة نبذة لطيفة وكلمات طريفة 

الرسائل الصغرى 

غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية 

مخطوطة الموارد الحلية في أمور الشاذلية 

طبقات الصوفية 

الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية 

من هدي البي والعترة في تهذيب النفس وآداب العشرة (القسم 
الأول) 

تفسير روح البيان 

الرسائل الصغرى للشيخ ابن عباد الرندي 

مخطوطة كوكب الشاهق الكاشف للسالك 

مخطوطة كوكب الشاهق الكاشف للسالك 

أنوار الحقيقة 

الشعراني والتصوف الإسلامي 

الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل 

مخطوطة شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات 


من العلوم اللدنية 

التفهيمات الإلهية 

لطائف المنن والأخلاق في بيان وحوب التحدث بنعمة الله على 
الإطلاق 


التصوف وفريد الدين العطار 

مخطوطة بمجة الأسرار ومعدن الأنوار 

أحمد زروق والزروقية 

حياة القلوب (يمامش قوت القلوب لأبي طالب المككي) 
مخطوطة الأربعين في أصول الدين 

سر العالمين وكشف ما في الدارين 

أربع رسائل في التصوف لأبي القاسم القشيري 


002 


د. قاسم غيئ تاريخ التصوف في الإسلام 


قطب الدين البكري الدمشقي مخطوطة شرح ورد السحر الكبير 

كريم الدين البرموني كتاب تنقيح روضة الأزهار ومنية السادة الأبرار في مناقب سيدي 
عبد السلام الأممر 

محمد أبو المواهب الشاذلي قوانين حكم الإشراق 

محمد عبده هج البلاغة 


003 


فهرس الأعلام الواردة تراجمهم في الكتاب 


إبراهيم بن إماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي 

مولاي إبراهيم المغاري؛ حفيد الولي عبد الله بن حسين» دفين تامصلوحت بضواحي مراكش 
أبو بكر محبي الدين» محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي 
أبو الحسن الشاذلي: شيخ الطائفة الشاذلية 

أبو شعيب» أيوب بن سعيد الصنهاحي 

أبو العباس أحمد التجاني 

أبو العباس المرسي: أحمد بن عمر الأنصاري 

أبو الفتح الواسطي 

أبو مدين شعيب بن حسين الأنصاري 

أبو المواهب شرف الدين» علي الشعراني الأنصاري الشافعي 

أبو يعزى بلنور بن ميمون 

أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الشريف الحسي 

إسماعيل بن ييى بن سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي 

جرير بن الخطفي 

حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي» أبو عمر الكوثي القاضي 
أم الخير رابعة ابنة إسماعيل» العدوية البصرية مولاة آل عتيك 

شريك بن عبد الله أبو عبد الله النخعي الكوثي القاضي 

عبد الرحمن ا بحذوب 

عبد العزيز الدباغ 

عبد الكريم بن عطاء الله أبو محمد الإسكندران 





على بن أحمد الدوار الصنهاجى 
علي الخواض البرلسي 
محمد بن أحمد البوزيدي» الشريف الحسئن السلماني الغماري 


محمد بن علي بن الحسن بن بشير» الحكيم الترمذي» أبو عبد الله 


الحاج محمد الحبيب بن الحاج إبراهيم بن الحاج عبد الله بن الحاج محمد بن أحمد البوشواري الميلكي 


114 


798 
165 
206 
1604 
161 
212 
1539 
1/4 
139 
102 
160 
143 

7 
2302 

50 
1541 

14 
149 
229 
2ظ1 

7 
2ظ1 

50 
1[30 
142 
102 

06 
206 
1531 


محمد الحمداوي 
محمد العربي بن أحمد» الدرقاوي الزروالي الشريف الحسئي 
محمد فتحا بن عبد الرحمن بن سليمان الجزولي 


05 


119 
1/9 
256 
117 


كك 


فهرس مواضيع كتاب: الاستبشار بشرح ما خفي في زنار من لطائف المعاني والأفكار ورقائق الحكم والأسرار 
اهداء 

بين يدي نحواك 

توطئة 

موضوع الكتاب 

تمهيد 

نشأة التصوف 

تعريف التصوف 

حاجتنا إلى التكامل من أجل تحقيق التوازن 

ماذا عن المغرب الأقصى؟ 

خاصية التصوف المغربي 

ابديت باسم الله مولايا استفتاح شرح رباعية زنار 
فضل الاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم 

معيئ اميه تعالى: الرحمن الرحيم 

فصل في فضل الصلاة على البي ميم 

نسب البي مََ 

ذكر سرد النسب الزكي من محمد يَيككْمْ إلى آدم عليه السلام 
صفة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام 

فضل الإحسان إلى آله ميل 

الكلام على صحابته علد 

فرية التحكيم 

ارد على فرية التحكيم 

صل يدم التشيد قي اللدين 

حكم الفتوى وشروط المفي 

حواز التقليد لمن قصر عن الاجتهاد 


ترحيح مذهب مالك على غيره من المذاهب 


131 


01 
05 
11 
14 


15 
22 
26 
30 
33 


35 
38 
39 


41 
45 
46 
17 
53 
54 
55 
58 


في ترجيحه من طريق النقل 

قال أبو الفتح الجعفي: فصل في من ذم التقليد 

ما قاله ابن القيم في ذمه للتقليد عامة 

القول الفصل: في جواز التقليد وأحكامه 

ما يقدم في السجود المتضمن لما رآه ابن القيم والرد عليه 

رد صاحب تحفة الأحوذي ما ذهب إليه ابن القيم 

بيان العبرة مما ساقه الباري عز وجل من قصة عبد الله الخضر مع موسى عليهما السلام 
أويس بن عامر القرني خير التابعين 

تعريف البدعة لغة واصطلاحا 

البدعة حقيقية وإضافية 

موقع المصالح المرسلة والاستحسان من البدعة 

جواز البدعة المستحسنة في الدين 

يبعث الباري عز وجل من يجدد للأمة دينها على رأس كل مائة سنة 
حكم سيد قطب على المجتمعات الحالية بالجاهلية 

إحباره ميم بالفتن الي تكون في آخر الزمان 

كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ 

ما يحب على الراعي بحاه الرعية 

الأمر بالسمع والطاعة في المنشط والمكره 

باب من شاق شق الله عليه 

بروتوكولات حكماء صهيون 

ولاتكم أعمالكم 

كلمة الشيخ محمد متولي شعراوي إلى الرئيس المصري السابق 
وجوب النصح للراعي 

تحر قتال المسلم للمسلم 

خحروج سيد قطب عن الكتاب والسنة بحكمه على امجتمعات الحالية بالجاهلية 
حسن البنا المرشد العام للاخوان المسلمين و الصوفي الزاهد 


كك 


602 
63 
064 
69 
73 
54 
91 
95 


596 

59 
104 
105 
107 
108 
109 
110 
111 
112 
115 
117 
121 
122 
123 
125 


لقاؤه رحمه الله تعالى بشيخ الطريقة الحصافية 

تصويب الفهم الخاطئ لبعض مصطلحات الدين ومفاهيمه 

موقف أهل السنة من غلو الخوارج 

رعب ف البيضاء 

تعريف الجذب وذكر أحوال بعض المحاذيب 

سيدي عبد الرحمن المحجذوب 

سيدي علي بن أحمد الدوار الصنهاحي (شيخ سيدي عبد الرحمن البحذوب) 
الكلام على الشيخ 

ليعن مرخ السهل معرقة العادقت 

مبدأ أبي الفتح» وكيف هداه مولاه إلى الحق .نه و كرمه 

قصيدة في زيارة أبي الفتح لضريح مولاي إبراهيم الأمغاري 

فصل ف الكلام على لبس الصوف, وهديه يكم في الكسوة واللباس 
رحلة أبي الحسن الشاذلي في طلب القطب 

علامات الشيخ الواصل 

آداب المريد مع شيخه 

فضل الذكر والذاكرين 

الكلام على الشوق 

ومن نظم أبي الفتح في فن الملحون 

حكم لبس الخرقة 

أصل لبس الخرقة 

الخرقة حرقتان 

حقوق لبس الخرقة 

بحسب الآفاق تنكشف الأوراق 

علامات القطب عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي 

ما اخترناه من أسئلة الحكيم الترمذي وما رد به ابن عري ثم تعليقنا عليه 
الكلام على الحيئة وما يتعلق يما 


كك 


127 
129 
134 
148 
149 
1[30 
1536 
1538 
162 
168 
1/1 
1/4 
106 
160 
169 
101 
1044 
201 


202 


205 


206 
215 


متزلة القطب عند ابن عربي 

صفات القطب عند ابن عربي 

لعي علي كام ابوعري 

كلام سيدي عبد العزيز الدباغ في الحيئة واجتماعها 
تعليق أبي الفتح على ما قاله الدباغ 

أسئلة أبي الفتح الجعفي عن القطب والهيئة 

الكلام عن التوبة والاستغفار 

الكلام عن حال الحيرة 

تضارب فتاوى العوام والخواص لاختلاف نظرهم إلى النصوص 
فضائل الذكر 

فضل لا إله إلا الله 

فضل الصلاة على رسول الله يل 

كيف يكون الذكر؟ 

مقام التوبة 

كيف يضع الشيخ حزبه؟ 

لا ذكر بغير مشاورة الشيخ 

لا تخش غير الواحد الأحد 

النهي عن كثرة السؤال والطمع فيما في أيدي الناس 
الحكمة من تسليط الناس على عباده الصالحين 
سيدي أبو العباس أحمد التجاني وما افتراه عليه صاحب الترجمانة الكبرى 
تعريف الولاية وشروطها 

الولاية سلوك وجذب 

الكلام على مبد! المجاهدة عند الصوفية 

منهج شيخنا أبي الحسن الشاذلي في السلوك 

تربية الشيخ للمريد 


000 


221 
224 
226 
2258 
229 
231 
232 
234 
2239 
202 
216 
217 
249 
220 
223 
225 
255 
2259 
267 
269 
212 
206 
2 
216 
2019 
261 


ما اختلقه الصوفية من غرائب في الطريق» لا تمت إلى سنة رسول الله مَيكُّمْ بصلة 
الكلام على الغرور والمغرورين 

ذم البخل والبخلاء 

الكلام على الحود باليمين 

بالود ينفعل الوجود 

وصية الشيخ أبي الفتح المعفي لإخوانه في الله تعالى 
النهي عن التثاقل إلى الأرض 

المقام والحال والفرق بينهما 

الكلام على مقام التوبة 

يقول الحعفي عفا الله عنه: نفرق بيت التوبة والاستغفار 
في رحاب التوابين 

الكلام على التوكل 

تعريف مقام التوكل 

حكمة الأخذ بالأسباب 

الكلام على النفس الأمارة بالسوء 

الكلام على إبليس لعنه الله تعالى 

استعاذة أبي الفتح الدعفي 

ما قاله الإمام أبو حامد ف الدنيا وتقلبها 

الكلام على مقام التسليم 

الكلام على التسليم وبحانية الاختيار 

حديث ثعلبة بن حاطب وإخحلافه وعده 

الكلام على الصبر عند البلاء 

الكلام على الرضا 

الكلام على مقام الاستواء 

الكلام على مقام الفناء 

باب البقاء 


401 


203 
267 
209 
201 
202 
205 
208 
204 
2305 
306 
310 
316 


318 
322 
326 
2329 
331 
332 
334 
335 
337 
338 
341 
2344 
2045 


أنواع التلقي 

باب المشاهدة 

باب المعاينة 

الكلام على مقام التصريف 

الكلام على الخلق 

ابتداء الخلق في القرآن الكريم 

ابتداء الخلق في السنة النبوية 

قال الجعفي: حكمة الله تعالى في خلق الزمان والمكان في الوقت ذاته 
فصل فيما أول به الشيخ قوله تعالى: وعلم آءم الاسماء كلها 
باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات 
قال أبو الفتح: نفرق بين التوحيد والوحدة 

مى يكون الفتح» وكيف يكون؟ 

الكلام على السماع 

آداب السماع 

الوجد والتواجد 

الدعوة إلى الخمول والابتعاد عن الشهرة 

كيف تتوب من التوحيد إلى الوحدة؟ 

تأدب الرسل والأنبياء عليهم السلام في دعائهم الله تعالى 

فصل في الصحبة وذكر زمرة من أصحاب الشيخ وفضلهم عليه في معرفة الطريق 
فمنهم: حمزة بو الاعراف الحيلاي» الملقب بالعبار 

ومنهم: حسن بوشعيب الحنويء الملقب .مول البلاد 

ومنهم: محمد بوهيجة بركامة, الملقب بالهزمير 

ومنهم: عبد الإله بوذراع العيسويء الملقب بعرفات 

ومنهم: رضوان بوحلايل الفخار» الملقب بالمصدق 

ومنهم: رشيد بوغابة البكاي, الملقب بأكرام 

ومنههة خالد يوضياف الستاعية الملقب بسيحون 


002 


2318 
354 


356 
300 
302 
365 
377 
2320 
2589 
301 
209 
409 
413 
414 
110 
013 
126 
119 
431 
013 
436 
038 
440 
012 
114 


ومنهم: الحاج سليمان بو المواسم؛ الملقب بالطواف 
حاتمة 

حزب الحضرة 

متن رباعية زنار 

فهرس مراجع كناب الاستبشار 

فهرس مراحجع ما استشهدنا به من موسوعة الكستران 
فهرس الأعلام الواردة تراجمهم في الكتاب 


فهرس مواضيع كناب الاستبشار 


003 


116 
118 
450 
057 
469 


452 
1414 
057 


1404 


هذا الكتاب لا ينتصر للباطنية والصوفية» ولا للاهرية والسلفية؛ بل ينتصر للإسلام 

فبر مرجه لكل من يفول لا إله إلا ال كيفما كان مذهبه؛ وكيفما كان مشربه. . نوجه للأمة 

ومرضرعه: حفظ بزال الاعتدال؛ الذي أنام الح سبحانه رتعال عليه ' شريعة م 

الما راضم امزال ألا موا في اران ثرا لوزن بالنشط ولا سا المرال؟. الرزة-7 
هذا اليزان الذي مال به التطرفرن إل النشدد والغلر الاق ومال به التساهلون إلى الدعة والخمرل والاسالاة 

نحن في كتابنا هذاء نماول ما استطعناء أن ترد الأمور إلى نصاهماء بالحجة والدليل والرهان 

ناول أن نرحل كلمة السلمين وبجمع شنام) نبشرهم حيث أنذرهم غيرنا» ونتهاهم عن الشفاق والتكفير 

والتقتبل فبمأ ينهم 

كتاب الاستبشار.. بشرى للمسلمين كافة) لنشرح ل القلرب المغمومة؛ وتفرح له النفوس المهزومة ونطمئن 

بمعرفة مولاها الحنان المنان 

نحارل في هذا الكئاب» ألا نكرل برد ناقلين ما كتبه غيرنا من سلف من اللماء والأخيار 

فهذه كنبيهم, رخمهم لله تعالى؛ لا زالت قائمة بين ظهرائبنا؛ ترخر يما خزاناتنا ومكتباتناء فلا داعي لتحصبل 

الحاصل؛ رما كتيوه بغي عن نفله 

كما حارلناء ألا يأني هذا الكتاب عبارة عن كلام الكانب وحله وآرائه وموائفه الخاصة 

فبذلك تكول هذه الآراء وامواقف» جرد وجهات نظر واختيارات شخصية لا دلبل عليها ولا برهاله فلا تؤخذ 

بعين الاعتبار. نا نورد الأقرال والاسنشهادات من مراجعها؛ وتقابل فيما بينها ونحفقها؛ ونختار ما هو صحبح 

على حسب اجنهاانا» ونؤيله با نبسر من آيان وأحاديث 

نساجل الفقهاء والحلئين؛ كففهاء ومحلئين» ونحاجع الزهاد والصرفية» كزهاد وصرفية» ويجادل الفكرين 

والنظرين؛ كمفكرين ومنظرين 


الثمن: 710 درهما